لأكون مع الصادقين

لأكون مع الصادقين0%

لأكون مع الصادقين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 449

لأكون مع الصادقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور محمد التيجاني السماوي
الناشر: ستارة
تصنيف: الصفحات: 449
المشاهدات: 54650
تحميل: 7093

توضيحات:

لأكون مع الصادقين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54650 / تحميل: 7093
الحجم الحجم الحجم
لأكون مع الصادقين

لأكون مع الصادقين

مؤلف:
الناشر: ستارة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الاختلاف في الثقلين

عرفنا فيما سبق ومن خلال الأبحاث المتقدّمة رأي الشيعة وأهل السنّة في الخلافة ، وما فعله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تجاه الأُمّة على قول الفريقين.

فهل ترك رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأُمّته شيئاً تعتمد عليه وترجع إليه في ما قد يقع فيه الخلاف الذي لابدّ منه ، والذي سجّله كتاب اللّه بقوله تعالى :

( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللّهَ وَأطِيعُوا الرَّسُولَ وَاُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإنْ تَـنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأحْسَنُ تَأوِيلا ) (1) ؟!

نعم ، لابدّ للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يترك للأُمّة قاعدة ترتكز عليها ، فهو إنّما بُعث رحمة للعالمين ، وهو حريصٌ على أن تكون أُمّته خير الأُمم ولا تختلف بعده ، ولهذا روى عنه أصحابه والمحدّثون بأنّه قال :

__________________

1 ـ النساء : 59.

٢٠١

« تركتُ فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا علىَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

وهذا الحديث صحيح ثابت أخرجه المحدّثون من الفريقين السنّة والشيعة ، ورووه في مسانيدهم وفي صحاحهم عن طريق مايزيد على ثلاثين صحابياً.

وبما أنّني وكالعادة لا أحتج بكتب الشيعة ولا بأقوال علمائهم ، فكان لزاماً عليَّ أن أذكر فقط علماء السنّة الذين أخرجوا حديث الثقلين معترفين بصحته حتى يكون البحث دائماً موضوعياً يتصف بالعدل والإنصاف ( وإن كان العدل والإنصاف يقتضي ذكر قول الشيعة أيضاً ).

وهذه قائمة وجيزة عن رواة هذا الحديث من علماء السنّة :

1 ـ صحيح مسلم ، كتاب فضائل علي بن أبي طالب 7 : 122.

2 ـ صحيح الترمذي 5 : 328.

3 ـ الإمام النسائي في خصائصه : 21.

4 ـ الإمام أحمد بن حنبل 3 : 17.

5 ـ مستدرك الحاكم 3 : 109.

6 ـ كنز العمّال 1 : 154.

٢٠٢

7 ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 2 : 194.

8 ـ جامع الأُصول لابن الأثير 1 : 187.

9 ـ الجامع الصغير للسيوطي 1 : 353.

10 ـ مجمع الزوائد للهيثمي 9 : 163.

11 ـ الفتح الكبير للنبهاني 1 : 451.

12 ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 12.

13 ـ تاريخ ابن عساكر 5 : 436.

14 ـ تفسير ابن كثير 4 : 113.

15 ـ التاج الجامع للأُصول 3 : 308.

أضف إلى هؤلاء ابن حجر الذي ذكره في كتابه الصواعق المحرقة معترفاً بصحته(1) ، والذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته على شرط الشيخين(2) ، والخوارزمي الحنفي(3) ، وابن المغازلي الشافعي(4) ، والطبراني في معجمه(5) ، وكذلك صاحب السيرة النبوية في هامش

__________________

1 ـ الصواعق المحرقة 2 : 437 ( الآية الرابعة من الآيات الواردة في فضلهم ).

2 ـ راجع المستدرك للحاكم مع تلخيص الذهبي 3 : 109 ، كتاب معرفة الصحابة ، باب مناقب أهل بيت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

3 ـ المناقب للخوارزمي : 154 ح 182.

4 ـ المناقب لابن المغازلي : 234.

5 ـ المعجم الكبير 3 : 65 ح 2678.

