موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٥

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 360

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
تصنيف: الصفحات: 360
المشاهدات: 156555
تحميل: 6547


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156555 / تحميل: 6547
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال: ثُمّ نهضتُ وأتيتُ أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأخبرته بمقالتها، وما رددّتُ عليها، فقال: (أنا كنت أعلم بك حيث بعثتُك) (1) .

10 / 6 مُحادثات بين الإمام وعائشة

2277 - تاريخ اليعقوبي - في خبر عائشة -: أتاها عليّ، وهي في دار عبد الله بن خلف الخزاعي، وابنه المعروف بطلحة الطلحات، فقال: (إيهاً يا حميراء! ألم تنتهي عن هذا المسير؟) فقالت: يابن أبي طالب، قدرتَ فأسجِح.

فقال: (اخرُجي إلى المدينة، وارجعي إلى بيتكِ الذي أمركِ رسول الله أن تَقرّي فيه)، قالت: أفعل (2) .

2278 - مُروج الذهب - في خبر عائشة -: جهّزها [عائشة] عليّ وأتاها في اليوم الثاني، ودخل عليها ومعه الحسن والحسين وباقي أولاده وأولاد إخوته وفتيان أهله من بني هاشم وغيرهم من شيعته من همْدان، فلمّا بصرت به النسوان صحنَ في وجهه وقلن: يا قاتل الأحبّة.

فقال: (لو كنتُ قاتل الأحبّة لقتلت مَن في هذا البيت)، وأشار إلى بيت مِن تلك البيوت قد اختفى فيه مروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عامر، وغيرهم.

فضرب من كان معه بأيديهم إلى قوائم سيوفهم لمّا علموا مَن في البيت مخافة أن يخرجوا منه فيغتالوه.

____________________

(1) رجال الكشّي: 1 / 277 / 108.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2 / 183.

٢٦١

فقالت له عائشة - بعد خطب طويل كان بينهما -: إنّي أُحبّ أن أُقيم معك، فأسير إلى قتال عدوّك عند سيرك.

فقال: (بل ارجعي إلى البيت الذي ترككِ فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)).

فسألته أن يؤمّن ابن أُختها عبد الله بن الزبير، فأمّنه، وتكلّم الحسن والحسين في مروان، فأمّنه، وأمّن الوليد بن عُقْبة ووُلد عثمان وغيرهم من بني أُميّة، وأمّن الناس جميعاً.

وقد كان نادى يوم الوقعة: (مَن ألقى سلاحه فهو آمن، ومَن دخل داره فهو آمن) (1) .

2279 - تاريخ الطبري، عن محمّد وطلحة: دخل عليّ البصرة يوم الاثنين، فانتهى إلي المسجد، فصلّى فيه، ثُمّ دخل البصرة، فأتاه الناس، ثُمّ راح إلى عائشة على بغلته، فلمّا انتهى إلى دار عبد الله بن خلف - وهي أعظم دار بالبصرة - وجد النساء يبكين على عبد الله وعثمان - ابني خَلف - مع عائشة، وصفيّة ابنة الحارث مختمرة تبكي.

فلمّا رأته قالت: يا عليّ، يا قاتل الأحبّة، يا مُفرّق الجمع، أيتمَ الله بنيك منك كما أيتمت وُلد عبد الله منه.

فلم يردّ عليها شيئاً، ولم يزل على حاله حتّى دخل على عائشة، فسلّم عليها، وقعد عندها، وقال لها: (جبهتنا صفيّة، أما إنّي لم أرَها منذ كانت جارية حتّى اليوم).

فلمّا خرج عليّ، أقبلت عليه، فأعادت عليه الكلام، فكفّ بغلته، وقال: (أما

____________________

(1) مُروج الذهب: 2 / 377، وراجع دعائم الإسلام: 1 / 394، وتفسير فرات: 111 / 113.

٢٦٢

لَهَمَمْتُ - وأشار إلى الأبواب من الدار - أن أفتح هذا الباب وأقتل مَن فيه، ثُمّ هذا فأقتل من فيه، ثُمّ هذا فأقتل من فيه) - وكان أُناس من الجرحى قد لجؤوا إلى عائشة، فأُخبر عليّ بمكانهم عندها، فتغافل عنهم - فسكتت.

