إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ١
0%
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
ينفق ، ويجوز أن يكون في موضع الحال من ضمير الفاعلين : أى لاتبطلوا صدقاتكم مشبهين الذى ينفق ماله : أى مشبهين الذى يبطل إنفاقه بالرياء ، و( رئاء الناس ) مفعول من أجله ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال : أى ينفق مرائيا ، والهمزة الاولى في رئاء عين الكلمة ؛ لانه من راءى ، والاخيرة بدل من الياء لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة كالقضاء والدماء ، ويجوز تخفيف الهمزة الاولى بأن تقلب ياء فرارا من ثقل الهمزة بعد الكسرة ، وقد قرئ به ، والمصدر هنا مضاف إلى المفعول ودخلت الفاء في قوله : ( فمثله ) لربط الجملة بما قبلها والصفوان جمع صفوانة ، والجيد أن يقال هو جنس لاجمع ولذلك عاد الضمير إليه بلفظ الافراد في قوله :" عليه تراب " وقيل هو مفرد ، وقيل واحده صفا وجمع فعل على فعلان قليل ، وحكى صفوان بكسر الصاد ، وهو أكثر الجموع ، ويقرأ بفتح الفاء وهو شاذ ؛ لان فعلانا شاذ في الاسماء وإنما يجئ في المصادر مثل الغليان والصفات مثل يوم صحوان ، و( عليه تراب ) في موضع جر صفة لصفوان ، ولك أن ترفع ترابا بالجر لانه قد اعتمد على ما قبله ، وأن ترفعه بالابتداء ، والفاء في( فأصابه ) عاطفة على الجار ؛ لان تقديره : استقر عليه تراب فأصابه ، وهذا أحد مايقوى شبه الظرف بالفعل ، والالف في أصاب منقلبة عن واو ؛ لانه من صاب يصوب( فتركه صلدا ) هو مثل قوله : " وتركهم في ظلمات " وقد ذكر في أول السورة( لايقدرون ) مستأنف لا موضع له ، وإنما جمع هنا بعد ما أفرد في قوله كالذى ومابعده ؛ لان الذى هنا جنس ، فيجوز أن يعود الضمير إليه مفردا وجمعا ، ولا يجوز أن يكون من الذى ؛ لانه قد فصل بينهما بقوله : " فمثله " وما بعده .
قوله تعالى :( ابتغاء ) مفعول من أجله( وتثبيتا ) معطوف عليه ، ويجوز أن يكونا حالين : أى مبتغين ومتثبتين ( من أنفسهم ) يجوز أن يكون من بمعنى اللام :
أى تثبيتا لانفسهم كما تقول : فعلت ذلك كسرا من شهوتى ، ويجوز أن تكون على أصلها أى تثبيتا صادرا من أنفسهم ، والتثبيت مصدر فعل متعد ، فعلى الوجه الاول يكون من أنفسهم مفعول المصدر ، وعلى الوجه الثانى يكون المفعول محذوفا تقديره : ويثبتون أعمالهم بإخلاص النية ، ويجوز أن يكون تثبيتا بمعنى تثبت فيكون لازما ، والمصادر قد تختلف ويقع بعضها موقع بعض : ومثله قوله تعالى : " وتبتل إليه تبتيلا " أى تبتلا .
