• البداية
  • السابق
  • 364 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20898 / تحميل: 5875
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 3

مؤلف:
العربية

في العتيبة(1) .

وعن العشبي، عن عبد الله قال: كن النساء يوم أحد يجهزن على الجرحى، ويسقين الماء، ويداوين الجرحى(2) .

وعن ابن عمر قال: كان رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه أثلاثاً فمن أصابته القرعة أخرج بهن معه، فكن يخرجن يسقين الماء ويداوين الجرحى(3) .

وسئل إبراهيم عن جهاد المرأة، فقال: كن يشهدن مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، فيداوين الجرحى، ويسقين المقاتلة(4) .

وكتب ابن عباس في جواب نجدة الحروري: كتبت إلي تسألني: هل كان رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " يغزو بالنساء؟! وقد كان يغزو بهن، فيداوين الجرحى(5) .

____________

1- التراتيب الإدارية ج2 ص116.

2- المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص489.

3- المعجم الكبير للطبراني ج23 ص125 ومجمع الزوائد ج9 ص237.

4- المصنف للصنعاني ج5 ص298 وفي هامشه عن الشيخين بمعناه، عن أنس، ومسلم، عن ابن عباس. والمنتقى ج2 ص768 وسنن ابن ماجة ج2 ص952.

5- الأم للشافعي ج4 ص88 و (ط دار الفكر) ج4 ص272 وج7 ص361 وكتاب المسند للشافعي ص319 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص197 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص332 وج9 ص22 و 30 والمعجم الكبير ج10 ص336 ومعرفة السنن والآثار ج6 ص499 ونصب الراية ج4 ص284 ومسند أحمد ج1 ص224 و 308 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص17 وأضواء البيان ج2 ص98 والمنتقى من السنن المسندة ج2 ص768 عن أحمد، ومسلم، وابن ماجة، وسنن الترمذي ج4 ص126 وحلية الأولياء ج3 ص205.

٢٤١

وعن يوم عماس يقول المسعودي وغيره: "وأقبل المسلمون على قتلاهم، فأحرزوهم، وجعلوهم وراء ظهورهم، وكانت النساء والصبيان يدفنون الشهيد، ويحملون الرثيث إلى النساء، ويعالجونهم من كلومهم الخ.."(1) .

فكل ذلك يكون مؤيداً لجريان السيرة على تمريض النساء للرجال، كما دل عليه خبر علي بن أبي حمزة، وعلي بن جعفر..

هذا.. ولكننا نجد في مقابل ذلك:

1 ـ ما رواه الطبراني عن أم كبشة ـ امرأة من عذرة ـ أنها قالت: يا رسول الله، إئذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا.

قال: لا.

قالت: يا رسول الله، إنه ليس أريد أن أقاتل، إنما أريد أن أداوي

____________

1- مروج الذهب ج2 ص317. وراجع: الفتوحات الإسلامية لدحلان ج1 ص114 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص58 والكامل لابن الأثير ج2 ص477 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم2 ص97 و 98.

٢٤٢

الجرحى، وأسقي المرضى.

قال: لولا أن تكون سنة، ويقال: فلانة خرجت لأذنت لك، ولكن اجلسي(1) .

2 ـ كما أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لم يأذن لأم ورقة الأنصارية بالغزو معه، لمداواة الجرحى، وتمريض المرضى(2) .

ولكن الحقيقة هي: أن هذا لا يضر في دلالة كل ما سبق، بل هو مؤيد

____________

1- مجمع الزوائد ج5 ص323 وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجالهما رجال الصحيح، والآحاد والمثاني ج6 ص242 والمعجم الكبير ج25 ص176 وأسد الغابة ج5 ص610 والإصابة ج4 ص487 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص455 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص112 وحياة الصحابة ج1 ص618 عن المجمع.

