• البداية
  • السابق
  • 330 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23579 / تحميل: 6170
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 5

مؤلف:
العربية

حتى سقطت صفية عن سريرها، فشجها جانب السرير(1) . وهي كرامة صنعها الله تعالى لعلي (عليه‌السلام )، كان لا بد أن يعرف بها يهود خيبر كلهم، لتقوم بذلك الحجة عليهم.. وليتناقل الناس هذا الحدث الكبير، ويعرف النساء والرجال، والصغار والكبار.. ليحيي من حيي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.

وذلك منه تعالى لطف بالأحياء منهم، لأنه يتضمن فتح باب الهداية لهم..

وكان اهتزاز الحصن كله هو الوسيلة الفضلى التي لا مجال للريب فيها والأداة الأصلح لهذا التعريف.. كما هو ظاهر لا يخفى..

ما قلعته بقوة جسمانية:

ورووا أيضاً: أن علياً (عليه‌السلام ) قال: ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، ولكن بقوة إلهية(2) .

____________

1- معارج النبوة ص323 و 219 ومشارق أنوار اليقين ص170 وحلية الأبرار ج2 ص161 ومدينة المعاجز ج1 ص425 وبحار الأنوار ج21 ص40 وشجرة طوبى ج2 ص293 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص576

2- المواقف للإيجي ج3 ص628 و 638 وتاريخ الخميس ج2 ص51 عن شرح المواقف، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص316 والطرائف لابن طاووس ص519 وشرح مئة كلمة لأمير المؤمنين لابن ميثم ص257 وكتاب الأربعين للشـيرازي ص430 وبحـار الأنـوار ج55 ص47 وج70 ص76 وج84 = = ص32 وج99 ص138 ومناقب أهل البيت (عليه‌السلام ) للشيرواني ص222 والدر النظيم ص271 وكشف اليقين ص141.

٦١

وفي نص آخر: أن عمر سأل علياً (عليه‌السلام ) قال: يا أبا الحسن، لقد اقتلعت منيعاً، وأنت ثلاثة أيام خميصاً، فهل قلعتها بقوة بشرية؟!

فقال (عليه‌السلام ): ما قلعتها بقوة بشرية، ولكن قلعتها بقوة إلهية، ونفس بلقاء ربها مطمئنة رضية(1) .

وجاء في رسالته (عليه‌السلام ) لسهل بن حنيف قوله: (والله، ما قلعت باب خيبر، ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية، ولا حركة غذائية، لكنني أيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربها مضيئة، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء الخ..)(2) .

ونقول:

1 ـ إن أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) عرف نفسه فعرف ربه، عرف في نفسه الضعف، فعرف أن القوة من الله، وعرف في نفسه الحاجة، فعرف الله تعالى بالغنى، وعرف نفسه بأنها مخلوقة، فعرف ربه بالخالقية، وهكذا.. فاستمد كل كمالاته منه تعالى.

ولأجل ذلك نلاحظ: أنه حين قلع باب خيبر، وجعله ترساً، أو جعله

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين.

2- الأمالي للصدوق ص307 و (ط مؤسسة البعثة) ص604 وبحار الأنوار ج21 ص26 ونهج السعادة ج5 ص21.

٦٢

جسراً، يعبر عليه الناس.. كان أشد تذكراً لله تعالى، ورؤية لنعمه، وإحساساً بكرمه، وألطافه، وأعمق شعوراً بفضله عليه، فجاء اعترافه بهذه الحقيقة التي يراها رأي العين بمثابة الشكر والتعظيم له تعالى، وليعلمنا أن على الإنسان أن لا يغتر بنفسه، وأن يستكين ويخضع أمام عظمة ربه تبارك وتعالى..

2 ـ إن قوله هذا (عليه‌السلام ) يهدف إلى إبعاد شبح الغلو فيه، بتقويض مبررات هذا الغلو، لأن مبرر الغلو هو توهم أن يكون (عليه‌السلام ) قد قلع الباب بقوته الجسدية.. وهذا درس آخر للناس، يتضمن أن عليهم أن لا يأخذوا الأمور على ظواهرها، بل لا بد من التدبر والتفكر، ووضع كل شيء في موضعه. ولا غرو فإنه (عليه‌السلام ) كان يهتم بالحفاظ على صفاء الإيمان، ونقاء العقيدة من أية شائبة أو عائبة..

