المحسن السبط مولود أم سقط

المحسن السبط مولود أم سقط0%

المحسن السبط مولود أم سقط مؤلف:
المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 628

المحسن السبط مولود أم سقط

مؤلف: السيد محمد مهدي
المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف:

الصفحات: 628
المشاهدات: 81906
تحميل: 7183

توضيحات:

المحسن السبط مولود أم سقط
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 628 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81906 / تحميل: 7183
الحجم الحجم الحجم
المحسن السبط مولود أم سقط

المحسن السبط مولود أم سقط

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
العربية
١٠١

الفَصْلُ الثَّانيْ

فيمن ذكر المحسن السبط وانّه مات صغيراً

1 ـ ابن إسحاق صاحب السيرة(1) ، قال ابن الجوزي في صفة الصفوة(2) : وزاد ابن إسحاق في اولاد فاطمة من علي محسناً ، قال : ومات صغيراً ، ونقله عنه أيضاً غيره كالدولابي في الذرية الطاهرة(3) .

2 ـ ابن قتيبة في كتابه المعارف(4) ، قال : وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير(5) .

3 ـ البلاذري في أنساب الأشراف(6) ، قال : ومحسّناً درج صغيراً.

4 ـ الطبري في تاريخه(7) قال : ويذكر أنّه كان لها ـ فاطمة ـ منه ـ من علي ـ ابن آخر يسمى محسناً ، توفي صغيراً.

__________________

(1) السيرة لابن إسحاق : 247.

(2) صفة الصفوة 2 : 3.

(3) الذرية الطاهرة 62 : 114.

(4) المعارف : 211.

(5) سيأتي في الفصل الثالث أنّ المروي عن ابن قتيبة غير ذلك , وأنّ المذكور أعلاه مما طالته يد الخيانة.

(6) أنساب الأشراف 1 : 402.

(7) تاريخ الطبري 5 : 153.

١٠٢

5 ـ المطهر بن طاهر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ(1) ، قال : فإنّه هلك صغيراً.

6 ـ ابن الأثير في تاريخه(2) ذكر المحسن وقال : أنّه توفي صغيراً ، وقد ذكر أنه كان له ـ لعلي ـ منها ـ من فاطمة ـ ابناً آخر يقال له محسن.

وقال في كتابه اُسد الغابة(3) وقد ذكره ضمن الصحابة ، وساق باسناده حديث هانئ بن هانئ وقال بعده : رواه غير واحد عن أبي إسحاق كذلك ، ورواه سالم بن أبي الجعد عن علي فلم يذكر محسناً ، وكذلك رواه أبو الخليل عن سلمان ثم قال : وتوفي المحسن صغيراً ، أخرجه أبو موسى.

7 ـ ابن الجوزي في صفة الصفوة(4) نقل عن ابن إسحاق ، ذكر المحسن وقوله ومات صغيراً ، ولم يعقب عليه بشيء.

8 ـ الدولابي ( ت310 ه‍ ) في الذرية الطاهرة(5) ، نقل قول ابن إسحاق : فذهب محسن صغيراً ، ولم يعقب عليه بشيء.

9 ـ ابن حزم في جمهرة أنساب العرب(6) قال : وتزوج فاطمة علي بن أبي طالب فولدت له الحسن والحسين والمحسن ، مات المحسّن صغيراً. وقال(7) : ولد علي بن أبي طالب الحسن أبا محمد ، والحسين أبا عبد الله ، والمحسّن ، وزينب ، وام كلثوم. وقال(8) عند ذكر أولاد الإمام من فاطمةعليهما‌السلام : أعقب هؤلاء كلهم حاشا المحسّن ، فلاعقب له مات صغيراً جداً إثر ولادته.

__________________

(1) البدء والتاريخ 5 : 75.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 : 172.

(3) اُسد الغابة 4 : 308.

(4) صفة الصفوة 2 : 3.

(5) الذرية الطاهرة : 27 و 114.

(6) جمهرة أنساب العرب : 16.

(7) المصدر نفسه : 37.

(8) المصدر نفسه : 38.

١٠٣

10 ـ ابن فندق البيهقي ( ت 565 ه‍ ) في لباب الأنساب(1) قال : الحسن بن علي ، والحسين بن علي ، والمحسّن بن عليعليهم‌السلام هلك صغيراً.

11 ـ الصفدي في الوافي بالوفيات(2) قال : فولدت له الحسن والحسين ومحسّناً مات صغيراً.

12 ـ ابن الوردي في تاريخه(3) قال : وولدت له ـ فاطمة لعلي ـ الحسن والحسين ومحسّناً مات صغيراً.

13 ـ ابن كثير ( ت 774 ه‍ ) في تاريخه(4) قال ـ وهو يذكر أولاده من فاطمةعليهما‌السلام ـ ويقال : ومحسناً ومات وهو صغير.

14 ـ ابن حجر في الاصابة(5) ذكره ، ونقل عن ابن فتحون قال : أراه مات صغيراً.

