موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء ٥

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ0%

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 360

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد الريشهري
تصنيف: الصفحات: 360
المشاهدات: 156499
تحميل: 6547


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156499 / تحميل: 6547
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ

موسوعة الامام علي عليه السلام في الكتاب والسنة والتاريخ الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

1 / 3 عدد المُشاركين فيها

ذُكرت أعداد مُتضاربة عن عدد جيشَيّ الإمام عليّ (عليه السلام) ومعاوية. ولعلّ سبب ذلك يعود إلى أنّ بعضهم ذكر عدد المقاتلين فقط، بينما أضاف بعضٌ آخر الخدم والغُلمان، وزاد عليهم آخرون كلَّ مَن يرافق الجيوش عادةً من جماعات الميرة، والنساء والأطفال.

ومع أنّ النصوص التاريخيّة أشارت إلى أنّ جيش الإمام عليّ (عليه السلام) بلغ قوامه: 120 ألفاً (1) ، أو 150 ألفاً (2) ، أو 95 ألفاً (3) ، أو أكثر من 100 ألف (4) ، أو 50 ألفاً (5) ، على اختلاف بينها، إلاّ أنّ المشهور هو أنّ عدد جيش الإمام كان تسعين ألفاً (6) .

وتضاربت الروايات - أيضاً - بخصوص عدد جيش معاوية ما بين: 60 ألفاً (7) ، و70 ألفاً (8) ، و83 ألفاً (9) ، و90 ألفاً (10) ، ومئة ألف (11) ، ومئة وعشرين ألفاً (12) ، و130

____________________

(1) معجم البلدان: 3 / 414، البداية والنهاية: 7 / 275 عن صفوان بن عمرو.

(2) البداية والنهاية: 7 / 261 عن جابر الجعفي، عن الإمام الباقر (عليه السلام) وزيد بن أنس وغيرهما.

(3) العُقد الفريد: 3 / 332 عن ابن أبي شيبة.

(4) البداية والنهاية: 7 / 261.

(5) أنساب الأشراف: 3 / 97.

(6) مُروج الذهب: 2 / 384، الفتوح: 2 / 544، معجم البلدان: 3 / 414.

(7) البداية والنهاية: 7 / 275 عن صفوان بن عمرو.

(8) أنساب الأشراف: 3 / 97.

(9) الإمامة والسياسة: 1 / 123، الفتوح: 2 / 538.

(10) معجم البلدان: 3 / 414.

(11) أنساب الأشراف: 3 / 97.

(12) معجم البلدان: 3 / 414.

٢٨١

ألفاً (1) ، إلاّ أنّ الروايات التي تُصرّح بأن عددهم كان خمسةً وثمانين ألفاً هي الأشهر (2) .

1 / 4 قادة جيش الإمام

قائد خيّالة الكوفة: مالك الأشتر (3) .

قائد خيّالة البصرة: سهل بن حُنيف.

قائد رجّالة الكوفة: عمّار بن ياسر.

قائد قرّاء أهل البصرة: مسعر بن فدكي التميمي (4) .

قائد قرّاء أهل الكوفة: عبد الله بن بُدَيل، وعمّار بن ياسر (5) .

صاحب اللواء: هاشم بن عُتبة (6) .

آمر الميمنة: الأشعث بن قيس.

آمر الميسرة: عبد الله بن عبّاس.

____________________

(1) البداية والنهاية: 7 / 261.

(2) مُروج الذهب: 2 / 384، العقد الفريد: 3 / 332، وفيه: (بضع وثمانون ألفاً).

(3) تاريخ الطبري: 5 / 11، الأخبار الطوال: 171، وقعة صفّين: 205 وص 208، وفيها: (على الخيل: عمّار بن ياسر).

(4) تاريخ الطبري: 5 / 11، وقعة صفّين: 208، وفيه: (مسعود) بدل (مسعر).

(5) تاريخ الطبري: 5 / 11، الأخبار الطوال: 171، وقعة صفّين: 205، وفيهما: (على الرجّالة: عبد الله بن بُدَيل) وص 208.

(6) تاريخ الطبري: 5 / 11، الأخبار الطوال: 171، وقعة صفّين: 205.

٢٨٢

آمر رجّالة الميمنة: سليمان بن صُرَد الخزاعي.

آمر رجّالة الميسرة: الحارث بن مُرّة العبدي.

قلب الجيش: قبيلة مُضَرر (1) .

ميمنة الجيش: أهل اليمن (2) .

ميسرة الجيش: قبيلة ربيعة (3) .

1 / 5 قادة جيش القاسطين

قائد الميمنة: ابن ذي الكلاع الحِميري (4) .

قائد الميسرة: حبيب بن مسلمة الفهري (5) .

قائد خيّالة الشام: عمرو بن العاص (6) .

قائد رجّالة الشام: الضحّاك بن قيس (7) .

قائد الخيّالة: عبيد الله بن عمر بن الخطّاب (8) .

____________________

(1) الأخبار الطوال: 171، وقعة صفّين: 205.

