• البداية
  • السابق
  • 364 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23125 / تحميل: 7473
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثاني :

الحرب.. والهزيمة.. نصوص.. وآثار..

١٦١

١٦٢

الوعود لوحشي:

لقد سارت قريش إلى حرب أُحد بحدها وجدها، وأحابيشها ومن تابعها، وكانوا ثلاثة آلاف مقاتل، وقيل خمسة آلاف، ومنهم سبعمائة دارع، ومعهم مئتا فرس، وكانوا بقيادة أبي سفيان..

وكان معهم وحشي غلام جبير بن مطعم، الذي وعده سيده جبير بالحرية، إن هو قتل محمداً، أو علياً، أو حمزة بعمه طعيمة بن عدي(١) .

____________

١- السيرة الحلبية ج٢ ص٢١٧ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٤٨٨ والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) ج٢ ص٢٠ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٩٦ وعمدة القاري ج١٧ ص٧٨ وصحيح ابن حبان ج١٥ ص٤٨٠ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص٢٤٣ وأسباب نزول الآيات ص١٩٣ والثقات لابن حبان ج١ ص٢٢١ وسير أعلام النبلاء ج١ ص١٧٤ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص١٨٨ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٤٩ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٢ ص١٦٩ والبداية والنهاية ج٤ ص١٢ والسيرة النبوية لابن إسحاق ج٣ ص٣٠٢ والسيرة النبوية لإبن هشام ج٣ ص٥٨٢ وإعلام الورى ج١ ص١٨٠ وعيون الأثر ج١ ص٤٠٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٠ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص١٨٣.

١٦٣

كما أن هنداً زوجة أبي سفيان حرضته على قتل واحد من هؤلاء الثلاثة، فقال وحشي: أما محمد فلن يسلمه أصحابه، وأما حمزة فلو وجده نائماً لما أيقظه من هيبته، وأما علي فإنه حذر مرس، كثير الإلتفات(١) .. ثم اختار أن يقتل حمزة "رحمه‌الله " فقتله بحربته المشؤومة..

وقد أظهر ما جرى لحمزة: أنه ليس للمحارب أن يعتمد على الشجاعة وحدها، أو على هيبته وخوف الناس منه، فقد يستغل بعض الجبناء غفلته، ويوقع به.

بل لا بد من الحذر الشديد، والتنبه المتواصل، وكثرة الإلتفات، ليبقى على علم بمحيطه الذي هو فيه، وليتمكن من معرفة المكامن، وما تختبئهُ له الثغرات المختلفة من حوله.. ثم ما يستجد عليها بإستمرار..

هزيمة المسلمين في أحد:

وكان النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قد جعل في أحد على ثغرة في الجبل جماعة من الرماة، يحفظونها حتى لا ينفذ العدو منها، فلما نصر الله المسلمين في الجولة الأولى، وشرعوا بأخذ الغنائم ترك الرماة مواقعهم والتحقوا بهم. ولم يبق على تلك الثغرة سوى عشرة أشخاص..

____________

١- راجع: المغازي للواقدي ج٢ ص٢٨٥ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص٢٤٣ وج١٥ ص١١ والدرجات الرفيعة ص٦٧ وأعيان الشيعة ج٦ ص٢٤٦ والمجالس الفاخرة ص٢٨٧.

١٦٤

فاغتنمها خالد بن الوليد فهاجمهم وقتلهم، ثم أوقع المشركون بالمسلمين، وقتل أحد المشركين مصعب بن عمير، ظناً منه أنه هو النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " وكان معه لواء، فأعطاه النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " علياً وهو غير لواء الجيش الذي كان مع علي "عليه‌السلام " أيضاً.

ونادى قاتل مصعب: إن محمداً قد قتل، فازداد المشركون جرأة، وهزم المسلمون، ولم يبق مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " غير علي "عليه‌السلام " يدافع عنه..

قاتل أصحاب اللواء:

وقالوا: إن أبا سفيان حرض بني عبد الدار، وهم حملة لواء المشركين على الحرب وطلب طلحة بن أبي طلحة، حامل لواء المشركين البراز، فبرز إليه علي "عليه‌السلام " فقتله. فسر رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " بذلك، وكبر تكبيراً عالياً.

ويقال: إن طلحة سأل علياً "عليه‌السلام ": من هو؟!

فأخبره، فقال: قد علمت يا قضم: أنه لا يجسر علي أحد غيرك.

وقد ضربه علي "عليه‌السلام " على رأسه، ففلق هامته إلى موضع لحيته، وانصرف "عليه‌السلام " عنه، فقيل له: هلا ذففت عليه؟!

قال: إنه لما صرع استقبلني بعورته؛ فعطفتني عليه الرحم. وقد علمت

١٦٥

أن الله سيقتله، وهو كبش الكتيبة(١) .

وفي رواية أخرى: أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: إنه ناشدني الله والرحم؛ فاستحييت. وعرفت أن الله قد قتله(٢) .

وهذه الرواية هي الاولى بالقبول، فإن علياً "عليه‌السلام " ينساق وراء مبادئه، وواجباته، ولا يتصرف بدوافع عاطفية، أو عصبيات قبلية حين

____________

١- المغازي للواقدي ج١ ص٢٢٦ وشرح نهج البـلاغـة للمعتزلي ج١٤ ص٢٣٦ = = وراجع: البداية والنهاية ج٤ ص٢٣ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٥ و ٣٨٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٥٩٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٣٩ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج٢ ص١١٩ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص١٩٤ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٤٩٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٩ و ٨٢ وج٢٣ ص٥٥٢ وج٣٠ ص١٤٩ وج٣٢ ص٣٥٢ و ٣٥٦.

٢- تاريخ الأمم والملوك ج٢ ص١٩٤ والكامل في التاريخ ج١ ص١٥٢ ووفاء الوفاء ج١ ص٢٩٣ والأغاني ج١٤ ص١٦ والنص والإجتهاد ص٣٤٢ وجامع البيان ج٤ ص١٦٦ وأعيان الشيعة ج١ ص٣٨٦ وراجع: الإرشاد للمفيد ج١ ص٨٦ ومناقب آل أبي طالب ج١ ص٣٨١ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٨٥ وج٤١ ص٥٠ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٤٩٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٨ ص٣٦٣ و ٦٦١ وج١٨ ص٨٤ وج٣٢ ص٣٥٤ و ٣٦٠

١٦٦

يجب عليه أن لا يوليها أي إعتبار.

وقيل: إن ذلك قد حصل لعلي "عليه‌السلام " مع أبي سعيد بن أبي طلحة. وثمة كلام آخر في المقام لا أهمية له.