٢٠٣

السيرة الحلبية ، وصاحب ينابيع المودة(1) وغيرهم ...

فهل يجوز بعد هذا أن يدّعي أحد أن حديث الثقلين « كتاب اللّه وعترتي » لا يعرفه أهل السنّة ، وإنما هو من موضوعات الشيعة؟!

قاتل اللّه التعصّب والجمود الفكري والحميّة الجاهلية.

إذن ، فحديث الثقلين الذي أوصى فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتمسّك بكتاب اللّه وعترته الطاهرة ، هو حديث صحيح عند أهل السنّة كما مرّ علينا ، وعند الشيعة هو أكثر تواتراً وسنداً عن الأئمة الطاهرين.

فلماذا يشكّك البعض في هذا الحديث ، ويحوّلون جهدهم أن يبدّلوه بـ « كتاب اللّه وسنّتي »؟! ورغم أنّ صاحب كتاب « مفتاح كنوز السنّة » يخرّج في صفحة 478 بعنوان « وصيّته ( ص ) بكتاب اللّه وسنّة رسوله » نقلاً عن البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة ، غير أنّك إذا بحثت في هذه الكتب الأربعة المذكورة فسوف لن تجد إشارة من قريب أو من بعيد إلى هذا الحديث ، نعم قد تجد في البخاري « كتاب الاعتصام في الكتاب والسنّة » ولكنّك لاتجد لهذا الحديث وجوداً!!

وغاية ما يوجد في صحيح البخاري وفي الكتب المذكورة

__________________

1 ـ ينابيع المودة 1 : 99 ح 13.

٢٠٤

حديث يقول : « حدّثنا طلحة بن مصرف قال : سألت عبد اللّه بن أبي أوفى رضي اللّه عنهما : هل كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى؟ فقال : لا ، فقلت : كيف كُتِبَ على الناس الوصية أو أمُروا بالوصيّةِ؟ قال : أوصَى بكتاب اللّه »(1) .

ولا وجود لحديث لرسول اللّه يقول فيه : « تركتُ فيكم الثقلين كتاب اللّه وسنّتي » ، وحتّى على فرض وجود هذا الحديث في بعض الكتب فلا عبرة به ، لأنّ الإجماع على خلافه كما تقدّم.

ثمّ لو بحثنا في حديث « كتاب اللّه وسنّتي »(2) لوجدناه لايستقيمُ مع الواقع ، لا نقلاً ولا عقلاً.

ولنا في ردّه بعض الوجوه :

الوجه الأول :

اتفق المؤرّخون والمحدّثون بأنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منع من كتابة أحاديثه ، ولم يدّع أحد أنّه كان يكتب السنّة النبوية في عهدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

1 ـ صحيح البخاري 3 : 186 ، كتاب الوصايا باب الوصايا ، وانظر : سنن الترمذي 3 : 293 ح 2202 ، سنن ابن ماجة 2 : 900 ح 2696 ، مسند أحمد 4 : 354.

2 ـ أورده العقيلي في الضعفاء الكبير 2 : 251 رقم 804 ترجمة عبد اللّه بن داهر ، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 4 : 69 ترجمة صالح بن موسى الطلحي.

٢٠٥

فقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تركتُ فيكم « كتاب اللّه وسنّتي » لا يستقيم.

أمّا بالنسبة لكتاب اللّه فهو مكتوب ومحفوظ في صدور الرجال ، وبإمكان أيّ صحابي الرجوع إلى المصحف ولو لم يكن من الحفّاظ.

أمّا بالنسبة للسنّة النبويّة فليس هناك شيء مكتوب أو مجموعٌ في عهدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالسنّة النبوية كما هو معلوم ومتفق عليه كلّ ما قاله الرسول أو فعله أو أقرّهُ ، ومن المعلوم أيضاً أنّ الرسول لم يكن يجمع أصحابه ليعلّمهم السنّة النبوية ، بل كان يتحدّث في كلّ مناسبة ، وقد يحضر بعضهم وقد لا يكون معه إلاّ واحداً من أصحابه ، فكيف يمكن للرسول والحال هذه أن يقول لهم : تركتُ فيكم سنّتي؟

الوجه الثاني :

لمّا اشتدّ برسول اللّه وجعه ، وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام ، طلب منهم أن يأتوه بالكتف والدواة ليكتُب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ رسول اللّه ليهجر وحسبُنا كتاب اللّه(1) !

