الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٧
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 347
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 347
بالعراق، أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، فاتخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً)(1) .
ويدل على بطلانه:
1 ـ قول المسعودي: (وولْدُ علي (عليهالسلام )، وشيعته يعظمون هذا اليوم)(2) .
والمسعودي قد توفي قبل التاريخ المذكور، أي في سنة 346 هـ.
2 ـ وروى فرات بن إبراهيم، وهو من علماء القرن الثالث عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهمالسلام )، قال: قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي الخ..)(3) .
3 ـ وعن أمير المؤمنين علي (عليهالسلام ) أنه خطب في سنة اتفق فيها الجمعة والغدير، فقال: (إن الله عز وجل جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين..).
____________
1- الخطط للمقريزي ج1 ص288.
2- التنبيه والإشراف ص221 و 222.
3- راجع: الغدير ج1 ص283 والأمالي للصدوق ص188 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج2 ص264 وبحار الأنوار ج37 ص109 وج94 ص110 ونور الثقلين ج1 ص589 وبشارة المصطفى للطبري ص49 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص339 وروضة الواعظين ص102.
والخطبة طويلة يأمرهم فيها تفصيلاً بفعل ما ينبغي فعله في الأعياد، وبإظهار البشر والسرور، فمن أراد فليراجع(1) .
4 ـ وعن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله (عليهالسلام ): قال: قلت: جعلت فداك، للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى، ويوم الجمعة، ويوم عرفة؟!
قال: فقال لي:( نعم، أفضلها، وأعظمها، وأشرفها عند الله منزلة، هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي الآية (2) ) (3) .
5 ـ وفي الكافي: عن الحسن بن راشد، عن الإمام الصادق (عليهالسلام )
____________
1- مصباح المتهجد ص698 و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص754 والغدير ج1 ص284 عنه، ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص445 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص327 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج2 ص256 والمصباح للكفعمي ص697 وبحار الأنوار ج94 ص114 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص421 والغدير ج1 ص284 ومسند الإمام الرضا "عليهالسلام " للعطاردي ج2 ص23 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " ج8 ص72.
2- الآية 3 من سورة المائدة.
3- الغدير ج1 ص284 و 285 وتفسير فرات ص117 حديث 123 ومستدرك الوسائل ج6 ص278 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص473 وبحار الأنوار ج37 ص169 وجامع أحاديث الشيعة ج6 ص180 و 313 و 413.
أيضاً: أنه اعتبر يوم الغدير عيداً.
وفي آخره قوله: (فإن الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيداً).
قال: قلت: فما لمن صامه؟!
قال: (صيام ستين شهراً)(1) .
6 ـ ويؤيده: ما رواه الخطيب البغدادي، بسند رجاله كلهم ثقات، عن أبي هريرة: من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم الخ..)(2) .
____________
1- الكافي ج4 ص148 و 149 والغدير ج1 ص285 عنه، ومصباح المتهجد ص680 و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص737 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص519 ومشارق الشموس (ط.ق) ج2 ص451 والحدائق الناضرة ج13 ص361 وجامع المدارك ج2 ص224 وثواب الأعمال للصدوق ص74 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص90 وتهذيب الأحكام ج4 ص305 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص441 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص324 وبحار الأنوار ج37 ص172 وج94 ص111 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص420 وبشارة المصطفى للطبري ص364.
2- تاريخ بغداد ج8 ص290 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص284 وأشير إليه في تذكرة الخواص ص30 والمناقب للخوارزمي ص94 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص156 وفيه ستين سنة بدل ستين شهراً، ومناقب الإمـام عـلي = = "عليهالسلام " لابن المغازلي ص19 وفي فرائد السمطين الباب13 ج1 ص77 كما في المناقب للخوارزمي، والغدير ج1 ص232 و 401 و 402 عنهم، وعن زين الفتى للعاصمي. وراجع: كتاب الأربعين للشيرازي ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص425 والأمالي للصدوق ص50 وشرح أصول الكافي ج5 ص196 وج6 ص120 وينابيع المودة ج2 ص283 والطرائف ص147 وروضة الواعظين ص350 وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص134 و 187 و 246 و 277 و 344 و 348 و 354 وج8 ص277 و 281 و 292 و 293 و 301 و 302 والعمدة لابن البطريق ص106 وبحار الأنوار ج37 ص108 وج94 ص110 وج95 ص321 وتفسير الآلوسي ج6 ص194 وشواهد التنزيل ج1 ص200 و 203 وكتاب الأربعين للماحوزي ص148 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص233 و 234 وبشارة المصطفى للطبري ص158 و 402 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص258 وشرح إحقاق الحق ج6 ص234 و 255 و 353 وج14 ص289 و 290 و 291 وج20 ص197 وج21 ص61 و 64 وج30 ص77 و و 78 و 79 والبداية والنهاية ج5 ص233 و 386.