2- سنن أبي داود كتاب الصلاة ص61 و (ط دار الفكر) ج1 ص142 ونصب الراية ج2 ص39 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج6 ص225 وإمتاع الأسماع ج13 ص189 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص375 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص374 والإصابة ج4 ص505 والاستيعاب (بهامش الإصابة) نفس الجلد والصفحة، والتراتيب الإدارية ج1 ص47 عن الطبقات الكبرى لابن سعد، وعن السيوطي في المجمع، وعزاه لابن راهويه، وأبي نعيم في الحلية، والبيهقي، قال: وروى أبو داود بعضه، ومسند أحمد ج6 ص605.

٢٤٣

له، لأنه قد علل منعه لها في الأولى بأنه: لا يحب أن يكون ذلك سنة، فهو لا يحب أن تجري العادة على إخراجهن في الغزو كذلك، ولولا ذلك لأذن لهن.

وأما بالنسبة لأم ورقة، فإنه لم يظهر لنا الوجه في منعها، ولعله لخصوصية ترتبط بها، لا لأجل ان ذلك غير جائز للنساء مطلقاً.

وهكذا.. يتضح: أنه يمكن دعوى: أن السيرة كانت جارية في زمن الرسول على تمريض النساء للرجال..

إلا أن يقال: أن السيرة هذه لم تثبت إلا من طرق غير الشيعة، فلا حجية فيها وهو كما ترى.

أو يدعى: إعراض المشهور عن خبري ابن أبي حمزة، وعلي بن جعفر، وهو موجب ـ عند البعض ـ لضعف سندهما، ومن ثم عدم الإقدام على الإفتاء بمضمونهما.. أو حملهما على صورة الضرورة، وحمل ما تقدم نقله كله على هذه الصورة أيضاً(1) .

ولعل لأجل هذا نجد: أهل الفتوى لا يفرقون ـ عموماً ـ بين الرجل والمرأة في هذه المسألة كما سيأتي.. كما أن الحمل على الضرورة أو غيرها وملاحظة ما يرمي إليه الشارع في تحديداته للعلاقات بين الرجل والمرأة يستدعي الاقتصار على العجائز منهن.

____________

1- فقد حمل البعض الروايات المتقدمة عن الصحابيات على ذلك راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص116 عن ابن زكريا والقرطبي.

٢٤٤

لا منافاة بين الروايات:

إن التيام جراحات علي "عليه‌السلام " بملامسة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لها.. قد حصل بعد العجز عن مداواته، وخوف أم سليم وأم عطية على سلامته من تلك الجراح. فراجع رواية أبان في ذلك.. كما أن شفاءها بالماء تارة، وبالمسح عليها تارة أخرى، لا يمنع من تكرر ذلك في واقعة أحد.

كيف حرمت الشهادة؟!:

وقد عبر علي "عليه‌السلام " عن حسرته، لأنه حرم الشهادة، فكيف نوفق بين هذا وبين جعل النبي"صلى‌الله‌عليه‌وآله " إياه وصياً له من بعده.

ونجيب:

أولاً: إن من الجائز أن يكون مراده "عليه‌السلام " بقوله: "كيف حرمت الشهادة"؟! هو إظهار أن الجراح التي نالته من شأنها أن تودي به إلى الموت. فهو يتعجب من بقائه حياً، وقد أصابته كل هذه الجراح المميتة!!

وكأن ذلك يعني: أن الله سبحانه قد أناله ثواب الشهادة مرات ومرات، لأن ما يتعرض له من آلام الجراح يفوق ما يتعرض له الذين يستشهدون أضعافاً مضاعفة.

ثانياً: قد يحلو للبعض أن يجيب، وإن كنا لا نوافقه على ذلك، لعدم قيام دليل صالح عليه، بل قد نجد شواهد عديدة على خلافه: بأن قانون البداء جار في الأمور، فإن لم يجر في الإمامة نفسها، باعتبارها من الميعاد، والله لا

٢٤٥

يخلف الميعاد.. فلعله يجري في شخص الإمام، فإن صح هذا، فما الذي يمنع من أن يتعامل علي "عليه‌السلام " مع إمامة نفسه، وبقائه بعد رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " على أساس الخضوع لقانون البداء، الذي تجري عليه حركة البشر وحياتهم، ويكون نفس حفظه للدين، وكسر شوكة أهل الشرك والكفر بهذا المقدار كاف في نيله "عليه‌السلام " لمقامات القرب والزلفى عند الله تعالى؟!

