الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح0%

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 48

  • البداية
  • السابق
  • 48 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9087 / تحميل: 5410
الحجم الحجم الحجم
الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

مؤلف:
العربية

فلذلك قدَّمه وصلّى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالاِمام(1) .

ثمّ بيّن تقدّم المهدي في الجهاد، فراجع ثمّة إن شئت.

الثالث : أنّه لا قول للمهديّ إلاّ بمشورة عيسى، بناءً على أنّه من وزرائه(2) .

والجواب : أنّه لو سُلِّم - مع ما فيه من مخالفة ظاهر الحديث - فغاية ما يدلّ عليه: أنّ المهديّ عليه السلام لا يقطع أمراً إلاّ بمشورة المسيح بن مريم عليهما السلام - وهذا مبنيّ على القول بأنّه من وزرائه، وهو غير ثابت - وذلك لا ينافي كون مآل الاَمر إلى المهديّ عليه الصلاة والسلام، فإنّه إذا عزم على أمرٍ توكّل على الله تعالى وفعله كما كان ذلك شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه.

مضافاً إلى عصمته المطلقة - وقد تقدّم الكلام على ذلك آنفاً - فلا يحتاج إلى مشورة عيسى عليه السلام بالاَصالة، بحيث لولاها لما نفذ له قول ولا أمر، لمكان تلك العصمة والتسديد من الله تعالى، وإنّما هي - أعني المشورة على تقدير ثبوتها - سياسة أدبية منه مع عيسى بن مريم عليه السلام، وهذا لا ضير فيه، ولا يقدح في شيء من أمر المهديّ عليه الصلاة والسلام وإمامته وتقدّمه على جميع أهل عصره، ووجوب طاعته كالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حذو القذّة بالقذة، كما لا يخفى.

* * *

____________________

(1) البيان: 21.

(2) مشارق الاَنوار في فوز أهل الاعتبار - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/62 -: 115.

٢١

الباب الثاني

في حكاية جملةٍ من فتاوى العلماء في من أنكر المهديّ المنتظر عليه الصلاة والسلام

ونقتصر في هذا الباب على ما وقفنا عليه على العُجالة، فعسى الله أن يردع بذلك من صَبا إلى القول بإنكاره من أهل الجهالة والضلالة، ويكون بلاغاً ناهياً للزائغين، إنّه الهادي إلى سبيله.

فنقول:

اعلم - رحمك الله - أنّه لا ريب في أنّ أحاديث خروج المهديّ عليه الصلاة والسلام متواترة، بإجماع من يعتدّ به من أهل العلم وأئمّة الحديث، فإنكار هذا الاَمر المتواتر جرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة البالغة إلى حدّ التواتر، كما قال القنوجي في الاِذاعة(1) .

وقد سُئل شيخ الاِسلام شهاب الدين أحمد بن حجر المكّيّ الشافعيّ عمّن أنكر المهدي الموعود به؛ فأجاب: أنّ ذلك إنْ كان لاِنكار السُنّة رأساً فهو كفر يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته فيقتل.

وإن لم يكن لاِنكار السُنّة وإنّما هو محض عناد لاَئمّة الاِسلام فهو

____________________

(1) راجع: الاِذاعة لما كان وما يكون - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/104 -: 146.

٢٢

يقتضي التعزير البليغ والاِهانة بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصَفْعٍ وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح، ويرجعه إلى الحقّ راغماً على أنفه، ويردّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره. انتهى.

وقد ذكر المتّقي الهنديّ في أواخر كتابه البرهان(1) هذه الفتوى بعين ألفاظها، وأوردها المفتي ابن حجر مختصرةً في الفتاوى الحديثية(2) له.

وكذلك أفتى الشيخ العلاّمة يحيى بن محمّد الحنبليّ بكفر من أنكر المهديّ عليه السلام فقال: وأمّا من كذّب بالمهديّ الموعود به فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بكفره(3) .

