المحسن السبط مولود أم سقط

المحسن السبط مولود أم سقط9%

المحسن السبط مولود أم سقط مؤلف:
المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 628

المحسن السبط مولود أم سقط
  • البداية
  • السابق
  • 628 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85536 / تحميل: 7858
الحجم الحجم الحجم
المحسن السبط مولود أم سقط

المحسن السبط مولود أم سقط

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الهجوم والإسقاط ، كما سيأتي ذلك عنه في الفصل الثالث في ( نصوص ثابتة يجب أن تقرأ بامعان ) كما يأتي عنه ما ينسف تكذيبه من روايته قول محمّد بن أحمد بن حماد الكوفي ، في ابن أبي دارم الكوفي وقد حضره ورجل يقرأ عليه : إنّ عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن ، ولم يعقب عليه بشيء.

٢٨ ـ الصفدي ( ت ٧٦٤ ه‍ ) ، هو الصلاح خليل بن أيبك الصفدي ، ترجمه ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة(١) ترجمة وافية ، فذكر فيها شيوخه ومنهم الذهبي وابن كثير والحسيني ، ونقل عن الذهبي أنّه قال في حقه : ( الأديب البارع الكاتب ، شارك في الفنون ، وتقدم في الإنشاء ، وجمع وصنف ) ، وقال أيضاً : ( سمع منّي وسمعت منه ، وله تواليف وكتب وبلاغة ) إلى غير ذلك مما حكاه ابن حجر في ترجمته.

والصفدي ذكر باختصار ما كان يجري في مجلس الحافظ البلخي في كتابه الوافي بالوفيات(٢) ، وسيأتي ذلك في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى.

٢٩ ـ ابن كثير ( ت ٧٧٤ ه‍ ) ، هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي الشافعي ، محدث ، مؤرّخ ، مفسر ، فقيه ، تأثر بشيخه ابن تيمية كثيراً ، فكان معه حياً ودفن معه ميتاً.

له عدة تصانيف منها : تفسير القرآن العظيم وهو مطبوع ، وله البداية والنهاية في التاريخ مطبوع في ١٤ مجلداً ، وله نهاية النهاية في جزئين ، وله جامع المسانيد وهو كتاب كبير جمع فيه أحاديث الكتب الستة والمسانيد الأربعة ، وله السيرة

__________________

(١) الدرر الكامنة ٢ : ٨٧.

(٢) الوافي بالوفيات ٣ : ٣٤٤.

١٦١

النبوية في أربعة أجزاء مطبوعة إلى غير ذلك ، وقد ترجمه ابن حجر في الدرر الكامنة(١) ، وابن العماد الحنفي في شذرات الذهب(٢) وغير ذلك.

وهذا له مواقف ناصبية معلنة في أحداث السقيفة وما بعدها ، ستأتي بعض النصوص نقلاً عن كتابه البداية والنهاية في الفصل الثالث ، وكذا عن كتابه السيرة النبوية.

٣٠ ـ نور الدين الهيثمي ( ت ٨٠٧ ه‍ ) ، هو أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي الشافعي ، محدث حافظ ، رافق الحافظ العراقي في السماع ولازمه ، له عدة تصانيف منها : ( موارد الظمآن في رواية صحيح ابن حبان ) وهو مطبوع ، و ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ) أيضاً مطبوع ، و ( البغية في ترتيب أحاديث الحلية ) مطبوع.

٣١ ـ ابن الشحنة ( ت ٨١٥ ه‍ ) ، هو أبو الوليد محمّد بن محمّد بن محمّد بن محمود الحلبي الحنفي المعروف بابن الشحنة ، فقيه ، أصولي ، مفسر ، فرضي ، أديب ، ناظم ، نحوي ، مؤرّخ ، أفتى ودرس وتولّى قضاء الحنفية بحلب ثم بدمشق ، له عدة مؤلّفات منها : ( روض المناظر في علم الأوائل والأواخر ) مطبوع على هامش تاريخ الكامل لابن الاثير(٣) ط بولاق بمصر. ترجمه السخاوي في الضوء اللامع(٤) ، وابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب(٥) ، والشوكاني في البدر الطالع(٦) وغيرهم.

٣٢ ـ ابن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ ه‍ ) ، قال الشوكاني في البدر الطالع(٧) : ( الحافظ الكبير الشهير ، الإمام المتفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة

__________________

(١) الدرر الكامنة ١ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

(٢) شذرات الذهب ٦ : ٢٣١ ـ ٢٣٢.

(٣) الكامل لابن الأثير : ١١ ـ ١٢.

(٤) الضوء اللامع ١٠ : ٣ ـ ٦.

(٥) شذرات الذهب ٧ : ١١٣ ـ ١١٤.

(٦) البدر الطالع ٢ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥.

(٧) المصدر نفسه ١ : ٨٧.

