الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
قال المجلسي: الراية: العلم الكبير، واللواء أصغر منها، قال في المصباح: لواء الجيش علمه، وهو دون الراية(1) .
والحديث عن اتحاد اللواء مع الراية واختلافهما لا أثر له هنا، فالنصوص تقول: إنه (صلىاللهعليهوآله ) كان يعطي اللواء لعلي (عليهالسلام )، وكان يعطي الراية لعلي سواء اتحدا أو اختلفا.
راية النبي (صلىاللهعليهوآله ) من برد عائشة:
وقد زعمت الرواية المتقدمة: أن الراية المسماة بالعقاب هي من مرط لعائشة، وكانت سوداء..
ونقول:
أولاً: لماذا اختار النبي (صلىاللهعليهوآله ) مرط عائشة ليتخذ منه راية حربه؟!. هل لأنه لم يجد في المدينة ما يجعله راية سوى ذلك المرط؟! وهو الثوب الذي يؤتزر به!!
ثانياً: تقدم: أن الشيخ المفيد "رحمهالله " قال: إن الراية كانت قد عقدت، وأعطيت لعلي (عليهالسلام ) في غزوة ودان، وهي إنما كانت في صفر، وهو الشهر الثاني عشر بعد الهجرة النبوية الشريفة، أو نحو ذلك.. ويشك في أن تكون عائشة في بيت النبي (صلىاللهعليهوآله ) آنئذٍ، لأنها إنما
____________
1- بحار الأنوار ج20 ص246.
دخلت بيت النبي (صلىاللهعليهوآله ) إما بعد الهجرة بثمانية أشهر، كما قيل، أو دخلته بعدها بثمانية أو بتسعة أشهر، كما عن ابن شهاب الزهري(1) .
وقال ابن الأثير: بنى بها في المدينة سنة اثنتين(2) .
فإذا كان وجود عائشة في بيت النبي (صلىاللهعليهوآله ) مشكوكاً فيه، فلا يصح إطلاق القول بأن مرط عائشة قد جعل راية للنبي (صلىاللهعليهوآله )، لأن ذلك يصبح موضع شك وريب كبير أيضاً.
ثالثاً: سيأتي في فتح خيبر الحديث الذي يقول: إن أبا بكر ـ كما يروي بريدة ـ أخذ راية رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، وكانت بيضاء، ثم نهض
____________
1- الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص356 ـ 357 وراجع: الإصابة ج4 ص359 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص231 وتاريخ الخميس ج1 ص357 وراجع ص358 عن المواهب اللدنية، وتاريخ اليافعي، والوفاء لابن الجوزي. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص58 و 217 والثقات لابن حبان ج1 ص144 والمستدرك للحاكم ج4 ص4 والمنتخب من ذيل المذيل للطبري ص93 وعيون الأثر ج2 ص382 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص402 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص332.
2- أسد الغابة ج1 ص33 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص357 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص199.
إلخ..(1) .
لم يؤمر على علي (عليهالسلام ) أحداً:
قلنا أكثر من مرة: إنه (صلىاللهعليهوآله ) لم يؤمّر على علي (عليهالسلام ) أحداً، فهو قائد الجيش كله في هذه الحرب، وفي كل حرب، وهو أيضاً على مقدمة الجيش فيها.
وكانت الأنباء عن هذا الجيش وقائده تصل إلى يهود خيبر، الذين كانوا يتابعون الأحداث عن كثب، ولا سيما ما حلّ بإخوانهم من بني قريظة
____________
1- الرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص184 ـ 188 والإرشاد للمفيد = = (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص121 وراجع: شرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص147 والعمدة لابن البطريق ص150 عن تفسير الثعالبي، والطرائف لابن طاووس ص58 وإحقاق الحق ج5 ص373 ومسند أحمد ج5 ص358 والمناقب للخوارزمي (ط النجف) ص103 وفي (طبعة أخرى) ص167 وبحار الأنوار ج21 ص3 وج39 ص10 ومناقب أهل البيت للشـيرواني ص139 والمستدرك للحاكم ج3 ص37 وعن فتح الباري ج10 ص129 ومجمع البيان ج9 ص201 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص156 وتفسير الميزان ج18 ص295 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص300 وعن البداية والنهاية ج4 ص213 ونهج الإيمان لابن جبر ص322 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص354 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص124.