وقال في القسم الثاني فيمن له رؤية(6) : المحسّن ـ بتشديد السين المهملة ـ ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي ، سبط النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، استدركه ابن فتحون على ابن عبد البر وقال : أراه مات صغيراً ، واستدركه أبو موسى على ابن مندة ، وأخرج من مسند أحمد ، ثم من طريق هانئ بن هانئ عن علي ، وذكر الحديث الثاني الذي مرّ نقله في المصدر الثالث في سلّم المصادر في الفصل الأول من هذه الرسالة فراجع ، وعقّب عليه ابن حجر بقوله : إسناد صحيح.

15 ـ محمد بن أبي بكر البري التلمساني في كتابه الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة(7) قال : وولدت فاطمة لعلي : الحسن والحسين ومحسناً درج صغيراً.

__________________

(1) لباب الانساب 1 : 227.

(2) الوافي بالوفيات 1 : 82.

(3) تاريخ ابن الوردي 1 : 220.

(4) تاريخ ابن كثير 7 : 331.

(5) الاصابة 3 : 417.

(6) المصدر نفسه 6 : 243.

(7) الجوهرة 2 : 199.

١٠٤

16 ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص(1) قال : وذكر الزبير بن بكار ولداً آخر من فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) اسمه محسن مات طفلاً.

17 ـ النويري في نهاية الارب(2) قال : فولدت فاطمة( رضي الله عنها ) حسناً وحسيناً ومحسناً ، فذهب محسن صغيراً ، قال : وقد قيل أنّها ـ فاطمة ـ ولدت ابناً اسمه محسن توفي صغيراً(3) ، وقال أيضاً : ومحسن على خلاف فيه(4) .

18 ـ البدخشي في نزل الأبرار قال : والمحسن مات صغيراً(5) .

19 ـ المحب الطبري في الرياض النضرة(6) قال : ومحسن مات صغيراً.

وقال في كتابه ذخائرالعقبى(7) عن الليث بن سعد قال : تزوج علي فاطمة فولدت له حسناً وحسيناً ومحسناً ، وزينب ، وأم كلثوم ، ورقية ، فماتت رقية ولم تبلغ ، وقال غيره : ولدت حسناً وحسيناً ومحسناً ، فهلك محسن صغيراً. وقال أيضاً(8) : ومحسن مات صغيراً.

20 ـ الدريا بكري في تاريخ الخميس(9) قال : ومحسن مات صغيراً.

21 ـ أبو الفداء في تاريخه(10) قال : وولد له منها ـ لعلي من فاطمة ـ الحسن والحسين ومحسناً ومات صغيراً.

__________________

(1) تذكرة الخواص : 211.

(2) نهاية الارب 18 : 213.

(3) المصدر نفسه 20 : 221.

(4) المصدر نفسه 20 : 223.

(5) أرجح المطالب : 637.

(6) الرياض النضرة 2 : 248.

(7) ذخائر العقبى : 55.

(8) المصدر نفسه : 116.

(9) تاريخ الخميس 2 : 284.

(10) تاريخ أبو الفداء 2 : 181.

١٠٥

22 ـ الزرقاني في شرح المواهب(1) قال : ومُحسّناً ـ بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المشدّدة ـ فمات صغيراً.

روى أحمد عن علي قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين فذكر مثله ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث فذكر مثله ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر ، اسناده صحيح.

23 ـ الملا علي القارئ في شرح الشمائل(2) قال : وفي مسند البزار عن أبي هريرة قال : ثقل ابن لفاطمة فبعث إلى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، الحديث ، وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء. والابن المذكور هو محسن بن علي ، وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيراً في حياة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) .

24 ـ سليمان القندوزي الحنفي ( ت 1293 ه‍ ) قال في ينابيع المودة(3) : وولدت فاطمة حسناً وحسيناً ومحسناً ومات محسن صغيراً.

25 ـ الاسحاقي في تاريخه أخبار الدول(4) قال : فاما محسن فمات صغيراً في حياة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) .

26 ـ زينب بنت يوسف فواز في الدر المنثور في طبقات ربات الخدور(5) ، قالت : وأما أولادها ـ تعني فاطمة ـ فالحسن والحسين والمحسن ، وهذا مات صغيراً.

__________________

(1) شرح المواهب 3 : 207.

(2) شرح الشمائل 2 : 122.

(3) ينابيع المودة : 201.

(4) أخبار الدول : 41.

(5) الدر المنثور : 361.

١٠٦

27 ـ الشبلنجي في نور الأبصار(1) قال : وأما أولادها فالحسن والحسين والمحسن وهذا مات صغيراً ، وقال أيضاً(2) : أما الذكور فالحسن والحسين ومحسن ، وفي كلام غيره ـ يعني كتاب بغية الطالب ـ : مات صغيراً.

28 ـ عبيد الله آمرتسري في أرجح المطالب(3) نقله عن البدخشي ، وقد مرّ ذكره وقال : مات صغيراً ، وتبع هؤلاء من الكتّاب المحدثين مثل الكاتب الشهير عباس محمود العقّاد في كتابه فاطمة الزهراء ضمن شخصيات إسلامية(4) ، وطاهر الحبوش في كتابه أصحاب صاحب البراق(5) .

