الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
بدعوات(1) .
نعم، لِمَ لَمْ يذكِّروا الناس بهذه الدعوات، مع أنهم كانوا بأمس الحاجة إلى ذلك، في صراعهم ضد علي "عليهالسلام "، وضد الصحابة الأخيار، الذين كانوا في المدينة حين قتل عثمان، ولم يحركوا ساكناً، أو أنهم شاركوا في قتله، أو في التأليب عليه.
تزوج ابنتك من أخيك؟!:
وجاء: أنه لما تزوج علي بفاطمة "عليهماالسلام "، أمر "صلىاللهعليهوآله " علياً أن لا يحدث حدثاً حتى يأتيه، ثم جاء "صلىاللهعليهوآله "، فقال: أَثَمَ أخي؟!.
فقالت أم أيمن: يا رسول الله، هذا أخوك وزَوَّجْتَه ابنتك؟!
وكان النبي "صلىاللهعليهوآله " آخى بين أصحابه وآخى بين علي ونفسه.
قال: إن ذلك يكون يا أم أيمن(2) .
____________
1- المناقب للخوارزمي ص252 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص348 و 349 وبحار الأنوار ج43 ص129 و 130 وكشف الغمة ج1 ص368 ومجمع النورين ص57.
2- أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص135 والمصنف للصنعاني ج5 ص485 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص137 ومجمع الزوائد ج9 ص209 عن الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليهالسلام " للكوفي ج2 ص216 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج15 ص537 وج30 ص303 و ج18 ص176 و 184 وج25 ص460 و461. وفيه رواية أخرى لكن الجواب ليس موجوداً.
وراجع: حياة الصحابة ج2 ص46 عن الهيثمي، والصواعق المحرقة ص84 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص133 وكشف الغمة ج1 ص382 وحياة الإمام الحسن(عليهالسلام) للقرشي ج1 ص19 .
وهذه الرواية أقرب إلى الاعتبار من تلك الرواية القائلة: إنه لما خطب "صلىاللهعليهوآله " ابنة أبي بكر قال له أبو بكر: هل تصلح له؟! إنما هي بنت أخيه.
فأخبره "صلىاللهعليهوآله ": أنه أخوه في الإسلام، وهو أخوه، وابنته تصلح له، فأنكحه حينئذٍ أبو بكر(1) .
فإن النبي "صلىاللهعليهوآله " لم يؤاخ أبا بكر أصلاً، ولا آخى بين أحد من الناس قبل خطبته عائشة، لأنه إنما آخى بين المهاجرين قبل الهجرة
____________
1- راجع: مجمع الزوائد ج9 ص225 عن الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث وص226 عن أحمد. وراجع: فتح الباري ج7 ص176 وج9 ص107 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص195 وأسد الغابة ج5 ص502 وإمتاع الأسماع ج11 ص236 والسيرة الحلبية ج2 ص43.
بقليل، وهو إنما خطب عائشة قبل الهجرة بحوالي ثلاث سنوات، كما يزعمون. وان كان لنا كلام في ذلك.
ولو كان أبو بكر يتوهم: أن أخوة الإسلام تمنع من ذلك، فهذا يعنى: أن يكون أبو بكر قد بقي عدة سنوات، بل من أول ظهور الإسلام يعتقد حرمة زواج أي مسلم بمسلمة، وهذا لا يتوهمه إلا أبو بكر، ولا يخطر ولم يخطر على بال أي من السذج والبسطاء، فكيف خطر في بال أبي بكر، الذي يعتقد فيه البعض كل حنكة وروية، وتعقل وعلم ومعرفة؟!
هذا عدا أننا لم نجده يعترض على زواج أي مسلم بمسلمة على الإطلاق.
الفصل السادس :
ترهات.. وأباطيل..
حمزة يشرب الخمر في زفاف فاطمة (عليهاالسلام ) :
ويروون عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي "عليهمالسلام ": أنه بينما كان يستعد لنقل فاطمة "عليهاالسلام " وعنده شارفان من الإبل، كان أخذهما من خمس غنائم بدر، قد أناخهما إلى جانب حجرة لبعض الأنصار، وإذا بحمزة بن عبد المطلب قد خرج عليهما من بيت كان يشرب فيه، وعنده قينة تغنيه:
"ألا يا حمز للشرف النواء".
