الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤
0%
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء الرابع
تأليف
السيد جعفر مرتضى العاملي
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهماالسلام ) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء الرابع
السيد جعفر مرتضى العاملي
الباب الخامس :
حتى الحديبية..
الفصل الأول :
علي (عليهالسلام ) في حرب الخندق..
موجز عن حرب الخندق:
وفي السنة الرابعة أو الخامسة كانت غزوة الخندق، وكان حامل لواء رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) فيها علي بن أبي طالب (عليهالسلام ).. وحين بلغ النبي (صلىاللهعليهوآله ) خبر مسير قريش استعد (صلىاللهعليهوآله ) لها، وحفر الخندق. فوافى المشركون، ونزلوا في الجهة الأخرى منه ، وكان المسلمون من جهة المدينة.
وكان أمير المؤمنين (عليهالسلام ) على العسكر كله بالليل يحرسهم، فان تحرك أحد من قريش نابذهم..
وقد حاول أكثر المسلمين النأي بانفسهم عن الحرب، حتى قيل: إنه لم يبق مع النبي (صلىاللهعليهوآله ) سوى اثني عشر رجلاً.. وقد تحدثت سورة الأحزاب عن هؤلاء الفارين..
وانتدب فوارس من المشركين، فأتوا مكاناً ضيقاً من الخندق، وأكرهوا خيلهم على عبوره، فعبره عكرمة بن أبي جهل، وعمر بن عبد ود، وضرار بن الخطاب الفهري، وهبيرة بن أبي وهب، وحسل بن عمرو بن عبد ود، ونوفل بن عبد الله المخزومي.
فخرج أمير المؤمنين (عليهالسلام ) في نفر من المسلمين، حتى أخذوا
عليهم تلك الثغرة، وطلب عمرو بن عبد ود البراز، فلم يبرز إليه أحد من المسلمين، وخافوا خوفاً شديداً وكان يعد بألف فارس.
وانتدب النبي (صلىاللهعليهوآله ) المسلمين لمبارزة عمرو، وضمن لهم الجنة، فلم يقم منهم أحد سوى علي (عليهالسلام )، فلم يأذن له.
ثم كرر عمرو النداء، وأنشد بعض الأرجاز، وعيّر المسلمين المحجمين، فعاود علي طلبه من النبي (صلىاللهعليهوآله ) أن يأذن له بمبارزته، فلم يأذن له أيضاً..
ثم أذن له في المرة الثالثة، وعممه، ودعا له، وقال: برز الإيمان كله إلى الشرك كله.. فبارز علي (عليهالسلام )، عَمرواً، فقتله، وقتل ولده حسلاً، ونوفل بن عبد الله، وفر الباقون..
ثم ألقى الله في قلوب المشركين الرعب، وهربوا ليلاً، وكفى الله المؤمنين القتال (بعلي) (عليهالسلام ). وحينئذ قال رسول الله: الآن نغزوهم ولا يغزوننا..
هدف الأحزاب قتل النبي وأهل البيت (عليهمالسلام ):
تقول النصوص: بأن هدف الأحزاب من مهاجمتهم المدينة هو استئصال محمد ومن معه..
وقد ورد هذا في كلماتهم مباشرة حيث قال اليهود لهم: سنكون معكم عليه (أي على محمد) حتى نستأصله ومن معه(1) .
____________
1- راجع: المغازي للواقدي ج1 ص441 والثقات لابن حبان ج1 ص265 وعـون = = المعبود ج8 ص165 وجامع البيان ج21 ص156 وتفسير الثعلبي ج8 ص13 وتفسير البغوي ج3 ص509 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص233 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص108 وإمتاع الأسماع ج8 ص372 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص700 وعيون الأثر ج2 ص33 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص182 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص629.
غير أن من الواضح: أن هذا لم يكن بمقدورهم، لأن الذين مع النبي (صلىاللهعليهوآله ) أصبحوا يعدون بالمئات والألوف بما فيهم الأوس والخزرج، وكثير من قبائل العرب.. فاستئصالهم يكلف غالياً.. ولم يكن المشركون مستعدين لدفع اثمان كبيرة إلى هذا الحد، ولا سيما في الأرواح..
وهذا يدلنا على أن النص الأصح، والأقرب إلى الإعتبار هو ما روي عن أمير المؤمنين (عليهالسلام ) حيث قال: "إن قريشاً والعرب تجمعت، وعقدت بينها عقداً وميثاقاً لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله، وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب(1) ..