29 ـ الحسين الحسيني السمرقندي ( ت نحو 1043 ه‍ ) قال في كتابه تحفة الطالب(6) : اولادها( رضي الله عنها ) : الحسن والحسين والمحسن وزينب ، ورقية وتكنى أم كلثوم ، الجميع أولاد علي بن أبي طالبعليه‌السلام مات المحسن صغيراً.

30 ـ أحمد محمود صبحي في كتابه نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنا عشرية(7) .

تنبيه وتنوير :

ليس يعنينا كثرة المهوسين وراء من تقدم ذكرهم ، إنّما الذي يعنينا تنبيه القارئ إلى ما جاء عن بعضهم :

1 ـ ما ذكره البلاذري والبري التلمساني في أنّ المحسن ( درج صغيراً ) ، وهذا القول فيه تعمّد إيهام وإبهام ، لأنّ معنى درج في مصطلح أهل النسب من

__________________

(1) نور الأبصار : 43.

(2) المصدر نفسه : 93.

(3) أرجح المطالب : 637.

(4) موسوعة العقّاد 2 : 42.

(5) أصحاب صاحب البراق : 22.

(6) تحفة الطالب ، نشر في مجلة تراثنا العدد 63 ـ 64 ، ص 305.

(7) نظرية الإمامة : 226.

١٠٧

مات صغيراً ولم يبلغ مبلغ الرجال ، كما حكاه الحسن القطان وقال : هو المشهور عند المتأخرين(1) .

وفي مصطلح أهل اللغة : أنّه الذي مات ولم يخلف نسلاً ، وليس كل من مات درج(2) .

فالبلاذري والبري التلمساني لم يقصدا بقولهما درج صغيراً يعني لم يبلغ مبلغ الرجال أو لم يخلف نسلاً ، بل قالا ذلك تحاشياً من ذكر موته سقطاً ، لأنّه لم يذكر أحد أنّ المحسن عاش فترة يصح أن يوصف فيها أنّه لم يخلف نسلاً أو لم يبلغ مبلغ الرجال ، ويدلّك على ذلك قول ابن حزم ـ وكان أحزم منهما في المقام ـ إذ قال : ( مات صغيراً جداً أثر ولادته ) يعني لم يعش يوماً واحداً.

2 ـ ما ذكره النويري في نهاية الأرب يلاحظ فيه تعمد الإيهام ، فهو ذكر المحسن وقال : فذهب محسن صغيراً. ثم ذكره ثانياً فقال : وقد قيل انّها ـ يعني فاطمةعليها‌السلام ـ ولدت ابناً اسمه محسن توفي صغيراً. ثم ذكره ثالثاً فقال : ومحسن على خلاف فيه.

فلاحظ كيف استدرج القارئ من الجزم بوجود المحسن إلى القيل فيه ، ونسبته إلى القيل وإن كانت تشعر بالتمريض كما يقولون ، إلاّ أنّه باح بما يكنّه حيث جزم بذكر الخلاف فيه ، وما يدرينا لو ذكره مرّة رابعة وخامسة لانتهى به المطاف إلى نفيه أصلاً(3) .

3 ـ ما ذكره الملا علي القاري الحنفي في شرح الشمائل نقلاً عن مسند البزار عن أبي هريرة قال : ثقل ابن لفاطمة فبعث إلى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وذكر الحديث وفيه مراجعة سعد بن عبادة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بكائه ، قال : والابن المذكور هو محسن

__________________

(1) مقدمة منتقلة الطالبية : 29.

(2) تاج العروس : ( درج ).

(3) نهاية الأرب 18 : 213 ، 20 : 221 ، 223.

١٠٨

بن علي ، وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنّه مات صغيراً في حياة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ثم قال : هذا غاية التحقيق في هذا الحديث ، ولم أر من تعرض بهذا ، وهو الهادي إلى سواء الطريق.

أقول : أرى لزاماً عليّ أن أذكر الحديث المشار إليه ، وما وقع فيه من تلبيس وتدليس ، وتهويش وتهويس عند بعض شرّاح الحديث ومنهم الملا علي القاري ، لأنّ الحديث المشار إليه يجعل موت المحسن صغيراً في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! فليقرأ ذلك القارئ.

جاء في شرح الشمائل باب ما جاء في بكاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) في شرح الحديث الرابع من الباب المذكور ، والحديث هو كالآتي :

حدّثنا محمود بن غيلان ، حدّثنا أبو أحمد ، حدّثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أخذ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ابنة له تقضي فاحتضنها فوضعها بين يديه فماتت وهي بين يديه ، وصاحت أم أيمن فقال ـ يعني النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ـ : أتبكين عند رسول الله ؟! فقالت : ألست أراك تبكي ؟! قال : إنّي لست أبكي إنّما هي رحمة ، إنّ المؤمن بكل خير ، إن نفسه تنزع من بين جنبيه ، وهو يحمد الله تعالى.

