الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٢
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356
رغم أن النصر إنما تحقق على يد علي(عليهالسلام) كما سيأتي.
رابعاً: قال الخطابي والسيوطي: إنه لم يضرب لأحد غاب عن بدر بسهم في الغنائم إلا لعثمان.. ونحن نوافقهما على إنكارهما ذلك بالنسبة لطلحة وسعيد بن زيد.. ونخالفهما في ادعائهما أن ذلك كان لعثمان.
ونزيد في تأكيد عدم صحة ذلك:
1ـ تقدم آنفاً: أنه لا خصوصية لعثمان، دون سائر من غاب لعذر.
2 ـ تقدمت مناشدة علي(عليهالسلام) لأهل الشورى وفيهم طلحة وعثمان، وسواهما: بأنه(صلىاللهعليهوآله) لم يضرب بسهم لغائب سواه..
3 ـ بعض الروايات تقول: إنه تخلف عن بدر لأنه كان مريضاً بالجدري(1) ، لا لتمريض زوجته فهل ضرب النبي(صلىاللهعليهوآله) لكل من تخلف لمرضٍ، بسهمه وأجره أيضاً.
4 ـ لقد عيَّره عبد الرحمان بتخلفه عن بدر، حيث أرسل إليه مع الوليد بن عقبة: أنني لم أفر يوم عينين (أي يوم أحد)، ولم أتخلف يوم بدر، ولم أترك سنة عمر.
فخبَّر الوليد عثمان، فزعموا: أنه اعتذر عن تخلفه يوم بدر بتمريضه
____________
1- السيرة الحلبية ج2 ص185 و 146 و (ط دار المعرفة) ج2 ص380 والوافي بالوفيات ج20 ص28.
رقية(1) .
وبمثل ذلك اعتذر ابن عمر ـ كما يقولون ـ لرجل كان يوجه لعثمان نفس هذا الاعتراض(2) .
____________
1- مسند أحمد ج1 ص68 وراجع ص75 ومجمع الزوائد ج7 ص226 وج9 ص83 وكنز العمال ج13 ص71 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص258 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص428 والأوائل ج1 ص305 و 306 ومحاضرات الأدباء للراغب المجلد الثاني ص184 والدر المنثور ج2 ص89 عن أحمد، وابن المنذر، والبداية والنهاية ج7 ص207 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص231 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص21 و 22 ومغازي الواقدي ج1 ص278 والغدير ج9 ص327 وج10 ص72 عن أحمد، وابن كثير، وعن الرياض النضرة ج2 ص97. وراجع: المعجم الكبير للطبراني ج1 ص88.
2- المستدرك للحاكم ج3 ص98 وسنن الترمذي (ط دار الفكر) ج5 ص293 ومسند أحمد ج2 ص101 والبداية والنهاية ج7 ص207 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص231 عن البخاري، والغدير ج10 ص71 عن الحاكم، وص70 عن أحمد، وصحيح البخاري ج6 ص122 و (ط دار الفكر) ج4 ص203 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص261 و 263 وتهذيب الكمال ج5 ص402 و 403 والمعجم الأوسط ج7 ص208 ج8 ص232 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص85 ومناقب أهل البيت "عليهمالسلام " للشيرواني ص367 وعمدة القاري ج16 ص206 وعون المعبود ج7 ص283 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص284 وفلك النجاة ص188.
ولكن هذا العذر من ابن عمر ومن عثمان غير مقبول، إذ لو كان صحيحاً لم يغفل عنه عبد الرحمان بن عوف، ولم يرسل إليه تلك الرسالة.
وحتى لو كان ذلك صحيحاً، فإنه لا يكون فضيلة لعثمان إلا اذا ضرب له النبي(صلىاللهعليهوآله) بسهم، ولو فعل ذلك لكان فضيلة كبرى لعثمان، ولا يقدم ابن عوف على تعييره بما هو فضيلة له.
على أن ادعاء أن زوجة عثمان كانت بنت رسول الله( صلىاللهعليهوآله) .. غير معلوم. كما أثبتناه في كتبنا العديدة التي صدرت لنا حول هذا الموضوع.
5 ـ إن ابن مسعود قد رد على شتيمة عثمان له حين جاء من الكوفة بقوله: "لست كذلك، ولكن صاحب رسول الله(صلىاللهعليهوآله) يوم بدر، ويوم بيعة الرضوان"(1) .
فابن مسعود يعرض بعثمان في خصوص هذين الموردين، ولم يذكر غيرهما. وما ذلك إلا لأن عثمان غاب عنهما..