وهذا هو الأسهل والأيسر لهم بزعمهم، وبه يشفون غليل صدورهم، ولكن هذا يدل على غباء قريش، وقصر نظرها، فقد رأت من المعجزات والكرامات، والتأييدات الإلهية لرسول الله (صلىاللهعليهوآله )، ما يبهر
____________
1- الخصال ج2 ص368 وبحار الأنوار ج20 ص244 وج38 ص170 وشرح الأخبار ج1 ص287 والإختصاص ص166 و167 ومصباح البلاغة ج3 ص125 وحلية الأبرار ج2 ص363 وغاية المرام ج4 ص318.
العقول، ويحتم حصول اليقين بأنها إنما تحارب الله تبارك وتعالى، ولا يمكن أن يتوهم عاقل أنه قادر على تحقيق أي نصر في هذا الحال.. إلا إذا كان على جانب كبير من قلة العقل، وعمى البصيرة.
النبي (صلىاللهعليهوآله ) والوصي (عليهالسلام ) في حفر الخندق:
وقد صرح القمي: بأن رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) كان هو البادئ في حفر الخندق، فهو يقول: وأخذ معولاً، فحفر في موضع المهاجرين بنفسه، وأمير المؤمنين (عليهالسلام ) ينقل التراب من الحفرة، حتى عرق رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) وعيي، وقال:
لا عيش إلا عيـش الآخـــرة |
اللهم اغفر لـلأنصار والمهاجرة |
فلما نظر الناس إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) يحفر اجتهدوا في الحفر، ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر، وقعد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) في مسجد الفتح(1) .
عناء علي (عليهالسلام ) وشيعته:
قال القاضي النعمان: "وكان علي صلوات الله عليه وشيعته أكثر الناس عناء، وفيه عملاً. وكان في ذلك من الأخبار ما يطول ذكره"(2) .
____________
1- تفسير القمي ج2 ص177 و 178 وبحار الأنوار ج20 ص218 والصافي ج4 ص171 وج6 ص21 ونور الثقلين ج4 ص244.
2- شرح الأخبار ج1 ص292.
ونقول:
1 ـ ليس غريباً أن يشارك ويتشارك النبي والوصي، والقائد والوزير، في العمل في حفر الخندق، ولا يكتفيان بالأمر والنهي..
ولم يكن عملهما صورياً وشكلياً، بل كان معاناة حقيقية، وبذل جهد، ونصب وتعب إلى حد الإعياء..
وهذا يعطي درساً في ممارسة القيادة دورها، فإنها ليست هي القيادة التي نعتادها، بل هي قيادة النبوة الخاتمة، والإمامة العظمى، المتمثلتين بأكرم وأشرف وأفضل خلق الله..
2 ـ كما أن هذا القائد النبي، يحدد للناس الدوافع والغايات، ويضع نصب أعينهم الهدف الأقصى، وهو الآخرة، ليكون جهدهم هذا هو الذي يهيء لهم سبيل العيش الكريم في الآخرة.. ولذلك قال (صلىاللهعليهوآله ): لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة..
3 ـ إن هذا قد أثر في الناس، فاجتهدوا في الحفر، ونقل التراب، ودعاهم ذلك إلى التبكير في اليوم التالي إلى العمل.
4 ـ إن علياً (عليهالسلام ) وشيعته كانوا أعظم الناس عناء، وأكثرهم عملاً في حفر الخندق.. ولعل ذلك من أجل نيل شرف التأسي والمواساة للرسول وللوصي.. ومن منطلق التفاني في حب الله ورسوله، وأخيه ووصيه.
عثمان في مأزق:
روى الشيخ بإسناده يرفعه إلى جابر بن عبد الله، قال: كنت مع رسول
الله (صلىاللهعليهوآله ) في حفر الخندق، وقد حفر الناس وحفر علي (عليهالسلام )، فقال النبي (صلىاللهعليهوآله ): "بأبي من يحفر وجبرائيل يكنس التراب بين يديه وميكائيل يعينه، ولم يكن يعين أحداً قبله من الخلق ".
ثم قال النبي (صلىاللهعليهوآله ) لعثمان بن عفان: "إحفِر"، فغضب عثمان، وقال: لا يرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكدّ، فأنزل الله على نبيه:( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (1) ) (2) .
ورروى عليّ بن إبراهيم: قوله تعالى:( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ) ، نزلت في عثمان يوم الخندق، وذلك أنه مرّ بعمّار بن ياسر وهو يحفر الخندق، وقد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع عثمان كمه على أنفه ومرّ، فقال عمّار:
لا يستـوي من يعمـر المسـاجـدا |
يـظـلّ فيهـا راكـعـــاً وسـاجــدا |
|
كـمـن يـمُرّ بالـغبــار حائـدا |
يـعـرض عنـه جـاهِـداً مُـعـانـدا |
فالتفت إليه عثمان، فقال: يا بن السوداء، إيّاي تعني؟
ثم أتى رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فقال له: لم ندخل معك لتسبّ أعراضنا، فقال له رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): "قد أقلتك إسلامك فاذهب".
