• البداية
  • السابق
  • 356 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20913 / تحميل: 6942
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 2

مؤلف:
العربية

المواجهة معه.

4 ـ قوله(عليه‌السلام) : فأهويت إليه.. لا يريد أنه أهوى إليه بسيفه. بل يريد أنه أهوى إليه بنفسه وهجم عليه، واشتبك معه. فسمع نداء حمزة قبل أن يباشر القتال معه، فآثر أن ينيل حمزة ثواب المشاركة في قتل ذلك الكافر المحارب لله ورسوله.

وليس في الراوية ما يدل على أن علياً(عليه‌السلام) قد عجز عن قتل طعيمة، فاحتاج إلى المعونة.

5 ـ وهذا التصرف من علي وحمزة كأنه بمثابة رد الجميل من حمزة لعلي(عليه‌السلام) حين مبارزته لشيبة، حيث اشتبك حمزة مع شيبة، فلما قتل علي(عليه‌السلام) الوليد جاء فوجدهما على تلك الحال، فقال لعمه طأطئ رأسك يا عم، فخفض رأسه، فضرب(عليه‌السلام) شيبة، فأطار قحف رأسه..

غير أن الفرق بين الموردين هو أن حمزة لم يكن قادراً على حسم الأمر مع قرنه، أما علي(عليه‌السلام) فلم يكن قد بدأ معه الصراع، لأن حمزة قد ظهر في لحظة شروع الصراع بين علي(عليه‌السلام) وقرنه، كما أظهرته الرواية.

6 ـ ويبقى لنا تحفظ على هذه الرواية، من حيث أنها ذكرت أن الذي قتل طعيمة هو حمزة.. مع أنه سيأتي في الفصل التالي قول المؤرخين: إن علياً(عليه‌السلام) هو الذي قتل طعيمة.. فلعل علياً(عليه‌السلام) قد طعنه بما أوجب قتله ثم جاءت ضربة حمزة لتذهب بقحف رأس طعيمة.. أو أن حمزة ضربه على قحف رأسه، فقشر جلدته.. ثم أجهز عليه علي(عليه‌السلام) .

٣٠١

درع علي في حروبه:

ورغم كل انجازات علي(عليه‌السلام) في بدر وأحد، والخندق وخيبر، وحنين، وسواها، فإنهم يقولون:

1 ـ إنه(عليه‌السلام) كان يبرز إلى أعدائه في درع لا ظهر لها(1) ، فإذا سئل عن ذلك، يقول: إذا مكنت عدوي من ظهري، فلا أبقى الله عليه إن أبقى علي(2) .

____________

1- راجع: بحار الأنوار ج42 ص58 وج41 ص67 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص296 ـ 298 والتبيان في شرح الديوان [أي ديوان المتنبي] (ط الحلبي بمصر) ج3 ص312 ومعالم الفتن لسعيد أيوب عن مروج الذهب ج2 ص240 وعن كنز العمال ج11 ص347 وعن عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص130 و 131 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص280 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للريشهري ج9 ص428 و 429 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص325 وج18 ص78 و 79 وج31 ص569 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص3 ولسان العرب ج1 ص658 والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج3 ص63 ومجمع البحرين ج3 ص445 وتاج العروس ج2 ص303 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص340.

2- المستطرف (ط القاهرة) ج1 ص199 وتاج العروس (ط القاهرة) ج8 ص150 والموفقيات ص343 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ج3 ص863 وج42 ص340 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص429 وشرح إحقاق الحق ج8ص325 وج18 ص79 وج32 ص339

٣٠٢

2 ـ عن ابن عباس قال: والله ما رأيت رجلاً أطرح لنفسه في متلف من علي، ولقد كنت أراه يخرج حاسر الرأس إلى الرجل الدارع فيقتله(1) .

صدقوا ما عاهدوا الله عليه:

عن علي(عليه‌السلام) في حديث: "ولقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وعمي حمزة، وأخي جعفر، وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله، فتقدمني أصحابي، وتخلفت (خلفت) بعدهم لما أراد الله عز وجل، فأنزل الله فينا:

( مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (2) : حمزة، وجعفر، وعبيدة، وأنا والله

____________

1- الرياض النضرة (ط الخانخي بمصر) ص225 وذخائر العقبى (ط مكتبة القدسي بالقاهرة) ص98 و 99 وأرجح المطالب (ط لاهور) ص178 والمناقب لابن المغازلي وعن وسيلة المآل، وراجع: جواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص266 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج6 ص142 وج9 ص428 وشرح إحقاق الحق ج3 ص324 وج18 ص80 وج32 ص516.