فلو كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قال لهم من قبل تركتُ : فيكم « كتاب

__________________

1 ـ مضى تخريجه فيما تقدم ، وذكرنا أنّ عمر هو الذي نسب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الهجر نقلا عن الغزالي وسبط ابن الجوزي وابن الأثير وابن تيمية والجوهري ، وتقدّم في كتاب « ثمّ اهتديت » الردّ على بعض الاعتراضات الواردة للتشكيك في هذه الحادثة.

٢٠٦

اللّه وسنّتي » لما جاز لعمر بن الخطاب أن يقول : حسبُنا كتاب اللّه! لأنّه بذلك يكون هو والصحابة الذين قالوا بمقالته رادّين على رسول اللّه ، ولا أظنّ أنّ أهل السنّة والجماعة يرضون بهذا.

ولذلك فهمنا أنّ الحديث وضعه بعض المتأخّرين الذين يعادون أهل البيت ، وخصوصاً بعد إقصائهم عن الخلافة ، وكأنّ الذي وضع حديث « كتاب اللّه وسنّتي » استغرب أن يكون الناس تمسّكوا بكتاب اللّه وتركوا العترة واقتدوا بغيرهم ، فظنّ أنّه باختلاق الحديث سيصححّ مسيرتهم ، ويُبعدُ النقد والتجريح عن الصحابة الذين خالفوا وصية رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الوجه الثالث :

من المعروف أنّ أوّل حادثة اعترضت أبا بكر في أوائل خلافته هي قراره محاربة مانعي الزكاة ، رغم معارضة عمر بن الخطاب له واستشهاده بحديث رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من قال : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه عصم منّي ماله ودمه إلاّ بحقّها وحسابه على اللّه »(1) .

فلو كانت سنّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معلومة ما كان أبو بكر يجهلها ، وهو أولى الناس بمعرفتها.

__________________

1 ـ مسند أحمد 1 : 47 ، صحيح البخاري 8 : 50 ، كتاب استتابة المرتدّين ، باب قتل من أبي قبول الفرائض.

٢٠٧

ولكنّ عمر بعد ذلك اقتنع بتأويل أبي بكر للحديث الذي رواه ، وقول أبي بكر بأنّ الزكاة هي حقّ المال ، ولكنّهم غفلوا أو تغافلوا عن سنّة الرسول الفعلية التي لا تقبل التأويل ، وهي قصّة ثعلبة الذي امتنع عن دفع الزكاة لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل فيه قرآن ، ولم يقاتله رسول اللّه ولا أجبره على دفعها(1) .

وأين أبو بكر وعمر عن قصة أُسامة بن زيد الذي بعثه رسول اللّه في سرية ، ولمّا غشىَ القوم وهزمهم لحق رجلاً منهم ، فلمّا أدركه قال : لا إله إلاّ اللّه! فقتله أُسامة ، ولمّا بلغ النبي ذلك قال : « يا أُسامة أقتلته بعدما قال : لا إله إلاّ اللّه »؟ قال : كان متعوّذاً. فما زال يكرّرها حتى تمنيتُ أنّي لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم(2) .

ولكلّ هذا لايمكن أن نصدّق بحديث « كتاب اللّه وسنّتي » لأنّ الصحابة أوّل من جهل السنّة النبوية ، فكيف بمن جاء بعدهم ، وكيف بمن بَعُدَ مسكنه عن المدينة؟

__________________

1 ـ تفسير ابن كثير 2 : 490 سورة التوبة ، آية 75 ، الدر المنثور 3 / 467 ، التفسير الكبير 16 / 105 ، روح المعاني 10 / 332 ، وغيرها من المصادر التي ذكرت سبب نزول الآية.