3 ـ إنه (عليه‌السلام ) أوضح: أن الإطمئنان بلقاء الله تعالى، يهون على النفس الإنسانية الإقدام على كل أمر تعرف أن فيه رضا الله تعالى.. أما من أخلد إلى الأرض، فإنه لن يحقق شيئاً، ولن يقدم على شيء ذي بال. بل هو سوف يعيش الضعف والهروب، والفشل الذريع، والخيبة القاتلة، والخزي في الدنيا، والخسران في الآخرة..

القموص ليس آخر ما فتح:

وقد صرحت بعض الروايات: بأن حصن القموص ليس هو آخر الحصون التي فتحها الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وعلي (عليه‌السلام ). بل هناك قلعة أخرى فتحت بعده، يقول النص:

(ولما فتح علي حصن خيبر الأعلى بقيت لهم قلعة فيها جميع أموالهم،

٦٣

ومأكولهم. ولم يكن عليها حرب بوجه من الوجوه.

فنزل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) محاصراً لمن فيها، فصار إليه يهودي منهم، فقال: يا محمد، تؤمنني على نفسي، وأهلي، ومالي، وولدي، حتى أدلك على فتح القلعة؟!

فقال له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): أنت آمن، فما دلالتك؟!

قال: تأمر أن يحفر هذا الموضع؛ فإنهم يصيرون إلى ماء أهل القلعة، فيخرج ويبقون بلا ماء، ويسلمون إليك القلعة طوعاً.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): أو يحدث الله غير هذا وقد أمناك..

فلما كان من الغد ركب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بغلته، وقال للمسلمين: اتبعوني.

وسار نحو القلعة، فأقبلت السهام والحجارة نحوه، وهي تمر عن يمنته ويسرته، فلا تصيبه ولا أحداً من المسلمين شيء منها حتى وصل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى باب القلعة.

فأشار بيده إلى حائطها، فانخفض الحائط حتى صار مع الأرض، وقال للناس: ادخلوا القلعة من رأس الحائط بغير كلفة)(1) .

ونقول:

تستوقفنا هنا أمور عديدة، نكتفي منها بما يلي:

____________

1- الخرائج والجرائح ج1 ص164 و 165 وبحار الأنوار ج21 ص30 و 31 عنه.

٦٤

1 ـ إن هذه الرواية إذا صحت، فإنها تكون حجة على اليهود، تفرض عليهم التخلي عن اللجاج والعناد، وتوجب عليهم قبول الحق.. وتكون أيضاً آية للمسلمين، تقوي من ثباتهم، وتربط على قلوبهم. وتعرفهم بأن الله سبحانه يرعى نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ويحفظه، ويسهل له العسير، وأن انتصاره ليس متوقفاً على أحد منهم، ولا منوطاً بهم.

فإذا فروا، فإن فرارهم يحرمهم من الخيرات والبركات، ويوجب لهم المذلة في الدنيا، والخسران في الآخرة..

2 ـ إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يعمل بمشورة اليهودي، واستعاض عنها بإظهار هذا الأمر الخارق للعادة، ليسهل على الناس تحصيل القناعة بهذا الدين، والدخول في زمرة أهل الإيمان، والتخلي عن الإستكبار والجحود..

3 ـ إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) رغم عدم عمله بمشورة ذلك اليهودي، لكنه لم يلغ الأمان الذي أعطاه إياه، بل هو قد صرح بأنه ملتزم به، وحافظ له..

4 ـ نحتمل جداً أن تكون هذه القضية هي الرواية الصحيحة التي أوردناها في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، أبواب غزوة خيبر، وفيها: أن بعض اليهود دل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على دبول (أي جدول، أو نفق) لليهود تحت الأرض، وأنهم سوف يخرجون منه..