فخرج عليّ، فقال رجل من الأزد: والله، لا تفلتنا هذه المرأة. فغضب وقال: (صه، لا تهتكنّ ستراً، ولا تدخلنّ داراً، ولا تهيجنّ امرأة بأذى، وإن شتمن أعراضكم، وسفّهن أُمراءكم وصُلحاءكم ; فإنّهنّ ضعاف، ولقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهنّ، وإنّهنّ لمشركات، وإنّ الرجل ليكافئ المرأة ويتناولها بالضرب، فيعيَّر بها عقبه من بعده، فلا يبلغنّي عن أحد عَرَض لامرأة، فأُنكّل به شرار الناس) (1) .

10 / 7 إشخاص عائشة إلى المدينة

2280 - مسند ابن حنبل، عن أبي رافع: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لعليّ بن أبي طالب: (إنّه سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ، قال: أنا يا رسول الله؟! قال: نعم، قال: أنا؟ قال: نعم، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمَنِها) (2) .

2281 - الأخبار الطوال - في ذِكر أحداث ما بعد حرب الجمل -: قال [عليّ (عليه السلام) ] لمحمّد بن أبي بكر: (سِر مع أُختك حتّى توصلها إلى المدينة، وعجّل اللحوق بي بالكوفة)، فقال: اعفِني من ذلك يا أمير المؤمنين.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 4 / 539، الكامل في التاريخ: 2 / 347 نحوه، وراجع البداية والنهاية: 7 / 246، والفتوح: 2 / 483.

(2) مسند ابن حنبل: 10 / 343 / 27268، المعجم الكبير: 1 / 332 / 995، فتح الباري: 13 / 55، شرح الأخبار: 1 / 395 / 335 نحوه.

٢٦٣

فقال عليّ: (لا أعفيك منه، وما لك بُدُّ)، فسار بها حتّى أوردها المدينة (1) .

2282 - الجمل: لمّا عزم أمير المؤمنين (عليه السلام) على المسير إلى الكوفة أنفذ إلى عائشة يأمرها بالرحيل إلى المدينة، فتهيّأت لذلك، وأنفذ معها أربعين امرأة ألبسهنّ العمائم والقلانس (2) ، وقلّدهنّ السيوف، وأمرهنّ أن يحفظنها، ويكنَّ عن يمينها وشمالها ومِن ورائها.

فجعلت عائشة تقول في الطريق: اللّهمّ افعل بعليّ بن أبي طالب بما فعل بي، بعث معي الرجال ولم يحفظ بي حُرمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

فلمّا قدمنَ المدينة معها ألقين العمائم والسيوف ودخلنَ معها، فلمّا رأتهنّ ندمت على ما فرّطت بذمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وسبّه.

وقالت: جزى الله ابن أبي طالب خيراً، فلقد حفظ فيّ حُرمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (3) .

10 / 8 نَدم عائشة

2283 - الكامل في التاريخ، عن عائشة - بعد حرب الجمل -: والله، لوددتُ أنّي مِتُّ قبل هذا اليوم بعشرين سَنة (4) .

____________________

(1) الأخبار الطوال: 152.

(2) القلنسوة: تُلبس في الرأس والجمع قلانس (تاج العروس: 8 / 424).

(3) الجمل: 415، الإمامة والسياسة: 1 / 98، مُروج الذهب: 2 / 379، وفيه: (بعث معها عليّ أخاها عبد الرحمان بن أبي بكر وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة...) بدل (لمّا عزم أمير المؤمنين (عليه السلام) على المسير...)، تاريخ الطبري: 4 / 544 عن محمّد وطلحة، الكامل في التاريخ: 2 / 347، البداية والنهاية: 7 / 246 وكلّها نحوه، وراجع تاريخ اليعقوبي: 2 / 183، والفتوح: 2 / 487.

(4) الكامل في التاريخ: 2 / 345، شرح نهج البلاغة: 1 / 264 عن جندب بن عبد الله، الفتوح: 2 / 487، المعيار والموازنة: 61.

٢٦٤

2284 - نهاية الأرب: أتى وجوه الناس إلى عائشة وفيها: القعقاع بن عمرو، فسلّم عليها، فقالت: والله، لوددت أنّي متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة (1) .

2285 - فتح الباري، عن محمّد بن قيس: ذُكر لعائشة يوم الجمل قالت: والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم، قالت: وددت أنّي جلست كما جلس غيري، فكان أحبّ إليّ من أن أكون وَلدتُ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عشرة كلّهم مثل عبد الرحمان بن الحارث بن هشام (2) .

2286 - المستدرك على الصحيحين، عن عائشة: وددتُ أنّي كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام، وأنّي لم أسِر مسيري مع ابن الزبير (3) .

