الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ١
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356
وقيل: أربعة وثلاثون(1) .
وقيل: خمسة وثلاثون(2) .
وقيل: تسعة وثلاثون(3) .
ولعل سبب الإختلاف هو اختلاط الأسماء بالألقاب والكنى..
ومهما يكن من أمر، فإن أولاده "عليهالسلام " من السيدة الزهراء "عليها السلام"، خمسة، هم:
1 ـ الإمام الحسن "عليهالسلام ".
2 ـ الإمام الحسين "عليهالسلام ".
3 ـ زينب "عليها السلام".
4 ـ أم كلثوم "رضوان الله تعالى عليها".
5 ـ المحسن(4) ، الذي قتل أو أسقط في الهجوم على بيت الزهراء
____________
1- الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص20 وتاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص18 وعمدة الطالب لابن عنبة ص63 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص115.
2- ينابيع المودة للقندوزي ج3 ص147 وعمدة الطالب لابن عنبة ص63.
3- تهذيب الكمال ج20 ص479 والوافي بالوفيات للصفدي ج21 ص185 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص115.
4- ضبط بالتشديد ـ كما ذكره ابن حجر في الإصابة ج3 ص471 و (ط دار الكتب العلمية سنة 1415هـ) ج6 ص191 وفي بعض المصادر بالتخفيف.
"عليها السلام"، فور استشهاد أبيها رسول الله "صلىاللهعليهوآلهوسلم ".
وهناك أربعة أولاد من فاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين)، وهم:
1 ـ العباس.
2 ـ عثمان.
3 ـ عبد الله.
4 ـ جعفر.
وهؤلاء الأربعة قد استشهدوا جميعاً في كربلاء..
وهناك أبو بكر وعبيد الله. أمهما ليلى بنت مسعود الدارمية، استشهدوا أيضاً في كربلاء مع الإمام الحسين "عليهالسلام ".
ومحمد الأصغر، أمه أم ولد، واسمها زرقاء(1) ، استشهد أيضاً مع الإمام الحسين "عليهالسلام " في كربلاء.
ويحيى وعون، أمهما أسماء، بنت عميس.
ومحمد بن الحنفية، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس.
ومحمد الأوسط، وأمه أمامة.
____________
1- كما في أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص102. وراجع: مقاتل الطالبيين ص56 وبحار الأنوار ج45 ص39 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص20 ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليهالسلام " للكوفي ج2 ص49 والإرشاد للمفيد ج2 ص155 وذخائر العقبى ص117.
وعمر، وأمه الصهباء التغلبية(أم حبيب) ولعل هناك ولداً آخر، اسمه عمر استشهد بالطف مع الإمام الحسين "عليهالسلام "(1) .
ويلاحظ كثرة ابناء علي "عليهالسلام " الذين استشهدوا مع الإمام الحسين "عليهالسلام " في كربلاء.
وأما البنات.. فهن:
رقية، وأم الحسن، وأم هاني، وفاطمة، وزينب الصغرى، وميمونة، ونفيسة، وخديجة، وأمامة، ورملة الكبرى، وجمانة، وأم سلمة، ورقية الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، ورملة الصغرى، وأم الكرام، وأم جعفر، ويمكن إضافة سكينة(2) إلى بناته "عليهالسلام ".
____________
1- راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص28 و 29 وذخائر العقبى ص117 وراجع: أنساب الأشراف ج2 ص103 والمجدي في أنساب الطالبين ص8 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص117 والهداية الكبرى ص95 وسر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري ص95 ومستدركات علم رجال الحديث ج6 ص101.
2- راجع: وسائل الشيعة(ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص227 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص168 ومستدرك الوسائل ج2 ص37 وجامع أحاديث الشيعة ج2 ص473 وج20 ص294 والأمالي للطوسي ص367 وبحار الأنوار ج43 ص179 وج101 ص45 وراجع: دلائل الامامة ص146 والدر النظيم ص457 والأنوار البهية ص62 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص387 وج8 = = ص213 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص596 واللمعة البيضاء للتبريزي ص860 وبيت الأحزان ص182.