وربما تكون أيضاً هي الأصل للرواية الأخرى التي تزعم: أن النبي

٦٥

(صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد سمم لهم المياه التي يشربون منها. وقد عبرنا عن شكنا بصحة هذه الرواية أيضاً.

وللرواية الثالثة التي تقول: إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) رمى حصن النزار بكف من تراب فساخ، ولم يبق له أي أثر. وذلك بعد قتال وحصار..

تواتر حديث جهاد علي (عليه‌السلام ) في خيبر:

لقد روى حديث جهاد علي (عليه‌السلام ) في خيبر جم غفير، وجماعة كثيرة، منهم:

1 ـ علي أمير المؤمنين (عليه‌السلام ).

2 ـ الحسن المجتبى (عليه‌السلام ).

3 ـ سهل بن سعد.

4 ـ حسان بن ثابت.

5 ـ بريدة الأسلمي.

6 ـ سويد بن غفلة.

7 ـ أبو ليلى الأنصاري.

8 ـ عبد الرحمن بن أبي ليلى.

9 ـ ابن عباس.

10 ـ عمر بن الخطاب.

11 ـ أنس بن مالك.

12 ـ أبو هريرة.

٦٦

13 ـ سلمة بن الأكوع.

14 ـ سعد بن مالك.

15 ـ عمران بن حصين.

16 ـ الضحاك الأنصاري.

17 ـ أبو سعيد الخدري.

18 ـ أبو رافع.

19 ـ ابن عمر.

20 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.

21 ـ عامر بن سعد.

22 ـ سعد بن أبي وقاص.

23 ـ حذيفة.

ومعنى ذلك: أن هذا الحديث متواتر، والحديث المتواتر قطعي الصدور، ولا ينظر في رجال أسناده.

علي (عليه‌السلام ) يفتح خيبر وحده:

تؤكد النصوص المتقدمة على أن علياً (عليه‌السلام ) هو الذي فتح خيبر دون سواه، فقد ذكرت: أنه لما خرج أهل الحصن، بقيادة الحارث أخي مرحب، هاجموا أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) (فانكشف

٦٧

المسلمون، وثبت علي)(1) .

ويقول علي (عليه‌السلام ) مخاطباً يهودياً سأله عن علامات الأوصياء:

(إنَّا وردنا مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مدينة أصحابك خيبر، على رجال من اليهود وفرسانها، من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال، من الخيل، والرجال، والسلاح، وهم في أمنع دار، وأكثر عدد، كل ينادي، ويدعو، ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه.

حتى إذا احمرت الحدق، ودعيت إلى النزال، وأهمت كل امرئ نفسه، والتفت بعض أصحابي إلى بعض، وكل يقول: يا أبا الحسن، انهض.

فأنهضني رسـول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا طحنته، ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته حتى أدخلتهم جوف مدينتهم، مسدداً عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي، حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها، حتى افتتحتها وحدي، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده)(2) .

____________

1- راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص310 و 333 والسيرة الحلبية ج3 ص37 و (ط دار المعرفة) ج2 ص737 والمغازي للواقدي ج2 ص653 و 654 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص125 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص386 وأعيان الشيعة ج1 ص271 و 403.

2- بحار الأنوار ج21 ص27 وج38 ص171 والخصال ج2 ص16 و (ط مركز = = النشر الإسلامي) ص369 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص127 والإختصاص للمفيد ص168 وحلية الأبرار ج2 ص364.

٦٨

وهذا صريح في: أن الذين كانوا مع علي (عليه‌السلام ) قد هربوا عنه، وبقي (عليه‌السلام ) وحده، وبالتالي يكون (عليه‌السلام ) قد أخذ المدينة وحده.

ثم إن في هذا النص الذي ذكرناه إشارات عديدة، منها:

1 ـ قد يقال: إنه (عليه‌السلام ) ذكر: أن اليهود لم يكونوا وحدهم في خيبر، بل كان معهم فرسان، من قريش، ومن غيرها. وقد بقوا يحاربون معهم إلى النهاية.. مع أن اليهود لم يكن معهم أحد من قريش..