2 ـ صحيح البخاري 5 : 88 ، باب قول اللّه تعالى :( من أحياها ) ، وصحيح مسلم أيضاً1 : 68 ، كتاب الإيمان ، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال : لا إله إلاّ اللّه.

٢٠٨

الوجه الرابع :

من المعروف أيضاً أنّ كثيراً من أعمال الصحابة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت مخالفة لسنّته.

فأمّا أن يكون هؤلاء الصحابة يعرفون سنّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخالفوها عمداً ، اجتهاداً منهم في مقابل نصُوص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهؤلاء ينطبق عليهم قول اللّه سبحانه وتعالى :( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أمْراً أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِيناً ) (1) .

وإمّا أنهم كانوا يجهلون سنّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يحقّ لرسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحال هذه أن يقول لهم : تركتُ فيكم سنّتي ، وهو يعلم أنّ أصحابه وأقرب الناس إليه لم يحيطوا بها علماً ، فكيف بمن يأتي بعدهم ولم يعرفوا ولم يشاهدوا النبي؟!

الوجه الخامس :

من المعلوم أيضاً أنّه لم تدوّن السنّة إلاّ في عهد الدولة العبّاسية ، وأنّ أوّل كتاب كُتبَ في الحديث هو موطأ الإمام مالك ، وذلك بعد الفتنة الكبرى ، وبعد واقعة الحرّة واستباحة المدينة المنوّرة ، وقتل الصحابة فيها صبراً ، فكيف يطمئنّ الإنسان بعد ذلك إلى رواة تقرّبوا

__________________

1 ـ الأحزاب : 36.

٢٠٩

للسلطان لنيل الدنيا ، ولذلك اضطربتْ الأحاديث وتناقضت وانقسمت الأُمّة إلى مذاهب ، فما ثبت عند هذا المذهب لم يثبتْ عند غيره ، وما صحّحه هذا يكذّبه ذاك.

فكيف نُصدّق بأنّ رسول اللّه قالَ : « تركتُ كتاب اللّه وسنّتي » ، وهو الذي كان يعلمُ بأنّ المنافقين والمنحرفين سوف يكذبون عليه ، وقد قال : « كثرتْ علىّ الكذّابة ، فمن كذب علىّ فليتبوأ مقعده من النار »(1) .

فإذا كانت الكذّابة قد كثرت في حياته ، فكيف يُكلّف أُمّتهُ بإتّباع سنّته ، وليس لهم معرفة بصحيحها من سقيمها ، وغثّها من سمينها؟!

الوجه السادس :

يروي أهل السنّة والجماعة في صحاحهم بأنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك ثقلين ، أو خليفتين ، أو شيئين ، فمرّة يروون كتاب اللّه وسنّة رسوله ، ومرّة يروون عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي(2) ، ومعلوم بالضرورة أنّ الحديث التالي يضيف إلى كتاب اللّه

__________________

1 ـ صحيح البخاري 1 : 35كتاب العلم ، باب اثم من كذب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مسند أحمد 1 : 78 ، سنن الدارمي 1 : 76 ، باختلاف في الألفاظ ، ومن دون قوله : ( كثرت عليّ الكذابة ).

2 ـ مسند أحمد 4 : 126 ، سنن أبي داوود 4607 ، سنن الترمذي 4 : 149

٢١٠

وسنّة رسوله سنّة الخلفاء ، فتصبح مصادر التشريع ثلاثة بدلاً من اثنين!! وكلّ هذا يتنافى مع حديث الثقلين الصحيح والمتّفق عليه من السنّة والشيعة ، ألا وهو « كتاب اللّه وعترتي » والذي قدّمناه في ذكره أكثر من عشرين مصدراً من مصادر أهل السنّة الموثوقة ، فضْلاً عن مصادر الشيعة التي لم نذكرها.

الوجه السابع :

إذا كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلَمُ علم اليقين بأنّ أصحابه الذين نزل القرآنُ بلغتهم ولهجاتهم ـ كما يقولون ـ لم يعرفوا كثيراً من تفسيره ولا تأويله ، فكيف بمن يأتي بعدهم؟! وكيف بمن يعتنق الإسلام من الروم والفرس والحبش ، وكلّ الأعاجم الذين لا يفهمون العربية ولا يتكلّمونها؟!