وهناك خصوصيات كثيرة ترتبط بهؤلاء الذكور والأناث منهم على حد سواء، كما أن هناك اختلافات بالنسبة لبعضهم. أضربنا عن ذكرها لتوفير الفرصة لما هو أهم، ونفعه أعم..
غير أننا نشير هنا إلى الأمور التالية:
علي(عليهالسلام) يسمي أولاده باسم مناوئيه:
قد يقال: إذا كان أبو بكر وعمر وعثمان قد هاجموا بيت الزهراء "عليها السلام"، وارتكبوا في حق علي "عليهالسلام " والزهراء "عليها السلام" ما هو معلوم، وسيأتي شطر منه.. فكيف يسمي علي "عليهالسلام " أولاده بأسمائهم؟!
ألا يدل ذلك على حبه لهم، وعلى عدم صحة ما يدعى من هجومهم على بيت الزهراء "عليها السلام"، وضربها وإسقاط جنينها، وما إلى ذلك؟!
ويجاب بما يلي:
أولاً: إن تسمية إنسان ولده باسم شخص مع العلم بأنه قاصد لذلك، لا تكشف عن محبته لذلك الشخص إلا إذا ثبت بالتصريح منه، أو بأن يطلع الله تعالى أنبيائه على أن سبب تسميته باسمه هو حبه له، ولا شيء غير ذلك.. مثل تحاشي التعرض لبعض المشكلات، أو الطمع في الحصول على بعض الإمتيازات.. أو نحو ذلك.
ثانياً: قد يكون السبب في التسمية باسم بعينه هو استلطاف ذلك الاسم، وإن كان لا يُستَلْطَفُ بعض من سمي به، فنحن مثلاً لا نحب الظالمين والمنحرفين، حتى لو كان اسمهم محمد، وعلي، وياسر.. ولكننا نسمي أولادنا بهذه الأسماء، لأنها تدغدغ مشاعرنا، من جهات أخرى..
ثالثاً: من الذي قال: إن علياً "عليهالسلام " قد سمى ولده عمر، حباً بالخليفة عمر بن الخطاب؟! فلعله سماه بهذا الاسم حباً بعمر بن أبي سلمة، ربيب الرسول "صلىاللهعليهوآلهوسلم "، الذي شهد حرب الجمل مع علي "عليهالسلام "، وكان عامله على البحرين، وعلى فارس. وكان من ثقاته وكان يحبه(1) ..
بل ما أكثر اسم عمر بين الصحابة، وكذلك الحال في سائر الأسماء(2) .
رابعاً: قال ابن شبة النميري: حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب "عليهالسلام " قال: ولد لي غلام يوم قام عمر، فغدوت عليه فقلت
____________
1- راجع ترجمته في: الإستيعاب ج3 ص1159 وأسد الغابة ج4 ص79 وتهذيب الكمال ج21 ص374 والإصابة ج4 ص487 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص173 والإكمال في أسماء الرجال ص126 وراجع: جامع الرواة للأردبيلي ج1 ص630 والدرجات الرفيعة ص197 ومستدركات علم رجال الحديث ج6 ص73 ومعجم رجال الحديث ج14 ص17 وتاريخ بغداد ج1 ص207.
2- راجع الإصابة، وأسد الغابة، والإستيعاب.. وغير ذلك.
له: ولد لي غلام هذه الليلة.
قال: ممن؟!
قلت: من التغلبية.
قال: فهب لي اسمه.
قلت: نعم.
قال: فقد سميته باسمي، ونحلته غلامي موركاً.
قال: وكان نوبياً.
قال: فأعتقه عمر بن علي بعد ذلك. فولده اليوم مواليه(1) .
خامساً: ورد: أن علياً "عليهالسلام " قال عن سبب تسميته لولده بعثمان: إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون(2) .
سادساً: بالنسبة لأبي بكر ابن أمير المؤمنين نقول:
قيل: هذه كنية لمحمد الأصغر(3) ، ابن أمير المؤمنين "عليهالسلام ".
