تسليك النفس إلى حظيرة القدس

تسليك النفس إلى حظيرة القدس23%

تسليك النفس إلى حظيرة القدس مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 257

تسليك النفس إلى حظيرة القدس
  • البداية
  • السابق
  • 257 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82072 / تحميل: 5963
الحجم الحجم الحجم
تسليك النفس إلى حظيرة القدس

تسليك النفس إلى حظيرة القدس

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

١

٢

تقديم آية الله جعفر السبحاني

تسليك النفس

إلى

حظيرة القدس

للعلاّمة الحلّي

أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر

(٦٤٨ - ٧٢٦هـ)

تحقيق

فاطمة رمضاني

مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)

قم - إيران

٣

٤

بسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيم

العباقرة في مرآة التاريخ

بقلم: آية الله جعفر السبحاني

المقدّمة:

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين أبي القاسم محمد وعلى عترته الطيبين الطاهرين صلاة ما دامت السماوات ذات أبراج والأرض ذات فجاج.

أمّا بعد؛

فإنّ التعرّف على مكانة العلماء البارزين وعظمتهم - الذين خدموا المجتمع الإنساني بأفكارهم وآرائهم وكتبهم وآثارهم -، يَتمُّ من خلال طريقين:

١. الرجوع إلى كلمات العلماء في حقّهم، فإنّها مرآة لشخصياتهم، وطريق لفهم جوانب حياتهم وإدراك منزلتهم العلمية.

٥

٢. الرجوع إلى الآثار التي خلّفوها على الصُّعُد الفكرية والعلمية والثقافية والتربوية.

وبهذين الطريقين يمكن التعرّف على مكانة ودور أي واحد منهم.

الكتاب الذي بين يديك أثر من آثار أحد أعلام الإسلام، والّذي اشتهر بالنبوغ والعبقرية والتقدّم في ميادين العلوم العقلية والنقلية، ألا وهو العلاّمة الحلّي (٦٤٨ - ٧٢٦هـ).

ونحن هنا كباحثين محايدين سنقوم بتحقيق هذه الشهرة الّتي لم نزل نسمعها من المشايخ العظام جيلاً بعد جيل، وذلك بإتباع الطريقين المذكورين.

كلمات في حق المؤلف

إذا ألقينا نظرة على معاجم الرجال وتراجم العلماء سنجد أنّ كلّ من ذكر العلاّمة الحلّي (رحمه الله) أو ترجم له يصفه بما يُوصف به عباقرة العلوم وجهابذة الفنون، وإليك نزراً يسيراً من كلمات الفريقين:

قال الصفدي: الإمام العلاّمة ذو الفنون، عالم الشيعة وفقيههم، صاحب التصانيف الّتي اشتهرت في حياته، وكان يصنّف وهو راكب، وكان ريّض الأخلاق، مشتهر الذكاء، وكان إماماً في الكلام والمعقولات (١) .

وقال ابن حجر: عالِم الشيعة وإمامهم ومصنّفهم، وكان آية في

____________________

(١) الوافي بالوفيات: ١٣/٨٥ برقم ٧٩ بتلخيص.

٦

الذكاء. وكان مشتهر الذكر، حسن الأخلاق (١) .

وقال أيضاً في (الدرر الكامنة): الحسن بن يوسف ابن المطهّر الحلّي الإمامي، جمال الدين الشيعي، ولد في بضع وأربعين وستمائة، ولازم النصير الطوسي مدة واشتغل في العلوم العقلية، فمهر فيها وصنّف في الأُصول والحكمة، وكان رأس الشيعة بالحلّة، واشتهرت تصانيفه، وتخرّج به جماعة، وشرحه على مختصر ابن الحاجب في غاية الحسن في حلّ ألفاظه وتقريب معانيه وصنّف في فقه الإمامية، وكان قيّماً بذلك داعية إليه (٢) .

هذه كلمات أعاظم أهل السنّة في حقّه، وأمّا أقوال علماء الشيعة فهي كثيرة نذكر منها القليل:

فقد عرّفه ابن داود الحلّي بقوله: شيخ الطائفة، وعلاّمة وقته، وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول (٣) .