ويجاب:

أولاً: لعل بعض فرسان قريش التحقوا بهم لمساعدتهم..

ثانياً: لعل كلمة: من قريش ومن غيرها، أريد بها توضيح المراد من الذين وردوا على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقد كان فيهم من قريش وغيرها، وكلهم سمع عن فرسان اليهود، وأخذتهم الرهبة منهم.

2 ـ أن أعداد مقاتلي خيبر كانت كبيرة جداً، حتى إنه (عليه‌السلام ) يصفهم بأمثال الجبال من الرجال، والخيل، والسلاح، وبأنهم قد قاتلوا المسلمين بأكثر عدد، وأمنع دار..

3 ـ أن رغبة اليهود ومن معهم في الحرب كانت جامحة وقوية بصورة غير عادية..

٦٩

4 ـ يظهر من كلامه (عليه‌السلام ): أن عدد القتلى من المسلمين لم يكن قليلاً، حيث قال: فلم يبرز من أصحابي أحد إلا قتلوه.

5 ـ أن المسلمين تضايقوا إلى حدّ أن كلاً منهم قد أهمته نفسه.

6 ـ أنهم كانوا يرون: أن أحداً سواه (عليه‌السلام ) لا يستطيع كشف هذه الغمة عنهم، فكانوا يحثونه على مباشرة الحرب، رغم ما هو فيه من رمد في العين، وصداع في الرأس.

7 ـ أنه (عليه‌السلام ) قد طحن ذلك العدو طحناً، حتى أدخلهم إلى جوف حصنهم.

8 ـ أنه (عليه‌السلام ) قد اقتلع باب حصنهم، ودخل وحده، ولم يشاركه المسلمون في ذلك، فإن كانوا قد شاركوه فإنما كان ذلك بعد سكون رياح الحرب.. وانحسار كل خطر.

9 ـ والأهم من ذلك: تأكيده (عليه‌السلام ) على أنه هو الذي فتح خيبر، وأن أحداً غير الله تعالى لم يعنه على ذلك.

فلا يصح قولهم: (وقام الناس مع علي حتى أخذ المدينة).

لأن الناس بعد أن قاموا معه انهزموا أمام اليهود من أهل الحصن.

ولكن حين هاجمهم علي (عليه‌السلام )، وأخذ باباً كان عند الحصن، ثم قتل (عليه‌السلام ) مرحباً وسائر الفرسان، انهزم اليهود إلى داخل حصنهم، فاقتلع (عليه‌السلام ) بابه، وهاجمهم، فثاب إليه المسلمون، وحمل (عليه‌السلام ) باب الحصن بيده، وصار المسلمون يصعدون عليه، ويمرون إلى الحصن، فلما حصل له ما أراد ألقاه خلف ظهره ثمانين شبراً..

٧٠

فلم يساعده المسلمون في الفتح، كما تحاول بعض الروايات أن تدَّعيه، بل الحقيقة، كل الحقيقة هي: أن علياً (عليه‌السلام ) قد فتح الحصن وحده، ومن دون مساعدة أحد.

ولأجل ذلك: نسب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الفتح إلى علي (عليه‌السلام ) كما تقدم. فقال: لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.

كما أن نفس روايات الفتح فيها تصريحات عديدة بأنه (عليه‌السلام ) هو الذي أخذ المدينة، ولا تشير طائفة منها إلى مشاركة أحد له في ذلك، فراجع النصوص في مصادرها تجد صحة ذلك.

بل هو (عليه‌السلام ) قد فتح الحصن قبل أن يلحق آخر الناس بأولهم، كما صرحت به بعض الروايات(1) .

وفي نص آخر: عن عبد الله بن عمر، قال: (فلا والله ما تتامت الخيل

____________

1- الإصابة ج2 ص502 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص466 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص521 وكنز العمال ج10 ص463 وبحار الأنوار ج21 ص22 وإعلام الورى ج1 ص207 ومسند أحمد ج5 ص358 ومجمع الزوائد ج6 ص150 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص110 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص300 والمستدرك للحاكم ج3 ص437 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص55 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص411 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص422 ومناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) للكوفي ج2 ص509.