____________
1- تاريخ المدينة لابن شيبة ج2 ص755. وراجع: كتاب الأغاني.
2- مقاتل الطالبيين ص84 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1385هـ) ص55 وقاموس الرجال ج6 ص287 عنه، وبحار الأنوار ج31 ص307 وج45 ص38 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص294 وإبصار العين في أنصار الحسين "عليهالسلام " ص68.
3- الإرشاد ج1 ص354 والعمدة لابن البطريق ص30 وتاج المواليد (المجموعة) = = ج1 ص95 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص139 وبحار الأنوار ج42 ص89 والتنبيه والإشراف ص258 وإعلام الورى ج1 ص396 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص67 والفصول المهمة ج1 ص643 والأنوار العلوية ص447.
وقيل: هو كنية لعبد الله [أو عبيد الله] بن أمير المؤمنين(1) .
وقال أبو الفرج: أبو بكر بن علي بن أبي طالب، لم يعرف اسمه(2) .
وليس ثمة ما يدل على: أن علياً "عليهالسلام " هو الذي كنى ولده بها.. فلعل ذلك الولد هو الذي تكنَّى بهذه الكنية، ولعل غيره كناه بها لسبب، أو لآخر..
وقد أشرنا سابقاً: إلى أن هناك نصوصاً تؤكد على: أن الأمهات كنَّ يسمين أولادهن، ويخترن الأسماء التي تروق لهن، كأسماء الآباء أو الإخوة، أو غير ذلك، وتقدمت طائفة من شواهد ذلك في فقرة: تسمية علي "عليهالسلام "، فراجع.
____________
1- راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص28 وإبصار العين في أنصار الحسين "عليهالسلام " ص70.
2- مقاتل الطالبيين ص86 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1385هـ) ص56 وقاموس الرجال للتستري ج11 ص236 وأعيان الشيعة ج2 ص302 و 303.
نتيجة ما سبق:
وبذلك كله يعلم: أنه لا مجال للقول على سبيل الحتم والجزم، بأن الإمام علياً "عليهالسلام "، هو الذي سمى أبناءه من غير الزهراء "عليها السلام"، بهذا الاسم أو ذاك..
أما أبناء السيدة الزهراء "عليها السلام"، فقد سماهم رسول الله "صلىاللهعليهوآلهوسلم "، كما يعلم بالمراجعة.
وبذلك يعلم أيضاً: أن قول بعضهم: إن الإمام علياً "عليهالسلام " أراد بتسميته أولاده بهذه الأسماء أن يؤكد على الوحدة بين المسلمين، لأنها موافقة لأسماء الخلفاء الثلاثة غير ظاهر الوجه.. ولا سيما مع النصوص التي حددت أسباب تلك التسميات.
بالإضافة إلى أنه يمكن أن تثار احتمالات أخرى حول سبب ذلك مما قدمناه وسواه، كأن يقال:
إنه "عليهالسلام " أراد أن يفهم الناس: أن الأسماء ليست حكراً على أحد، وأنه إذا كان ثمة من اعتراض، فإنما هو على الأفعال، بالدرجة الأولى.
فإذا ما اضطر أحد إلى التسمية بهذا الاسم أو بذاك. فلا حرج عليه في ذلك..
وفي غير هذه الصورة، فإن الإقتصار على الأسماء التي سمّى بها رسول الله "صلىاللهعليهوآلهوسلم " هو الأولى، والأجدر.
إهانة للعباس بن علي(عليهالسلام):
تقدم: أن أبناء علي "عليهالسلام " من أم البنين فاطمة بنت حزام قد استشهدوا في كربلاء، وكان العباس ـ وهو أكبرهم ـ آخر من استشهد منهم، فذكر أبو الفرج: أن العباس قال لأخيه عبد الله: تقدم بين يديَّ حتى أراك، وأحتسبك، فإنه لا ولد لك. فتقدم، فاستشهد..
ثم إن العباس قدم أخاه جعفر بين يديه، لأنه لم يكن له ولد، ليحوز ولد العباس بن علي من ميراثه. فتقدم، فاستشهد(1) .