قال الملا علي القارئ في تعقيبه على الحديث المذكور بعد أن شرح ألفاظه : ثم اعلم انّ رواية النسائي في هذا الحديث : فلما حُضرت بنت لرسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) صغيرة أخذها رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وضمها إلى صدره ، ثم وضع يده عليها فقبضت وهي بين يدي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فبكت أم أيمن ، الحديث.

قال ميرك : وهذا الحديث لا يخلو عن اشكال ، لأنّ المراد من قوله : ابنة له ، أو بنت له صغيرة إما بنته حقيقة كما هو ظاهر اللفظ ، فهو مشكل ، لأنّ أرباب السير والحديث والتاريخ أطبقوا على أنّ بناته( صلّى الله عليه وسلّم ) كلهنّ متن في حالة الكبر.

__________________

(1) شرح الشمائل 2 : 121 ـ 122.

١٠٩

وإما أن يراد بنت إحدى بناته ويكون اضافتها إليه مجازية ، فهذا ليس ببعيد ، لكن لم ينقل أنّ ابنة احدى بناته ماتت في حالة الصغر ، إلا ما وقع في مسند أحمد عن أسامة بن زيد قال : اتي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) بأمامة بنت أبي العاص من زينب بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وهي في النزع ، لكنه أشكل من حيث أنّ أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أنّ أمامة عاشت بعد النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) حتى تزوّجها علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه بعد وفاة فاطمة ، ثم عاشت عند علي حتى قتل عنها.

ولذا حملوا رواية أحمد على أنّها أشرفت على الموت ، ثم عافاها الله تعالى ببركة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فاما أن يقال : وقع وهم في هذا الحديث.

أما في قوله : ( تقضي ) وقوله : ( وهي تموت بين يديه ) والصواب ابنه ، وإذا كان كذلك فيحتمل أن يكون المراد به أحد بنيه : إما القاسم وإما عبد الله وإما إبراهيم ، فإنهم ماتوا صغاراً في حياته ، ويحتمل أن يكون المراد ابن بعض بناته وهو الظاهر ، ففي الاسباب الميلادي ! ( كذا ) أنّ عبد الله بن عثمان من رقية بنته( صلّى الله عليه وسلّم ) مات في حجره ، فبكى وقال : إنّما يرحم الله من عباده الرحماء.

وفي مسند البزار عن أبي هريرة قال : ثقل ابن لفاطمة فبعث إلى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، الحديث ، وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء ، والابن المذكور هو محسن بن علي.

وقد اتفق أهل العلم بالأخبار انّه مات صغيراً في حياة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، هذا غاية التحقيق في هذا الحديث ، ولم أر من تعرض بهذا وهو الهادي إلى سواء الطريق. انتهى ما جاء في شرح الشمائل لملا علي القارئ.

أقول : أود تنبيه القاري ـ كل قارئ ـ إلى أنّ الملا علي القارئ لم يكن دقيقاً في تحقيقه إلى الغاية كما قال ، ولا كان صادقاً فيما زعمه من المقال المحال لجهتين :

١١٠

الجهة الأولى : أنّ زعمه لم ير من تعرض لذلك مردود عليه بأنّ المناوي ـ وهو من معاصريه ، إذ بين وفاتيهما اثنتي عشرة سنة ، فقد مات المناوي سنة 1004 ه‍ ومات الملا علي سنة 1016 ه‍ ـ قد ذكر ذلك ، وكان الرجل أكثر أمانة حين حكاه عن القسطلاني ، فإذا كان الملا علي لم ير شرح المناوي على الشمائل ـ وأكبر الظن أنّه رآه وافاد منه ـ فلا ريب عندي انّه رأى كلام القسطلاني الذي نقله عنه المناوي ، وإليك ذلك بلفظه في شرح الشمائل المطبوع بهامش شرح الملا علي القارئ.

قال المناوي تعقيباً على الحديث المذكور : تنبيه ، قوله آنفاً : وهي بنت بنته زينب هو ما ذكره الشارح(1) وغيره ، فراراً مما أورد على إطلاق البنت من أنّ المصطفى( صلّى الله عليه وسلّم ) كان له أربع بنات وكلهنّ بلغن التزويج ، وثلاثة منهن وإن متن في حياته لا يصلح لواحدة منهنّ أن يقال في حقها صغيرة ، وقد وصفها في رواية النسائي في هذا الحديث بالصغر.

فتعيّن أن يراد إحدى بنات بناته ، لكنه مع ذلك قد استشكل أيضاً بأنّه لم ينقل بأنّ ابنة احدى بناته ماتت صغيرة ، إلا ما رواه أحمد عن الهندي قال : ( أتي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) بأمامة بنت زينب وهي في النزع فدمعت عيناه ) ويعارضه أنّ أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أنّ امامة عاشت بعد النبي حتى تزوجها على بن أبي طالب بعد موت فاطمة وقتل عنها ، وحملوا رواية أحمد على أنّها أشرفت على الموت ولم تمت.

