اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)

اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع)0%

اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام بن الحسن بن علي العسكري عليه السلام
الصفحات: 220

اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الصفحات: 220
المشاهدات: 116132
تحميل: 7209

توضيحات:

اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 116132 / تحميل: 7209
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع)

اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولا يعلم سبب مرضه الشديد ; فهل أنه كان قد سقي سُمًّا من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين كانوا يظنّون كغيرهم أنه الإمام بعد أبيه وعزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير إيّاه أم أنّ ما مني به كان مرضاً مفاجئاً ؟

وتصدّع قلب أبي محمدعليه‌السلام فقد فقد شقيقه الذي كان عنده أعزّ شقيق وطافت به موجات من اللوعة والأسى والحسرات، وخرج وهو غارق في البكاء والنحيب وتصدّعت القلوب لمنظره الحزين وألجمت الألسن وترك الناس بين صائح ونائح قد نخر الحزن قلوبهم(١) .

٦ ـ علاقته بأخيه الحسين:

( وكان الحسين بن علي الهادي فذاً من أفذاذ العقل البشري وثمرة يانعة من ثمرات الإسلام، وقد تميّز بسموّ أدبه وسعة أخلاقه ووفرة علمه، وكان شديد الاتصال بشقيقه الإمام الحسنعليه‌السلام ، وكانا يسمّيان بالسبطين، تشبيهاً لهما بجدّيهما ريحانتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسن والحسينعليهما‌السلام .

وقد شاعت هذه التسمية في العصر الذي نشأ فيه، فقد روى أبو هاشم فقال: «ركبت دابة فقلت:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) فسمع منّي أحد السبطين، فقال:لا بهذا أمرت، أمرت أن تذكر نعمة ربّك إذا استويت عليه »(٢) .

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري(دراسة وتحليل): ٢٥ وراجع الكافي: كتاب الحجة، باب النص على أبي محمد عليه‌السلام . الحديث رقم ٨.

(٢) سفينة البحار: ١ / ٢٥٩.

٦١

٧ ـ علاقته بأخيه جعفر:

لم نعثر على نص خاص يصوّر لنا نوع علاقته بأخيه جعفر ما قبل إمامته. ولكن هناك نصوصاً تفيد أنّ جعفر كان لا يتورّع عن السعاية إلى السلطان حول أخيه الحسن كما لم يكن متورّعاً عن شرب الخمر، وقد سجن مع الإمام ثم اُفرج عن الإمام ولم يفرج عنه ولكن الإمامعليه‌السلام لم يخرج من السجن حتى أخرج معه أخاه جعفر بالرغم من انه كان مسجوناً من أجل السعاية على الإمام الحسن ومن أجل تظاهره بشرب الخمر، وكان بمنادمته للمتوكل يريد الغض من أخيه الحسنعليه‌السلام . ولقب عند الإمامية بالكذاب لأنه ادعى الإمامة بعد أخيه الحسن وقيل إنه تاب بعدئذٍ ولقب بالتوّاب.(١)

٨ ـ النصوص على إمامة الحسن العسكريعليه‌السلام

يواجه الباحث في هذا الموضوع ـ كما هو الحال في تناول النصوص الواردة في آباء الإمام العسكريعليه‌السلام ـ ثلاثة أنواع من النصوص يمكن تصنيفها كما يلي:

أ ـ النصوص الواردة عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ب ـ النصوص الواردة عن الأئمة بعد رسول الله والسابقين على أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام .

ج ـ النصوص الواردة عن أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام والتي ثبتت إمامته

ــــــــــــ

(١) راجع منهاج التحرك عند الإمام الهادي عليه‌السلام : ٨، وراجع أيضاً الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٨ وراجع أيضاً مسند الإمام الحسن العسكري: ٥٢ ـ ٦١ و١٣٠.