ثم قال أبو الفرج عن عباس: "وهو آخر من قتل من إخوته لأمه وأبيه، لأنه كان له عقب، ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه، فقتلوا جميعاً؛ فحاز مواريثهم، ثم تقدم فقتل، فورثهم وإياه عبيد الله، ونازعه في ذلك عمه عمر بن علي، فصولح على شيء رضي به"(2) .
ونقول:
أولاً: إذا كان لواء الإمام الحسين "عليهالسلام " بيد العباس كما صرح به أبو الفرج نفسه(3) ، وصرح به الإمام الحسين "عليهالسلام " أيضاً، وهو
____________
1- راجع: مقاتل الطالبيين ص82 و 83 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1385هـ) ص54 وبحار الأنوار ج45 ص38 والعوالم (الإمام الحسين "عليهالسلام ") للشيخ عبد الله البحراني ص282 وإبصار العين في أنصار الحسين "عليهالسلام " ص67.
2- مقاتل الطالبيين ص84 و (ط المكتبة الحيدرية ـ سنة 1385هـ) ص55.
3- مقاتل الطالبيين ص85 و (ط المكتبة الحيدرية ـ سنة 1385هـ) ص56.
المعهود من أصحاب الألوية وحامليها وقادتهم، فلماذا لا يكون السبب في تقديمه إخوته هو: أن يبقي لواء الحسين "عليهالسلام " مرفوعاً إلى آخر برهة يمكنه فيها ذلك؟!
ثانياً: من أين علم أبو الفرج: أنه "عليهالسلام " قد رغب بحيازة أولاده ميراث إخوته، فإن ذلك من النوايا التي لا يطَّلع عليها إلا الله تعالى؟! ولم يعش العباس بعدهم فترة يمكن أن يلتقي بها بأحد من الناس، ويخبرهم بنواياه هذه.
ثالثاً: قول العباس لعبد الله: "فإنه لا ولد لك" ـ لو صح ـ فهو لا يدل على ما زعمه، إذ لعل مقصوده: أن إقدام أخيه على الإستشهاد لن يكون في صعوبته بمستوى من له أولاد، كما أن الفاجعة به تكون أهون من الفاجعة بغيره..
رابعاً: ألا يعد قول العباس لأخيه: "فإنه لا ولد لك" من موجبات الأذى لأخيه، حيث إنه سوف يشعره ذلك بأنه باستشهاده ينقطع أثره، ويزول ذكره؟!
وهل يصدر هذا الأذى من خصوص أخيه العباس في مثل هذه الساعة، وهذا الموقف؟!
خامساً: هل صحيح أن العباس يفكر بهذه الطريقة في هذه اللحظات بالذات؟! وألا يشعر الإنسان بعدم الإنسجام بين هذا الطمع، أو فقل هذا التفكير بالدنيا وبين قوله لأخيه: أراك، واحتسبك؟!.
سادساً: لماذا ينازع عمر بن علي ورثة العباس فيما وصل إليهم من
أبيهم، فإن عمر لا يرث من إخوة العباس لأبيه وأمه شيئاً..
سابعاً: لماذا نازعهم عمر بن علي فقط ذلك، ولم ينازعهم أيضاً محمد بن الحنفية، بالإضافة إلى سائر بنات علي وأبنائه الذين كانوا بعد كربلاء على قيد الحياة؟!
سكينة بنت علي(عليهالسلام):
ويمكن عدَّ سكينة في جملة بنات أمير المؤمنين "عليهالسلام ".
ويدل على وجودها ما يلي:
1 ـ روى الشيخ الطوسي "رحمهالله " في كتابه الأمالي، عن أبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر، عن أبي القاسم إسماعيل بن علي، عن أبيه علي بن علي بن رزين، أخي دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي "صلوات الله عليهم"، قال:
"أُدخِل على أختي سكينة بنت علي "عليهالسلام " خادم، فغطت رأسها منه.
فقيل لها: إنه خادم.
