موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٥

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 360

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
تصنيف: الصفحات: 360
المشاهدات: 156515
تحميل: 6547


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156515 / تحميل: 6547
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

2247 - المصنّف، عن عبد الله بن عبيد بن عمير: إنّ الأشتر وابن الزبير التقيا، فقال ابن الزبير: فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستّاً - قال: ثُمّ قال: - و ألقاني برجلي (1) .

ثُمّ قال: والله لولا قرابتك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما تركت منك عضواً مع صاحبه (2) .

2248 - تاريخ دمشق، عن زهير بن قيس: دخلت مع ابن الزبير الحمّامَ، فإذا في رأسه ضربة لو صُبّ فيها قارورة من دهن لاستقرّت.

قال: تدري مَن ضربني هذه؟ قلتُ: لا، قال: ضربَنيها ابن عمّك الأشتر (3) .

9 / 11 قتل طلحة بِيَد مروان

2249 - الفتوح: جعل طلحة ينادي بأعلى صوته: عباد الله، الصبر الصبر، إنّ بعد الصبر النصر والأجر، فنظر إليه مروان بن الحكم، فقال لغلام له: ويلك يا غلام، والله إنّي لأعلم أنّه ما حرّض على قتل عُثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة، ولا قتله سواه! ولكن استرّني فأنت حُرّ ; فستره الغلام.

ورمى مروان بسهم مسموم لطلحة بن عبيد الله، فأصابه به، فسقط طلحة لما به وقد غُمي عليه، ثُمّ أفاق، فنظر إلى الدم يسيل منه، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أظنّ والله أنّنا عُنينا بهذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ إذ يقول: ( وَاتَّقُوا

____________________

(1) كذا في المصدر، وفي العُقد الفريد وجواهر المطالب: (ثُمّ أخذ برجلي، فألقاني في الخندق).

(2) المُصنَّف لابن أبي شيبة: 8 / 707 / 10، وج 7 / 260 / 71، جواهر المطالب: 2 / 22، العُقد الفريد: 1 / 112، وج 3 / 324، النجوم الزاهرة: 1 / 105، الكُنى والألقاب: 2 / 30 نحوه.

(3) تاريخ دمشق: 56 / 383، النجوم الزاهرة: 1 / 105، الكنى والألقاب: 2 / 30.

٢٤١

فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَـلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (1) (2) .

2250 - الجَمل، عن ابن أبي عون: سمعت مروان بن الحكم يقول: لمّا كان يوم الجَمل قُلت: والله لأُدركنّ ثار عثمان، فرميتُ طلحة بسهم فقطعت نساه، وكان كلّما سُدّ الموضع غلب الدم وألّمه، فقال لغلامه: دَعه فهو سهم أرسله الله إليّ.

ثُمّ قال له: ويلك! اطلب لي موضعاً أحترز فيه، فلم يجد له مكاناً، فاحتمله عبيد الله بن معمّر فأدخله بيت أعرابيّة، ثُمّ ذهب فصبر هنيّة ورجع، فوجده قد مات (3) .

9 / 12 استمرار الحرب بقيادة عائشة

2251 - تاريخ الطبري، عن محمّد وطلحة: كان القتال الأوّل يستحرّ إلى انتصاف النهار، وأُصيب فيه طلحة، وذهب فيه الزبير، فلمّا أووا إلى عائشة وأبى أهل الكوفة إلاّ القتال، ولم يُريدوا إلاّ عائشة، ذَمَرتهم (4) عائشة.

فاقتتلوا حتى تنادوا فتحاجزوا، فرجعوا بعد الظُهر فاقتتلوا، وذلك يوم الخميس في جمادى الآخرة، فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة والزبير، وفي وسطه

____________________

(1) الأنفال: 25.

(2) الفتوح: 2 / 478.

(3) الجمل: 389، وراجع شرح الأخبار: 1 / 403 / 352، والطبقات الكبرى: 3 / 223، والمعجم الكبير: 1 / 113 / 201، وأنساب الأشراف: 3 / 43، وتاريخ المدينة: 4 / 1170، وتاريخ الإسلام للذهبي: 3 / 486 وص 528، وتاريخ الطبري: 4 / 509، والكامل في التاريخ: 2 / 337.

(4) الذَّمْر: اللوم والحضّ معاً (لسان العرب: 4 / 311).

٢٤٢

مع عائشة (1) .

2252 - تاريخ الطبري، عن الشعبي: حملت ميمنة أمير المؤمنين على ميسرة أهل البصرة، فاقتتلوا ولاذ الناس بعائشة، أكثرهم ضبّة والأزد. وكان قتالهم من ارتفاع النهار إلى قريب من العصر، ويُقال: إلى أن زالت الشمس، ثُمّ انهزموا (2) .

