الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
تعش، فانتزعها النبي "صلىاللهعليهوآله " وغرسها بيده فحملت(1) .
ونقول:
هناك الكثير من النِقاط التي يحتاج الإنسان إلى تسليط الضوء عليها نقتصر منها على ما يلي:
____________
1- مسند أحمـد ج5 ص354 ومجمـع الزوائـد ج9 ص337 عن أحمـد، والبـزار، = = ورجاله رجال الصحيح، ونصب الراية ج6 ص187 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص321 والشمائل المحمدية للترمذي ص28 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص395 و403 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص357 وإمتاع الأسماع ج5 ص183 وج6 ص338 وعيون الأثر ج1 ص91 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص109 وج9 ص502 وتاريخ الخميس ج1 ص468 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص35 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص58 و(ط دار الجيل) ج2 ص635 والتمهيد لابن عبد البر ج3 ص98 وقاموس الرجال ج4 ص227 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص198 و 199 وشرح الشفاء لملا علي القاري ج1 ص384 ومزيل الخفاء في شرح ألفاظ الشفاء (مطبوع بهامش الشفاء نفسه) ج1 ص332 وبحار الأنوار ج22 ص390 والدرجات الرفيعة ص205 ونفس الرحمن ص16 ومناقب أهل البيت "عليهمالسلام " للشيرواني ص326 والمستدرك لحاكم ج ص16 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص312.
غرس عمر، أم غرس سلمان؟!:
تقدم: أن النبي "صلىاللهعليهوآله " قد تولى هو غرس النخل، مستعيناً بعلي "عليهالسلام ".. وقد نهى سلمان عن التدخل في هذا الأمر، فلا يمكن أن نصدق الرواية التي تدعي: أن سلمان قد غرس واحدة منها فلم تعش، فإن سيرة سلمان تدلنا على أنه لا يقدم على مخالفة أمر رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
ولو فرضنا: أن سلمان قد فعل ذلك متوهماً أنه هو صاحب العلاقة، وأنه يسوغ له أن يغرس ولو واحدة منها، لتكون بمثابة الذكرى، فإننا لا نجد مبرراً لمبادرة عمر إلى فعل شيء من ذلك دون سائر الصحابة.. إلا إن كان يريد أن يجرب حظه، فلعل المعجزة تظهر على يده كما ظهرت على يد الرسول "صلىاللهعليهوآله "، لكي يصح قوله: "أنا زميل محمد"(1) .
ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يحفظ ناموس النبوة، فأثمر النخل كله، إلا النخلة التي غرسها عمر بن الخطاب، حتى عاد النبي "صلىاللهعليهوآله "، فغرسها بيده الشريفة، فظهرت البركات، وتجلت بها الألطاف
____________
1- تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي وط الإستقامة) ج3 ص290 و 291 و الفايق في غريب الحديث ج1 ص400 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص121 والجواهر ج30 ص146 والغدير ج6 ص212 والميزان ج4 ص298 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص263.
والكرامات، والدلائل والآيات..
انتزعها ثم غرسها:
وقد لوحظ: أن النبي "صلىاللهعليهوآله "، لم يجر الكرامة على تلك النخلة التي غرسها عمر، بأن يلمسها وهي في موضعها، ويدعو لها بالحياة والإخضرار.. ولو أنه فعل ذلك لاستجاب الله تعالى له..
ولكنه أزال فعل عمر من أساسه، بأن انتزعها، ثم أعاد غرسها، ربما ليرمز لنا إلى بوار نفس الفعل الذي صدر عن عمر، فلا يصلح حتى للبناء عليه، لأنه ليس قابلاً للإصلاح أصلاً.. فإن معنى قابليته للإصلاح هو أن الفساد قد نال بعض الجهات فيه دون بعض، وهو ليس كذلك إذ لم يكن فيه أي شيء صالحاً ليصح ضم الجزء الآخر إليه بعد إصلاحه..
يضاف إلى ذلك: أنه لو ابقاها ثم لمسها ودعا، فعادت لها الحياة، فقد يتوهم متوهم، أو يدَّعي مدع: أنها كانت مغروسة، وكان فيها قابلية الحياة، فعاشت لأجل ذلك، لا لفعل رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
سلمان منا أهل البيت:
قال المبرد: كان "صلىاللهعليهوآله " أدى إلى بني قريظة مكاتبة سلمان، فكان سلمان مولى رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فقال علي بن أبي طالب "عليهالسلام ": سلمان منا أهل البيت(1) .
