الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء السادس
السيد جعفر مرتضى العاملي
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهماالسلام ) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء السادس
السيد جعفر مرتضى العاملي
علي (عليهالسلام ) في بني جذيمة..
رواية صحيحة عن الإمام الباقر (عليهالسلام ):
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمهالله )، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليهالسلام )، قال:
بعث رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم: بنو المصطلق من بني جذيمة. وكان بينهم وبين بني مخزوم إحنة في الجاهلية.
فلما ورد عليهم كانوا قد أطاعوا رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، وأخذوا منه كتاباً، فلما ورد عليهم خالد أمر منادياً فنادى بالصلاة، فصلى وصلوا. فلما كانت صلاة الفجر أمر مناديه فنادى، فصلى وصلوا. ثم أمر الخيل، فشنوا فيهم الغارة، فقتل، وأصاب.
فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به النبي (صلىاللهعليهوآله )، وحدثوه بما صنع خالد بن الوليد.
فاستقبل القبلة، ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد
قال: ثم قدم على رسول الله تبر ومتاع، فقال لعلي (عليهالسلام ): يا علي، إئت بني جذيمة من بني المصطلق، فأرضهم مما صنع خالد.
ثم رفع (صلىاللهعليهوآله ) قدميه، فقال: يا علي، اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك.
فأتاهم علي (عليهالسلام )، فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله.
فلما رجع إلى النبي (صلىاللهعليهوآله )، قال: يا علي، أخبرني بما صنعت.
فقال: يا رسول الله، عمدت، فأعطيت لكل دم دية، ولكل جنين غرة، ولكل مال مالاً.
وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم لميلغة كلابهم، وحبلة رعاتهم.
وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم لروعة نسائهم، وفزع صبيانهم.
وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم لما يعلمون ولما لا يعلمون.
وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله.
فقال (صلىاللهعليهوآله ): يا علي، أعطيتهم ليرضوا عني؟! رضي الله عنك، يا علي، إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي(١) .
____________
١. - الأمالي للشيخ الصدوق (ط سنة ١٣٨٩ هـ) ص١٥٢ و ١٥٣ و (ط مؤسسة البعثة) ص٢٣٨ وبحار الأنوار ج٢١ ص١٤٢ و ج١٠١ ص٤٢٣ و ٤٢٤ ومستدرك الوسائل ج١٨ ص٣٦٦ و ٣٦٧ وعلل الشرائع (ط سنة ١٣٨٥ هـ) ج٢ ص٤٧٣ و ٤٧٤ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٦ ص٤٨٦ وموسوعة أحاديث أهل البيت (عليهمالسلام) ج١١ ص٨٠ وغاية المرام ج٢ ص٧٦
حديثان آخران:
وفي حديث آخر: أنه (صلىاللهعليهوآله ) بعث خالداً والياً على صدقات بني المصطلق حي من خزاعة.
ثم ساق الحديث نحو ما تقدم، ولكنه (صلىاللهعليهوآله ) قال لعلي (عليهالسلام ) في آخره:
(أرضيتني، رضي الله عنك، يا علي، أنت هادي أمتي. ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك، وأخذ بطريقتك. ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك، ورغب عن طريقتك إلى يوم القيامة)(١) .
وفي حديث المناشدة يوم الشورى، قال (عليهالسلام ):
(نشدتكم بالله، هل علمتم أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، ففعل ما فعل، فصعد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) المنبر، فقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ثلاث مرات.
ثم قال: (اذهب يا علي).
فذهبت، فوديتهم، ثم ناشدتهم بالله هل بقي شيء؟!
فقالوا: إذا نشدتنا بالله، فميلغة كلابنا، وعقال بعيرنا.
____________
١- الأمالي للشيخ الطوسي (ط سنة ١٤١٤ هـ) ص٤٩٨ وبحار الأنوار ج٢١ ص١٤٣ وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهمالسلام ) ج١١ ص٢١٩.
فأعطيتهم لهما(١) . وبقي معي ذهب كثير، فأعطيتهم إياه، وقلت: وهذا لذمة رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، ولما تعلمون، ولما لا تعلمون، ولروعات النساء والصبيان.
ثم جئت إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فأخبرته، فقال: (والله، ما يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم).
قالوا: اللهم نعم(٢) .
علي (عليهالسلام ) يصلح ما أفسده خالد:
وحين أوقع خالد ببني جذيمة، وقتلهم صبراً، وغدراً بعد أن أمنهم، وبلغ الخبر النبي (صلىاللهعليهوآله ) رفع (صلىاللهعليهوآله ) يده إلى السماء قال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد، وبكى.
ثم أرسل (صلىاللهعليهوآله ) علياً أمير المؤمنين (عليهالسلام ) بمال ورد إليه من اليمن، فودى به لهم الدماء، وما أصيب من الأموال، حتى إنه ليدي العقال وميلغة الكلب، وبقيت بقية من المال أعطاهم إياها، إحتياطاً لرسول الله (صلىاللهعليهوآله )(٣) .
____________
١- أي أنه أعطى بني جذيمة مالاً لأجل ميلغة الكلب، وعقال البعير.
٢- الخصال ج٢ ص٥٦٢ وبحار الأنوار ج١ ص١٤١ و ٣٢٧.
٣- سبل الهدى والرشاد ج٦ ص٢٠١ وأشار في هامشه إلى: البخاري ج٤ ص١٢٢، والنسائي ج٨ ص٢٣٧ وأحمد في المسند ج٢ ص١٥١ والبيهقي في السنن ج٩ = = ص١١٥. وراجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج١ ص١٥٣ ودلائل الصدق ج٣ ق١ ص٣٣ و ٣٤ والإصابة ج١ ص٣١٨ و ٢٢٧ وج٢ ص٨١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص١٤٧ و ١٤٨ والبداية والنهاية ج٤ ص٣٥٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٥٩٢ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج٣ ص٦٧ و ٦٨ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٣٤٢ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٧٨ و ٤٠٩ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٧٣ والغدير ج٧ ص١٦٨ و ١٦٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج٤ ص٧٢ و ٧٣ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٤ ص٨٨٤ وتاريخ أبي الفداء ج١ ص١٤٥ وأسد الغابة ج٣ ص١٠٢ والمغازي للواقدي ج٣ ص٨٨٢ وتاريخ الخميس ج٢ ص٩٨ والمنمق ص٢٥٩ و ٢٦٠ و٢١٧ وراجع: الثقات لابن حبان ج٢ ص٦٢ و ٦٣.