2287 - الطبقات الكبرى، عن عمارة بن عمير: حدّثني مَن سمع عائشة إذا قرأت هذه الآية: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) (4) بكت حتّى تبلّ خِمارها (5) .

2288 - تاريخ بغداد، عن عروة: ما ذَكرت عائشة مسيرها في وقعة الجمل قطّ، إلاّ بكت حتّى تبلّ خمارها، وتقول: يا ليتني كنت نَسياً منسيّاً (6) .

____________________

(1) نهاية الأرب: 20 / 79.

(2) فتح الباري: 13 / 55، مجمع الزوائد: 7 / 480 / 12040، أُسد الغابة: 3 / 429 / 3283، تاريخ دمشق: 34 / 274، وزاد في ذيله: (أو مثل عبد الله بن الزبير).

(3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 129 / 4609، الاعتقاد والهداية: 246، وفيه: (مثل وُلد الحرث بن هشام) بدل (مثل الحارث بن هشام)، وراجع المُصنَّف لابن أبي شيبة: 8 / 717 / 55، وأنساب الأشراف: 3 / 60.

(4) الأحزاب: 33.

(5) الطبقات الكبرى: 8 / 81، الزهد لابن حنبل: 205، أنساب الأشراف: 3 / 60 كلاهما عن أبي الضحى عمّن سمع عائشة، سِيَر أعلام النُبلاء: 2 / 177 / 19، الدُرّ المنثور: 6 / 600 عن مسروق.

(6) تاريخ بغداد: 9 / 185 / 4766، الاعتقاد والهداية: 246، المناقب للخوارزمي: 182 / 220.

٢٦٥

2289 - المناقب للخوارزمي، عن أبي عتيق: قالت عائشة: إذا مرّ ابن عُمر فأرونيه، فلمّا مرّ قيل لها: هذا ابن عُمر، قالت: يا أبا عبد الرحمان، ما يمنعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: قد رأيت رجلاً قد غلب عليكِ [يعني ابن الزُبير]، وظننتُ أن لا تُخالفيه. قالت: أما إنّك لو نهيتني ما خرجت (1) .

10 / 9 غنائم الحرب

2290 - شرح نهج البلاغة: اتّفقت الرواة كلّها على أنّه[عليّاً (عليه السلام) ] قبض ما وجد في عسكر الجَمل من سلاح ودابّة ومملوك ومتاع وعروض، فقسّمه بين أصحابه، وأنّهم قالوا له: اقسّم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيّقاً، فقال: (لا).

فقالوا: فكيف تُحلّ لنا دماءهم، وتُحرّم علينا سبيهم؟!

فقال: (كيف يحلّ لكم ذرّيّة ضعيفة في دار هجرة وإسلام! أمّا ما أجلب به القوم في معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم، وأمّا ما وارت الدور وأُغلقت عليه الأبواب فهو لأهله، ولا نصيب لكم في شيء منه).

فلمّا أكثروا عليه قال: (فاقرعوا على عائشة، لأدفعها إلى مَن تُصيبه القرعة)

فقالوا: نستغفر الله يا أمير المؤمنين، ثمّ انصرفوا (2) .

2291 - شرح الأخبار: كان عليّ صلوات الله عليه قد غنم أصحابُه ما أجلب به أهل البصرة إلى قتاله - وأجلبوا به: يعني أتوا به في عسكرهم - ولم يعرض لشيء غير ذلك من أموالهم، وجعل ما سوى ذلك من أموال مَن قُتل منهم

____________________

(1) المناقب للخوارزمي: 182 / 218، سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1 / 776 عن ابن أبي عتيق.

(2) شرح نهج البلاغة: 1 / 250، وراجع الإمامة والسياسة: 1 / 97.

٢٦٦

لورثتهم، وخمّس ما أُغنمه ممّا أجلبوا به عليه، فجرت أيضاً بذلك السُنّة (1) .

10 / 10 بذل الإمام سهمه من الغنيمة

2292 - مُروج الذهب: قبض [عليّ (عليه السلام) ] ما كان في معسكرهم من سلاح ودابّة ومتاع وآلة وغير ذلك، فباعه وقسّمه بين أصحابه، وأخذ لنفسه - كما أخذ لكلّ واحد ممّن معه من أصحابه وأهله ووُلده - خمسمئة درهم.

فأتاه رجل من أصحابه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي لم آخذ شيئاً، وخلّفني عن الحضور كذا - وأدلى بعُذر - فأعطاه الخمسمئة التي كانت له (2) .