خرج عليهما وهو سكران؛ فجب أسنمتهما، وبقر خاصرتيهما، وأخرج كبدهما، ومضى لسبيله.
فشكاه علي "عليهالسلام " إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله "؛ فجاء معه الرسول، ورأى ما رأى، فنظر إليه حمزة، وصعد النظر إليه، وقال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟!
فتركه "صلىاللهعليهوآله " وانصرف، وذلك قبل تحريم الخمر(1) .
____________
1- صحيح البخاري (ط سنة 1309هـ) ج2 ص120 و (ط دار الفكر) ج3 ص80 وج4 ص41 وج5 ص16 كتاب الخمس حديث1 وكتاب المغـازي باب12 = = وكتاب المساقاة، وصحيح مسلم كتاب الأشربة ج6 ص85 و 86 وسنن أبي داود ج2 ص28 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص341 وعمدة القاري ج12 ص217 وج15 ص17 و 110 والآحاد والمثاني ج1 ص154 ومسند أبي يعلى ج1 ص416 وصحيح ابن حبان ج10 ص398. وكنز العمال ج5 ص502 ومسند أحمد ج1 ص142 والبداية والنهاية ج3 ص245 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص417 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص542 والإصابة ج4 ص378 وذخائر العقبى ص104 والسيرة الحلبية ج2 ص161 والبرهان ج1 ص498 والميزان ج6 ص131 كلاهما عن العياشي.
وراجع: مشكل الآثار ج2 ص287 وبهجة المحافل ج1 ص279 وشرحه للأشخر اليمني، والجامع لأحكام القرآن ج6 ص287 وتفسير الثعلبي ج2 ص142 وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج7 ص29 و 30 و 31 وأسباب النزول ص118 و 119 ومدارك التنزيل للخازن ج1 ص147.
ولكن النص الموجود في المصادر الأخيرة قد ذكر نزول آية سورة المائدة في هذه المناسبة، مع وجود مخالفة ظاهرة للرواية المذكورة في المتن أعلاه. مع أن سورة المائدة نزلت بعد سنوات من استشهاد حمزة في حرب أحد. فقد نزلت في أواخر حياة النبي (صلىاللهعليهوآله ). فراجع: الدر المنثور ج2 ص252 عن مصادر كثيرة.
وفي رواية: أن حمزة قد فعل ذلك في واقعة أحد، وزعمت أن الرسول إنما رضي عنه في وسط المعركة، بعد أن حمل عدة حملات صاعقة على
العدو(1) .
وذلك لا يصح:
أولاً: لأن مختلف الروايات الواردة في زواج أمير المؤمنين "عليهالسلام " تقول: إنه لم يكن يملك إلا درعه الحطمية، التي باعها وأنفق ثمنها على الزفاف، وتضيف بعض الروايات فرسه أيضاً.
ولو كان عنده شارفان من الإبل، لكان الأولى أن يذكرهما للنبي "صلىاللهعليهوآله " حينما سأله عما يملك، مما يريد أن يقدمه مهراً، فلم يذكر له إلا درعه الحطمية؛ فلتراجع الروايات.
ثانياً: إن زفاف فاطمة "عليهاالسلام " كان قبل أحد بعدة أشهر، فكيف تقول الرواية الثانية: إن ذلك قد كان في أحد؟!
ثالثاً: ذكروا: أن حمزة كان يوم أحد وقبله صائماً(2) .
فكيف يكون قد شرب الخمر، وفعل ما فعل في ذلك اليوم، أو في الذي قبله؟!.
____________
1- راجع: الأمالي للطوسي ص657 وبحار الأنوار ج20 ص114 و 115 وج76 ص144 وتفسير العياشي ج1 ص339 و 340 ومستدرك الوسائل ج17 ص49 والميزان ج6 ص131.
2- مغازي الواقدي ج1 ص211 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص223. ومستدرك سفينة البحار ج2 ص420 وبحار الأنوار ج20 ص125 وإمتاع الأسماع ج1 ص134 وج9 ص249 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص185.
رابعاً: إن الخمر لم تكن سمعتها حسنة عند العرب، وكانوا يدركون سوءها، وقد حرمها عدد منهم على نفسه قبل مجيء الإسلام، مثل: أبي طالب(1) وعبد المطلب(2) ، وذكر ذلك عن جعفر بن أبي طالب أيضاً كما رواه في الأمالي.
