• البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68323 / تحميل: 6723
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 7

مؤلف:
العربية

ويؤكد ذلك: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يجعل ثواباً دنيوياً لهذا العمل، بل جعل له ثواباً أخروياً، يزهد أهل الدنيا به.. بل قد لا يصدقه الكثيرون منهم، ولا يدخل في جملة طموحاتهم أو رغباتهم..

9 ـ إن قول النفر الثلاثة لعلي (عليه‌السلام ): سواء علينا: وقعنا عليك، أو على محمد. يدل على ما بلغه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) من عظيم الأثر في النكاية بأهل الشرك، حتى أصبحوا يعدلونه بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نفسه.. وهم إنما يعرفونه من خلال أثره في الحروب، ولا يعرفونه من خلال مقامه عند الله تعالى، ومن خلال ميزاته الإيمانية والإنسانية، فإنهم لا يعترفون أولا يؤمنون بشيء من ذلك.

10 ـ إن الملائكة حين ساعدت علياً (عليه‌السلام ) على عدوه لم يؤثروا في أجسادهم بصورة مباشرة، بل هم قد دلوا علياً (عليه‌السلام ) على المواضع التي إن استفيد منها أمكن إلحاق الضرر بذلك العدو..

وهذا يشير: إلى أن الملائكة لا تريد أن تختزل من جهاد وتضحيات علي (عليه‌السلام ) شيئاً.. حتى على صعيد احتفاظ عدوه بقدراته الذاتية.

11 ـ لقد لفت نظرنا هؤلاء الأعداء الذين يطمعون في أن تشملهم رحمة محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وتشملهم شفقته. مع أنهم ارتكبوا في حقه ما يستحقون به أشد العقوبات.. لأنهم يريدون إطفاء نور الله تعالى بقتل نبيه بدون مبرر، إذ لماذا يريدون أن يمنعوا الناس من اختيار ما يناسبهم؟! ولماذا يريدون فرض الشرك عليهم؟! ولماذا يريدون أن يفرضوا عليهم الإلتزام بأباطيل الجاهلية، وحفظ أضاليلها؟!

٣٤١

12 ـ ورغم أن ما فعله أولئك المجرمون يكفي لإنزال أقسى العقوبات بهم، بما في ذلك عقوبة القتل، إلا أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) هيأ لهم فرصة جديدة للخلاص، حين عرض عليهم الإسلام، ولكن استكبارهم وعتوهم خذلهم هذه المرة أيضاً، فاستحقوا القتل بجميع المعايير والمقاييس، حتى الجاهلية منها.

13 ـ وكانت المفاجأة الأعظم هي تلك التي تجلت في نزول جبرئيل بالعفو عن الشخص الثالث، بسبب سخائه، وحسن خلقه.. وكان ذلك هو سبب إيمانه، حين لامس هذا العفو فطرته، وأيقظ وجدانه، وأنعش ضميره، لأنه جاء من دون اشتراط إسلامه وإيمانه، بل جاء بعد رفضه الإيمان والإسلام حين عُرِض عليه..

حجات علي (عليه‌السلام ) مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

وذكر ابن شهرآشوب: أن علياً (عليه‌السلام ) قد حج مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عشر حجج(1) .

ولعل المراد حجاته معه، فكانت قبل الهجرة تسع مرات، ثم حجة الوداع سنة عشر من الهجرة..

ولكن يرد على هذا: أن المفروض أن يكون قد حج مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قبل الهجرة أكثر من تسع حجات. إذ لا مبرر لتفويت

____________

1- مناقب آل أبي طالب ج2 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص187 وبحار الأنوار ج41 ص17.

٣٤٢

الحج في أية سنة من السنين. لا سيما وأن النبوة كانت لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) منذ صغره، فتشمل الحجات التي حجها قبل أن يبعث رسولاً في سن الأربعين..

ويحتمل أن يكون (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد منع من الحج في سنوات الحصار في الشعب، وهي ثلاث سنوات على الظاهر.

ويحتمل أن يكون المراد: أنه حج مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعد الهجرة عشر حجات.. وذلك بالطريقة التي تناسب الأوضاع التي كانت سائدة آنذاك، ولو كانت طريقة إعجازية..

والله هو العالم بحقيقة الحال..

لم يفكر بالدنيا، فأخذ الناقة:

عن ابن عباس: أهدي إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ناقتان عظيمتان سمينتان، فقال للصحابة: هل فيكم أحد يصلي ركعتين بقيامهما وركوعهما، وسجودهما، ووضوئهما، وخشوعهما، لا يهتم فيهما من أمر الدنيا بشيء، ولا يحدث قلبه بفكر الدنيا، أهدى إليه إحدى هاتين الناقتين؟!

فقالها مرة، ومرتين، وثلاثة، فلم يجبه أحد من أصحابه، فقام أمير المؤمنين (عليه‌السلام )، فقال: أنا يا رسول الله، أصلي ركعتين، أكبر تكبيرة الأولى، وإلى أن أسلم منهما،لا أحدث نفسي بشيء من أمر الدنيا.