2- الآية 23 من سورة الأحزاب.

٣٠٣

المنتظر"(1) .

وعن عبد الله بن الحسن، عن آبائه قال: "وعاهد علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب(عليه‌السلام) أن لا يفروا من زحف أبداً، فماتوا كلهم(2) ، فأنزل الله عز وجل:( مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا.. ) الآية"(3) .

ونلاحظ هنا ما يلي:

1 ـ إن هذا العهد الذي صدقه هؤلاء ـ كما أفادته الآية ـ لابد أن يكون قد حصل قبل حرب بدر.. بل في أوائل البعثة، قبل سفر جعفر إلى الحبشة،

____________

1- البرهان (تفسير) ج6 ص240 و 237 والخصال ج1 ص364 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص376 وتأويل الآيات ج2 ص449 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص141 وشرح الأخبار ج1 ص353 والإختصاص للمفيد ص174 وحلية الأبرار ج2 ص373 وبحار الأنوار ج31 ص349 وج35 ص410 وج38 ص178 وج64 ص190 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص459 والأصفى ج2 ص988 والصافي ج4 ص181 وج6 ص31 ونور الثقلين ج4 ص258 وغاية المرام ج4 ص319.

2- لعل الصحيح: فماتوا.

3- تأويل الآيات ج2 ص449 والبرهان (تفسير) ج6 ص237 عنه، وبحار الأنوار ج35 ص411 وغاية المرام ج4 ص317.

٣٠٤

لأنه لم يرجع منها إلا حين فتح خيبر..

والمفروض: أن الآية نزلت في مناسبة حرب بدر.

ومع غض النظر عن ذلك، فإن حمزة قد استشهد في حرب أحد، وعبيدة استشهد في بدر، وهما قبل خيبر بسنوات، فلم يجتمع جعفر وعلي وحمزة وعبيدة إلا قبل الهجرة إلى الحبشة..

2 ـ إن ذلك يدلنا على ان المراد بقوله تعالى( صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) ـ أن هؤلاء الأربعة كانوا يعلمون بأنهم مقدمون على حروب هائلة، وكانوا بصدد تدبر أمرها، والتهيؤ والإستعداد لها.. وأن استعدادهم للإستشهاد كان منذ ذلك الحين..

3 ـ إن هذه الآية قد نزلت ـ على ما يظهر ـ بعد حرب مؤتة، لأن الروايات تصرح: بأن الذي ينتظر هو خصوص علي(عليه‌السلام) (1) ، ولو

____________

1- تأويل الآيات الظاهرة ج2 ص449 ح8 و 9 والخصال ج1 ص364 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص376 ونهج السعادة ج8 ص319 ودعائم الإسلام ج2 ص354 وغاية المرام ج4 ص317 وراجع ج2 ص373 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص92 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص288 وتفسير القمي ج2 ص163 والبرهـان (تفسير) ج6 ص237 و 240 وراجع: مصباح البلاغـة (مستدرك = = نهج البلاغة) ج3 ص141 والإختصاص للمفيد ص174 وحلية الأبرار ج2 ص373 وبحار الأنوار ج31 ص349 وج35 ص408 و 410 و 411 و 418 وج38 ص178 وج64 ص190 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص459 وشواهد التنزيل ج2 ص5 وتفسير الآلوسي ج21 ص172 وجوامع الجامع ج3 ص57 ومجمع البيان ج8 ص145 والأصفى ج2 ص988 والصافي ج4 ص180 وج6 ص31 و 32 ونور الثقلين ج4 ص258 وينابيع المودة ج1 ص285.

٣٠٥

كانت قد نزلت في بدر لكان المقصود بمن ينتظر: علي وحمزة وجعفر، لأن حمزة وجعفراً كانا لا يزالان على قيد الحياة في بدر وبعدها.

فإن كان المقصود بمن ينتظر هو خصوص علي، فالمفروض: أن يكون الثلاثة الآخرون قد قضوا نحبهم بنص الآية الشريفة..

الملائكة في صورة علي(عليه‌السلام) ، لماذا؟!:

وفي بدر أمدَّ الله المسلمين بالملائكة، لتثبيت قلوبهم، وليكونوا بشرى لهم. وكان الملائكة يتشبهون بأمير المؤمنين علي(عليه‌السلام) (1) .

