الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٩

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 350
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 350
أبي بكر، نحاول أن نلخصها على النحو التالي:
لقد بلغت الأمور في السقيفة حداً جعل عمر بن الخطاب يقول: (اقتلوا سعداً قتل الله سعداً، إنه منافق أو صاحب فتنة).
وقد قام الرجل (عمر) على رأسه، وقال له: (لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك، أو عيونك)(١) .
فيتلقاه قيس بن سعد بقوله: (لئن حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة، أو جارحة)(٢) .
ثم قال عمر: (والله ما يخالفنا أحد إلا قتلناه..) حسبما ورد.
وارتفعت الأصوات حتى كادت الحرب أن تقع..
وينتضي الحباب بن المنذر سيفه ويقول: (والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطمته بالسيف).
فيقال له: إذن يقتلك الله.
____________
١- مسند أحمد ج١ ص٥٦ والعقد الفريد ج٤ ص٨٦ وتاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٢٢ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٤٥٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج٤ ص٣٣٩ والرياض النضرة ج١ ص١٦٢ و ١٦٤ والسيرة الحلبية ج٣ ص٣٥٩ و (ط دار المعرفة) ج٣ ص٤٨٢. وراجع: بحار الأنوار ج٢٨ ص٣٣٦.
٢- تاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٢٢ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٤٥٩ والسيرة الحلبية ج٣ ص٣٥٩ والشافي في الامامة للشريف المرتضى ج٣ ص١٩٠ وسفينة النجاة للسرابي التنكابني ص٦٨ والغدير ج٥ ص٣٦٩ وج٧ ص٧٦.
فيقول: بل إياك يقتل(١) .
فأخذ، ووطئ في بطنه، ودس في فيه التراب(٢) .
وآخر ينادي: (أما والله، أرميكم بكل ما في كنانتي من نبل، وأخضب منكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، وأقاتلكم مع من معي من أهلي وعشيرتي)(٣) .
____________
١- مسند أحمد ج١ ص٥٦ والبيان والتبيين ج٣ ص١٩٨ والعقد الفريد ج٤ ص٨٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٣٣٩ والإمامة والسياسة ج١ ص١٥ وعن صحيح البخاري ج٦ ص٢٥٦ وتاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٢٠ و ٢٢٣ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٤٥٧ والكامل في التاريخ ج٢ ص٣٣٠ والرياض النضرة ج١ ص٢٠٢ و ٢٠٤ والبداية والنهاية ج٥ ص٢٤٦ وج٧ ص١٤٢ وعن صفة الصفوة ج١ ص٢٥٦ وتيسير الوصول ج٢ ص٤٥ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٢ ص٣٨ وج٦ ص٩ والسيرة الحلبية ج٣ ص٣٥٨ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٣٢٥
٢- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٦ ص٤٠ والغدير ج٧ ص٧٦.
٣- الإمامة والسياسة لابن قتيبة (بتحقيق الزيني) ج١ ص١٧ و (بتحقيق الشيري) ج١ ص٢٧ وتاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٢٢ والكامل في التاريخ ج٢ ص٣٣١ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٢ ص٣٩ والغدير ج٧ ص٧٦ والسيرة الحلبية ج٣ ص٣٥٩ و (ط دار المعرفة) ج٣ ص٤٨٣ والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج٣ ص١٩١.
و آخر يقول: (إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم)(١) .
ويستل الزبير سيفه، ويقول: (لا أغمده حتى يبايع علي).
فيقول عمر: (عليكم بالكلب).
فيؤخذ سيفه من يده، ويضرب به الحجر، فيكسر(٢) .
كما أن المقداد يُدْفَعُ في صدره(٣) ، ويضرب أنف الحباب بن المنذر ويُكْسَرُ(٤) .