وقال الحر العاملي: فاضل عالِم علاّمة العلماء، محقّق، مدقّق، ثقة، فقيه، محدّث، متكلّم، ماهر، جليل القدر، عظيم الشأن رفيع المنزلة، لا نظير له في الفنون والعلوم العقلية والنقلية، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تحصى (٤) .

____________________

(١) لسان الميزان: ٢/٣١٧.

(٢) الدرر الكامنة لابن حجر: ٣/٧١.

(٣) رجال ابن داود: ١١٩ برقم ٤٦١.

(٤) أمل الآمل: ٢/٨٠ - ٨١.

٧

وقال الميرزا عبد الله الأفندي التبريزي: كان (رضي الله عنه) جامعاً لأنواع العلوم، مصنّفاً في أقسامها، حكيماً متكلّماً فقيهاً محدّثاً أُصولياً أديباً شاعراً ماهراً، وقد رأيت بعض أشعاره ببلدة أردبيل، وهي تدلّ على جودة طبعه في أنواع النظم أيضاً. وكان وافر التصنيف متكاثر التأليف، أخذ واستفاد عن جمّ غفير من علماء عصره من العامّة والخاصة، وأفاد وأجاد على جمع كثير من فضلاء دهره الخاصة بل من العامة أيضاً، كما يظهر من إجازات علماء الطريقين (١) .

وهذه الطريق الّذي سلكناه في تعريف المؤلف، يدلّ على أنّ الفريقين اتّفقا على نبوغه وذكائه وعلمه وفقاهته. وهلمّ معي الآن لنسلك الطريق الثاني، الّذي يُرشد إليه مَعْلَمان رئيسيان:

أوّلاً: انثال عليه الأفواج من روّاد العلم من كلّ صوب، وانتهلوا من علمه وأفادوا من محاضراته، حتّى احتلّ فريق منهم مكانة سامية في الفقه والأُصول والكلام وغيرها من المجالات، وإليك أسماء عدد منهم:

١. ولده فخر المحقّقين.

٢. زوج أُخته مجد الدين أبو الفوارس محمد بن علي بن الأعرج الحسيني.

٣. عميد الدين عبد المطّلب بن أبي الفوارس.

٤. ضياء الدين بن أبي الفوارس الحسيني.

____________________

(١) رياض العلماء: ١/٣٥٩.

٨

٥. مهنّا بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني المدني.

٦. تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحسني.

٧. ركن الدين محمد بن علي بن محمد الجرجاني.

٨. الحسين بن إبراهيم بن يحيى الاسترآبادي.

٩. الحسين بن علي بن زهرة الحلبي.

١٠. أبو المحاسن يونس بن ناصر الحسيني الغروي المشهدي.

١١. عبد الرحمن بن محمد الحلّي، ابن العتائقي.

١٢. محمد بن محمد قطب الدين أبو عبد الله الرازي.

هؤلاء اثنا عشر عالماً من أكابر تلاميذه أوردنا أسماءهم كمعالم على الطريق إلى الوصول إلى حقيقة شهرة العلاّمة الحلّي، وإلاّ فإنّ المتخرّجين به من الأعلام أكثر من ذلك بكثير، قال صاحب الرياض: كان في الحلّة في عصر العلاّمة أو غيره أربعمائة وأربعين مجتهداً (١) . ومن المعلوم أنّ جلّ هؤلاء ممّن استقوا من نمير علمه ومعين عذبه.

ثانياً: الآثار العلمية الّتي تركها للأجيال، فضعْ يدك على كتبه ومؤلّفاته في شتّى الفنون، ستجده في حقل الفقه والأُصول فقيهاً بارعاً، وأُصوليّاً لامعاً، وفي حقل المعقول والكلام فيلسوفاً ماهراً ومتكلّماً فذّاً، ويكفي في ذلك أنّه ألّف ما يناهز ثلاثين مؤلفاً في الكلام وأُصول الدين والجدل والاحتجاج وآداب البحث والمناظرة (٢) .