وقد ثبت في الأثر أنّ أبا بكر سُئِل عن قوله تعالى :( وَفَاكِهَةً وَأبّاً ) (1) فقال : أيّ سماء تظلّني ، وأيّ أرض تقلّني أن أقول في كتاب اللّه ما لا أعْلم(2) .

__________________

ح 2816 وقال : « حديث حسن صحيح » ، وصححه ابن حبان 102 ، والحاكم 1 : 95 ، ووافقه الذهبي.

1 ـ عبس : 31.

2 ـ المصنّف لابن أبي شيبة 7 : 179 ح 5 ، فتح الباري 13 : 229 ، كنز العمال

٢١١

كما أنّ عمر بن الخطاب أيضاً لم يعرف هذا المعنى ، فعن أنس بن مالك قال : إنّ عمر بن الخطاب قرأ على المنبر : « فأنبتنا فيها حبّاً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غُلباً وفاكهة وأبّا ».

قال : كلّ هذا عرفناه ، فما الأب؟ ثمّ قال : هذا لعمر اللّه هو التكلّف ، فما عليك أن لا تدري ما الأب ، اتّبعوا ما بُيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه «(1) .

[ الاختلاف في السنّة النبوية ] :

وما يُقالُ هنا في تفسير كتاب اللّه يقالُ هناك في تفسير السنّة النبوية الشريفة ، فكم من حديث نبوي بقي موضع خلاف بين الصحابة ، وبين المذاهب ، وبين السنّة والشيعة ، سواء كان الخلاف ناتجاً عن تصحيح الحديث أو تضعيفه ، أم عن تفسير الحديث وفهمه.

__________________

2 : 227 تحت الرقم 4150 و 4151 و 4688 ، جامع البيان 1 : 55 ، تفسير القرطبي 19 : 223 ، تفسير ابن كثير 14 : 504 ، الدر المنثور 5 : 33 ، البرهان للزركشي 1 : 265 ، فتح القدير 5 : 387 ، وغيرها من المصادر الأُخرى.

1 ـ الطبقات لابن سعد 3 : 327 ، تفسير القرآن لعبد الرزاق 3 : 349 ، تفسير القرطبي 19 : 223 ، فتح القدير 5 : 387 ، فتح الباري 13 : 229 ، المستدرك للحاكم : ( تفسير سورة عبس ) وصحّحه ، وتابعه الذهبي ، تفسير ابن كثير 3 : 608 سورة عبس وصححه ، البرهان للزركشي 1 : 295.

وللمزيد راجع : الغدير 6 : 142 جهل الخليفة بمعنى الأبّ.

٢١٢

وللتوضيح أُقدّم للقارئ الكريم بعض الأمثلة عن ذلك :

1 ـ الخلاف بين الصحابة في صحّة الحديث أو كذبه :

هذا ما وقع لأبي بكر في أوّل أيامه عندما جاءته فاطمة الزهراء تطالبه بتسليم فدك التي أخذها منها بعد وفاة أبيها ، فكذّبها في ما ادّعته من أنّ أباها رسول اللّه أنحلها إياها في حياته ، كما أنها لما طالبته بميراث أبيها ، قال لها بأنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ».

فكذّبته هي الأُخرى في نسبة هذا الحديث لأبيها وعارضته بكتاب اللّه ، واشتدّ النزاع والخلاف حتّى ماتت وهي غاضبة عليه ، مهاجرة له لا تكلمه ، كما ورد ذلك في صحيحي البخاري ومسلم(1) .

كذلك اختلاف عائشة أُمّ المؤمنين مع أبي هريرة في الذي يصبحُ

__________________

1 ـ صحيح البخاري 4 : 42 ، كتاب فرض الخمس وفيه : « فغضبت فاطمة بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت » ، ونحوه في 5 : 83 كتاب المغازلي ، باب غزوة خيبر ، وفي 8 : 3 كتاب الفرائض ، باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نورث ، ولفظه : « فهجرته فاطمة فلم تكلّمه حتى ماتت ».