____________
1- الكامل في الأدب ج4 ص14.
ونحن لا ننكر أن يكون علي "عليهالسلام " قد قال هذه الكلمة، ولكنه إنما قالها تبعاً لرسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فإن الكل يعلم، أن كلمة: " سلمان منا أهل البيت" هي من كلام النبي "صلىاللهعليهوآله "، جاءت رداً على عمر بن الخطاب، حين دخل فوجد سلمان في المجلس، فقال: من هذا العجمي المتصدر بين العرب؟! فصعد "صلىاللهعليهوآله " المنبر، فخطب.. فكان مما قال: " سلمان منا أهل البيت"(1) .
أو أنه "صلىاللهعليهوآله " قال فيه هذه الكلمة حينما تنافس فيه الأنصار والمهاجرون، أو في مناسبة أخرى(2) .
فهل يريد المبرد أن يبعد رسول الله "صلىاللهعليهوآله " عن أن يكون قد قال هذه الكلمة؟!
النبي (صلىاللهعليهوآله ).. وغرس النخل:
وقد رأينا: أن النبي "صلىاللهعليهوآله " أراد أن يغرس النوى بنفسه، بمساعدة أمير المؤمنين "عليهالسلام "، ولم يسمح حتى لسلمان نفسه أن يتدخل في ذلك، ولو في واحدة منها.
وعدا عن أن ذلك يدل على اهتمام النبي "صلىاللهعليهوآله " بسلمان، ويعد تكريماً له، فإنه تضمن إظهار معجزة له "صلىاللهعليهوآله "، عضدتها
____________
1- الغارات للثقفي ج2 ص823 والإختصاص ص341 وبحار الأنوار ج22 ص348 ونفس الرحمن ص127 و128 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " للنجفي ج1 ص370 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص75
2- راجع: المستدرك للحاكم ج3 ص598 ومجمع الزوائد ج6 ص130 والمعجم الكبير للطبراني ج6 ص213 والدرر لابن عبد البر ص170 ومجمع البيان ج2 ص269 وج8 ص126 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص82 وج7 ص319 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص408 وأسد الغابة ج2 ص331 وتهذيب الكمال ج11 ص250 وسير أعلام النبلاء ج1 ص539 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص235 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص54 والكامل في التاريخ ج2 ص179 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص114 وإمتاع الأسماع ج1 ص226 وج13 ص291 والسيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج3 ص708 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص192 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص634 والميزان ج16 ص292 وجامع البيان ج21 ص162 وتفسير الثعلبي ج3 ص40 وتفسير البغوي ج3 ص510 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص129 ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص75 وبحار الأنوار ج10 ص123 وج17 ص170 وج18 = = ص19 وج20 ص189 و 198 وج22 ص329 وج22 ص373 ودلائل الإمامة ص140 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص387 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص128 و 133 وإختيار معرفة الرجال للطوسي ج1 ص59 والدرجات الرفيعة ص210 و 218 وطرائف المقال ج2 ص602.
معجزة أخرى تلمسها سلمان في الذهب الذي وزن منه أربعين أوقية(1) ، وبقي منه بقدر ما كان، مع أنه كان بقدر البيضة..
فقد كان الله تعالى يريد أن يُظهر هذه الكرامة، أو المعجزة لرسوله، في هذه المناسبة، وفي هذا الوقت بالذات، لأن الناس كانوا بأمس الحاجة إليها، ولا سيما في ذلك المحيط الذي يحاول اليهود أن يثيروا فيه الشبهات حول النبوة والنبي "صلىاللهعليهوآله ".. فإن الإنتصار في الحروب، وإن كان يحمل معه لمحات الإعجاز، ويزخر بدلائل الرعاية الإلهية، إلا أن ما تتركه تلك الحروب من آثار، وأثقال، وهموم ومشكلات، قد يجد فيه البعض منافذ للوسوسة، وتوظيف آثاره على الناس في زرع بذور الفتنة، وإثارة النعرات، والعصبيات والأحقاد..
شراكة علي (عليهالسلام ) :
وقد لوحظ: أن رسول الله "صلىاللهعليهوآله " قد حرص على إشراك علي "عليهالسلام " في التحضير لظهور هذه الكرامة الإلهية.. دون كل أحد سواه، في إشارة منه إلى موقع علي "عليهالسلام " منه، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
____________
1- الأوقية: وزن أربعين درهماً.