2293 - الجمل: ثُمّ نزل (عليه السلام) [أي بعد خطبته في أهل البصرة] واستدعى جماعة من أصحابه، فمشوا معه حتّى دخل بيت المال، وأرسل إلى القُرّاء، فدعاهم ودعا الخُزّان وأمرهم بفتح الأبواب التي داخلها المال، فلمّا رأى كثرة المال قال: (هذا جِناي وخياره فيه) (3) ، ثُمّ قسّم المال بين أصحابه فأصاب كلّ رجل منهم ستّة آلاف ألف درهم، وكان أصحابه اثني عشر ألفاً، وأخذ هو (عليه السلام) كأحدهم، فبينا هُم

____________________

(1) شرح الأخبار: 1 / 389 / 331.

(2) مُروج الذهب: 2 / 380، وراجع الأخبار الطوال: 211.

(3) قال ابن منظور: في الحديث: أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه دخل بيت المال، فقال: (يا حَمراء ويا بيضاء احمرّي وابيضّي، غُرّي غيري.

هذا جَناي وخِياره فيهْ إذ كلّ جان يدُه إلى فيهْ

قال أبو عبيد: يضرب هذا مثلا للرجل يؤثر صاحبه بخيار ما عنده. وأراد عليّ رضوان الله عليه بقول ذلك: أنّه لم يتلطّخ بشيء من فَيء المسلمين، بل وضعه مواضعه. والجَنى: ما يُجْنى من الشجر (لسان العرب: 14 / 155، وراجع مجمع الأمثال: 3 / 488).

٢٦٧

علي تلك الحالة، إذ أتاه آتٍ، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ اسمي سقط من كتابك، وقد رأيتُ من البلاء ما رأيت. فدفع سهمه إلى ذلك الرجل.

وروى الثوري، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، قال: لقد رأيت بالبصرة عجباً! لمّا قَدِم طلحة والزبير قد أرسلا إلى أُناس من أهل البصرة وأنا فيهم، فدخلنا بيت المال معهما، فلمّا رأيا ما فيه من الأموال قالا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، ثُمّ تلَيا هذه الآية: ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ ) إلى آخر الآية، وقالا: نحن أحقّ بهذا المال من كلّ أحد.

فلمّا كان من أمر القوم ما كان دعانا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فدخلنا معه بيت المال، فلمّا رأى ما فيه ضرَبَ إحدى يديه على الأُخرى، وقال: (يا صفراء، يا بيضاء، غُرّي غيري)، وقسّمه بين أصحابه بالسويّة حتّى لم يبقَ إلاّ خمسمئة درهم عزلها لنفسه، فجاءه رجل فقال: إنّ اسمي سقط من كتابك، فقال (عليه السلام): (ردّوها عليه)، ثمّ قال:

(الحمد لله الذي لم يصل إليّ من هذا المال شيء، ووفَّرَه على المسلمين) (1) .

10 / 11 دُخول الإمام بيت مال البصرة

2294 - الجمل: لمّا خرج عثمان بن حُنيف من البصرة، وعاد طلحة والزبير إلى بيت المال فتأمّلا ما فيه، فلمّا رأوا ما حواه من الذهب والفضّة قالوا: هذه الغنائم التي وعدنا الله بها، وأخبرنا أنّه يعجّلها لنا.

قال أبو الأسود: فقد سمعتُ هذا منهما، ورأيت عليّاً (عليه السلام) بعد ذلك، وقد دخل

____________________

(1) الجمل: 400، وراجع مُروج الذهب: 2 / 380، وشرح نهج البلاغة: 1 / 249 وج 9 / 322.

٢٦٨

بيت مال البصرة، فلمّا رأى ما فيه، قال: (يا صفراء، ويا بيضاء، غُرّي غيري، المالُ يَعْسُوب (1) الظَّلمَة، وأنا يعسوب المؤمنين).

فلا والله ما التفتَ إلى ما فيه، ولا فكّر فيما رآه منه، وما وجدته عنده إلاّ كالتراب هواناً! فعجبت من القوم ومنه (عليه السلام)! فقلت: أُولئك ممّن يُريد الدنيا، وهذا ممّن يُريد الآخرة، وقوِيتْ بصيرتي فيه (2) .