____________
١- الغدير ج٣ ص٢٥٣ وج٧ ص٧٦ والسقيفة وفدك للجوهري ص٣٩ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص٢٢١ وج٢ ص٤٤ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٤٤٩ والكامل في التاريخ ج٢ ص٣٢٦ وراجع: بحار الأنوار ج٢٨ ص٣٢٧ و ٣٢٨ وفدك في التاريخ ص١٠٤ وحياة الإمام الحسين (عليهالسلام ) للقرشي ج١ ص٢٥٢.
٢- الإمامة والسياسة ج١ ص١٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٠٣ والرياض النضرة ج١ ص٢٠٧ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١٧٤ وج٢ ص١٥٦ وج٦ ص١١ و ٤٧ والأمالي للمفيد ص٤٩ والإحتجاج للطبرسي ج١ ص٩٥ وبحار الأنوار ج٢٨ ص١٨٤
٣- الصوارم المهرقة ص٥٨ وكتاب الأربعين للشيرازي ص١٤٦ وكتاب الأربعين للماحوزي ص٢٦٦ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١٧٤.
٤- الغدير ج٥ ص٣٦٨ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١٧٤ وكتاب الأربعين للماحوزي ص٢٦٦.
والأمرُّ والأدهى من ذلك كله أن أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى بيت الزهراء (عليهاالسلام ) وقال له: إن أبوا فقاتلهم.
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: (يا بن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا)؟!
قال: (نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة)(١) .
وقال لهم عمر: (لتخرجن إلى البيعة، أولأحرقنها على من فيها).
فقيل له: (إن فيها فاطمة).
فقال: (وإن)(٢) .
____________
١- العقد الفريد ج٤ ص٨٧ وتاريخ أبي الفداء ج١ ص١٥٦ وأعلام النساء ج٤ ص١١٤ وراجع: روضة المناظر ج١ ص١٨٩ حوادث سنة ١١ والطرائف لابن طاووس ص٢٣٩ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٣٣٩ والغدير ج٧ ص٧٧ ونهج السعادة للمحمودي ج٥ ص٢٧٢ ومجمع النورين للمرندي ص٢٤٦ ونهج الحق وكشف الصدق للعلامة الحلي ص٢٧١ وإحقاق الحق (الأصل) ص٢٢٨ و شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٢٥ ص٥٤٤. وراجع: البداية والنهاية ج٥ ص٢٥٠ وسير أعلام النبلاء (سيرة الخلفاء الراشدين) ص٢٦ والرياض النضرة ج١ ص٢٤١.
٢- تاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٢٠٢ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٤٤٣ والإمامة والسياسة ج١ ص١٩ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٢ ص٥٦ وج٦ ص٤٨ وأعلام النساء ج٤ ص١١٤ والسقيفة وفدك للجوهري ص٥٣ و ٧٣ = = والطرائف لابن طاووس ص٢٣٨ وبناء المقالة الفاطمية ص٤٠٢ وكتاب الأربعين للشيرازي ص١٥١ و ١٥٥ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٣١٥ و ٣٢١ والغدير ج٥ ص٣٦٩ و ٣٧١ وج٧ ص٧٧ و ٨٦.
ثم إنهم ضربوا الزهراء (عليهاالسلام )، وأسقطوا جنينها في هذا السبيل(١) ، ولم يبايع علي (عليهالسلام ) حتى رأى الدخان يخرج من بيته(٢) .
____________
١- راجع كتابنا: مأساة الزهراء (عليهاالسلام ) ج٢ ص١٣٢ ـ ١٤٣.