وفي نص آخر: أنه (عليهالسلام ) فعل ذلك على أن يُحلُّوا رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) مما علم ومما لا يعلم.
فقال له (صلىاللهعليهوآله ): لما فعلت أحب إلي من حمر النعم، ويومئذ قال لعلي (عليهالسلام ): فداك أبواي(١) . فلماذا قالوا: لم يحمع أبويه لأحد إلا لسعد؟!
وفي نص آخر: ثم دعا علياً (عليهالسلام ) فقال: أخرج إليهم، وانظر في أمرهم، وأعطاه سفطاً من ذهب، ففعل ما أمره، وأرضاهم(٢) .
وعن إبراهيم بن جعفر المحمودي، قال: قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله )
____________
١- تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج٢ ص٦١.
٢- بحار الأنوار ج٢١ ص١٤٠ وإعلام الورى ج١ ص٢٢٨.
: (رأيت كأني لقمت لقمة من حيس، فالتذذت طعمها، فاعترض في حلقي منها شيء حين ابتلعتها، فأدخل عليٌّ يده، فنزعه).
فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله، هذه سرية من سراياك، تبعثها فيأتيك منها بعض ما تحب، ويكون في بعضها اعتراض، فتبعث علياً فيسهله(١) .
قال أبو جعفر، محمد بن علي (عليهماالسلام ): فدعا رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال:
(يا علي، اخرج إلى هؤلاء القوم، فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك).
فخرج علي (عليهالسلام ) حتى جاءهم، ومعه مال قد بعث به رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فودى لهم الدماء، وما أصيب لهم من الأموال، حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال، فقال لهم عليٌّ حين فرغ منهم: (هل بقي لكم مال لم يؤد إليكم)؟!
قالوا: لا.
قال: فإني أعطيكم من هذه البقية من هذا المال، احتياطاً لرسول الله (صلىاللهعليهوآله ) مما لا يعلم ومما لا تعلمون).
____________
١- سبل الهدى والرشاد ج٦ ص٢٠٠ و ٢٠١ عن ابن هشام، والسيرة النبوية لابن هشام ج٤ ص٧٢ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٤ ص٨٨٣ وتاريخ الخميس ج٢ ص٩٨ والغدير ج٧ ص١٦٩.
ففعل، ثم رجع إلى رسو ل الله (صلىاللهعليهوآله )، فأخبره الخبر، فقال: (أصبت، وأحسنت).
ثم قام رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه، حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه، يقول: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد). ثلاث مرات(١) .
وذكر الواقدي: أن علياً (عليهالسلام ) جاءهم بالمال الذي أعطاه إياه رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فودى لهم ما أصاب خالد، ودفع إليهم ما
____________
١- سبل الهدى والرشاد ج٦ ص٢٠١ وأشار في هامشه إلى: البخاري ج٤ ص١٢٢، والنسائي ج٨ ص٢٣٧ وأحمد في المسند ج٢ ص١٥١ والبيهقي في السنن ج٩ ص١١٥. وراجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج١ ص١٥٣ ودلائل الصدق ج٣ ق١ ص٣٣ و ٣٤ والإصابة ج١ ص٣١٨ و ٢٢٧ وج٢ ص٨١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص١٤٧ و ١٤٨ والبداية والنهاية ج٤ ص٣٥٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٥٩٢ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج٣ ص٦٧ و ٦٨ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٣٤٢ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٧٨ و ٤٠٩ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٧٣ والغدير ج٧ ص١٦٨ و ١٦٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج٤ ص٧٢ و ٧٣ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٤ ص٨٨٤ وتاريخ أبي الفداء ج١ ص١٤٥ وأسد الغابة ج٣ ص١٠٢ والمغازي للواقدي ج٣ ص٨٨٢ وتاريخ الخميس ج٢ ص٩٨ والمنمق ص٢٥٩ و ٢٦٠ و ٢١٧ وراجع: الثقات لابن حبان ج٢ ص٦٢ و ٦٣.
لهم، وبقي لهم بقية من المال، فبعث علي (عليهالسلام ) أبا رافع إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) ليستزيده، فزاده مالاً، فودى لهم كل ما أصاب(١) .
ولما رجع علي (عليهالسلام ) إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) قال له: ما صنعت يا علي؟!
فأخبره، وقال: يا رسول الله، قدمنا على قوم مسلمين، قد بنوا المساجد بساحتهم، فوديت لهم كل من قتل خالد حتى ميلغة الكلاب الخ..(٢) .
جرى لأبي زاهر مثل ما جرى لبني جذيمة:
ذكر ابن شهرآشوب قضية إغارة خالد على حي أبي زاهر الأسدي، فجاء سياقها موافقاً ـ تقريباً ـ لسياق قضية بني جذيمة، فقال:
(في رواية الطبري: أنه أمر بكتفهم، ثم عرضهم على السيف، فقتل منهم من قتل.
فأتوا بالكتاب الذي أمر رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) أماناً له ولقومه إلى النبي (صلىاللهعليهوآله )، وقالوا جميعاً: إن النبي (صلىاللهعليهوآله ) قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد.
وفي رواية الخدري: اللهم إني أبرأ إليك من خالد ثلاثاً.
ثم قال: (أما متاعكم فقد ذهب، فاقتسمه المسلمون، ولكنني أرد عليكم
____________
١- المغازي للواقدي ج٣ ص٨٨٢ وراجع: إمتاع الأسماع ج٢ ص٧.
٢- المغازي للواقدي ج٣ ص٨٨٢.
مثل متاعكم).
ثم إنه قدم على رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) ثلاث رزم من متاع اليمن، فقال: يا علي، فاقض ذمة الله، وذمة رسوله. ودفع إليه الرزم الثلاث.
فأمر علي (عليهالسلام ) بنسخة ما أصيب لهم.
فكتبوا، فقال: خذوا هذه الرزمة، فقوّموها بما أصيب لكم.
فقالوا: سبحان الله هذا أكبر مما أصيب لنا!