فإما أن يقال وقع وهم في هذا الحديث ، إما في قوله : ( تقضي ) وقوله : ( وهي تموت بين يديه ) وأما في قوله ( ابنته ) والصواب ابنه ، ويكون المراد أحد بنيه القاسم أو عبد الله أو إبراهيم ، ويحتمل : أنّ المراد ابن بعض بناته ، إما محسن بن

__________________

(1) يعني به ابن حجر فإنّ له شرح الشمائل ، وقد نبّه المناوي في مقدمة كتابه أنّه المراد بقوله ( الشارح ) فراجع.

١١١

فاطمة ، أو عبد الله بن رقية من عثمان ، نبّه عليه القسطلاني. انتهى ما قاله المناوي. وجاء أيضاً نحو هذا في شرح الشمائل لجسوس(1) .

وعلى هذا فيكون القسطلاني أول من احتمل في توجيه الحديث المذكور في الشمائل أن يكون المتوفى بين يدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أحد ولدي الخالة ، إما محسّن بن فاطمة أو عبد الله بن رقية ، وتابعه على ذلك كل من المناوي وجسوس ، وهم جميعاً لم يجزموا فيهما ، بل احتملوا أن يكون هو أحدهما لا على التعيين ، ومجرد الاحتمال يبطل الاستدلال ، فيبقى أمر وفاة المحسن في عهد جده غير ثابت.

الجهة الثانية : فيما نقله الملا علي القارئ عن مسند البزار عن أبي هريرة ، فمن حقنا أن نسأله أين كان أبو هريرة يومئذٍ ؟ هل كان حاضراً فشاهد وسمع جميع ما حدث به من أمر الابن الذي ذكره مجملاً ؟ وإذا كان كذلك فما باله لم يسمّه ؟ وحديثه ينبئ عن حضوره ؟!

ثم إذا لم يكن حاضراً ـ وهو كذلك لأنه كان بالبحرين ـ فلماذا لم يذكر من حدّثه بذلك ؟ ولكن لا غرابة لو زعم أبو هريرة الحضور ، فأحاديثه التي صح منها ما حلّق بها بقادمة النسور حتى جعلته أول راوية في الإسلام ، يكذّبه من الصحابة ثلاثة من الخلفاء علي وعمر وعثمان ، وزد عليهم تكذيب السيدة عائشة وهي أم المؤمنين(2) ، وخل عنك التابعين ومَن بعدهم ، حتى كان أبو حنيفة إمام المذهب لا يأخذ بحديثه(3) .

وليس هذا بأول حديث له كذب فيه على أبناء فاطمة وأبناء الرسول وزعم فيه الحضور ، وما حديث زعمه حضوره ولادة الحسينعليه‌السلام ، وأنّه رآه وقد أخذه

__________________

(1) شرح الشمائل 2 : 105.

(2) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : 27 ـ 28 ، وحكاه عن النظام شيخ الجاحظ ، ولم يستطع رده إلا دفعاً بالصدر.

(3) شيخ المضيرة 117 ـ 133.

١١٢

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ملفوفاً بخرقة وقد خضبت يداه من الدم(1) ، الا نموذج واحد من أكاذيبه الفاضحة ، فإنّ ولادة الحسين كانت في الثالث أو الخامس من شعبان السنة الرابعة من الهجرة على أكثر تقدير ، وأبو هريرة يومئذٍ بعد لم يسلم ولم يأت إلى المدينة ، إذ أنّه جاء بعد فتح خيبر ، وكان الفتح في سنة (7) من الهجرة.

وهذا أيضاً ليس بأعظم من فريته على رقية بنت النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) حين زعم دخوله عليها وبيدها مشط ، فقالت : خرج رسول الله من عندي آنفاً ورجلت شعره ، فقال : كيف تجدين أبا عبد الله ( يعني عثمان ) ؟ قالت : بخير ، قال : أكرميه فإنّه من أشبه أصحابي بي خلقاً.

ونحن لا نعقّب على ذلك بأكثر مما قاله الحاكم في المستدرك بعد أن أخرج الحديث فقال : هذا حديث صحيح الاسناد واهي المتن ، فإنّ رقية ماتت سنة (3) من الهجرة بعد فتح بدر ، وأبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر في سنة (7) من الهجرة.

وما دام أبو هريرة يروي لنا أن الابن المذكور في الحديث هو محسن بن علي ، فلا غرابة ولا عجب ، فالرجل يضلع في ركاب الحاكمين ويضع لهم ما شاؤوا ، فأيّ وازع يمنعه عن أن يضع لهم ذلك الحديث ليثبت لهم موت المحسن في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإذا ثبت ذلك برئت ساحة المتهمين بإسقاطه ، ولكن( وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ ) (2) .

والآن لنقرأ مقالة العلماء في أنّ المحسن مات سقطاً.

__________________

(1) مجمع الزوائد للهيثمي 9 : 185.

(2) سبأ : 52.