فأنزل الله تعالى: ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ
____________
1- الآية 17 من سورة الحجرات.
2- البرهان (تفسير) ج7 ص276 عن الشيخ في مصباح الأنوار.
بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) أي لستم صادقين ( إِنَّ اللَهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (1) .
ونقول:
قد دلت هذه الرواية على:
1 ـ إنه (صلىاللهعليهوآله ) يفدي علياً (عليهالسلام ) بأبيه.. مع أن لآبائه من منازل الكرامة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله، وإن كانت لا تبلغ منزلة علي (عليهالسلام )، وربما يكون عبد الله بن عبد المطلب من الأنبياء أيضاً كما دل عليه حديث: ما زال الله ينقلني من صلب نبي إلى صلب نبي حتى صرت نبياً، أو أخرجه نبياً، أو نحو ذلك(2) .
وعن أبي جعفر (عليهالسلام ) في تفسير الآية قال: في أصلاب النبيين(3) .
أو قال: من صلب نبي إلى صلب نبي(4) .
أو قال: يرى تقلبه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح(5) .
____________
1- الآية 18 من سورة الحجرات. تفسير القمي ج2 ص297 عن مصباح الأنوار.
2- مجمع الزوائد ج7 ص86 وج 8 ص214 وتفسير السمعاني ج4 ص71 وتفسير ابن كثيرج3 ص365.
3- إختيار معرفة الرجال ج2 ص488.
4- معجم رجال الحديث ج18 ص132وبحار الأنوار ج16 ص374.
5- الصراط المستقيم ج1 ص 341.
ومثله عن الإمامين الباقر والصادق "عليهماالسلام "(1) .
وروى البياضي عن الثعلبي في تفسير الآية: أن محمداً لم يلده إلا نبي أو وصي نبي أو مؤمن(2) .
2 ـ تقول الرواية: ان جبرائيل، وهو أفضل الملائكة وميكائيل، وله فضل عظيم فكان أحدهما يكنس التراب بين يديه والآخر يعينه. والملائكة هم قالوا حين خلق الله تعالى آدم، وجعله خليفة في الأرض( .. أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.. ) (3) .
3 ـ إن ميكائيل لم يكن يعين أحداً من الخلق قبل علي (عليهالسلام ). وهذه ميزة فريدة له (عليهالسلام ).. أن يتقرب ميكائيل إلى الله، ويطلب رضاه بمعونته لعلي (عليهالسلام ). ولو أن ميكائيل وجد أن ذلك يحصل له مع أحد من الخلق غير علي (عليهالسلام ) لما تردد في معونته.
4 ـ إن النبي حين امر عثمان: بأن يحفر، لم يكن يريد الإساءة إليه، بل أراد الإحسان إليه لأنه يأمره بطاعة الله، والتقرب إليه، وطلب رضاه..
فلماذا أجاب عثمان بذلك الجواب الجافي، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
5 ـ إن الشعر الذي ردّده عمار:
____________
1- بحار الأنوار ج65 ص 118.
2- بحار الأنوار ج 65 ص 118.
3- الآية 30 من سورة البقرة.
لا يستـوي من يعمـر المســـاجـداإلخ..
يروى أنه أنشده حين بناء المسجد، لا عند حفر الخندق. وإن كان لا شيء يمنع من تكرار الحادثة في المقامين..
6 ـ لم يكن هناك أي مبرر لأن يذكر عثمان دخوله في الدين، ويجعله سبباً لتعرضه للسّب، والأمر في السب وعدمه تابع لأسبابه ودوافعه، التي قد تكون شخصية، وقد لا تكون.. وقد تكون مبررة، وقد لا تكون.. قد تكون عدوانية، وقد تكون على سبيل رد الإعتداء.
فقد قال رجل من الخوارج عن علي (عليهالسلام ): قاتله الله كافراً ما أفقهه!، فوثب القوم ليقتلوه، فقال (عليهالسلام ): "رويداً، إنما هو سب بسب، أو عفو عن ذنب"(1) .