(2)، و(3) وقعة صفّين: 205، الأخبار الطوال: 171، وفيه: (وفي الميمنة: ربيعة، وفي الميسرة: أهل اليمن).

(4) تاريخ الطبري: 5 / 11، وقعة صفّين: 213 وص 206، وفيهما: (ذا الكلاع الحميري).

(5) تاريخ الطبري: 5 / 11، الأخبار الطوال: 172، وقعة صفّين: 213 وص 206.

(6) تاريخ الطبري: 5 / 12، وقعة صفّين: 213.

(7) وقعة صفّين: 213، تاريخ الطبري: 5 / 12، الأخبار الطوال: 172.

(8) وقعة صفّين: 206.

٢٨٣

قلب الجيش: أهل دمشق، وعليهم الضحّاك بن قيس الفهري (1) .

ميمنة الجيش: أهل حِمص (2) وقِنّسرين (3) (4) .

ميسرة الجيش: أهل الأردن وفلسطين (5) .

صاحب اللواء: عبد الرحمان بن خالد بن الوليد (6) .

1 / 6 أكابر أصحاب الإمام

شارك في حرب صفّين إلى جانب أمير المؤمنين (عليه السلام) الكثير من أكابر صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وغيرهم ممّن بذل كلّ غال ونفيس في سبيل إرساء دعائم الإسلام. وتختلف الروايات في ذكر عددهم، فمنها ما يُشير إلى أنّ عددهم كان بين 70 و 80 من البدريّين، و800 ممّن شهدوا بيعة الرضوان، و400 من سائر الصحابة.

وفي مقابل ذلك كان عدد الذين شاركوا في جيش معاوية من الصحابة لا يتجاوز عدد أصابع اليد وهم ممّن أسلموا بعد الفتح.

من الشخصيّات الصحابيّة البارزة التي وقفت إلى جانب الإمام عليّ (عليه السلام) يمكن الإشارة إلى كلّ من: الإمام الحسن (عليه السلام)، الإمام الحسين (عليه السلام)، عمّار بن ياسر، سهل بن حُنيف، قيس بن سعد، عديّ بن حاتم، هاشم بن عتبة، عبد الله بن بديل، عبد الله بن عبّاس، أُويس القرني، أبو الهيثم مالك بن التيّهان، عبد الله بن جعفر،

____________________

(1) وقعة صفّين: 206.

(2) حِمْص: بلد مشهور في سوريا بين دمشق وحلب (راجع معجم البلدان: 2 / 302).

(3) قنِّسرِين: مدينة في سوريا تقع بين حلب وحمص.

(4ـ 6) وقعة صفّين: 206.

٢٨٤

خزيمة بن ثابت، سليمان بن صُرد الخزاعي، عمرو بن حَمق الخزاعي.

ومن الأعلام الآخرين الذين لم يُدركوا عهد الرسول (صلّى الله عليه وآله) وكانوا في جيش الإمام (عليه السلام) في معركة صفّين: محمّد ابن الحنفيّة، مالك الأشتر، الأحنف بن قيس، سعيد بن قيس الهمداني، حِجر بن عديّ، أصبغ بن نُباتة، صعصعة بن صوحان، شريح بن هانئ، عبد الله بن هاشم بن عتبة، جعدة بن هبيرة، زياد بن النضر.

2305 - المُستدرك على الصحيحين، عن الحكم: شهد مع عليّ (عليه السلام) صفّينَ ثمانون بدريّاً، وخمسون ومئتان ممّن بايع تحت الشجرة (1) .

2306 - تاريخ اليعقوبي: كان مع عليّ يوم صفّين من أهل بدر سبعون رجلاً، وممّن بايع تحت الشجرة سبعمئة رجل، ومن سائر المهاجرين والأنصار أربعمئة رجل (2) .

2307 - تاريخ خليفة بن خيّاط، عن عبد الرحمان بن أبزي: شهدنا مع عليّ ثمانمئة ممّن بايع بيعة الرضوان، قُتل منّا ثلاثة وستّون، منهم: عمّار بن ياسر (3) .

2308 - العُقد الفَريد: قال معاوية يوماً: يا معشر الأنصار، لِمَ تطلبون ما عندي؟

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 112 / 4559، الفتوح: 2 / 544 عن الحكم بن عتيبة، وذكر أيضاً عن سليمان بن مهران الأعمش، وفيه: (كان مع عليّ يومئذ ثمانون بدريّاً، وثمانمئة من أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله))، البداية والنهاية: 7 / 255، وفيه: (مئة وخمسون) بدل (خمسون ومئتان)، شرح الأخبار: 2 / 9 / 392 عن الحَكَم.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2 / 188، تاريخ دمشق: 19 / 442 نحوه، وفيه: (في حربه) بدل (يوم صفّين).

(3) تاريخ خليفة بن خيّاط: 148، تاريخ الإسلام للذهبي: 3 / 545، الفتوح: 2 / 544، وفيه: (وهم يومئذ تسعون ألفاً، وثمانمئة رجل ممّن بايع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) تحت الشجرة، قال سعيد بن جبير: كان مع عليّ (رضي الله عنه) يومئذ ثمانمئة رجل من الأنصار، وتسعمئة ممّن بايع تحت الشجرة)، شرح الأخبار: 2 / 9 / 391.