وقال ابن هشام: "لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " تحت راية الأنصار، وأرسل إلى علي "عليه‌السلام ": أن قدم الراية، فتقدم علي، وقال: أنا أبو القصم (والصحيح: أبو القضم)؛ فطلب أبو سعيد بن أبي طلحة ـ وكان صاحب لواء المشركين ـ منه البراز، فبرز إليه علي "عليه‌السلام "، فضربه، فصرعه". ثم ذكر قصة انكشاف عورته حسبما تقدم(١) .

واقتتل الناس، وحميت الحرب. وحارب المسلمون دفاعاً عن دينهم، وعن أنفسهم وديارهم فئة حاقدة، تريد أن تثأر لقتلاها في بدر، وهي أكثر منهم عدداً، وأحسن عدة.

ثم شد أصحاب رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " على كتائب المشركين،

____________

١- السيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٣ ص٥٩٣ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٢٧ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص٢٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٣٩ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج٢ ص١١٩ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص١٩٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٩ و ٨٢ وج٢٣ ص٥٥٢ وج٣٠ ص١٤٩ وج٣٢ ص٣٥٦.

١٦٧

فجعلوا يضربون وجوههم، حتى انتقضت صفوفهم، ثم حمل اللواء عثمان بن أبي طلحة، أخو طلحة السابق، فقتل، ثم أبو سعيد أخوهما، ثم مسافع؛ ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة، ثم أخوه الجلاس، ثم أرطأة بن شرحبيل، ثم شريح بن قانط، ثم صواب، فقتلوا جميعاً.

وبقي لواؤهم مطروحاً على الأرض، وهزموا، حتى أخذته إحدى نسائهم، وهي عمرة بنت علقمة الحارثية، فرفعته، فتراجعت قريش إلى لوائها، وفيها يقول حسان:

ولـولا لـواء الحـارثـيـة أصبحـوا

يباعون في الأسواق بالثمن البخس

ويقال: إن أصحاب اللواء بلغوا أحد عشر رجلاً(١) .

قال الصادق "عليه‌السلام "، بعد ذكره قتل أمير المؤمنين "عليه‌السلام " لأصحاب اللواء: "وانهزم القوم، وطارت مخزوم، فضحها علي "عليه‌السلام " يومئذٍ"(٢) .

وقالوا أيضاً: فأمعن في الناس حمزة وعلي، وأبو دجانة، في رجال من

____________

١- راجع: تاريخ الخميس ج١ ص٤٢٧ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص٢٣٦ وراجع: إمتاع الأسماع ج١ ص١٤١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٤٩٨.

٢- الإرشاد للمفيد ص٥٢ و (ط دار المفيد) ج١ ص٨٨ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٨٧ عنه، وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٦ و ٣٨٧.

١٦٨

المسلمين، حتى هزم الله المشركين(١) .

تشكيكات الحاقدين:

لا ريب في أن علياً "عليه‌السلام " هو الذي قتل الذين حملوا لواء جيش المشركين في أحد، وكانوا أحد عشر رجلاً.. فلا يصغي لما يدَّعيه بعضهم حول أن فلاناً قتل هذا، وفلاناً الآخر قتل ذاك.. والدليل على ما نقول بالإضافة إلى النصوص المتقدمة، ما يلي:

١ ـ قولهم: كان الذي قتل أصحاب اللواء علي "عليه‌السلام "، قاله أبو رافع، ثم تستمر الرواية بذكر التفاصيل، إلى أن تذكر مناداة جبريل "عليه‌السلام ":

ولا فــتــى إلا عــــــلي(٢)

لا سـيـف إلا ذو الـفَـقـــار

٢ ـ قد صرح عدد من المؤرخين وغيرهم: بأنه "عليه‌السلام " قد قتل أصحاب اللواء(٣) .

____________

١- راجع: الكامل في التاريخ ج٢ ص١٥٣ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٢٧ والنص والإجتهاد ص٣٤٢ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٢ ص٣٦٠.

٢- تقدمت مصادر هذا الحديث..

٣- راجع: الكامل في التاريخ ج٢ ص١٥٤ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص١٩٧ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٣ ص٢٩٣ عن الإسكافي، وليراجع: آخر العثمانية للجاحظ ص٣٤٠ وبحار الأنوار ج٢٠ ص١٤٤ وج٣٨ ص٣٢٥ ومناقب أهل البيت "عليهم‌السلام " للشيرواني ص١١٧ والنص والإجتهاد ص٣٤٢ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٦ و ٣٨٦ والعمدة لابن البطريق ص٢٠٠ والطرائف لابن طاووس ص٦٥ وذخائر العقبى ص٦٨ والصراط المستقيم ج٢ ص٥٨ والغدير ج٢ ص٥٩ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٣١٨ ونظم درر = = السمطين ص١٢٠ وكنز العمال ج١٣ ص١٤٣ وقاموس الرجال للتستري ج٩ ص٤٠٢ ونهج الإيمان ص١٧٧ و ٤٨٢ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج١ ص٩١ ونهج الحق ص٢١٨ وغاية المرام ج٥ ص٢٧ و ٣٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٥ ص٨٤ و ٢٨٤ وج٧ ص٤٤٣ وج١٦ ص١٥٥ و ١٦٤ و ٤١٩ وج٢١ ص١٣٣ وج٢٢ ص١٦٢ و ٥٨١ وج٣٢ ص٣٥٨ و ٣٦١.

١٦٩

٣ ـ عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن آبائه "عليهم‌السلام "، قال: كان أصحاب اللواء يوم أحد تسعة، قتلهم علي بن أبي طالب، عن آخرهم(١) .

وقد علم: أنه "عليه‌السلام " قد قتل نصف قتلى المشركين في أحد كما تقدم(٢) .

____________

١- الإرشاد للمفيد ج١ ص٨٨ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٨٧ عنه، وكشف الغمة ج١ ص١٩٤ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٦ و ٣٨٧ وراجع: شجرة طوبى ج٢ ص٢٧٨.

٢- راجع: الإرشاد للمفيد ج١ ص٩٠ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٨٨ وكشف الغمة ج١ ص١٩٥ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص٦٦ وراجع: أعيان الشيعة ج١ ص٣٩٠ ومجمع البيان ج٢ ص٥٠٠ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٢ وراجع: سيرة مغلطاي ص٥٠ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٤٧ والسيرة الحلبية وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٥ ص٥٤.

١٧٠

الذي يجاحش على السلب:

وذكروا: أن سعد بن أبي وقاص قتل بطلاً في حرب أحد، رماه بسهم، ثم أخذ يسلبه درعه، فنهض إليه نفر فمنعوه سلبه، وكان أجود سلب لمشرك، درع فضفاضة، مغفر، وسيف جيد، يقول سعد: ولكن حيل بيني وبينه(١) .