١١٣

الفَصْلُ الثَّالِثُ

فيمن ذكر المحسن السبط وانّه سقط

ليس من المتوقع أن نجد عدد الذين ذكروا موت المحسن سقطاً أن يكون كثيراً ، كما أنه ليس من المتوقع من أولئك أن يذكروا سبب السقوط ، فليس غريباً أن نجد حديث السقوط ـ بعد أن كان إسقاطاً ـ نجده منسوباً عند بعضهم إلى الشيعة ، وهؤلاء إنّما لجأوا إلى ذلك فيما أرى إما دفعاً للغائلة ، أو حفاظاً على قداسة الموروث في النفوس.

وقليل ما هم أولئك الذين تخطّوا الحاجز النفسي فصرّحوا بالسبب ، ولا غرابة لو رأينا التعتيم والغموض يلفّ قضية موت المحسن سقطاً ، فالحكومات المتعاقبة من بعد النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتي استحوذت على الحكم بالقوة ، كلّها تناوئ المحسن وآله أمّاً وأباً ومن يمتّ إليه نسباً ، فكيف يتوقع من الرواة من أن يذكروا الحَدَث كما حدث ، وهو حَدَثٌ مريع وفظيع ، وذكره يقلقل أحشاء الحاكمين ، وينسف مقولة شرعيّة حكم الظالمين.

لذلك لم نجد بعد البحث والتنقيب إلا العدد الذي لم يتجاوز العشرين إلا قليلاً ، فهؤلاء هم الذين ذكروا موت ( المحسن ) سقطاً ، والأقل من القليل الذي ذكر موته إسقاطاً ، ومع ذلك ففي هؤلاء من خشي مغبة العاقبة ، فذكر أمر

١١٤

الإسقاط ونسبه إلى الشيعة ، وأحسبه أراد التخلّص من صراع نفسي مرير ، يتجاذبه كتمان أمر المحسن كلية ، وذكره منسوباً إلى الشيعة ، فرأى في الثاني ما يخفّف عنه وطأة الصراع ، ويضع عنه مسؤولية الكتمان وإصر التبعة ، وإلا فسيلقى المصير الذي لاقاه أحمد بن محمد بن محمد ابن السريّ بن يحيى بن أبي دارم المحدث ، فقد « كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، قال ـ الراوي ـ : حضرته ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسّن » راجع قصة هذا المحدث في ترجمته عند الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال(1) .

ولا يزال غير واحد يعيش هذا الصراع النفسي المحرج المكبوت ، فهو يتأرجح بين الموروث بمآسيه وبين الحقائق الثابتة ، فيعبّر عنها بلسان غيره ، ومن أولى بذلك من الشيعة ، فانظر مثلاً إلى الدكتور أحمد محمود صبحي مدرس الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الاسكندرية حيث يقول في كتابه نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثني عشرية(2) ( تحليل فلسفي للعقيدة ) وهو يتحدّث عن حديث المنزلة :

« ولا يقف الشبه بين علي وهارون إلى حد الصفات المثبتة في حق هارون كما هي مستخلصة من القرآن ، بل يضيف الشيعة خصائص اُخرى شخصية ، فقد أبى النبي إلا أن تكون أسماء بني علي مماثلة لأسماء بني هارون ، فسمّاهم حسناً وحسيناً ومحسناً قائلاً : إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبّر » .

وعلّق على اسم المحسن فقال في الهامش : « يقال : مات صغيراً ، ويقال : إنّ عمر ركل فاطمة لمجافاتها أبا بكر في الخلافة وفدك ، فأجهضت محسناً جنيناً ، ولا شك أنّ القول الأول أصح ، وإلاّ فما يبرر تسمية جنين ميت ».

__________________

(1) ميزان الاعتدال 1 : 139 ؛ ولاحظ سير أعلام النبلاء له أيضاً 15 : 578 ؛ وعنه ابن حجر في كتابه لسان الميزان 1 : 268.

(2) نظرية الإمامة : 226.

١١٥

ومن الغريب تصحيحه للقول الأول وأنه مات صغيراً ، وأغرب من ذلك تذرّعه بعدم المبرر لتسمية جنين ميّت ، فنقول : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه يوم كان جنيناً وهو حي ولم يكن ميتاً ، ولولا الرفسة لتمّ حمله وكانت ولادته طبيعية ، وتسمية الجنين الميّت السقط مندوب إليها فضلاً عن أن يكن حملاً.

ثم ما ذنب الشيعة لأن يتهمهم بأنهم أضافوا خصائص أخرى شخصية ، وذكر تسمية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للأنبياء الثلاثة بأسماء ولد هارون ، وقد مرّ بنا في الباب الأول مصادر أهل السنة ؟

وفي كتاب هذا الرجل موارد كثيرة تطغى عليه فيها معاناة الصراع النفسي بين الموروث والحقائق لسنا بصددها.