فقال: خذوا هذه الثانية، فاكسوا عيالكم وخدمكم، ليفرحوا بقدر ما حزنوا، وخذوا الثالثة بما علمتم وما لم تعلموا، لترضوا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
فلما قدم علي (عليهالسلام ) على رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) أخبره بالذي كان منه، فضحك رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) حتى بدت نواجذه، وقال: أدى الله عن ذمتك، كما أديت عن ذمتي.
ونحو ذلك روي أيضاً في بني جذيمة(١) .
ونقول:
قد ناقشنا ما جرى لبني جذيمة في كتابنا الصحيح من سيرة النبي (صلىاللهعليهوآله )، فصل: خالد يبيد بني جذيمة.. ونقتصر هنا على ذكر ما يرتبط بعلي أمير المؤمنين (عليهالسلام )، وذلك فيما يلي من عناوين..
____________
١- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء سنة ١٤١٢ هـ) ج١ ص١٥٠ و ١٥١ و (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص٣٩٥ وبحار الأنوار ج٣٨ ص٧٣.
البراءة مما صنع خالد:
ويلاحظ: أنه (صلىاللهعليهوآله ) قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد. ولم يصرح ببراءته من خالد نفسه.. ربما لان فعل خالد كانت تكتنفه الشبهة بحسب ظواهر الامور، التي يجب على النبي(صلىاللهعليهوآله ) أن يعامل الناس بها وعلى أساسها.. فالشبهة تدرأ المؤاخذة عن خالد.. ويبقى الفعل وآثاره التي يجب إزالتها في الواقع الخارجي..
ولأجل ذلك لم يكن التعرض لخالد بشيء مما يدخل في دائرة المؤاخذة، وترتيب الأمر على فعله هذا..
فداك أبواي:
تقدم: أنه (صلىاللهعليهوآله ) قال لعلي (عليهالسلام ) في قصة بني جذيمة: فداك أبواي، وعبارة اليعقوبي تشعر بأن قول النبي (صلىاللهعليهوآله ) هذه الكلمة لعلي (عليهالسلام )، كان شائعاً ومعروفاً، فإنه قال: (ويومئذٍ قال لعلي: فداك أبواي) فكأن قوله هذا لعلي (عليهالسلام ) كان مفروغاً عنه، ولكنه أراد أن يعين مناسبة وزمان حصوله.
وذلك يدل على كذب ما زعموه: من أن هذه الكلمة قالها النبي لسعد بن أبي وقاص، ثم رووا عن علي (عليهالسلام ) قوله: ما سمعت النبي (صلىاللهعليهوآله ) جمع أبويه إلا لسعد)(١) .
____________
١- راجع: المغازي للواقدي ج١ ص٢٤١ والسيرة الحلبية ج٢ ص٢٢٩ وتاريخ الخميس = = ج١ ص٤٣٣ والمجموع للنووي ج١٩ ص٢٨٨ ومسند أحمد ج١ ص١٣٧ وصحيح البخاري ج٣ ص٢٢٨ وج٥ ص٣٢ و ٣٣ وج٧ ص١١٦ وصحيح مسلم ج٧ ص١٢٥ وسنن الترمذي ج٤ ص٢١١ وج٥ ص٣١٤ وفضائل الصحابة للنسائي ص٣٤ والمستدرك للحاكم ج٢ ص٩٦ والسنن الكبرى ج٩ ص١٦٢ وشرح مسلم للنووي ج١٥ ص١٨٤ وفتح الباري ج٦ ص٦٩ وج٧ ص٦٦ وعمدة القاري ج١٤ ص١٤٢ و ١٨٥ وج١٧ ص١٤٨ و ١٤٩ وج٢٢ ص٢٠٤ والأدب المفرد للبخاري ص١٧٤ ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص٦٣ وكتاب السنة ص٦٠٠ والسنن الكبرى للنسائي ج٥ ص٦١ وج٦ ص٥٦ و ٥٧ و ٥٨ و ٥٩ ومسند أبي يعلى ج١ ص٣٣٤ وج٢ ص٣٥ وصحيح ابن حبان ج١٥ ص٤٤٧ ومصادر كثيرة أخرى.
مع أنهم هم أنفسهم يدعون ـ زوراً أيضاً ـ أنه (صلىاللهعليهوآله ) قد قال هذه الكلمة للزبير يوم أحد، وقريظة(١) .
____________
١- السيرة الحلبية ج٢ ص٢٢٩ و ٢١٧ و ٣٢٧ و ٣٢٨ عن الشيخين، والترمذي، وحسَّنه، والتاريخ الكبير للبخاري ج٦ ص١٣٩ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص٥ و ١٠ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٥٦٢ وحدائق الأنوار ج٢ ص٥٩٠ عن الصحيحين، وصحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي ( صلىاللهعليهوآله )، باب مناقب الزبير، وفضائل الصحابة للنسائي ص٣٤ وفتح الباري ج١٠ ص٤٦٩ وعمدة القاري ج١٤ ص١٤٢ وج١٦ ص٢٢٥ وج٢٢ ص٢٠٤ وتحفة الأحوذي ج٨ ص٩٦ والمصنف لابن أبي شيبة ج٧ ص٥١٠ وج٨ ص٥٠١ و ٥٠٣ وكتاب السنـة ص٥٩٧ والسنن الكـبرى للنسائي ج٥ ص٦١ وج٦ ص٥٨ ومسند أبي = = يعلى ج٢ ص٣٥ والإستيعاب ج٢ ص٥١٣ وكنز العمال ج١٣ ص٢٠٦ و ٢٠٨ و ٢١٠ و ٢١١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص١٠٦ وتاريخ ابن معين ج٢ ص٥٦ ومصادر كثيرة أخرى.
والمهم عند هؤلاء المنحرفين عن علي (عليهالسلام ) هو جحد كل فضيلة له (عليهالسلام )، أو التشكيك بها ولو عن طريق نسبتها إلى غيره بلفظ قيل، ونحو ذلك.