٢٨٥

فوالله لقد كنتم قليلاً معي كثيراً مع عليّ، ولقد فللتم حدّي يوم صفّين، حتى رأيت المنايا تتلظّى من أسنّتكم (1) .

2309 - مُروج الذهب: كان ممّن شهد صفّين مع عليّ من أصحاب بدر سبعة وثمانون رجلا: منهم سبعة عشر من المهاجرين، وسبعون من الأنصار، وشهد معه من الأنصار ممّن بايع تحت الشجرة - وهي بيعة الرضوان - من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تسعمئة، وكان جميع من شَهِد معه من الصحابة ألفين وثمانمئة (2) .

1 / 7 وجوه أصحاب معاوية

لم يكن أحد من أصحاب معاوية من السابقين إلى الإسلام، بل كان بعضهم ممّن حارب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) سنوات عديدة، أو ممّن طرده أو لعنه النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، أمثال:

عمرو بن العاص، عبد الله بن عمرو بن العاص، عبيد الله بن عمر، حبيب بن مسلمة، ذو الكلاع الحميري، الضحّاك بن قيس، الوليد بن عقبة، عبد الرحمان بن خالد بن الوليد، أبو الأعور، بسر بن أرطاة، عبد الله بن عامر، مروان بن الحكم، عتبة بن أبي سفيان.

2310 - وقعة صفّين: اجتمع عند معاوية: عُتبة بن أبي سفيان، والوليد بن عُقْبة، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن عامر، وابن طلحة الطلحات، فقال عتبة -: إنّ أمرنا وأمر عليّ لعجب، ليس منّا إلاّ موتور محاجّ، أمّا أنا فقَتل جدّي، واشترك

____________________

(1) العُقد الفريد: 3 / 91.

(2) مُروج الذهب: 2 / 361.

٢٨٦

في دم عمومتي يوم بدر، وأمّا أنت يا وليد، فقَتل أباك يوم الجَمل، وأيتمَ إخوتك، وأمّا أنت يا مروان، فكما قال الأوّل:

وأفلتَهنّ علباءٌ جريضاً، ولو أدركنه صَفِرَ الوِطابُ (1)

قال معاوية: هذا الإقرار فأين الغُيُر (2) ؟ قال مروان: أيّ غُيُر تُريد؟ قال: أُريد أن يُشجر (3) بالرماح، فقال: والله إنّك لهازل، ولقد ثقّلنا عليك (4) .

راجع: هويّة رؤساء القاسطين.

1 / 8 عدد القتلى فيها

المشهور أنّ القتلى من أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً، ومِن أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً (5) ، وفي قِبالها أقوال أُخر، كما نُقل عن ابن أبي شيبة: خمسون ألفاً من أهل الشام، وعشرون ألفاً من أهل العراق (6) ، وعن يحيى بن معين: من أهل العراق عشرون ألفاً، ومن أهل الشام تسعون ألفاً، ومجموع مَن

____________________

(1) علباء هذا هو قاتل والد امرئ القيس، وهو علباء بن حارث الكاهلي، والجريض: الذي يأخذ بريقه. صفر وطابُه: قُتِل (هامش المصدر).

(2) هو جمع غيور، من الغيرة، وهي الحميّة والأنَفَة (النهاية: 3 / 401).

(3) شجرناهم بالرماح: أي طعنّاهم بها حتى اشتبكت فيهم (النهاية: 2 / 446).

(4) وقعة صفّين: 417.

(5) أنساب الأشراف: 3 / 98، مُروج الذهب: 2 / 405 عن الهيثم بن عدي والشرقي بن القطامي وأبي مخنف، معجم البلدان: 3 / 414، البداية والنهاية: 7 / 275 عن ابن سيرين وسيف، وقعة صفّين: 558.

(6) العُقد الفريد: 3 / 337.

٢٨٧

قُتل بها من الفريقين - في مئة يوم وعشرة أيام - مئة ألف وعشرة آلاف (1) .

2311 - أنساب الأشراف: كان عليّ (عليه السلام) بصفّين في خمسين ألفاً، ويُقال: في مئة ألف، وكان معاوية في سبعين ألفاً، ويقال: في مئة ألف. فقُتل من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً (2) .

2312 - معجم البلدان: قُتل في الحرب بينهما سبعون ألفاً، منهم من أصحاب عليّ خمسة وعشرون ألفاً ومِن أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفاً، وقُتل مع عليّ خمسة وعشرون صحابيّاً بدريّاً، وكانت مُدّة المقام بصفّين مئة يوم وعشرة أيّام، وكانت الوقائع تسعين وقعة (3) .

2313 - تهذيب الكمال، عن الحسن بن عثمان، عن عدّة من الفقهاء وأهل العلم: كانت وقعة صفّين بين عليّ ومعاوية، فقُتلت بينهما جماعة كبيرة، يقال: إنّهم كانوا سبعين ألفاً، في صَفَر، ويُقال: في ربيع الأوّل، منهم من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً، وكان ممّن عُرف من أشراف الناس عمّار بن ياسر (4) .