ولا صحة لقولهم: إنهم كانوا يتشبهون بالزبير بن العوام، الذي كان يلبس عمامة صفراء، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر(2) .

____________

1- مناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص79 وبحار الأنوار ج19 ص285 و ج41 ص99 عنه، والفصول المختارة ص295 والخرائج والجرائح ج2 ص812 ومدينة المعاجز ج2 ص304 و 306 والدرجات الرفيعة ص405.

2- المستدرك للحاكم ج3 ص631 وعمدة القاري ج17 ص77 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص19 وج7 ص593 وج8 ص479 ومسند ابن راهويه ج3 ص883 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص513 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص159 وكنز العمال ج10 ص419 وج13 ص209 وتفسير القرآن للصنعاني ج1 ص131 وجامع البيان ج4 ص110 و 111 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص755 وتفسير الثعلبي ج3 ص144 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص388 والمحرر الوجيز ج1 ص504 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص196 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص411 والدر المنثور ج2 ص70 وفتح القدير ج1 ص379 وتفسير الآلوسي ج4 ص46 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص26 وج3 ص103 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص353 و 354 وحياة الصحابة ج3 ص586 ومجمع الزوائد ج6 ص84 والعثمانية للجاحظ ص56 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص499 وإمتاع الأسماع ج1 ص106 وج3 ص323 و 324 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص43 و 44 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص425.

٣٠٦

نعم، لا صحة لذلك:

أولاً: لما روي: من أنه كان على الملائكة عمائم بيض(1) .

____________

1- دلائل النبوة لأبي نعيم ص170 وحياة الصحابة ج3 ص586 وبحار الأنوار ج19 ص208 و 324 ومجمع الزوائد ج6 ص82 وعمدة القاري ج17 ص77 والمعجم الكبير للطبراني ج11 ص308 ومجمع البيان ج2 ص383 وتفسير الثعلبي ج3 = = ص144 وتفسير السمعاني ج1 ص354 وج2 ص250 وتفسير البغوي ج1 ص348 وج2 ص233 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص410 وتفسير الجلالين ص84 والدر المنثور ج2 ص70 وتفسير أبي السعود ج2 ص81 وتفسير الآلوسي ج4 ص46 والثقات لابن حبان ج1 ص168 والبداية والنهاية ج3 ص343 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص43 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص425 و 426 وتاريخ خليفة بن خياط ص160 والدر النظيم ص153.

٣٠٧

ثانياً: إن مجرد التشابه في لون العمامة ـ لو صح ـ لا يعني التشبه بصاحبها.. فلعل ذلك قد جاء على سبيل الصدفة، فثمة جيش يلبس فيه الناس عمائم مختلفة الألوان، فلا بد أن تتشابه عمائم الملائكة مع واحدة منها..

ثالثاً: ما هي خصوصية الزبير في حرب بدر، أو في غيرها لكي تتشبه به الملائكة؟! إلا إن كان المقصود مكافأته على حربه أمير المؤمنين(عليه‌السلام) ، الذي كان إمامه، وله في عنقه بيعة، وقد قاتله الزبير وهو له ظالم وكان علي(عليه‌السلام) إمام زمانه..

رابعاً: إن التشبه بعلي كان يهدف إلى إلقاء الرعب في قلوب المشركين، وطمأنة قلوب المؤمنين، وفقاً لقوله تعالى:( وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِِ قُلُوبُكُمْ ) (1) .

ولا يكفي في هذا التشبه في لون العمامة الصفراء أو البيضاء، بل لا بد من اتخاذ الملاك صورة علي(عليه‌السلام) حتى يرى أهل العسكر أن علياً(عليه‌السلام) معهم أينما التفتوا أو توجهوا، لتحصل طمأنينة القلوب

____________

1- الآية 10 من سورة الأنفال.

٣٠٨

بقربه منهم، وأن نصرته مبذولة لهم، فعليهم ألا يخشوا شيئاً ما دام قريباً منهم..

وقد ظهرت لهم تضحياته وبطولاته بقتل الفرسان الثلاثة، حيث قتل الوليد، وشارك في قتل عتبة وشيبة.. وكان يهد الناس هداً حتى قتل نصف قتلى المشركين، وشارك في قتل النصف الآخر.

علي(عليه‌السلام) يتعاهد النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) في بدر:

عن علي(عليه‌السلام) ، قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) ما فعل.