قال المعتزلي: "قلت: شتان بين علي وسعد، هذا يجاحش(٢) على السلب، ويتأسف على فواته، وذاك يقتل عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق، وهو فارس قريش، وصنديدها، فيقول: كرهت أن أبز السبي ثيابه.

فكأن حبيباً (يعني أبا تمام الطائيرحمه‌الله ) عناه بقوله:

إن الأسـود أسـود الغـاب همتهـا

يوم الكريهة في المسلوب لا السلب(٣)

علي (عليه‌السلام ) وكتائب المشركين:

وحين انهزم الناس عن النبي في أُحد غضب "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ونظر إلى جنبه، فإذا علي "عليه‌السلام "؛ فقال: ما لك لم تلحق ببني أبيك؟!

____________

١- راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص٢٣٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٥.

٢- جاحش: دافع وقاتل.

٣- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص٢٣٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٥٥

١٧١

فقال "عليه‌السلام ": يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة(١) .

قال أبو رافع: كان علي هو الذي قتل أصحاب اللواء، وصارت تحمل كتائب المشركين على رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، فيقول: يا علي، اكفني هذه؛ فيحمل عليهم، فيفرقهم، ويقتل فيهم.

حتى قصدته كتيبة من بني كنانة، فيها بنو سفيان بن عويف الأربعة، فقال له "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": اكفني هذه الكتيبة، فيحمل عليها، وإنها لتقارب خمسين فارساً، وهو "عليه‌السلام " راجل، فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ثم تجتمع عليه هكذا مراراً حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها، ممن لا يعرف بأسمائهم، فقال جبريل "عليه‌السلام ": يا محمد، إن هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!

فقال "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": وما يمنعه، وهو مني وأنا منه؟!

فقال جبريل: وأنا منكما. ثم سمع مناد من السماء:

ولا فــتــى إلا عــــــلي

لا سـيـف إلا ذو الـفـقـــار

فسئل "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عنه؛ فقال: هذا جبريل(٢) .

____________

١- إعلام الورى ج١ ص١٧٧ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٩٥ و ١٠٧ والكافي ج٨ ص١١٠ وقصص الأنبياء للراوندي ص٣٣٩ وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج١١ ص١١٤.

٢- النص المتقدم في أكثره للمعتزلي في شرح نهج البلاغة ج١٤ ص٢٥٠ و ٢٥١ وج١٠ ص١٨٢ وراجع ج١٣ ص٢٩٣ عن الزاهد اللغوي غلام ثعلب، وعن محمد بن حبيب في أماليه، وراجع الرواية في الأغاني (ط ساسي) ج١٤ ص١٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص١٩٧ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٥٤ وفرائد السمطين، الباب الخمسون ج١ ص٢٥٧ ومجمع الزوائد ج٦ ص١١٤ و ١٢٢ عن البزار وعن الطبراني، وكنز العمال ج١٥ ص١٢٦ والبداية والنهاية ج٦ ص٥ واللآلي المصنوعة ج١ ص٣٦٥ وتفسـير القمي ج١ ص١١٦ وبحـار الأنـوار ج٢٠ ص٥٤ و ٩٥ = = و ١٠٥ و ١٠٧ و ١٠٢ عن القمي، وعلل الشرايع ص٧ باب ٧ والإرشاد ص٤٦ وإعلام الورى، وتفسير فرات ص٢٤ و ٢٦ والكافي ج٨ ص١١٠ وعيون أخبار الرضا ج١ وحياة الصحابة ج١ ص٥٥٩ وربيع الأبرار ج١ ص٨٣٣ والمناقب للخوارزمي ص١٠٣ إلا أن فيه: أن ذلك كان في بدر. والغدير ج٢ ص٥٩ ـ ٦١ عن العديد من المصادر، والسيرة النبوية لابن هشام ج٢ ص١٠٦ وتاريخ ابن عساكر ترجمة علي "عليه‌السلام " (بتحقيق المحمودي) ج١ ص١٤٨ و ١٤٩ و ١٥٠ وفي هامشه عن الفضائل لاحمد بن حنبل الحديث رقم ٢٤١ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٣١٨ وغاية المرام ص٤٥٧ وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج١ ص٣٤٣ والرياض النضرة المجلد الثاني ج٣ ص١٣١ وعن علي بن سلطان في مرقاته ج٥ ص٥٦٨ عن أحمد في المناقب، والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص٢٨٤.

١٧٢

قال المعتزلي: "..قلت: وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين، وهو من الأخبار المشهورة، ووقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق، ورأيت بعضها خالياً منها، وسألت شيخي عبد الوهاب بن

١٧٣

سكينة "رحمه‌الله " عن هذا الخبر، فقال: هذا الخبر صحيح الخ.."(١) .

وبعد أن صد أمير المؤمنين "عليه‌السلام " تلك الكتائب، لم يعد منهم أحد(٢) .

وأصيب أمير المؤمنين "عليه‌السلام " بجراح كثيرة، كما سنذكره في الفصل التالي إن شاء الله.

حرب أحد في مناشدات علي (عليه‌السلام ) :

وقد ذكر علي "عليه‌السلام " بعض ما جرى في أُحد في مناشدته لأهل الشورى:

١ ـ روى الصدوق بإسناده عن عامر بن واثلة في خبر الشورى، قال أمير المؤمنين "عليه‌السلام ": نشدتكم بالله هل فيكم من قال له جيرئيل: يا محمد ترى هذه المواساة من علي؟!

فقال رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": إنه مني وأنا منه.

فقال جبرئيل: "وأنا منكما" غيري؟!

قالوا: اللهم لا

____________

١- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص٢٥١.

٢- الإرشاد للمفيد ص٥٣ و (ط دار المفيد) ج١ ص٨٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٨٨ وأعيان الشيعة ج١ ص٣٨٩ والدر النظيم ص١٦١.

١٧٤

قال: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة، كلهم يأخذ اللواء، ثم جاء صواب الحبشي مولاهم وهو يقول:

والله لا أقتل بسادتي إلا محمداً، قد أزبد شدقاه، واحمرت عيناه، فاتقيتموه وحدتم عنه، وخرجت إليه، فلما أقبل كأنه قبة مبنية، فاختلفت أنا وهو ضربتين فقطعته بنصفين، وبقيت رجلاه وعجزه وفخذاه قائمة على الأرض، تنظر إليه المسلمون، ويضحكون منه؟!

قالوا: اللهم لا(١) .