ولا دليل على أن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " كان قد أخبره بما في اللوح المحفوظ المطابق لعلمه تعالى، من حتمية بقائه إلى ما بعد وفاة الرسول..

فلعل الله تعالى أراد أن يحجب هذه المعرفة عنه في خصوص هذا المورد، لينيله ثواب الجهاد، وحب الإستشهاد بأسمى معانيه وأسناه وأغلاه..

وربما تكون هناك مصالح أخرى هامة وعظيمة أخرى، لا تنالها أوهامنا تقضي بحجب المعرفة بخصوص هذا الأمر!!

حرص علي (عليه‌السلام ) على الجهاد:

وإذا كان الناس الأصحاء يفرون من الحرب والقتال، ويسلمون نبيهم إلى الأخطار، ويعرضونه للمهالك، حباً منهم بالسلامة.. وإذا كانت الجراح عذراً عند الناس، وعند الله تعالى للتخلف عن مناجزة العدو، فكيف إذا كانت الجراح قد كثرت وتعمقت حتى أصبح الجريح كالمضغة، أو كالقرحة الواحدة؟! وكانت من العمق بحيث أصبحت الفتائل تدخل من موضع،

٢٤٦

وتخرج من آخر.

هذا بالإضافة إلى ما يستتبع ذلك من نزف مضن، وآلام مبرحة..

فهل يظن أحد، أو يحتمل أن تكون ثمة رغبة من هذا الجريح الطريح في القتال والنزال؟! ولا سيما مع استعداد العدو وتأهبه، وظهور رغبته في الهجوم الذي لن يكون سهلاً ولا عادياً، لأنه يريد ان يثأر لكل النوازل التي حلت به، وكلها كانت على يد نفس هذا الجريح النازف، والذي جعلته الجراح كالمضغة، أو كالقرحة الواحدة؟!

ولكن ها نحن نشهد علياً "عليه‌السلام " نفسه يقسم بالله أن لا يتخلف عن هذه المعركة، التي سيكون هو المستهدف فيها، وهو المحور لكل هجمات الأعداء، التي لن يتهاونوا في جعلها ساحقة وماحقة..

إنه سيحضرها ولو محمولاً على أيدي الرجال، لا ليتفرج على قتال غيره لهم، بل ليكون هو في مقدمة المقاتلين والمجاهدين..

فأين هذه الروحية من روحية أولئك الذين تركوا نبيهم بين سيوف الأعداء ورماحهم المشرعة إلى صدره؟!

علي (عليه‌السلام ) يكتم آلام الجراح:

إن للأوجاع فائدة يحسن لفت النظر إليها، وهي: أنها تنذر المريض بالمرض، وتدل الطبيب على مواضع الخلل، وحالاته، ومدى جدوى العلاج الذي اختاره، وطبيعة الآثار التي تركها.. وما إلى ذلك..

٢٤٧

ولأجل ذلك شكت المرأتان المعالجتان من كتمان علي "عليه‌السلام " لأوجاعه، فإنهما تخوفتا أن يؤثر هذا الكتمان في تعمية الأمور عليهما، وعدم تمكنهما من تقديم ما يلزم في الوقت المناسب..

ولعل سبب كتمانه "عليه‌السلام " لتلك الآلام: أنه لم ير ضرورة للإخبار بها، لعلمه بعدم تأثيره في العلاج المطلوب، فقد بذلتا أقصى ما عندهما.. كما أنه كان يريد أن يفوز بثواب كتمان آلامه، فقد روي عن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قوله: من مرض يوماً وليلة، فلم يشك إلى عواده. بعثه الله يوم القيامة مع إبراهيم خليل الرحمان، حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع(1) .