قالت: هو رجل ومنع شهوتَه(1) .
____________
1- وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص227 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص168 والأمالي للطوسي ص336 و 367 وبحار الأنوار ج101 ص45 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص294 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص387.
وضعف سند الرواية بهلال الحفار لا يعني كذب مضمونها.. لا سيما وأننا لا نرى مصلحة ولا داعياً لأحد في اختلاق بنت لأمير المؤمنين "عليهالسلام "، لا من ناحية مذهبية، ولا قبلية، ولا سياسية، ولا غير ذلك..
وأما نقل الإمام الحسين "عليهالسلام " هذا الحديث عن أخته، فلعله لإظهار فضلها، وشدة إحتياطها لدينها، لا لأجل أنه "عليهالسلام " قد تعلّم منها هذا الحكم..
2 ـ عن محمد بن جرير الطبري، عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم (ابن الخياط)، عن أبي الحسن علي بن محمد بن جعفر العسكري، عن صعصعة بن سياب بن ناجية أبي محمد، عن زيد بن موسى، عن أبيه "عليهالسلام "، عن أبيه جعفر بن محمد "عليهالسلام "، عن أبيه "عليهالسلام "، عن عمه (أي عن عم جعفر "عليهالسلام ") زيد بن علي، عن أبيه "عليهالسلام "، عن سكينة وزينب ابنتي علي، عن علي "عليهالسلام " قال: قال رسول الله "صلىاللهعليهوآلهوسلم ": إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية، وإن بنات الأنبياء لا يحضن(1) .
وضعف سند الرواية أيضاً لا يعني كذب مضمونها، لا سيما وأن
____________
1- دلائل الإمامة للطبري ص145 ـ 146 وبحار الأنوار ج78 ص112 ومستدرك الوسائل ج2 ص37 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص387 والدر النظيم ص457 وجامع أحاديث الشيعة ج2 ص473.
المضمون مروي بروايات كثيرة أخرى.
ورواية الإمام الباقر "عليهالسلام " عن زيد، ثم رواية الإمام السجاد "عليهالسلام " عن عمته زينب وسكينة، قد يكون المقصود منه الإعلان بفضل زيد، وبمقام وفضل زينب وسكينة.
3 ـ نقل العلامة المجلسي "رحمهالله " من بعض الكتب خبراً قال: إنه لم يأخذه من أصل يعول عليه، وهو:
أن ورقة بن عبد الله الأزدي طلب من فضة خادمة السيدة الزهراء "عليها السلام" أن تحدثه بحديث وفاة فاطمة الزهراء "عليها السلام"، فحدثته به..
إلى أن قالت: إن علياً "عليهالسلام " قال: "وكفنتها، وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء، ناديت: يا أم كلثوم، يا زينب، يا سكينة، يا فضة، يا حسن، يا حسين، هلموا، تزودوا من أمكم، فهذا الفراق، واللقاء في الجنة الخ.."(1) .
ويمكن أن يعترض على هذه الرواية:
أولاً: بأن المجلسي "رحمهالله " قد صرح بأنه لم ينقلها من الكتب
____________
1- بحار الأنوار ج43 ص179 والأنوار البهية ص62 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص213 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص596 واللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري ص860 وبيت الأحزان ص182.
المعتمدة(1) .
ثانياً: ذكر سكينة هنا لا يدل على أنها من بنات علي "عليهالسلام "، بدليل ذكر فضه أيضاً، فلعل سكينة خادمة مثل فضة، أو لعلها كانت ضيفة عليهم، أو ربيبة. وقد ناداها "عليهالسلام " لإظهار مزيد اهتمامه بها..
ونجيب:
ألف: إن عدم نقل الرواية من الكتب المعتمدة لا يعني فقد الرواية للإعتبار، فهناك روايات كثيرة لم تنقل من الكتب، وقد اعتمد عليها علماؤنا. وليكن هذا الخبر بمثابة خبر مرسل، فإن إرساله لا يعني أنه مكذوب ومختلق.