فقال: يا علي، صلِّ، صلى الله عليك.

٣٤٣

فكبر أمير المؤمنين (عليه‌السلام )، ودخل في الصلاة، فلما سلم من الركعتين هبط جبرئيل على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام ويقول لك: أعطه إحدى الناقتين.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): إني شارطته أن يصلي ركعتين، لا يحدث فيهما بشيء من الدنيا، أعطيه إحدى الناقتين إن صلاهما، وإنه جلس في التشهد، فتفكر في نفسه أيهما يأخذ.

فقال جبرئيل: يا محمد، إن الله يقرئك السلام ويقول لك: تفكر أيهما يأخذها، أسمنهما وأعظمهما، فينحرها ويتصدق بها لوجه الله. فكان تفكره لله عز وجل، لا لنفسه ولا للدنيا.

فبكى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأعطاه كليهما. وأنزل الله فيه:( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ) (1) . لعظة لمن كان له قلب وعقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ، يعني يستمع أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) بإذنيه إلى من تلاه بلسانه من كلام( الله وَهُوَ شَهِيدٌ ) (2) ، يعني وأمير المؤمنين شاهد القلب لله في صلاته، لا يتفكر فيها بشيء من أمر الدنيا(3) .

____________

1- الآية 21 من سورة الزمر.

2- الآية 37 من سورة ق.

3- مناقب آل أبي طالب ج2 ص20 عن تفسير وكيع، والسدي، وعطاء. وراجع: بحار الأنوار ج36 ص161 وتأويل الآيات ج2 ص612.

٣٤٤

سؤال يحتاج إلى جواب:

ونقول:

إن هنا سؤالاً هاماً يحتاج إلى جواب، وهو التالي:

كيف صح أن يتعلل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن إعطاء الناقة لعلي (عليه‌السلام ) مع أن جبرئيل أبلغه أمر الله تعالى الصريح بأن يعطي علياً (عليه‌السلام ) إحدى الناقتين؟! ألا ينافي في ذلك عصمته؟! وألا يدل ذلك على عدم صحة هذه الرواية؟!

ونجيب:

إنه إنما ينافي العصمة، ويسقط الرواية عن الإعتبار لو لم يكن له وجه صحيح ومقبول.

والوجه هنا هو: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أراد أن يدفع التوهمات التي قد تراود أذهان البعض الذين لم يطيقوا فوز علي (عليه‌السلام ) بهذه الفضيلة، فيحاولون لأغراض مختلفة أن يقرروه (عليه‌السلام )، إن كانت الناقة قد خطرت بباله أثناء صلاته، فإذا أجاب بالإيجاب، فسيطيرون بها في الشرق والغرب، وسيحدث الخلل الإيماني من خلال انتشار الشك في النبوة، أو في صفات النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في كل اتجاه.

فأوضح النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لهم، من خلال جبرئيل، الذي لا يمكنهم أن ينسبوا إليه المحاباة لعلي (عليه‌السلام )، لأنه ليس صهره ولا ابن عمه ـ أوضح ـ أن خطور الناقة على باله (عليه‌السلام ) علي يتصور على نحوين:

٣٤٥

أحدهما: خطورها له بما لها من قيمة في الدنيا وحسب.. وهذا لو حصل لنقض الشرط الذي شرطه عليه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ولزالت عنه صفة استحقاقها..

الثاني: أن يفكر كيف يستفيد منها في بلوغ مرضات الله سبحانه، وهذا ليس تفكيراً بالدنيا وليس لنفسه، بل هو لله وفي الله عز اسمه.. كما قال جبرئيل (عليه‌السلام )..

ويلاحظ: أن جبرئيل هنا لم يورد هذا التفسير من عند نفسه، بل أسنده إلى الله تبارك وتعالى علام الغيوب، والمطلع على القلوب.. ليتوهم متوهم: أن جبرئيل (عليه‌السلام ) قد لا يبلغ كنه أمثال هذه الأمور، ليكون ذلك أولى بالإقناع، والإتباع.

يضاف إلى ذلك: أن جبرئيل يذكر تفاصيل ما فكر به علي (عليه‌السلام )، ولولا أنه تلقى ذلك عن الله تبارك وتعالى، وأذن له في بيانه، لم يكن له هو الآخر سبيل إلى معرفة ما في الضمائر، وما تكنه السرائر.. كما أنه لا يحق له البيان، لا الإعلان..

٣٤٦

الفهرس

الصحيح من سيرة الإمام عليّ ( عليه‌السلام ) 1

الفصل الرابع: 5

الفصل الخامس: 37

الباب الحادي عشر: 59

الفصل الأول: 61

الفصل الثاني: 83

الفصل الثالث: 125

الفصل الرابع: 154

الفصل الخامس: 177

الفصل السادس: 195

الفصل السابع: 229

الفصل الثامن: 255

الفصل التاسع: 281

الباب الثاني عشر: 313

الفصل الأول: 315

الفهرس 347

٣٤٧