____________________

(١) رياض العلماء: ١/٣٦١.

(٢) معجم طبقات المتكلمين: ٣/١٠٥ برقم ٢٨٧. غير أنّ قسماً منها غير موجود.

٩

ونحن وإن ذكرنا في تقديمنا لكتاب (نهاية المرام) أسماء كثير من كتب العلاّمة في حقل الكلام، ولكنّنا نستقصي هنا كلّ ما وقفنا عليه في هذا المضمار، وإليك أسماءها مجرّدة عن التعليق والتوضيح:

١. الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة.

٢. استقصاء النظر في البحث عن القضاء والقدر.

٣. الألفين الفارق بين الصدق والمين.

٤. أنوار الملكوت في شرح الياقوت.

٥. الباب الحادي عشر.

٦. الرسالة السعدية.

٧. كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد.

٨. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.

٩. معارج الفهم في شرح النظم.

١٠. مقصد الواصلين في أُصول الدين.

١١. منهاج الكرامة في معرفة الإمامة.

١٢. مناهج اليقين.

١٣. نظم البراهين في أُصول الدين.

١٤. نهج الحقّ وكشف الصدق.

١٥. نهج المسترشدين في أُصول الدين.

١٠

١٦. واجب الاعتقاد على جميع العباد.

١٧. نهاية المرام في علم الكلام.

١٨. أجوبة المسائل المهنائية.

١٩. منتهى الوصول في علمي الكلام والأُصول.

٢٠. كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام).

٢١. رسالة في جواب سؤالين سألهما الخواجة رشيد الدين.

٢٢. أربعون مسألة في أُصول الدين.

٢٣. تسليك النفس إلى حظيرة القدس

والأخير هو هذا الكتاب الّذي يزفّه الطبع إلى القرّاء الكرام، وقد ألّفه العلاّمة الحلّيّ استجابة لرغبة ولده محمد المعروف بفخر المحقّقين، وخصّصه لأهم المسائل الكلامية، الّتي أفرغها في قوالب فلسفية وبرهانية. وهو أشبه بكتاب (تجريد الاعتقاد) لأُستاذه نصير الدين الطوسي، والّذي شرحه العلاّمة بكتابه (كشف المراد) وقال: وجدنا كتابه الموسوم بتجريد الاعتقاد قد بلغ فيه أقصى المراد وجمع جلّ مسائل الكلام على أبلغ نظام (١) .

غير أنّ المصنّف سلك في كتابه هذا مسلك السهولة في البيان، وهو يغاير مسلك الطوسي في كتاب (تجريد الاعتقاد) الّذي يمتاز بالصعوبة،

____________________

(١) كشف المراد: ٢٤.

١١

ولكنّهما (الأُستاذ والتلميذ) يشتركان في إضفاء الصبغة الفلسفية على المسائل الكلاميّة على نحو صار هذا النمط هو المقبول بين المتأخّرين من المتكلّمين من غير فرق بين السنّة والشيعة. والكتاب كما يصفه المؤلّف في مقدّمته مشتمل على أهم المسائل وأشرفها والنكت العظيمة اللطيفة. فجمع فيه النكات الكلامية وأُصول المطالب العقلية.

وقد قسّم الكتاب إلى مراصد، هي:

الأوّل: في الأُمور العامّة.

الثاني: في تقسيم الموجودات.

الثالث: في البحث عن أقسام الموجودات.

الرابع: في أحكام الموجودات.

الخامس: في إثبات واجب الوجود تعالى وصفاته.

السادس: في العدل.

السابع: في النبوة.

الثامن: في الإمامة.

التاسع: في المعاد.

وكلّ مرصد يشتمل على مطالب كثيرة.

فهذا فهرس إجمالي لمراصد الكتاب.

يُذكر أنّ السيد نظام الدين عبد الحميد بن الأعرج الحلّي ابن أُخت

١٢

العلاّمة شرح هذا الكتاب (٦٨٣هـ -...) وأسماه: (إيضاح اللبس في شرح تسليك النفس).