٦٢

أيضاً بالنصوص والمعجزات والتي كان منها إمامته المبكّرة كأبيه وهو بعدُ لمّا يبلغ الحلم. حيث استطاع أن يجيب على كل التحدّيات الّتي أثيرت بالنسبة لإمامته، وخرج من كل الحوارات والاحتجاجات ظافراً مؤيّداً من عند الله.

أ ـ نصوص الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وهي النصوص التي رواها الصحابة والأئمةعليهم‌السلام والتي اشتملت على ذكر أسماء الأئمة الاثني عشر وما وعد الله ـ على لسان رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ المصدقين بهم والتابعين لهم، بالخير والسعادة في الدارين وما توعد به الناصبين لهم العداء والمخالفين من العذاب والخزي فيهما أيضاً.

ولم تبتل الأمة الإسلامية بالتجزئة والخضوع للاستكبار العالمي والحيرة والتيه وسوء الظروف التي تمرّ بها الأمة الإسلامية إلاّ بسبب هذه القطيعة الحاصلة بينها وبين أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ونورد هنا جملة من أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الاتجاه:

١ ـ روى الصدوق، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا محمد بن همام: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن محمد ابن أبي عميرة عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أُسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال: يا محمد إني اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك من اسمي اسماً. فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطّلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسماً من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين.

يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشنّ البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.

يا محمد تحب أن تراهم ؟

قلت: نعم يا رب.

٦٣

فقال عَزَّ وجَلَّ: ارفع رأسك.

فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي ابن محمد والحسن بن علي و(م ح م د) بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب درّي، قلت: يارب، ومن هؤلاء ؟

قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين...)(١) .

٢ ـ وعن محمد بن علي بن الفضل بن تمام الزياترحمه‌الله قال: حدثني محمد بن القاسم، قال: حدثني عباد بن يعقوب، قال: حدثني موسى بن عثمان قال: حدثني الأعمش، قال: حدثني أبو إسحاق، عن الحارث وسعيد ابن قيس، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال:قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر،

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ١ / ٢٥٢ ح٢، ورواه في العيون: ١ / ٥٨، ح٢٧، والمختصر: ٩٠، وروى عنهما العوالم: ١٥ / ٤٤، القسم الثالث، وبحار الأنوار: ٣٦ / ٢٤٥.

٦٤

وعلي بن الحسين الفارض، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسى مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور(العين) والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والقائم شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلاّ لمن يشاء ويرضى) (١) .

٣ ـ وروى الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكلرضي‌الله‌عنه قال، حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال:(قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدثني جبرئيل، عن ربّ العزة جلّ جلاله أنه قال: من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي، وأن محمداً عبدي ورسولي، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي. ومن لم يشهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلاّم للعبيد. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ثم الباقر محمد بن علي ـ وستدركه يا جابر ـ فإذا أدركته فأقرئه مني السلام. ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم

ــــــــــــ

(١) الخوارزمي، مقتل الحسين: ١ / ٩٤ ـ ٩٥.

٦٥

بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عَزَّ وجَلَّ السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها) .(١)

٤ ـ وعن عبد الله بن العباس قال: دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول:(اللهم وال من والاهما وعاد من عاداهما) ، ثم قال:(يا بن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا ينصر) . قلت: من يفعل ذلك يا رسول الله ؟ قال:شرار أمتي، ما لهم ؟ لا أنالهم الله شفاعتي) . ثم قال:يا بن عباس من زاره عارفاً بحقه، كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني ومن زارني فكأنما زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار، ألا وإن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته والأئمة من ولده) . قلت: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟ قال:(بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل) . قلت: يارسول الله فكم كانوا ؟ قال:(كانوا اثني عشر والأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين، فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى علي فابنه محمد، فإذا انقضى محمد فابنه جعفر فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه علي فإذا انقضى علي فابنه محمد فإذا انقضى محمد فابنه علي فإذا انقضى علي فابنه الحسن فإذا

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ١ / ٢٥٨.