راجع: احتلال البصرة / استبصار أبي بكرة لمّا رأى عائشة تأمر وتنهى.

9 / 13 قصّة رجل مصطلم الأُذن

2253 - مُروج الذهب: ذكر المدائني أنّه رأى بالبصرة رجلاً مُصطلم (3) الأُذن، فسأله عن قصّته، فذكر أنّه خرج يوم الجمل ينظر إلى القتلى، فنظر إلى رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه، وهو يقول:

لقد أورَدَتنا حومةَ الموت أُمُّنا فلَم تَنصرِف إلاّ ونحنُ رواءُ

أطَـعنا بَني تَيم لشقوةِ جدّنا ومـا تَـيمُ إلاّ أعـبدٌ وإماءُ

فقلت: سبحان الله! أتقول هذا عند الموت؟! قل: لا إله إلاّ الله. فقال: يابن اللخنّاء، إيّي تأمر بالجزع عند الموت!! فولّيت عنه متعجّباً منه، فصاح بي اُدنُ منّي ولقّنّي الشهادة، فصِرتُ إليه، فلمّا قربت منه استدناني، ثُمّ التقم أُذني فذهب بها، فجعلت ألعنه وأدعو عليه. فقال: إذا صرتَ إلى أُمّك، فقالت: مَن فعل هذا بك؟ فقل: عمير بن الأهلب الضبّي، مخدوع المرأة التي أرادت أن تكون

____________________

(1) تاريخ الطبري: 4 / 514، وراجع الكامل في التاريخ: 2 / 338.

(2) تاريخ الطبري: 4 / 512.

(3) الاصْطِلام: الاستئصال، وهو افتعال من الصَّلم: وهو القطع المستأصل (مجمع البحرين: 2 / 1046).

٢٤٣

أمير المؤمنين (1) .

9 / 14 عقر الجمل وتفرّق أصحابه

2254 - الأخبار الطوال: لمّا رأى عليّ لوث (2) أهل البصرة بالجمل، وأنّهم كلّما كُشفوا عنه عادوا فلاثوا به، قال لعمّار وسعيد بن قيس وقيس بن سعد بن عبادة والأشتر وابن بديل ومحمّد بن أبي بكر وأشباههم من حُماة أصحابه: (إنّ هؤلاء لا يزالون يُقاتلون ما دام هذا الجمل نُصب أعينهم، ولو قد عُقر فسقط لم تثبت له ثابتة).

فقصدوا بذوي الجدّ من أصحابه قصد الجمل حتى كشفوا أهل البصرة عنه، وأفضى إليه رجل من مراد الكوفة يقال له: أعين بن ضبيعة، فكشف عرقوبه (3) بالسيف، فسقط وله رغاء، فغرق في القتلى (4) .

2255 - الجمل، عن محمّد ابن الحنفيّة: ثُمّ تقدّم [أبي] بين يديّ وجرّد سيفه وجعل يضرب به، ورأيته وقد ضرب رجلاً فأبان زنده، ثُمّ قال: (ألزم رايتك يا بنيّ، فإنّ هذا استكفاء)، فرمقتُ لصوت أبي ولحظته، فإذا هو يورد السيف ويصدره ولا أرى فيه دماً، وإذا هو يسرع إصداره فيسبق الدم.

وأحدقنا بالجمل، وصار القتال حوله، واضطربنا أشدّ اضطراب رآه راءٍ، حتى

____________________

(1) مُروج الذهب: 2 / 379، تاريخ الطبري: 4 / 523، أنساب الأشراف: 3 / 60 نحوه، وكلاهما عن أبي رجاء، وراجع الكامل في التاريخ: 2 / 344.

(2) لاث بالشيء: إذا أطاف به، وفلان يلوث بي: أي يلوذ بي (لسان العرب: 2 / 187).

(3) العُرقوب: هو الوَتَر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع (النهاية: 3 / 221).

(4) الأخبار الطوال: 150.

٢٤٤

ظننت أنّه القَتل، فصاح أبي (عليه السلام): (يابن أبي بكر اقطع البِطان)، فقطعه، وألقى الهودج، فكأنّ - والله - الحرب جمرة صبّ عليها الماء (1) .

2256 - مُروج الذهب: بعث [عليّ (عليه السلام) ] إلى ولده محمّد ابن الحنفيّة - وكان صاحب رايته -: (اِحمل على القوم)، فأبطأ محمّد بحملته، وكان بإزائه قوم من الرُماة ينتظر نفاد سِهامهم، فأتاه عليّ، فقال: (هلاّ حملتَ؟)

فقال: لا أجد مُتقدّماً إلاّ على سهم أو سنان، وإنّي مُنتظر نفاد سهامهم وأحمل.

فقال له: (اِحمل بين الأسِنّة ; فإنّ للموت عليك جُنّة).