ب: إن ذكر فضة لا يضر، لمعلومية كون فضة خادمة عند الخاص والعام، وقد ذكرت مع الأبناء لشدة اختلاطها بهم، واعتبارها كأحدهم.
ج: إحتمال أن تكون سكينة ضيفاً، ثم يناديها "عليهالسلام " في جملة من ناداه من أبناء الزهراء "عليها السلام".. بعيد، فإن الضيف يحتاج لكي ينادى للتزود من الزهراء،باعتبارها أماً، إلى مزيد من الخلطة ورفع الكلفة، حتى تصبح الزهراء "عليها السلام" بمثابة الأم لها..
واحتمال كونها ربيبة، يحتاج إلى شاهد يشير إلى وجود ربائب لدى الزهراء "عليها السلام" قبل وفاتها، وهو مفقود.
وكذلك الحال بالنسبة لاحتمال كونها خادمة.. فإن النصوص قد ذكرت فضة وسواها بهذه الصفة.. فلماذا لم نعثر على ذكر لخادمة للزهراء
____________
1- بحار الأنوار ج43 ص174.
"عليها السلام" بهذا الإسم؟!
على أن جميع هذه الإحتمالات تقضي أن يصرح الراوي بهذه الخصوصية التي سوغت مناداتها.
4 ـ قد أورد إبرهيم بن محمد الأسفراييني الشافعي، في كتابه المسمى بـ: "نور العين في مشهد الحسين" اسم سكينة في عدد من المواضع، وهي تكلم أخاها، أو يكلمها أخوها الإمام الحسين "عليهالسلام "، أو أنها تتصرف وتساهم في صنع الأحداث(1) .
فإنه حتى لو كان الأسفراييني قد أطلق العنان لخياله، للمبالغة في تصوير واقعة كربلاء، فإنه يتقيد عادة بذكر الشخصيات الرئيسية، ولا يحاول الإبتداع لها، والتزوير فيها، لأن من الطبيعي أن يقتصر المزور على الشخصيات الحقيقية، ثم يحاول التزوير والتمرير في جهات خفية.. تحت طوفان من الكلمات الرنانة، والتصويرات الخادعة..
5 ـ أشار علماء الرجال إلى وجود سكينة بنت علي أيضاً، فقد قال أبو حاتم والبخاري: "سالم أبو العلاء مولى إبراهيم الطائي، سمع أبا صالح، سمع سكينة بنت علي، عن النبي "صلىاللهعليهوآلهوسلم " مرسل. سمع منه عبد الصمد"(2) .
وهذا يعطي: أن الحديث عن سكينة بنت علي موجود عند السنة
____________
1- نور العين في مشهد الحسين "عليهالسلام " راجع: ص7 إلى 15.
2- التاريخ الكبير للبخاري ج4 ص110 والجرح والتعديل ج4 ص191.
والشيعة على حد سواء..
إلا أن يُدَّعى: أن المقصود هو سكينة بنت علي آخر غير الإمام أمير المؤمنين "عليهالسلام ".. وهذا يحتاج إلى شاهد، ولو أخذنا بهذا الاحتمال لكان على من يذكرها أن يذكر ما يميزها، ويمنع من الإشتباه.
متى ولد ابن الحنفية؟!:
وزعموا: أن محمد بن علي "عليهالسلام " (ابن الحنفية) ولد في خلافة أبي بكر، وبالذات "في العام الذي مات فيه أبو بكر"(1) .
غير أننا نشك في صحة ذلك، فقد ذكروا: أنه "رحمهالله " قد حمل اللواء يوم الجمل وهو ابن تسع عشرة سنة(2) .
____________
1- راجع: سير أعلام النبلاء ج4 ص111 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص323.