7 ـ وفي رواية أخرى: أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) أوصى علياً (عليهالسلام ) أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً(1) .
____________
1- الكافي ج4 ص149 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص440 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص323 وبحار الأنوار ج37 ص172 والغدير ج1 ص285 و 286 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص519 وجامـع أحـاديث = = الشيعة ج9 ص419 والحدائق الناضرة ج13 ص362 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص342.
8 ـ وليراجع ما رواه المفضل بن عمر، عن الصادق (عليهالسلام )(1) .
9 ـ وما روي عن عمار بن حريز العبدي عنه (عليهالسلام )(2) .
10 ـ وعن أبي الحسن الليثي عنه (عليهالسلام )(3) .
____________
1- الخصال ج1 ص264 والغدير ج1 ص286 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص443 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص325 وبحار الأنوار ج94 ص11 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص421 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص342.
2- مصباح المتهجد ص680 و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص737 والغدير ج1 ص286 وبحار الأنوار ج95 ص298 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص444 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص 326 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص470 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص344 والحدائق الناضرة ج10 ص535 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص411 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " ج8 ص33.
3- الغدير ج1 ص287 عن الحميري، ومستدرك الوسائل ج6 ص276 وإقبال الأعمال ج2 ص279 وبحار الأنوار ج95 ص300 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص411 وموسوعة الإمام علي "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص343.
11 ـ وعن زياد بن محمد عن الصادق (عليهالسلام )(1) .
12 ـ وعن سالم عن الإمام الصادق (عليهالسلام )(2) .
13 ـ وقال الفياض بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومائتين، وقد بلغ التسعين: إنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهالسلام ) في يوم الغدير، وبحضرته جماعة من خاصته، قد احتبسهم للإفطار، وقد قدم إلى منازلهم الطعام، والبر والصلات، والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير من أحوالهم، وأحوال حاشيته، وجددت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه(3) .
____________
1- مصباح المتهجد ص679 و (ط مؤسسة فقه الشيعة) ص736 والمصباح للكفعمي ص688 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص419 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص443 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص326 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " ج8 ص38.
2- الكافي ج4 ص149 والغدير ج1 ص285 وذخيرة المعاد (ط.ق) ج1 ق3 ص519 والحدائق الناضرة ج13 ص362 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص440 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص323 وإقبال الأعمال ج2 ص263 وبحار الأنوار ج37 ص172 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص419 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " ج6 ص192 وج7 ص392 وج8 ص36.
3- الغديـر ج1 ص287 ومصبـاح المتهجد ص696 و (ط مؤسسة فقه الشيعـة) = = ص752 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص444 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص326 وبحار الأنوار ج94 ص112 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص421 ومسند الإمام الرضا "عليهالسلام " للعطاردي ج2 ص21 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهالسلام " ج8 ص70 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص346.
وفي المحتضر، بالإسناد، عن محمد بن علاء الهمداني الواسطي، ويحيى بن جريح البغدادي، قالا في حديث: قصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي، صاحب الإمام أبي محمد العسكري (عليهالسلام )، بمدينة قم، وقرعنا عليه الباب، فخرجت إلينا من داره صبية عراقية، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده، فإنه يوم عيد.
فقلنا: سبحان الله، أعياد الشيعة أربعة: الأضحى، والفطر، والغدير، والجمعة الخ..)(1) .