فحمل محمّد، فشكّ بين الرماح والنشاب، فوقف، فأتاه عليّ فضربه بقائم سيفه وقال: (أدركك عِرقٌ من أُمّك)، وأخذ الراية وحمل، وحمل الناس معه، فما كان القوم إلاّ كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف (2) .

2257 - الجَمل، عن محمّد ابن الحنفيّة: نظرتُ إلى أبي يُفرج الناس يميناً وشمالاً، ويسوقهم أمامه...، حتى انتهى إلى الجمل وحوله أربعة آلاف مُقاتل من بني ضبّة والأزد وتميم وغيرهم، فصاح: (اقطعوا البِطان)، فأسرع محمّد بن أبي بكر فقطعه، واطّلع على الهودج، فقالت عائشة: مَن أنت؟

فقال: أبغض أهلكِ إليكِ.

قالت: ابن الخثعميّة؟

قال: نعم، ولم تكن دون أُمّهاتكِ.

____________________

(1) الجمل: 360، وراجع ص 374 و375، ومُروج الذهب: 2 / 375.

(2) مُروج الذهب: 2 / 375.

٢٤٥

قالت: لعمري، بل هي شريفة، دَع عنك هذا، الحمد لله الذي سلّمك.

قال: قد كان ذلك ما تكرهين.

قالت: يا أخي لو كرهته ما قلتُ ما قلت.

قال: كنتِ تُحبّين الظفر وأنّي قتلت.

قالت: قد كنت أُحبّ ذلك، لكن لمّا صرنا إلى ما صُرنا إليه أحببتُ سلامتك ; لقرابتي منك، فاكفف ولا تعقّب الأُمور، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة، فإنّ أباك لم يكن لومة ولا عذلة.

وجاء عليّ (عليه السلام)، فقرع الهودج برمحه، وقال: (يا شُقيراء، أبهذا أوصاك رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟!)

قالت: يابن أبي طالب قد ملكتَ فأسجِح (1) .

وجاءها عمّار، فقال لها: يا أُمّاه! كيف رأيت ضرب بنيك اليوم دون دينهم بالسيف؟ فصمتت ولم تُجِبه.

وجاءها مالك الأشتر، وقال لها: الحمد لله الذي نصر وليّه، وكبت عدوّه، ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطِـلَ كَانَ زَهُوقًا ) (2) ، فكيف رأيتِ صنع الله بك يا عائشة؟

فقالت: مَن أنت ثكلتك أُمّك؟

فقال: أنا ابنكِ الأشتر.

____________________

(1) أي قدَرْت فسهّل وأحسن العفو، وهو مَثَل سائر (النهاية: 2 / 342).

(2) الإسراء: 81.

٢٤٦

قالت: كذبت، لستُ بأُمّك.

قال: بلى، وإن كرهتِ.

فقالت: أنت الذي أردت أن تُثكل أُختي أسماء ابنها؟

فقال: المعذرة إلى الله ثُمّ إليكِ، والله إنّي لولا كُنت طاوياً ثلاثةً لأرحتُكِ منه. وأنشأ يقول، بعد الصلاة على الرسول:

أعائشُ لولا أنّني كنتُ طاوياً ثلاثاً لَغادَرتِ ابن أُختكِ هالكا

غَداةَ يُنادي والرماحُ تَنوشهُ بآخرِ صوتٍ اُقتلوني ومالِكا

فبكت وقالت: فَخَرتُم وغلبتُم، ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا ) (1) .

ونادى أمير المؤمنين (عليه السلام) محمّداً فقال: (سَلها: هل وصل إليها شيء من الرماح والسهام؟)، فسألها، فقالت: نعم، وصل إليّ سهم خدش رأسي وسلمتُ منه، يحكم الله بيني وبينكم.

فقال محمّد: والله، ليحكمنّ الله عليكِ يوم القيامة، ما كان بينكِ وبين أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى تخرجي عليه؟! وتؤلّبي الناس على قتاله، وتنبذي كتاب الله وراء ظهركِ!!

فقالت: دعنا يا محمّد، وقُل لصاحبك يحرسني.

قال: والهودج كالقنفذ مِن النبل، فرجعتُ إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأخبرته بما جرى بيني وبينها، وما قلتُ وما قالت. فقال (عليه السلام): (هي امرأة، والنساء ضعاف العُقول، تولَّ أمرها، واحملها إلى دار بني خلف حتى ننظر في أمرها)، فحملتها إلى

____________________

(1) الأحزاب: 38.

٢٤٧

الموضع، وإنّ لسانها لا يفتر عن السبّ لي ولعليّ (عليه السلام)، والترحّم على أصحاب الجمل (1) .