٦٦

انقضى الحسن فابنه الحجة) . قال ابن عباس: قلت يارسول الله أسامي لم أسمع بهن قط ! قال لي:(يابن عباس هم الأئمة بعدي وإنهم أمناء معصومون نجباء، أخيار. يابن عباس، من أتى يوم القيامة عارفاً بحقهم أخذت بيده فأدخلته الجنة، يابن عباس من أنكرهم أو ردّ واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردني، ومن أنكرني وردني فكأنما أنكر الله ورده. يابن عباس سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان كذلك فاتبع علياً وحزبه فإنه مع الحق والحق معه، ولا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض. يابن عباس، ولايتهم ولايتي وولايتي ولاية الله وحربهم حربي وحربي حرب الله وسلمهم سلمي وسلمي سلم الله) .

ثم قالعليه‌السلام :( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .(١)

٥ ـ وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ولما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً لا إله إلاّ الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثني عشر اسماً مكتوباً بالنور، فيهم علي بن أبي طالب وسبطيّ، وبعدهما تسعة أسماء، علياً علياً علياً ثلاث مرات ومحمد محمد مرتين، وجعفر وموسى والحسن، والحجة يتلألأ من بينهم.

فقلت: يارب أسامي من هؤلاء ؟

فناداني ربي جلَّ جلاله: هم الأوصياء من ذرّيّتك، بهم أثيب وبهم أعاقب».(٢)

٦ ـ وعن سهل بن سعد الأنصاري قال: سُئلت فاطمة بنت

ــــــــــــ

(١) الرازي، علي بن محمد بن علي الخزاز، كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر: ١٦.

(٢) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣١٠، عن كفاية الأثر: ٢٩٧.

٦٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأئمة فقالت:

«كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي عليه‌السلام : ياعلي أنت الإمام والخليفة بعدي وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسن فابنك الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسين فابنك علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسم فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا مضى الحسن، فالقائم المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم يفتح الله تعالى به مشارق الأرض ومغاربها، فهم أئمة الحق وألسنة الصدق، منصور من نصرهم مخذول من خذلهم» (١) .

٧ ـ وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب ; قال، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام :

«ياعلي أنا نذير أمتي وأنت هاديها، والحسن قائدها، والحسين سائقها وعلي بن الحسين جامعها، ومحمد بن علي عارفها، وجعفر بن محمد كاتبها، وموسى بن جعفر محصيها، وعلي بن موسى معبّرها ومنجيها وطارد مبغضيها ومدل مؤمنيها ومحمد بن علي قائمها وسائقها، وعلي بن محمد ساترها وعالمها، والحسن بن علي مناديها ومعطيها، والقائم الخلف ساقيها ومناشدها، إن في ذلك لآيات للمتوسمين ياعبد الله» .(٢)

٨ ـ وعن عائشة أنّها قالت: كان لنا مشربة وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد لقاء جبرئيلعليه‌السلام لقيه فيها فلقيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرة فيها وأمرني أن لا يصعد إليه

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٥١، عن كفاية الأثر: ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٢) المناقب: ١ / ٢٩٢.

٦٨

أحد، فدخل عليه الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقال جبرئيل:من هذا ؟

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ابني ، فأخذه النبي فأجلسه على فخذه، فقال له جبرئيل:أما أنه سيقتل .

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ومن سيقتله؟

قال:أمتك تقتله .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :تقتله ؟!

قال:نعم، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يُقتل فيها ، وأشار إلى الطفّ بالعراق، وأخذ منه تربة حمراء فأراه إياها.