وفي الحقيقة فإنّ (نهاية المرام) هو الكتاب الأُم من مؤلّفات العلاّمة في علم الكلام. وفي الكتاب الماثل بين أيدينا إرجاعات إلى نهاية المرام.

النسخ المعتمدة

قامت الطالبة فاطمة رمضاني بتحقيق وتصحيح هذا الكتاب القيّم، تحت رعاية الأُستاذين:

١. العلاّمة الحجة الشيخ عبد الله النوراني (الأُستاذ المشرف).

٢. الدكتور نجف قلي الحبيبي (الأُستاذ المساعد).

وقد نالت بذلك شهادة الماجستير بدرجة (امتياز) في علم الإلهيات من كلية الإلهيات - جامعة طهران، عام ١٤٢٦هـ.

وقد اعتمدت المحقّقة - حفظها الله - في عملها على نسخ ثلاث، اتّخذت الأُولى منها نسخة الأصل. وإليك مواصفات هذه النسخ:

١. النسخة (أ) الموجودة في متحف بريطانيا، بالاستناد إلى صورتها المستنسخة الموجودة في (مركز إحياء التراث الإسلامي) في قم المقدسة برقم ١٨٠٤، وكاتب النسخة هو: علي بن الحسن بن الرضي الحسيني، وقد فرغ مِنْ نَسْخِها في ١٨ من شهر صفر من شهور عام ٧١٦هـ، في حياة المؤلّف، وتقع النسخة في ١٦٣ صفحة (١٧ سطر، ٢٦×١٤ سم).

١٣

وهي بخط النسخ، وفي هوامش النسخة إيضاحات بقلم ولد المؤلّف - فخر المحقّقين - ربّما تعين على فهم المراد، ونجد فيها لفظة (صحّ) أو (بلغت قراءته) كلّ ذلك يؤيد صحّة النسخة وقلّة الخطأ فيها.

وقد جاء في آخرها قوله: أنهاه أيده الله تعالى، قولاً وبحثاً وفهماً وضبطاً واستنساخاً في مجالس آخرها سابع عشر رجب سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. وكتب محمد بن الحسن بن المطهّر.

٢. النسخة (ب)، الموجودة في مكتبة آية الله الحكيم (قدّس سره) في النجف الأشرف (برقم ٩٢٩م)، بالاستناد إلى صورتها المستنسخة والموجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي في قم المقدسة، برقم ٢/٦٨٩، وهذه النسخة لم يذكر فيها اسم الناسخ، وتمّ استنساخها في ٢٢ من شهر صفر سنة ٧٢٢هـ، وأنّه استنسخها من نسخة المؤلّف. ألحق بهذه النسخة كتاب (مراصد التدقيق ومقاصد التحقيق) للمؤلف.

وهي غير خالية من الأغلاط لفظاً ومعنى، وجاء في هوامش النسخة (صوابه) و(صحّ).

وجاء في هامش آخر النسخة: قوله: (بلغت قراءته)، و(أيده الله تعالى)، وربّما يكون ذلك قرينة على أنّها قرئت على العلاّمة الحلّيّ.

والنسخة في ١١٥ صفحة (١٧ سطر، ٢٤×١٤ سم).

٣. النسخة (ج)، الموجودة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي برقم

١٤

٦٢٢٨٣، ويوجد فلمها المصغّر في مكتبة جامعة طهران، وتقع في ١٩٨ صفحة (١٥ سطر، ٢٠×١٤ سم) وقد سقط من النسخة المطلب الرابع من المرصد التاسع في ثبوت المعاد إلى آخر الكتاب.

والناسخ غير معلوم، وهي غير مؤرخة.

منهج التحقيق

١. لقد اعتمدت المحقّقة الفاضلة على نسخة (أ) كأصل مع تثبيت الاختلافات مع باقي النسخ في الهامش.

٢. كلّ ما بين معقوفين [ ] فهو من إضافات المحقّقة لضرورة يقتضيها السياق أو للعناوين الاستنتاجية للفصول والمطالب لتسهيل المراجعة للقارئ الكريم.