وبعد.. فقد حشد العلامة الأميني، في كتابه القيم: (الغدير) عشرات النصوص عن عشرات المصادر الموثوقة عند أهل السنة، والتي تؤكد على عيدية يوم الغدير في القرون الأولى، وأنه كان شائعاً ومعروفاً في تلك العصور..
وتكفي مراجعة الفصل الذي يذكر فيه تهنئة الشيخين أبي بكر وعمر
____________
1- الغدير ج1 ص287 وبحار الأنوار ج31 ص120 وج95 ص351 والمحتضر ص93.
لأمير المؤمنين (عليهالسلام ) بهذه المناسبة، فقد ذكر ذلك عن ستين مصدراً..
هذا.. عدا المصادر الكثيرة التي ذكرت تهنئة الصحابة له (عليهالسلام ) بهذه المناسبة، وعدا المصادر التي نصت على عيدية يوم الغدير، فإنها كثيرة أيضاً(1) .
عيد الغدير لا أصل له:
ومن ذلك كله يعلم: عدم صحة قول ابن تيمية عن عيد الغدير: (إن اتخاذ هذا اليوم عيداً لا أصل له، فلم يكن في السلف، لا من أهل البيت، ولا من غيرهم، من اتخذ ذلك عيداً)(2) .
فإنه كلام ساقط عن الإعتبار، لأنه لا يستند إلى دليل علمي، ولا تاريخي على الإطلاق.. وإنما الأدلة كلها على خلافه.
____________
1- الغدير ج1 ص267 ـ 289 و 508 و 509 و (ط دار الكتاب العربي) ص270 عن الطبري في كتاب الولاية، وعن الخليلي في مناقب علي بن أبي طالب. وعن كتاب النشر والطي. وراجع: الصراط المستقيم ج1 ص303 وبحار الأنوار ج37 ص217. وراجع: التنبيه والإشراف للمسعودي ص222 وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص367.
2- إقتضاء الصراط المستقيم ص294 و (ط سنة 1419هـ ـ 1999م) ج2 ص83.
ماذا يقول شانئو علي (عليهالسلام )؟!:
ذكرت بعض النصوص المتقدمة: أن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة يعدل صيام ستين شهراً، ولكن نفوس شانئي علي (عليهالسلام )، والمتحاملين عليه لم تحتمل سماع هذه الفضيلة له، فبادرت إلى تكذيبها بصورة قاطعة معززة بالأيمان المغلظة، وكان مستندهم في ذلك غريباً وعجيباً، فاستمع إلى ابن كثير وهو ينقل لنا ذلك عن الذهبي، فيقول عن هذا الحديث:
(إنه حديث منكر جداً، بل كذب، لمخالفته لما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة، يوم عرفة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بها كما قدمنا.
وكذا قوله: إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو يوم غدير خم، يعدل صيام ستين شهراً، لا يصح، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح: أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهراً؟! هذا باطل.
وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد إيراده هذا الحديث: هذا حديث منكر جداً. ورواه حبشون الخلال، وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري، وهما صدوقان، عن علي بن سعيد الرملي، عن ضمرة.
قال: ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب، ومالك بن الحويرث، وأنس بن مالك، وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.
قال: وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )
قاله، وأما: اللهم وال من والاه، فزيادة قوية الإسناد. وأما هذا الصوم فليس بصحيح، ولا والله، ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة، قبل غدير خم بأيام، والله تعالى أعلم)(1) .
ونقول:
إن كلام الذهبي مرفوض جملة وتفصيلاً، وذلك لما يلي:
1 ـ قد ذكرنا: أن نزول الآية في يوم عرفة في ضمن سورة المائدة لا يعني عدم نزولها مرة أخرى بعد ثمانية أيام في غدير خم..
بل إن ثمة آيات وسوراً قد نزلت أكثر من مرة لمناسبات اقتضت نزولها أكثر من مرة..
2 ـ إن هؤلاء رووا أيضاً: أن من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر(2) .
____________
1- البداية والنهاية ج5 ص233 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص425.