وقال:هذه من مصرعه . فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال له جبرئيل:«يارسول الله، لا تبكِ فسوف ينتقم الله منهم بقائمكم أهل البيت» ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :حبيبي جبرئيل، ومن قائمنا أهل البيت ؟

قال:هو التاسع من ولد الحسين، كذا أخبرني ربي جلَّ جلاله أنه سيخلق من صلب الحسين ولداً وسماه علياً خاضعاً لله خاشعاً، ثم يخرج من صلب علي ابنه وسماه عنده محمداً قانتاً لله، ثم يخرج من صلبه ابنه وسمّاه عنده جعفراً ناطق عن الله صادق في الله، ويخرج من صلبه ابنه وسماه عنده موسى، واثق بالله محب في الله، ويخرج الله من صلب ابنه وسماه عنده علياً الراضي بالله والداعي إلى الله عَزَّ وجَلَّ ويخرج من صلبه ابنه وسماه عنده محمداً، المرغب في الله والذاب عن حرم الله ويخرج من صلب ابنه وسماه عنده علياً، المكتفي بالله والوليّ لله، ثم يخرج من صلبه ابنه وسماه الحسن، مؤمن بالله مرشد إلى الله، ويخرج من صلبه كلمة الحق ولسان الصدق، ومظهر الحق حجة الله على بريته، له غيبة طويلة، يظهر الله تعالى به الإسلام وأهله، ويخسف به الكفر وأهله» .(١)

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٤٨، كفاية الأثر: ١٨٧.

٦٩

ب ـ نصوص الأئمة المعصومينعليهم‌السلام

١ ـ عن يحيى بن يعمر، قال: كنت عند الحسينعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من العرب متَلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلّم، ورد الحسينعليه‌السلام فقال: يابن رسول الله! مسألة، فسأل الإمامعليه‌السلام عدة مسائل والإمام يجيبه ثم قال: صدقت يابن رسول الله، فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال:إثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل .

قال: فسمّهم.

قال: فأطرق الحسينعليه‌السلام ملياً ثم رفع رأسه.

فقال:نعم أخبرك ياأخا العرب، إنَّ الإمام والخليفة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والحسن وأنا وتسعة من ولدي منهم علي ابني، وبعده محمد ابنه، وبعده جعفر ابنه وبعده موسى ابنه، وبعده محمد ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان .

قال: فقام الأعرابي وهو يقول:

مسح النبي جبينه

فله بريق في الخدود

أبواه من أعلى قريش

وجده خير الجدود(١)

٢ ـ عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على مولاي علي بن الحسينعليه‌السلام وفي يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاء شديداً.

فقلت: ما هذه الصحيفة ؟

قال:هذه نسخة اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه اسم الله تعالى ورسول الله، وأمير المؤمنين علي، وعمي الحسن بن علي، وأبي، واسمي واسم ابني محمد

ــــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ١ / ٥٩٩.

٧٠

الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم وابنه علي الرضا وابنه محمد التقي، وابنه علي النقي، وابنه الحسن العسكري، وابنه الحجة القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .(١)

٣ ـ الإمام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام : عن الورد بن الكميت عن أبيه الكميت ابن أبي المستهل قال: دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام فقلت: يابن رسول الله: إني قد قلت فيكم أبياتاً أفتأذن لي في إنشادها ؟ فأذن، فأنشدته:

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة في الطف قد غودروا

صاروا جميعاً رهن أكفان

فبكىعليه‌السلام وقال:«اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر» .

فلما بلغت إلى قولي:

متى يقوم الحق فيكم متى

يقوم مهديكم الثاني

قال: «سريعاً إن شاء الله سريعاً ، ثم قال:ياأبا المستهل إن قائمنا هو التاسع من ولد الحسين، لأن الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر، الثاني عشر، هو القائم .

قلت: ياسيدي، فمن هؤلاء الاثنا عشر ؟

قال:«أولهم علي بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين وأنا ثم بعدي هذا» ووضع يده على كتف جعفر.

قلت: فمن بعد هذا ؟

قال:«إنه ابنه موسى، وبعد موسى ابنه علي وبعد علي ابنه محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه محمد وهو القائم الذي يخرج فيملأ الدنيا

ــــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ١ / ٦٥١.

٧١

قسطاً وعدلاً ويشفي صدور شيعتنا» .(١)

٤ ـ الإمام جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الصادقعليه‌السلام قال:«الأئمة إثنا عشر» .