٣. كلّ ما بين قوسين ( ) فهو من أحد النسخ.

وقد أخذت المحقّقة على عاتقها بذكر جميع الاختلافات الموجودة بين النسخ في الهامش مع أنّ قسماً كثيراً منها ليس بصحيح قطعاً، وإنّما هي هفوات النسّاخ، فكان اللازم الاقتصار على ما يحتمل الصحّة، ولكنّنا أبقيناها على صورتها، لأنّ ذلك هو المنهج الرائج لتصحيح وتحقيق النسخ الخطية من قبل الجامعيّين.

ومع تثميننا لجهود المحقّقة الفاضلة في تصحيح الكتاب وتحقيقه بهذه الدقّة، ولكن كان اللازم عليها أن تورد التعاليق الموجودة في

١٥

هامش النسخة الأُولى والّتي هي من إفادات فخر المحقّقين، لأنّ لها دور الإيضاح.

ختامه مسك

قد وقفت على أسماء الكتب الكلامية الّتي سطرتها يد العلاّمة الحلّيّ والّتي بذل في تأليفها وتصنيفها أوقاتاً ثمينة وأنفاساً قدسية، وشغلت كل أوقاته في الحضر والسفر، وقد ألّف قسماً منها بين عام ٧٠٧ - ٧١٦هـ، أي خلال تواجده في إيران بمعيّة الملك (خدابنده).

عاش العلاّمة (رحمه الله) ثمانية وسبعين عاماً حيث ولد عام ٦٤٨هـ وانتقل إلى جوار ربه في ٢١ محرم الحرام من سنة ٧٢٦هـ، وترك مكتبة ثمينة وغزيرة في أغلب العلوم والمعارف قلّما يتّفق لإنسان أن يأتي بهذا العطاء الثّر، وقد قام العلاّمة الراحل السيد عبد العزيز الطباطبائي باستقصاء جميع ما ألّفه العلاّمة الحلّيّ، وذكر ذلك كلّه في كتاب أسماه (مكتبة العلاّمة الحلّي) فبلغ مجموع ما ذكره ١٢٠ عنواناً.

هذا هو العلاّمة في مواهبه وقابلياته وآثاره الضخمة، وهو قدوة لكلّ الأجيال، إذ أنّه نهض بمسؤوليته الفكرية والعلمية والدينية في عصر ماجت فيه التيارات الفكرية من مختلف الفِرق ولم يكن له بد من سدّ كلّ ثغرة ببيانه وقلمه.

١٦

ونحن إذ نعيش في هذا العصر العصيب الّذي تعدّدت فيه المناهج الكلامية والتيارات الفلسفية الّتي تبتغي نشر الإلحاد وإطفاء نور الإيمان في قلوب الشباب، نهيب بكلّ من ينبض قلبه بحب الإسلام وخدمة المجتمع أن يقتدي بالعلاّمة الحلّي (رحمه الله) في التصدي إلى البحوث الكلامية والفلسفية بشكل يلائم لسان العصر ومنطق الشباب، إذ لكلّ زمان منطق ولسان.

فلو بعث العلاّمة الحلّي وأُستاذه نصير الدين وتلميذه قطب الدين الرازي وغيرهم من الأجلاّء في هذا الزمان، لكان لهم قصب السبق في بيان العقائد الإسلامية والمفاهيم الدينية على مختلف المستويات، ولم يفتروا عن التأليف والتصنيف، ولم يسأموا من الإرشاد والهداية.

رحم الله جميع علمائنا الماضين وحفظ الله الباقين منهم.

وبما أنّ مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) قد اهتمت بتدريس علم الكلام في مستويات عالية، وتخرّج منها جمع من الفضلاء تسلّحوا بمنطق العلم والكلام وانتشروا في البلاد، ولم تزل الدراسات الكلامية مستمرة لنيل شهادات البكلوريوس والماجستير والدكتوراه في معهد علم الكلام التابع للمؤسسة بإشرافنا.