وقد فات هؤلاء: أن عبد الله وآمنة بنت وهب أجل وأعظم عند الله من أن يفدّي النبي (صلىاللهعليهوآله ) بهما سعداً والزبير، اللذين ظهرت منهما المخزيات، والموبقات بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
فأما عبد الله، فقد روي عن ابن عباس، وأبي جعفر، وأبي عبد الله (عليهماالسلام ) عن قول الله عز وجل( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (١) قال: يرى تقلبه في أصلاب النبيين من نبي إلى نبي حتى أخرجه من صلب أبيه، من نكاح غير سفاح من لدن آدم (عليهالسلام )(٢) .
____________
١- الآية ٢١٩ من سورة الشعراء.
٢- راجع: بحار الأنوار ج١٥ ص٣ وج١٦ ص٢٠٤ وج٨٦ ص١١٨ وميزان الحكمة ج٤ ص٣٠١٩ ومجمع البيان ج٧ ص٣٥٨ والتفسير الصافي ج٤ ص٥٤ ونور الثقلين ج٤ ص٦٩ ومجمع البيان ج٧ ص٣٥٨ وتفسير الميزان ج١٥ ص٣٣٦ ومدينة المعاجز ج١ ص٣٤٧ ومجمع الزوائد ج٧ ص٨٦ وج٨ ص٢١٤ وإختيار معرفة الرجال ج٢ ص٤٨٨ وتفسير السمعاني ج٤ ص٧١ وتفسير القرآن العظيم= = ج٣ ص٣٦٥ ومعجم رجال الحديث ج١٨ ص١٣٢ وسبل الهدى والرشاد ج١ ص٢٣٥ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج١ ص٤٩.
فهذا الحديث يدل على نبوة عبد الله ـ ولو لنفسه ـ ولا يمكن أن يكون أحد الأنبياء فداء لإنسان عادي، يرتكب المعاصي، ويقع في الموبقات.
قال المجلسي عن آباء النبي (صلىاللهعليهوآله ): (بل كانوا من الصديقين، إما أنبياء مرسلين، أو أوصياء معصومين)(١) .
كتابة الخسائر:
وتقدم: أن علياً (عليهالسلام ) أمر بكتابة خسائر حي أبي زاهر: وقال ابن شهرآشوب: (ونحو ذلك روي أيضاً في بني جذيمة)(٢) .
وهذا الإجراء له أهدافه ومبرراته، فمن ذلك:
١ ـ أن الكتابة تضمن حفظ حقوق الناس.
٢ ـ إن ذلك يدخل في نظم الأمر والتخلص من الفوضى بصورة عملية.
٣ ـ إنه يمنع محاولات الخداع، وأخذ ما لا يحق أخذه، ولو بالأخذ أكثر من مرة.
____________
١- بحار الأنوار ج١٥ ص١١٧.
٢- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج١ ص١٥١ و (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص٣٩٥ وبحار الأنوار ج٣٨ ص٧٣ ومكاتيب الرسول ج١ ص٢٤٤.
٤ ـ إنه درس عملي في ضبط الأمور ونظمها وحفظ الامانة وأدائها على أتم وجه..
٥ ـ إن ذلك يمنع من اتهام أهل الأهواء بأن الإعطاء كان يقوم على أساس أهوائي، أو أنه يتضمن خللاً من حيث المقدار، أو بأن يأخذ البعض ويحرم البعض الآخر.
٦ ـ إن ذلك يحفظ الآخذين من التحاسد، والتباغض، وإشاعة الشكوك ببعضهم البعض.
٧ ـ إذا عرف الإنسان مقدار حقه بدقة، فإنك لو وفيته إياه، ثم زدته حبة لعرف ذلك، وشكره لك وذلك لأن المطلوب هوسل سخيمة هؤلاء الناس، الذين وقعوا ضحية أحكام الجاهلية، وأحقادها وعصبياتها البغيضة.
وذلك يدخل في سياق حفظ إيمانهم بعد أن ظلموا، حتى لا يتعرض لأية كدورة أو ضعف، وهو من مفردات إقامة صرح العدل، وإعطاء كل ذي حق حقه.
مبررات إعطاء الاموال للمنكوبين:
هذا.. وقد ذكرت الروايات: المبررات والمعايير التي اعتمد علي (عليهالسلام ) في إعطاء المال لبني جذيمة، ونحن نعرضها وفق ما أشارت إليه النصوص، كما يلي:
١ ـ أعطى لكل دم دية.
٢ ـ رد مثل متاعهم عليهم، وأما المتاع نفسه، فقد ذهب، بعد أن
اقتسمه المسلمون، فلا سبيل إلى رد عينه (وقد ورد ذلك في حديث إغارة خالد على حي أبي زاهر الأسدي، حيث قال ابن شهرآشوب: إنه قد روي نحو ذلك في بني جذيمة).
3 ـ أعطاهم إحتياطاً لرسول الله (صلىاللهعليهوآله )، مما يعلمون، ومما لا يعلمون.
4 ـ وفي نص آخر: أعطاهم على أن يحلوا رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) مما علم، ومما لا يعلم.
5 ـ ليرضوا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
6 ـ لروعة نسائهم، وفزع صبيانهم.
7 ـ قضاء، لذمة الله، وذمة رسوله.
8 ـ أعطاهم كسوة عيالهم، وخدمهم، ليفرحوا بقدر ما حزنوا (كما ورد في حديث إغارة خالد على حي أبي زاهر الأسدي، حيث قال ابن شهرآشوب: ونحو ذلك روي أيضاً في بني جذيمة).
9 ـ لكل جنين غرة.
10 ـ لكل مال مالاً.
11 ـ لميلغة كلبهم، وحبلة رعاتهم.
دلالات باهرة في فعل علي (عليهالسلام ):
وما نريد أن نقوله هنا هو: أن مجموع هذه النصوص يشير إلى أمور عديدة، كلها على جانب كبير من الأهمية، فلاحظ ما يلي:
ألف: إن ذلك يدل على: أن الذين قتلوا لم يكونوا جميعاً من الكبار والبالغين، بل كان فيهم أجنة أيضاً، ولذلك أعطى علي (عليهالسلام ) لكل جنين غرة.
ب : الغُرَّة ـ بالضم ـ عبد أو أمة.
ومنه: قضى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) في الجنين بغرة.
وقال الفقهاء: الغرة من العبد الذي ثمنه عشر الدية(1) .
وزعم بعضهم: أن الغرة من العبيد الذي يكون ثمنه نصف عشر الدية(2) .