قلت: يابن رسول الله فسمهم لي ؟

قال:«من الماضين: علي بن أبي طالب والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي ثم أنا» .

قلت: فمن بعدك يابن رسول الله ؟

قال:«إني قد أوصيت إلى ولدي موسى وهو الإمام بعدي» .

قلت: فمن بعد موسى ؟

قال:«علي ابنه يدعى الرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثم بعد علي ابنه محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن، والمهدي من ولد الحسن...» (٢) .

٥ ـ الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : روى الصدوق بسنده عن عبد الله بن جندب، عن موسى بن جعفر أنه قال:

«تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمداً نبيي، وعلياً والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن علي، أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ» (٣) .

٦ ـ الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : روى الصدوق، عن أحمد بن زياد

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٩٠.

(٢) إثبات الهداة: ٢ / ٦٠٣ ح٥٨٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ١ / ٣٢٩.

٧٢

ابن جعفر الهمدانيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:

أنشدت مولاي الرضا بن موسىعليه‌السلام قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضاعليه‌السلام بكاء شديداً ثم رفع رأسه إلي فقال لي:«ياخزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم ؟» .

فقلت: لا يامولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يُطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً [كما ملئت جوراً].

فقال:«يادعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله عَزَّ وجَلَّ ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً» (١) .

٧ ـ الإمام محمد بن علي الجوادعليه‌السلام : روى الصدوق عن عبد الواحد بن محمد العبدوسي العطاررضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان قال: حدثنا الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام يقول:

«إنَّ الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي وطاعته طاعتي، والإمام بعده

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٣٧٣.

٧٣

ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه» . ثم سكت.

فقلت له: يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن ؟

فبكىعليه‌السلام بكاء شديداً ثم قال:«إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر» (١) .

ج ـ نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكريعليهما‌السلام

حينما نطالع مجموعة النصوص التي وصلتنا عن الإمام الهاديعليه‌السلام في مصادرنا الحديثية الموثوقة نلمس مجموعة من الظواهر التي ترتبط بهذه النصوص الدالة(المشيرة أو الصريحة الدلالة) على إمامة الحسن العسكريعليه‌السلام بعد أبيه، وهي كما يلي:

١ ـ يبدو أن النصوص قد صدرت عن الإمام الهاديعليه‌السلام بالتدريج لاعتبارات شتّى، ولا يمكن أن نغفل مراعاة الجانب الأمني في هذا التدرّج، وهذا التدرّج في كيفية بيان المصداق وطرحه للمسلمين فالإمامعليه‌السلام نراه تارة يُبهم الأمر وأخرى يشير إشارة سريعة وثالثة يقوم بالتصريح.

ونلاحظ التدرّج في كيفية الطرح أيضاً فإنّه يقوم بطرح الموضوع أمام فرد واحد أو فردين ثمّ أمام جمع وثالثة يقوم باستشهاد أربعين شاهداً على النص.

كما انه يتدرّج في إعطاء بعض العلائم المشيرة تارةً، ويجمع أكثر من علامة وشاهد لئلا يقع التباس، وثالثة يقوم بكتابة النص وإرساله إلى الراوي الثقة، واُخرى يُدلي بشواهد كاشفة عن الأمر تتحقق بعد وفاته لتعضد ما أدلى به بوضوح.

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٣٧٨.

٧٤

٢ ـ تبدأ النصوص المرتبطة بالسؤال عمّن يتقلد منصب الإمامة بعد الإمام الهاديعليه‌السلام قبل وفاة ابنه محمد(أبي جعفر) وتتدرّج النصوص إلى أواخر حياة الإمام الهاديعليه‌السلام .