وقد وقفت على فتوىً لشيخ الاِسلام محمّد بهاء الدين العاملي رحمه الله تعالى في هذه المسألة، قال - في جواب من سأله عن خروج المهديّ بقول مطلق، هل هو من ضروريّات الدين فمنكره مرتدّ، أم ليس من ضروريّاته، لِما يُحكى من خلاف بعض المخالفين فيه، وأنّ الذي يخرج إنّما هو عيسى عليه السلام، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريّته؟ -:

الاَظهر أنّه من ضروريّات الدين، لاَنّه ممّا انعقد عليه إجماع المسلمين، ولم يخالف فيه إلاّ شرذمة شاذّة لا يعبأ بهم، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم، ولا يقدح خروج أمثال هؤلاء من ربقة الاِجماع في حجّيّته، فلا مجال للتوقّف في كفرهم إن لم تكن لهم شبهة محتملة. إنتهى.

____________________

(1) البرهان: 178 - 179.

(2) الفتاوى الحديثية: 37.

(3) البرهان: 182.

٢٣

قلت:

إكفار المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين:

أوّلهما : ما أشار إليه شيخ الاِسلام ابن حجر في الفتاوى الحديثيّة وهو ما أخرجه أبو بكر الاِسكاف في فوائد الاَخبار عن محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الاَنصاري رضي الله عنه، عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كذّب بالدجّال فقد كفر، ومن كذّب بالمهديّ فقد كفر(1) .

قال ابن حجر في القول المختصر - كما في البرهان -: أي حقيقةً، كما هو المتبادر من اللفظ، لكن إن كان تكذيبه من السُنّة، أو لاستهتاره بها، أو للرغبة عنها، فقد قال أئمّتنا وغيرهم: لو قيل لاِنسانٍ قصَّ أظفارك فإنّه من السُنّة، فقال: لا أفعله وإن كان سُنّة رغبةً عنها فقد كفر، فكذا يقال بمثله(2) .

قلت:

حديث جابر أخرجه أبو القاسم السهيلي في شرح السيرة له.

وأبو بكر ابن أبي خيثمة في جمعه للاَحاديث الواردة في المهديّ.

والحافظ السيوطيّ الشافعيّ في العَرف الوردي(3) .

____________________

(1) الفتاوى الحديثيّة - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/432 -: 37، الاِشاعة في إشراط الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/505 -: 112.

(2) البرهان: 170 - 171.

(3) العرف الوردي في أخبار المهدي - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/392 -: 487.

٢٤

وشيخ الاِسلام إبراهيم بن محمّد الجوينيّ الشافعيّ في فرائد السمطين(1) .

والحافظ القندوزيّ الحنفيّ في ينابيع المودّة(2) .

واعتمده بعض أهل العلم كابن حجر الشافعيّ، ويحيى بن محمّد الحنبليّ وأفتيا بمدلوله، كما مرّ آنفاً.

وكذا الشيخ العلاّمة محمّد بن أحمد السفارينيّ الحنبليّ في لوائح الاَنوار البهيّة(3) فإنّه قال: قد روى الاِمام الحافظ ابن الاِسكافي بسندٍ مرضيّ إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى آخره، وأورده البرزنجيّ الشافعيّ في الاِشاعة(4) .

فظهر بذلك ما في دعوى بعضهم من الحكم بوضع الحديث ورمي ابن الاِسكافي به، والله المستعان.

وثانيهما : إجماع أهل الاِسلام قاطبة، واتّفاقهم على مرّ الاَعصار والاَعوام على خروج المهديّ المنتظر عليه الصلاة والسلام، حتّى عُدّ ذلك من ضروريّات الدين - كما صرّح به شيخ الاِسلام البهائي؛ - وهو اتّفاق قطعيّ منهم، لا يشوبه شكّ ولا يعتريه ريب، اللّهمّ إلاّ من شذّ، ممّن لا يُعتدّ بخلافه، ولايلتفت إليه، ولا تكون مخالفته قادحة في حجّيّة

____________________

(1) فرائد السمطين 2/334 ح 585.

(2) ينابيع المودّة 3/295 ح 1 وص 383 ح 1، وفيه «أنكر» بدل «كذّب»، الحاوي للفتاوي، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/392.

(3) انظر: لوائح الاَنوار البهيّة وسواطع الاَسرار الالهية المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/21.

(4) الاِشاعة في إشراط الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/505 -: 112.

٢٥

الاِجماع، ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، مضافاً إلى تواتر أحاديث المهديّ عليه الصلاة والسلام تواتراً قطعيّاً.