وفي صحيح مسلم 5 : 154 ، ( كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نورث ) ، ولفظه : « فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت ».

٢١٣

جنباً في رمضان ، فكانت ترى صحة ذلك ، بينما يرى أبو هريرة أنّ من أصبح جنباً أفطر ، وإليك القصّة بالتفصيل :

أخرح الإمام مالك في الموطأ ، والبخاري في صحيحه عن عائشه وأُم سلمه زوجي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّهما قالتا : كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصبح جُنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم.

وعن أبي بكر بن عبدالرحمن قال : كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة ، فذكر له أن أبا هريرة يقول : من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم ، فقال مروان : أقسمت عليك يا عبدالرحمن لتذهبن إلى أُمّ المؤمنين عائشة وأُمّ سلمة فلتسألنهما عن ذلك ، فدهب عبدالرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة ، فسلّم عليها ثمّ قال : يا أُمّ المؤمنين إنّا كنا عند مروان بن الحكم ، فذكر له أن أبا هريرة يقول : من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم ، قالت عائشه : ليس كما قال أبو هريرة يا عبدالرحمن ، أترغب عمّا كان رسول اللّه يصنع؟ فقال عبدالرحمن : لا واللّه ، قالت عائشة : فأشهد على رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثمّ يصوم ذلك اليوم.

قال : ثمّ خرجنا على أُمّ سلمة فسألها عن ذلك ، فقالت مثلما قالت عائشة ، قال : فخرجنا حتى جئنا مروان بن الحكم ، فذكر له عبدالرحمن ما قالتا ، فقال مروان : أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن

٢١٤

دابتي فإنّها بالباب ، فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنّه بأرضه بالعقيق فلتخبرنه ذلك ، فركب عبدالرحمن وركبت معه حتى أتينا أبا هريرة ، فتحدّث معه عبدالرحمن ساعة ، ثُمَ ذكر له ذلك ، فقالَ له أبو هريرة : لا علم لي بذاك إنّما أخبرنيه مخبر(1) .

انظر أخي القارئ إلى صحابي مثل أبي هريرة الذي هو عند أهل السنّة راوية الإسلام ، كيف يفتي بأحكام دينية على الظنّ ينسبها إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو لايعلمُ حتّى من أخبره بها(2) .

__________________

1 ـ الموطأ لمالك 1 : 190 كتاب الصيام ، باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنباً في رمضان ، صحيح البخاري 2 : 233 ، كتاب الصوم ، باب الصائم يصبح جنباً.

وفي سير أعلام النبلاء 2 : 608 ترجمة أبي هريرة ) : « قال يزيد بن هارون : سمعت شعبة يقول : كان أبو هريرة يدلّس ».

قال الحافظ ابن كثير في البداية 8 : 109 : « وكأنّ شعبة يشير بهذا إلى حديث : « من أصبح جنباً فلا صيام له » ، فإنّه لمّا حقّق عليه قال : أخبرنيه مخبر ، ولم يسمعه من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وقد حاول الذهبي ترقيع هذا الفتق ـ وهو تدليس أبي هريرة ـ فقال في المصدر المتقدّم : « تدليس الصحابة كثير ، ولا عيب فيه ».

فاقرأ واعجب لمباني القوم وأعذارهم!!

2 ـ كما مرّ في رواية الموطأ ، أمّا في سائر الصحاح والمسانيد فقد اضطربت الآثار ، فإنّ أبا هريرة تارة ينسبه إلى النبي ويقول : « إنّ رسول اللّه كان يأمر

٢١٥

قصّة أخرى لأبي هريرة يتناقضُ فيها مع نفسه

روى عبداللّه بن محمّد ، حدّثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معمّر ، عن الزهري ، عن أبي مسلمة ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا عدوى ولا صفر ولا هامة » ، فقال أعرابىّ : يارسول اللّه فما بالُ الإبلِ تكونُ في الرمْلِ كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجربُ فيُجربها؟ فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فمنْ أعدى الأوّلَ »(1) .