والنضير، وقينقاع. وكذلك ما جرى لقريش في حروبها الثلاثة الكبرى مع رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): بدر، وأحد، والخندق.
كما أن كون الجيش بقيادة علي (عليهالسلام )، لا بد أن يعطي الجيش الإسلامي مزيداً من الإعتزاز، والإندفاع، والثقة بالنصر..
ثمة قيادات أخرى مزعومة:
وقال الدياربكري: "واستعمل على مقدمة الجيش عكاشة بن محصن الأسدي، وعلى الميمنة عمر بن الخطاب، وعلى الميسرة واحداً من أصحابه، وفي بعض الكتب علي بن أبي طالب (عليهالسلام ).
وهذا غير صحيح:
لأن الروايات الصحيحة تدل على: أن علياً في أوائل الحال لم يكن في العسكر، وكان به رمد شديد، ولما لحق بالعسكر، أعطاه الراية، وأمَّره على الجيش، ووقع الفتح على يده كما سيجيء.." انتهى(1) .
ونقول:
إن لنا على ما ذكره بعض المؤاخذات:
أولاً: إن عمر بن الخطاب لم يكن قد عرفت عنه تلك الشجاعة التي تؤهله لهذا المقام الخطير، وهو أن يكون على ميمنة الجيش.. بل وجدنا منه خلاف ذلك، خصوصاً في أحد والخندق فضلاً عن أحد وسواها.
____________
1- تاريخ الخميس ج2 ص42.
ولمجارات هؤلاء الناس، نقول:
ألم يكن أبو دجانة، أو الزبير، أو المقداد، أو الحباب بن المنذر، أوسعد بن عبادة، موجودين؟! فلماذا لم يعط القيادة لواحد منهم؟!
ثانياً: لماذا أبهم الدياربكري اسم الذي كان على الميسرة؟! هل لأنه كان معروفاً بدرجة لم تسمح باستبداله بغيره؟! أو هل كتموا اسمه كما كتمت عائشة اسم علي حين ذكرت:
أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) خرج في مرض موته إلى الصلاة يتوكأ على الفضل بن العباس وعلى رجل آخر، لا تحب أن تذكره عائشة بخير، وهو علي (عليهالسلام )؟!
ثالثاً: قولهم: إن علياً (عليهالسلام ) في أوائل الحال لم يكن في العسكر ليس دقيقاً، إذ إنه سيأتي: أن علياً (عليهالسلام ) كان على رأس الجيش إلى خيبر، من حين خروج ذلك الجيش من المدينة، ولكنه حين طال مقامه في خيبر ـ ربما عشرة أيام ـ رمدت عيناه، لأن الرمد لم يصب علياً (عليهالسلام ) كل هذه المدة الطويلة، بل أصابه قبل قتل مرحب بوقت يسير، وكان قتل مرحب في أواخر حرب خيبر، وبعد حصار حصون اليهود عشرات الأيام، فإن حصن القموص وحده حوصر عشرين يوماً.
وقد أعطى النبي (صلىاللهعليهوآله ) اللواء لعلي (عليهالسلام ) قبل أن يفتح أي حصن من خيبر.
علي (عليهالسلام ) يسمع الناس أقوال النبي (صلىاللهعليهوآله ):
وقد تولى علي (عليهالسلام ) إسماع الناس أقوال النبي (صلىاللهعليهوآله )، ونحن نعلم بأن علياً (عليهالسلام ) لا يقدم على أمر من دون توجيه أو إذن من رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، مما يعنى: أن ذلك قد جاء من خلال تنسيق مسبق.. وإلا فقد كان يمكن أن يتصدى غير علي (عليهالسلام ) لهذه المهمة..