2314 - مُروج الذهب، عن يحيى بن معين: إنّ عدّة مَن قُتل بها من الفريقين - في مئة يوم وعشرة أيّام - مئة ألف وعشرة آلاف من الناس، من أهل الشام تسعون ألفاً، ومن أهل العراق عشرون ألفاً (5) .

____________________

(1) مُروج الذهب: 2 / 404.

(2) أنساب الأشراف: 3 / 97.

(3) معجم البلدان: 3 / 414.

(4) تهذيب الكمال: 21 / 226 / 4174.

(5) مُروج الذهب: 2 / 404.

٢٨٨

الفصل الثاني

هُويّة رُؤساء القاسطين

2 / 1 معاوية بن أبي سفيان

ولد في سنة 20 قبل الهجرة وأسلم سنة 8 هـ مُكرهاً تحت بوارق فُرسان الإسلام، وعُرف هو وأضرابه بـ (الطُّلَقاء).

ولاّه عُمر على الشام، فانتهج لنفسه أُسلوباً تحكّميّاً سلطويّاً، وضرب على وتر الاستقلال مذ نُصب والياً عليه، وتساهل معه عُمر لأسباب ما (1) .

____________________

(1) ولقد كانت هُناك اعتراضات على عُمر بن الخطّاب في توليته بعض الناس، روي أنّه: لمّا ولي معاوية الشام قال الناس: ولي معاوية! فقال لهم: لا تذكروا معاوية إلاّ بخير ; فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (اللّهمّ اهْدِ بِهِ) (البداية والنهاية: 8 / 122). ومن المعروف أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان يدعو لأُمّته كلّها بالهداية. ومن العجيب أنّ حديث (اللهمّ اهْدِ بِه) حديث ضعيف، إلاّ أنّ ابن كثير دافع عنه، والتمس له الأعذار، وهذا الموقف لا نجده إذا كان يتعلّق =

٢٨٩

وفي عهد عثمان - الذي كان يتطلّع إلى تسليط الأُمويّين على الناس - لم يرعوِ معاوية عن ظُلمه وجوره، وتمرّغ في تَرفه ونعيمه، بلا وازع من ضمير، ولا رادع من سلطان.

وإنّ إمارته التي استمرّت عشرين سنة، وأساليبه في تجهيل الناس وتحميقهم، وبثّ الذعر والهَلع في نفوسهم، وإبقائهم على جهلهم، كلّ أُولئك مَهّد الأرضيّة لكلّ عمل يَصبّ في مصلحته بالشام.

عزم على مناوءة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ تولّيه الخلافة، وجدّ كثيراً في

____________________

= بحديث صحيح لمعسكر غير معسكر معاوية.

ومن الذين اعترضوا على عمليّة التوظيف هذه حذيفة (رضي الله عنه)، قال لعمر: إنّك تستعين بالرجل الفاجر! فقال عمر: إنّي لأستعمله لأستعين بقوّته، ثُمّ أكون على قفائه (كنز العمّال: 5 / 771 / 14338 نقلا عن أبي عبيد)، وكما ذكرنا من قبل إنّ الله نهى عن اتّخاذ بطانة ينتهي طريقها بخروج الحياة الدينيّة، ودخول حياة أُخرى تحت أيّ اسم آخر. والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) كان إذا استعمل أحداً وصّاه، وكان يتبرّأ من أيّ عَمل لا يصبّ في وعاء الدين والحياة الدينيّة، وكان وراء ذلك كلّه الوحي. وبعد رحيل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) كانت للحياة الدينيّة سياسة، وهذه السياسة يمكن للباحث أن يكتشفها بسهولة في خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، فلقد قيل له: أن يُبقي على الأُمراء في أوّل عهده؛ حتى يستتبّ له الأمر، لكنّه أبي إلاّ أن يعزلهم ; لأنّه عِلم من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) نهاية الطريق الذي يركبه هؤلاء الأُمراء. وما دام الطريق لا يصبّ في المصبّ الصحيح، فلا بديل لخلعهم.

ما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من دهاء معاوية وعمرو والمغيرة؟ وما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من عضلات أبو الأعور وبسر بن أرطأة؟ وما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من وراء كعب الأحبار وأبي زبيد وتلميذ مسيلمة الكذّاب وطلحة بن خويلد؟

قُلتُ الدعوة، ولم أقُل ما هي الفائدة التي ستعود على المسلمين، ثُمّ ما هي النتيجة؟ ليس بعد ألف عام، ولكن في القرن الأوّل فقط، ولقد اتّسعت الدائرة بعد ذلك في عهد عثمان بن عفّان، فمن الذين ذكرناهم ممّن اتّسع نفوذهم عمّا كان عليه في عهد أبي بكر وعمر وزاد عثمان القائمة بآخرين... (معالم الفتن: 1 / 370).

٢٩٠

تحريض طلحة والزبير عليه، وقاد معركة صفّين ضدّ الإمام (عليه السلام).