قال: فجئت، فإذا هو ساجد يقول: يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، لا يزيد عليها، فرجعت إلى القتال.

ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضاً فذهبت إلى القتال.

ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، حتى فتح الله عليه(1) .

____________

1- المستدرك للحاكم ج1 ص222 ومجمع الزوائد ج10 ص147 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص157 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص26 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص83 وإمتاع الأسماع ج12 ص138 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص418 والعمدة لابن البطريق ص300 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص37 والبدايـة والنهايـة ج3 ص275 و 276 و (ط دار إحيـاء التراث = = العربي) ج3 ص336 عن البيهقي، والنسائي في اليوم والليلة، وحياة الصحابة ج1 ص502 عنه، وكنز العمال ج5 ص267 و (ط مؤسسة الرسالة) ج10 ص399 عن الحاكم، والبزار، وأبي يعلى والفريابي.

٣٠٩

ونقول:

1 ـ إن ذلك لا يعني أنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم يشارك المقاتلين في الحضور في ساحة القتال، لتقوية قلوبهم، والشد على أيديههم، فلعله شارك في ذلك في بداية الحرب، ثم في أوقات مختلفة بعد ذلك.

2 ـ إن حراجة الموقف، وضرام الحرب، التي كانت أصعب حرب، حيث بلغت القلوب الحناجر، لم يشغل علياً(عليه‌السلام) عن تعاهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، والإطمئنان على حاله..

وقد كان هذا هو حال علي(عليه‌السلام) في سائر المواطن، فقد كان هو الذي يهتم بحفظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وحراسته، وكان(عليه‌السلام) يتولى حراسة( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وهو في بيته، وكان له أسطوان في المسجد سمي أسطوان علي بن أبي طالب، أو أسطوان المحرس كان(عليه‌السلام) يجلس في صفحتها التي تلي القبر، مما يلي باب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) لحراسته(1) .

3 ـ إنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله) في تلك اللحظات الحرجة جداً يلجأ

____________

1- وفاء الوفاء ج2 ص448 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص348 عن تاريخ المدينة المنورة (ط مصر) ج1 ص318، وج18 ص169 عن روضة المحتاجين لمعرفة قواعد الدين (ط دار الفكر بيروت) ص382.

٣١٠

للدعاء والإبتهال إلى الله، لأنه هو الذي يهب النصر، ويمنح أهل الحق اليقين والصبر، ويشملهم بعناياته وألطافه، فبدون ذلك لا ينال النصر، ولا يتحقق الظفر.

4 ـ إن أمير المؤمنين(عليه‌السلام) الذي كان أعظم الناس عناءً في تلك الحرب، حتى لقد قتل نصف قتلى المشركين، وشارك في قتل النصف الآخر.. لا يعطي لنفسه أي دور في النصر الذي تحقق، بل هو ينسب النصر والفتح والظفر إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) .

بينما نجد الآخرون يحبون أو فقل يريدون أن يمدحوا بما لم يفعلوا ولا نريد أن نقول اكثر من ذلك.

٣١١

الفصل الرابع: بعد أن وضعت الحرب أوزارها..

٣١٢

٣١٣

قتلى المشركين في بدر:

وقتل في بدر سبعون رجلاً من المشركين، وأسر سبعون، وكانت ضربة هائلة للشرك والمشركين، وقد أثرت نتائج حرب بدر، وأحد والخندق وغيرها في قلوب القرشيين، حتى قيل: كانت قريش إذا رأت أمير المؤمنين(عليه‌السلام) في كتيبة تواصت خوفاً منه.

ونظر إليه رجل وقد شق العسكر، فقال: قد علمت أن ملك الموت في الجانب الذي فيه علي(1) .

وعلى كل حال، فقد سماه الكفار يوم بدر بـ "الموت الأحمر" لعظم بلائه ونكايته(2) .

____________

1- محاضرات الأدباء للراغب ج3 ص138 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص331 عنه.

2- مناقب آل أبي طالب ج2 ص68 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص342 وج3 ص43 و 67 وبحار الأنوار ج41 ص63 وج39 ص58 وج35 ص62 والفضائل لشاذان ص175 وشجرة طوبى ج2 ص220.

٣١٤

كما أن الشعبي يقول: "كان علي أشجع الناس، تقر له بذلك العرب"(1) .