وفى قوله : " ومثل الذين ينفقون " حذف تقديره : ومثل نفقة الذين ينفقون ؛ لان المنفق لا يشبه بالجنة ، وإنما تشبه النفقة التى تزكو بالجنة التى تثمر والربوة بضم الراء وفتحها وكسرها ثلاث لغات ، وفيها لغة أخرى رباوة ، وقد قرئ بذلك كله( أصابها ) صفة للجنة ، ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال من الجنة ؛ لانها قد وصفت ، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في الجار ، وقد مع الفعل مقدرة ، ويجوز أن تكون الجملة صفة لربوة ؛ لان الجنة بعض الربوة والوابل من وبل ، ويقال أوبل فهو موبل ، وهى صفة غالبة لايحتاج معها إلى ذكر الموصوف وآتت متعد إلى مفعولين ، وقد حذف أحدهما : أى أعطت صاحبها ، ويجوز أن يكون متعديا إلى واحد ؛ لان معنى آتت أخرجت ، وهو من الاتاء وهو الريع والاكل بسكون الكاف وضمها لغتان ، وقد قرئ جمعا والواحد منه أكلة وهو المأكول وأضاف الاكل إليها لانها محله أو سببه ، و( ضعفين ) حال : أى مضاعفا( فطل ) خبر مبتدإ محذوف تقديره : فالذى يصيبها طل ، أو فالمصيب لها ، أو فمصيبها ، ويجوز أن يكون فاعلا تقديره : فيصيبها طل ، وحذف الفعل لدلالة فعل الشرط عليه والجزم في يصيبها بلم لا بإن ؛ لان لم عامل يختص بالمستقبل ، وإن قد وليها الماضى ، وقد يحذف معها الفعل ، فجاز أن يبطل عملها قوله تعالى : ( من نخيل ) صفة لجنة ، ونخيل جمع وهو نادر ، وقيل هو جنس و( تجرى ) صفة أخرى ( له فيها من الثمرات ) في الكلام حذف تقديره له فيها رزق من كل أو ثمرات من كل أنواع الثمرات ، ولا يجوز أن يكون من مبتدإ وما قبله الخبر ؛ لان المبتدأ لا يكون جارا ومجرورا إلا إذا كان حرف الجر زائدا ، ولا فاعلا ؛ لان حرف الجر لا يكون فاعلا ولكن يجوز أن يكون صفة لمحذوف ، ولا يجوز أن تكون من زائدة على قول سيبويه ، ولا على قول الاخفش ؛ لان المعنى يصير له فيها كل الثمرات ، وليس الامر على هذا إلا أن يراد به هاهنا الكثرة لا الاستيعاب ، فيجوز أن الاخفش ؛ لانه يجوز زيادة" من " في الواجب وإضافة " كل " إلى مابعدها بمعنى اللام ؛ لان المضاف إليه غير المضاف( وأصابه ) الجملة حال من أحد ، وقد مرادة تقديره : وقد أصابه ، وقيل وضع الماضى موضع المضارع ، وقيل حمل في العطف على المعنى ؛ لان المعنى أيود أحدكم أن لو كانت له جنة فأصابها وهو ضعيف ، إذ لا حاجة إلى تغيير اللفظ مع صحة معناه( وله ذرية ) جملة في موضع الحال من الهاء في أصابه ، واختلف في أصل الذرية على أربعة أوجه :
أحدها: أن أصلها ذرورة من ذر يذر إذا نشر ، فأبدلت الراء الثانية ياء لاجتماع الراءات ، ثم أبدلت الواو ياء ثم ادغمت ، ثم كسرت الراء إتباعا ، ومنهم من يكسر الذال إتباعا أيضا ، وقد قرئ به ، والثانى أنه من ذر أيضا إلا أنه زاد الياءين ، فوزنه فعلية ، والثالث أنه من ذرأ بالهمز فأصله على هذا ذروءة فعولة ، ثم أبدلت الهمزة ياء وأبدلت الواو ياء فرارا من ثقل الهمزة الواو والضمة ، والرابع أنه من ذرا يذرو لقوله: " وتذروه الرياح " فأصله ذرورة ثم أبدلت الواو ياء ثم عمل ما تقدم ، ويجوز أن يكون فعلية على الوجهين( فأصابها ) معطوف على صفة الجنة .