وذكر ابن الأثير: أن ممن حرمها على نفسه عثمان بن مظعون، وعباس بن مرداس، وعبد المطلب، وجعفر، وقيس بن عاصم، وعفيف بن معد يكرب العبدي، وعامر بن الظرب، وصفوان بن أمية، وأبو بكر، وعمر، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن جدعان(3) .
____________
1- راجع: السيرة الحلبية ج1 ص113 و (ط دار المعرفة) ج1 ص184.
2- راجع: السيرة الحلبية ج1 ص4 و 113 و (ط دار المعرفة) ج1 ص184 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص267 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279 وأسنى المطالب ص58.
3- راجع: الملل والنحل للشهرستاني ج2 ص242 وأسد الغابة ج3 ص113 و 386 وج4 ص220 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص819 وج3 ص1054 و 1295 والوافي بالوفيات ج16 ص363 وج19 ص336 وج24 ص214 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص6 و 211 وج2 ص262 وج3 ص86 و 245 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص393 وج7 ص36 وتهذيب الكمال ج14 ص249 وج24 ص63 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص35 وسير أعلام النبلاء ج1 ص155 وتحفة الأحوذي = = ج4 ص54 وكتاب ذم المسكر لابن أبي الدنيا ص38 ومن له رواية في مسند أحمد ص290 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص190 والدر المنثور ج2 ص315 وتعجيل المنفعة ص283 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279 والإصابة ج2 ص272 و (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص513 وج5 ص367 وتهذيب التهذيب ج5 ص114 وج8 ص357 وخزانة الأدب ج4 ص18 وج5 ص323.
وإن كنا نشك في ذلك بالنسبة إلى بعض من ذكرهم، مثل أبي بكر، وعبد الرحمن بن عوف(1) .
وأما ذكر عمر بن الخطاب مع هؤلاء، فلا شك في أنه من إضافات النساخ، جرياً على العادة في ذكر هذه الأسماء، لأنه كان من أشرب الناس للخمر في الجاهلية، بل لقد استمر على ذلك حتى بعد أن أسلم كما أوضحه العلامة الأميني(2) ..
ومهما يكن من أمر، فقد عد ابن حبيب ممن حرم الخمر على نفسه أيضاً: ورقة بن نوفل، وأبا أمية بن المغيرة، والحارث بن عبيد المخزوميين، وزيد بن عمرو بن نفيل، وعامر بن حِذْيَم، وعبد الله بن جدعان، ومقيس بن
____________
1- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلىاللهعليهوآله " (الطبعة الخامسة) ج6.
2- راجع: الغدير ج6 ص95 ـ 103. وراجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلىاللهعليهوآله " (الطبعة الخامسة) ج6.
قيس، وعثمان بن عفان، والوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، وعبد المطلب بن هاشم(1) .
وإنما حرمها هؤلاء على أنفسهم، لأنهم رأوها لا تناسب كرامتهم وسؤددهم، كما يظهر من رواية تنسب إلى أبي بكر(2) .
وعلل العباس بن مرداس رفضه لشربها بقوله: "لا أصبح سيد قومي، وأمسي سفيهها، لا والله، لا يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبداً"(3) .
خامساً: إن الخمر لم تزل محرمة في الشرائع السابقة، وقد كان الإعلان بتأكيد تحريمها إما في أول البعثة كما نقول، أو كان بعد زواج علي بالزهراء "عليهماالسلام " كما يقول الآخرون، فراجع ما ذكرناه حول ذلك في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي "صلىاللهعليهوآله "(4) .
____________
1- المنمق ص531 و 532 وكتاب المحبر لابن حبيب ص237 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص279 والإستيعاب ج2 ص819 وتهذيب الكمال ج14 ص249 والوافي بالوفيات ج16 ص363.
2- الصواعق المحرقة ص73 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص333 وكنز العمال ج12 ص487 والصوارم المهرقة ص333.
3- أسد الغابة ج3 ص113 وكتاب ذم المسكر لابن أبي الدنيا ص41 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص427 وكتاب المحبر لابن حبيب ص237.
4- الصحيح من سيرة النبي "صلىاللهعليهوآله " (الطبعة الخامسة) ج6 ص244 فما بعدها.