حب الله لعلي (عليهالسلام ):
وتقدم: أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) قد مهد لإعلان حب جبرائيل، ثم حب الله لعلي بإخباره (عليهالسلام ) بضحك جبرائيل حين نادى مكرراً كلام رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
ولكن علياً (عليهالسلام ) بادر إلى هضم نفسه، ولم يعطها مداها، حين قال متسائلاً: بلغت أن يحبني جبرائيل؟!
مع أنه هو الذي جاء بالنصر في بدر وأحد، وحمراء الأسد، والخندق، فضلاً عن قريظة والنضير..
فاتح حصن ناعم علي (عليهالسلام ):
وكان أول حصن فتح من حصون النطاة حصن ناعم، وقد فتح على يد علي (عليهالسلام )(1) .
____________
1- السيرة الحلبية ج3 ص39 و (ط دار المعرفة) ج2 ص740 وعون المعبود ج8 ص172.
وفيه قتل محمود بن مسلمة، وقيل: إن مرحباً هو الذي قتله.
وزعموا: أن أخاه محمداً أخبر النبي (صلىاللهعليهوآله ) بقتل أخيه، فقال له (صلىاللهعليهوآله ): إنه سوف يرسل رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليأخذ له بثأر أخيه، ثم أرسل علياً (عليهالسلام ).
ونقول:
إننا نشك في صحة ذلك، لما يلي:
أولاً: إن النبي (صلىاللهعليهوآله ) إنما قال كلمته هذه حين قتل علي (عليهالسلام ) مرحب اليهودي.. إلا إذا كان هؤلاء يريدون التشكيك، أو صرف الأنظار عن فرار عمر بالراية يوم خيبر.. أو أنه (صلىاللهعليهوآله ) قال ذلك على سبيل الإخبار بالغيب، الذي علمه الله إياه حول ما سيكون من فرار البعض، ثم فتح خيبر على يد علي (عليهالسلام )..
ثانياً: لماذا لم يرسل محمد بن مسلمة بالذات لهذه المهمة؟! أعني: مبارزة مرحب، ليشفي غليل صدره من قاتل أخيه، فإنهم يسعون إلى تسطير الفضائل لابن مسلمة، ربما ليكافئوه على مناصرته، ومؤازرته، ومشاركته في الهجوم على بيت فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) بعد وفاة أبيها..
ثالثاً: زعمت بعض النصوص التي يروونها مضادة منهم لعلي (عليهالسلام ): أن ابن مسلمة هو الذي قتل مرحباً، الذي يدعون أنه قتل محمود بن مسلمة..
مع أنهم يذكرون ما يدل على أن مرحباً كان حبيباً وقريباً لمحمد بن مسلمة، وأن ابن مسلمة قد انزعج لقتله، وحقد على قاتله.
فقد قال ابن قتيبة: إن أمير المؤمنين (عليهالسلام ) قال: ذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت أخاه يوم خيبر: مرحب اليهودي(1) .
ولعله كان أخاه على الحقيقة، أو كان أخاه من الرضاعة، أي لم يكن أخاه لأمه..
رابعاً: هناك نص يقول: إن الذي قتل محمود بن مسلمة هو كنانة بن الربيع، أو شخص آخر، أسره علي (عليهالسلام )، وسلمه لمحمد بن مسلمة ليقتله بأخيه(2) .
____________
1- الإمامة والسياسة (ط سنة 1356 هـ) ج1 ص54 و (تحقيق الزيني) ج1 ص53 و (تحقيق الشيري) ج1 ص73 وقاموس الرجال ج8 ص388 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج9 ص586 عنه.
2- راجع: السيرة الحلبية ج3 ص34 و (ط دار المعرفة) ج2 ص740 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص281.
الحباب في حصن الصعب:
وزعمت بعض الروايات: أنه بعد فتح حصن ناعم دفع النبي (صلىاللهعليهوآله ) اللواء للحباب بن المنذر، وندب الناس لمهاجمة حصن الصعب بن معاذ، وكان حصناً منيعاً، فما رجعوا حتى فتحه الله عليهم، وذكروا تفاصيل عما فعله الحباب في فتحه لهذا الحصن.