قوله تعالى :( أنفقوا من طيبات ) المفعول محذوف : أى شيئا من طيبات ، وقد ذكر مستوفى فيما تقدم( ولا تيمموا ) الجمهور على تخفيف التاء وماضيه تيمم ، والاصل تتيمموا فحذف التاء الثانية كما ذكر في قوله : " تظاهرون " ويقرأ بتشديد التاء وقبله ألف ، وهو جمع بين ساكنين ، وإنما سوغ ذلك المد الذى في الالف ، وقرئ بضم التاء وكسر الميم الاولى على أنه لم يحذف شيئا ، ووزنه تفعلوا( منه ) متعلقة ب ( تنفقون ) ، والجملة في موضع الحال من الفاعل في تيمموا ، وهى حال مقدرة ؛ لان الانفاق منه يقع بعد القصد إليه ، ويجوز أن يكون حالا من الخبيث ؛ لان في الكلام ضميرا يعود إليه : أى منفقا منه ، والخبيث صفة غالبة فلذلك لايذكر معها الموصوف( ولستم بآخذيه ) مستأنف لا موضع له( إلا أن تغمضوا ) في موضع الحال : أى إلا في حال الاغماض ، والجمهور على ضم التاء وإسكان الغين وكسر الميم وماضيه أغمض وهو متعد ، وقد حذف مفعوله أى تغمضوا أبصاركم أو بصائركم ، ويجوز أن يكون لازما مثل أغضى عن كذا ، ويقرأ كذلك إلا إنه بتشديد الميم وفتح الغين والتقدير : أبصاركم ، ويقرأ تغمضوا بضم التاء والتخفيف وفتح الميم على مالم يسم فاعله : والمعنى : إلا أن تحملوا على التفاعل عنه والمسامحة فيه ، ويجوز أن يكون من أغمض إذا صودف على تلك الحال ، كقولك : أحمد الرجل : أى وجد محمودا ويقرأ بفتح الفاء وإسكان الغين وكسر الميم من غمض يغمض ، وهى لغة في غمض ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الميم وهو من غمض كظرف ، أى خفى عليكم رأيكم فيه ، قوله تعالى : ( يعدكم ) أصله يوعدكم فحذفت الواو لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة ، وهو يتعدى إلى مفعولين
، وقد يجئ بالباء يقال وعدته بكذا( مغفرة منه ) يجوز أن يكون صفة وأن يكون مفعولا متعلقا بيعد : أى يعدكم من تلقاء نفسه( وفضلا ) تقديره : منه استغنى بالاولى عن إعادتها قوله تعالى :( ومن يؤت ) يقرأ بضم الياء وفتح التاء ، ومن على هذا مبتدأ وما بعدها الخبر ، ويقرأ بكسر التاء ، فمن على هذا في موضع نصب بيؤت ، ويؤت مجزوم بها ، فقد عمل فيما عمل فيه ، والفاعل ضمير اسم الله ، والاصل في( يذكر ) يتذكر ، فأبدلت التاء ذالا لتقرب منها فتدغم قوله تعالى :( ما أنفقتم ) ما شرط وموضعها نصب بالفعل الذى يليها ، وقد ذكرنا مثله في قوله :" وما تفعلوا من خير يعلمه الله " .
قوله تعالى :( فنعما ) نعم فعل جامد لايكون فيه مستقبل وأصله نعم كعلم ، وقد جاء على ذلك في الشعر إلا أنهم سكنوا العين ، ونقلوا حركتها إلى النون ليكون دليلا على الاصل ، ومنهم من يترك النون مفتوحة على الاصل ، ومنهم من يكسر النون والعين إتباعا ، وبكل قد قرئ ، وفيه قراءة أخرى هنا وهى إسكان العين والميم مع الادغام ، وهو بعيد لما فيه من الجمع بين الساكنين ، وقيل إن الراوى لم يضبط القراءة ؛ لان القارئ اختلس كسرة العين فظنه إسكانا وفاعل نعم مضمر ، وما بمعنى شئ وهو المخصوص بالمدح : أى نعم الشئ شيئا( هى ) خبر مبتدإ محذوف ، كأن قائلا قال ، ما الشئ الممدوح ، فيقال ، هى أى الممدوح الصدقة ، وفيه وجه آخر وهو أن يكون هى مبتدأ مؤخرا ، ونعم وفاعلها الخبر : أى الصدقة نعم الشئ ، واستغنى عن ضمير يعود على المبتدإ لاشتمال الجنس