وظاهر أنّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما - ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً - فإنّه كافر، لردّه ما قطع بصدوره وتحقّق ثبوته عنه صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شبهة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين، لاَنّ الرادّ عليه صلى الله عليه وآله وسلم كالرادّ على الله تعالى، والرادّ على الله كافر باتّفاق أهل الملّة، وإجماع أهل القبلة.

ودعوى التواتر صحيحة ثابتة كما صرّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين، ولا نعلم رادّاً لها إلاّ بعض مَن امتطى مطيّة الجهل، واتّخذ إلهه هواه، وكابر الحقّ، فكان حقيقاً بالاِعراض عنه.

ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقّقي العلماء في تحقّق التواتر لتتبيّن لك جليّة الحال.

قال الشيخ أبو الحسين الآبري في كتاب مناقب الشافعيّ: قد تواترت الاَخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر المهديّ، وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، وأنّه يملاَ الاَرض عدلاً، وأنّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجّال، وأنّه يؤمّ هذه الاُمّة ويصلّي عيسى بن مريم خلفه(1) . انتهى.

وفي بعض فتاوى شيخ الاِسلام ابن حجر المكّي، أنّ الاَحاديث في ذلك مستفيضة متواترة.

____________________

(1) انظر: العطر الوردي - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/118 -: 45.

٢٦

وقال في الصواعق: الاَحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهديّ كثيرة متواترة.

وقال الشيخ العلاّمة محمّد بن أحمد السفاريني الحنبليّ في اللوائح(1) : الصواب الذي عليه أهل الحقّ أن المهديّ غير عيسى، وأنّه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام.

قال: وقد كثرت بخروجه الروايات حتّى بلغت حدّ التواتر المعنويّ، فلا معنى لاِنكارها(2) .

ومثله في شرح الشرقاوي على ورد البكري كما في مشارق الاَنوار للحمزاوي(3) .

وقال قاضي القضاة أبو عبد الله محمّد بن علي الشوكانيّ في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهديّ المنتظر والدجّال والمسيح: الاَحاديث الواردة في المهديّ التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر.

قال: وهي متواترة بلا شكّ ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرّرة في الاُصول.

قال: وأمّا الآثار عن الصحابة المصرّحة بالمهديّ فهي كثيرة أيضاً، لها

____________________

(1) انظر: لوائح الاَنوار البهيّة وسواطع الاَسرار الاِلهيّة، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/20.

(2) انظر: لوائح الاَنوار البهيّة وسواطع الاَسرار الاِلهيّة، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/20.

(3) انظر: مشارق الاَنوار - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عيله السلام عند أهل السُنّة 2/62 -: 115.

٢٧

حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك(1) .

وقال السويديّ البغداديّ في كتابه سبائك الذهب: الذي اتّفق عليه العلماء أنّ المهديّ هو القائم في آخر الوقت، وأنّه يملاَ الاَرض عدلاً، والاَحاديث في ظهوره كثيرة(2) .

وقال الشيخ أبو عبد الله جعفر بن محمّد الاِدريسي الحسني الكتّاني في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر(3) : قد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنّها متواترة - يعني أحاديث المهديّ عليه السلام -، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث.

قال: وفي تأليفٍ لاَبي العلاء إدريس بن محمّد بن إدريس الحسنيّ العراقيّ في المهديّ هذا، أنّ أحاديثه متواترة أو كادت، وجزم بالاَوّل غير واحدٍ من الحفّاظ النقّاد.

وبالجملة : فإنكار المهديّ وإنكار خروجه أمر عظيم لا ينبغي التفوّه به، بل ربّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخروج عن الملّة والعياذ بالله تعالى.

وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، شيخ علماء نجد والحجاز في هذا العصر، ومعتمدهم في علوم الشرع المطهّر: أمّا من أنكر ذلك - يعني نزول عيسى وخروج الدجّال والمهديّ - وزعم أنّ نزول المسيح بن مريم ووجود المهديّ إشارة إلى ظهور الخير، وأنّ وجود

____________________

(1) راجع: الاِذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/71 - 72 -: 113 - 114.

(2) سبائك الذهب: 78.

(3) انظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر - المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/194 -: 144 - 145.

٢٨

الدجّال ويأجوج ومأجوج وما أشبه ذلك إشارة إلى ظهور الشرّ، فهذه أقوال فاسدة، بل باطلة في الحقيقة، لا ينبغي أن تذكر، فأهلها قد حادوا عن الصواب، وقالوا أمراً منكراً وأمراً خطيراً لا وجه له في الشرع، ولا وجه له في الاَثر ولا في النظر.