__________________

بالفطر » ، وتارة يقول : « كنت حدثتكم : من أصبح جنباً فقد أفطر ، فإنّما ذلك من كيس أبي هريرة ، فمن أصبح جنباً فلا يفطر » ، ثمّ إنّه مرّة أحال سماعه إلى الفضل بن العباس ، ومرّة إلى أسامة بن زيد ، ومرّة قال : « أخبرنيه مخبر » ، ومرة قال أيضاً : « حدّثني فلان وفلان » ، وتبعاً لهذا الاضطراب اضطربت كلمة شرّاح الحديث في تبرير موقف أبي هريرة.

انظر على سبيل المثال : فتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك 8 : 135 كتاب الصيام ، وفتح الباري لابن حجر 4 : 214.

ومن حُسن الصدف أنّ مروان أراد التثبّت من هذا الحديث فاتضح بسببه خطأ أبي هريرة ، وإلاّ لضلّ الناس بسبب فتواه وعملوا على غير سنّة النبي اعتماداً على أبي هريرة ، ولا ندري كم من الأحاديث التي رواها أبو هريرة خطأ ولم يكن مَنْ يرشده ويبيّن خطأه.

1 ـ صحيح البخاري 7 : 19 ، كتاب الطب ، باب 53 لا هامة ، صحيح مسلم 7 : 31 ، كتاب السلام ، باب لا عدوى ولا طيرة ، فتح الباري 10 : 207 ، هدي الساري 12 : 575 ، المفهم 3 : 276.

٢١٦

وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعدُ يقولُ : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لايورِدنّ ممرضُّ على مُصِحّ » ، وأنكر أبو هريرة حديثه الأوّل ، قلنا : ألم تحدّثْ أنّه لا عدْوَى ، فَرطَنَ بالحبشيِّة ، قال أبو سلمة : فما رأيته نسي حديثاً غيره ...(1) .

فهذه أيّها القاري اللبيب سنّة الرسول ، أو قُلْ ما يُنسبُ للرسول ، فمرّة يقول أبو هريرة : إنّه لا علم له بحديثه الأوّل وإنّما أخبره مُخْبرٌ ، ومرّة أُخرى عندما يجابهوه بتناقضه لا يجيبهم بشي ، وإنّما يَرطنُ بالحبشية حتّى لا يفهمه أحد.

خلاف عائشة وابن عمر :

روى ابن جريج قال : سمعتُ عطاء يُخبرُ قال : أخبرني عروةٌ بن الزبير ، قال : كنتُ أنا وابن عُمرَ مستندين إلى حجرة عائشة ، وإنّا لنسمع ضربها بالسواك تستنّ ، قال : فقلت : يا أبا عبدالرحمن اعتمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجب؟ قال : نعم ، فقلتُ لعائشة : أي أمّتاه ألا تسمعين مايقولُ أبو عبدالرحمن ، قالتْ : وما يقولُ؟ قلت : يقول : اعتمر

__________________

وانظر في المصادر المتقدّمة لترى الاضطراب في تفسير الحديثين والجمع بينهما.

وبعد كلّ هذا الاختلاف والاضطراب من قبل أبي هريرة في رواياته ، والتي يقرّ بها شرّاح الحديث من علماء أهل السنّة؛ يكون كلام صاحب كتاب ( منهج أهل البيت في مفهوم المذاهب الإسلامية ) فاقداً للاعتبار وناشئاً عن قلّة الاطلاع.

1 ـ نفس المصدر السابق.

٢١٧

النبىّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجب ، فقالت : « يغفر اللّه لأبي عبدالرحمن ، لعمري ما اعتمر في رجب ، وما اعتمر من عمرة إلاّ وإنّه لَمَعهُ » قال : وابن عمر يَسْمَعُ ، فما قال لا ولا نعمْ سكتَ(1) .