٧١

حتى فتحها الله عليه)(1) .

وتقدم: أنهم قالوا في الحديث الوارد في تفسير قوله تعالى:( ..وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) (2) : (أجمعوا على أنه فتح خيبر، وكان ذلك بيد علي بن أبي طالب بإجماع منهم).

وهذا، وسواه يجعلنا نعتقد: أن ذلك من الواضحات، فلا حاجة إلى تكثير النصوص والمصادر.

جراح علي (عليه‌السلام ) في خيبر:

عن علي (عليه‌السلام ) قال: جرحت في وقعة خيبر خمساً وعشرين جراحة، فجئت إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فلما رأى ما بي بكى. وأخذ من دموع عينيه، فجعلها على الجراحات، فاسترحت من ساعتي(3) .

ونقول:

دل هذا الخبر على ما يلي:

أولاً: إن هذه الرواية لم تتضمن أمراً غير مألوف، فإن ما ذكرته من كثرة جراح علي (عليه‌السلام ) في خيبر لا توجب الريب فيها، فقد كان

____________

1- مجمع الزوائد ج9 ص123 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص406.

2- الآية 18 من سورة الفتح.

3- كمال الدين وتمام النعمة ص542 وبحار الأنوار ج51 ص228 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص48 وإلزام الناصب ج1 ص270.

٧٢

(عليه‌السلام ) وكأنه يقاتلهم وحده، حيث سبق الجميع إليهم. ولم يكن أحد أقرب إليهم منه، وقد لحقوا به، وقد فتحها.. ولا بد أن تناله سهامهم ورماحهم، وحتى سيوفهم. فلماذا لا تصيبه الجراحات الكثيرة، وهو يواجه عشرات، بل مئات الرجال؟!

ثانياً: إن للأنبياء، والأوصياء، والأولياء، وأدعيتهم، ولمساتهم، ولريقهم وعرقهم، وكل ما هو منهم آثاراً لا يمكن إنكارها في الشفاء، وفي سائر الأحوال، وفوائد جليلة وكبيرة، في الكثير الكثير من الموارد والحالات..

فما ورد في هذه الرواية من تغير حال علي (عليه‌السلام ) بمجرد جعل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من دموع عينيه على الجراحات، ليس بالأمر المستغرب، فكم لهذا الأمر من نظير في حياته (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

ثالثاً: إن ذلك يسقط مقولات من ينكر التبرك والإستشفاء، بالأنبياء وبآثارهم، وريقهم، ودموعهم، وعرقهم.

رابعاً: يلاحظ: أن علياً (عليه‌السلام ) لم يقل: فشفيت من ساعتي. بل قال: فاسترحت من ساعتي، فالله تعالى يريد الكرامة الإلهية، والبركات النبوية من جهة، ثم هو نيله ثواب الجهاد، ومعانات آلام الجراح من جهة أخرى.

اللمسات الأخيرة:

قال العليمي المقدسي: كان فتح خيبر في صفر على يد علي (عليه‌السلام )(1) .

____________

1- الأنس الجليل (ط الوهبية) ص179.

٧٣

وعن آية:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.. ) (1) قال جابر: (أولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب (عليه‌السلام )، لأنه تعالى قال:( وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) (2) أجمعوا على أنه فتح خيبر. وكان ذلك بيد علي بإجماع منهم)(3) .

وفي هذه المناسبة يقول حسان بن ثابت:

وكان علي أرمد العين يبتغي

دواءً فلما لم يحس مداويا

شفاه رسول الله منه بتفلة

فبورك مرقياً وبورك راقيا

وقال سأعطي راية القوم فارساً

مكيناً شجاعاً في الحروب مجاريا

يحب إلهي والإله يحبه

به يفتح الله الحصون الأوابيا

فخص لها دون البرية كلها

علياً وسماه الولي المؤاخيـا(4)

والبيت الأوسط حسب رواية المفيد كما يلي:

____________

1- الآية 18 من سورة الفتح.

2- الآية 18 من سورة الفتح.