قال: والواجب تلقّي ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالقبول، والاِيمان التامّ به والتسليم، فمتى صحّ الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز لاَحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده، بل يجب التسليم كما قال الله عزّوجلّ:( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (1) وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الاَمر عن الدجّال، وعن المهديّ، وعن عيسى بن مريم، ووجب تلقّي ما قاله بالقبول والاِيمان بذلك، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الاَعمى الذي يضرّ صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة(2) .

ولا يسع المقام لاستقصاء كلام الاَئمّة والعلماء في تواتر أحاديث المهديّ المنتظر عليه الصلاة والسلام، والتحذير من إنكار شأنه، لكن في ما حكينا لك مقنع وكفاية إن شاء الله تعالى، والله الهادي إلى سواء السبيل.

* * *

____________________

(1) سورة النساء 4: 65.

(2) مجلّة الجامعة الإسلامية - المطبوعة ضمن موسوعة الإمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنة 2 / 435 -، العدد الثالث من السنة الأولى، ذو العقدة 1388هـ.

* * *

٢٩

الباب الثالث

في ذكر طرفٍ من الوجوه الفارقة بين المهديّ المنتظر وبين المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام

إعلم - رحمك الله - أنّ هذا الباب هو المقصود بالاَصالة، والداعي إلى جمع هذه الرسالة، وأنّ ما تقدّم إنّما هو كالتمهيد له، فنقول وبالله نستعين:

قد مرّ عليك آنفاً قول العلاّمة السفاريني: إنّ الصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهديّ غير عيسى.

إذا تقرّر هذا فاعلم: أنّ المتأمِّل في الاَحاديث النبويّة، والآثار المرويّة تظهر له فروق شتّى بين خروج المهديّ المنتظر آخر الزمان، وبين المسيح عيسى بن مريم صلّى الله على نبيّنا وآله وعليه وسلّم.

1 - فمنها : ما ورد في الاَحاديث المستفيضة من كون المهديّ من هذه الاُمّة، وأنّه من وُلْد فاطمة عليها الصلاة والسلام، وأنّه من ذرّيّة الحسين السبط الشهيد عليه السلام.

ولا ريب أنّ ابن مريم عليه السلام ليس من هذه الاُمّة المرحومة، بل هو من أنبياء بني إسرائيل، ولا هو من وُلْد فاطمة صلوات الله وسلامه عليه وعليها، بل هو ابن مريم العذراء، ليس له أبٌ فضلاً عن كونه من ذرّيّة الحسين عليه الصلاة والسلام، وهذا ممّا أطبق عليه بنو آدم أبد الآبدين، وهو من أعظم

٣٠

الفوارق وأبينها.

قال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في اللمعات: قد تضافرت الاَحاديث البالغة حدّ التواتر في كون المهديّ من أهل البيت من أولاد فاطمة. انتهى.

قلت:

ويدلّ على ذلك: ما أخرجه عبد الرزّاق في المصنَّف عن أبي سعيد الخدري، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلاءً يصيب هذه الاُمّة حتّى لا يجد الرجل ملجأً يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي من أهل بيتي فيملاَ به الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً... الحديث(1) .

وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد أيضاً، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يكون في أُمّتي المهديّ»(2) .

وأخرج أيضاً عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة»(3) .

ورواه أحمد وابن أبي شيبة ونعيم بن حمّاد في الفتن(4) .

وأخرج أيضاً عن عبد الله بن مسعود، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلمّا رآهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم «اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه! فقال:

____________________

(1) المصنّف 11/371 - 372 ح 20770.

(2) سنن ابن ماجة 2/1366 ح 4083.

(3) سنن ابن ماجة 2/1367 ح 4085.

(4) الفتن: 254 ح 996، مسند أحمد بن حنبل 1/84، المصنّف لابن أبي شيبة 15/197 ح 19490.

٣١

نكرهه! فقال: «إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنَه، فيقاتلون فيُنصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي فيملؤها قسطاً كما ملؤوها جَوْراً»(1) .

وأخرج أيضاً عن سعيد بن المسيّب، قال: كنّا عند أُمّ سلمة فتذاكرنا المهديّ، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «المهديّ من وُلْد فاطمة»(2) .