على المبتدإ ( فهو خير لكم ) الجملة جواب الشرط ، وموضعها جزم ، وهو ضمير مصدر لم يذكر ، ولكن ذكر فعله ، والتقدير : فالاخفاء خير لكم ، أو فدفعها إلى الفقراء في خفية خير( ونكفر عنكم ) يقرأ بالنون على إسناد الفعل إلى الله عزوجل ، ويقرأ بالياء على هذا التقدير أيضا ، وعلى تقدير آخر وهو أن يكون الفاعل ضمير الاخفاء ، ويقرأ وتكفر بالتاء على أن الفعل مسند إلى ضمير الصدقة ، ويقرأ بجزم الراء عطفا على موضع فهو ، وبالرفع على إضمار مبتدأ : أى ونحن أو وهى ، و( من ) هنا زائدة عند الاخفش ، فيكون( سيئاتكم ) المفعول ، وعند سيبويه المفعول محذوف : أى شيئا من سيئاتكم ، والسيئة فعيلة ، وعينها واو ؛ لانها من ساء يسوء
فأصلها سيوئة ، ثم عمل فيها ما ذكرنا في صيب قوله تعالى :( للفقراء ) في موضع رفع خبر ابتداء محذوف تقديره : الصدقات المذكورة للفقراء ، وقيل التقدير : اعجبوا للفقراء( في سبيل الله ) " في " متعلقة بأحصروا على أنها ظرف له ، ويجوز أن تكون حالا : أى أحصروا مجاهدين ( لا يستطيعون ) في موضع الحال ، والعامل فيه أحصروا : أى أحصروا عاجزين ويجوز أن يكون مستأنفا( يحسبهم ) حال أيضا ، ويجوز أن يكون مستأنفا لا موضع له ، وفيه لغتان كسر السين وفتحها ، وقد قرئ بهما ، و( الجاهل ) جنس فلذلك لم يجمع ولا يراد به واحد( من التعفف ) يجوز أن يتعلق " من " بيحسب : أى يحسبهم من أجل التعفف ، ولا يجوز أن يتعلق بمعنى أغنياء ؛ لان المعنى يصير إلى ضد المقصود ، وذلك أن معنى الآية أن حالهم يخفى على الجاهل بهم فيظنهم أغنياء ، ولو علقت " من " بأغنياء صار المعنى أن الجاهل يظن أنهم أغنياء ولكن بالتعفف ، والغنى بالتعفف فقير من المال( تعرفهم ) يجوز أن يكون حالا وأن يكون مستأنفا ، و ( لايسئلون ) مثله و( إلحافا ) مفعول من أجله ، ويجوز أن يكون مصدرا لفعل محذوف دل عليه يسئلون ، فكأنه قال : لا يلحفون ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال تقديره : ولا يسألون ملحفين قوله تعالى :( الذين ينفقون ) الموصول وصلته مبتدأ ، وقوله :( فلهم أجرهم ) جملة في موضع الخبر ، ودخلت الفاء هنا لشبه الذى بالشرط في إبهامه ووصله بالفعل( بالليل ) ظرفا والباء فيه بمعنى في ، و( سرا وعلانية ) مصدران في موضع الحال قوله تعالى :( الذين يأكلون الربا ) مبتدأ ( لا يقومون ) خبره ، والكاف في موضع نصب وصفا لمصدر محذوف تقديره : إلا قياما مثل قيام الذى يتخبطه ولام الربا واو ؛ لانه من ربا يربو وتثنيته ربوان ، ويكتب بالالف وأجاز الكوفيون كتبه وتثنيته بالياء قالوا لاجل الكسرة التى في أوله وهو خطأ عندنا ، و( من المس ) يتعلق بيتخبطه : أى من جهة الجنون فيكون في موضع نصب( ذلك ) مبتدأ ، و( بأنهم قالوا ) الخبر : أى مستحق بقولهم( جاءه موعظة ) إنما لم تثبت التاء ؛ لان تأنيث الموعظة غير حقيقى ، فالموعظة بمعنى .
قوله تعالى :( يمحق الله الربا ) روى أبوزيد الانصارى أن بعضهم قرأ بكسر الراء وضم الباء وواو ساكنة ، وهى قراءة بعيدة إذ ليس في الكلام اسم في آخره واو قبلها ضمة لاسيما وقبل الضمة كسرة ، وقد يؤول على أنه وقف على مذهب من قال هذه افعوا فتقلب الالف في الوقف واوا ، فإما أن يكون لم يضبط الراوى حركة الباء أو يكون سمى قربها من الضمة ضما .