٢ ـ عن أبي جعفر "عليه‌السلام " في خبر الشورى قال: قال أمير المؤمنين "عليه‌السلام ": نشدتكم بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس غيري؟!

قالوا: لا.

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقى رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " من المهراس غيري؟!

قالوا: لا(٢) .

____________

١- الخصال ج٢ ص١٢١ ـ ١٢٤ و (ط مركز النشر الإسلامي) ص٥٦٠ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٦٩ وج٣١ ص٣٢٤ عنه.

٢- الإحتجاج ص٧٣ و ٧٤ و (ط دار النعمان) ج١ ص١٩٩ ـ ٢٠٣ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٦٩ وج٣١ ص٣٣٧ و ٣٨٠ عنه، ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج٣ ص٢١٧ ـ ٢٢١ وغاية المرام ج٢ ص١٢٩ ـ ١٣٢ و ٣٣٠ والأمالي للطوسي ص٥٥١.

١٧٥

المهراس: صخرة منقورة تسع كثيراً من الماء، وقد يعمل منه حياض للماء، وقيل: المهراس في هذا الحديث اسم ماء بأحد.

تكبير رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

تقدم: أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، كبر تكبيراً عالياً، حين قتل علي "عليه‌السلام " حامل لواء المشركين، طلحة بن أبي طلحة.. ربما ليلفت نظر المشركين والمسلمين على حد سواء إلى هذا الإنجاز الذي لا بد أن يفت في عضد المشركين، ويكسر من حدة اندفاعهم، ويقوي من عزيمة المؤمنين، ويثبتهم، ويثير لديهم الطموح بتحقيق إنجازات أكثر وأكبر، ويعرف هؤلاء وأولئك أن مصير الحرب لا تحدده كثرة العدد، ولا حسن العدة، بل تحدد الإرادة والعزيمة والإيمان..

إنه مِنّي، وأنا منه:

إن قول النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عن علي "عليه‌السلام ": إنه مني وأنا منه، لا بد أن نتدبر معناه ومغزاه.

وهو قريب من قوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": حسين مني وأنا من حسين. أي أنهم نور واحد، بعضهم من بعض.

أمير المؤمنين "عليه‌السلام " من شجرة النبي، وسائر الناس من شجر

١٧٦

شتى، هذه الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. وهو "عليه‌السلام " من طينة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، لحمه لحمه، ودمه دمه. وهو من النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " سلوكاً، وعقيدة، ومبدأ، ونضالاً، وأدباً، وخلوصاً، وصفاء، الخ..

كما أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " هو الذي صنع علياً، وعلّمه، وربّاه، وأدّبه.

ومن الجهة الأخرى، فإن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أيضاً من علي، حيث إن الوجود الحقيقي للنبي الأكرم "صلى‌الله‌عليه‌وآله " إنما هو بوجود دينه، ومبدئه، وفكره، وعقيدته، وسلوكه، ومواقفه، ورسالته؛ فهذا النبي بما له من صفة النبوة المتضمنة لحمل الرسالة هو من علي، وعلي "عليه‌السلام " هو الذي سوف يبعثه من جديد من خلال إحيائه لمبادئه، وفضائله، وآدابه، وعلومه، وغير ذلك.

وهكذا كان؛ فلولا علي "عليه‌السلام " لم يبق الإسلام، ولا حفظ الدين.

حتى إننا نجد أحدهم يصلي خلف علي "عليه‌السلام " مرة؛ فيقول: إنه ذكره بصلاة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "(١) .

____________

١- راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج١ ص١٩١ و ٢٠٠ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج٢ ص٨ وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص١٨٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج٢ ص٦٨ و ١٣٤ والسنن الكبرى للنسائي ج١ ص٢٢٧ و ٣٥٢ وكنز العمال ج٨ ص١٤٣ عن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والمعجم الكبير للطبراني ج١٨ ص١٢٦ والجامع لأحكام القرآن ج١ ص١٧٢ والمصنف للصنعاني ج٢ ص٦٣ والمجموع للنووي ج٣ ص٣٩٨ ومسند أبي داود ص١١١ ومسند أبي عوانة ج٢ ص١٠٥ والإستذكار لابن عبد البر ج١ ص٤١٤ ومسند أحمد ج٤ ص٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٤٠ و ٤٤١ و ٤٤٤ و ٤٠٠ و ٤١٥ و ٣٩٢ في موضعين و ٤٣٢ والغـديـر ج١٠ ص٢٠٢ و ٢٠٣ وكشف الأستار عن مسند البزار ج١ ص٢٦٠ والبحر الزخار ج٢ ص٢٥٤ وسنن النسائي (ط دار الفكر) ج٣ ص٢ وسبـل الهـدى والـرشـاد ج٨ ص١١٣ والتمهيد لابـن عبد الـبر ج٩ = = ص١٧٦ وعمدة القاري ج٦ ص٥٩ و ١٠٠ وسنن أبي داود ج١ ص١٩٢ وعون المعبود ج٣ ص٤٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٨ ص٦٠٣.

١٧٧

هذه الصلاة التي لم يبق منها إلا الأذان، وحتى الأذان غيروه(١) .

ويلاحظ هنا: أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قدم قوله: (إنه مني)، تماماً كما قدم قوله: "حسين مني"، لأن صناعة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لهم سابقة على إحيائهم لدينه. فعقائد، ونهج، وفكر، ونفسية، ودين، وخصائص، وآداب النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، لسوف يبعثها علي والحسين "عليهما

____________

١- شرح الموطأ للزرقاني ج١ ص٢٢١ وتنوير الحوالك ج١ ص٩٣ ـ ٩٤ عن الباجي، وراجع مصادر ذلك في الجزء الأول من كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

١٧٨

السلام"؛ وهكذا العكس.

ومن هنا صح للنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أن يقول: أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة(١) .