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى:
ويروون ـ عن علي "عليهالسلام " أنه قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً؛ وسقانا من الخمر؛ فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة؛ فقدموني، فقرأت:( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) (1) ، ونحن نعبد ما تعبدون، فأنزل الله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) (2) .."(3) .
____________
1- سورة الكافرون الآيتان 2 و 3.
2- الآية43 من سورة النساء.
3- الدر المنثور ج2 ص164 و 165 عن عبد بن حميد وأبي داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس، والحاكم وصححه، وحاشية رد المحتار ج4 ص202 ونيل الأوطار ج9 ص53 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص56 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص725 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص322 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص958 ولباب النقول ص63 و (ط دار إحياء العلوم) ص68 و (ط دار الكتب العلمية) ص57 وزاد المسير ج2 ص128 والمستدرك للحاكم ج4 ص142 وليس فيه تصريح بأن علياً (عليهالسلام ) قد شربها معهم، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج5 ص200 عن الترمذي وسنن الترمذي ج5 ص238 و (ط دار الفكر) ج4 ص305 وراجع: جامع البيان للطبري ج2 ص312 وج5 ص61 وعـون المعبـود ج10 ص77 وتفسـير الثعالـبي ج2 = = ص241 وفتح القدير ج1 ص472 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص500 و (ط دار المعرفة) ج1 ص512 وتفسير الخازن ج1 ص358 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص278 و 79 وليس فيه تصريح بالاسم لكن صرح به الأشخر اليمني في شرحه (بهامشه)، وكنز العمال ج2 ص248 و (ط مؤسسة الرسالة) ج2 ص385 ورمز للعديد من المصادر المتقدمة، وعن سعيد بن منصور.
وعن عكرمة في الآية قال: نزلت في أبي بكر، وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، صنع علي لهم طعاماً وشراباً، فأكلوا، وشربوا، ثم صلى علي بهم المغرب؛ فقرأ: قل يا أيها الكافرون، حتى خاتمتها؛ فقال: ليس لي دين، وليس لكم دين، فنزلت:( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ) (1) "(2) .
وعن علي، أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف، ورجل آخر، شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن: فقرأ: قل يا أيها الكافرون، فخلط فيها؛ فنزلت:( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ) (3) .
____________
1- الآية43 من سورة النساء.
2- الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن المنذر، وفتح القدير ج1 ص472.
3- الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن جرير، وابن المنذر، والمستدرك للحاكم ج4 ص142 وجامع البيان للطبري ج5 ص61 و (ط دار الفكر) ج5 ص133 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص551 والعجاب في بيان الأسباب ج2 ص873 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص500 و (ط دار المعرفة) ج1 ص512 قال: وهكذا رواه أبو داود والنسائي.
وعن الحاكم عن علي "عليهالسلام ": دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب، فتقدم رجل وقرأ قل يا أيها الكافرون، فالتبس عليه فنزلت(1)
وفي رواية أخرى عن علي "عليهالسلام ": أن رجلاً من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرم الخمر، فأمهم علي في المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون؛ فخلط فيها، فنزلت الخ..(2) .
وفي بعض الروايات: أنه قرأ: "قل يا أيها الكافرون؛ فلم يقمها"(3) .
ورواية أخرى لا تصرح باسم أحد، لكنها تقول: فشربها رجل، فتقدم، فصلى بهم، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، أعبد ما تعبدون، فنزلت الخ..(4) .
____________
1- المستدرك للحاكم ج2 ص307 وج4 ص142 وتلخيص الذهبي (بهامشه)، وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص323 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص252 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج1 ص500 عن ابن أبي حاتم.
2- راجع: سنن أبي داود ج3 ص225 و (ط دار الفكر) ج2 ص182 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص389 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص323 وكنز العمال ج2 ص386 وتفسير الخازن ج1 ص358.
3- أسباب نزول الآيات ص87 و (ط مؤسسة الحلبي ـ القاهرة) ص102 وجامع البيان للطبري ج2 ص212 والعجاب في بيان الأسباب ج2 ص873.
4- راجع: الجامع لأحكام القرآن ج5 ص200 والغدير ج6 ص252 و 253 عنه،= = وجامع البيان ج7 ص22 وتفسير النيسابوري (بهامشه) ج2 ص322 والتفسير الكبير ج6 ص40.