وبعد قضيّة التحكيم أكثر من شنّ الغارات الوحشيّة على المناطق الخاضعة لحكومة الإمام (عليه السلام)، وأفسد في الأرض، وأهلك الحرث والنسل.

ثُمّ تمكّن من فرض الصلح على الإمام الحسن (عليه السلام) سنة 41 هـ، عبر مكيدة خاصّة، وضجيج مفتعل، فأحكم قبضته على السلطة بلا مُنازع، ثُمّ طفق يضطهد شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنصاره، موغلاً في ذلك، حتى إنّ أقرانه وأتباعه لم يُطيقوا مُمارساته.

وإنّ لقاء المغيرة به، وإخباره عن موقفه العدائي ضدّ الدين الإسلامي الحنيف يُترجمان حقده الدفين، كما يدلاّن على غاية خسّته ودَنَسه (1) ، وقد أفرط في سبّ الإمام (عليه السلام)، وعندما طُلب منه أن يكفّ قال:

لا والله، حتى يربوَ عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر ذاكر له فضلاً (2) .

وتستوقفنا المعلومات التي يذكرها ابن أبي الحديد حول طمسه فضائل الإمام، واختلاقه فضائل لنفسه، وسعيه في وضع الحديث، نقلاً عن كتاب الأحداث للمدائني (3) ، وغيره من الكُتب القديمة، والواقع أنّ كلّ ما قام به يوائم التفكير القيصري والكسروي، ويبتغي تبديل تعاليم الدين.

وتعتبر إمامته للصلاة في المدينة، وتركه البسملة، واحتجاج المهاجرين

____________________

(1) مُروج الذهب: 4 / 41.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 57، النصائح الكافية: 97، وراجع مُروج الذهب: 3 / 41.

(3) شرح نهج البلاغة: 11 / 44.

٢٩١

والأنصار عليه أدلّة قاطعة على ما نقول.

ومهما يكن فإنّ معاوية تقمّص الخلافة، الخلافة الدينيّة التي لا يعتقد بها اعتقاداً راسخاً من أعماق قلبه، وادّعى خلافة من قصد قتاله، ولم يتورّع عن تشويه الدين، ولم يأبهْ لتغيير معارف الحقّ، وأباح لنفسه كلّ عمل من أجل إحكام قبضته على الأُمور، واستمرار تسلّطه وتحكّمه.

هلك معاوية سنة 60 هـ، ونصب يزيد حاكماً على الناس، فخطا بذلك خطوة أُخرى نحو قلب الحقائق الدينيّة، وهو ما اشتُهرت آثاره في التاريخ.

2315 - مقتل الحسين للخوارزمي، عن أحمد بن أعثم الكوفي: إنّ معاوية لمّا حجّ حجّته الأخيرة ارتحل من مكّة، فلمّا صار بالأبواء (1) ونزلها قام في جوف الليل لقضاء حاجته، فاطّلع في بئر الأبواء، فلمّا اطّلع فيها اقشعرّ جلده، وأصابته الَّلقْوة (2) في وجهه، فأصبح وهو لِما به مغموم، فدخل عليه الناس يعودونه، فدعَوا له وخرجوا من عنده، وجعل معاوية يبكي لِما قد نزل به، فقال له مروان بن الحكم: أجزعت يا أمير المؤمنين؟! فقال: لا يا مروان، ولكنّي ذكرتُ ما كنت عنه عزوفاً، ثُمّ إنّي بكيت في إحَني (3) ، وما يظهر للناس منّي، فأخاف أن يكون عقوبة عُجّلت لي لما كان من دفعي حقّ عليّ بن أبي طالب، وما فعلتُ بحجر بن عديّ وأصحابه، ولولا هواي من يزيد لأبصرت رُشدي، وعرفت قصدي (4) .

____________________

(1) الأَبْوَاء: قرية من أعمال الفُرع من المدينة، بينها وبين الجُحفة ثلاثة وعشرون ميلاً (معجم البلدان: 1 / 79).

(2) اللَّقْوَة: مرض يعرض للوجه، فيُميله إلى أحد جانبيه (النهاية: 4 / 268).

(3) الإحَن: جمع إحنة، الحقد (النهاية: 1 / 27).

(4) مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 173.

٢٩٢

2 / 1 - 1 نَسَبَه

2316 - ربيع الأبرار: كان معاوية يُعزى إلى أربعة: مسافر بن أبي عمرو، وإلى عمارة بن الوليد، وإلى العبّاس بن عبد المطّلب، وإلى الصباح - مغنٍّ أسود كان لعمارة - قالوا: وكان أبو سفيان دميماً، قصيراً، وكان الصباح عسيفاً (1) لأبي سفيان، شابّاً وسيماً، فدعته هند إلى نفسها (2) .

2317 - الفخري: كانت أُمّه هند بنت عتبة شريفة في قريش، أسلمت عام الفتح، وكانت في وقعة أحد لمّا صُرع حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من طعنة الحربة التي طُعنها، جاءت هند فمثّلت بحمزة، وأخذت قطعة من كبده فمضغتها حنقاً عليه ; لأنّه كان قد قتل رجالا من أقاربها؛ فلذلك يُقال لمعاوية ابن آكلة الأكباد (3) .