____________

١- راجع: تفسير البرهان ج١ ص٣٦٩ ومعاني الأخبار ٥٢ و ١١٨ وعيون أخبار الرضا ج٢ ص٨٥ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج١ ص٩١ وعلل الشرائع ص١٢٧ وكمال الدين ص٢٦١ والأمالي للصدوق ص٦٥ و ٤١١ و ٧٥٥ والميزان ج٤ ص٣٥٧ وبحار الأنوار ج١٦ ص٩٥ و ٣٦٤ وج٢٣ ص١٢٨ و ٢٥٩ وج٢٦ ص٢٦٤ و ٣٤٢ وج٣٦ ص٦ و ٩ و ١١ و١٤ و ٢٥٥ وج٣٨ ص٩٢ و ١٥٢ وج٣٩ ص٩٣ وج٤٠ ص٤٥ وج٦٦ ص٣٤٣ وكتاب الأربعين للماحوزي ص٢٣٨ والمراجعات= = ص٢٨٦ وجامع أحاديث الشيعة ج١ ص١٤٩ وج١٨ ص٣١١ و٣١٢ ومستدرك سفينة البحار ج٩ ص٢٦٤ وج١٠ ص٤٥٥ ومناقب آل أبي طالب ج٢ ص٣٠٠ وروضة الواعظين ص٣٢٢ وخاتمة المستدرك ج٥ ص١٤ والغارات للثقفي ج٢ ص٧١٧ و ٧٤٥ وكنز الفوائد للكراجكي ص١٨٦ والعمدة لابن البطريق ص٣٤٥ والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص١٣٣ وسعد السعود ص٢٧٥ والعقد النضيد والدر الفريد ص٧٠ والمحتضر للحلي ص٧٣ والصراط المستقيم ج١ ص٢٤٢ و ٢٤٣ وكتاب الأربعين للشيرازي ص٤٧ و ٧٤ والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص٧٦ و ٧٨٧ ومسند الإمام الرضا "عليه‌السلام " للعطاردي ج١ ص٨٠ و ٢٢١ وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج٧ ص٢٤٣ وتفسير أبي حمزة الثمالي ص١٥٩ والتفسير المنسوب للإمام العسكري "عليه‌السلام " ص٣٣٠ والصافي ج١ ص١٥٠ وج٤ ص١٦٥ و ١٦٦ وج٥ ص٥٢ وج٦ ص١٢ و ١٣ و ٥٢٠ ونور الثقلين ج٤ ص٢٣٧ و ٢٣٨ وكنز الدقائق ج١ ص٢٨٦ وج٢ ص٤٤٠ ومفردات غريب القرآن للراغب ص٧ وتفسير الآلوسي ج٢٢ ص٣١ وبشارة المصطفى ص٩٧ و ٢٥٤ ونهج الإيمان ص٦٢٥ و ٦٢٩ وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج١ ص٧٤ و ١٢٨ وينابيع المودة ج١ ص٣٧٠ واللمعة البيضاء ص٨١ و ١٢٣ ومشارق أنوار اليقين ص٤٣ و ٢٨٩ وغاية المرام ج١ ص١٧٧ و ٢٥٠ وج٢ ص١٧٩ و ٢١١ وج٣ ص٧٠ وج٥ ص١١٨ و ١٢٢ و ٢٩٩ و ٣٠١ و ٣٠٣ وج٦ ص٦٦ و ١٥٥ و ١٦٦ و ١٦٧ وج٧ ص١٢٨ وشـرح إحقـاق الحـق (الملحقـات) ج٤ ص١٠٠ و ٢٢٧ و ٣٦٦ وج٥ = = ص٩٥ وج٧ ص٢١٦ وج١٣ ص٧٧ وج١٥ ص٥١٨ و ٥١٩ وج٢٠ ص٢٣٠ وج٢٢ ص٢٨٠ و ٢٨٢ و ٣٤٦ وج٢٣ ص٥٨٠ و ٦٢١.

١٧٩

كما أنه ليس من البعيد أن يكون جبرئيل "عليه‌السلام " كان يستفيد ويتعلم من النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ومن علي "عليه‌السلام "، ولأجل ذلك قال: وأنا منكما.

وقد ناشدهم أمير المؤمنين بهذه القضية بالذات في الشورى(١) ، وذلك يؤكد مغزاها العميق، ومدلولها الهام.

____________

١- تقدمت مصادر ذلك.

١٨٠

مخزوم وعلي (عليه‌السلام ) :

إن ما روي عن الإمام الصادق "عليه‌السلام " من أنه قال: "وطارت مخزوم، فضحها علي "عليه‌السلام " يومئذ.." قد يوضح لنا بعض السبب في حقد خالد بن الوليد المخزومي، الذي كان على ميمنة جيش المشركين في أحد على أمير المؤمنين "عليه‌السلام " الذي قتل عدداً من فراعنتهم(1) .

ورووا عن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أنه قال: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً، وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم"(2) .

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص235 وج15 ص84 وعمدة القاري ج17 ص139 والتفسير الكبير للرازي ج9 ص20 وجامع البيان ج4 ص168 وتفـسـير القـرآن العظـيم ج1 ص409 والثقـات لابن حبان ج1 ص225 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص192 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص166 والبداية والنهاية ج4 ص17 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص25 والسيرة النبوية لابن إسحاق ج3 ص305 والسيرة النبويـة لابن هشـام ج3 = = ص586 وعيون الأثر ج1 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص191 والمجالس الفاخرة ص280.

2- المستدرك للحاكم ج4 ص487 والملاحم والفتن لابن طاووس ص83 والصوارم المهرقة ص74 و 198 و 290 والغدير ج8 ص250 وكنز العمال ج11 ص169 وكتاب الفتن لابن حماد المروزي ص73 وإمتاع الأسماع ج12 ص301 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص152 وشرح إحقاق الحق ج2 ص381 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص55.

١٨١

أين هو علي (عليه‌السلام )؟! :

وتحاول بعض الروايات أن تتجاهل علياً "عليه‌السلام " في أحد، فتقول: إن الزبير والمقداد كانا على الخيل، وحمزة بالجيش بين يدي النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "..

وأقبل خالد وهو على ميمنة المشركين، وعكرمة، وهو على ميسرتهم، فهزمهم الزبير والمقداد، وحمل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " فهزم أبا سفيان(1) .

وهي رواية مكذوبة لما يلي:

أولاً: لم يكن مع المسلمين فرس(2) .

وقيل: كان مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " فرسه، وفرس لأبي بردة بن

____________

1- الكامل في التاريخ ج2 ص152 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص193 وأعيان الشيعة ج1 ص253 وجامع البيان ج4 ص167 والدر المنثور ج2 ص83.

2- وفاء الوفاء ج1 ص284 و 285 عن ابن عقبة، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص189 و 249 وعمدة القاري ج10 ص246 وج17 ص139 والبداية والنهاية ج4 ص15 وعيون الأثر ج1 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص26 والسيرة الحلبية ج2 ص221 و (ط دار المعرفة) ج2 ص495 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص186 وفتح الباري ج7 ص269.

١٨٢

نيار(1) .

وقيل: كان معهم فرس واحد(2) .

أما العشرة أفراس التي غنمها المسلمون في بدر، فلعلها نفقت أو بيعت، أو أن اصحابها لم يشاركوا في حرب أحد لأسباب تخصهم، من مرض أو سفر ونحوه، أو أنهم ممن رجع مع عبد الله بن أبي..