١٦٢

المتأخرة وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد ، والعدو والصديق ، حتى صار اطلاق لفظ ( الحافظ ) عليه كلمة اجماع ).

وقد كتب تلميذه السخاوي كتاباً في ترجمته سمّاه ( الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر ). وقال السيوطي في طبقات الحفاظ(١) : ( ابن حجر شيخ الإسلام ، وإمام الحفاظ في زمانه ، حافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقاً وقد غلق بعده الباب ).

هذا شيء عن ترجمته ، وقد زاد على الذهبي فيما ذكره في ترجمة ابن أبي دارم بما ذكره في ترجمة محمّد بن عبد الله الواعظ البلخي ، وسيأتي ذلك في الفصل الثالث في نصوص يجب أن تقرأ بإمعان.

٣٣ ـ جلال الدين السيوطي ( ت ٩١١ ه‍ ) ، هو أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمّد بن أبي بكر ، الخضيري الأصل الطولوني المصري الشافعي ، عالم مشارك في أنواع من العلوم.

له مؤلفات كثيرة ، استقصى الداودي مؤلفاته فنافت عدتها على خمسمائة مؤلّف ، فمنها ما بلغ عدة أجزاء كالجامع الكبير ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور ، ومنها ما لم يتجاوز عدة أوراق ، راجع مصادر ترجمته في معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة(٢) .

٣٤ ـ المتقي الهندي ( ت ٩٧٥ ه‍ ) ، وهو عليّ بن حسام الدين بن عبد الملك الجونيوري الهندي ، فقيه ، محدث ، واعظ ، مشارك في بعض العلوم ، أقام بمكة ومات بها ، له تصانيف منها كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، طبع في الهند وغيرها مكرراً ، وله المنتخب منه طبع بهامش مسند أحمد بن حنبل ( الطبعة الأولى بمصر ) وله غير ذلك.

* * *

__________________

(١) طبقات الحفاظ : ٥٥٢.

(٢) معجم المؤلفين ٥ : ١٢٩ ـ ١٢١.

١٦٣

٣ ـ نظرة في المصادر :

إنّما يكون اعتماد الباحث على المصدر الذي يرجع إليه في التصديق لما فيه ، إما من توثيق خارجي كأن يوثقه أهل الخبرة من الاعلام ، أو من اتساق بين مرويّاته مع مرويات الآخرين ممّن يوثق بهم ، فتحصل القناعة الكافية بصحة المروي في المصدر.

ونحن الآن إذا رجعنا إلى المصادر التي ذكرت الأحداث التي صاحبت سقوط المحسن السبط السقط ، نجد الإتساق بين مروياتها جميعاً إجمالاً ، وإن تفاوتت في التفصيل ، كما سيأتي عرض النصوص المنقولة عنها في الفصل الثالث ، والإتساق والاتفاق عنصر مهم في توثيق الحَدَث ، وربما كان أقوى من توثيق عالم واحد لكتاب واحد ، فالاتساق مضموناً يعني الاتفاق رواية ، وتصديق بعضٍ بعضاً.

بقي علينا التحقق من صحة نسخة المصدر ونسبتها إلى صاحبه ، ليتم التوثيق والاتساق ، وحينئذٍ تحصل الثقة فيتم الاستدلال.

والآن إلى مرور عابر على بعض المصادر التي سنقتطف منها نصوصاً نستدل بها على فظاعة الأحداث يوم سقوط ( المحسن السبط السقط ) أول ضحايا العنف في أحداث السقيفة ، أو اختلفت روايتها عن مؤلفيها ، لوقوع ذلك في ضمن جملة من المصادر ، وعلى سبيل المثال كصحيح البخاري ، وحسبنا « دليلاً ظاهراً » ، الاطلاع على طبعة بولاق التي سودت هوامشها باختلاف النسخ حسب رموز رواتها ، وهذا ما يسبب عناء للباحث ، ويثير الشكوك ، ويرفع أصابع الإتهام مشيرة إلى أكثر من واحد ، إلى الراوي ؟ إلى الناسخ ؟ إلى المحقق ؟ إلى الناشر ؟ وكل

١٦٤

هؤلاء أطراف تحوم حولهم الشبهة ، ولذلك كان علينا أن نلقي نظرة عابرة على بعض المصادر التي سننقل عنها بعض النصوص في رسالتنا هذه عن السيد ( المحسن السبط ).

١ ـ كتاب سيرة ابن هشام ، فقد اختان صاحبها ضميره حين أخفى ـ رهبة أو رغبة ـ بعض الحقائق ، وقد مرّت الإشارة إلى حذفه اسم العباس من قائمة أسرى بدر ، وما صنعه ابن هشام في سيرة ابن إسحاق.