وفي لفظ أبي داود: «المهديّ من عترتي من وُلْد فاطمة»(3) .

وأخرج أبو نعيم وابن ماجة، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «نحن سبعة من وُلْد عبد المطلب سادة أهل الجنّة، أنا، وحمزة، وعليّ، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهديّ»(4) .

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود عن عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملاُها عدلاً كما مُلئت جوراً»(5) .

وفي حديث عن ابن مسعود: «لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً منّي، أو: من أهل بيتي..» الحديث(6) .

____________________

(1) سنن ابن ماجة 2/1366 ح 4082.

(2) سنن ابن ماجة 2/1368 ح 4086.

(3) سنن أبي داود 4/107.

(4) سنن ابن ماجة 2/24.

(5) سنن أبي داود 4/107، المصنّف لابن أبي شيبة 8/678 ح 194.

(6) سنن أبي داود 4/106.

٣٢

وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الاَنف، يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين»(1) .

أخرج أحمد وأبو داود والترمذي، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىَ اسمه اسمي»(2) .

قال الترمذيّ: وفي الباب عن عليّ، وأبي سعيد، وأُمّ سلمة، وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح.

وأخرج الترمذي عن ابن مسعود أيضاً، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «يلي رجل من أهل بيتي يواطىَ اسمه اسمي»(3) .

وأخرج أيضاً عن أبي سعيد، قال: خشينا أن يكون بعد نبيِّنا حدث، فسألنا نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إنّ في أُمّتي المهديّ..» الحديث(4) .

وأخرج البخاريّ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!»(5) .

وأخرج نور الدين الهيثمي في موارد الظمآن عن أبي هريرة أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ ليلة لَمَلَكَ فيها رجل من أهل

____________________

(1) سنن أبي داود 4/107.

(2) مسند أحمد 1/377 وص 430، سنن أبي داود 4/107، سنن الترمذي 4/438 ح 2230 باب ما جاء في المهديّ.

(3) سنن الترمذي 4/438 ح 2231 باب ما جاء في المهدي.

(4) سنن الترمذي 4/439 ح 2232.

(5) صحيح البخاريّ 4/325 ح 245.

٣٣

من أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم »(1) .

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود وأبو يعلى والطبراني، عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يكون اختلاف عند موت خليفة، يخرج رجل من قريش من أهل المدينة إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبتعثون إليه جيشاً من أهل الشام، فإذا كانوا بالبيداء خُسِف بهم، فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أهل الشام وعصائب من أهل العراق فيبايعونه، وينشأ رجل من قريش أخواله من كلب فيبتعثون إليهم جيشاً فيهزمونهم ويظهرون عليهم فيقسّم بين الناس فيؤهم، ويعمل فيهم بسُنّة نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم، ويلقي الاِسلام بجرانه إلى الاَرض، يمكث سبع سنين»(2) .

وأخرج أحمد والباوردي في المعرفة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُبشّركم بالمهديّ، رجل من قريش [من عترتي](3) يبعث في أُمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملاَ الاَرض قسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الاَرض..» الحديث(4) .

وأخرج الطبرانيّ في الاَوسط من طريق عمر بن عليّ، عن عليّ بن

____________________

(1) موارد الظمآن: 463 - باب ما جاء في المهديّ.

(2) سنن أبي داود 4/ 107 - 108، مسند أحمد 6/316، المصنّف 11/376 ح 20769، مسند أبي يعلى12/369 - 370 ح 6940، المعجم الكبير - للطبراني - 23/39 ح 931.

(3) ما بين المعقوفين أثبتناه من العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي.

(4) العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/58.

٣٤

أبي طالب عليه السلام أنّه قال للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أمِنّا المهديّ أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: «بل منّا، بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يُستنقذون من الشرك..» الحديث(1) .

وأخرج نعيم بن حمّاد وأبو نعيم من طريق مكحول، عن عليّ عليه السلام، قال: قلت: يا رسول الله! أمِنّا آلَ محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال: «لا، بل منّا..» الحديث(2) .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: «المهديّ من هذه الاُمّة، وهو الذي يؤمّ عيسى بن مريم عليه السلام »(3) .