٢- تاريخ اليعقوبي ج٢ ص١٣٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ج١ ص١١٧ و ١١٨ وإثبات الهداة ج٢ ص٣٥٩ و ٣٦٧ و ٣٦٨ والعقد الفريد ج٤ ص٢٦٨ والإيضاح لابن شاذان ص١٦١ والإمامة والسياسة ج١ ص١٨ وسير أعلام النبلاء (سير الخلفاء الراشدين) ص١٧ ومجموع الغرائب للكفعمي ص٢٨٨ ومروج الذهب ج١ ص٤١٤ وج٢ ص٣٠١ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص١٣٠ وج ١٧ ص١٦٨ و ١٦٤ وج٦ ص٥١ وج٢ ص٤٧ و ٤٦ وج٢٠ ص٢٤ و ١٧ وميزان الإعتدال ج٣ ص١٠٩ وج٢ ص٢١٥ والإمامة ص٨٢ (مخطوط) توجد نسخة مصورة منه في مكتبة المركز الإسلامي للدراسات في بيروت. ولسان الميزان ج٤ ص١٨٩ وتاريخ الأمم والملوك ج٣ ص٤٣٠ (ط المعارف) وكنز العمال ج٣ ص١٢٥ وج٥ ص٦٣١ و ٦٣٢ والرسائل الاعتقادية (رسالة طريق الإرشاد) ص٤٧٠ و ٤٧١. ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج٢ ص١٧١. =
= وراجع: المعجم الكبير للطبراني ج١ ص٦٢ وضياء العالمين (مخطوط) ج٢ ق٣ ص ٩ و ١٠٨ عن العديد من المصادر والنص والإجتهاد ص٩١ والسبعة من السلف ص١٦ و ١٧ والغدير ج٧ ص١٧٠ ومعالم المدرستين ج٢ ص٧٩ وعن تاريخ ابن عساكر (ترجمة أبي بكر) ومرآة الزمان.
وراجع: زهر الربيع ج٢ ص١٢٤ وأنوار الملكوت ص٢٢٧ وبحار الأنوار ج٣٠ ص١٢٣ و ١٣٦ و ١٣٨ و ١٤١ و ٣٥٢ ونفحات اللاهوت ص٧٩ وحديقة الشيعة ج٢ ص٢٥٢ وتشييد المطاعن ج١ ص٣٤٠ ودلائل الصدق ج٣ ق١ ص٣٢.
وراجع: الخصال ج١ ص١٧١ و ١٧٣ وحياة الصحابة ج٢ ص٢٤ والشافي للمرتضى ج٤ ص١٣٧ و ١٣٨. والمغني لعبد الجبار ج٢٠ ق١ ص٣٤٠ و ٣٤١. ونهج الحق ص٢٦٥ والأموال لأبي عبيد ص١٩٤ (وإن لم يصرح بها).
وراجع ايضاً: مجمع الزوائد ج٥ ص٢٠٣ وتلخيص الشافي ج٣ ص١٧٠ وتجريد الإعتقاد لنصير الدين الطوسي ص٤٠٢ وكشف المراد ص٤٠٣ ومفتاح الباب (أي الباب الحادي عشر) للعربشاهي (تحقيق مهدي محقق) ص١٩٩ وتقريب المعارف ص ٣٦٦ و ٣٦٧ واللوامع الإلهية في المباحث الكلامية للمقداد ص٣٠٢ ومختصر تاريخ دمشق ج١٣ ص١٢٢ ومنال الطالب ص٢٨٠.
ثم يذكر (رحمهالله ) ما لاقاه علي والزهراء (عليهماالسلام ) من ظلم واضطهاد في هذا السبيل(١) ، فراجع كلامه.
____________
١- الغدير ج٧ ص٧٧ ـ ٨٢.
كبس الناس في بيوتهم، وأربعة آلاف مقاتل:
لقد دلت النصوص المتقدمة على ممارسة المتغلبين الجدد أقسى أنواع القهر، وعلى سعيهم الحثيث لإكراه الناس على البيعة، ونضيف إليها ما يلي:
١ ـ عن عبدالله بن عبد الرحمن قال:
(إن عمر احتزم بإزاره، وجعل يطوف بالمدينة، وينادي: ألا إن أبا بكر قد بويع له، فهلموا إلى البيعة، فينثال الناس عليه فيبايعون.