٢ ـ كتاب طبقات ابن سعد ، وهذا الكتاب لم يصل إلينا كاملاً في طبعاته الأولى ، ومع ذلك فثمّة فيه نصوص نافعة ستأتي في الفصل الثالث.

٣ ـ كتاب ( المصنف ) لابن أبي شيبة ، وهذا الكتاب تلاعبت الأهواء في المنقول عنه في جملة من المصادر التي روت الحدث بسنده ، كما ستأتي الإشارة إليه.

٤ ـ كتاب ( المعارف ) لابن قتيبة ، تلاعبت رواته عن مؤلفه ، فاختلفت رواية تلاميذ ابن قتيبة لكتابه ( المعارف ) فضاعت منه نصوص منقولة عنه ، ولم نقف عليها فيما وصلت إلينا من نسخه ، إلاّ أنّ مصادر ثانوية نقلت ذلك أو أشارت إليه.

وسيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الرسالة في الملحق الثاني ، وفيما يتعلّق بموضوع رسالتنا ( المحسن السبط مولود أم سقط ) وجدنا ابن قتيبة معدوداً في كل فصل من الفصول الثلاثة من الباب الثاني كما مر.

ففي الفصل الأول : كان معدوداً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) ولم يذكروا عن موته شيئاً ، فقد ورد في كتاب المعارف(١) ذكره معدوداً مولوداً.

وفي الفصل الثاني صار ابن قتيبة مذكوراً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) مولوداً ومات صغيراً ، كما مرّ لما ورد في كتاب المعارف أيضاً(٢) .

__________________

(١) كتاب المعارف : ٢١٠.

(٢) المصدر نفسه : ٢١١.

١٦٥

وفي الفصل الثالث كان ابن قتيبة معدوداً مع الّذين ذكروا ( المحسن ) وأنه مات سقطاً ، كما مر ، وهذا ما لم نجده في المطبوع من كتاب المعارف سواء المحقق منه أو غير المحقق ، فمن الذي غص بذكر النص فابتلعه على مضض ؟!

ولدى التحقيق وجدنا الرواة لكتاب المعارف عن مؤلفه ابن قتيبة ، هم الّذين يتحملون قسطاً من الوزر في موضوع ( المحسن ) ، كما ستأتي الاشارة إليه في الملحق الخاص بكتاب ( المعارف ) أما من الذي يتحمل الوزر في حذف النص الآتي في اسقاط ( المحسن ) فذلك ما لم أقف عليه فعلاً.

والذي يجب التنبيه عليه في المقام هو توثيق ما نقل من نص في اسقاط ( المحسن ) ، لقد روى لنا الحافظ ابن شهرآشوب السروي ( ت ٥٨٨ ه‍ ) ، عن كتاب المعارف النص التالي : ( وفي معارف القتبي : أن محسناً فسد من زحم قنفذ العدوي ).

وهذا ما خلت عنه نسخ ( المعارف ) المطبوعة ، فبين يدي طبعتان من الكتاب ، الأولى مطبوعة سنة ١٢٥٣ هبدون تحقيق ، والثانية مطبوعة سنة ١٩٦٠ م بتحقيق الدكتور ثروت عكاشة ، وليس فيها النص المحكي عن المعارف ، ولمّا كان النص ذا دلالة واضحة وصريحة في الإدانة ، فليس متوقعاً أن يسلم من أيدي الخيانة.

وقد ينطق سائل : كيف نثق بصحة رواية الحافظ ابن شهرآشوب السروي وهو من شيوخ الشيعة ؟ والجواب ببساطة هو أن نقرأ توثيق الرجل على لسان غير الشيعة : كالصفدي ، وابن حجر ، والسيوطي ، والداودي وغيرهم ، فكلّهم أثنوا عليه بما هو أهله ، ولنقرأ ما قاله الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات(١) :

( أحد شيوخ الشيعة ، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين ، وبلغ النهاية في أصول الشيعة ، كان يرحل إليه من البلاد ، ثم تقدم في علم القرآن والغريب

__________________

(١) الوافي بالوفيات ٤ : ١٤٦.

١٦٦

والنحو ، وعظ على المنبر أيام المقتفي ببغداد ، فأعجبه وخلع عليه ، وكان بهيّ المنظر ، حسن الوجه والشيبة ، صدوق اللهجة ، مليح العبارة ، واسع العلم ، كثير الخشوع والعبادة والتهجد ، لا يكون إلاّ على وضوء ، أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيراً ).

ولم نذكر باقي الترجمة لطولها ، كما لا نذكر ما قاله عنه ابن حجر في لسان الميزان(١) ، والسيوطي في بغية الوعاة(٢) ، والداودي في طبقات المفسرين(٣) ، فكلّهم أثنوا عليه ثناءاً عاطراً حسناً فراجع.

إذن فمن كان بهذه المثابة من الدين والعلم ، لا يتطرق إليه الريب في حكايته ما وجده في كتاب معارف القتبي ـ كما سماه ـ من زحم قنفذ وسقوط المحسن.