2 / 1 - 2 دعاءُ النبيّ عليه

2318 - المُعجم الكبير، عن ابن عبّاس: سمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صوت رجلين يغنّيان، وهما يقولان:

ولا يزال حواريّ يلوح عظامه زوى الحربُ عنه أن يَجُنّ فيُقبرا

فسأل عنهما فقيل: معاوية وعمرو بن العاص، فقال: (اللّهمّ أركِسهما في الفتنة

____________________

(1) العسيف: الأجير (مجمع البحرين: 2 / 1214).

(2) ربيع الأبرار: 3 / 551، شرح نهج البلاغة: 1 / 336، بحار الأنوار: 33 / 201 / 489.

(3) الفخري: 103.

٢٩٣

ركساً، ودَعْهُما إلى النار دعّاً) (1) .

2319 - صحيح مسلم، عن ابن عبّاس: كنتُ ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحَطأني حَطْأة (2) ، وقال: (اذهب وادعُ لي معاوية)، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، قال: ثُمّ قال لي: (اذهب فادعُ لي معاوية)، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: (لا أشبع الله بطنه) (3) .

2320 - وقعة صفّين، عن عليّ بن الأقمر: وفدنا على معاوية، وقضينا حوائجنا، ثُمّ قلنا: لو مررنا برجل قد شهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعاينه، فأتينا عبد الله بن عُمر فقلنا: يا صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حدّثنا ما شهدت ورأيت؟ قال:

إنّ هذا أرسل إليّ - يعني معاوية - فقال: لئن بلغني أنّك تُحدّث لأضربنّ عُنقك. فجثوت على ركبتي بين يديه، ثُمّ قلت: وددتُ أنّ أحدّ سيف في جندك على عُنقي، فقال: والله ما كُنت لأُقاتلك ولا أقتلك.

____________________

(1) المُعجم الكبير: 11 / 32 / 10970، مُسند ابن حنبل: 7 / 182 / 19801، مُسند أبي يعلى: 13 / 429 / 7436، وقعة صفّين: 219، شرح الأخبار: 2 / 535 / 499 كلّها، عن أبي برزة نحوه، وراجع لسان العرب: 6 / 100. قال العلاّمة الأميني: للحديث طُرق أربعة صحيحة لا غَمز فيها، غير أنّ ابن كثير حبّبته أمانته أن لا يُذكر من طُرق الحديث إلاّ الضعيف، كما أنّ السيوطي راقه أن لا ينضّد في سلك لآلئه إلاّ المُزيّف، ساكتاً عن الأسانيد الصحيحة؛ حفظاً لكرامة ابن هند (الغدير: 10 / 145).

(2) يقال: حطأه، حَطْأً ; إذا دفعه بكفّه. وقيل: لا يكون الحَطْء إلاّ ضربة بالكفّ (النهاية: 1 / 404).

(3) صحيح مسلم: 4 / 2010 / 96، أُسد الغابة: 5 / 202 / 4948، مُسند الطيالسي: 359 / 2746، دلائل النبوّة للبيهقي: 6 / 243، وفي آخره (قال: فما شبع أبداً)، تاريخ الطبري: 10 / 58، فتوح البلدان: 663، سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1 / 121 / 82، البداية والنهاية: 8 / 119 والستّة الأخيرة نحوه.

٢٩٤

وايمُ الله ما يمنعني أن أُحدّثكم ما سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال فيه، رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أرسل إليه يدعوه - وكان يكتب بين يديه - فجاء الرسول، فقال: هو يأكل، فقال: (لا أشبع الله بطنه) فهل ترونه يشبع؟

قال: وخرج من فَجّ (1) فنظر رسول الله إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه، أحدهما قائد والآخر سائق، فلمّا نظر إليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (اللهمّ العن القائد والسائق والراكب)، قلنا: أنت سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟! قال: نعم، وإلاّ فصُمّتا أُذني، كما عميَتا عيني (2) .

2321 - البداية والنهاية - بعد ذكر كلام النبيّ (صلّى الله عليه وآله) -: وقد كان معاوية لا يشبع بعدها، ووافقته هذه الدعوة في أيّام إمارته، فيُقال: إنّه كان يأكل في اليوم سبع مرّات طعاماً بلحم، وكان يقول: والله لا أشبع وإنّما أعيى (3) .

2322 - تهذيب التهذيب، عن عليّ بن عمر: النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعرفهم بالصحيح والسقيم، وأعلمهم بالرجال، فلمّا بلغ هذا المبلغ حسدوه، فخرج إلى الرملة (4) [ثمّ إلى دمشق]، فسُئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه، فضربوه في الجامع، فقال: أخرجوني إلى مكّة، فأخرجوه وهو عليل وتوفّي

____________________

(1) الفَجّ: الطريق الواسع (النهاية: 3 / 412).

(2) وقعة صفّين: 220، بحار الأنوار: 33 / 190 / 458 - 474.