7 ـ إن المؤمن الحقيقي يدخل في الدين لقناعته به، وطمعاً بالحصول على رضا الله تعالى.. وهو يضحي بأهله وماله وولده، ويتعرض لمختلف أنواع الأذي ولا يتراجع ولا يندم.. بل يزداد بصيرة وإصراراً وتصلباً في دينه.. فما معنى أن يكون اختلاف إنسان مع آخر محقاً أم مبطلاً سبباً في إظهار ندامته على الدخول في هذا الدين.. فإن الدين لا يقايض عليه بين الأشخاص.. ولا يوضع في سوق العرض والطلب، فيؤخذ تارة ويعطى أخرى..
____________
1- نهج البلاغة (الخطب): ج 4 ص 99.
علي (عليهالسلام ) يروي لنا:
عن علي (عليهالسلام )، قال: "كنا مع النبي (صلىاللهعليهوآله ) في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة، ومعها كسرة خبز، فدفعتها إلى النبي (صلىاللهعليهوآله ) وقال النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام: ما هذه الكسرة؟!
قالت: قرصاً خبزتها للحسن والحسين، جئتك منه بهذه الكسرة.
فقال النبي (صلىاللهعليهوآله ): أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث(1) .
ونقول:
قد دلنا هذا الحديث على أمور عديدة، نذكر منها:
1 ـ إنه حين يروي أمير المؤمنين لنا أمراً ما، فلا بد أن يكون له أهمية بالغة، ودلالات هامة، يريد لنا أن نلتفت إليها ونقف عليها..
2 ـ إن ذلك يشير إلى إهتمام فاطمة الزهراء بأبيها، حتى إنها لتؤثره بكسرة من قرص خبزتها للحسن والحسين (عليهالسلام )، الذين كان
____________
1- عيون أخبار الرضا ج2 ص40 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص43 وذخائر العقبى ص47 وبحار الأنوار ج16 ص225 وج20 ص245 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص133 وينابيع المودة ج2 ص136 وصحيفة الإمام الرضا (عليهالسلام ) (ط دار الأضواء) ص71 و 72 ومسند الإمام الرضا للعطاردي ج1 ص143 و 330 ومسند زيد بن علي ص461 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص286.
عمرهما في حدود سنة وأزيد منها بأشهر قليلة..
3 ـ إن جهره (صلىاللهعليهوآله ) بأن هذه الكسرة هي أول طعام دخل فمه منذ ثلاثة أيام يعطي أنه يريد أن يواسى أولي الحاجة من أصحابه، على قاعدة: هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي على تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو اكون كما قال القائل:
وحسبـك داء أن تـبـيـت ببطـنـة |
وحـولـك أكبـاد تحـن إلى الـقــد |
أأقنع من نفسي أن يقال أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش؟!(1) .
لمن لواء المهاجرين؟!:
قالوا: كان لواء المهاجرين بيد زيد بن حارثة، ولواء الأنصار بيد سعد بن عبادة(2) .
____________
1- نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص72 ومستدرك الوسائل ج16 ص301 وبحار الأنوار ج33 ص474 وج40 ص341 وجامع أحاديث الشيعة ج23 ص273 ونهج السعادة ج4 ص36 وشرح نهج البلاغـة للمعتزلي ج16 ص287.
2- إمتاع الأسماع ج1 ص230 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص371 ص170 وعيون الأثر ج2 ص37 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص67.
ونقول:
لماذا أهمل هؤلاء الإشارة إلى صاحب الراية العظمى، مع تصريحهم باسم حامل لواء المهاجرين، وبإسم حامل لواء الأنصار، مع أننا:
1 ـ قدمنا في حرب أحد أن علياً (عليهالسلام ) كان صاحب لواء (وراية) النبي (صلىاللهعليهوآله ) في بدر وفي كل مشهد.
2 ـ ورد في احتجاج الإمام الحسن المجتبى (عليهالسلام ) على معاوية وابن العاص، والوليد الفاسق قوله: "ثم لقيكم يوم أحد، ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله، ومعك ومع أبيك راية الشرك"(1) .
3 ـ روى الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: "كانت راية رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) مع علي (عليهالسلام ) في المواقف كلها: يوم بدر، ويوم أحد، ويوم حنين، ويوم الأحزاب، ويوم فتح مكة.
وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة في المواطن كلها، ويوم فتح مكة، وراية المهاجرين مع علي (عليهالسلام )(2) .
وهذا يدل على أن قولهم: كانت راية المهاجرين يوم الأحزاب مع زيد
____________
1- كفاية الطالب ص336 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص289 والغدير ج10 ص168 عنه، وجمهرة الخطب ج2 ص23 وأعيان الشيعة ج1 ص574 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص212 وج26 ص541.
2- إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص191 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص374 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج42 ص72.