10 / 12 خُطبة الإمام بعد قسمة المال

2295 - الجمل، عن الواقدي: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لمّا فرغ من قسمة المال قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:

(أيّها الناس، إنّي أحمد الله على نِعَمه، قُتل طلحة والزبير، وهُزمت عائشة، وأيمُ الله لو كانت عائشة طلبت حقّاً، وأهانت باطلاً لكان لها في بيتها مأوى، وما فَرض الله عليها الجهاد، وإنّ أوّل خطئها في نفسها، وما كانت والله على القوم إلاّ أشأم من ناقة الحِجْر (3) ، وما ازداد عدوّكم بما صنع الله إلاّ حقداً، وما زادهم الشيطان إلاّ طُغيانا، ولقد جاؤوا مُبطلين وأدبروا ظالمين، إنّ إخوانكم المؤمنين جاهدوا في سبيل الله، وآمنوا به يرجون مغفرةً من الله، وإنّنا لعلى الحقّ، وإنّهم لعلى الباطل، وسيجمعنا الله وإيّاهم يوم الفصل، وأستغفر الله لي ولكم) (4) .

____________________

(1) اليعسوب: السيّد والرئيس والمُقدّم (النهاية: 3 / 234).

(2) الجمل: 285.

(3) يُشير بهذا إلى قصّة ناقة صالح (عليه السلام). والحِجْر: اسم ديار ثمود بوادي القُرى، بين المدينة والشام، وفيها بئر ثمود (راجع: معجم البلدان: 2/221).

(4) الجمل: 402.

٢٦٩

10 / 13 توبيخ الإمام لأهل البصرة

2296 - الجمل: لمّا كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) الكُتب بالفتح قام في الناس خطيباً، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وصلّى على محمّد وآله، ثُمّ قال:

(أمّا بعد، فإنّ الله غفور رحيم عزيز ذو انتقام، جعل عفوه ومغفرته لأهل طاعته، وجعل عذابه وعقابه لمَن عصاه وخالف أمره، وابتدع في دينه ما ليس منه، وبرحمته نال الصالحون العون، وقد أمكّنني الله منكم يا أهل البصرة، وأسلمكم بأعمالكم، فإيّاكم أن تعودوا إلى مثلها، فإنّكم أوّل مَن شرع القتال والشقاق، وترك الحقّ والإنصاف) (1) .

2297 - الجمل، عن الحارث بن سريع: لمّا ظهر أمير المؤمنين (عليه السلام) على أهل البصرة وقسّم ما حواه العسكر، قام فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسوله، وقال:

(أيّها الناس، إنّ الله عزّ وجلّ ذو رحمة واسعة، ومغفرة دائمة لأهل طاعته، وقضى أنّ نقمته وعقابه على أهل معصيته.

يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، ويا جُند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعُقر فانهزمتم. أحلامكم دقاق، وعهدكم شِقاق، ودينكم نفاق، وأنتم فَسَقة مُرّاق.

يا أهل البصرة، أنتم شرّ خَلق الله، أرضكم قريبة من الماء، بعيدة من السماء، خفّتْ عقولُكم، وسفهتْ أحلامُكم، شهرتم سيوفكم، وسفكتم دماءكم، وخالفتم

____________________

(1) الجمل: 400، وراجع الإرشاد: 1 / 257، وبحار الأنوار: 32 / 230 / 182.

٢٧٠

إمامكم، فأنتم أكلة الآكل، وفريسة الظافر، فالنار لكم مُدّخر، والعار لكم مفخر.

يا أهل البصرة، نكثتم بيعتي، وظاهرتم عليّ ذوي عداوتي، فما ظنّكم يا أهل البصرة الآن) (1) .

2298 - الأخبار الطوال: دخل عليّ (رضي الله عنه) البصرة، فأتي مسجدها الأعظم، واجتمع الناس إليه، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ثُمّ قال:

(أمّا بعد، فإنّ الله ذو رحمة واسعة وعقاب أليم، فما ظنّكم بي يا أهل البصرة، جُندَ المرأة، وأتباع البهيمة، رَغا فقاتلتم، وعُقر فانهزمتم. أخلاقكم دقاق، وعهدكم شقاق، وماؤكم زعاق (2) ، أرضكم قريبة من الماء، بعيدة من السماء، وأيمُ الله ليأتينّ عليها زمان لا يُرى منها إلاّ شرفات مسجدها في البحر، مثل جؤجؤ (3) السفينة، انصرفوا إلى منازلكم).

ثُمّ نزل، وانصرف إلى معسكره (4) .

2299 - الإمام عليّ (عليه السلام) - في ذمّ أهل البصرة بعد وقعة الجمل -: (كُنتم جُند المرأة، وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعُقر فهربتم. أخلاقكم دقاقٌ، وعهدكم شقاقٌ، ودينكم نفاقٌ، وماؤكم زعاقٌ، والمقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربّه. كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ سفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها، وغرق من في ضمنها) (5) .