ثانياً: لا ندري أين كان علي بن أبي طالب الذي قتل جميع أصحاب اللواء، وأبناء سفيان بن عويف الأربعة، وغيرهم.. وهزم الله المشركين على

____________

1- تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص190 و 421 والكامل في التاريخ ج2 ص151 و 314 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص489 وج2 ص39 وإمتاع الأسماع ج7 ص198 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص228 وفتح الباري ج7 ص269 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص189 و 249 وج7 ص396 وأسد الغابة ج5 ص146 وأعيان الشيعة ج1 ص253 وج10 ص261 والسيرة الحلبية ج2 ص221 و (ط دار المعرفة) ج2 ص495 وعيون الأثر ج1 ص412 و 413 وج2 ص409 وعمدة القاري ج10 ص246 وج14 ص282 وج17 ص139 وتركة النبي لابن زيد البغدادي ص96 والإستيعاب ج4 ص1609.

2- المعجم الأوسط ج8 ص164 ومجمع الزوائد ج6 ص117 عن الطبراني، والإستذكار لابن عبد البر ج5 ص21 وإمتاع الأسماع ج1 ص340 وحيـاة = = الصحابة ج3 ص769 وكنز العمال ج3 ص135 و (ط مؤسسة الرسالة) ج5 ص630 عن الطيالسي.

١٨٣

يديه، وقد قتل نصف قتلى المشركين في أحد أيضاً..

علي (عليه‌السلام ) لم يقتل كبش كتيبة المشركين:

وقولهم: إن علياً "عليه‌السلام " لم يقتل كبش كتيبة المشركين، لأن الرحم عطفته عليه.. لا يصح.

والصحيح هو: أنه استحيا حين ظهرت عورته، بعد أن ناشده الرحم، فلاحظ:

أولاً: إنه "عليه‌السلام " لم يكن ليرحم من حادّ الله ورسوله.. خصوصاً إذا كان كبش كتيبة المشركين، لأن ذلك يكون أدعى لقتله، ولعل الصحيح هو أنه قيل له: ألا أجزت (أي أجهزت) عليه؟!

فقال: ناشدني الله والرحم، ووالله لا عاش بعدها أبداً"(1) ..

وربما يقال: إن انصرافه عنه ليس لأجل عطفه عليه، بل لأجل أن يعرفه أن الإسلام لا يقطع الأرحام، بل يرعاها ويراعيها، ليكون ذلك زيادة في حسرة ذلك الخبيث الذي أصبح بحكم الميت..

ثانياً: إنه إذا كان سيف علي "عليه‌السلام " قد بلغ من ذلك المشرك موضع لحيته، فإنه لن يكون قادراً على مناشدة علي "عليه‌السلام " ولا غيره.. إلا إن كانت المناشدة قد حصلت قبل ذلك..

____________

1- الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص86 وبحار الأنوار ج20 ص86 عنه.

١٨٤

ثالثاً: إن الرواية تذكر أنه استقبله بعورته فانصرف عنه، فيكون انصرافه عنه تكرماً ونبلاً، وطاعة لله تعالى.. بعد أن أصبح في غنى عن "التدفيف" عليه، ولو أراد ذلك فسيشاهد منه، ما لا يحسن مشاهدته..

وقد ابتلي "عليه‌السلام " بمثل هذا البلاء مرة أخرى مع عمرو بن العاص في حرب صفين، الذي توصل بإظهار عورته للنجاة بنفسه، لأنه يعلم أن علياً "عليه‌السلام " يربأ بنفسه عن مثل ذلك(1) ..

أكفر بعد إيمان؟ لي بك أسوة:

إن الفرار من الزحف ليس من المفردات التي يكفر الناس بسببها، وإن كان من عظائم الذنوب، فما معنى ما تقدم من أنه حين فر المسلمون قال رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لعلي "عليه‌السلام ": ما لك لم تلحق بني أبيك؟!

فقال "عليه‌السلام ": يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة(2) .

وعند المفيد: أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قال له: مالك لا تذهب مع

____________

1- هذه القصة معروفة ومشهورة لا تحتاج إلى ذكر مصادرها.

2- إعلام الورى ج1 ص177 وبحار الأنوار ج20 ص95 و 107 والكافي ج8 ص110 وقصص الأنبياء للراوندي ص339 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج11 ص114.

١٨٥

القوم؟!

فقال "عليه‌السلام ": أذهب وأدعك يا رسول الله؟! والله لا برحت حتى أقتل، أو ينجز الله لك ما وعدك من النصر.

فقال له النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": أبشر يا علي، فإن الله منجز وعده، ولن ينالوا منا مثلها أبداً(1) .

ثم ذكر رده "عليه‌السلام " للكتائب عنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

وفي نص آخر قال له: أأرجع كافراً بعد إسلامي؟!(2) .

ونحن نرى: أن الصحيح هو أنه قال: أكفر بعد إيمان؟!.. لأن قوله: أأرجع كافراً بعد إسلامي؟! قد يوحي بأنه كان كافراً وأسلم. وهذا غير صحيح..

وفي نص آخر: أنه لما سأل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ما صنع الناس؟!

قال "عليه‌السلام ": كفروا يا رسول الله، وولوا الدبر، وأسلموك(3) .

____________

1- الإرشاد ج1 ص89 وبحار الأنوار ج20 ص87 وحلية الأبرار ج2 ص431 وأعيان الشيعة ج1 ص388 وكشف الغمة ج1 ص194.

2- الإرشاد للمفيد ج1 ص85 وبحار الأنوار ج20 ص85 ومستدرك الوسائل ج11 ص72 وشرح الأخبار ج1 ص476 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص168 والدر النظيم ص160 وكشف الغمة ج1 ص193.

3- الإرشاد للمفيد ج1 ص86 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص315 وحلية الأبرار ج2 ص430 وبحار الأنوار ج20 ص86 وج41 ص83 وإعلام الورى ج1 ص378 والدر النظيم ص161 وكشف الغمة ج1 ص194.

١٨٦

لكن بعض الروايات ذكرت: أن هذه الحادثة قد جرت مع أبي دجانة(1) .

والسؤال هنا هو: هل صحيح أن الذين فروا عن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لهم أحكام الكفر؟!

ونجيب بما يلي:

1 ـ إن أخذنا برواية علل الشرايع التي تقول: إن هذه القضية قد حصلت مع أبي دجانة سقط الإشكال من أساسه.