ويزيدنا إيماناً بصحة ما حكاه ذلك الشيخ الجليل ، أنّ الحافظ الكنجي الشافعي(٤) صاحب كتاب ( كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ) قد أكّد خبر الإسقاط نقلاً عن ابن قتيبة فقال : ( وهذا ـ الإسقاط ـ شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلاّ عند ابن قتيبة ).

ولمّا لم يذكر الحافظ الكنجي اسم الكتاب الذي ذكر فيه ابن قتيبة ذلك ، كان من المرجح عندي هو كتاب ( المعارف ) الذي سبق للحافظ ابن شهرآشوب النقل عنه.

__________________

(١) لسان الميزان ٥ : ٣١٠.

(٢) بغية الوعاة : ٧٧.

(٣) طبقات المفسرين ٢ : ٢١٠.

(٤) لمزيد من المعرفة بالحافظ الكنجي الشافعي تحسن مراجعة مقدمة كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) لمحمد مهدي الخرسان , فهي مقدمة ضافية , كما في طبعة النجف بمطبعة النعمان ، وأوفى منها في طبعة بيروت منشورات دار الهادي.

١٦٧

٥ ـ كتاب ( الإمامة والسياسة ) لابن قتيبة ، وشهرة نسبة الكتاب ـ أيّ كتاب كان ـ إلى مؤلف ما ، تستبعد عنها كثيراً من الاحتمالات المشككة ، فإذا كانت هناك مؤشرات ثبوتية بتوثيقه يقوي بعضها بعضاً تحصل القناعة لدى من يرى صحة النسبة ، أما الّذين تستحكم عندهم الشبهة ، فيبقون عند رأيهم ، وعليهم البحث حتى يثبت لهم وجه الحق ، والناس أحرارٌ في آرائهم.

ولمّا كان كتاب ( الإمامة والسياسة = تاريخ الخلفاء الراشدين ) من الكتب التي حامت حوله الشبهات ، وكادت تلفه غياهب الظلمات ، فشك غير واحد في صحة نسبته إلى ابن قتيبة ، وخلص إلى النفي بعد أن ساق عدة ملاحظات تمسك بها المشككون ، وجلّها لا بل كلّها لا تخلو من مناقشة.

وستأتي تلك الملاحظات مع المناقشات في آخر الرسالة في الملحق الثالث ، حيث ستكون النتيجة اعتماد الكتاب بعد صحة نسبته إلى ابن قتيبة ، ولا مانع من أخذ النص منه في الأحداث التي أصابت المسلمين بهلع وفزع بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتزامنت مع سقوط ( المحسن السبط ) لاتساق ما ورد في الكتاب مع ما ورد في المصادر الأخرى.

٦ ـ كتاب ( الاستيعاب ) لأبي عمر ابن عبد البر المالكي ، ويعتبر من أمّهات كتب التاريخ لمعرفة الصحابة ، وقد اعتمده كلّ من ابن الأثير في كتابه ( أسد الغابة ) وابن حجر في كتابه ( الإصابة ) وغيرهما ممّن بحث في تاريخ الصحابة ، وقد قال هو عن كتابه : ( ومن وقف على ما ذكرنا في كتابنا هذا من أسماء الصحابة وما تضمنه من عيون أخبارهم ، فقد أخذ بحظ من علم الخبر ومعرفة الحديث )(١) .

__________________

(١) الاستيعاب : ١٩٧٣.

١٦٨

ومع هذا كلّه فالكتاب لا يخلو من هفوات وأكثر من هنات ، ومهما أحسنّا الظن بمؤلّفه الذي مرّت ترجمته ، وما قرأناه من وصفه ( كان ديّناً ثقة ) لكن يبقى في النفس من وصفه بذلك ريب ، إذ أنّه روى خبر التهديد بالاحراق عن زيد بن أسلم عن أبيه وأبوه كان مولى لعمر بن الخطاب ، وممّن حمل معه الحطب في النفر الذي أتوا إلى بيت فاطمةعليها‌السلام ، فهو من شهود الواقعة ، وعنصر المشاهدة في الرواية يزيدنا وثوقاً بها.

أقول : روى ابن عبد البر هذا الخبر عن زيد بن أسلم عن أبيه في الاستيعاب(١) ، وفيه قول عمر لفاطمةعليها‌السلام : ( ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ، ولئن يبلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ ) هكذا رواه ولم يذكر التهديد بالإحراق صريحاً ، بل كتم ذلك وكنى عنه بقوله : ( لأفعلنّ ولأفعلنّ ) وإذا رجعنا إلى بقية المصادر التي ذكرت التهديد بالإحراق صراحة ، نجدها تنقل ذلك برواية زيد بن أسلم عن أبيه ، فقد روى ذلك ابن أبي شيبة في كتابه ( المصنف )(٢) ولفظه : ( وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت ) ، ورواه غيره كما ستأتي مصادره في الفصل الثالث في نصوص يجب أن تقرأ بإمعان. فلماذا انقلب التهديد الصريح إلى تهديد مبطّن عند ابن عبد البر ، الذي أثبت بفعله مكذوب الثناء عليه ( كان ديّناً ثقة ) فما كان في فعله ذلك برّاً ولا تقياً.