فعرف أن جماعة في بيوت مستترون، فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم، ويحضرهم المسجد، فيبايعون، حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي بن أبي طالب (عليهالسلام ) الخ..).
ثم تذكر الرواية إحضارهم الحطب لإحراق باب علي والزهراء (عليهماالسلام ) على من فيه..(١) .
٢ ـ ذكر الطبرسي: أنه قد جيء بعلي (عليهالسلام ) ملبباً يُعْتَلُ ـ أي يجر بعنف ـ إلى أبي بكر (وعمر قائم بالسيف على رأسه، ومعه خالد وأبو عبيدة، وسالم، والمغيرة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد. وسائر الناس قعود، ومعهم السلاح).
ثم تذكر الرواية: أنهم مدُّوا يد علي (عليهالسلام ) وهو يقبضها، حتى
____________
١- راجع: الإحتجاج ج١ ص٢٠١ ـ ٢٠٢ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢٠٤.
وضعوها فوق يد أبي بكر، وصيح في المسجد: بايع بايع(١) .
٣ ـ وقد جاء في حديث الإثني عشر، الذين احتجوا على أبي بكر، ونصحوه بالتراجع عما أقدم عليه، ما يلي:
(فنزل أبو بكر من المنبر، فلما كان يوم الجمعة المقبلة، سل عمر سيفه، ثم قال: لا أسمع رجلاً يقول مثل مقالته تلك إلا ضربت عنقه، ثم مضى هو وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبو عبيدة، شاهرين سيوفهم حتى أخرجوا أبا بكر، وأصعدوه المنبر)(٢) .
وسيأتي هذا الحديث مفصلاً في الجزء التالي تحت عنوان: اثنا عشر صحابياً يحتجون على أبي بكر.
وقال الصدوق بعد ذكره لاحتجاجات الإثني عشر رجلاً المشار إليها:
(فأخبر الثقة من أصحاب رسول الله (صلىاللهعليهوآله ): أن أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث أتاه عمر بن الخطاب، وطلحة، والزبير، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، مع كل واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم، شاهرين
____________
١- الإحتجاج ج١ ص٢١٢ ـ ٢١٣ فما بعدها، وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢٧٠ ـ ٢٧٦ وبيت الأحزان ص١١٠ وكتاب سليم بن قيس ج٢ ص٥٨٧ وراجع: تخريج الحديث في ج٣ ص٩٦٥ ـ ٩٦٦ فإنه أشار إلى العديد من المصادر.
٢- كتاب الرجال للبرقي ص ٦٦ وقاموس الرجال للتستري ج١٠ ص٩٨ ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج١٩ ص٢٠٣.
السيوف، فأخرجوه من منزله، وعلا المنبر، وقال قائل منهم:
(والله، لإن عاد منكم أحد فتكلم بمثل الذي تكلم به لنملأن أسيافنا منه. فجلسوا في منازلهم، ولم يتكلم أحد بذلك)(١) .
وذِكْرُ الزبير هنا قد يكون سهواً من الرواة، بسبب الإرتباط الذهني بينه وبين طلحة.
ومهما يكن من أمر: فإن هذا الحديث مروي بعدة طرق.. وقد رواه ابن طاووس عن أحمد بن محمد الطبري، المعروف بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ، في كتاب مناقب أهل البيت (عليهمالسلام )(٢) ، وقال: (إعلم أن هذا الحديث روته الشيعة متواترين.. الخ..)(٣) .
وقد ذكر السيد هذه الرواية لكنه قال: (فجلس أبو بكر في بيته ثلاثة أيام، فأتاه عمر وعثمان و.. و..
إلى أن قال: فأتاه كل منهم متسلحاً في قومه حتى أخرجوه من بيته، ثم أصعدوه المنبر، وقد سلوا سيوفهم، فقال قائل منهم: والله، لئن عاد أحد منكم بمثل ما تكلـم به رعاع منكم بالأمس لنملأن سيوفنـا منـه، فأحجم
____________
١- الخصال ج ٢ ص ٤٦٥ وراجع: بحار الأنوار ج ٢٨ ص ٢١٣ ـ ٢١٩.