2258 - الجمل: لمّا تفرّق الناس عن الجمل أشفق أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يعود إليه فتعود الحرب، فقال: (عَرقِبوا (2) الجَمل)، فتبادر إليه أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فعرقبوه، ووقع لجنبه، وصاحت عائشة صيحة أسمعت من في العسكرين (3) .

2259 - تاريخ الطبري، عن ميسرة أبي جميلة: إنّ محمّد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر أتيا عائشة، وقد عُقر الجمل، فقطعا غُرضة (4) الرحل، واحتملا الهودج فنحّياه، حتى أمرهما عليّ فيه أمره بعد، قال: (أدخلاها البصرة)، فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعي (5) .

9 / 15 مدّة الحَرب

2260 - تاريخ اليعقوبي: كانت الحرب أربع ساعات من النهار، فروى بعضهم أنّه

____________________

(1) الجمل: 368، وراجع الأمالي للمفيد: 24 / 8، والمناقب لابن شهر آشوب: 3 / 161، وتاريخ الطبري: 4 / 519 وص 533، والأخبار الطوال: 151، ونهاية الإرب: 2 / 78.

(2) تعرقبها: تقطع عرقوبها، والعرقوب هو الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع (النهاية: 3 / 221).

(3) الجَمل: 350، تاريخ الطبري: 4 / 519، الكامل في التاريخ: 2 / 343 كلاهما نحوه، وراجع مُروج الذهب: 2 / 376، والأخبار الطوال: 150، وشرح نهج البلاغة: 1 / 262، والإمامة والسياسة: 1 / 98.

(4) الغَرْض: حزام الرحل، والغُرضة كالغَرْض (لسان العرب: 7 / 193).

(5) تاريخ الطبري: 4 / 533، وراجع الكامل في التاريخ: 2 / 346، والبداية والنهاية: 7 / 245، والفتوح: 2 / 485.

٢٤٨

قُتل في ذلك اليوم نيّف وثلاثون ألفاً (1) .

2261 - أنساب الأشراف: كانت الحرب من الظُهر إلى غروب الشمس (2) .

2262 - تاريخ الطبري، عن عوانة: اقتتلوا يوم الجمل يوماً إلى الليل، فقال بعضهم:

شَفَي السيفُ مِن زيد وهند نُفوسَنا شِفاءً ومِن عَينَي عديّ بنِ حاتَمِ

صَبرنا لَهم يوماً إلي الليل كلّه بصُمّ القَنا والمُرهفات الصوارم (3)

راجع: استمرار الحرب بقيادة عائشة.

9 / 16 كلام الإمام عند تطوافه على القتلى

2263 - الإرشاد: ومن كلامه [عليٍّ] (عليه السلام) عند تطوافه على قتلى الجمل: (هذه قريش، جَدَعت أنفي، وشفيتُ نفسي، لقد تقدّمتُ إليكم أُحذّركم عضّ السيوف، وكُنتم أحداثاً لا عِلم لكم بما ترون، ولكنّه الحين، وسوء المَصرع، فأعوذ بالله من سوء المَصرع).

ثُمّ مرّ على معبد بن المقداد، فقال: (رحم الله أبا هذا، أما إنّه لو كان حيّاً لكان رأيه أحسن من رأي هذا).

فقال عمّار بن ياسر: الحمد لله الذي أوقعه، وجعل خدّه الأسفل، إنّا والله - يا أمير المؤمنين - ما نُبالي مَن عَنَدَ عن الحقّ من ولد ووالد.

فقال أمير المؤمنين:

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي: 2 / 183.

(2) أنساب الأشراف: 3 / 38.

(3) تاريخ الطبري: 3 / 531.

٢٤٩

(رحمك الله وجزاك عن الحقّ خيراً).

قال: ومرّ بعبد الله بن ربيعة بن درّاج - وهو في القتلى - فقال: (هذا البائس، ما كان أخرجه؟! أدينٌ أخرجه، أم نصرٌ لعثمان؟! والله ما كان رأي عثمان فيه ولا في أبيه بِحَسن).

ثُمّ مرّ بمعبد بن زهير بن أبي أُميّة، فقال: (لو كانت الفتنة برأس الثريّا لتناولها هذا الغُلام، والله ما كان فيها بذي نحيزة (1) ، ولقد أخبرني مَن أدركه وإنّه ليُولول فَرَقاً من السيف).

ثُمّ مرّ بمسلم بن قرظة، فقال: (البِرّ أخرج هذا، والله، لقد كلّمني أن أُكلّم له عثمان في شيء كان يدّعيه قبله بمكّة، فأعطاه عثمان، وقال: لولا أنت ما أعطيته، إنّ هذا - ما علمت - بئس أخو العشيرة، ثُمّ جاء المشوم للحين ينصر عثمان).

ثُمّ مرّ بعبد الله بن حميد بن زهير، فقال: (هذا أيضاً ممّن أوضع في قتالنا، زعم يطلب الله بذلك، ولقد كتب إليّ كُتباً يؤذي فيها عثمان، فأعطاه شيئاً، فرضي عنه).