٧ ـ كتاب ( الأموال ) لأبي عبيد ( ت ٢٢٤ ه‍ ) ، فقد تعمد الإيهام والاستبهام في كتابه ذلك حين روى خبر عبد الرحمن بن عوف مع أبي بكر قبل موته بخمس عشرة ليلة ، وفيه مثلثات أبي بكر نادماً على ما فعل وما لم يفعل ، فكان من

__________________

(١) الاستيعاب : ٩٧٥.

(٢) المصنف ١٤ : ٥٦٧.

١٦٩

خبره قول أبي بكر : ( أما الثلاث التي فعلتها وودت أنّي لم أفعلها : فوددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا لخلة ذكرها ) قال أبو عبيد : لا أريد ذكرها.

وهذا ما جعلنا نهزأ بمن يتكتم على الحق لئلاّ يظهر للناس فيعرفوا الحق لأهله ، فأبو بكر يصرّح بماذا فعله وود أنّه لم يفعله نادماً ، يأتي أبو عبيد بعد أكثر من قرنين من الزمان ، فيقول : ( لخلة ذكرها لا أريد ذكرها ) لماذا ؟ فهل أنت أحرص على أبي بكر من نفسه ؟ فهو يذكر تلك الخِلة وأنت لا تريد ذكرها ، إنّها لملكية فوق الملك ، وهذه بلية شملت آخرين من المؤرخين أشير إلى بعضهم هنا وأترك ذكر المثلثات ، إذ سيأتي تمام ذكرها في بداية الفصل الثالث في أول ( نصوص يجب أن تقرأ بإمعان ) ، موثقة رواياتها من مصادر كثيرة تناهز العشرة وربما تزيد فانتظر.

٨ ـ كتاب ( الأموال ) لحميد بن زنجويه ( ت ٢٥١ ه‍ ) ، وفيه ورد خبر المثلثات مرّتين ، ففي الأولى ذكر النص بسند رجال ثقات وليس في النص أيّ تلاعب ، لكن حين ذكره ثانية بسنده دون سنده في المرة الأولى ، وجدنا يكنى ب‍ ( كذا وكذا لشيء ذكره ؟! ).

٩ ـ كتاب ( الكامل ) للمبرد ( ت ٢٨٥ أو ٢٨٦ ه‍ ) ، وهذا الكتاب من عيون الكتب الأدبية ، تتخلله نكات تاريخية ، ذات دلالة يعني الباحث بها ، ومنها ذكره خبر أبي بكر المشار إليه آنفاً من دون ذكر المثلثات ، وهذا مما يؤاخذ عليه.

١٠ ـ كتاب مروج الذهب للمسعودي ، وهذا فيه مواطن تستدعي الوقوف عندها لسنا بصدد ذكرها فعلاً ، لكن ما يستدعي التنبيه عليه في خصوص ما يتعلق بالمقام ، هو رواية خبر المثلثات الآنف الذكر ، وجاء فيه :

( ومرض أبو بكر قبل وفاته بخمسة عشر يوماً ، ولمّا احتضر قال : ما آسى على شيء إلاّ على ثلاث فعلتها وددت أنّي تركتها ، وثلاث تركتها وددت أنّي فعلتها ،

١٧٠

وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) عنها ، فأما الثلاث التي فعلتها ووددت أنّي تركتها : فوددت أنّي لم أكن فتشت بيت فاطمة ، وذكر كلاماً كثيراً ).

فبتر المسعودي الكلام الكثير من أبي بكر ، وانّها لبلية المؤرّخ حين يعيش أزمة الضمير الخانقة ، فهو لا يقوى ـ بجرأة وشجاعة ـ على نقل الوقائع كما هي بحذافيرها وجميع حيثياتها ، إما لغلبة العاطفة بحكم الولاء والانتماء ، أو تقية من سلطان حاكم يخشى بطشه ، أو خوفاً من هياج رعاع الناس حيث لا تحتمل نفوسهم قساوة المصارحة ، ويبدو أنّ المسعودي كان يعيش تلك الدوّامة ، فأعرض عن ذكر الكلام الكثير لأبي بكر.

وفي كتابه ما ستأتي الإشارة إليه من جناية الناشرين أو المحققين عند ذكر ما ننقله من نصوص يجب أن تقرأ بإمعان في الفصل الثالث.