____________________

(1) الجمل: 407، وراجع تفسير القمّي: 2 / 339، والاحتجاج: 1 / 250، ونثر الدرّ: 1 / 315، ومروج الذهب: 2 / 377.

(2) ماءٌ زُعاق: مرٌّ غليظ، لا يطاق شربه من أُجوجته (لسان العرب: 10 / 141).

(3) الجؤجؤ: الصدر (النهاية: 1 / 232).

(4) الأخبار الطوال: 151.

(5) نهج البلاغة: الخطبة 13، المناقب للخوارزمي: 189.

٢٧١

2300 - معجم البلدان: في رواية أنّ عليّاً (رضي الله عنه) لمّا فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة، فأتى مسجدها الجامع، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ثُمّ قال:

(أمّا بعد، فإنّ الله ذو رحمة واسعة، فما ظنّكم يا أهل البصرة؟ يا أهل السبخة، يا أهل المؤتفكة، ائتفكت (1) بأهلها ثلاثاً وعلى الله الرابعة، يا جُند المرأة)، ثُمّ ذكر الذي قبله، ثُمّ قال: (انصرفوا إلى منازلكم، وأطيعوا الله وسلطانكم).

وخرج حتى صار إلى المربد، والتفتَ وقال: (الحمد لله الذي أخرجني من شرّ البقاع تُراباً، وأسرعها خراباً) (2) .

10 / 14 استخلاف ابن عبّاس على البصرة

2301 - الجمل، عن الواقدي، عن رجاله: لمّا أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) الخروج من البصرة استخلف عليها عبد الله بن العبّاس وأوصاه، فكان في وصيّته له أن قال: (يا ابن عبّاس، عليك بتقوى، الله والعدل بمَن وُلّيت عليه، وأن تبسط للناس وجهك، وتوسّع عليهم مجلسك، وتسعهم بحلمك. وإيّاك والغضب ; فإنّه طيرة من الشيطان، وإيّاك والهوى ; فإنّه يصدّك عن سبيل الله.

واعلم أنّ ما قرّبك من الله، فهو مُباعدك من النار، وما باعدك من الله، فهو مقرّبك من النار، واذكر الله كثيراً، ولا تكن من الغافلين).

وروى أبو مخنف (لوط بن يحيى) قال: لمّا استعمل أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله بن

____________________

(1) أي غرقت، فشبّه غرقها بانقلابها (النهاية: 1 / 56).

(2) معجم البلدان: 1 / 436.

٢٧٢

العبّاس على البصرة خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسوله، ثُمّ قال:

(يا معاشر الناس، قد استخلَفتُ عليكم عبد الله بن العبّاس، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ما أطاع الله ورسوله، فإن أحدث فيكم أو زاغ عن الحقّ، فأعلموني أعزلْه عنكم ; فإنّي أرجو أن أجده عفيفاً تقيّاً ورعاً، وإنّي لم أُولّه عليكم إلاّ وأنا أظنّ ذلك به، غفر الله لنا ولكم).

فأقام عبد الله بالبصرة حتى عمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على التوجّه إلى الشام، فاستخلف عليها زياد بن أبيه، وضمّ إليه أبا الأسود الدؤلي، ولحق بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فسار معه إلى صفّين (1) .

10 / 15 كتاب الإمام إلى أهل الكوفة

2302 - الإمام عليّ (عليه السلام) - في كتابه إلى أهل الكوفة -: (بسم الله الرحمن الرحيم، من عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة: سلام عليكم، فإنّي أحمد الله إليكم الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد، فإنّ الله حَكَمٌ عَدْل ( لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال ) (2) .

وإنّي أُخبركم عنّا، وعمّن سِرْنا إليه من جموع أهل البصرة، ومَن سار إليه من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير بعد نكثهما صفقة أيمانهما.

فنهضتُ من المدينة حين انتهى إليّ خبرهم، وما صنعوه بعاملي عثُمّان بن

____________________

(1) الجمل: 420، وراجع نهج البلاغة: الكتاب 76.

(2) الرعد: 11.

٢٧٣

حنيف حتى قدمت ذا قار، فبعثتُ إليكم ابني الحسن وعمّاراً وقيساً فاستنفروكم لحقّ الله وحقّ رسوله وحقّنا، فأجابني إخوانكم سراعاً حتى قدموا عليّ.