وقد ناقشنا أقاويلهم هذه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله )(1) ، فلا حاجة إلى ذلك هنا.. فراجع..
غير أننا نريد أن نشير هنا إلى أن الظاهر: أن المقصود باللواء الذي أعطاه للحباب هو لواء الجيش كله، مع أننا قلنا أكثر من مرة: إن النبي (صلىاللهعليهوآله ) لم يعط لواءه لأحد غير علي (عليهالسلام ) في أي من حروبه إلا في أربعة مواضع هي:
1 ـ غزوة تبوك.
2 ـ غزوة خيبر، حين أعطى الراية لأبي بكر، فرجع منهزماً.
3 ـ غزوة خيبر أيضاً، حين أعطى الراية لعمر، فرجع هو الآخر منهزماً.
4 ـ قريظة، حين أرسل كبار أصحابه، فخرج إليهم بنو قريظة من حصنهم، فعادوا إلى النبي (صلىاللهعليهوآله ) مهزومين..
أما في غزوة ذات السلاسل، فيبدو أنه (صلىاللهعليهوآله ) لم يجرد جيشاً بنفسه، بل أرسل سرية، وأمر عليها تارة هذا وتارة ذاك، من دون أن
____________
1- الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله ) ج17 فصل: "فتح سائر حصون النطاة والشق".
يخرج هو من المدينة..
وإنما فعل (صلىاللهعليهوآله ) ذلك في قريظة وخيبر، لِأَلَّا يقول قائل: لو كنا مكان علي (عليهالسلام ) لفعلنا مثل فعله، ولحِكَمِ أخرى لا مجال للبحث فيها هنا..
ونحن لا نستطيع أن نتجاهل النص المتواتر الذي يقول: إن علياً (عليهالسلام ) كان صاحب لواء (أو راية) رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) في بدر وفي كل مشهد. وكان (صلىاللهعليهوآله ) يؤمره على الناس، ولم يؤمر عليه أحداً قط(1) ، وهذا ما كتبه المأمون للعباسيين في رسالة منه لهم(2) .
____________
1- مناقب آل أبي طالب ج3 ص351 وبحار الأنوار ج37 ص335 وج47 ص127 وراجع: شرح الأخبار ج1 ص320 ودلائل الإمامة ص261 ونوادر المعجزات ص144 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص96 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص123 و 135 ونهج الإيمان ص467.
2- الطرائف لابن طاووس ص131 ـ 135 (ط الفارسية) عن كتاب نديم الفريد، لابن مسكويه صاحب كتاب: حوادث الإسلام، و(ط مطبعة الخيام) ص277 وبحار الأنوار ج49 ص209 وينابيع المودة ج3 ص375 وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص121 والغدير ج1 ص212 ومواقف الشيعة ج1 ص315 وقاموس الرجال ج12 ص151 والإمام علي (عليهالسلام ) في آراء الخلفاء ص180 وغاية المرام ج2 ص53 وراجع كتابنا: الحياة السياسية للإمام الرضا ص457 فما بعدها.
وعلى هذا، فإنه إن كان حاضراً ومشاركاً في فتح الحصون، فهو يعني: أنه كان أمير الجيش في جميعها..
حصن النزار:
وذكروا هنا أيضاً: أن صفية بنت حيي، وابنة عمها قد أخذتا من حصن النزار، لأن اليهود أخرجوا النساء والذرية إلى الكتيبة، وفرغوا حصن النطاة للمقاتلة.
ولكن كنانة بن الحُقيق رأى أن حصن النزار أحصن ما هنالك، فأبقاها فيه، هي ونسيات معها؛ فأسرت تلك النسوة في حصن النزار(1) .
ونقول:
هناك نصوص كثيرة تقول: إن علياً (عليهالسلام ) هو الذي فتح الحصن، وجاء بصفية إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله )(2) .