إذا سمعت بشيء قد جاءني فأتني:
ولوحظ أيضاً: أنه "صلىاللهعليهوآله " لم يبادر إلى صنع المعجزة في الذهب، بأن يأخذ حجراً أو تراباً، فيصير ذهباً، ثم يعطيه إياه، كما رأيناه في حالات أخرى، إذ قد يحاول الأعداء اتهامه بالسحر، إن هو قد فعل ذلك..
بل طلب من سلمان أن ينتظر مجيء شيء إليه، فلما جاءه الذهب أرسل هو إلى سلمان فحضر، فأعطاه الذهب، الذي أهدي إليه، والذي لا يمكن ادعاء السحر، أو التمويه فيه، لأنه حقيقة ملموسة للآخرين معروفة لهم، وقد تمثلت الكرامة والمعجزة بظهور البركة فيها.. وهذا أدعى للتصديق، وأبعد عن التهمة.
توزيع المهام بين الأحباب:
ومما حدث بعد الهجرة، وبالذات بعد زواج علي بفاطمة "عليهالسلام " وإن كان لا يمكننا تحديد تاريخ ذلك، قول علي "عليهالسلام " لأمه، فاطمة بنت أسد "رضوان الله تعالى عليها": إكف فاطمة بنت رسول الله "صلىاللهعليهوآله " سقاية الماء، وتكفيك الداخل: الطحن والعجن(1) .
____________
1- راجع: مجمع الزوائد ج9 ص256 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص353 وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ص37 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص156 وأسد الغابة ج5 ص517 والإصابة ج4 ص380 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص268 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص382 و (ط دار الجيل) ج4 ص1894 وإمتاع الأسماع ج5 ص352 وتاريخ الخميس ج1 ص468 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358 وتهذيب الكمال ج35 ص248 وسير أعلام النبلاء ج2 ص125 وتاريخ الإسلام ج3 ص621 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص47 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج30 ص134.
وروي عن علي "عليهالسلام "، أنه قال: أهدي إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله " حلة استبرق، فقال: اجعلها خمراً بين الفواطم..
فشققتها أربعة أخمرة: خماراً لفاطمة بنت رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، وخماراً لفاطمة بنت أسد، وخماراً لفاطمة بنت حمزة، ولم يذكر الرابعة، قال ابن حجر: قلت: ولعلها امرأة عقيل الآتية(1) .
ولعلها فاطمة التي اصطحبها "عليهالسلام " حين الهجرة.
ونشير هنا إلى ما يلي:
1 ـ إن علياً "عليهالسلام " لم يفرض على زوجته خدمة أمه، ولا فرض
____________
1- راجـع: الإصابـة ج4 ص381 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص271 وأسد = = الغابة ج5 ص519 وعمدة القاري ج22 ص17 و 18 والآحاد والمثاني ج1 ص142 وج5 ص469 وشرح معاني الآثار ج4 ص254 والتمهيد لابن عبد البر ج14 ص251 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص205 وسبل السلام للكحلاني ج2 ص86 وشرح مسلم للنووي ج14 ص50 وعون المعبود ج11 ص62 وعيون الأثر ج2 ص371.
على أمه خدمة زوجته، بل هو طلب أن يتوزعا المهمات فيما بينهما..كل منهما بحسب ما يناسب حاله..
2 ـ إنه "عليهالسلام " تكلم بطريقة تفيد: أن ما طلبه من هذه كان مطلوباً من تلك، والعكس صحيح، وذلك لسببين:
أولهما: ليدل على أن أحداً ليس مكلفاً بخدمة أحد، بل كل إنسان مكلف بالطحن والعجن، والسقي لنفسه، فإذا كفاه أحد الناس شيئاً من ذلك، فإن مكافأته له بأن يكفيه هو شيئاً آخر تصبح طبيعية..
ولو أنه "عليهالسلام " فرض الأمر فرضاً عليهما بأن قال: عليك السقي، وعليها الطحن والعجن، لم يشعر أي من الطرفين بإحسان وجميل الطرف الآخر، ولم تتبلور لديه رغبة في مساعدته، لو وجده مغلوباً في الذي يتولاه..
الثاني: هذه الطريقة في البيان تعطي: أن العامل سوف يشعر بأنه مدين للطرف الآخر.. ويشعره بمحبته ومودته، وصفاء نيته تجاهه، ويبعد عنه أية حساسية معه.