2- سنن أبي داود ج1 ص544 ومجمع الزوائد ج3 ص183 وفتح الباري ج4 ص194 ومسند الحميدي ج1 ص188 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص163 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص298 والمعجم الأوسط ج5 ص171 والمعجم الكبير ج4 ص136 وأمالي الحافظ الأصبهاني ص21 و 34 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص450 والإستذكار ج3 ص379 والإنصاف للمرداوي ج3 ص343 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص109 وج 321 والبرهان للزركشي ج2 ص136 الدر المنثور ج3 ص66 وتاريخ مدينة دمشق ج36 ص35.
3 ـ عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن المنهال، عن أبيه، عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، أنه كان يأمر بصيام البيض. ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. ويقول: (هو كصوم الدهر، أو كهيئة صوم الدهر)(1) .
4 ـ وعن علي (عليهالسلام ): (في رجب يوم وليلة، من صام ذلك اليوم، وقام تلك الليلة، كان له من الأجر كمن صام مائة سنة، وقام مائة سنة. وهي لثلاث ليال بقين من رجب. في ذلك اليوم بعث الله محمداً نبياً)(2) .
5 ـ وروي: من صام يوماً من رجب كان كصيام سنة(3) .
6 ـ عن ابن عمر عنه (صلىاللهعليهوآله ): صوم يوم عرفة صوم
____________
1- مسند أحمد ج5 ص27 و 28 وسنن ابن ماجة ج1 ص544 وعمدة القاري ج11 ص96 والآحاد والمثاني ج3 ص268 وج4 ص289 والمعجم الكبير ج10 ص137 وج19 ص17 وراجع: مسند أبي داود الطيالسي ص170 وأسد الغابة ج4 ص195 و 414 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص294 وفتح الباري ج4 ص197 وشرح معاني الآثار ج2 ص81.
2- تذكرة الموضوعات للفتني ص116 وفضائل الأوقات للبيهقي ص96 والدر المنثور ج3 ص235.
3- فضائل الأوقات للبيهقي ص93 وكنز العمال ج8 ص578 وج12 ص311 والدر المنثور ج3 ص235.
سنة(1) .
وفي نص آخر: يعدله بصوم سنتين(2) .
7 ـ عن أبي قتادة قال: صيام يوم عرفة يعدل السنة والتي تليها، وصيام عاشوراء يعدل سنة(3) .
8 ـ وروي مرسلاً: صيام كل يوم من أيام العشر كصيام شهر، وصيام عرفة كصيام أربعة عشر شهراً(4) .
9 ـ وعن ابن عباس، عنه (صلىاللهعليهوآله ): من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين، ومن صام يوماً من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوماً(5) .
10 ـ وروى البخاري، ومسلم، وأحمد، وابن ماجة وغيرهم: أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) قال لعبد الله بن عمرو: صم ثلاثة أيام من الشهر صوم
____________
1- مسند أبي يعلى ج10 ص17 وكنز العمال ج5 ص75 و 193 وشرح معاني الآثار ج2 ص72.
2- مسند أحمد ج5 ص307 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص152.
3- كنز العمال ج5 ص75 و 76 وراجع: السنن الكبرى للنسائي ج2 ص152 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص277.
4- كنز العمال ج5 ص76 وراجع: جامع أحاديث الشيعة ج9 ص427 ومستدرك الوسائل ج7 ص529.
5- مجمع الزوائد ج3 ص190 والمعجم الصغير ج2 ص71 والجامع الصغير ج2 ص614 والعهود المحمدية ص191 وكنز العمال ج8 ص572 وفيض القدير ج6 ص210.
الدهر كله(1) .
فهل يستطيع العجلوني والذهبي، ومن ينسج على منوالهما أن يحكم بكذب هذه الروايات كلها وسواها مما يدخل في هذا السياق، مع أن بعضها وارد في صحاحهم، ولا يكاد يخلو منه كتاب حديث لهم يتعرض لثواب صيام الأيام؟!
أم أن وراء الأكمة ما وراءها من التحامل على علي (عليهالسلام )، والتشكيك في كل ما يؤيد إمامته، ويسعى لتكذيب ما جرى عليه وعلى زوجته فاطمة الزهراء (عليهماالسلام ) بعد وفاة رسول الله (صلىاللهعليهوآله )؟!