(3) البداية والنهاية: 6 / 169. وقال ابن كثير في موضع آخر: وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأُخراه، أمّا في دنياه: فإنّه لمّا صار إلى الشام أميراً، كان يأكل في اليوم سبع مرّات، يُجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيراً (البداية والنهاية: 8 / 119).

(4) الرَّمْلة: مدينة عظيمة بفلسطين، وهي اليوم خراب، بينها وبين بيت المقدس ثمانية عشر يوماً، كانت مقرّ ملك سليمان بن داود (عليهما السلام) (معجم البلدان: 3 / 69).

٢٩٥

مقتولا شهيداً...

وعن أبي بكر المأموني: قيل له [أي النسائي] وأنا حاضر: ألا تُخرج فضائل معاوية؟ فقال: أيّ شيء أُخرج؟! (اللّهمّ لا تُشبع بطنه)!! وسكت، وسكت السائل (1) .

2 / 1 - 3 أمر النبيّ بقتله إذا شوهد على منبره

2323 - رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) (2) .

2324 - عنه (صلّى الله عليه وآله): (إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه) (3) .

2325 - عنه (صلّى الله عليه وآله): (إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فاضربوا عنقه) (4) .

2326 - أنساب الأشراف، عن أبي سعيد الخدري: إنّ رجلا من الأنصار أراد قتل معاوية، فقلنا له: لا تسلّ السيف في عهد عمر حتّى نكتب إليه، قال: إنّي سمعت

____________________

(1) تهذيب التهذيب: 1 / 94 / 66، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 11 وفيه: من (قيل له...)، وراجع تهذيب الكمال: 1 / 338 / 48.

(2) تهذيب التهذيب: 1 / 637 / 1708 عن عبد الله وج 3 / 71 / 366 عن عبد الله مرفوعاً وج 4 / 346 / 5956، تاريخ دمشق: 59 / 157 كلاهما عن الحسن، سير أعلام النبلاء: 3 / 149 وج 6 / 105، وقعة صفّين: 221 كلاهما عن الحسن وص 216 عن زرّ بن حبيش وعن عبد الله بن مسعود وزاد في ذيله: (قال الحسن: فما فعلوا ولا أفلحوا).

(3) وقعة صفّين: 216 عن الحسن وزاد في ذيله: (قال أبو سعيد الخدري: فلم نفعل ولم نُفلح)، تاريخ دمشق: 59 / 156 / 12336 وح 12337 كلاهما عن أبي سعيد وفيه: (فارجموه) بدل (فاقتلوه) .

(4) وقعة صفّين: 216 عن عبد الله بن مسعود.

٢٩٦

رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (إذا رأيتم معاوية يخطب علي الأعواد فاقتلوه)، قالوا: ونحن سمعناه، ولكن لا نفعل حتّى نكتب إلى عُمر، فكتبوا إليه، فلم يأتِهم جواب الكتاب حتّى مات (1) .

2 / 1 - 4 وصيّة والديه

2327 - البداية والنهاية، عن عليّ بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف: قال أبو سفيان - لمعاوية -: يا بنيّ، إنّ هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخّرنا، فرفعهم سبقهم وقدّمهم عند الله وعند رسوله، وقصر بنا تأخيرنا، فصاروا قادة وسادة، وصرنا أتباعاً، وقد ولّوك جسيماً من أُمورهم، فلا تُخالفهم ; فإنّك تجري إلى أمَد، فنافِس فإن بلغته أورثته عقبك، فلم يزل معاوية نائباً على الشام في الدولة العمريّة والعثمانيّة مدّة خلافة عثمان (2) .

2328 - البداية والنهاية، عن عليّ بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف: قالت هند - لمعاوية فيما كَتبت به إليه -: والله يا بُنيّ إنّه قلّ أن تلد حُرّة مثلك، وإنّ هذا الرجل [أي عُمر بن الخطّاب] قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت (3) .

2 / 1 - 5 عُمر بن الخطّاب ومعاوية

2329 - البداية والنهاية، عن الزهري: ذُكر معاوية عند عمر بن الخطّاب، فقال:

____________________

(1) أنساب الأشراف: 5 / 136.

(2) البداية والنهاية: 8 / 118.

(3) البداية والنهاية: 8 / 118.

٢٩٧

دعوا فتى قريش وابن سيّدها ; إنّه لمَن يضحك في الغضب، ولا ينال منه إلاّ على الرضا، ومَن لا يؤخذ من فوق رأسه إلاّ من تحت قدميه (1) .