ومرّ بعبد الله بن حكيم بن حزام، فقال: (هذا خالف أباه في الخروج، وأبوه حيث لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا، وإن كان قد كَفّ وجلس حيث شكّ في القتال، وما ألوم اليوم مَن كفّ عنّا وعن غيرنا، ولكن المليم الذي يُقاتلنا).

ثُمّ مرّ بعبد الله بن المغيرة بن الأخنس، فقال: (أمّا هذا، فقُتل أبوه يوم قُتل عثمان في الدار، فخرج مُغضباً لمَقتل أبيه، وهو غُلام حَدث حُيّن لقتله).

ثُمّ مرّ بعبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق، فقال: (أمّا هذا فإنّي أنظر

____________________

(1) النحيزة: الطبيعة (مجمع البحرين: 3 / 1759).

٢٥٠

إليه - وقد أخذ القومَ السيوفُ - هارباً يعدو من الصفّ، فنَهنهتُ (1) عنه، فلم يسمع من نهنهتُ حتى قتله. وكان هذا ممّا خفيَ على فتيان قريش، أغمار (2) لا علم لهم بالحرب، خُدعوا واستُزلّوا، فلمّا وقفوا وقعوا فقُتلوا).

ثُمّ مشى قليلاً، فمرّ بكعب بن سور (3) ، فقال: (هذا الذي خرج علينا في عُنقه المصحف، يزعم أنّه ناصر أُمّه، يدعو الناس إلى ما فيه وهو لا يعلم ما فيه، ثُمّ استفتح وخاب كلّ جبّار عنيد (4) . أما إنّه دعا الله أن يقتلني، فقتله الله، أجلسوا كعب بن سور، فأُجلس، فقال أمير المؤمنين: يا كعب، قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّاً؟ ثُمّ قال: أضجعوا كعباً).

ومرّ على طلحة بن عبيد الله، فقال: (هذا الناكث بيعتي، والمُنشئ الفتنة في الأُمّة، والمُجلب عليّ، الداعي إلى قتلي وقتل عترتي، أجلسوا طلحة، فأُجلس، فقال أمير المؤمنين: يا طلحة بن عبيد الله، قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقّاً، فهل وجدتَ ما وعد ربّك حقّاً؟ ثُمّ قال: أضجعوا طلحة)، وسار، فقال له بعض مَن كان معه: يا أمير المؤمنين، أتُكلّم كعباً وطلحة بعد قتلهما؟!

قال: (أمَ والله، إنّهما لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب (5) كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

____________________

(1) نهنهتَ: إذا صحتَ به لتكفّه (مجمع البحرين: 3 / 1841).

(2) أغمار: جمع غمر: الذي لم يجرّب الأُمور (المحيط في اللغة: 5 / 81).

(3) كعب بن سور من بني لقيط، قُتل يوم الجمل، كان يخرج بين الصَفّين معه المصحف يدعو إلى ما فيه، فجاءه سهم غرب فقتله، ولاّه عُمر بن الخطّاب قضاء البصرة بعد أبي مريم (الجرح والتعديل: 7 / 162 / 912).

(4) إشارة للآية 15 من سورة إبراهيم.

(5) القليب: البئر التي لم تُطوَ (النهاية: 4 / 98)، وأشار (عليه السلام) إلى كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في غزوة بدر مع قتلى قريش الذين طُرحوا في البئر (راجع السيرة النبوية لابن هشام: 2 / 292).

٢٥١

يوم بدر) (1) .

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 254، الجمل: 391 نحوه مع تقديم وتأخير، بحار الأنوار: 32 / 207 / 163، وراجع تصحيح الاعتقاد: 93، والشافي: 4 / 344، والاحتجاج: 1 / 381 / 73 و74، وشرح نهج البلاغة: 1 / 248.

٢٥٢

الفصل العاشر

بَعدَ الظفَر

10 / 1 الكرامة

2264 - الإمام الباقر (عليه السلام): (أمر عليّ (رضى الله عنه) مُناديه، فنادى يوم البصرة: (لا يُتبع مُدبِر، ولا يُذفَّف (1) على جريح، ولا يُقتل أسير، ومَن أغلق بابه فهو آمن، ومَن ألقى سلاحه فهو آمن)، ولم يأخذ من متاعهم شيئاً) (2) .

2265 - الأخبار الطوال: نادى عليّ (رضي الله عنه) في أصحابه: (لا تتّبعوا مولّياً، ولا تُجهزوا على جريح، ولا تنتهبوا مالاً، ومَن ألقى سلاحه فهو آمِن، ومَن أغلق بابه فهو آمِن) (3) .