١١ ـ كتاب ( إعجاز القرآن ) للباقلاني ( ت ٤٠٣ ه‍ ) ، وهو معروف بتعصبه ، ومن يقرأ كتابه ( التمهيد ) لا يحتاج في إثبات نُصبه إلى مزيد.

فهذا نقل في كتابه إعجاز القرآن(١) بتعليق السلفي محب الدين الخطيب : روى خبر دخول عبد الرحمن بن عوف على أبي بكر ، ولكنه بتر المثلثات كلّها جملة وتفصيلاً ، ومن الطبيعي أن لا يعلّق محب الدين الخطيب منبهاً على ذلك.

غير أنّ الكتاب أعيد طبعه في دار المعارف بتحقيق السيد أحمد صقر ، وكان بحق صقراً حيث انقضّ على ما ذكره المبرّد في تفسير بعض جمل الخبر ، وأشار في الهامش إلى ذلك ، ولم يذكر عن المثلثات المحذوفة شيئاً(٢) .

كما لم يشر في الهامش إلى تاريخ الطبري والعقد الفريد اللذين ورد فيهما الخبر بتمامه وكماله مشتملاً على المثلثات ، وأحسبه فعل ذلك لئلاّ يحرج نفسه ويجرح عاطفة قرّائه.

__________________

(١) إعجاز القرآن : ١١٦.

(٢) إعجاز القرآن : ٢١٠ ـ ٢١١.

١٧١

١٢ ـ كتاب ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم الأصبهاني ( ت ٤٣٠ ه‍ ) ، أطنب مترجموه في الثناء عليه حتى قال فيه ابن مردويه : كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه ، لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه ، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده ، وكلّ يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قريب الظهر ، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزؤه ، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف )(١) .

وهذا الحافظ ممّن بتر المثلثات من حديث أبي بكر كما صنع في حلية الأولياء(٢) .

١٣ ـ وعلى سبيل من مضى جرى من أتى بعدهم حتى من الباحثين المحدثين.

فهذا أحمد زكي صفوت ذكر في كتابه جمهرة خطب العرب(٣) حديث عبد الرحمن بن عوف مع أبي بكر في مرضه الذي مات فيه ، وذكر كلام من الرجلين إلاّ مثلثات أبي بكر فقد بترها ، مع أنّه ذكر في مصادره تاريخ الطبري والعقد الفريد ، واعتمد عليهما في نقل الخبر ، لكنه فيما يبدو يعيش أزمة تاريخ في ذمة مؤرخ ، فاقتطع ما ذكره وترك ما لا يعجبه ذكره ، حفاظاً على قداسة الموروث.

* * *

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ : ١٠٩٦.

(٢) حلية الأولياء ١ : ٣٤.

(٣) جمهرة خطب العرب ١ : ٧٨.

١٧٢

الفصل الثاني

١٧٣

١٧٤

١ ـ ما هي الأحداث ؟

في هذا الفصل نقرأ أولاً ما هي الأحداث ، وما ينبغي للباحث الرجوع إليه من اشتات روايات متناثرة تناثر النجوم في الأفق السحيق.

وحبذا لو كانت الروايات فقط منثورة ، ولكن العناء يزداد حين نجدها مبتورة ، وقد رواها الخلف عن السلف على ما فيها من تهويش وتشويش.

ومع ذلك كله ، فلم يصلنا من تسجيل الحدَثَ الذي يعنينا أمره في المقام ، وهو ما يتعلّق بسيدنا ( المحسن السبط ) إلاّ القليل القليل ، لم يلم بجميع حيثياته ، ومع ذلك فذلك القليل المتناثر يكشف جوانباً مهمة عن الأزمات التي أحاطت بجوانب الحدَثَ ، حتى لم تستطع قوى الدفاع بكل ما لديها من قوة وحيلة دفع التساؤل ، أو تجيب على ما قيل ويقال حول ذلك الحدَثَ.

وأنّى لمن يحاول الغمغمة في الجواب أن يفعل شيئاً ، ولا يزال شريط الأنباء ـ كما يقال اليوم ـ يعيد للناس ما تحتفظ به الذاكرة من أخبار إدانة لا تحتمل التبرير ولا يلفها التحوير ، ومن ذلك ما قاله أبو بكر لعمر : ( إئتني بعليّ بأعنف العنف ) لماذا ؟

والجواب حاضر على البديهة : لأنّه لم يبايع ، ومن لم يبايع فسيلقى أقسا العقاب ، وأخيراً فعليه القتل ، هكذا تقول الروايات كما ستأتي النصوص بحذافيرها.

ومن ذلك ما جاء أنّ عمر جاء بقبس من نار ، ومعه عصابة من المهاجرين والأنصار ، ومنهم يحملون الحطب إلى بيت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهدّد

١٧٥

عمر بإحراق البيت على من فيه ، وخرجت فاطمةعليها‌السلام تدافع وتمانع ، واستنكرت فئات من الناس تهديد عمر ، وخافوا وقوع الكارثة إن نفّذ تهديده ، فقالوا له فيما ظنّوه ردعاً ومنعاً : إنّ في البيت فاطمةعليها‌السلام ، قال : وإن(١) .