لكن هذه الرواية غير سليمة، فإن النصوص تؤكد على أن علياً "عليه‌السلام " قد ثبت وحده.. إلا أن يكون أبو دجانة قد فر أولاً ثم عاد، فجرت هذه القصة له بعد عودته، أو أن فراره قد حصل بعد ذلك وحيث تأزمت الأوضاع.

ويبقى السؤال وهو: أنه إذا كان قد حصل ذلك بالفعل، وكان علي وأبا دجانة معاً قد ثبتا، فلماذا لم يسأل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " علياً "عليه‌السلام " وأبا دجانة معاً، إلا إن كان "صلى‌الله‌عليه‌وآله " يعامل علياً معاملة

____________

1- علل الشرايع ص14 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص7 وبحار الأنوار ج20 ص70 وحلية الأبرار ج2 ص433 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج8 ص342.

١٨٧

نفسه، فوجه السؤال لأبي دجانة على هذا الأساس

2 ـ إن قوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لعلي: لِمَ لا تلحق ببني أبيك، يدل على مدى تغيظه من ذلك الفعل الشنيع الذي صدر منهم!!

3 ـ إنه يريد أن يبين فضل علي "عليه‌السلام " على من سواه، من حيث ثباته في الأهوال وإقتحامه المخاطر.

ثم من حيث ما يملكه من وعي وإيمان، ويقين وبصيرة في دينه، وثبات على مبادئه..

وهذا الثبات ليس نتيجة شجاعة متهورة، بل هو نتيجة فكر وقناعة، وإعتقاد، ورؤية واضحة.

4 ـ إنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " حسب النص الذي ذكرناه أولاً لم يقل له: لم لا تلحق بإخوانك، أو رفقائك، أو نحو ذلك، بل أشار إلى الجهة النسبية.. ليأتيه الجواب من علي "عليه‌السلام ": أن المعيار عنده ليس هو النسب، والعشيرة، والقوم، وإنما هو الإيمان، ومقتضياته، ودواعيه، ومسؤولياته..

5 ـ إن الفرار من الزحف حين يكون مع الإلتفات إلى وجود رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وإلى أن هذا الفرار من شأنه أن يعرض حياة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " للخطر، وهو يحمل معه الدلالة على عدم الإهتمام للدفع والدفاع عنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ، فإنه يكون من موجبات الكفر، والخروج من الدين..

أما حين يكون هذا الفرار بسبب الإندهاش الذي يفقد الإنسان القدرة

١٨٨

على وعي الأمور، ويصرفه عن الإلتفات إلى ما ينبغي الإلتفات إليه، ويسلب منه الحرص على ما يجب الحرص عليه، فلا يوجب الكفر بعد الإيمان..

من أجل ذلك نقول:

إن الكثيرين من الذين فروا كانوا يعرفون أنهم يفرون عن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وقد أهمتهم أنفسهم، ولم يهتموا له، وذلك تفريط منهم به، ومن دلائل ضعف إيمانهم، وشدة تعلقهم بالدنيا..

6ـ واللافت هنا: أن عمر بن الخطاب قال للنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي.

فقال النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " له: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك.

فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي.

فقال "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": الآن يا عمر؟!(1) .

____________

1- راجع: مسند أحمد ج4 ص233 و 336 وج5 ص293 وصحيح البخاري ج4 ص92 و (ط محمد علي صبيح بمصر) ج8 ص161 و (ط دار الفكر) ج7 ص218 وعمدة القاري ج1 ص144 وج23 ص169 والمعجـم الأوسط ج1 = = ص102 وكنز العمال ج12 ص600 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص356 وج3 ص476 وتاريخ مدنية دمشق ج19 ص87 وفتح البـاري ج1 ص56 وإمتـاع الأسماع ج13 ص173 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص63 والشفـا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص19 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص476 وج11 ص430 وسيرتنا وسنتنا للأميني ص26 وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص456 والدر المنثور ج3 ص223

١٨٩

وقوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": الآن يا عمر؟! قد جاء ـ فيما يظهر ـ على سبيل الإستفهام الإنكاري.. إذ لا يعقل أن يتحول في نفس اللحظة من النقيض إلى النقيض مما كان عليه..

وقد قال تعالى:( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (1) .

____________

1- الآية 24 من سورة التوبة.

١٩٠

الفصل الثالث :

الثابتون والمنهزمون في أحد..

١٩١

١٩٢

١٩٣

لم يثبت غير علي (عليه‌السلام ) :

وقد تضاربت الروايات في عدد الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، في أُحد وتبدأ من واحد.. حتى تصل إلى ثلاثين رجلاً..

والصحيح: أن علياً "عليه‌السلام " هو الذي ثبت وحده مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وانهزم الباقون، ثم صاروا يرجعون إلى القتال واحداً تلو الآخر، فالظاهر: أن كل راجع كان يخبر عمن وجدهم مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ممن سبقوه إليه، متخيلاً أنهم لم يفروا عنه.

ويدل على أن علياً قد ثبت، وفرَّ سائرهم:

1 ـ ما روي عن ابن عباس: لعلي أربع خصال: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر يوم المهراس (يعني يوم أحد)، انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره(1) .

____________

1- المناقب للخوارزمي ص21 و22 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص58 والإرشاد للمفيد ص48 و (ط دار المفيد) ج1 ص79 وتيسير المطالب ص49 وذخـائر العقبى ص86 وبحار الأنوار ج20 ص81 وج38 ص240 و 256 ومناقب = = أهل البيت "عليهم‌السلام " للشيرواني ص39 والإستيعاب ج3 ص27 و (ط دار الجيل) ج3 ص1090 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص117 ونظم درر السمطين ص134 وشواهد التنزيل ج1 ص118 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص72 وكشف الغمة ج1 ص79 و 190 وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص111 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص454 و 455 وج15 ص430 و 654 وج20 ص457 وج22 ص146 وج23 ص509 وج31 ص296 و 604 وتهذيب الكمال ج20 ص480 والوافي بالوفيات ج21 ص178 والعدد القوية ص244 وبناء المقالة الفاطمية ص133 ومنهاج الكرامة ص95 وغاية المرام ج5 ص175 وراجع: والخصال ج1 ص210 و 33 وكفاية الطالب ص336.

١٩٤

2 ـ وقال القوشجي: "فانهزم الناس عنه سوى علي إلخ.."(1) .

3 ـ وقالوا: كان الفتح يوم أحد بصبر علي "عليه‌السلام "(2) . فلو كان

____________

1- شرح التجريد للقوشجي ص486 ودلائل الصدق ج2 ص387 وكشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد (تحقيق الآملي) ص521 و (تحقيق الزنجاني) ص408 وسفينة النجاة للتنكابني ص367.