2 ـ اختلاف المذاهب في السنّة النبوية :

فإذا كان عمر وأبو بكر يختلفان في سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (2) ، وإذا كان أبو بكر يخْتلف مع فاطمة في السنّة النبوية(3) ، وإذا كان أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يختلفن في سنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (4) ، وإذا كان أبو هريرة

__________________

1 ـ صحيح مسلم 4 : 61 ، كتاب الحج ، باب بيان عدد عُمَر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صحيح البخاري 2 : 119 ، كتاب العمرة ، باب كم اعتمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

2 ـ إشارة الى اختلافهما في محاربة مانعي الزكاة ، وقد أشرنا الى المصادر فارجع إليها ( المؤلّف ).

3 ـ إشارة الى قصّة فدك وحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، أشرنا إلى المصادر ( المؤلّف ).

4 ـ إشارة إلى قصّة رضاعة الكبير التي روتها عائشة وخالف عنها أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( المؤلّف ).

انظر : صحيح مسلم 4 : 169 ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير.

٢١٨

يتناقض ويختلف مع عائشة في السنّة النبوية(1) ، إذا كان ابن عمر يختلف مع عائشة في سنّة النبي(2) ، وإذا كان عبداللّه بن عباس وابن الزبير يختلفان في السنّة النبوية(3) ، وإذا كان علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان يختلفان في السنّة النبوية(4) .

وإذا كان الصحابة يختلفون فيما بينهم في السنّة النبوية(5) حتى كان للتابعين من بعدهم أكثر من سبعين مذهباً ، فكان ابن مسعود صاحب مذهب ، وكذلك ابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وابن عيينة ، وابن جريج ، والحسن البصري ، وسفيان الثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم كثير ، ولكن المتغيّرات السياسية قضت على الجميع ولم تبقى إلاّ المذاهب الأربعة المعروفة

__________________

1 ـ إشارة إلى رواية « يصبح النبي جنباً ويصوم » والذي كذّبته عائشة ( المؤلّف ).

2 ـ إشارة إلى رواية « اعتمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعاً إحداهن في رجب » وكذّبته عائشة ( المؤلّف ).

3 ـ إشارة إلى اختلافهما في حلّية المتعة وتحريمها ( المؤلّف ).

انظر : صحيح مسلم 4 : 130 ، كتاب النكاح ، باب نكاح المتعة.

4 ـ إشارة إلى اختلافهما في متعة الحج ( المؤلّف ).

انظر : البخاري 2 : 153 ( كتاب الحج ، باب التمتع والاقران ).

5 ـ في البسملة وفي الوضوء وفي صلاة المسافر وفي الكثير من المسائل الفقهية التي لايمكن حصرها ( المؤلّف ).

٢١٩

عند أهل السنّة والجماعة.

ورغم قلّة عدد المذاهب ، إلاّ أنّهم يختلفون في أغلب المسائل الفقهية ، وذلك من أجل اختلافهم في السنّة النبوية ، فقد يبني أحدهم حكمه في مسألة طبق ما صحّحه من حديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بينما يجتهد غيره برأيه ، أو يقيس على مسألة أُخرى لفقدان النصّ والحديث.

3 ـ اختلاف السنّة والشيعة في السنّة النبوية :

أمّا اختلاف السنّة والشيعة في هذه المسألة فقد يكون لسببين رئيسين :

أحدهما : عدم صحة الحديث عند الشيعة إذا كان أحد الرواة من المطعون في عدالته ولو كان من الصحّابة ، إذ أنّ الشيعة لا يقولون بعدالة الصحابة أجمعين ، كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة.

أضف إلى ذلك أنّهم يرفضون الحديث إذا تعارض مع رواية الأئمة من أهل البيت ، فهم يقدّمون رواية هؤلاء على غيرهم مهما عَلتْ مرتبتهم ، ولهم في ذلك أدلّة من القرآن والسنّة ثابتة حتى عند خصومهم ، وقد سبق الإشارة إلى بعضها.

أمّا السبب الثاني في الاختلاف بينهما فهو ناتجٌ عن مفهوم الحديث نفسه ، إذ قد يفسّره أهل السنّة والجماعة على غير تفسير

٢٢٠