وقد تقدم حين الحديث عن مبارزة علي وحمزة وعبيدة، لعتبة وشيبة والوليد قول بعض بني عامر في جواب حسان، وقول هند في رثاء قتلاها.

وقال أسيد بن أبي إياس يحرض مشركي قريش على علي(عليه‌السلام) :

في كل مجمع غاية أخزاكم جذع أبر على المذاكي القرح

لله دركم ألمَّا تنكروا قد ينكر الحر الكريم ويستحي

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحاً وقتلاً قعصة لم يذبح

أعطوه خرجاً واتقوا تضريبه فعل الذليل وبيعة لم تربح

أين الكهول وأين كل دعامة في المعضلات وأين زين الأبطح

أفناهم قعصاً وضرباً يفتري بالسيف يعمل حده لم يصفح(2)

____________

1- نور القبس ص249 وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ص121.

2- أسد الغابة ج4 ص20 و 21 والإصابة ج1 ص231 وج4 ص465 وترجمة الإمام علي )عليه‌السلام ( من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص15 والإرشاد للمفيد ص47 و (ط دار المفيد) ج1 ص77 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص121 وبحار الأنوار ج19 ص282 وج41 ص97 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص188 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص188 وتيسير المطالب ص50 ورسائل المرتضى ج4 ص120 و 124 والفصـول المختـارة = = ص292 والميزان ج9 ص33 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص8 وكشف الغمة ج1 ص35 وينابيع المودة ج1 ص470.

والجذع: الأسد.

والمذاكي: الخيل بعد مضي خمس سنين من عمرها.

وضربه فأقعصه: أي قتله مكانه.

ولم يصفح: أي لم يضرب بصفح السيف.

٣١٥

وقال عبد الله بن رواحة:

ليهن علياً يوم بدر حضوره ومشهده بالخير ضرباً مرعبلا

وكائن له من مشهد غير خامل يظل له رأس الكمي مجدلا(1)

إلى آخر الأبيات.

ولماذا لا يسمى(عليه‌السلام) بالموت الأحمر؟! وهو الذي تقول في حقه بعض الروايات: إن جبرائيل نادى بين السماء والأرض في بدر:

لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار

ويقال: إن هذه المناداة كانت في أحد ايضاً كما سيأتي.

____________

1- مناقب آل أبي طالب ج3 ص20 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص312 وبحار الأنوار ج19 ص292 وأعيان الشيعة ج8 ص52.

والمرعبل: المقطع.

٣١٦

وقد قلنا: إنه(عليه‌السلام) قتل من المشركين في بدر نصف السبعين، وشارك في قتل النصف الآخر(1) .

وقد عد الشيخ المفيد ستة وثلاثين بأسمائهم ممن قتلهم علي(عليه‌السلام) (2) .

وقال ابن إسحاق: أكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي(3) .

وقال الطبرسي، والقمي: إنه قتل منهم سبعة وعشرين(4) .

____________

1- راجع: نهج الحق الموجود في ضمن دلائل الصدق ج2 ص353 و (ط دار الهجرة ـ قم) ص248. ولم يعترض عليه ابن روزبهان بشيء. وراجع: كتاب الأربعين للشيرازي ص419 وبحار الأنوار ج41 ص146 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص24 وإحقاق الحق (الأصل) ص206 وسفينة النجاة للتنكابني ص367 والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص278 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص358 وشجرة طوبى ج2 ص273 وكشف اليقين ص126.

2- الإرشاد ص43 و 44 و (ط دار المفيد) ج1 ص70 وبحار الأنوار ج19 ص277 و 316 عنه، وإعلام الورى ص77 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص62 والميزان ج9 ص32 وأعيان الشيعة ج1 ص383 وكشف الغمة ج1 ص183 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص468 وراجع: منهاج الكرامة ص165.

3- مناقب آل أبي طالب ج3 ص120 و (ط المكتبة الحيدرية)ج2 ص312 وبحار الأنوار ج19 ص291 وج41 ص81 والميزان ج9 ص33.

4- راجع: مجمع البيان ج4 ص493 وتفسير القمي ج1 ص271 و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ قم) ج1 ص269 وبحـار الأنـوار ج19 ص240 و 259 و 291 = = وج41 ص80 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص120 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص312 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص300 والصافي ج2 ص285 ونور الثقلين ج2 ص135 والميزان ج9 ص33 و 138.

٣١٧

وقال أسامة بن منقذ: قتل أربعة وعشرين سوى من شارك فيهم(1) .