الإبتداع الغبي:
وقالوا عن سنة 389 هـ: (وفيها أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، فيما يزعمونه، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنّة؛ فادعوا: أنّه في مثل هذا اليوم حصر النبي (صلىاللهعليهوآله ) وأبو بكر في الغار، فامتنعوا من ذلك)(2) .
____________
1- مسند أحمد ج2 ص189 وسنن النسائي ج4 ص214 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص299 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص131.
2- راجع: البداية والنهاية ج11 ص325 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج11 ص373 والمنتظـم ج7 ص206 وشذرات الـذهـب ج3 ص130 والخطط = = المقريزية ج1 ص389 والكامل في التاريخ ج9 ص155 وذيل تجارب الأمم لأبي شجاع ج3 ص339 ـ 340 ونهاية الإرب ج1 ص185.
واستمر أهل السنّة يعملون هذا العيد المزعوم دهراً طويلاً. وقد أظهروا فيه الزينة، ونصب القباب، وإيقاد النيران الخ..(1) .
ونقول:
1 ـ إن الشيعة لم يبتدعوا هذا الأمر من عند أنفسهم، وإنما عملوا بقناعاتهم، وبما ثبت لديهم أنه من الدين، فهل الذي يعمل بقناعاته الإيمانية، التي يستند فيها إلى الدليل والبرهان القاطع يعتبر جاهلاً؟!..
2 ـ وهل يصح مساواة من يعمل بما ثبت لديه بالدليل بالذي يعتدي عليه من غير حق، وبدون وجه شرعي، وإنما لمجرد البغي عليه، والتجبر فيه، والتحكم به، انطلاقاً من العصبية والهوى؟!
3 ـ وإذا كان هذا الرجل قد اعترف بأن المعتدين على الشيعة جهلة من حيث إن هؤلاء المعتدين هم أهل نحلته، وهو أعرف الناس بهم، فمن أين علم أن الآخرين جهلة أيضاً، ولماذا يتهمهم بما لا يحق له اتهامهم به؟!
4 ـ ولماذا لا يردع عقلاء أهل السنة جهلاءهم المعتدين عن عدوانهم؟!
____________
1- راجع: البداية والنهاية ج11 ص325 ـ 326 وشذرات الذهب ج3 ص130 والمنتظم ج7 ص206 والكامل في التاريخ ج9 ص155 وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 380 ـ 400 هـ) ص25 وعن تاريخ كزيده ص148 وذيل تجارب الأمم للوزير أبي شجاع ج3 ص339 ـ 340.
5 ـ وما هو المبرر لاختراع عيد جديد لم نجد من علمائهم أية إدانة له، أو اعتراض عليه، رغم اعترافه بأنه بدعة، والبدعة لا يصح ترويجها، ورغم أنهم حنابلة يتشددون في مثل هذا الأمر إلى حد تكفير فاعله ولا سيما إذا أصر عليه؟! ولا أقل من أنهم يرون ذلك خروجاً عن حدود الشرع والدين، فلا بد لهم من النهي عن المنكر..
فكيف إذا استمر هذا العيد بينهم دهراً طويلاً، كما صرحوا به أنفسهم، دونما مانع أو رادع؟!
6 ـ واللافت هنا: أن علماءهم ينسبون هذا العيد إلى العوام، ويتحاشون التعبير بكلمة عيد، وينأون بأنفسهم عن توصيفه بالبدعة، فيقولون: عمل عوام السنة يوم سرور، وكأن الأسماء تغير الواقع وتلغيه.
ولكن ما أسرعهم إلى وصم الآخرين الذين يخالفونهم في الإجتهاد والرأي ـ ولو كانوا من أهل السنة بالكفر ـ والشرك، وما إلى ذلك، لأتفه الأسباب، وأوهى العلل..
7 ـ والأدهى من ذلك كله.. : أن عيدهم هذا قد ارتكز على تزوير عظيم وظالم، لتاريخٍ بريء من هذا الأمر، براءة الذئب من دم يوسف، ولا علاقة له بموضوع الغدير والإمامة والبيعة، حيث الزموا أنفسهم بأن يجعلوا يوم الثامن عشر من ذي الحجة هو عيد الهجرة المرتبطة بالنبي (صلىاللهعليهوآله )، وحصره بالغار! في حين أن الأمة بأسرها مجمعة على أن ذلك قد حصل في شهر ربيع الأول..