وعن علي "عليه‌السلام " نفسه: من كتم وجعاً أصابه ثلاثة أيام من الناس، وشكى إلى الله عز وجل، كان حقاً على الله أن يعافيه منه(2) .

____________

1- بحار الأنوار ج73 ص335 وج78 ص177 و 203 وأمالي الصدوق ص258 و (ط مؤسسة البعثة) ص517 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص16 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص407 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص628 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص431 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص99 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص36 وج9 ص372.

2- بحار الأنوار ج10 ص108 ج78 ص203 و 211 عن جامع الأخبار، والخصال ج2 ص166 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص630 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص407 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص628 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص98 وتحف العقول ص120 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص36 وج10 ص252 ومصباح البلاغة ج1 ص254 وراجع: مستدرك الوسائل ج2 ص69 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص389.

٢٤٨

وقد مدح "عليه‌السلام " رجلاً بقوله: وكان لا يشكو وجعاً إلا عند برئه(1) .

وجعل رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ـ في حديث ـ كتمان المرض (الوجع) من كنوز الجنة(2) .

____________

1- نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص70 الحكمة رقم 289 وبحار الأنوار ج78 ص204 و 205 ومستدرك الوسائل ج2 ص69 وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص398 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص36 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص422 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص100 وج13 ص488 وج14 ص420 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص183 وأعلام الدين للديلمي ص113 و 147.

2- وبحار الأنوار ج75 ص175 وج78 ص208 وج79 ص103 عن أمالي المفيد، والدعوات للراوندي ص164 ومستدرك الوسائل ج2 ص68 ومعدن الجواهر للكراجكي ص39 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص97 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص92 وتهذيب التهذيب ج6 ص310.

٢٤٩

الجراح كلها من الإمام!! :

وقد دلت الرواية المتقدمة المتضمنة لإصابة علي "عليه‌السلام " بتسعين جراحة: أنها كلها جاءته من الأمام، فهي في وجهه، ورأسه، وصدره وبطنه، ويديه ورجليه، فلم تذكر أنه أصيب في ظهره بشيء!!

وعلي "عليه‌السلام " هو الذي كانت درعه صدراً لا ظهر لها، فلما سئل عن ذلك قال: إن مكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن أبقى علي(1) .

جراحات علي (عليه‌السلام ) وإصبع طلحة:

تقدم: أن أمير المؤمنين "عليه‌السلام " كان يصد كتائب المشركين عن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " حتى أصيب بجراحات كثيرة..

قال أنس: أتي رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " بعلي "عليه‌السلام " يومئذٍ وفيه في وجهه ورأسه، وصدره، وبطنه، ويديه، ورجليه نيف وستون جراحة، من طعنة، وضربة، ورمية، فجعل رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "

____________

1- تاريخ مدينة دمشق ج42 ص340 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص325 وج18 ص79 وج32 ص339 عن: المستطرف (ط القاهرة) ج1 ص199 وعن الأخبار الموفقيات (ط العاني ـ بغداد) ص343 وعن المجالسة وجواهر العلم (ط معهد العلوم العربية ـ فرانكفورت سنة 1407) ص193.

٢٥٠

يمسحها، وهي تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن(1) .

وقيل: نيفاً وأربعين(2) .

وقيل: نيفاً وسبعين(3) .

وفي رواية: تسعين(4) .

ولعل في الكلام تصحيفاً بين كلمة: ستين وسبعين وتسعين لتقارب

____________

1- راجع: بحار الأنوار ج20 ص23 وج41 ص3 ومجمع البيان ج2 ص509 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص399 وتفسير القمي ج1 ص114 ـ 117 وعمدة القاري ج17 ص140 وتفسير الثعلبي ج3 ص173 وعين العبرة في غبن العترة ص36 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص219 وحلية الأبرار ج2 ص428 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص385

2- الخرائج والجرائح ج1 ص148 وبحار الأنوار ج20 ص78 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص47.