وفي حياة ابنه محمد(أبي جعفر) لا نجد نصّاً صريحاً بإمامته، بل قد نجد فيها ما يدفع الإمامة عنه. بالرغم من أنّ الظنون كانت متوجّهة إليه. كما نجد من الإمامعليه‌السلام إرجاء بيان الأمر إلى وقته الملائم. ثمّ بعد وفاة أبي جعفر تبدأ الإشارات ثمّ تتلوها التصريحات حيث تترى على مسامع الرواة الثقاة والشيعة المهتمين بأمر الإمامة.

٣ ـ إنّ النصوص التي ترتبط بأمر الإمامة قبل وفاة ابنه محمد هي النص الثاني والسابع مما رواه في الكافي في باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام :

أمّا النص السابع فينتهي سنده إلى علي بن عمرو العطّار، ويقول فيه: دخلت على أبي الحسن العسكري وأبو جعفر ابنه في الأحياء وأنا أظنّ أنّه هو، فقلت له: جُعِلتُ فداك من أخصّ من ولدك ؟ فقالعليه‌السلام :لا تخصّوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري . قال: فكتبت إليه بعدُ: فيمن يكون هذا الأمرُ ؟ قال: فكتب إليّ:في الكبير من ولدي . قال: وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر.

والملاحظ في هذا النص أن الإمام يُرجئ بيان الأمر إلى فرصة أخرى أوّلاً وحينما يستكتبه ثانياً يحصل على الجواب ولكن لا يُفهم من الرواية أن استكتابه كان في حياة أبي جعفر أو بعد وفاته، وإن كان الاستكتاب ينسجم مع كونه حيّاً. وحينئذ فالإمام يجيب بالعلامة لا بالتصريح.

على أن هناك نصاً يقول بأن محمداً كان أكبر ولد الإمام الهادي بينما يعارضه هذا النص حيث يتضمن دعوى الراوي بأن الحسن كان أكبر ولده.

نعم، هناك نصوص من الإمام الهاديعليه‌السلام نفسه تتضمن بأن الحسن أكبر ولده، ولكن لا تأبى أن تحمل على أنه أكبر ولده بعد وفاة أخيه أبي جعفر.

٧٥

أمّا النص الثاني فينتهي سنده إلى علي بن عمر النوفلي وقد جاء فيه أنه قال: كنت مع أبي الحسن في صحن داره فمرّ بنا محمّد ابنه. فقلت له: جعلتُ فداك، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال:لا، صاحبكم بعدي الحسن .

وجاء عن أحمد بن عيسى العلوي من ولد علي بن جعفر انه قد دخل على أبي الحسنعليه‌السلام بـ(صريا) فسلّم عليه وإذا بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا. فقاموا إلى أبي جعفر ليسلّموا عليه فقال أبو الحسنعليه‌السلام :ليس هذا صاحبكم، عليكم بصاحبكم وأشار إلى أبي محمد.(١)

وفي هذا النص نجد النفي القاطع لتصور أن الإمام هو محمد. لعلّ سبب هذا التصوّر هو ما عرف عنه من الصلاح والعلم والتقى مع كونه أكبر ولده، إذ كان المعروف ان الإمامة في أكبر ولد الإمام، فالإمام ينفي إمامة محمد ويصرّح بإمامة ابنه الحسن، بينما لاحظنا في النص السابق إصراره على عدم التصريح وإيكال التصريح إلى فرصة أخرى.

٤ ـ وأما النصوص التي صدرت من الإمام الهاديعليه‌السلام وأشارت أو صرّحت بإمامة الحسنعليه‌السلام بعد وفاة أخيه محمد فهي النص الرابع والخامس والثامن والتاسع مما جاء في الكافي في كتاب الحجة، في باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام . وهي كما يلي:

أ ـ نظراً لاتحاد مضمون النصين الرابع والخامس ننقل النص الخامس الذي ينتهي سنده إلى أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري إذ يقول:

ــــــــــــ

(١) الغيبة: ١٢٠.

٧٦

كنت حاضراً عند مضيّ أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام فجاء أبو الحسنعليه‌السلام فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته وأبو محمد قائم في ناحية، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمدعليه‌السلام فقال:يابني أحدِث لله تبارك وتعالى شُكراً فقد أحدث فيك أمراً .