فلماذا لم يلفت علماؤهم نظرهم إلى هذا الخطأ الفادح والمعيب؟!
وإن كان علماؤهم يوافقونهم على ذلك، ولم يلتفتوا إلى هذا الخطأ فعلى الإسلام السلام..
8 ـ على أننا لا ندري لماذا اعتبروا يوم حصر النبي (صلىاللهعليهوآله ) في الغار يوم سرور وفرح؟! ولم لا يكون سائر ما جرى على النبي أعياداً، وايام فرح وسرور؟! مثل يوم قلع باب خيبر، ويوم فتح مكة، ويوم قتل عمرو بن عبد ود، وسائر أيام النصر أعياداً..
9 ـ إذا كان حصر النبي في الغار من موجبات السرور والفرح عند هؤلاء، فهل لنا أن نتوقع أن يتخذوا يوم وفاة رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) يوم عيد أيضاً؟!.. تماماً كما اعتبروا يوم عاشوراء يوم توسعة على العيال، ولبس الجديد، وما إلى ذلك؟!
الفصل الخامس: حديث الغدير: ثابت.. ومتواتر..
المنكرون والمشككون...:
هناك من حاول الطعن في سند حديث الغدير، ولكن بصورة عشوائية وأهوائية، وهم إما لم يقدموا أي دليل على رفضهم لهذا الحديث، أو قدموا دليلاً، لا أساس له من الصحة.. فلاحظ ما يلي:
1 ـ زعم التفتازاني: أن أكثر الذين تنسب إليهم رواية حديث الغدير لم يرووه على الحقيقة(1) .
وهذا تحكم غير مقبول، ودعوى بلا دليل، ولا مبرر له من الناحية العلمية..
2 ـ زعم ابن تيمية: أنه لا ريب في كذب هذا الحديث(2) .
وهذا كسابقه، من حيث إنه محض دعوى لم يقدم دليلاً عليها، ولو جاز رد الأحاديث بهذه الطريقة لبطل الدين، ومحقت شريعة سيد المرسلين..
كما أنه لو جاز رد الأحاديث التي لها هذه الأسانيد الصحيحة والمتواترة كما سنرى، فإنه لا يمكن إثبات أية حقيقة على الإطلاق..
____________
1- شرح المقاصد ج5 ص274.
2- منهاج السنة ج4 ص85.
3 ـ وثمة من طعن في حديث الغدير، واعترف بصحة الدعاء: وهو قوله (صلىاللهعليهوآله ): اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وقال: لم يخرِّج غير أحمد إلا الجزء الأخير من قوله: (اللهم وال من والاه إلخ..)(1) .
وهذا الكلام أيضاً تحكم باطل.. وأدنى مراجعة للمصادر تظهر ذلك، على أن نفس هذا الدعاء الذي اعترف بصحته كاف في إثبات إمامته (عليهالسلام ).. فإن من يكون كذلك هو الذي يصلح لمقام الإمامة، بل يكون هو الإمام دون سواه، ولا سيما قوله (صلىاللهعليهوآله ): وانصر من نصره، واخذل من خذله..
4 ـ وثمة من يقول: (لم يروه علماؤنا)(2) ، ويقول: (لا يصح من طريق الثقات)(3) .
وهذا كذب صراح، فإن المصادر التي تقدمت تكفي في إثبات زيفه..
5 ـ ومثله قول بعضهم: (لم يذكره الثقات من المحدثين)(4) إذا ما أكثر الثقات الذين رووه وذكروه..
____________
1- الغدير ج1 ص315 عن نجاة المؤمن لمحمد محسن الكشميري.
2- الغدير ج1 ص315 عن ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة.
3- الغدير ج1 ص315 والفصل في الملل والأهواء والنحل ج4 ص148 وعنه في منهاج السنة ج4 ص86.
4- الغدير ج1 ص316 عن السهام الثاقبة لسبط ميرزا مخدوم بن عبد الباقي.