وأخرج نعيم بن حمّاد عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقٌّ هو؟ قال: نعم. قلت: ممّن هو؟ قال: من وُلْد فاطمة(4) .

وأخرج أيضاً عن علي عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «المهديّ رجل من عترتي، يقاتل على سُنّتي كما قاتلت أنا على الوحي»(5) .

وبالجملة : فقد تواترت الاَحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّه من أهل بيته، وأنّه يملاَ الاَرض عدلاً كما صرّح بن الشبلنجيّ في نور الاَبصار(6) .

____________________

(1) المعجم الاَوسط 1/97 - 98 ح 157.

(2) كتاب الفتن: 229، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/62.

(3) المصنّف - لابن أبي شيبة - 8/679 ح 159.

(4) كتاب الفتن: 228.

(5) كتاب الفتن: 229.

(6) نور الاَبصار: 187 - 188، وانظر: موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/47.

٣٥

وقال القنوجي في الاِذاعة: قال بعض حفّاظ الاُمّة وأعيان الاَئمّة: إنّ كون المهديّ من ذرّيّته صلى الله عليه وآله وسلم ممّا تواتر عنه، فلا يسوغ العدول والالتفات إلى غيره(1) .

2 - ومنها : ما ورد في حليتهما، فإنّ بينهما في ذلك اختلافاً بيّناً.

أخرج عبد الرزّاق في المصنّف وأبو داود في سننه عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المهديّ منّي، أجلى الجبهة، أقنى الاَنف، يملاَ الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين»(2) .

وأخرج أبو داود - كما في جامع الاُصول لابن الجزري - أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ليس بيني وبينه - يعني عيسى عليه السلام - نبيّ، وإنّه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنّه رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، ينزل بين مُمَصّرَتَين، كأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل..» الحديث(3) .

وأخرج الحموئي في فرائد السمطين بإسناده عن أبي أُمامة الباهليّ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: المهديّ من وُلْدي، ابن أربعين سنة، كأنّ وجهه كوكب درّيّ، في خدّه خال أسود، عليه عباءتان قطوانيّتان، كأنّه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك»(4) .

وروى نحوه نعيم بن حمّاد عن عبد الله بن الحارث(5) .

____________________

(1) الاِذاعة لما كان وما يكون: 147.

(2) المصنّف - لابن عبد الرزاق - 11/372 ح 20773، سنن أبي داود 4/107.

(3) سنن أبي داود 4/115 ح 4324.

(4) فرائد السمطين 2/314.

(5) انظر: كتاب الفتن: 225.

٣٦

وأخرج في فرائد السمطين أيضاً عن أبي سعيد الخدريّ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «المهديّ منّا أهلَ البيت، رجل من أُمّتي، أشمّ الاَنف، يملاَ الاَرض عدلاً كما مُلئت جوراً»(1) .

ورواه أبو نعيم(2) .

وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليبعثنّ الله من عترتي رجلاً أفرق الثنايا، أعلى الجبهة، يملاَ الاَرض عدلاً، يفيض المال فيضاً»(3) .

وأخرج الرويانيّ في مسنده وأبو نعيم عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المهديّ رجل من وُلْدي، لونه لون عربيّ، وجسمه جسم إسرائيلي، على خدّه الاَيمن خال، كأنّه كوكب درّي..» الحديث(4) .

وأخرج أبو عمرو الداني في سننه عن حذيفة أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يلتفت المهديّ وقد نزل عيسى بن مريم كأنّما يقطر من شعره الماء، فيقول المهديّ: تقدّم صلّ بنا..» الحديث(5) .

وفي اللوائح للسفارينيّ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: سُئل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام عن صفة المهديّ، قال: «هو شابٌّ مربوع، حسن

____________________

(1) فرائد السمطين 2/330.

(2) كتاب الفتن: 232، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/58.

(3) انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/63.

(4) انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/66، موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/368.

(5) كتاب الفتن: 348 وص 352، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/81، موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 1/389.

٣٧

الوجه، يسيل شعره على منكبه، يعلو نور وجهه، سواد شعره ولحيته ورأسه».

قال: وفي رواية أُخرى عن عليّ عليه السلام: «أنّ المهديّ كثّ اللحية، أكحل العينين، برّاق الثنايا، في وجهه خال، أقنى، أجلى، في كتفه علامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ».