ج ـ في قوله: (لكل جنين غرة) ـ: إشارة ضمنية إلى تعدد، أو كثرة القتلى من الأجنة، حتى ذكرهم أمير المؤمنين (عليهالسلام ) بصيغة الجمع إلى جانب ديات البالغين..
ثم إنه لم يتضح إن كان هناك قتلى من النساء، أو لم يكن..
د: إن علياً (عليهالسلام ) قد أعطى مالاً لروعات النساء، وعوضاً عما أصابهن من الحزن، وصرح: بأن المطلوب هو: أن يفرحوا بقدر ما حزنوا.
____________
1- راجع: مجمع البحرين ج3 ص422 و (ط مكتب نشر الثقافة الإسلامية) ج3 ص302.
2- أقرب الموارد ج2 ص867 وراجع: عمدة القاري ج24 ص67 وتحفة الأحوذي ج4 ص554 ومرقاة المفاتيح ج7 ص40 والنهاية في غريب الأثر ج3 ص353 وكتاب الكليات ج1 ص670 والتعريفات للجرجاني ج1 ص208.
وهذا تأصيل لمعنى جديد لا بد من مراعاته في مجالات التعامل مع الناس، ولم يكن هذا المعنى معروفاً، ولا مألوفاً قبل هذه الحادثة.. كما أننا لم نجد أحداً قد راعى هذا المعنى في معالجته لآثار العدوان على الآخرين.
ولعل قول النبي (صلىاللهعليهوآله ) لعلي (عليهالسلام ): (يا علي، اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك).
يشير إلى هذا المعنى، ولا يختص ذلك بموضوع مقادير الديات، أو ما يرتبط بالثأر من غير القاتل الحقيقي.
بل إن الفقهاء وعلى مدى كل هذا التاريخ الطويل لم يشيروا في فتاواهم، ولو إلى رجحان التعرض لمعالجة هذا النوع من الآثار، ولا رسموا له حدوداً، ولا بينوا له أحكاماً، ولا حددواً له شروطاً!
فهل هذه غفلة كانت منهم؟!
أم أنهم فهموا: أن ذلك يختص بالمعصوم، من نبي وإمام؟! أم ماذا؟!
هـ: يلاحظ: أن علياً (عليهالسلام )، قد بذل لبني جذيمة أموالاً من أجل أن يفرحوا بقدر ما حزنوا.
أي أنه (عليهالسلام ) قد لاحظ مقدار الحزن، ومقدار الفرح، وأراد أن يكون هذا بقدر ذاك، ولذلك لم يقل : (ليفرحوا بعد ما حزنوا). بل قال: (ليفرحوا بقدر ما حزنوا ).
و: إن سرد ما اعطاه علي (عليهالسلام ) لبني جذيمة يصلح أن يكون هو الوصف الدقيق لحقيقة ما جرى على هؤلاء الناس من قتل وسلب وخوف. فهم قد سلبوهم كل شيء. حتى حبلة الرعاة، وميلغة الكلب، ولم
يتركوا لهم حتى كسوة العيال والخدم.. وأخذوا منهم ما يعلمون، وما لا يعلمون.
بالإضافة إلى قتل الرجال، وإسقاط الأجنة، وروعة النساء، وفزع الصبيان، وحزن العيال والخدم.
ز: واللافت هنا: أنه (عليهالسلام ) لم يهمل حتى الخدم، فقد أعطى مالاً أيضاً لحزن هؤلاء، مما يعني: أن كونهم خدماً لا تسقط الحقوق التي تترتب على روعاتهم، وحزنهم. ولا يصيرهم بمثابة الآلة التي لا مشاعر لها.
قد صرحت الكلمات الواردة في الروايات: بأن علياً (عليهالسلام ) يريد أن يقضي عن ذمة الله ورسوله. أي أن الذين قتلهم خالد، قد كانوا في ضمان ذمة الله، وذمة الرسول (صلىاللهعليهوآله ).
ولعل هذا يؤيد صحة القول: بأنه كان لديهم كتاب من رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، يضمن لهم سلامتهم، وأمنهم، ويعتبرهم في ذمة الله ورسوله.
وعدوان خالد عليهم يعتبر إخلالاً بهذه الذمة، وهذا يحتم الوفاء بها، وإعادة الأمور إلى نصابها.
بل قد يقال: إن هذا التعبير يدل على: أنه لو أن أحداً من غير المسلمين اعتدى على بني جذيمة لوجب نصرهم، وتحمل مسؤولية تعويض كل نقص يعرض لهم عليهم، في الأموال والأنفس على حد سواء..
ح: ذكرت النصوص المتقدمة: أنه (عليهالسلام ) أعطاهم مقداراً من المال، ليرضوا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، مع العلم: بأن السخط
على الرسول (صلىاللهعليهوآله ) من موجبات الكفر، والخروج من الدين.
فكيف يمكن الجمع بين الحكم بإسلامهم، وبين عدم رضاهم عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )؟!
ومن المعلوم: أن السخط والرضا لا يشترى ولا يعطى بالمال، فكيف نفهم هذا الإجراء منه (عليهالسلام )؟!
ونجيب:
إن المراد بالرضا هنا ليس ما يقابل السخط، بل المراد به: الشعور بالرضا، بعد الشعور بالحاجة إلى الإنصاف، وبضرورة إيصال حقهم إليهم..
فإذا رأوا علياً (عليهالسلام ) قد اعطاهم فوق ما لهم من حق، فلابد أن يتكون لديهم شعور باستعادة كامل حقوقهم، وبما فوق مستوى الإنصاف والعدل الذي يتوقعونه أو ينتظرونه..
وهذا معناه: أنه (عليهالسلام ) لم يشتر رضاهم بالمال.. بل هو قد وفاهم حقهم، حتى تكوَّن لديهم الشعور بالرضا بهذا الوفاء.
ط: إن تخصيص جزء من المال لما يعلمون، وما لا يعلمون. قد يكون من أهم الأمور التي تبلِّغهم درجات ذلك الرضا بأكمل وجوهه، وأتمها، فإن هناك أموراً قد يفقدها الإنسان، ولكنها تكون من التفاهة إلى حد يرى أن مطالبته بها تنقص من قدره، وتحط من مقامه، فيعرض عنها.