والذين سمعوا هذا النصّ قد فهموا منه أنه يشير إليه بأمر الإمامة وكانت هذه الإشارة في جمع من بني هاشم وآل أبي طالب وقريش طبعاً كما جاء في النص الثامن ويتضمن النص الثامن أيضاً موقف أبي محمد تجاه كلمة الإمام الهاديعليه‌السلام التي وجّهها إليه، وهو:.. أن الحسن قد بكى وحمد الله واسترجع وقال:الحمد لله ربّ العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيكَ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فسُئل عنه فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدّر له في ذلك الوقت عشرون سنة أو أرجح، قال الراوي: فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه.

وجاء في النص التاسع المرويّ عن محمد بن يحيى بن درياب قال: دخلتُ على أبي الحسنعليه‌السلام بعد مضيّ أبي جعفر فعزّيته عنه وأبو محمدعليه‌السلام جالس فبكى أبو محمد فأقبل عليه أبو الحسن فقال له:إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفَاً منه فاحمد الله .

٥ ـ وصرّح النصّان العاشر والحادي عشر بإمامة أبي محمد الحسن وذلك بعد مضيّ أخيه أبي جعفر(محمد بن علي) أمّا النص العاشر فيرويه أبو هاشم الجعفري حيث يقول: كنت عند أبي الحسنعليه‌السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكّر في نفسي أريد أن أقول كأنّهما ـ أعني أبا جعفر وأبا محمد ـ في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمدعليه‌السلام ، وإن قصّتهما كقصّتهما، إذ كان أبو محمد المُرجى بعد أبي جعفر، فأقبل عليّ أبو الحسنعليه‌السلام قبل أن أنطِق فقال:نعم ياأبا هاشم! بدا لله في أبي محمد عليه‌السلام بعد أبي جعفر عليه‌السلام ما لم يكن يُعرَفُ له، كما بدا له في موسى عليه‌السلام بعد مضيّ إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدّثتك نفسك وإن كره المُبطِلون. وأبو محمد ابني الخلف مِن بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة .

وواضح أن البداء لله هنا هو فيما يرتبط بتصوّر السائل حيث انه كان يرجو أن يكون الإمام بعد الهادي هو ابنه محمد، بينما كان في علم الله غير ذلك فأظهره له بموت محمد فانكشف له أنه ليس هو الإمام الذي كان يرجوه.

٧٧

وليس في هذا النص أو غيره ما يشير إلى أن الإمام الهادي أو غيره من الأئمة قالوا بإمامة شخص غير الحسنعليه‌السلام من ولد الهاديعليه‌السلام .

والنص الحادي عشر ينتهي إلى أبي بكر الفهفكي حيث يقول: كتبَ إليَّ أبو الحسنعليه‌السلام :أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزةً وأوثقهم حجّة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي فَسَلْهُ عنه فعنده ما يحتاج إليه .

وهذا النص صريح في إمامة أبي محمد الحسن، وقد فضّله وشهد بفضله على من سواه من آل محمد ولا يبعد أن يكون قد صدر بعد وفاة أخيه محمد ابن علي كما لاحظنا في النص السابق الذي صرّح فيه الجعفري بأن التصريح من الإمام الهادي بإمامة الحسن كان بعد وفاة أخيه محمد.

والنصّان متقاربان في المضمون حيث يؤكّدان أنه عنده علم ما يحتاج إليه في أمر الإمامة.

وإذا كان بعد وفاة محمد فلا مانع من أن يكون الحسن أكبر ولد الإمام الهادي حينئذ وإن كان محمد أكبر حينما كان على قيد الحياة.