قال: وفي بعض الروايات: «المهديّ أزجّ، أبلج، أعين»(1) .

3 - ومنها : افتراقهما - عليهما الصلاة والسلام - في الاسم والكنية واللقب.

فالمهديّ عليه السلام اسمه: (محمّد) وكنيته: (أبو القاسم) على المشهور.

وقيل: اسمه أحمد، وكنيته: أبو عبد الله، وليس بشيءٍ.

والمسيح بن مريم عليه السلام اسمه: (عيسى).

ولقب المهديّ: الحجّة، والمنتظر، والقائم، والموعود، وغير ذلك.

ولقب عيسى: المسيح، وروح الله، وكلمته.

وأخرج أحمد وأبو داود الترمذي عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»(2) .

قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.

____________________

(1) لوائح الاَنوار البهية وسواطع الاَسرار الاِلهية، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/12.

(2) مسند أحمد 1/377 وص 430، سنن أبي داود 4/107، سنن الترمذي 4/438 ح 2230، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/58 - 59.

٣٨

وكذلك أخرج الطبراني في المعجم الكبير أحاديث كثيرة في ذلك بألفاظٍ مختلفة(1) .

وأخرج نعيم بن حمّاد، عن ابن مسعود أيضاً، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: اسم المهديّ (محمّد)(2) .

وأخرج أبو داود عن عليّ عليه السلام أنّه نظر إلى ابنه الحسن فقال: إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيخرج من صلبه(3) رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلُق، ولا يشبهه في الخَلْق(4) .

4 - ومنها : أنّ مع المهديّ عليه الصلاة والسلام راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعلّمة - كما أخرجه نعيم بن حمّاد عن عبد الله بن شريك(5) - مكتوب عليها: «البيعة لله» - كما أخرجه نعيم عن ابن سيرين(6) - وكذلك أشياء أُخر.

فقد أخرج نعيم بن حمّاد أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام، قال: يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقميصه، وسيفه،

____________________

(1) المعجم الكبير 10/133 - 137 ح 10213 - 10230.

(2) كتاب الفتن: 227، وانظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/73.

(3) قد حقّقنا في رسالة مفردة كون المهدي المنتظر عليه السلام من ذرّيّة الحسين السبط الشهيد عليه السلام دون الحسن السبط عليه السلام، والمقصود من إيراد هذا الحديث هنا الدلالة على حقّيّة خروج المهدي عليه السلام فحسب، فليُعلم ذلك.

(4) سنن أبي داود 4/108.

(5) كتاب الفتن: 220، وفيه «المغلّبة» بدل «المعلّمة»، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/75.

(6) كتاب الفتن: 220، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/75.

٣٩

وعلامات، ونور، وبيان... إلى آخره(1) .

وقد جاء في أحاديث أنّ صاحب راية المهديّ رجل يقال له: «شعيب بن صالح التميمي»(2) .

وظاهرٌ أنّه ليس لعيسى عليه السلام شيءٌ من ذلك.

5 - ومنها : ما رواه الحفّاظ من أنّ عدد أصحاب المهديّ عليه الصلاة والسلام عدّة أهل بدر.

أخرج الطبرانيّ في المعجم الاَوسط والحاكم عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يُبايِعُ لرجل بين الركن والمقام عدّةُ أهل بدر..» الحديث(3) .

ومعلومٌ أنّ عيسى بن مريم عليهما السلام لا ينزل من السماء بهذا العدد، ولا تجتمع معه تلك العِدّة، بل ينزل بعد خروج المهديّ عليه الصلاة والسلام متَّبعاً إيّاه.

6 - ومنها : ما تواتر من خروج الدجّال والسفياني قبل ظهور المهديّ المنتظر عليه السلام(4) ، وما ورد من خروج القحطانيّ بعده(5) .

7 - ومنها : مساعدة عيسى على قتل الدجّال بباب (لُدّ) كما صرّح به

____________________

(1) كتاب الفتن: 213، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي 0للفتاوي 2/71.

(2) كتاب الفتن: 190، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/69.

(3) المعجم الاَوسط 9/288 ح 9459، المستدرك على الصحيحين 4/431.

(4) البدء والتاريخ - للبلخي - 1/186، العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/71 وص 75.

(5) كتاب الفتن: 247، البدء والتاريخ - للبلخي - 1/184.

٤٠