____________
1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص43 وأنساب الأشراف ج5 ص36 والغدير ج9 ص3 عنه، وص4 عن الواقدي، وبحار الأنـوار ج31 ص189 وحيـاة الإمام الحسين "عليهالسلام " للقرشي ج1 ص377 والشافي في الإمامة ج4 ص281 وسفينة النجاة للتنكابني ص263.
سهم الحاضر والغائب:
ويبقى سؤال: إنه كيف يعطي النبي(صلىاللهعليهوآله) علياً(عليهالسلام) سهماً في الغائب؟!
ونجيب:
بأنه يمكن أن يكون إعطاؤه سهماً في الغائب، لأنه لا يغيب إلا إذا كان في مهمة دفاع وقتال، أو مقام يكبت الله به العدو.
أو أنه أعطاه(صلىاللهعليهوآله) من سهمه الذي كان يرده على المقاتلين.
هذا بالإضافة إلى أنه(عليهالسلام) لم يتخلف إلا في غزوة تبوك.
وقد نص الزمخشري في فضائل العشرة: على أنه(صلىاللهعليهوآله) جلس في المسجد يقسم غنائم تبوك، فدفع لكل واحد منهم سهماً ودفع لعلي كرم الله وجهه سهمين.
ثم ذكر اعتراض زائدة بن الأكوع، وجواب النبي(صلىاللهعليهوآله) له بأن جبرائيل كان يقاتل في تبوك، وأنه قد أمره بأن يعطي علياً(عليهالسلام) سهمين(1) .
____________
1- راجع: السيرة الحلبية ج3 ص142 و (ط دار المعرفة) ج3 ص119 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص78 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج23 ص281 و 282 وج31 ص565.
ونلاحظ هنا: أن جعفر بن أبي طالب كان له أيضاً سهم في الحاضر، وسهم في الغائب، فقد روي عن الإمام الباقر(عليهالسلام) أنه قال: ضرب رسول الله(صلىاللهعليهوآله) يوم بدر لجعفر بن أبي طالب بسهمه، وأجره(1) .
وذلك لا ينافي ما تقدم بالنسبة لعلي(عليهالسلام) ، فإن الذين ناشدهم علي(عليهالسلام) لم يكن فيهم غير علي له هذه الخصوصية، فلا يمنع أن تكون لجعفر أيضاً ـ الذي لم يكن معهم آنئذٍ، لأنه قد استشهد في مؤتة.
النبي(صلىاللهعليهوآله) يمرض علياً(عليهالسلام) :
وفي طريق العودة من بدر إلى المدينة فقد المسلمون رسول الله( صلىاللهعليهوآله) ، فوقفوا، فجاء(صلىاللهعليهوآله) ومعه علي(عليهالسلام) ، فقالوا: يا رسول الله، فقدناك؟!
فقال: إن أبا الحسن وجد مغصاً في بطنه، فتخلفت عليه(2) .
____________
1- سير أعلام النبلاء ج1 ص216 وتهذيب الكمال ج5 ص52 وبغية الباحث لابن أبي أسامة ص215.
2- السيرة الحلبية ج2 ص188 و (ط دار المعرفة) ج2 ص444 وذخائر العقبى ص94 والمستدرك للحاكم ج3 ص232 ومجمع الزوائد ج6 ص69 وتاريخ بغداد ج2 ص43 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص241 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص537 وج21 ص646 و 647 وج31 ص159 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص61 وبحار الأنوار ج38 ص299 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1101 وينابيع المودة ج2 ص184.
ونقول:
1 ـ إنه(صلىاللهعليهوآله) يتحدث عن علي(عليهالسلام) بطريقة تشير إلى التكريم والإحترام، حيث ذكره بكنيته فقال: "إن أبا الحسن وجد مغصاً إلخ.." وما ذلك إلا لأنه يقدِّر فيه إيمانه، وجهاده، وفضله، وخصاله وتضحياته في سبيل الله تبارك وتعالى.
2 ـ إنه(صلىاللهعليهوآله) يقوم بنفسه على أمير المؤمنين(عليهالسلام) ، حتى إن ذلك حمله على التخلف عن الجيش كله.. ليعرف الناس كلهم عظيم محبته له، ومزيد اهتمامه به، وحرصه على سلامته، لما له من مكانة عند الله وعند رسوله.. ولولا ذلك لكان يمكنه أن يوصي بعض من معه بالإهتمام بشأن علي، ومراعاة حاله..