ولكنه حتى حين يغض النظر عنها قد يبقى لديه شعور بالانتقاص من حقه، أو فقل بعدم بلوغه درجة الإشباع.
فإذا رضخ علي (عليهالسلام ) له مالاً في مقابل تلك الأمور أيضاً، فإنه
لا يبقى مجال لأي خاطر يعكر صفو الشعور بالإرتواء التام..
فإذا زاد على ذلك: بأن أعطاه أموالاً في مقابل ما ربما يكون قد عجز عن استحضاره في ذهنه، فإنه سينتقل إلى مرحلة الشعور بالامتنان. والإحساس بمزيد من اللطف به، والتفضل عليه، والنظر إليه، والشعور معه..
حكم علي (عليهالسلام ) حكم الله تعالى:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأن النبي (صلىاللهعليهوآله ) قد أمر علياً (عليهالسلام ) بأن يضع قضاء الجاهلية تحت قدميه.. أي أنه (صلىاللهعليهوآله ) يعلن أن خالداً قد قضى في بني جذيمة بحكم الجاهلية..
وذلك يكذب ما زعمه خالد: من أنه قد نفذ أمر رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) فيهم.. حسبما تقدم. كما كذَّبه قبل ذلك حين أعلن ثلاث مرات براءته مما صنع خالد.
وهو يكذِّب أيضاً رواية محبي خالد: التي تزعم أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) كان راضياً من خالد، ولم يعترض على فعله، ولم تسقط منزلته عنده.. فإن النبي الأعظم والأكرم (صلىاللهعليهوآله ) لا يمكن أن يرضى بما يكون من قضاء الجاهلية، ولا يمكن أن يرضى بما يعلن أنه بريء إلى الله منه..
وفي المقابل نجد علياً (عليهالسلام ) كما يصرح به الإمام الباقر (عليهالسلام ): لما انتهى إلى بني جذيمة (حكم فيهم بحكم الله).
وهذا صريح: بأن جميع ما فعله علي (عليهالسلام ) إنما هو إجراء لحكم
الله تعالى، وليس مجرد تبرعات منه (عليهالسلام )، تستند إلى الاستحسان، أو إلى تفاعل أو اندفاع عاطفي آني، أو رغبة أذكتها العصبية للقربى، أو محبة أكدتها علاقة المودة والإلف بينه وبين ابن عمه نبي الله (صلىاللهعليهوآله )..
بل ما فعله كان ـ كما قلنا ـ إجراء وتنفيذاً لحكم الله تبارك وتعالى، من دون تأثر بهوى، أو ميل مع عصبية أو انسياقاً مع عاطفة..
ويؤكد هذا المعنى: أن المال الذي حمله (عليهالسلام ) معه إليهم، سواء أكان مُلْكاً شخصياً للنبي (صلىاللهعليهوآله )، أو كان من بيت مال المسلمين، لا يجوز له الإسراف والتبذير فيه، فضلاً عن تمزيقه وبعثرته وفق ما يقود إليه الهوى، وما يرجحه الذوق والاستنساب، وتدعو إليه العاطفة والإنفعالات الشخصية.
حديث المنزلة كان في بني جذيمة:
روي عن الإمام الباقر (عليهالسلام )(1) : أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) قال لعلي (عليهالسلام ) ـ في مناسبة ما فعله في بني جذيمة: (أنت مني
____________
1- راجع: الأمالي للصدوق ص238 وعلل الشرائع ج2 ص473 و 474 ومستدرك الوسائل ج18 ص366 و 367 وبحار الأنوار ج21 ص142 وج101 ص423 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص485 وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهمالسلام ) للنجفي ج11 ص79 و 80 وغاية المرام ج2 ص75 و 76.
بمنزلة هارون من موسى).
فقد ظهر أنه لو أراد النبي (صلىاللهعليهوآله ) ان يتولى هذا الأمر في بني جذيمة لم يزد على ما فعله علي (عليهالسلام ).
وسنشير إلى بعض ما يرتبط بهذا الحديث في غزوة تبوك إن شاء الله تعالى..
أنت هادي أمتي:
وفي النصوص: أنه (صلىاللهعليهوآله ) قال لعلي (عليهالسلام ) في بني جذيمة: (أنت هادي أمتي، ألا إن السعيد من أحبك، وأخذ بطريقتك، ألا إن الشقي كل الشقي، من خالفك، ورغب عن طريقك إلى يوم القيامة)(1) .
فقد دلتنا هذه الكلمة على أمور ثلاثة أساسية وذات أهمية بالغة هي:
الأمر الأول:
إن وصف النبي (صلىاللهعليهوآله ) علياً (عليهالسلام ) بأنه هادي أمته، يدلنا على أن ما أجراه (عليهالسلام ) في بني جذيمة ـ ليس هو مجرد إيصال حقوق مالية إلى أصحابها.. وإنما هو يرتبط بالهداية إلى الحق، وتعريف الناس بما يرضى الله تعالى..
____________
1- الأمالي للطوسي (ط سنة 1414) ص498 وبحار الأنوار ج21 ص143 وموسوعة احاديث أهل البيت ( عليهمالسلام ) ج11 ص219.
ولعل مما يدلنا على ذلك تنوّع العطاءات، وتنوع أسبابها، حيث أظهرت أحكاماً وأسراراً دقيقة وعميقة، مثل أن لروعات النساء، وفزع الصبيان قيمة مادية، وأنه لا بد من دية الأجنة إذا أسقطت في مثل هذه الحالات.
يضاف إلى ذلك: أنها دلتنا على مسؤولية حقيقية لولي الأمر وهو الرسول ووصيه والإمام من بعده.. عن أمثال هذه الأمور، وأنها ليست مسؤولية أدبية أو سلطوية، بل هي مسؤولية مادية حقيقية وواقعية، ويحتاج إلى إبراء ذمته من هذا الحق المالي، وأن هذا الحق قد أثبته الله على نفسه أيضاً.
ولأجل ذلك صرح (عليهالسلام ) بأنه أراد ببعض ما أعطاه أن يبرئ ذمة الله ورسوله.
وليتأمل المتأمل مليا في جعل ذلك من الوفاء بذمة الله تعالى أيضاً..