والآن إلى أسماء أولئك الذين صرّحوا بأنّ المحسن مات سقطاً :

1 ـ أبو إسحاق إبراهيم النظام ( ت 231 ه‍ ) ، وهذا هو شيخ الجاحظ ، وهو من شيوخ المعتزلة ، قال : انّ عمر ضرب بطن فاطمةعليها‌السلام يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها ، وكان يصيح : أحرقوها بمن فيها ، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين.

هذا ما نقله عنه الشهرستاني في كتابه الملل والنحل(1) . وحكى ذلك عن النظام أيضاً الصفدي في الوافي بالوفيات(2) .

2 ـ ابن قتيبة ( ت 276 ه‍ ) ، حكى عنه الحافظ السروي المعروف بابن شهرآشوب ( ت 588 ه‍ ) ، في كتابه مناقب آل أبي طالب(3) قال : وأولادها : الحسن والحسين والمحسن سقط ، وفي معارف القتبي : « انّ محسناً فسد من زحم قنفذ العدوي ».

__________________

(1) الملل والنحل 1 : 77.

(2) الوافي بالوفيات 6 : 17.

(3) المناقب 3 : 133 ، في أحوال فاطمةعليها‌السلام .

١١٦

وعند مراجعة كتاب المعارف المطبوع لم نجد ذلك فيه ، ولمّا كان الحافظ الكنجي الشافعي ( ت 658 ه‍ ) قد أكّد حكاية ابن شهرآشوب لذلك عن ابن قتيبة بعد أن ذكر أنّ فاطمةعليها‌السلام أسقطت بعد النبي ذكراً كان سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محسناً ، فقال الكنجي : وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة.

أقول : وسيأتي تحقيق حول كتاب المعارف في الملاحق في آخر الرسالة.

3 ـ النسابة الشيخ أبو الحسن العمري ـ وكان حياً سنة 425 ه‍ ـ قال في كتابه المجدي ـ بعد ذكر اختلاف النسابين في المحسن ـ : ولم يحتسبوا بمحسن لأنّه ولد ميتاً ، وقد روت الشيعة خبر المحسن والرفسة ، ووجدت بعض كتب أهل النسب يحتوي على ذكر المحسن ، ولم يذكر الرفسة من جهة أعوّل عليها.

4 ـ النسابة محمد بن أسعد بن علي الحسيني الجواني ( ت 588 ه‍ ) ذكر المحسّن في الشجرة المحمدية والنسبة الهاشمية(1) وقال : أسقط ، وقيل : درج صغيراً ، والصحيح أنّ فاطمة( رضي الله عنها ) أسقطت جنيناً.

5 ـ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي ( ت652 ه‍ ) قال في مطالب السؤول(2) عند ذكر أولاد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« اعلم أيّدك الله بروح منه ، إنّ أقوال الناس اختلفت في عدد أولادهعليه‌السلام ذكوراً وإناثاً ، فمنهم من أكثر فعدّ فيهم السقط ، ولم يسقط ذكر نسبه ، ومنهم من أسقطه ولم ير أن يحتسب في العدة ، فجاء قول كل واحد بمقتضى ما اعتمده في ذلك وبحسبه ـ ثم نقل عن صفة الصفوة وغيرها ذكرهم إلى أن قال : ـ وذكر قوم آخرون زيادة على ذلك ، وذكروا فيهم محسناً شقيقاً للحسن والحسينعليهما‌السلام وكان سقطاً ».

__________________

(1) الشجرة المحمدية : ( نسخة مصورة في مجلة الموسم ، العدد 32 ، سنة 1418 ه‍ ).

(2) مطالب السؤول : 62 ، الفصل 11.

١١٧

6 ـ الحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ( ت 658 ه‍ ) ، حكى في كتابه كفاية الطالب(1) عند ذكر أولاد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قول المفيد في عددهم ، ثم قال : وزاد الجمهور وقال : إنّ فاطمةعليها‌السلام أسقطت بعد النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ذكراً كان سمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) محسناً ، وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلاّ عند ابن قتيبة.

7 ـ الحمويني ( ت730 ه‍ ) ، ذكر باسناده في فرائد السمطين(2) حديثاً عن ابن عباس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسنعليه‌السلام فلمّا رآه بكى ، ثم قال :« إليّ إليّ يا بني » ، فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى ، ثم أقبل الحسينعليه‌السلام فلما رآه بكى ثم قال :« إليّ إليّ يا بُني » فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى ، ثم أقبلت فاطمةعليها‌السلام ، فلما رآها بكى ثم قال :« إليّ إليّ يا بنية فاطمة » ، فأجلسها بين يديه.

ثم أقبل أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، فلما رآه بكى ثم قال :« إليّ إليّ يا أخي » ، فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ما ترى واحداً من هؤلاء إلا بكيت ، أوما فيهم مَن تسرّ برؤيته ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ، إنّي وإياهم لأكرم الخلائق على الله ( عزّ وجلّ ) ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم أما علي بن أبي طالب ، ـ وذكر فضله وما خصّه الله به ـوأما ابنتي فاطمة فإنّها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة منّي وهي ، وإنّي لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتهكت حرمتها ، وغُصب حقها ، ومُنعت إرثها ، وكُسر جنبها ، وأُسقطت جنينها ـ إلى أن قال : يقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ :اللّهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وذلّل ـ كذا والصواب فأذل ـمن أذلّها ، وخلّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها » ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين.