3 ـ ثمة عناية خاصة من النبي "صلىاللهعليهوآله " بهؤلاء الفواطم، فهو قد أوصى علياً أن يستصحبهنَّ في الهجرة، وهو يهتم بتهيئة موجبات الستر التام، والصون لهن، فهيأ لهن الخُمُر الساترة، لا الثياب الفاخرة.
النبي (صلىاللهعليهوآله ) يلقن الأموات الإمامة:
روى الكليني: أنه حين توفيت فاطمة بنت أسد حمل النبي "صلىاللهعليهوآله " جنازتها على عاتقه، فلم يزل حتى أوردها قبرها، وأخذها على
يديه، ووضعها فيه، وانكب عليها طويلاً يناجيها، ولقنها ما تسأل عنه حتى إمامة ولدها "عليهالسلام ".
وحينما سئل عن ذلك قال: اليوم فقدت بر أبي طالب، إن كانت لتكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها، وولدها.. إلى آخر ما قال "صلىاللهعليهوآله "(1) .
ونقول:
1 ـ بالنسبة للرواية الأولى نلاحظ ما يلي:
أنه "صلىاللهعليهوآله " يلقن الأموات الإمامة، وهذا يدلنا على أمور، هي:
____________
1- الكافي ج1 ص453 وقاموس الرجال (الطبعة الأولى) ج11 ص6 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج12 ص310 وخصائص الأئمة ص64 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص40 والفضائل لشاذان ص102 والإعتقادات في دين الإمامية للصدوق ص58 وشرح أصول الكافي ج7 ص197 وبحار الأنوار ج6 ص279 وج35 ص180 وكشف اليقين ص193 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص221 ـ 223 وموسوعـة أحـاديث أهـل البيـت "عليهمالسلام " = = للنجفي ج9 ص25 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج15 ص76 عن در بحر المناقب لابن حسنويه (مخطوط) ص15 وراجع: وفاء الوفاء المجلد الثاني ص898.
ألف: إن الأموات يسمعون، ويفهمون، ويحفظون هذا التلقين، وقد تأكدت هذه الحقيقة في حرب بدر حين كلم رسول الله "صلىاللهعليهوآله " قتلى المشركين، وهم في القليب، فلما سئل عن ذلك، قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني(1) .
____________
1- راجع: فتح الباري ج7 ص234 و235 وتاريخ الخميس ج1 ص386 والسيرة الحلبية ج2 ص82 و (ط دار المعرفة) ج2 ص431 وحياة الصحابة ج2 ص333 و 334 وبحار الأنوار ج19 ص346 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص300 ومسند أبي يعلى ج6 ص433 وصحيح ابن حبان ج14 ص458 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص179 وإمتاع الأسماع ج12 ص143 و 160 وعيون الأثر ج1 ص345 والميزان ج9 ص31 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص156 والكامل في التاريخ ج2 ص129 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التـراث العـربي) ج1 ص158 ج3 ص357 والسيرة النبويـة لابن هشام (ط = = مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج2 ص466 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص449 و 452 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص55 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص162 وإعانة الطالبين ج2 ص160 ومسند أحمد ج1 ص27 وج3 ص104 و 220 و 262 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج2 ص101 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج8 ص163 و 164 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص411 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص665 ومسند أبي يعلى ج1 ص130 وج6 ص72 و 433 و 460 وصحيح ابن حبان ج14 ص424 و 458 والمعجم الصغير للطبراني ج2 ص113 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة ) ج10 ص377 و 392 وتاريخ مدينة دمشق ج38 ص260 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص63 و 83 والمعجم الأوسط للطبراني ج8 ص219 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص480 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص364 وسنن النسائي ج4 ص110 ومجمع الزوائد ج6 ص91 ومسند أبي داود ص9 والديباج على مسلم ج6 ص205 وعمدة القاري ج8 ص201.
كما أن علياً "عليهالسلام " قد كلم قتلى أعدائه في حرب الجمل(1) .
ب: إن هذا التلقين لا يزال سنة جارية، يمارسها أهل الإيمان مع الأموات منهم..
ج: إن السؤال في القبر عن أمور بعينها ثابت وواقع، فلا بد من إعداد الجواب.
د: إن إمامة علي "عليهالسلام " هي مما يسأل عنه الأموات أيضاً..