2330 - تاريخ الطبري، عن أبي محمّد الأُموي: خرج عمر بن الخطّاب إلى الشام، فرأى معاوية في موكب يتلقّاه، وراح إليه في موكب، فقال له عُمر: يا معاوية، تروح في موكب وتغدو في مثله! وبلغني أنّك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك! قال: يا أمير المؤمنين، إنّ العدوّ بها قريب منّا، ولهم عيون وجواسيس، فأردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزّاً، فقال له عمر: إنّ هذا لَكيد رجل لبيب أو خدعة رجل أريب، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين، مُرني بما شئت أصِر إليه، قال: ويحك، ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه، إلاّ تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك! (2)

2331 - سيَر أعلام النُبلاء: لمّا قدِم عمر الشام، تلقّاه معاوية في موكب عظيم وهيئة، فلمّا دنا منه، قال: أنت صاحب الموكب العظيم؟! قال: نعم، قال: مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: نعم، قال: ولِمَ تفعل ذلك؟ قال: نحن بأرضٍ جواسيس العدوّ بها كثير، فيجب أن نُظهِر من عزَّ السلطان ما يُرهبهم، فإن نهيتني انتهيت، قال: يا معاوية، ما أسألك عن شيء إلاّ تركتني في مثل رواجِب الضَّرِس (3) ، لئن كان ما قلت حقّاً ; إنّه لري أريب، وإن كان باطلا ; فإنّه لخدعة أديب. قال: فمُرني، قال: لا آمرك ولا أنهاك.

____________________

(1) البداية والنهاية: 8 / 124.

(2) تاريخ الطبري: 5 / 331.

(3) الرواجِب: هي ما بين عُقد الأصابع من داخل، والضَّرِس: الصعب السيّئ الخُلُق (النهاية: 2 / 197 وج 3/83).

٢٩٨

فقيل: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر عمّا أوردته، قال: لحسن مصادره وموارده جشّمناه (1) ما جشّمناه (2) .

2332 - تاريخ الطبري، عن سعيد المقبري: قال عمر بن الخطّاب، تذكرون كسرى وقيصرَ ودهاءهما وعندكم معاوية! (3) .

2333 - الاستيعاب: قال عمر [بن الخطّاب] - إذ دخل الشام ورأى معاوية -: هذا كسرى العرب (4) .

2 / 1 - 6 خصاله الموبقة

2334 - تاريخ الطبري، عن الحسن: أربع خصال كُنّ في معاوية، لو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأُمّة بالسُفهاء، حتّى ابتزَّها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكّيراً خمّيراً، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير، وادّعاؤه زياداً، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (الولد للفراش، وللعاهر الحَجَر)، وقتلُه حِجراً، ويلا له من حجر - مرّتين - (5) .

____________________

(1) يقال: جَشِمتُ الأمرَ وتَجَشّمته: إذا تكلّفتَه (النهاية: 1 / 274).

(2) سيَر أعلام النبلاء: 3 / 133 / 25، الاستيعاب: 3 / 471 / 2464، تاريخ دمشق: 59 / 112، البداية والنهاية: 8 / 124 كلّها نحوه.

(3) تاريخ الطبري: 5 / 330.

(4) الاستيعاب: 3 / 471 / 2464.

(5) تاريخ الطبري: 5 / 279، الكامل في التاريخ: 2 / 499 نحوه، وفيه: (بالسيف) بدل (بالسفهاء)، وراجع: محاضرات الأُدباء: 4 / 483، البداية والنهاية: 8 / 130.

٢٩٩

2 / 1 - 7 هويّته عن لسان الإمام عليّ

2335 - الإمام عليّ (عليه السلام) - في صفة معاوية -: (لم يجعل الله عزّ وجلّ له سابقةً في الدين، ولا سلف صدق في الإسلام، طليق ابن طليق، حزب من هذه الأحزاب، لم يزل لله عزّ وجلّ ولرسوله (صلّى الله عليه وآله) وللمسلمين عدوّاً هو وأبوه، حتّى دخلا في الإسلام كارهَين) (1) .

2336 - عنه (عليه السلام) - في صفة رجل مذموم، ثُمّ في فضله هو (عليه السلام) -: (أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مُندَحِق (2) البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي ; فأمّا السبّ، فسبّوني ; فإنّه لي زكاة، ولكم نجاةٌ، وأمّا البراءة، فلا تتبرّؤوا منّي؛ فإنّي وُلدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة) (3) .

2337 - عنه (عليه السلام) - في كتابه إلى معاوية -: (فسبحان الله! ما أشدّ لزومك للأهواء المُبتدعة، والحيرة المُتّبعة، مع تضييع الحقائق واطّراح الوثائق التي هي لله طلبة وعلى عباده حجّة) (4) .

____________________

(1) تاريخ الطبري: 5 / 8.

(2) مُنْدَحِق البطن: أي واسعها، كأنّ جوانبها قد بَعُد بعضها من بعض، فاتّسعت (النهاية: 2 / 105).

(3) نهج البلاغة: الخطبة 57، إعلام الورى: 1 / 340، شرح المئة كلمة: 237، وفي صدره: (ما حكم بوقوعه في حقّ عبيد الله بن زياد، أما إنّه...) ، بحار الأنوار: 39 / 325 / 27، ينابيع المودّة: 1 / 205 / 3.

(4) نهج البلاغة: الكتاب 37، الاحتجاج: 1 / 428 / 92، بحار الأنوار: 33 / 98 / 403، وفيهما: (تضييع) بَدَل (تضييق) .

٣٠٠