وقال الشبلنجي: قال بعضهم: "إن أهل الغزوات أجمعت على أن جملة من قتل يوم بدر سبعون رجلاً، قتل علي منهم أحداً وعشرين، تسعة باتفاق الناقلين، وأربعة شاركه فيهم غيره، وثمانية مختلف فيهم"(2) .

وعد الواقدي: اثنين وعشرين؛ ثمانية عشر منهم قتلهم علي، وأربعة مختلف فيهم(3) .

وعد المعتزلي، وابن هشام (مع التلفيق بينهما): تسعة وعشرين قتلهم علي، أو شرك في قتلهم من أصل اثنين وخمسين(4) .

____________

1- لباب الآداب ص173 وراجع: بحار الأنوار ج19 ص365 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص212 والميزان ج9 ص33 وأعيان الشيعة ج1 ص384.

2- نور الأبصار ص86 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص357 و 358 وراجع: الفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص304.

3- مغازي الواقدي ج1 ص147 ـ 152.

4- راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص365 ـ 372 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص208 ـ 212 وبحار الأنوار ج19 ص361 ـ 365.

٣١٨

وهذا الإختلاف ليس ذا أهمية، فإن من يذكر هؤلاء أسماءهم إنما هم في حدود الخمسين، أو أقل، أو أكثر بقليل(1) .

فنجد علياً قد قتل من هؤلاء نصفهم أو أزيد. ولو أنهم اهتدوا إلى أسماء الباقين، لارتقى عدد من يسمونه من قتلاه(عليه‌السلام) إلى نصف السبعين، أو زاد، فكيف بمن شرك في قتلهم.

نعم.. هذه هي الحقيقة، ولكن المؤرخين، الذين جاؤوا بعد هؤلاء قد ذكروا من عدهم هؤلاء في ضمن الخمسين، واعتبروهم جميع من قتل من السبعين، مع أنهم بعض من قتل.

ويلاحظ: أن البعض يعرف ممن قتلهم علي(عليه‌السلام) أشخاصاً، لا يعرفهم البعض الآخر، وبالعكس. وذلك أيضاً يؤيد صحة ما ذكرناه وذكره الشيخ المفيد وغيره ويؤكده.

وعلى كل حال، فقد كان ممن قتلهم أمير المؤمنين(عليه‌السلام) في بدر: طعيمة بن عدي، وأبو حذيفة بن أبي سفيان، والعاص بن سعيد بن العاص، الذي أحجم الناس عنه، ونوفل بن خويلد، وكان من شياطين قريش، والعاص بن هشام بن المغيرة(2) .

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص212 وابن هشام، والواقدي وغيرهم.

2- المنمق ص456 والأغاني (ط ساسي) ج3 ص100. وراجع: شرح الأخبار ج1 ص263 وإعلام الورى ج1 ص376 والإرشاد للمفيد ج1 ص69 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص61 وبحار الأنوار ج19 ص276 والميزان ج9 ص32 والدر النظيم ص152.

٣١٩

رواية مكذوبة:

وزعم البعض: أن عمر بن الخطاب هو الذي قتل العاص بن هشام بن المغيرة(1) .

ويروون: أن عمر قال لسعيد بن العاص: إنه ما قتل أباه، وإنما قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة(2) .

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص34 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص368 و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج2 ص528 والسيرة الحلبية ج2 ص145 وإمتاع الأسماع ج6 ص239 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص431 وج4 ص1540 وأسد الغابة ج5 ص64 والإصابة ج6 ص425 والمعارف لابن قتيبة ص156 وكتاب المحبر لابن حبيب البغدادي ص175 وتفسير الثعلبي ج9 ص265 وأسباب نزول الآيات ص278 والثقات لابن حبان ج1 ص171 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص308 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص346 وراجع: نسب قريش لمصعب ص301 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص128 والوافي بالوفيات ج13 ص153 وج26 ص71.

2- الإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص622 وأسد الغابة ج2 ص310 والإصابة ج3 ص90 وج6 ص425 ومغازي الواقدي ج1 ص92 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص289 و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج2 ص464 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص114 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص31 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص144 والسيرة النـبـوية لابن كثـير ج2 ص445 ونسب قـريش لمصعب = = ص176 والبداية والنهاية ج3 ص290 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص354 وتاريخ الخميس ج1 ص381 وحياة الصحابة ج2 ص333.

٣٢٠