هـ: إن السؤال عن الإمامة يشير إلى أنها ليست مجرد حكومة وخلافة، بل هي معنى أوسع وأكبر يجعلها أمراً عقائدياً أيضاً، بالإضافة إلى أبعد أخرى كامنة فيها..
____________
1- الجمل للشيخ المفيد ص391 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص209 والإرشاد للمفيد ج1 ص254 والجمل لابن شدقم ص153 وبحار الأنوار ج32 ص207 وأعيان الشيعة ج1 ص461.
و: إن سؤال فاطمة بنت أسد عن الإمامة بعد موتها كان في حال حياة النبي "صلىاللهعليهوآله "، وقبل أن يكون لخلافة غير النبي وحاكميته الفعلية مورد..
2 ـ بالنسبة للرواية الثانية نلاحظ أيضاً:
ألف: إن قول النبي "صلىاللهعليهوآله ": اليوم فقدت برّ أبي طالب يشير إلى أن فاطمة بنت أسد، قد واصلت برها به، الذي تعلمته من أبي طالب "عليهالسلام "، حتى كأنه "صلىاللهعليهوآله " كان يشعر بحياة أبي طالب إلى تلك اللحظة.
ب: أي برَّ هذا الذي يتواصل كل هذه السنوات؟! وكيف شعر "صلىاللهعليهوآله " بفقد ذلك البرّ في اليوم الأول؟! إن ذلك يحتاج إلى التفسير.
الفصل الثامن :
علي (عليهالسلام ) في بني النضير..
بنو النضير بعد قتل ابن الأشرف:
لقد فاجأت نتائج حرب بدر اليهود، وقام كعب بن الأشرف بتحرك واسع ضد المسلمين، حتى لقد ذهب إلى مكة ليحرضهم على حرب رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، وهجا النبي "صلىاللهعليهوآله "، وصار يشبب بنساء المسلمين في شعره، حتى آذاهم..
فانتدب النبي "صلىاللهعليهوآله " إليه من قتله، فخافت اليهود خوفاً شديداً، وذهبوا إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فدعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم صلحاً..
قالوا: فذلك الكتاب مع علي(1) .
ونقول:
____________
1- المصنف للصنعاني ج5 ص204 ومجمع الزوائد ج6 ص195 وتفسير القرآن للصنعاني ج1 ص142 وجامع البيان ج4 ص267 وراجع الحديث أيضاً في: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص23 ودلائل النبوة للبيهقي (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص198 وراجع: المغازي للواقدي ج1 ص192.
ألف: قتل كعب بن الأشرف فلا يعد فتكاً، لأنه كان كافراً معلناً بعداوته، ومحارباً، والمحارب تترصّد غفلته ويقتل، وليس له أن يدعى أنه آمن، وأن قتله من الفتك الممنوع، فإن الفتك الممنوع هو قتل من لم يعلن الحرب.
ولذلك لم يقتل مسلم بن عقيل عبيد الله بن زياد، الذي كان يتظاهر بالإسلام. وقال: الإسلام قيد الفتك.
ب: وقد يتساءل البعض هنا عن سر كون هذا الكتاب مع علي "عليهالسلام "، فهل يشير ذلك إلى خصوصية له "عليهالسلام " فيما يرتبط بالمجال السياسي المتعلق برسول الله "صلىاللهعليهوآله "، أو حتى فيما يرتبط بموقعه "عليهالسلام " من بعده؟!
بنو النضير ينقضون العهد:
ويذكر المؤرخون هنا غزوة النبي "صلىاللهعليهوآله " لبني النضير، وسببها: أنه كان هناك عهد بين بني النضير وبين النبي "صلىاللهعليهوآله "، وبالإستناد إلى ذلك العهد، فجاءهم النبي "صلىاللهعليهوآله " في أقل من عشرة أشخاص من أصحابه يستعينهم في دية قتيلين من بني عامر كان عمرو بن أمية الضمري قتلهما دون أن يشعر بوجود عهد بين قبيلتهما وبين النبي "صلىاللهعليهوآله "، وحلف وعهد آخر كان بين بني عامر وبين بني النضير أيضاً..
فرحب به بنو النضير، ولكنهم حين رأوه في قلة من أصحابه تآمروا
على قتله، بإسقاط رحى عليه من سطح المنزل الذي كان "صلىاللهعليهوآله " يجلس مع بعض أصحابه إلى جواره..