3- كفاية الطالب (ط الغري) ص120 عن الخوارزمي، وراجع: بحار الأنوار ج36 ص121 والمناقب للخوارزمي ص276 وكشف الغمة ج1 ص311 وغاية المرام ج4 ص288.

4- الفصول المهمة لابن الصباغ ص19 و (ط دار الحديث) ج1 ص217 والإرشاد للمفيد ج1 ص64 و 128 وبحار الأنوار ج21 ص16 ورسائل المرتضى ج4 ص104 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص320 ومصادر كثيرة أخرى.

٧٤

وقال سأعطي الراية اليوم صارماً

كمياً محباً للرسول مواليـا(1)

وجاء في خطبة الإمام الحسن (عليه‌السلام ) بعد شهادة أمير المؤمنين (عليه‌السلام )، قوله: منها قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. ويقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتى يفتح الله عليه(2) .

____________

1- الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص128 ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص320 ومناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) للكوفي ج2 ص499 وروضة الواعظين ص131 ورسائل المرتضى ج4 ص106 وبحار الأنوار ج21 ص16 وج39 ص16وج41 ص87 وإعلام الورى ج1 ص365 والدر النظيم ص176 و 398.

2- راجع: خصائص أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) للنسائي ص61 وينابيع المودة (ط إسلامبول) ص208 و (ط دار الأسوة) ج2 ص212 والثقات لابن حبان ج2 ص303 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص112 والذرية الطاهرة النبوية للدولابي ص114 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص412 وج15 ص632 وج16 ص250 وج21 ص480 وج23 ص123 وج26 ص487 وج30 ص181 وج31 ص284 وج32 ص266.

٧٥

٧٦

الفصل السادس:

فدك.. وحديث رد الشمس..

٧٧

٧٨

حدود فدك:

فدك: قرية بالحجاز ـ بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة ـ أفاءها الله على رسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في سنة سبع للهجرة صلحاً، فكانت خالصة له (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). وفيها عين فوارة، ونخل كثير.

روى عبد الله بن حماد الأنصاري: أن دخْلها كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة(1) .

وفي رواية غيره: سبعين ألف دينار(2) .

حديث فدك:

زعموا: أن أهل فدك لما سمعوا ما جرى في فتح حصن الناعم في خيبر

____________

1- بحار الأنوار ج17 ص379 وج29 ص116 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص117 و 118 واللمعة البيضاء ص300 والخرائج والجرائح ج1 ص113.

2- كشف المحجة ص124 وسفينة البحار ج7 ص45 وبحار الأنوار ج29 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص118 واللمعة البيضاء ص300.

٧٩

انصاعوا للصلح، رغم أنهم كانوا قد ترددوا في بادئ الأمر، فارسلوا إلى النبي جماعة منهم، فبعد القيل والقال صالحوه على أن لهم نصف أرضها، وللنبي النصف الآخر، فلما أجلاهم عمر، هم وأهل خيبر إلى الشام اشترى منهم حصتهم بمال من بيت المال(1) .

وفي نص آخر: لما سمعوا ما فعل المسلمون بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول الله يسألونه أن يسيرهم أيضاً، ويتركوا الأموال، ففعل(2) .

وهذا هو قول ابن اسحاق.

ونقول:

أولاً: لا صحة لما زعموه، من أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) صالحهم على نصف أرضهم، ثم اشترى عمر منهم النصف الآخر..

____________

1- تاريخ الخميس ج2 ص58 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص760 واللمعة البيضاء ص297 و 300 وراجع: السقيفة وفدك للجوهري ص99 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص210 و 211 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص194 وفتوح البلدان ج1 ص33 والكامل في التاريخ ج2 ص225.

2- تاريخ الخميس ج2 ص58 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص421 وبحار الأنوار ج21 ص6 والدرر لابن عبد البر ص201 ومجمع البيان ج9 ص203 وتفسير البغوي ج4 ص197 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص302 والكامل في التاريخ ج2 ص221 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص800 واللمعة البيضاء ص297 ومعجم ما استعجم ج2 ص523.

٨٠