وجاء انّ فاطمة قالت لعمر : أتراك محرقاً عليّ بابي ؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوكِ ، فولولت وبكت وصاحت : ياأبتاه ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب(٢) .

وجاء أنّ عمر ومن معه زحموا الباب وزخموا فاطمة ، فتلقت الرفسة والعصرة ، وأخيراً إسقاط جنينها المحسن.

وجاء أنّ الزبير ثار بسيفه فأخذوه وضربوا بسيفه على صخرة ، واقتيد إلى خارج الدار ، وسلموه بيد خالد بن الوليد.

وجاء أنّهم أخرجوا علياً وقادوه كالفحل المخشوش(٣) ، وأخرجوا من كان معه في البيت ، وكانوا جماعة بني هاشم ومن الصحابة لا يتجاوزون عدد الأصابع ، كما ستأتي أسماؤهم.

وجاء أنّ علياً أوقفوه بين يدي أبي بكر وقالوا له : بايع ، فقال : إن لم أفعل ؟ قالوا : تقتل ، فقال : تقتلون عبداً لله وأخاً لرسوله ، فقالوا : أما عبداً لله فنعم ، وأما أخا رسوله فلا.

وجاء أنّ فاطمةعليها‌السلام خرجت خلفه لتخليصه من أيدي القوم ، وارتفع صوتها تستغيث قائلة : يا أبتاه ماذا لقينا بعدك من ابن أبي قحافة وابن الخطاب.

__________________

(١) تاريخ الخلفاء الراشدين ( الإمامة والسياسة لابن قتيبة ) ، كما سيأتي.

(٢) أنساب الأشراف ، كما سيأتي.

(٣) كما في كتاب معاوية وسيأتي نصه.

١٧٦

وجاء أنّ أبا بكر لم يستجب لإلحاح عمر على قتل عليّ ، وقال له : أنّي لا أكرهه ما دامت فاطمة إلى جانبه.

وجاء أنّ فاطمة جاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها ، فردها أبو بكر بخبره المكذوب : ( إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ) ، وجاء أنّ فاطمة طالبته بالنحلة فردها ، وجاء أنّها طالبته بسهم ذوي القربى فلم يستجب لها ، وهكذا جاء أنّها هجرته مغاضبة له فلم تكلمه حتى ماتت وهي غضبى عليه(١) .

* * *

__________________

(١) ستأتي الإشارة إلى مصادرها.

١٧٧

٢ ـ وقفة عند الأحداث :

تلكم أبعاد الصورة التي وصلت إلينا عن الأحداث ، ولا شك أنّها بقية من ملامح الصورة التي حفظتها ذاكرة الرواة والمؤرخين ، وربما سمحت أولم تسمح بها سلطات الحاكمين ، كما لا شك بأنّ الصورة أصابها من التلميع والتصنيع ، إمعاناً في تضييع التشنيع.

لذلك تبينت الصورة باهتة الألوان أحياناً كثيرة ، وربما غير متناسقة الأبعاد ، لاختلاف التسجيل تبعاً للأهواء والآراء ، لكن الحاسة السادسة ـ كما يقولون ـ لها عملها في استنطاق الصورة عما محي منها ، وما بقي معها من خشخشة ووشوشة.

ولا شك أنّ المسلم الواعي لدينه تصيبه الصدمة حين يقرأ تلك الأحداث المروعة والمفزعة المفجعة ، كيف يمكن له أن يصدق أنّ رموز الصحابة الّذين عاصروا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعايشوه سفراً وحضراً ، هم الّذين قاموا بذلك ، كيف لم يمنعهم طول الصحبة ، ولا علقة المصاهرة ، ولا سابقة الإسلام ، عن ارتكاب ما جرى ؟

كيف لم يرعوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاً ولا ذمّة ؟ فلم يحترموا قرباه بمودة جعلها الله تعالى أجر رسالته فقال :( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ٰ) (١) .

__________________

(١) سورة الشورى : ٢٣ وانظر الكشاف للزمخشري ٤ : ٢١٩ , وتفسير مفاتيح الغيب للرازي ٢٧ : ١٦٦ , ومستدرك الحاكم ٣ : ١٧٢ , تجد أنّ الآية الكريمة نزلت في ( عليّ وفاطمة وابناهما ). وروى ابن حجر المكي في صواعقه في الفصل الأول من الباب : ١١ في تفسير الآية : ١٤ من الآيات التي أوردها في

١٧٨

كيف استطاعوا أن يرتكبوا مأثماً ما له من نظير ؟ فأرادوا أن يحرقوا بيت عليّ وفاطمة عليهما وعلى ولديهما ومن فيه ، وذلك البيت هو الذي بالأمس القريب كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتيه ، فيقف عند بابه كلّ صباح طيلة تسعة أشهر ويقرأ قوله تعالى :( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) .