____________________

(1) الذفّ: الإجهاز على الجريح (الصحاح: 4 / 1362).

(2) السنن الكبرى: 8 / 314 / 16747، المصنَّف لابن أبي شيبة: 8 / 718 / 60 كلاهما عن حفص بن غياث، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وراجع الأمالي للمفيد: 25 / 8.

(3) الأخبار الطوال: 151، تاريخ اليعقوبي: 2/183، شرح الأخبار: 1/395/334 عن أبي البختري، وكلاهما نحوه، وراجع فتح الباري: 13 / 57، والعُقد الفريد: 3 / 327.

٢٥٣

2266 - الجمل، عن معاذ بن عبيد الله التميمي: فوَالله، لقد رأيت أصحاب عليّ (عليه السلام) وقد وصلوا إلى الجمل، وصاح منهم صائح: اعقروه، فعقروه فوَقع.

فنادى عليّ (عليه السلام): (من طرح السلاح فهو آمن، ومَن دخل بيته فهو آمن).

فوَالله، ما رأيت أكرم عفواً منه (1) .

2267 - شرح الأخبار، عن موسى بن طلحة بن عبيد الله - وكان فيمن أُسر يوم الجمل، وحُبس مع من حُبس من الأُسارى بالبصرة -: كنت في سجن عليّ بالبصرة، حتى سمعت المُنادي ينادي: أين موسى بن طلحة بن عبيد الله؟ فاسترجعتُ واسترجع أهل السجن، وقالوا: يَقتلك.

فأخرجني إليه، فلمّا وقفت بين يديه قال لي: (يا موسى)، قلت: لبّيك يا أمير المؤمنين.

قال: (قل، أستغفر الله وأتوب إليه ثلاث مرّات)، فقلت: أستغفر الله وأتوب إليه - ثلاث مرّات - فقال لمَن كان معي من رُسله: (خلّوا عنه)، وقال لي: (اذهب حيث شئت، وما وجدتَ لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه، واتّقِ الله فيما تستقبله من أمرك، واجلس في بيتك)، فشكرتُ له وانصرفت (2) .

2268 - الإمام زين العابدين (عليه السلام): (دخلت على مروان بن الحكم، فقال: ما رأيت أحداً أكرم غلبة من أبيك، ما هو إلاّ أن ولينا يوم الجمل، فنادى مُناديه: لا يُقتل

____________________

(1) الجمل: 365، وراجع الأمالي للمفيد: 25 / 8، وتاريخ اليعقوبي: 20 / 183، وشرح الأخبار: 1 / 295 / 281، ومروج الذهب: 2 / 378، والأخبار الطوال: 151.

(2) شرح الأخبار: 1 / 389 / 331، المناقب لابن شهر آشوب: 2 / 114، وفيه: من (قل: استغفر الله...) .

٢٥٤

مدبر، ولا يُذفّف على جريح) (1) .

10 / 2 إصدار العفو العامّ

2269 - أنساب الأشراف: قام عليّ - حين ظهر وظفر - خطيباً فقال: (يا أهل البصرة، قد عفوت عنكم، فإيّاكم والفتنة، فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة، وشقّ عصا الأُمّة)، ثُمّ جلس وبايعه الناس (2) .

2270 - الإرشاد: ومن كلامه [عليّ (عليه السلام) ] بالبصرة، حين ظهر على القوم، بعد حمد الله والثناء عليه:

(أمّا بعد، فإنّ الله ذو رحمة واسعة، ومغفرة دائمة، وعفو جمّ، وعقاب أليم، قضي أنّ رحمته ومغفرته وعفوه لأهل طاعته من خلقه، وبرحمته اهتدى المهتدون، وقضى أنّ نقمته وسطواته وعقابه على أهل معصيته من خلقه، وبعد الهدى والبيّنات ما ضلّ الضالّون، فما ظنّكم - يا أهل البصرة - وقد نكثتم بيعتي، وظاهرتم عليّ عدوّي؟)

فقام إليه رجل فقال: نظنّ خيراً، ونراك قد ظفرت وقدرت، فإن عاقبت فقد

____________________

(1) السُنن الكبرى: 8 / 314 / 16746 عن إبراهيم بن محمّد، عن الإمام الصادق، عن أبيه (عليهما السلام)، فتح الباري: 13 / 57، أنساب الأشراف: 3 / 57 عن أنس بن عياض نحوه، المبسوط: 7 / 264 كلاهما عن الإمام الصادق، عن أبيه (عليهما السلام)، وفيه: (يدنف) بدل (يذفف)، وراجع الطبقات الكبرى: 5 / 93، والبداية والنهاية: 7 / 245 والإمامة والسياسة: 1 / 97.

(2) أنساب الأشراف: 3 / 58.

٢٥٥

اجترمنا ذلك، وإن عفوت فالعفو أحبّ إلى الله.