3- تفسير الثعلبي ج3 ص173 وراجع: شجرة طوبى ج2 ص279 ومجمع البيان (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص379 والأصفى ج1 ص170 والصافي ج1 ص377 ونور الثقلين ج1 ص387 وكنز الدقائق ج2 ص215 والميزان ج4 ص12.

4- مستدرك سفينة البحار ج2 ص48 وج7 ص573 وتفسير القمي ج1 ص116 وبحار الأنوار ج20 ص54 وشجرة طوبى ج2 ص279.

٢٥١

رسمها.

وذكرت رواية الراوندي: أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أخذ الماء في فمه، فرشه على الجراحات، فكأنها لم تكن من وقتها(1) .

ونقول:

هذه هي الحقيقة الناصعة، ولكن حساد علي "عليه‌السلام " استولوا على هذه الفضيلة ومنحوها لغير علي، فزعموا: أن طلحة قد جرح في واقعة أحد بجراحات، فمسح "صلى‌الله‌عليه‌وآله " على جسده، ودعا له بالشفاء والقوة(2) .

ونقول:

1 ـ إن علياً "عليه‌السلام " قد صد كتائب أهل الشرك عن رسول الله

____________

1- الخرائج والجرائح ج1 ص148 وبحار الأنوار ج20 ص78 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص47.

2- راجع: دلائل الصدق ج3 ص259: المستدرك للحاكم ج3 ص27 وفتح الباري ج7 ص66 وعمدة القاري ج1 ص265 وج16 ص277 وتحفة الأحوذي ج5 ص278 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص217 وسير أعلام النبلاء ج1 ص32 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص524 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص552 وشرح مسند أبي حنيفة ص212 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص79.

٢٥٢

"صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وكان طلحة مع الفارين، فبأي شيء استحق هذه الكرامة دون سائر الجرحى من أمثاله، الذين اختارهم النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " للحاق بقريش بعد أحد فلحقوها إلى حمراء الأسد؟!

2 ـ لماذا بقيت يده أو إصبعه شلاء، ولم تشف إلى أن مات(1) وهي إنما أصيبت في غزوة أحد؟! ولماذا أبرأ له النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " سائر جراحاته واستثنى إصبعه؟! قد عظموا أمر شلل إصبعه، وأشاعوه بما لا مزيد عليه، وكأن أحداً لم يصب ببدنه في عهد رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " سواه!!!..

طلحة مرة أخرى:

ولم يكتفوا بما سطروه لطلحة الفار في حرب أحد بما ذكرناه آنفاً، بل أضافوا إلى ذلك مزعمة أخرى مفادها: أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " وقع في إحدى الحفر، التي حفرها له أبو عامر الفاسق مكيدة، فرفعه طلحة، وأخذ بيده علي "عليه‌السلام "!!!

زاد في الإكتفاء: فقال "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": من أحب أن ينظر إلى

____________

1- راجع: تاريخ الخميس ج1 ص431 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص375 وبحار الأنوار ج32 ص34 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص765 وكشف الغمة ج1 ص77 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص294 وج2 ص5 وج4 ص72.

٢٥٣

شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة(1) !!!

____________

1- تاريخ الخميس ج1 ص430 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص400 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص766 وأسد الغابة ج3 ص60 وتهذيب الكمال ج13 ص98 وتذكرة الحفاظ ج1 ص366 وسير أعلام النبلاء ج1 ص26 وراجع ص29 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص524 والوافي بالوفيات ج16 ص273 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج7 ص276 والسيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج3 ص598 وعيون الأثر ج1 ص418 وسنن الترمذي ج5 ص307 والمستدرك للحاكم ج3 ص376 ومجمع الزوائد ج9 ص149 و 148 وكتاب السنة لابن أبي عاصم = = ص600 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص117 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص100 والجامع الصغير ج2 ص554 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج11 ص696 وفيض القدير ج6 ص43 وتفسير الثعلبي ج8 ص24 وتفسير أبي السعود ج7 ص99 وتفسير الآلوسي ج21 ص172 وتاريخ مدينة دمشق ج24 ص196 وج25 ص86 و 87 وراجع ص77 و 84 وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص253 وبحار الأنوار ج32 ص216 وإمتاع الأسماع ج1 ص157 ومسند أبي يعلى ج8 ص302 والمعجم الأوسط للطبراني ج9 ص149 والدر المنثور ج5 ص191 وفتح القدير ج4 ص273 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص218 و 219.