وفي رواية أخرى عن عوف: فشربها رجلان؛ فدخلا في الصلاة، فجعلا يهجران كلاماً؛ لا يدري عوف ما هو(1) .
ونقول:
إن ذكر علي "عليهالسلام " في هذه الروايات لا يصح، ونستند في حكمنا هذا إلى ما يلي:
أولاً: في الروايات المتقدمة العديد من موارد التنافي والتناقض.
1 ـ فهل الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف؟! أم هو علي "عليهالسلام "؟! أم هو رجل من الأنصار؟!
2 ـ وهل الذي صلى بهم إماماً هو علي "عليهالسلام "؟! أم عبد الرحمن بن عوف؟! أم هو فلان الذي لم يسم؟!
3 ـ وهل قرأ القارئ في الصلاة: قل يا أيها الكافرون إلى آخرها، ثم قال: ليس لي دين، وليس لكم دين؟!
أم أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون: أعبد ما تعبدون؟!
أم قرأ: قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون؟!
____________
1- جامع البيان ج2 ص211 و (ط دار الفكر) ج2 ص492 والغدير ج7 ص96.
أم قرأ: ونحن عابدون ما عبدتم؟!(1) .
أم قرأ: قل يا أيها الكافرون، أعبدْ ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم، لكم دينكم ولي دين، كما جاء في بعض الروايات؟!(2) .
أم أنه جعل يهجر كلاماً في الصلاة، لا يدري عوف ما هو؟!..
4 ـ وهل كان الحاضرون ثلاثة أشخاص فقط: علي، وعبد الرحمن بن عوف، ورجل من الأنصار؟!
أم كانوا خمسة أشخاص: أبو بكر وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد؟!
أم أن الشارب كان رجلاً واحداً، كما هو ظاهر النص الأخير، وهو
____________
1- المستدرك للحاكم ج4 ص142 وتلخيصه للـذهبي (بهامش المستدرك) نفس الجزء والصفحة، وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص324 وتفسير مقاتل بن سليمان ج1 ص230.
2- جامع البيان للطبري ج5 ص61 و (ط دار الفكر) ج5 ص134 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص322 وتفسير السمعاني ج1 ص430 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج1 ص500 و (ط دار المعرفة) ج1 ص512 والتفسير الكبير للرازي ج10 ص107 وتفسير الخازن ج1 ص146 وتفسير النسفي ج1 ص223 والمحرر الوجيز لابن عطية ج2 ص56 والكشاف ج1 ص513 و 260 ومشرق الشمسين للبهائي العاملي ص309 وتفسير العز بن عبد السلام ج1 ص324 والعجاب في بيان الأسباب ج2 ص874.
ظاهر رواية الحاكم؟!
5 ـ وهل كان الذي شربها رجل واحد، ودخل في الصلاة، أم شربها رجلان، ودخلا في الصلاة؟!..
وكما يقولون: لا حافظة لكذوب..
ثانياً: إن الخمر لم تزل محرمة في شرائع الأنبياء، وقد أكد الإسلام تحريمها في أول البعثة، في مكة قبل الهجرة، وذكرنا ذلـك في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله ، وقلنـا: إن لذلـك العديـد من الـدلائـل والشواهد، مثل روايـة معاذ بن جبل(1) ،
____________
1- المعجم الكبير للطبراني ج20 ص83 ومسند الشاميين ج3 ص256 وكنز العمال ج5 ص346 وج3 ص645 وراجع ج3 ص645 و 647 و 882 ومجمع الزوائد ج5 ص53 والكامل لابن عدي ج5 ص118 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص246 وراجع ج10 ص420 وميزان الإعتدال ج3 ص291 وراجع: بحار الأنوار ج2 ص127 ح4 وج76 ص126 وقصار الجمل ج1 ص183 وج2 ص23 و 12 وراجع ص22 عن الوسائل العشرة باب 136 ح8 والأمالي للصدوق ص502 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج25 ص304 و (ط دار الإسلامية) ج17 ص243 وروضة الواعظين ص464 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص509 وج8 ص342 وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص416 وإمتاع الأسماع ج2 ص357 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص368 و 370.
وأم سلمة(1) ، وأبي الدرداء.. وغير ذلك.
ثالثاً: المروي عن أئمة أهل البيت "عليهمالسلام "، وعن الضحاك: أن المراد في قوله تعالى:( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ) (2) : هو سكر النوم(3) .