3 ـ ويبدو لنا أن علياً والنبي صلوات الله عليهما وعلى آلهما كانا متلازمين في حلهما وترحالهما.. ولم يكن الآخرون يهتمون بملازمة رسول الله(صلىاللهعليهوآله) في مسيرهم ومسيره، ولأجل ذلك تخلف عنهم حتى فقدوه.. ولو كانوا حافين به لكانوا معه حين يسير، وحين يقف، وحين يتخلف على علي(عليهالسلام) ، ولا يحتاجون إلى السؤال.
ولعل هذه الحالة قد خفت بعد ذلك، وصاروا يلازمونه ويكونون معه أو بالقرب منه. وإن كنا قد رأيناها تعود إلى الظهور حين كان النبي "صلى
الله عليه وآله" في طريقه من مكة إلى غدير خم بعد حجة الوداع، حيث تركوه وحده هو وعلي(عليهالسلام) ، حتى طالبهم(صلىاللهعليهوآله) بذلك، كما سيأتي في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى..
علي(عليهالسلام) : أبو بكر أشجع الناس:
وزعموا: أن علياً(عليهالسلام) سئل عن نفسه: هل هو أشجع الناس؟! فرفض ذلك، وقرر أن أبا بكر أشجع الناس، لأنهم جعلوا للنبي(صلىاللهعليهوآله) عريشاً في بدر، وقالوا:
من يكون مع رسول الله لئلا يهوي إليه أحد من المشركين؟!
"فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، شاهراً بالسيف على رأس رسول الله، لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه، فهو أشجع الناس"(1) .
____________
1- كنز العمال ج12 ص524 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص36 و 37 ومجمع الزوائد ج9 ص47 وقال: فيه من لم أعرفه، والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص410 والبداية والنهاية ج3 ص271 و 272 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص331 عن البزار، وحياة الصحابة ج1 ص261 عنهما، والسيرة الحلبية ج2 ص156 و (ط دار المعرفة) ج2 ص394 والفتح المبين لدحلان (بهامش سيرته النبوية) ج1 ص122 وعن الرياض النضرة ج1 ص92 والصوارم المهرقة ص119 والغدير ج7 ص201 وفتح الباري ج7 ص129 وفيض القدير ج5 ص355 والدر المنثور ج5 ص350 وفتح القدير ج4 ص490.
قال الحلبي الشافعي: "وبه يرد قول الشيعة والرافضة: أن الخلافة لا يستحقها إلا علي، لأنه أشجع الناس"(1) .
ثم استدل هو ودحلان على أشجعية أبي بكر: بأن النبي(صلىاللهعليهوآله) قد أخبر علياً(عليهالسلام) : بأنه يقتل على يد ابن ملجم، فكان إذا دخل الحرب، ولاقى الخصم، علم أنه لا قدرة له على قتله، فهو معه كالنائم على فراشه.
أما أبو بكر؛ فلم يُخْبَر بقاتله، فكان إذا دخل الحرب لا يدرون هل يقتل أو لا، ومن هذه حالته يقاسي من التعب ما لا يقاسيه غيره.
ومما يدل على شجاعته: تصميمه على حرب مانعي الزكاة، مع تثبيط عمر له عن ذلك.
وأنه حين توفي الرسول(صلىاللهعليهوآله) طاشت العقول، وأقعد علي، وأخرس عثمان، وكان أبو بكر أثبتهم.
وأما كونه لم يشتهر عنه في الحروب ما اشتهر عن علي؛ فلأن النبي(صلىاللهعليهوآله) كان يمنعه عن مبارزة الشجعان(2) .
____________
1- السيرة الحلبية ج2 ص156 و (ط دار المعرفة) ج2 ص395.
2- راجع فيما تقدم: الفتح المبين لدحلان (بهامش سيرته النبوية) ج1 ص123 ـ 125 والسيرة الحلبية ج2 ص156 و (ط دار المعرفة) ج2 ص395 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص222 والوافي بالوفيات ج1 ص66 ونور الأبصار ج1 ص107والغدير ج7 ص213.
ويقول دحلان: "إن الشجاعة والثبات في الأمر هما الأهمان في أمر الإمامة، لا سيما في ذلك الوقت المحتاج فيه إلى قتال أهل الردة وغيرهم"(1) .
وقالوا أيضاً: "أبو بكر كان مع النبي(صلىاللهعليهوآله) على العريش يوم بدر، مقامه مقام الرئيس، والرئيس ينهزم به الجيش، وعلي مقامه مقام مبارز، والمبارز لا ينهزم به الجيش"(2) .
ونقول:
لقد فندنا هذه المقولات في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم( صلىاللهعليهوآله) (3) ، ونكتفي هنا بما يلي:
____________
1- الفتح المبين لدحلان (بهامش سيرته النبوية) ج1 ص124 ـ 126 وراجع: الصوارم المهرقة ص122.