فسرتُ بهم وبالمُسارعين منهم إلى طاعة الله حتى نزلت ظهر البصرة، فأعذرت بالدعاء، وأقمت الحجّة، وأقلت العثرة والزلّة من أهل الردّة من قريش وغيرهم، واستتبتهم عن نكثهم بيعتي، وعهد الله لي عليهم، فأبَوا إلاّ قتالي، وقتال مَن معي، والتمادي في الغيّ، فناهضتهم بالجهاد.

فقُتل مَن قُتل منهم، وولّى من ولّى إلى مصرهم، فسألوني ما دعوتهم إليه من كفّ القتال، فقبلت منهم، وغمدت السيوف عنهم، وأخذت بالعفو فيهم، وأجريت الحقّ والسُّنّة بينهم، واستعملت عبد الله بن العبّاس على البصرة، وأنا سائر إلى الكوفة إن شاء الله تعالى.

وقد بعثت إليكم زَحْرَ بن قيس الجعفي لتسألوه؛ فيخبركم عنّا وعنهم، وردِّهِم الحقَّ علينا، وردِّهِم اللهِ وهم كارهون. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وكتب عبيد الله بن أبي رافع في جمادى الأُولى من سَنة ستّ وثلاثين من الهجرة (1) .

10 / 16 قدوم الإمام إلى الكوفة

2303 - وقعة صفّين، عن عبد الرحمان بن عبيد بن أبي الكنود وغيره: لمّا قدِم عليّ بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة، يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ستّ وثلاثين، وقد أعزّ الله نصره، وأظهره على عدوّه، ومعه أشراف

____________________

(1) الجمل: 398، الإرشاد: 1 / 258، الشافي: 4 / 329، معادن الحكمة: 1 / 447 / 85 كلّها نحوه، بحار الأنوار: 32 / 231 / 182.

٢٧٤

الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة، وفيهم قرّاؤهم وأشرافهم، فدعوا له بالبركة، وقالوا: يا أمير المؤمنين، أين تنزل؟ أتنزل القصر؟ فقال: (لا، ولكنّي أنزل الرحبة)، فنزلها، وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم، فصلّى فيه ركعتين، ثُمّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على رسوله، وقال:

(أمّا بعد، يا أهل الكوفة، فإنّ لكم في الإسلام فضلاً ما لم تُبدّلوا وتُغيّروا، دعوتكم إلى الحقّ فأجبتم، وبدأتم بالمُنكر فَغيّرتم، ألا إنّ فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم، فأنتم أُسوة مَن أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه، ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوى، وطول الأمل، فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل فيُنسي الآخرة، ألا إنّ الدنيا قد ترحّلت مدبرة، والآخرة ترحّلت مقبلة، ولكلّ واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، اليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل. الحمد لله الذي نصر وليّه، وخذل عدوّه، وأعزّ الصادق المُحقّ، وأذلّ الناكث المُبطل.

عليكم بتقوى الله، وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيّكم، الذين هُم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه، من المنتحلين المدّعين المقابلين إلينا، يتفضّلون بفضلنا، ويُجاحدونا أمرنا، ويُنازعونا حقّنا، ويُدافعونا عنه، فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا؛ فسوف يلقَون غيّاً. ألا إنّه قد قعد عن نصرتي منكم رجال، فأنا عليهم عاتب زار، فاهجروهم وأسمِعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا، ليُعرف بذلك حزب الله عند الفرقة).

فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي - وكان صاحب شرطته - فقال: والله إنّي لأرى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلاً، والله لئن أمرتنا لنقتلنّهم. فقال عليّ: (سبحان الله يا مالِ! جزت المدى، وعدوت الحدّ، وأغرقت في النزع!) فقال: يا

٢٧٥

أمير المؤمنين، لبعض الغَشْم (1) أبلغ في أُمور تنوبك من مهادنة الأعادي. فقال علي: (ليس هكذا قضى الله يا مالِ، قتل النفس بالنفس، فما بال الغَشْم؟ وقال: ( وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ) (2) ، والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، فقد نهى الله عنه، وذلك هو الغَشْم) (3) .

2304 - وقعة صفّين عن الأصبغ بن نباتة: إنّ عليّاً لمّا دخل الكوفة قيل له: أيّ القصرين نُنزلك؟ قال: قصر الخبال لا تُنزلونيه. فنزل على جعدة بن هبيرة المخزومي (4) .

____________________

(1) الغشم: الظُلم والغَصب (لسان العرب: 12 / 437).

(2) الإسراء: 33.