____________
1- السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص194 والمعجم الكبير ج23 ص263 وكنز العمال ج3 ص645 والدر المنثور ج2 ص326 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص246.
2- الآية43 من سورة النساء.
3- راجع: الكافي ج3 ص371 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص480 وتهذيب الأحكام ج3 ص258 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج7 ص233 و 291 و (ط دار الإسلامية) ج4 ص1241 و 1283 ومستدرك الوسائل ج5 ص405 و 430 وبحار الأنوار ج80 ص358 وج81 ص231 وجامع أحاديث الشيعة ج5 ص496 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص341 وتفسير العياشي ج1 ص242 ونور الثقلين ج1 ص400 و 401 و (ط مؤسسة إسماعيليان) ج1 ص483 والبرهان ج1 ص370 ومجمع البيان ج3 ص52 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص92 وكنز الدقائق ج2 ص461 والأصفى ج1 ص210 والصافي ج1 ص453 وقول الضحاك موجود في مختلف تفاسير أهل السنة، فعدا ما تقدم راجع: جامع البيان (ط دار الفكر) ج5 ص135 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص959 ومعاني القرآن للنحاس ج2 ص93 وتفسير الثعلبي ج3 ص312 وتفسير السمعاني ج1 = = ص430 وزاد المسير ج2 ص129 والبحر المحيط ج3 ص265 والعجاب في بيان الأسباب ج2 ص876 وتفسير الثعالبي ج2 ص240 والدر المنثور ج2 ص165 وتفسير الخازن ج1 ص359 والتمهيد لابن عبد البر ج22 ص117 والتفسير الكبير للرازي ج10 ص109 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص500 وأحكـام القرآن للجصـاص ج2 ص201 وعن ابن جـريـر، وابن أبي حاتم.
رابعاً: روى القطان في تفسيره، عن الحسن البصري، قال: إن علياً لم يقبل أن يشرب معهم في دار أبي طلحة، بل خرج من بينهم ساخطاً على ما يفعلون.
قال الحسن: "والله الذي لا إله إلا الله هو، ما شربها قبل تحريمها، ولا ساعة قط"(1) .
يريد قبل إعلان تحريمها. أو قبل نزول الآيات القرآنية بذلك وإن كانت قد حرمت على لسان النبي "صلىاللهعليهوآله " قبل ذلك.
نعم.. وهذا هو الذي ينسجم مع خلق علي "عليهالسلام "، ووعيه، وإيمانه، وهو الذي تربى في حجر الرسالة، وكان يلازم النبي "صلىاللهعليهوآله " ملازمة الظل لصاحبه.. ويتبعه إتباع الفصيل أثر أمه.
وخامساً: قال الحاكم: "إن الخوارج تنسب هذا السكر، وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، دون غيره، وقد برأه الله منها؛ فإنه راوي
____________
1- مناقب آل أبي طالب ج2 ص26 والبرهان ج1 ص500 وبحار الأنوار ج38 ص64.
هذا الحديث"(1) .
وذلك لأن رواية الحاكم ليس فيها أنه "عليهالسلام " قد شربها، كما أنها تنص على أن غيره هو الذي صلى بهم، والذي يمكن أن يرويه علي "عليهالسلام " هو حسب نص الجصاص:
عن علي "عليهالسلام " قال: دعا رجل من الأنصار قوماً؛ فشربوا من الخمر؛ فتقدم عبد الرحمن بن عوف لصلاة المغرب؛ فقرأ: قل يا أيها الكافرون، فالتبس عليه، فأنزل الله تعالى:( لاَ تَقْرَبُواْ.. ) "(2) .
خطبة علي (عليهالسلام ) بنت أبي جهل:
وتذكر خطبة علي "عليهالسلام " بنت أبي جهل في السنة الثامنة، ولكننا نذكرها هنا لمناسبتها لحديث الزواج، ولأنها لا ريب في كونها أسطورة وإليك نصها:
في البخاري وغيره، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله "صلىاللهعليهوآله " يقول، وهو على المنبر: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يريد ابن أبي طالب: أن يطلق ابنتي، وينكح
____________
1- المستدرك للحاكم ج2 ص307 ونيل الأوطار ج9 ص56 وعون المعبود ج10 ص77.
2- أحكام القرآن للجصاص ج2 ص201 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص253.