وإتماماً لما قامت به المؤسسة من تحقيق ونشر عدد من مؤلفات العلاّمة الحلّيّ (رحمه الله) في الكلام والأُصول والفقه، أخذنا على عاتقنا طبع ونشر هذه الرسالة الجامعية، شاكرين للمحقّقة الفاضلة وللأفاضل أعضاء لجنة

١٧

الإشراف، جهودهم المضنية الّتي بذلت في تحقيق وتصحيح هذا الأثر القيّم.

داعين الله لهم بالتوفيق والفلاح.

والحمد لله الّذي بنعمته تتم الصالحات.

جعفر السبحاني 

مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)

قم المقدسة     

رابع شهر ذي القعدة الحرام

١٤٢٦هـ         

١٨

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

الحمد لله القديم الأزليّ، الدّائم الأبديّ، الإله القهّار، الواجب الغنيّ، المالك القويّ، القديم الجبّار، الحكيم الكريم، العليّ العظيم الغفّار، العليم الحكيم، الرّؤوف الرّحيم، العطوف السّتّار.

أحمدهُ على إنعامِه المدرار، وأشكره على آلائه المسيلة الغزار، وأسأله التّوفيقَ في هذه الدّار لِحُسن العقبى في دار القرار؛ وصلَّى الله على سيّدنا محمّد النّبيّ المختار وعلى آله الأئمّة الأطهار وعترته الأخيار الأبرار، صلاةً تتعاقبُ عليهم تعاقبَ الأعصار.

أمّا بعدُ، فقد أجبتُ سؤالك، أيّها الولد الصّالح، محمّد - جعلني الله فداك - في تصنيف هذا الكتاب المسمّى بتسليك النّفس إلى حظيرة القدس، مشتملاً على المسائل المهمّة الشّريفة والنّكت العظيمة اللّطيفة، وبيّنتُ لك فيه - وفّقك الله لمراضيه وأعانك على امتثال أوامره ونواهيه - جميعَ لبّ

١٩

النّكت الكلاميّة، وأوضحتُ لك (فيه) - أرشدك الله - أصول المطالب العقليّة، أسعدك الله في الدّارين ورزقك تكميل الرّئاستين بمنّه ولطفه.

وقد رتّبتُ (١) هذا الكتابَ على مراصد تسعة.

____________________

(١) ألف: ترتب.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧
١٩٨

«سورة القيامة»

محتوى السورة :

كما هو واضح من اسم السورة فإنّ مباحثها تدور حول مسائل ترتبط بالمعاد ويوم القيامة إلّا بعض الآيات التي تتحدث حول القرآن والمكذبين ، وأمّا الآيات المرتبطة بيوم القيامة فإنّها تجتمع في أربعة محاور :

١ ـ المسائل المرتبطة بأشراط الساعة.

٢ ـ المسائل المتعلقة بأحوال الصالحين والطالحين في ذلك اليوم.

٣ ـ المسائل المتعلقة باللحظات العسيرة للموت والانتقال إلى العالم الآخر.

٤ ـ الأبحاث المتعلقة بالهدف من خلق الإنسان ورابطة ذلك بمسألة المعاد.

فضيلة السورة :

في حديث روي عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبرائيل له يوم القيامة أنّه كا مؤمنا بيوم القيامة ، وجاء ووجهه مسفر على وجوه الخلائق يوم القيامة»(١) .

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «من أدمن قراءة( لا أُقْسِمُ ) وكان يعمل بها ، بعثها الله يوم القيامة معه في قبره ، في أحسن صورة

__________________

(١) مجمع البيان ، ١٠ ـ ، ص ٣٩٣.

١٩٩

تبشّره وتضحك في وجهه ، حتى يجوز الصراط والميزان»(١) .

والجدير بالملاحظة أنّ ما كنّا نستفيد منه في القرائن التي في فضائل تلاوة السور القرآنية قد صرّح بها الإمام هنا في هذه الرّواية حيث يقول : «من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها» ولذا فإنّ كل ذلك هو مقدمة لتطبيق المضمون.

* * *

__________________

(١) المصدر السّابق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257