(3) وقعة صفّين: 3، الأمالي للمفيد: 127، بحار الأنوار: 32 / 354 / 337، شرح نهج البلاغة: 3 / 102 نحوه، وراجع المعيار والموازنة: 97.

(4) وقعة صفّين: 5، بحار الأنوار: 32 / 355 / 337.

٢٧٦

الحرب الثانية:

وقعة صِفّين

فتنة القاسطين

وفيه فصول:

الفصل الأوّل: مواصفات الحَرب

الفصل الثاني: هويّة رؤساء القاسطين

الفصل الثالث: السياسة العلويّة

الفصل الرابع: حرب الدِعاية

الفصل الخامس: تهيُّؤ معاوية للحرب

الفصل السادس: مسير الإمام إلى صفّين

الفصل السابع: مواجهة الجيشين

الفصل الثامن: القتال

الفصل التاسع: اشتداد القتال

الفصل العاشر: أشدّ الأيّام

الفصل الحادي عشر: توقّف الحرب

الفصل الثاني عشر: تعيين الحَكَم

الفصل الثالث عشر: الانصراف من صفّين

الفصل الرابع عشر: خيمة التحكيم

٢٧٧

٢٧٨

الفصل الأوّل

مواصفات الحرب

1 / 1 تاريخها

بعد مضي حوالي أربعة أشهر على إخماد فتنة الناكثين بقيادة عائشة وطلحة والزبير، وفي وقتٍ لم تكن جِراحها قد اندملت ودماؤها قد جفّت، واجه الإسلام العلوي فتنة القاسطين بقيادة معاوية؛ فخرج الإمام عليّ (عليه السلام) في الخامس من شوّال عام 36 للهجرة من الكوفة لإخماد هذه الفتنة (1) ، وفي أواخر ذي القعدة (2) ، وأثناء حطّ الرِحال في صفّين، وقعت معركة خاطفة للسيطرة على شريعة الفرات التي سيطر عليها جيش معاوية قبل وصول الإمام وجيشه، وقد انتهت هذه المعركة بانتصار جيش الإمام عليّ (عليه السلام).

____________________

(1) مُروج الذهب: 2 / 384، وقعة صفّين: 131.

(2) راجع تاريخ الطبري: 4 / 573، والكامل في التاريخ: 2 / 365، ومُروج الذهب: 2 / 386.

٢٧٩

وفي شهر ذي الحجّة وقعت مُناوشات بين الجيشين (1) ، إلى أن أُعلنت الهدنة بين الفريقين في محرّم من عام 37 (2) ، وما إن انتهت حتّى وقعت الحرب الحقيقيّة بينهما في بداية صفر عام 37 (3) وحمى وطيسها في الثامن من صَفر، وفي العاشر منه (4) ، حينما كان جيش الإمام على وشك إحراز الانتصار الحاسم، إلاّ أنّها انفضّت بحيلة من عمرو بن العاص، وعاد الإمام إلى الكوفة.

1 / 2 مكانها

صِفّين - بكسرتين وتشديد الفاء - موضع بقرب الرقّة (5) على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقّة وبالس (6) (7) .

وتبلغ المسافة بين دمشق والرقّة - وهي بقرب صفّين - 550 كيلو متراً تقريباً (8) .

____________________

(1) راجع تاريخ الطبري: 4 / 575، البداية والنهاية: 7 / 260، وقعة صفّين: 196.

(2) راجع تاريخ الطبري: 4 / 575 وج 5 / 5، والكامل في التاريخ: 2 / 367، والبداية والنهاية: 7 / 260، ومُروج الذهب: 2 / 387، ووقعة صفّين: 196.

(3) راجع تاريخ الطبري: 5 / 10، ومُروج الذهب: 2 / 387، وتاريخ الإسلام للذهبي: 3 / 538، ووقعة صفّين: 202.

(4) راجع مُروج الذهب: 2 / 400، وتاريخ الطبري: 5 / 48، والبداية والنهاية: 7 / 273.

(5) الرَّقَّة: من مُدن سوريا الحاليّة، وهي مدينة مشهورة تقع على الفرات، بينها وبين حرّان ثلاثة أيّام، وهي قريبة من صفّين (راجع معجم البلدان: 3 / 59).

(6) بَالِس: بلدة بالشام بين حلب والرَّقّة، في الساحل الغربي من الفرات، أسفل صفّين (راجع معجم البلدان: 1 / 328).

(7) معجم البلدان: 3 / 414.

(8) جدول المسافات للقطر العربي السوري: 127.

٢٨٠