فأخبر جبرئيلُ رسولَ الله "صلىاللهعليهوآله " بأمرهم، فخرج "صلىاللهعليهوآله " راجعاً إلى المدينة، ثم دعا علياً "عليهالسلام "، وقال: لا تبرح مقامك، فمن خرج عليك من أصحابي، فسألك عني، فقل: توجه إلى المدينة.
ففعل ذلك علي، حتى انصبوا إليه، ثم تبعوا النبي "صلىاللهعليهوآله " ولحقوا به.
وأرسل "صلىاللهعليهوآله " إلى بني النضير يأمرهم بالجلاء، لأنهم نقضوا العهد، فرفضوا ذلك استناداً إلى وعود المنافقين لهم بنصرتهم.. فقدم النبي "صلىاللهعليهوآله " لحصارهم، وقال لعلي "عليهالسلام ": تقدم إلى بني النضير.
فأخذ "عليهالسلام " الراية وتقدم، وأحاط بحصنهم.
وقال الواقدي: استعمل علياً "عليهالسلام " على العسكر، وقيل: أبا بكر، وقاتلهم إلى الليل حتى أظلموا(1) .
____________
1- المغازي للواقدي ج1 ص371 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص265 وتفسير القمي ج2 ص359 وبحار الأنوار ج20 ص164 و 168 وتفسير الثعلبي ج4 ص35 وتفسير البغوي ج2 ص19 والأصفى ج2 ص1281 والصافي ج5 ص153 وج7 ص148 وعمدة القاري ج17 ص125 والميزان ج9 ص127 وتاريخ الخميس ج1 ص460 وشرح بهجة المحافل ج1 ص214 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص57.
الفتح على يد علي (عليهالسلام ) :
وضرب قبته "صلىاللهعليهوآله " في أقصى بني خطمة من البطحاء.
فلما أقبل الليل رماه رجل من بني النضير بسهم، فأصاب القبة، فأمر النبي "صلىاللهعليهوآله " أن تحول قبته إلى السفح، وأحاط بها المهاجرون والأنصار. (وعند الواقدي: أنها حولت إلى مسجد الفضيخ).
فلما اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين "عليهالسلام "؛ فقال الناس: يا رسول الله، لا نرى علياً.
فقال "صلىاللهعليهوآله ": أراه(1) في بعض ما يصلح شأنكم.
فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي "صلىاللهعليهوآله " ـ وكان يقال له: عزورا ـ فطرحه بين يدي النبي "صلىاللهعليهوآله ".
فقال له النبي "صلىاللهعليهوآله ": كيف صنعت؟!
فقال: إني رأيت هذا الخبيث جريَّاً شجاعاً؛ فكمنت له، وقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل، يطلب منا غرة.
فأقبل مصلتاً بسيفه، في تسعة نفر من اليهود؛ فشددت عليه، وقتلته،
____________
1- في مغازي الواقدي، والسيرة الحلبية: دعوه فإنه في بعض شأنكم.
فأفلت أصحابه، ولم يبرحوا قريباً؛ فابعث معي نفراً فإني أرجو أن أظفر بهم.
فبعث رسول الله "صلىاللهعليهوآله " معه عشرة، فيهم أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف؛ فأدركوهم قبل أن يلجوا الحصن؛ فقتلوهم، وجاؤوا برؤوسهم إلى النبي "صلىاللهعليهوآله " فأمر أن تطرح في بعض آبار بني خطمة.
وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير.
وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
الله أي كريـهــة أبلـيـتـهـا |
ببني قريظـة والنـفوس تطلع |
|
أردى رئيسهم وآب بتسـعة |
طوراً يشلهم(1) وطوراً يدفـع |
إلى أن تقول الرواية: فيئسوا من نصرهم (أي من نصر المنافقين لهم)، فقالوا: نحن نخرج من بلادك الخ..(2) .
____________
1- يشلهم بالسيف: يضربهم ويطردهم.
2- راجع ما تقدم في المصادر التالية: الإرشاد للمفيد ص49 ـ 50 و (ط دار المفيد) ج1 ص92 ـ 93 وبحار الأنوار ج20 ص172 و 173 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص196 و 197 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص169 و 170 والمغازي للواقدي ج1 ص371 و 372 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص200 والسيرة الحلبية ج2 ص265 و (ط دار المعرفة) ج2 ص562 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص262 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص322 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص340.