فإن كان علي (عليهالسلام ) هو الذي فتح هذا الحصن أيضاً، كما فتح حصن القموص، فهو يدل على وجود تصرف خطير في الحقائق التاريخية،
____________
1- المغازي للواقدي ج2 ص668 و 669 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص222.
2- قد ذكرنا مصادر ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب، وراجع: بحار الأنوار ج21 ص22 وعن الخصائص للنسائي ص63 وفي هامشه عن: أعلام النساء ج2 ص333 وأسد الغابة ج5 ص490 والدر المنثور ج1 ص263.
ومحاولة تحريف لها..
يضاف إلى ذلك: أن هذا النص يفيد: أن رمد عيني علي (عليهالسلام ) الذي هيأ الفرصة لأخذ أبي بكر وعمر وغيرهما الراية في حصن القموص، ثم فرارهما بها ـ إن هذا الرمد ـ قد كان بعد فتح حصن النزار، وفي أيام حصار حصن القموص، الذي استمر عشرين ليلة، كما سيأتي..
الفصل الثاني :
المنهزمون.. نصوص.. وآثار..
النصوص والآثار:
وكان حصن القموص من أشد حصون خيبر، وأكثرها رجالاً(1) .
وقد فتح الله هذا الحصن على يد علي أمير المؤمنين (عليهالسلام )، بعد أن حاصره المسلمون عشرين يوماً(2) .
وزعموا: أن كنانة بن أبي الحقيق صالح النبي على حصن القموص(3) .
وهو غلط، فإن الصلح كان على حصن الكتيبة، أما حصن القموص، فقد فتحه علي (عليهالسلام ) كما هو صريح كلمات المؤرخين، وروايات
____________
1- إعلام الورى ج1 ص207 وبحار الأنوار ج21 ص21 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص56.
2- السيرة الحلبية ج3 ص41 و (ط دار المعرفة) ج2 ص744 وتاريخ الخميس ج2 ص48 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص124 وراجع: قصص الأنبياء للراوندي ص344 وإعلام الورى ج1 ص207 وبحار الأنوار ج21 ص21 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص418.
3- المغازي للواقدي ج2 ص670 وراجع: البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص226 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص376.
المحدثين.
وهنا أعطى النبي (صلىاللهعليهوآله ) أبا بكر، راية رسول الله وكانت بيضاء، فسار بالناس فانهزم، بمن معه حتى انتهى إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) يجبنه أصحابه ويجبنهم.
فأرسل عمر باللواء فرجع، ولم يكن فتح، فانهزم هو وأصحابه، حتى انتهى إلى النبي (صلىاللهعليهوآله )، وأصحابه يجبنونه، ويجبنهم(1) .
تفاصيل روايات الفشل والفاشلين:
روى الشيخان، عن سهل بن سعد.
والبخاري، وابن أبي أسامة، وأبو نعيم، عن سلمة بن الأكوع.
____________
1- تاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج4 ص127 و 128 ولم يذكروا غير عمر في هذا النص، وكذا في الرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 والإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص126 وبحار الأنوار ج21 ص28 عن الخرايج والجرايح وراجع ص3 وج39 ص10، وراجع: العمدة لابن البطريق ص150 والطرائف لابن طاووس ص58 ومجمع البيان للطبرسي ج9 ص201 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص156 وتفسير الميزان ج18 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص93 ونهج الإيمان لابن جبر ص322.
وأبو نعيم، والبيهقي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه.
وأبو نعيم، عن ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله، وأبي ليلى.
ومسلم، والبيهقي، عن أبي هريرة.
وأحمد، وأبو يعلى، والبيهقي، عن علي (عليهالسلام ).
قال بريدة: كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) تأخذه الشقيقة، فيمكث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة، فلم يخرج إلى النـاس، فأرسل أبا بكر، فأخـذ رايـة رسـول الله "صلىاللهعليهوآله " ـ وكانت بيضاء(1) ـ ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً، ثم رجع، ولم يكن فتح.