2- تاريخ بغداد للخطيب ج8 ص21 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص400 والمنتظم لابن الجوزي ج6 ص327 و (ط دار الكتب العلمية) ج14 ص21 وراجع: العثمانية للجاحظ ص10 والغدير ج7 ص207 وأعيان الشيعة ج2 ص585 وج9 ص435.
3- الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلىاللهعليهوآله " ج6 ص95 ـ 106 في فصل: أبو بكر في العريش، وشجاعة أبي بكر.
1 ـ إن فرار أبي بكر في المواطن المختلفة يدل على عدم صحة ما نسب إلى علي(عليهالسلام) ، أو ادعاه الآخرون من شجاعة لأبي بكر، ولو في أدنى مستوياتها.. فقد فر في أحد، وقريظة، وخيبر، وحنين، وذات السلاسل، وقد قال المعتزلي:
وليس بنكرٍ في حنين فراره ففي أحد قد فرّ قدماً وخيبرا
كما أنه لم يجرؤ على مبارزة عمر وبن عبد ود في الخندق.
2 ـ بالنسبة لقولهم: إن النبي(صلىاللهعليهوآله) كان يمنعه من القتال، نقول:
هل منعه من القتال في خيبر وقريظة، وحنين وأحد، وغيرها من الوقائع؟! وأين هي النصوص التي تثبت ذلك؟! وفي أي المصادر هي؟!
غير أنهم يدعون: أن النبي(صلىاللهعليهوآله) قال له: أمتعنا بنفسك في حرب بدر، حين صار يتظاهر بأنه يريد مبارزة ولده(1) .
وذكر الأسكافي المعتزلي: أنه إنما قال له ذلك، لأنه لم يكن أهلاً
____________
1- راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص186 وحياة الصحابة ج2 ص332 و 333 عن الحاكم عن الواقدي. والبداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج4 ص83 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص95 والعثمانية للجاحظ ص330 والغدير ج7 ص210 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص281.
للحرب، وملاقاة الرجال(1) .
3 ـ أين كانت شجاعته حين حزن في الغار، وهو يرى الآيات الباهرات التي تبشر بحفظ الله تعالى لنبيه.. وحيث كان علي(عليهالسلام) وهو على فراش النبي(صلىاللهعليهوآله) محاطاً بسيوف الحقد التي يراد لها أن تسفك دمه.
4 ـ إنهم يقولون: إن سعد بن معاذ وجماعة من الأنصار، وقيل: علي أيضاً، هم الذين كانوا يحرسون النبي(صلىاللهعليهوآله) في العريش(2) . وقد ضعف الهيثمي إسناد حديث وقوف أبي بكر على رأس رسول الله
____________
1- الغدير ج7 ص210 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص281 والعثمانية للجاحظ ص330.
2- البداية والنهاية ج3 ص271 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص331 و 347 والسيرة الحلبيـة ج2 ص156 و 161 و (ط دار المعرفـة) ج2 ص382 و437 وج3 ص424 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص410 و 435 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص24 والدرر لابن عبد البر ص106 وعيون الأثر ج1 ص326 وج2 ص37 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص141 وبحار الأنوار ج22 ص248 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص118 والمحرر الوجيز لابن عطية ج2 ص552 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص15 وإمتاع الأسماع ج1 ص98 وأعيان الشيعة ج1 ص247.
(صلىاللهعليهوآله) بالسيف، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه(1) .
5 ـ كان علي(عليهالسلام) ـ كما تقدم ـ هو الذي يتفقد رسول الله(صلىاللهعليهوآله) ، والحرب قائمة، فأين كان أبو بكر عنه( صلىاللهعليهوآله) ؟! ولماذا لا يطمئن علي(عليهالسلام) إلى حراسته وسلامته، اعتماداً على وجود أبي بكر بقربه؟!
6 ـ قولهم: إن النبي(صلىاللهعليهوآله) قد أخبر علياً(عليهالسلام) بقتل ابن ملجم له، فهو مع عدوه كالنائم على فراشه.. ليس دقيقاً.. وذلك لما يلي:
ألف: إنه قال له كلاماً عاماً، ولم يسم له ابن ملجم.
ب: إنه لم يخبره بساعة قتله، أو يومه وشهره أو سنته، فلعله يقتل على يد أشقاها بعد ساعة، أو بعد شهر، أو أكثر أو أقل..
ج: من الذي قال: إنه أخبره أيضاً: بأن هذا الذي قاله عن خبر لم يكن من موارد البداء؟! فلعله خاضع لقانون المحو والاثبات، ويحتاج الى فقد موانع، وتوفر شروط، مثل اليقين، والاخلاص، والثبات على الحق.