٢٥٤

ونقول:

1 ـ إذا فرض صحة هذه الرواية، فلا بد أن تكون بعد عودة الفارين إلى ساحة القتال، ولذلك نقول:

هل يمكن لأبي عامر أن يحفر حفيرة في ذلك الجو الحافل بتردد الفرسان، وجولان الخيول، ولم يره أحد من المسلمين الذين كانوا يحفون برسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "؟!

2 ـ كيف عرف أبو عامر أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " سيمر على خصوص هذا الموضع، وسيطأ برجله فوق هذه الحفرة؟!

3 ـ لماذا لم يقع في تلك الحفرة أي من المقاتلين الآخرين، الذين كانوا يحفون برسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ويحوطونه من جميع الجهات ويرمون على الحُفَر قبله؟!

4 ـ الذي رأى أبا عامر وأخبر عنه، لماذا لم يخبر رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " بالأمر؟!

5 ـ مع غض النظر عن ذلك كله.. إذا كان علي قد أخذ بيد النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أيضاً، وأعانه، فلماذا خص طلحة بالتقريظ والثناء دونه؟!

6 ـ هل صحيح أن طلحة هذا الذي ينكث بيعة إمام زمانه، ويخرج عليه ويحاربه، فيقتل بسيف ذلك الإمام المعصوم بنص القرآن، ويقتل بسببه المئات والألوف من المسلمين ـ هل صحيح أنه ـ شهيد يمشي على وجه

٢٥٥

الأرض؟!

7 ـ هل صحيح أن طلحة الفار من الزحف، والذي لم يدافع عن نبيه أصبح شهيداً يمشي على وجه الأرض، وقد محيت عنه تلك السيئة التي قال عنها علي "عليه‌السلام ": إنها توجب الكفر كما تقدم، ولم يعترض عليه النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " في ذلك؟!(1) .

هذه هي الحقيقة:

عن سعيد بن المسيب، قال: أصابت علياً "عليه‌السلام " يوم أحد ست عشرة ضربة(2) ، وهو بين يدي رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " يذب عنه، كل ضربة يسقط إلى الأرض، فإذا سقط رفعه جبرئيل "عليه‌السلام "(3) .

عن قيس بن سعد، عن أبيه قال: قال علي "عليه‌السلام ": أصابني يوم أحد ست عشرة ضربة سقطت إلى الأرض في أربع منهن، فأتاني رجل

____________

1- راجع : كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله " (الطبعة الخامسة) ج7 ص220 و 221.

2- في المصدر: أصاب علياً "عليه‌السلام " يوم أحد ستة عشر ضربة.

3- أسد الغابة ج4 ص20 وبحار الأنوار ج20 ص93 وشرح الأخبار ج2 ص415 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص366 ومدينة المعاجز ج2 ص308.

٢٥٦

حسن الوجه، حسن اللمة، طيب الريح، فأخذ بضبعي(1) ، فأقامني.

ثم قال: أقبل عليهم، فإنك في طاعة الله وطاعة رسول الله، وهما عنك راضيان.

قال علي "عليه‌السلام ": فأتيت النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " فأخبرته فقال: يا علي أقر الله عينك ذاك جبرئيل "عليه‌السلام "(2) .

____________

1- الضبع: العضد.

2- بحار الأنوار ج20 ص93 ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص78 و 79 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص333 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص517 ومنهاج الكرامة ص166 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص84 وج17 ص33 وج18 ص196 ومدينة المعاجز ج2 ص308 والغدير ج2 ص96 وكشف الغمة ج1 ص196.

٢٥٧

الفصل الخامس :

نهايات أحد..

٢٥٨

٢٥٩

٢٦٠