٢- راجع: اليقين ص ١٠٨ و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص٣٣٥ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢١٤.
٣- اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليهالسلام ) ص ١٠٨ و ١١٣ و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص٣٣٥ وراجع: بحار الأنوار ج٢٨ ص٢١٤ و ٢١٥.
ـ والله ـ القوم، وكرهوا الموت)(١) .
٤ ـ إن نصاً آخر للحديث الآنف الذكر نفسه، يذكر رقماً محدداً للمقاتلين الذين استفادوا منهم في إرعاب الناس من الأنصار وغيرهم، وخصوصاً في مواجهة علي (عليهالسلام ) ومن معه..
فقد روى الطبرسي (رحمهالله ) وغيره، حديث احتجاج الاثني عشر صحابياً على أبي بكر عن الإمام الصادق (عليهالسلام ) وفيه: أنهم بعد ان تكلموا بما أفحم أبا بكر، أخذ عمر بيده (وانطلق إلى منزله، وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).
فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل، فخرجوا شاهرين بأسيافهم، يقدمهم عمر بن الخطاب، حتى وقفوا بمسجد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) فقال عمر:
والله يا أصحاب علي، لئن ذهب منكم رجل يتكلم، بالذي تكلم بالأمس، لنأخذن الذي فيه عيناه)(٢) .
____________
١- اليقين ص١١٣ و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص٣٤٢ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢١٩.
٢- الإحتجاج ج١ ص٢٠٠ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢٠٢ عنه، والصراط المستقيم ج٢ ص٨٢ عن كتاب إبطال الإختيار، بسنده عن أبان بن عثمان، عن الإمام الصادق (عليهالسلام )، وكتاب الأربعين للشيرازي ص٢٤٣ ونهج الإيمان لابن جبر ص٥٨٦ والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج٢ ص٣٣٤.
٥ ـ (قال هشام: قال أبو مخنف: فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي:أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك، فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول: ما هو إلا أن رأيت أسلم، فأيقنت بالنصر)(١) .
٦ ـ قال ابن الأثير: (وجاءت أسلم فبايعت)(٢) .
٧ ـ وعند المعتزلي: (جاءت أسلم فبايعت، فقوي بهم جانب أبي بكر)(٣) .
٨ ـ عن أبي مخنف، عن محمد بن السائب الكلبي، وأبي صالح، عن زائدة بن قدامة: أن قوماً من الأعراب دخلوا المدينة ليمتاروا منها، فأنفذ إليهم عمر، فاستدعاهم وقال لهم:
(خذوا بالحظ والمعونة على بيعة خليفة رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فمن امتنع، فاضربوا رأسه وجبينه.
قال: فوالله، لقد رأيت الأعراب قد تحزموا، واتشحوا بالأزر الصنعانية،
____________
١- تاريخ الأمم والملوك (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج ٣ ص ٢٢٢ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٤٥٨ وتلخيص الشافي ج ٣ ص ٦٦ وبحار الأنوار ج ٢٨ ص ٣٣٥ والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج٣ ص١٩٠.
٢- الكامل في التاريخ ج ٣ ص٣٣١ وراجع: بحار الأنوار ج٢٨ ص٣٢٦ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٢ ص٤٠.
٣- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٢ ص ٤٠ وبحار الأنوار للمجلسي ج ٢٨ ص ٣٢٦ عنه.
وأخذوا بأيديهم الخشب، وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطاً، وجاؤوا بهم مكرهين إلى البيعة)(١) .
ومن المعلوم: أن الأعراب الذين كانوا حول المدينة هم أسلم، وجهينة، وغفار، ولحيان. وهم الذين يقول الله تعالى فيهم:( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ) (٢) ، كما جاءت به الرواية.