فقال: (قد عفوت عنكم، فإيّاكم والفتنة، فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة، وشقّ عصا هذه الأُمّة).

قال: ثُمّ جلس للناس فبايعوه (1) .

10 / 3 الاعتذار من الإمام

2271 - الجَمل، عن هاشم بن مساحق القرشي: حدّثني أبي أنّه لمّا انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحكم، فقال بعضهم لبعض: والله لقد ظلمْنا هذا الرجل - يعنون أمير المؤمنين (عليه السلام) - ونَكثنا بيعته من غير حَدَث، والله لقد ظهر علينا، فما رأينا قطّ أكرم سيرةً منه، ولا أحسن عفواً بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقوموا حتّى ندخل عليه ونعتذر إليه ممّا صنعناه.

قال: فصُرنا إلى بابه، فاستأذنّاه فأذن لنا، فلمّا مثُلنا بين يديه جعل متكلّمنا يتكلّم.

فقال (عليه السلام): (أنصتوا أكفِكم، إنّما أنا بشر مثلُكم، فإن قُلتُ حقّاً فصدّقوني، وإن قلت باطلاً فردّوا عليّ.

أُنشدكم الله، أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا قُبض كُنت أنا أولى الناس به وبالناس من بعده؟ قلنا: اللّهمّ نعم.

____________________

(1) الإرشاد: 1 / 257، الجمل: 407 عن الحارث بن سريع نحوه، بحار الأنوار: 32 / 230 / 182، وراجع الأخبار الطوال: 151.

٢٥٦

قال: فعدلتم عنّي وبايعتم أبا بكر، فأمسكتُ ولم أُحبّ أن أشقّ عصا المسلمين، وأُفرّق بين جماعتهم، ثُمّ إنّ أبا بكر جعلها لعُمر من بعده فكففتُ، ولم أُهِج الناس، وقد علمتُ أنّي كنت أولى الناس بالله وبرسوله وبمقامه، فصبرتُ حتّى قُتل عُمر، وجعلني سادس ستّة، فكففت ولم أُحبّ أن أُفرّق بين المسلمين، ثُمّ بايعتم عثمان، فطعنتم عليه فقتلتموه، وأنا جالس في بيتي، فأتيتموني وبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر، فما بالكم وفيتم لهما ولم تفوا لي؟! وما الذي منعكم من نكث بيعتهما ودعاكم إلى نكث بيعتي؟!)

فقلنا له: كن يا أمير المؤمنين كالعبد الصالح يوسف إذ قال: ( لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) (1) .

فقال (عليه السلام): (لا تثريب عليكم اليوم، وإنّ فيكم رجلاً لو بايعني بيده لنكث بأسته - يعني مروان بن الحكم -) (2) .

10 / 4 مُناقشات بين عمّار وعائشة

2272 - تاريخ الطبري، عن أبي يزيد المديني: قال عمّار بن ياسر لعائشة حين فرغ القوم: يا أُمّ المؤمنين، ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عُهد إليكِ!

قالت: أبو اليقظان؟ قال: نعم.

قالت: والله، إنّك - ما علمتُ - قوّالٌ بالحقّ. قال: الحمد لله الذي قضى لي

____________________

(1) يوسف: 92.

(2) الجمل: 416، الأمالي للطوسي: 506 / 1109، شرح الأخبار: 1 / 392 / 333 عن هشام بن مساحق، وكلاهما نحوه، بحار الأنوار: 32 / 262 / 200.

٢٥٧

على لسانكِ (1) .

2273 - الأمالي للطوسي، عن موسى بن عبد الله الأسدي: لمّا انهزم أهل البصرة أمر عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أن تُنزل عائشة قصر أبي خلف، فلمّا نزلت جاءها عمّار بن ياسر، فقال لها: يا أُمّت، كيف رأيتِ ضرب بنيك دون دينهم بالسيف؟

فقالت: استبصرت يا عمّار من أجل أنّك غلبت.

قال: أنا أشدّ استبصاراً من ذلك، أما والله، لو ضربتمونا حتّى تبلغونا سعفات هَجر لَعلمنا أنّا على الحقّ، وأنّكم على الباطل.

فقالت له عائشة: هكذا يُخيّل إليك، اتّقِ الله يا عمّار، فإنّ سنّك قد كبر، ودقّ عظمك، وفنى أجلك، وأذهبت دينك لابن أبي طالب.

فقال عمّار: إنّي والله، اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فرأيت عليّاً أقرأهم لكتاب الله عزّ وجلّ، وأعلمهم بتأويله، وأشدّهم تعظيماً لحرمته، وأعرفهم بالسنّة، مع قرابته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وعظم عنائه وبلائه في الإسلام. فسكتت ْ (2) .