2- راجع: شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص364 وج18 ص84 عن الشبلنجي في نور الأبصار (ط مصر) ص80 وعن باكثير الحضرمي في وسيلة المآل (نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) ص148.

١٩٥

معه غيره لذكر معه.

4 ـ إن من يذكرون أنهم ثبتوا في أحد، قد ورد التصريح بفرارهم فيها، فراجع في ذلك الجزء السابع من كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله " في فصل: نصر وهزيمة، من ص173 حتى ص190.

5 ـ قال زيد بن وهب لابن مسعود: انهزم الناس عن رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، وأبو دجانة، وسهل بن حنيف؟!

قال: انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده، وثاب إلى رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " نفر، وكان أولهم عاصم بن ثابت، أبو دجانة، وسهل بن حنيف، ولحقهم طلحة بن عبيد الله.

قلت: فأين كان أبو بكر وعمر؟!

قال: كانا ممن تنحى.

قلت: فأين كان عثمان؟!

قال: جاء بعد ثلاثة أيام من الواقعة، فقال له رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": لقد ذهبت فيها عريضة.

قال: فقلت له: فأين كنت أنت؟!

قال: كنت في من تنحى.

قال: فقلت له: فمن حدثك بهذا؟!

١٩٦

قال: عاصم، وسهل بن حنيف.

قال: قلت له: إن ثبوت علي في ذلك المقام لعجب.

فقال: إن تعجبت من ذلك، لقد تعجبت منه الملائكة، أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء:

ولا فــتــى إلا عــــــلي

لا سـيـف إلا ذو الـفـقـــار

فقلت له: فمن أين علم ذلك من جبرئيل؟!

فقال: سمع الناس صائحاً يصيح في السماء بذلك، فسألوا النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عنه، فقال: "ذاك جبرئيل"(1) .

6 ـ عن سعيد بن المسيب، قال: لو رأيت مقام علي يوم أحد لوجدته قائماً على ميمنة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، يذب عنه بالسيف، وقد ولى غيره الأدبار(2) .

7 ـ وعن أبي جعفر "عليه‌السلام " في مناشدات علي لأهل الشورى: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب

____________

1- الإرشاد للمفيد ج1 ص83 ـ 85 وبحار الأنوار ج20 ص81 ـ 85 و 72 وراجع ج41 ص82 والدر النظيم ص159 ـ 160 ونقلت فقرات من هذا الحديث في مصباح الأنوار ص314 وإرشاد القلوب ص241 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص315 وكشف الغمة ج1 ص193.

2- الإرشاد للمفيد ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 وأعيان الشيعة ج1 ص390.

١٩٧

الناس غيري؟!

قالوا: لا(1) .

8 ـ وقال "عليه‌السلام " لبعض اليهود عن حرب أحد: "وبقيت مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ومضى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة"(2) .

9 ـ وعن أنس: أن الذين ثبتوا في أحد هم واحد من المهاجرين، وسبعة من الأنصار. وقتل هؤلاء السبعة كلهم(3) .

____________

1- الإحتجاج ج1 ص199 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج31 ص333 وغاية المرام ج2 ص129 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص217.

2- الخصال (ط مركز النشر الإسلامي) ص368 والإختصاص للمفيد ص167 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج38 ص170 وحلية الأبرار ج2 ص363.

3- البداية والنهاية ج4 ص26 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص29 وصحيح ابن حبان ج11 ص18 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص51 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص203 وحياة الصحابة ج1 ص533.

وذكر اثنين من المهاجرين، بدل واحد في: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص178 ومسند أحمد ج1 ص463 وج3 ص286 وذخائر العقبى ص181 ومجمع الزوائد ج6 ص109 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص44 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص196 ومسند أبي يعلى ج6 ص67 و 68 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص364 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص421 و 424 والدر المنثور ج2 ص84 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص175 والبداية والنهاية (ط دار = = إحياء التراث العربي) ج4 ص46 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص80 وينابيع المودة ج2 ص215 وشرح مسلم للنووي ج12 ص147 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص491 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج16 ص474.

ومن الواضح: أن عاصم بن ثابت أبا دجانة لم يكن مهاجرياً أيضاً، وفي سح السحابة: أن الأنصار قتلوا جميعاً كما في تاريخ الخميس ج1 ص346.

١٩٨

ومن الواضح: أن هذا المهاجري ليس إلا علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، كما أن الرواية دلت على أن بعض المهاجرين والأنصار حين فروا في أحد ذهبوا إلى منازلهم، وليس كلهم.

لا سيف إلا ذو الفقار:

وإن مناداة جبرئيل بـ "لا سيف إلا ذو الفقار الخ.." لها مغزى عميق أيضاً، فإنها تأتي تماماً في مقابل ما فعله أولئك المهاجرين الذين فروا، وجلسوا يتآمرون ـ هل يرسلون ابن أبي لأبي سفيان ليتوسط لهم عنده؟

أم أن أبا سفيان لا يحتاج إلى وسيط، إذ إن شافعهم عنده كونهم من قومه، وبني عمه.

أم أنهم يرجعون إلى دينهم الأول؟!

فتداول الأمور بهذا النحو يدل على أن سيفهم لم يكن خالصاً لله، بل

١٩٩

كان ذو الفقار سيف علي أمير المؤمنين "عليه‌السلام " وحده خالصاً لله، ولا سيف خالصاً لله سواه.

وهذا السيف هو الذي قال عنه أمير المؤمنين "عليه‌السلام " في رسالته إلى بعض عماله، يتهدده على تلاعبه بأموال الأمة: "ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحداً إلا دخل النار"(1) . لأنه لا يقتل به إلا مستحقها، ولأجل هذا صار لهذا السيف شرف ومجد، وتفرد من بين سائر السيوف بأنه في يد علي الذي هو نفس النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

كما أن أمير المؤمنين "عليه‌السلام " هو الذي كان الله ورسوله، وجهاد في سبيله، أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه؛ وجراحه الكثيرة جداً شاهد صدق على ذلك.

أما غير علي "عليه‌السلام "، فقد كانت نفسه ـ بدرجات متفاوتة طبعاً ـ أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله. ولأجل ذلك تخلوا عن ذلك كله، حينما رأوا أنفسهم في خطر. بل لقد هم بعضهم بأن يتخلى حتى عن دينه، حيث قال: "إرجعوا إلى دينكم الأول"!.

____________

1- نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص66 الكتاب رقم 41 وبحار الأنوار ج33 ص500 وج42 ص182 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص168 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص782 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج6 ص219.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364