وصرّح النص الثاني عشر أيضاً بمضمون النصّين العاشر والحادي عشر من جهات عديدة حيث جاء فيه أن شاهَوْيه بن عبد الله الجلاّب قال: كتب إليَّ أبو الحسن في كتاب:أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر، وقلِقْتَ لذلك فلا تغتمّ فإن الله عَزَّ وجَلَّ لا يضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون. و صاحبك بعدي أبو محمد ابني، وعنده ما تحتاجون إليه، يقدّم ما يشاء الله ويؤخّر ما يشاء الله ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ، قد كتبتُ بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان .

٦ ـ ويُشهد الإمام جماعةً من الموالي على إمامة ابنه الحسن. قبل مضيّه واستشهاده هو بأربعة أشهر كما جاء في النص الأول من هذا الباب من كتاب الحجة حيث يقول يحيى بن يسار القنبري: أوصى أبو الحسن إلى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي.

٧٨

٧ ـ وجاء في النص الثالث ما يتضمن دليلاً وعلامةً على إمامة الإمام الحسن بعد وفاة أبيه حيث يقول عبد الله بن محمد الإصفهاني: قال أبو الحسنعليه‌السلام :صاحبكم بعدي الّذي يصلّي عليَّ . ولم نعرف أبا محمدعليه‌السلام قبل ذلك. قال: فخرج أبو محمد فصلَّى عليه.

وباعتبار أن الراوي لم يكن يعرف الحسن بشخصه، فالإمام يكون قد أعطاه علامة مميّزة لا لبس فيها ولا ريب يعتريها بالنسبة إليه.

وجاء في النص الثالث عشر من هذا الباب أن داود بن القاسم قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول:الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخَلَف من بَعد الخلف ؟ فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك ؟ قال:إنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه . فقلتُ: فكيف نذكره ؟ فقال: قولوا:الحجة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويشير هذا النص إلى مجموعة أمور ترتبط بكيفية التعامل مع الإمام في ظروف حرجة تقتضي بشدّة التكتّم في إبلاغ الأمر إلى الموالين والشيعة وهو يشير إلى أن الظروف تتأزم وتشتد فيما بعد حتى يصل الأمر إلى أن الشيعة لا يقدرون على رؤية الإمام الحجة ولا يحل لهم ذكره باسمه بل بالإشارة والكناية العامة وفي هذا النص إعداد وتهيئة للنفوس لتقبّل الوضع الجديد الذي لا بد للشيعة أن يكونوا بانتظاره ولا بد لهم من التهيؤ التام لاستقباله.

٧٩

٩ ـ اغتيال الإمام الهاديعليه‌السلام واستشهاده

قال الشيخاني: واستشهد علي العسكري في آخر ملك المعتزّ بالسمّ(١) ، وقال الطبري الإمامي: في آخر ملك المعتز استشهد وليّ الله... مسموماً(٢) .

لما اعتلّ أبو الحسن الهاديعليه‌السلام علته التي توفي فيها في سنة أربع وخمسين ومئتين أحضر ابنه أبا محمد الحسنعليه‌السلام وأعطاه النور والحكمة ومواريث الأنبياء ونص عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضىعليه‌السلام وله أربعون سنة ودفن بسرّ من رأى(أي في مدينة سامراء في العراق)، وقام الإمام العسكري بتجهيز والده من غسله وتكفينه والصلاة عليه وحمل جنازته مع جم غفير من الناس ودفنه في داره حيث المرقد الشريف الآن في سامراء يقصده المسلمون من كافة أقطار الأمة الإسلامية للتبرك والدعاء ووفاءً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويصف لنا المسعودي مراسم ومظاهر تشييع الإمامعليه‌السلام واجتماع خلق كثير في داره فيقول: حدثنا جماعة كل واحد منهم يحكي أنه دخل الدار، وقد اجتمع فيها جملة من بني هاشم من الطالبيين والعباسيين واجتمع خلق من الشيعة، ولم يظهر عندهم أمر أبي محمد ولا عرف خبره إلاّ الثقات الذين نص أبو الحسن عندهم عليه.

ــــــــــــ

(١) الصراط السويّ: ٤٠٧.

(٢) دلائل الإمامة: ٢١٦.

٨٠