2- الجمل للمفيد ص356 و 359 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص190 و 182 و 186 و 189 و 192 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص43 و 241 و 243 و 245 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص93 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص514 والمناقب للخوارزمي ص186 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص473 وفضائل أمير المؤمنين "عليهالسلام " لابن عقدة ص87 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص485 وتاريخ خليفة بن خياط ص138 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص128 ورسائل المرتضى ج3 ص264 والسرائر لابن إدريس الحلي ج3 ص238 ومستدرك الوسائل ج11 ص53 و 86 والأمالي للمفيد ص24 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج3 ص185 وبحار الأنوار ج32 ص187 و 195 و 268 وج97 ص39 وشجرة طوبى ج2 ص320 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص98 و 115 و 116 و 127 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص244 والتاريخ الكبير للبخاري ج5 ص56 وج8 ص343 وأنساب الأشراف ص241.
وحرب الجمل كانت في سنة خمس وثلاثين للهجرة، فإذا أنقصنا منها تسع عشرة سنة، فإن ولادة ابن الحنفية تكون في السنة السادسة عشرة من الهجرة..
وأبو بكر توفي في السنة الثالثة عشرة، في جمادى الآخرة..
ابن الحنفية لم يشهد كربلاء:
ثم إن من المعروف: أن محمد بن الحنفية لم يشهد كربلاء(1) . وقد حاول بعضهم الطعن فيه استناداً إلى ذلك.
ونقول:
إن ذلك لا يعد طعناً على ابن الحنفية، وذلك لما يلي:
ألف: روى أبو العباس المبرد: أنه قد جيء بدرع لأمير المؤمنين "عليهالسلام "، فطلب منه أن يقصرها، فأخذها وجمعها بكلتا يديه، وجذبها فقطع الزائد من الموضع الذي حدّه له أبوه(2) .
____________
1- سير أعلام النبلاء ج4 ص114 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص100 وأنساب الأشراف ج5 ص317 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص338.
2- الكامل في الأدب لأبي العباس المبرد ج3 ص266 والوافي بالوفيات للصفدي ج4 ص76 والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص59 والدر النظيم ص439 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليهالسلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص130 وربيع الأبرار ج3 ص325.
قالوا: فأصابته عين بسبب ذلك. فخرج بيده خرّاج، وعطل يده(1) .
وقال ابن نما: أصابته قروح من عين نظرت إليه، فلم يتمكن من الخروج مع الحسين "عليهالسلام "(2) .
وقال العلامة الحلي في أجوبة المسائل المهنائية: نقل أنه كان مريضاً(3) .
ب: قيل إن الإمام الحسين "عليهالسلام " أمره بأن يبقى في المدينة ليكون له عيناً، ويخبره بكل ما يكون منهم، حيث قال له: وأما أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عيناً عليهم، لا تخفي عني شيئاً من أمورهم(4) .
وهذه الرواية لا تنافي سابقتها، فإن من تعطلت يده يستطيع أن يكون عينا للإمام الحسين "عليهالسلام " في المدينة.
هذا..وقد روي عن علي "عليهالسلام " قوله: إن المحامدة تأبى أن
____________
1- زهر الربيع (ط دار العماد) ص489.
2- أخذ الثأر لابن نما ص81.
3- أجوبة المسائل المنهائية ص38 بحار الأنوار ج42 ص110 والأنوار العلوية ص438.
4- الفتوح لابن أعثم ج5 ص32 وبحار الأنوار ج44 ص329 والعوالم (الإمام الحسين "عليهالسلام ") للشيخ عبد الله البحراني ص178.
يعصى الله عز وجل.
قلت: ومن المحامدة؟!
قال: محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين "عليهالسلام "(1) .
وهذا يدل على أنه لو كان محمد يستطيع نصر أخيه لم يتأخر عن ذلك.
____________
1- إختيار معرفة الرجال للطوسي ص70 و (ط مؤسسة آل البيت "عليهم السلام" لإحياء التراث سنة 1404هـ) ج1 ص286 (125) ومنتهى المقال ج5 ص293 ونقد الرجال للتفرشي ج4 ص97 وجامع الرواة للأردبيلي ج2 ص45 ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج6 ص374 ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج15 ص247 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص19 وج9 ص158 و 243 وبحار الأنوار ج33 ص242 وج34 ص282 والغارات للثقفي ج2 ص752.
رقم (1)