__________________

(1) كفاية الطالب : 423.

(2) فرائد السمطين 2 : 34 ـ 35.

١١٨

8 ـ الحافظ جمال الدين المزي ( ت742 ه‍ ) ، قال في كتابه تهذيب الكمال(1) : كان لعلي من الولد الذكور والذين لم يعقبوا محسن درج سقطاً .

أقول : ونقل ذلك عنه الفاسي في العقد الثمين(2) أيضاً.

9 ـ الشيخ الإمام سعيد بن محمد بن مسعود الكازروني ( ت 758 ه‍ ) ، جاء في كتابه مطالع الأنوار المصطفوية في شرح مشارق الأنوار النبوية للصغاني الحنفي ( ت650 ه‍ ) ، عند ذكره رواة الكتاب على ترتيب حروف المعجم ، فقال في حرف الفاء :

فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، كان من حقها أن تذكر في أول الأسامي لكن ترتيب الكتاب اقتضى هذا التنسيق ـ إلى أن قال بعد ذكر شيء من ترجمتها ـ : وولدت لعلي الحسن والحسين والمحسن ، وقيل : سقط المحسن من بطنها ميتاً بسبب أنّ عمر بن الخطاب دقّ الباب على بطنها حين جاء لعلي أن يروح به إلى عند أبي بكر لأخذ البيعة.

10 و 11 ـ الصلاح الصفدي ( ت 764 ه‍ ) ، قال في الوافي بالوفيات(3) : والمحسن طرح. وحكى ذلك من كتاب شيخه الذهبي ( فتح المطالب في فضل علي بن أبي طالب ) ولمّا لم نقف على كتاب شيخه فاكتفينا بنقله عنه ، وعددنا شيخه ممّن قال بأنّ المحسن سقط.

12 ـ التقي الفاسي الحسني المكي ( ت 832 ه‍ ) ، ذكر في كتابه العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين(4) في ترجمة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أولاد الإمام ، فحكى قول ابن قتيبة : ( ولعليرضي‌الله‌عنه من الولد الحسن والحسين ومحسناً ) فعلق المحقق فؤاد سيد على اسم المحسن فقال : تكملة من المعارف.

__________________

(1) تهذيب الكمال 20 : 479.

(2) العقد الثمين 6 : 203.

(3) الوافي بالوفيات 21 : 281.

(4) العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين 6 : 202.

١١٩

أقول : ولاندري هل عدم ذكره « كان سقطاً » من سهو القلم ، أم هو من الاسقاط المتعمد ؟ ثم انّ الفاسي حكى أيضاً في كتابه(1) قول الحافظ المزي في تهذيب الكمال : ( ومحسن درج سقطاً ) ولم يعقب عليه بشيء ، فهو إمضاء منه لقوله.

وذكر الفاسي أيضاً في كتابه(2) في ترجمة الزهراءعليها‌السلام قول أبي عمر : ( فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ). فعلق المحقق على ذلك في الهامش فقال : ( ومحسناً ) كما في سير أعلام النبلاء حكاية عن ابن عبد البر.

أقول : وما ذكره الطناحي صحيح ، فهو موجود في سير أعلام النبلاء(3) ، لكن إذا رجعنا إلى الاستيعاب وهو كتاب أبي عمر وهو ابن عبد البر ، فلا نجد ذلك النص جملة وتفصيلاً ، وبين يدي ثلاث طبعات من الاستيعاب.

1 ـ طبعة حيدر آباد سنة 1326 ه‍.

2 ـ طبعة مصطفى محمد سنة 1339 بهامش الإصابة.

3 ـ طبعة محققة بتحقيق علي محمد البجاوي بمطبعة نهضة مصر.

وقد راجعت ترجمتي الإمام أمير المؤمنين والزهراءعليهما‌السلام ، فلم أجد النص المذكور ، فيا ترى من الذي غصّ بذكر المحسن ، فابتلعه على مضض ليضيع ذكره كما خفي قبره ، وعلى سنن الماضين جاء سير الخالفين ، وهكذا أضاع الخلف ما يدين السلف طمساً للحقائق ، فالله حسيبهم.

13 ـ إبراهيم بن عبد الرحمن الحنفي الطرابلسي ، كان حيّاً سنة 841 ه‍ ، قال في المشجرة التي صنعت للخليفة الناصر وكتبت لخزانة صلاح الدين ص 9 : محسن بن فاطمة أسقط ، وقيل درج صغيراً ، والصحيح أن فاطمة أسقطت جنينها.

__________________

(1) المصدر نفسه 6 : 203.

(2) المصدر نفسه 8 : 284.

(3) سير أعلام النبلاء 3 : 425.

١٢٠