كما أن عدم علم صاحب الحق بمقدار الحق الذي ضاع له لا يعني أن لا يعطي ما يوجب براءة ذمة الله ورسوله مما لا يعلمه.. بل لا بد من إعطاء ما يفي بما يعلمون، وبما لا يعلمون أيضاً..
وهذه وسواها أمور لم تكن واضحة للناس، لولا فعل علي (عليهالسلام ) في هذه الحادثة، وقد لا تخطر لأحد على بال..
والأهم من ذلك كله: أنه (عليهالسلام ) أعطاهم من أجل أن يرضوا عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، ليحفظ دينهم ويصون إيمانهم.
وهي تدل على أنه لا بد لمن يتصدى لإنصاف الناس، ويتحمل مسؤوليتهم أن يكون عارفاً بأسرار الشريعة، واقفاً على دقائقها وحقائقها، وكوامنها وأهدافها..
الأمر الثاني:
إنه (صلىاللهعليهوآله ) بين أن حقيقة السعادة تنال بأمرين:
أحدهما: أن يحب عليا (عليهالسلام ) كما هو في جميع حالاته يحبه وفي الرضا وفي الغضب، في الرخاء وفي البلاء، بل هو يحبه حتى حين يحكم عليه، أو على ولده بالقتل حين يستحق ذلك، ولا ينقص ذلك من محبته وتفانيه فيه شيئاً.
أما حب علي (عليهالسلام ) لأنه شجاع مثلاً، فهو ليس حباً لعلي (عليهالسلام )، بل هو حب للشجاعة التي سيحبها حتى لو كانت في أعداء الله، وأعداء الإنسانية، فهذا الحب لا ينفع صاحبه، ولا يسعده في الدنيا والآخرة، ولا ينيله رضا الله تبارك وتعالى.
الثاني: الأخذ بطريقة علي (عليهالسلام )، بمعنى أن ينسجم فيه العمل الجوارحي مع المشاعر، ويستجيب لدعوتها، وهذا ما يعبر عنه بالتأسي والإقتداء، وأما الحب العقيم، الذي لا يلد العمل الصالح، فليس بذي قيمة، وليس من موجبات السعادة، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
الأمر الثالث:
إنه (صلىاللهعليهوآله ) تحدث عن الأخذ بطريقة علي (عليهالسلام )، ولم يأمر بعمل نفس علي، لا من حيث الكم، ولا من حيث الكيف، بحيث يكون لعمل الناس نفس قيمة وخلوص عمل علي (عليهالسلام ).. وسائر حالاته وآثاره، بل المطلوب هو أن يتبع المؤمن سبيله، وطريقته، وعلي (عليه الصفحة 31
السلام) هو القائل: (ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد)(1) .
وهذا هو السبب أيضاً في أنه (صلىاللهعليهوآله ) قد رتب الشقاء والبوار على مخالفة طريقة علي (عليهالسلام )، لا على فقدان الأعمال لخصوصيات وقيمة عمل علي (عليهالسلام )، وذلك لطف آخر من الله تعالى ورسوله (صلىاللهعليهوآله ) في هذه الأمة، وذلك واضح لا يخفى..
____________
1- راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص71 ومختصر بصائر الدرجات ص154 ومستدرك الوسائل ج12 ص54 وبحار الأنوار ج33 ص474 وج40 ص340 وج67 ص320 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص34 وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهمالسلام ) للنجفي ج5 ص91 وج7 ص165 وج8 ص425 ونهج السعادة ج4 ص33 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص205 وينابيع المودة (ط دار الأسوة) ج1 ص439 وقواعد المرام في علم الكلام لابن ميثم البحراني ص185 والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص305.
علي (عليهالسلام ) في غزوة حنين..
علي (عليهالسلام ) صاحب اللواء الأعظم:
ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن علياً (عليهالسلام ) كان حامل اللواء الأكبر في حنين. وكثير من المؤرخين وإن لم يجرؤا على التصريح بإسمه، أو عزفوا عن ذلك خيانة منهم للحقيقة، ولكن هناك من صرح به، فقد قال القمي (رحمهالله ): (فرغب الناس، وخرجوا على راياتهم، وعقد اللواء الأكبر، ودفعه إلى أمير المؤمنين (عليهالسلام )، وكل من دخل مكة براية أمره أن يحملها، وخرج في اثني عشر ألف رجل إلخ..)(1) .
____________
1- بحار الأنوار ج21 ص147 و 149 و 155 و 165 وتفسير القمي ج1 ص286 والبرهان (تفسير) ج2 ص113 ونور الثقلين ج2 ص199 وإعلام الورى ج1 ص228 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص140 وتحفة الأحوذي ج5 ص139 والتفسير الأصفى ج1 ص459 والتفسير الصافي ج2 ص330 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص106 وجوامع الجامع للطبرسي ج2 ص55 وجامع البيان ج10 ص130 وكشف الغمة ج1 ص220 و 221 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص341 وشجرة طوبى ج2 ص307 وزاد المسير ج3 ص281 وتفسير القرطبي ج8 ص100 والبحر المحيط ج5 ص25 وفتح القدير ج2 ص348.
وكان معه (عليهالسلام ) لواء المهاجرين أيضاً.
ولا يصح ما زعموه من أنه (دفع لواء المهاجرين إلى عمر بن الخطاب، ولواء إلى علي بن أبي طالب، ولواء إلى سعد بن أبي وقاص إلخ..)(1) .
أولاً: لأنهم هم أنفسهم يصرحون بأنه (صلىاللهعليهوآله ) أعطى لواء المهاجرين لعلي (عليهالسلام )، وأعطى راية لعمر بن الخطاب(2) .
ثانياً: إن لواء المهاجرين لا يعطى إلا للشجعان الأكفاء، ولم يظهر من عمر ما يدل على ذلك، بل ظهر منه ما يدل على خلافه، وهو الفرار في أحد، وخيبر، وقريظة، وغيرها وها هو يفر في حنين أيضاً..
ما جرى في حنين:
وفي غزوة حنين انهزم المسلمون عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، رغم كثرتهم التي لم يسبق أن حصلت لهم قبل ذلك، والتي جعلت بعضهم
____________
1- تاريخ الخميس ج2 ص101 السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص150 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وإمتاع الأسماع ج2 ص12 وج7 ص170.
2- السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وإمتاع الأسماع ج7 ص170.
يقول: (لن نغلب اليوم من قلّة)(1) .
نعم لقد هزم الجيش كله، ولم يبق معه (صلىاللهعليهوآله ) سوى بعض بني هاشم، أحاطوا به (صلىاللهعليهوآله )، ليكونوا جداراً بشرياً يحميه، وعلي (عليهالسلام ) وحده، هو الذي كان يقاتل المشركين حتى هزمهم..
____________
1- سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن الواقدي، وأبي الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، والبزار، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص100 والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ج5 ص25 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص110 و (ط دار المعرفة) ص69 والإفصاح للمفيد ص68 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص180 وبحار الأنوار ج21 ص155 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص106 وتفسير الآلوسي ج10 ص73 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص574 والبداية والنهاية ج4 ص369 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وكشف الغمة ج1 ص221 وكشف اليقين ص143 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص610 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليهالسلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255 ونهج الحق للحلي ص251 وإحقاق الحق (الأصل) ص206 وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص178 و 181 وزاد المسير لابن الجوزي ج3 ص281 وتفسير السمعاني ج2 ص298 وتفسير أبي السعود ج4 ص55 وراجع: بناء المقالة الفاطمية لابن طاووس ص139.
الثابتون في حنين:
زعموا: أن عدداً من المسلمين قد ثبتوا في حرب حنين، ولم يفروا عن النبي (صلىاللهعليهوآله ).. وقد اختلفوا في أعدادهم، وأوردوا طائفة من الأسماء، ونحن هنا نقتبس بعض المقاطع مما ذكرناه في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي (صلىاللهعليهوآله ) في الجزء الرابع والعشرين منه..
مكتفين بها عما سواها.. وذلك على النحو التالي:
لم يثبت سوى علي (عليهالسلام ):
لا مجال لتأييد أي من الدعاوى حول ثبات أي كان من الناس سوى علي (عليهالسلام )..
غير أنه يمكن ترجيح أن يكون هناك أفراد قليلون من بني هاشم أحاطوا برسول الله (صلىاللهعليهوآله )، حتى لا يناله سلاح الكفار.
أما القتال فكان محصوراً به (عليهالسلام ).
ونستند في ذلك إلى ما يلي من نصوص:
1 ـ قال الشيخ المفيد (رحمهالله ): ولم يبق منهم مع النبي (صلىاللهعليهوآله ) إلا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصة، وعاشرهم أيمن ابن أم أيمن، فقتل أيمن رحمة الله عليه، وثبت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) من كان انهزم.
فرجعوا أولاً فأولاً حتى تلاحقوا، وكانت لهم الكرة على المشركين، وفي ذلك أنزل الله تعالى، وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة:
( ..وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ ) (1) .
يعني: أمير المؤمنين علياً (عليهالسلام ).
ومن ثبت معه من بني هاشم، وهم يومئذ ثمانية، أمير المؤمنين (عليهالسلام ) تاسعهم:
العباس بن عبد المطلب، عن يمين رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
والفضل بن العباس عن يساره.
وأبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند ثفر بغلته.
وأمير المؤمنين (عليهالسلام ) بين يديه يضرب بالسيف.
ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وعتبة، ومعتب ابنا أبي لهب حوله.
وقد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه(2) .
____________
1- الآيتان 25 و 26 من سورة التوبة.
2- الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص140 و 141، ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص30 وراجع: بحار الأنوار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص81 و 82 وشجرة طوبى ج2 ص308 وأعيان الشيعة ج3 ص522 وإعلام الورى ج1 ص386= = وقريب منه ذكره الطبرسي في مجمع البيان ج5 ص18 و 19.
وكذلك عدهم ابن قتيبة في المعارف، والثعلبي في الكشف(1) .
وأضافوا إلى هؤلاء: أيمن مولى النبي (صلىاللهعليهوآله )(2) .
قال ابن شهرآشوب: (وكان العباس عن يمينه، والفضل عن يساره، وأبو سفيان ممسك بسرجه عند ثفر بغلته، وسائرهم حوله، وعلي (عليهالسلام ) يضرب بالسيف بين يديه)(3) .
2 ـ وفي ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي:
لم يواس النبي غير بني هاشم عند السيوف يوم حنين
هرب الناس غير تسعة رهط فهم يهتفون بالناس: أين
ثم قاموا مع النبي على المو ت فآبوا زيناً لنا غير شين
وسوى أيمن الأمين من القوم شهيداً فاعتاض قرة عين(4)
____________
1- بحار الأنوار ج41 ص93 و 94 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص330.
2- بحار الأنوار ج41 ص94 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و 605 و (ط المكتبة الحيدرية) ص330.
3- المصدر السابق.
4- الإرشاد للمفيد ج2 ص141. وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص31 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص305 وج2 ص331 وبحار الأنوار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من كتاب الإرشـاد (المجموعة) = = ص83 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وكشف الغمة ج1 ص221 وبناء المقالة الفاطمية لابن طاووس ص162.
3 ـ وقال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا
وقولي إذا ما الفضل شد بسيفه على القوم أخرى يا بني ليرجعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه لما ناله في الله لا يتوجع(1)
4 ـ وفي احتجاج المأمون على علماء عصره، يقول المأمون عن نزول السكينة في حنين: (إن الناس انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع النبي (صلىاللهعليهوآله ) إلا سبعة من بني هاشم: علي (عليهالسلام ) يضرب بسيفه، والعباس أخذ بلجام بغلة النبي (صلىاللهعليهوآله )، والخمسة محدقون
____________
1- الإرشاد للمفيد ص141 و 142 والمواهب اللدنية ج1 ص164 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص30 وفي بحار الأنوار ج21 ص156 وج38 ص220 وج41 ص94 ومجمع البيان ج5 ص18 و 19 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 وكشف الغمة ج1 ص221 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وتفسير الميزان ج9 ص231 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص98 وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وروح المعاني ج10 ص74 وتفسير الآلوسي ج10 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص348 و 349 وفي المعارف لابن قتيبة ص164 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص180 وأسد الغابة ج1 ص161 والوافي بالوفيات ج10 ص20: سبعة، بدل: تسعة. وثامننا، بدل: وعاشرنا.