٩ ـ روى المعتزلي وغيره، عن البراء بن عازب: أنه فقد أبا بكر وعمر حين وفاة رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، (وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر. فلم ألبث، وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل، ومعه عمر، وأبو عبيدة، وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية، لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه، ومدوا يده، ومسحوها على يد أبي بكر، شاء ذلك أو أبى)(٣) .
فهذا النص يقترب جداً إلى سابقه، إلى حد التطابق، وهما معاً يقتربان ـ بنحو أو بآخر ـ من النصوص المتقدمة حول بني أسلم..
____________
١- الجمل للشيخ المفيد ص١١٩ و (ط مكتبة الداوري) ص٥٩.
٢- الآية ١٠١ من سورة التوبة.
٣- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١ ص٢١٩ وبحار الأنوار ج٢٨ ص٢٨٦ وكتاب سليم بن قيس (نشر الهادي) ج٢ ص٥٧٢ وكتاب الأربعين للشيرازي ص١٤٧ والسقيفة وفدك للجوهري ص٤٨.
ونقول:
لاحظ ما يلي:
١ ـ إن لنا كلاماً حول كل ما سبق من نصوص أوردناه في الجزء الأخير من كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله )، فلا غنى للباحث عن مراجعته.
٢ ـ إن المدينة كانت بلداً صغيراً جداً قد لا يزيد عدد سكانه، كبيرهم وصغيرهم، نساءاً ورجالاً، على الثلاثة أو الأربعة آلاف(١) .
وهو بلد منقسم على نفسه إلى جماعات، فإذا دخل إليها فجأة بضعة مئات من المقاتلين، وأصبحوا في كل حي وكل زقاق، وعلى أبواب البيوت، فقد انتهى امرها، وسقطت كل إرادة للمقاومة فيها، ولا سيما إذا كان بعض الفرقاء فيها هو الذي رغب إلى هؤلاء المقاتلين بالمجيء لنصرته ومعونته..
٣ ـ إن إيقان عمر وأبي بكر بالنصر حين حضور قبيلة أسلم، قد يوحي بانسجام تام بينهما، إن لم نقل بوجود تنسيق مسبق بين هذه القبيلة التي حضرت فجأة، وفرضت إرادتها على الجميع.
وقد صرحت رواية المفيد بتحريض عمر لهم على معونتهم في أخذ البيعة من الناس.
٤ ـ إن قبيلة أسلم، وجهينة، ومزينة، وغفار، وعصية، وأشجع، كانوا يسكنون حول المدينة، وكان النفاق فاشياً في هذه القبائل، حتى لقد قال
____________
١- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله ) ج٣٣ ص٣٣٣ ـ ٣٣٥.
تعالى عنهم(١) :
( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ) (٢) .
____________
١- راجع: تفسير النسفي ج٢ ص١٠٧ والتفسير الكبير للرازي ج١٦ ص١٧٣ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٧١ عن ابن المنذر، وبحار الأنوار ج٢٢ ص٤١ وتفسير مجمع البيان ج٥ ص١١٤ وتفسير مقاتل بن سليمان ج٢ ص٦٨ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص١٧٤ وتفسير البيضاوي ج٣ ص١٦٨ وتفسير أبي السعود ج٤ ص٩٧ وفتح القدير للشوكاني ج٢ ص٤٠١ وتفسير الآلوسي ج١١ ص٩. والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج٣ ص٧٥ وتفسير البحر المحيط ج٥ ص٩٧ وتفسير الثعالبي ج٣ ص٢٠٨.
٢- الآية ١٠١ من سورة التوبة.
من وفاة النبي (صلىاللهعليهوآله ).. إلى بيعة علي (عليهالسلام )
لصفحة ١٧٦
كيف حدث الإنقلاب؟!
الخلافة في إطارها العام..