كيف صمّت أسماعهم عن صوت نبيهم ، وهو لا يزال يرنّ في مسمع الدهر يقول لأصحابه : « أوصيكم بأهل بيتي خيراً »(٢) .

وهكذا تتوالى الصدمات كلّما توالت الاستفهامات كيف وكيف ، وتزداد عنفاً حين تتوثق الروايات ، ويبقى القارئ في حيرة من أمره بين التصديق والتشكيك ، كيف جرى ما جرى ؟! فالخطب جليل ، والرزء عظيم ، والذوات صحابة من الرعيل الأول ، أضفيت عليهم ابراد القداسة ، من نسج الحاكمين والسياسة.

__________________

فضل أهل البيت فقال : أخرج أحمد والطبراني والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« عليّ وفاطمة وابناهما » .

(١) الأحزاب : ٣٣ ؛ راجع كتاب : ( عليّ إمام البررة ١ : ٣٧١ ـ ٨ ـ ٤ ) , تجد أسماء الرواة ، وقد ناهزوا العشرين ، والمصادر وقد نيفت على المائة ، كلّها ذكرت اختصاص الآية بالخمسة الأطهار : النبي وعلي والزهراء والحسن والحسينعليهم‌السلام .

(٢) جاء في ذخائر العقبى : ١٨ ، قال ( صلّى الله عليه وسلّم ) :« استوصوا بأهل بيتي خيراً ، فإني أخاصمكم عنهم غداً ، ومن أكن خصمه أخصمه ، ومن أخصمه دخل النار » . أخرجه أبو سعد والملا في سيرته.

وجاء في مسند أحمد من حديث أبي سعيد قال ( صلّى الله عليه وسلّم ) :« إنّي أوشك أن ادعى فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي ، أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا فيما تخلفوني فيهما » .

وجاء في صواعق ابن حجر : ٨٩ ـ ٩٠ , نقلاً عن الطبراني عن ابن عمر , أنّ آخر ما تكلّم به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أخلفوني في أهل بيتي » وهذه هي المودة الثالثة التي ابتلعها الرواة في حديث الرزية كما في ( موسوعة عبد الله بن عباس ).

١٧٩

ولعل أشدها عنفاً تلك الصدمة التي تكاد تذهب بلب القارئ دهشة وحيرة ، حين يقرأ ما أخرجه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص والسبكي في شفاء الغرام ، والأمر تسري في أرجح المطالب(١) فدخل حديث بعضهم في بعض :

( انّ عمر بن الخطاب سمع رجلاً يذكر علياً بشر ، فقال : ويلك تعرف مَن في هذا القبر ؟ ـ وأشار إلى قبر رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ـ فسكت الرجل ، فقال عمر : محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ، وهذا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ، قبّحك الله فقد آذيت رسول الله في قبره ، لا تذكروا علياً إلاّ بالخير ، إن تنقّصته آذيت صاحب القبر ، إذا آذيت علياً فقد آذيته ).

فمن يقرأ هكذا خبراً عن عمر ، ألا يصاب بالدهشة والحيرة ؟ فيسأل عن عمر أين غاب عنه ذلك الوعي يوم جاء بقبس من نار ليحرق البيت على من فيه ؟

وهل إنّ ما ذكره من تقبيح في الدعاء على من تنقّص علياً بلسانه ، لا يشمل من جاء ليحرق عليه بيته ؟ وهل أن إيذاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخص من تنقّص علياً بلسانه فحسب ، فلا يشمل من آذاه وأخرجه يتلّه بعنف ؟ فهل من جواب عند الحساب لمن يقرأ ( إنّ السكينة تنطق على لسان عمر ) ؟ فأين غابت عنه تلك السكينة المزعومة حينما هدّد بإحراق بيت فاطمة فقال له الناس : انّ في الدار فاطمة ، وهو يعلم ذلك ، وإنما قالوا له ذلك تنبيهاً على عظيم الخطر لو تطاير من البيت الشرر ، لكن أبا حفص قال : ( وإن ) غير مبالٍ بما سيكون.

أو ليس من حق القارئ أن يصارح بأنّ الّذين جاؤوا بالحطب والنار وأرادوا إحراق الباب كانوا معتدين ظالمين ، وبايذائهما علياً آذوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقوله : « من آذى علياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله »(٢) .

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٤٩ ، شفاء الغرام : ٢٠٧ ، أرجح المطالب : ٥١٥.

(٢) راجع كتاب ( علي إمام البررة ) ١ : ١٣٤ ـ ١٤٠ ، و ٢ : ١٢٥ ـ ١٣٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628