____________
1- الرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص184 ـ 188 والإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص121 وراجع: شرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص147 والعمدة لابن البطريق ص150 عن تفسير الثعالبي، والطرائف لابن طاووس ص58 وإحقاق الحق ج5 ص373 ومسند أحمد ج5 ص358 والمناقب للخوارزمي (ط النجف) ص103 وفي (طبعة أخرى) ص167.
وراجع: بحار الأنوار ج21 ص3 وج39 ص10 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص139 والمستدرك للحاكم ج3 ص37 وعن فتح الباري ج10 ص129 ومجمع البيان ج9 ص201 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص156 وتفسير الميزان ج18 ص295 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص300 وعن البداية والنهاية ج4 ص213 ونهج الإيمان لابن جبر ص322 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص354 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص124.
وقد جهد (وقتل محمود بن مسلمة)(1) .
ثم أرسل عمر، فأخذ راية رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فقاتل قتالاً شديداً هو أشد من القتال الأول، ثم رجع، ولم يكن فتح.
وعن علي (عليهالسلام ): أن الغلبة كانت لليهود في هذين اليومين(2) . انتهى.
وفي نص آخر: أنه (صلىاللهعليهوآله ) أرسل عمر في اليوم الأول، ثم أرسل أبا بكر في اليوم الثاني، ثم أرسل عمر في اليوم الثالث، ولم يكن فتح(3) .
____________
1- راجع: البداية والنهاية ج4 ص185 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص213 فما بعدها عن البيهقي، وراجع المصادر المتقدمة في الإحالة السابقة. غير أننا ذكرنا فيما تقدم: أن محمود بن مسلمة قد قتل في حصن ناعم.
2- سبل الهدى والرشاد ج5 ص124 والبداية والنهاية ج4 ص184 فما بعدها ودلائل النبوة ج4 ص209 والسيرة الحلبية ج3 ص41 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص30 وحلية الأولياء ج1 ص62 ومعالم التنزيل (ط مصر) ج4 ص156 وتذكرة الخواص ص25 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج4 ص128 وتاريخ الخميس ج2 ص48.
3- تاريخ الخميس ج2 ص48 وراجع: مناقب أهل البيت للشيرواني ص141.
وعن بريدة: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر، فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه عمر من الغد، فخرج ورجع، ولم يفتح له. وأصاب الناس يومئذٍ شدة جهد، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): إني دافع اللواء الخ..(1) .
ونحن لم نعرف حقيقة هذا الجهد، إذ لم نجد منه إلا الهزيمة. والعودة إلى النبي (صلىاللهعليهوآله ) وهو يجبن اصحابه وهم يجبنونه.
وعند الطبري: فانكشف عمر وأصحابه، فرجعوا إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، يجبِّنه أصحابه ويجبِّنهم، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): لأعطين الراية ـ اللواء ـ غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله.
فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر، وعمر، فدعا علياً (عليهالسلام ) الخ..(2) .
____________
1- مسند أحمد ج5 ص353 وراجع: الخصائص للنسائي (ط التقدم بمصر) ص5 والسيرة النبوية لابن هشام (المطبعة الخيرية بمصر) ج3 ص175 وأسد الغابة ج4 ص334 وشرح أصول الكافي ج12 ص494 والعمدة لابن البطريق ص140 والطرائف لابن طاووس ص55 وبحار الأنوار ج32 ص133 وج39 ص7 ومجمع الزوائد ج7 ص150 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص109 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص92 و 93 والبداية والنهاية ج7 ص373 ونهج الإيمان لابن جبر ص318 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج1 ص155.
2- تاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج4 ص127 و 128 ولم يذكروا غير عمر في هذا النص، وكذا في الرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 والإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل = = البيت) ج1 ص126 وبحار الأنوار ج21 ص28 عن الخرايج والجرايح وراجع ص3 وج39 ص10، وراجع: العمدة لابن البطريق ص150 والطرائف لابن طاووس ص58 ومجمع البيان للطبرسي ج9 ص201 وخصائص الوحي لابن البطريق ص156 وتفسير الميزان ج18 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص93 ونهج الإيمان لابن جبر ص322.