10 / 5 مناقشات بين ابن عبّاس وعائشة

2274 - تاريخ اليعقوبي: وجّه [عليّ (عليه السلام) ] ابن عبّاس إلى عائشة يأمرها بالرجوع، فلمّا دخل عليها ابن عبّاس قالت: أخطأت السُنّة يابن عبّاس مرّتين: دخلتَ بيتي بغير إذني، وجلست على متاعي بغير أمري.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 4 / 545، الكامل في التاريخ: 2 / 348، فتح الباري: 13 / 58 كلاهما نحوه.

(2) الأمالي للطوسي: 143 / 233، بشارة المصطفى: 281، وفيه: (ابن أبي خلف) بدل (أبي خلف).

٢٥٨

قال: نحن علّمنا إيّاكِ السُنّة، إنّ هذا ليس ببيتكِ، بيتكِ الذي خلّفك رسول الله به، وأمركِ القرآن أن تَقرّي فيه (1) .

2275 - مُروج الذَهب: بعث [عليّ (عليه السلام) ] بعبد الله بن عبّاس إلى عائشة يأمرها بالخروج إلى المدينة، فدخل عليها بغير إذنها، واجتذب وسادة فجلس عليها.

فقالت له: يابن عبّاس، أخطأت السنّة المأمور بها، دخلت إلينا بغير إذننا، وجلست على رحلنا بغير أمرنا.

فقال لها: لو كنتِ في البيت الذي خلّفك فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما دخلنا إلاّ بإذنكِ، وما جلسنا على رحلكِ إلاّ بأمركِ، وإنّ أمير المؤمنين يأمركِ بسرعة الأوبة، والتأهّب للخروج إلى المدينة.

فقالت: أبيتُ ما قُلتَ، وخالفتُ ما وصفتَ.

فمضى إلى عليّ، فخبّره بامتناعها، فردّه إليها، وقال: إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكِ أن ترجعي، فأنعمت وأجابت إلى الخروج (2) .

2276 - رجال الكشّي، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي: حدّثني بعض أشياخي، قال: لمّا هَزم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أصحاب الجمل، بعث أميرُ المؤمنين (عليه السلام) عبدَ الله بن عبّاس إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل، وقلّة العرْجة (3) .

قال ابن عبّاس: فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة، قال:

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي: 2 / 183، شرح الأخبار: 1 / 390 / 332 عن ابن عبّاس نحوه، بحار الأنوار: 32 / 269 / 210.

(2) مروج الذهب: 2 / 377، العُقد الفريد: 3 / 326 عن ابن عبّاس، الفتوح: 2 / 486 كلاهما نحوه.

(3) العِرْجة: المُقام (لسان العرب: 2 / 321).

٢٥٩

فطلبت الإذن عليها، فلم تأذن، فدخلت عليها من غير إذنها، فإذا بيت قفار لم يعدّ لي فيه مجلس، فإذا هي من وراء سترَين.

قال: فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رَحْلٌ عليه طُنْفُسة (1) ، قال: فمددت الطنفسة فجلست عليها.

فقالت من وراء الستر: يابن عبّاس، أخطأت السنّة، دخلت بيتنا بغير إذننا، وجلست على متاعنا بغير إذننا.

فقال لها ابن عبّاس: نحن أولى بالسنّة منكِ، ونحن علّمناكِ السنّة، وإنّما بيتكِ الذي خلّفكِ فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فخرجتِ منه ظالمةً لنفسك، غاشية لدينك، عاتية على ربّك، عاصية لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فإذا رجعت إلى بيتكِ لم ندخله إلاّ بإذنكِ، ولم نجلس على متاعكِ إلاّ بأمركِ. إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بعث إليكِ يأمركِ بالرحيل إلى المدينة، وقلّة العرجة.

فقالت: رحم الله أمير المؤمنين، ذلك عُمر بن الخَطّاب.

فقال ابن عبّاس: هذا والله أمير المؤمنين، وإن تزبّدت (2) فيه وجوه، ورَغَمت (3) فيه معاطس، أما والله، لهو أمير المؤمنين، وأمسّ برسول الله رَحِماً، وأقرب قرابة، وأقدم سبقاً، وأكثر عِلماً، وأعلى مناراً، وأكثر آثاراً من أبيك ومن عمر.

فقالت: أبيتُ ذلك...

____________________

(1) هي البساط الذي له خَمْل رقيق (النهاية: 3 / 140).

(2) تزبّد الإنسان: إذا غضب وظهر على صماغية زبدتان (لسان العرب: 3 / 193).

(3) يقال رَغِم وأرغَم الله أنفه: أي ألصقه بالرغام، وهو التُراب. هذا هو الأصل. ثُمّ استُعمل في الذُلّ والعَجْز عن الانتصاف والانقياد على كُره (النهاية: 2 / 238).

٢٦٠