د: وحتى لو سلمنا أنه أخبره بتاريخ قتله، فإنه لا يكون مع عدوه كالنائم على فراشه، إذ لا شيء يمنع من تعرضه للجراحة، وقطع الأعضاء، وللبلاءات والأوجاع المزمنة بسبب ضربة أو ضربات تناله من عدوه..
علماً بأن أشجع الناس قد يرفض أن ينام في الجبانة، مع علمه بأن أهلها
____________
1- مجمع الزوائد ج9 ص47.
أموات لا يملكون نفعاً ولا ضراً، فعمله هذا لم يجعله شجاعاً، كما أن شجاعته لا تنكر عليه في مواضع الخطر الحقيقي. وإن خانته في هذا الموقع رغم علمه بما يفترض أن يجعلها أكثر حصانة وقوة..
هـ: لو صح أنه كان مع عدوه كالنائم على فراشه، فلماذا كانوا يثنون على شجاعته(عليهالسلام) ، وكان رسول الله(صلىاللهعليهوآله) يعطيه الأوسمة عليها، حتى إن ضربته لعمرو بن عبد ود يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين، الإنس والجن إلى يوم القيامة..
ولماذا باهى الله به ملائكته يوم مبيته على فراش النبي(صلىاللهعليهوآله) ليلة الهجرة، ولماذا ينادي جبرئيل بين السماء والأرض في بدر واحد، وسواهما لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، ولماذا؟ ولماذا؟!
و: لعل النبي(صلىاللهعليهوآله) اخبره بقتل ابن ملجم له في أواخر ايام حياته.
7 ـ بالنسبة لقوله(صلىاللهعليهوآله) لعلي(عليهالسلام) : ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين نقول:
ذكر الأسكافي: أن ذلك قد كان بعد أن وضعت الحرب أوزارها، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ووضعت الجزية، ودان العرب له قاطبة(1) .
____________
1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص287 والعثمانية للجاحظ ص335.
8 ـ على أنه لو كان أبو بكر موطناً نفسه على لقاء الله، زاهداً بالدنيا لكان الموت أحلى عنده من العسل ولكان ألف ضربة بالسيف أهون موتة على فراش كما يقول علي(عليهالسلام) ، فلماذا يزعمون: انه يقاسي في التعب ما لا يقاسيه غيره.
9 ـ بالنسبة لحرب أبي بكر لمانعي الزكاة نقول:
إنه لم يحاربهم بنفسه، بل حاربهم بغيره للحفاظ على موقعه في الخلافة.. وسيأتي: أن ذلك كان عملاً غير موفق، ولا مقبول.
10 ـ إن ثبات أبي بكر حين موت النبي(صلىاللهعليهوآله) لا يدل على الشجاعة، بل هو من دلائل القسوة، وإلا كان أبو بكر أشجع من رسول الله(صلىاللهعليهوآله) ، الذي بكى على عثمان بن مظعون، وعلى جعفر وحمزة، وغيرهم. وأبو بكر لم يبك حتى على رسول الله( صلىاللهعليهوآله) ..
وقد جرى بين أبي بكر وبين علي(عليهالسلام) حول وفاة رسول الله(صلىاللهعليهوآله) ما أفاد أن أبا بكر لم يكن مهتماً لوفاة الرسول، فقد قال لعلي آنئذٍ: ما لي أراك متحازناً؟!
فقال له علي(عليهالسلام) : إنه عناني ما لم يعنك.
فاضطر أبو بكر للإستشهاد ببعض الناس على أنه كان أيضاً حزيناً على رسول الله( صلىاللهعليهوآله) (1) .
____________
1- الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص312 وكنز العمال ج7 ص159 و (ط مؤسسة الرسالة) ج7 ص230 وحياة الصحابة ج2 ص82 وعن نهاية الإرب ج18 ص396 ـ 397.
فهل يمكن أن ينقدح احتمال أن يكون قد انساق مع حبوره وسروره بنيل مقام الخلافة فظهر منه ما دل علياً(عليهالسلام) على عدم اهتمامه بوفاة رسول الله( صلىاللهعليهوآله) ؟!
الفهرس
الصحيح من سيرة الإمام عليّ ( عليهالسلام ) 1
الفصل الثالث: 41
الفصل الرابع 71
الفصل الخامس: 85
الفصل السادس 122
الفصل السابع 134
الفصل الثامن 183
الباب الثالث 210
الفصل الأول 212
الفصل الثاني 243
الفصل الثالث: 269
الفصل الرابع: 312
الفهرس 356