قوله تعالى :( ما بقى ) الجمهور على فتح الباء ، وقد قرئ شاذا بسكونها ، ووجهه أنه خفف بحذف الحركة عن الياء بعد الكسرة ، وقد قال المبرد : تسكين ياء المنقوص في النصب من أحسن الضرورة هذا مع أنه معرب فهو في الفعل الماضى أحسن قوله تعالى :( فأذنوا ) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الذال وماضيه أذن ، والمعنى: فأيقنوا بحرب ، ويقرأ بقطع الهمزة والمد وكسر الذال وماضيه آذن : أى أعلم ، والمفعول محذوف : أى فأعلموا غيركم ، وقيل المعنى : صيروا عالمين بالحرب( لاتظلمون ولاتظلمون ) يقرأ بتسمية الفاعل في الاول ، وترك التسمية في الثانى ووجهه أن منعهم من الظلم أهم فبدئ به ، ويقرأ بالعكس والوجه فيهأنه قدم ما تطمئن به نفوسهم من نفى الظلم عنهم ثم منعهم من الظلم ، ويجوز أن تكون القراءتان بمعنى واحد ؛ لان الواو لا ترتب قوله تعالى :( وإن كان ذو عسرة ) كان هنا التامة : أى إن حدث ذو عسرة ، وقيل هى الناقصة ، والخبر محذوف تقديره : وإن كان ذو عسرة لكم عليه حق أو نحو ذلك ، ولو نصب فقال ذا عسرة لكان الذى عليه الحق معينا بالذكر السابق ، وليس ذلك في اللفظ إلا أن يتحمل لتقديره ، والعسرة والعسر بمعنى ، والنظرة بكسر الظاء مصدر بمعنى التأخير ، والجمهور على الكسر ، ويقرأ بالاسكان إيثارا للتخفيف كفخذ وفخذ وكتف وكتف ، ويقرأ فناظرة بالالف وهى مصدر كالعاقبة والعافية ، ويقرأ فناظره على الامر كما تقول ساهله بالتأخير( إلى ميسرة ) أى إلى وقت ميسرة أو وجود ميسرة ، والجمهور على فتح السين والتأنيث ، وقرئ بضم السين وجعل الهاء ضميرا ، وهو بناء شاذ لم يأت منه إلا مكرم ومعون ، على أن ذلك قد تؤول على أنه جمع مكرمة ومعونة ، وتحتمل القراءة بعد ذلك أمرين : أحدهما : أن يكون جمع ميسرة كما قالوا في البناءين والثانى : أن يكون أراد ميسورة فحذف الواو اكتفاء بدلالة الضمة عليها وارتفاع نظرة على الابتداء والخبر محذوف : أى فعليكم نظرة .
وإلى يتعلق بنظرة( وأن تصدقوا ) يقرأ بالتشديد وأصله تتصدقوا ، فقلب التاء الثانية صادا وأدغمها ، ويقرأ بالتخفيف على أنه حذف التاء حذفا .
قوله تعالى : ( ترجعون فيه ) الجملة صفة يوم ، ويقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل ، وبضمها على ترك التسمية على أنه من ترجعته : أى رددته ، وهو متعد على هذا الوجه ، ولولا ذلك لما بنى لما لم يسم فاعله ، ويقرأ بالياء على الغيبة ( وهم لا يظلمون ) يجوز أن يكون حالا من " كل " ؛ لانها في معنى الجمع ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يرجعون على القراءة بالياء على أنه خرج من الخطاب إلى الغيبة كقوله : " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم " .
قوله تعالى :( إلى أجل ) هو متعلق بتداينتم ، ويجوز أن يكون صفة لدين : أى مؤخر ومؤجل ، وألف ( مسمى ) منقلبة عن ياء ، وكذا كل ألف وقعت رابعة فصاعدا إذا كانت منقلبة فإنها تكون منقلبة عن ياء ، ثم ينظر في أصل الياء( بالعدل ) متعلق بقوله : " وليكتب " أى ليكتب بالحق ، فيجوز أن يكون أى وليكتب عادلا ، ويجوز أن يكون مفعولا به ، أى بسبب العدل ، وقيل الباء زائدة ، والتقدير : وليكتب العدل ، وقيل هو متعلق بكاتب : أى كاتب موصوف بالعدل أو محضار( كما علمه الله ) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ، وهو من تمام أن يكتب ، وقيل هو متعلق بقوله :( فليكتب ) ويكون الكلام قد تم عند قوله : أن يكتب ، والتقدير : فليكتب كما علمه الله( وليملل ) ماضى هذا الفعل أمل ، وفيه لغة أخرى أملى ، ومنه قوله : " فهى تملى عليه " وفيه كلام يأتى في موضعه إن شاء الله( منه شيئا ) يجوز أن يتعلق من بيبخس ، ويكون لابتداء غاية البخس ، ويجوز أن يكون التقدير شيئا منه ، فلما قدمه صار حالا والهاء للحق( أن يمل هو ) هو هنا توكيد والفاعل مضمر ، والجمهور على ضم الهاء ؛ لانها كلمة منفصلة عما قبلها فهى مبدوء بها ، وقرئ بإسكانها على أن يكون أجرى المنفصل مجرى المتصل بالواو أو الفاء أو اللام نحو وهو فهو لهو( بالعدل ) مثل الاولى( من رجالكم ) يجوز أن يكون صفة لشهيدين ، ويجوز أن يتعلق باستشهدوا( فان لم يكونا ) الالف ضمير الشاهدين ( فرجل ) خبر مبتدأ محذوف : أى فالمستشهد رجل( وامرأتان ) وقيل هو فاعل : أى فليستشهد رجل ، وقيل : الخبر محذوف تقديره : رجل وامرأتان يشهدون ، ولو كان قد قرئ بالنصب لكان التقدير
فاستشهدوا ، وقرئ في الشاذ وامرأتان بهمزة ساكنة ، ووجهه أنه خفف الهمزة فقربت من الالف ، والمقربة من الالف في حكمها ولهذا لا يبتدأ بها ، فلما صارت كالالف قلبها همزة ساكنة كما قالوا خأتم وعألم ، قال ابن جنى : ولا يجوز أن يكون سكن الهمزة ؛ لان المفتوح لا يسكن لخفة الفتحة ، ولو قيل إنه سكن الهمزة لتوالى الحركات وتوالى الحركات يجتنب ، وإن كانت الحركة فتحة كما سكنوا باء ضربت لكان حسنا( ممن ترضون ) هو في موضع رفع صفة لرجل وامرأتين تقديره : مرضيون ، وقيل : هو صفة لشهيدين ، وهو ضعيف للفصل الواقع بينهما ، وقيل : هو بدلمن " من رجالكم " وأصل ترضون ترضوون ؛ لان لام الرضا واو لقولك الرضوان( من الشهداء ) يجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف : أى ترضونه كائنا من الشهداء ، ويجوز أن يكون بدلا من" من " ( أن تضل ) يقرأ بفتح الهمزة على أنها المصدرية الناصية للفعل ، وهو مفعول له وتقديره : لان تضل إحداهما( فتذكر ) بالنصب معطوف عليه .
فإن قلت : ليس الغرض من استشهاد المرأتين مع الرجل أن تضل إحداهما فكيف يقدر باللام فالجواب ما قاله سيبويه : إن هذا كلام محمول على المعنى ، وعادة العرب أن تقدم ما فيه السبب فيجعل في موضع المسبب ؛ لانه يصير إليه ، ومثله قولك أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعمه بها ، ومعلوم أنك لم تقصد بإعداد الخشبة ميل الحائط ، وإنما المعنى لادعم بها الحائط إذا مال ، فكذلك الآية تقديرها : لان تذكر إحداهما الاخرى إذا ضلت أو لضلالها ، ولا يجوز أن يكون التقدير : مخافة أن تضل ؛ لانه عطف عليه فتذكر ، فيصير المعنى مخافة أن تذكر إحداهما الاخرى إذا ضلت ، وهذا عكس المراد ، ويقرأ فتذكر بالرفع على الاستئناف ويقرأ إن بكسر الهمزة على أنها شرط ، وفتحة اللام على هذا حركة بناء لالتقاء الساكنين ، فتذكر جواب الشرط ، ورفع الفعل لدخول الفاء الجواب ، ويقرأ بتشديد الكاف وتخفيفها ، يقال : ذكرته وأذكرته ، و( إحداهما ) للفاعل ، و( الاخرى ) المفعول ويصح في المعنى العكس إلا أنه يمتنع في الاعراب على ظاهر قول النحويين ؛ لان الفاعل والمفعول إذا لم يظهر فيهما علامة الاعراب أوجبوا تقديم الفاعل في كل موضع يخاف فيه اللبس ، فعلى هذا أمن اللبس جاز تقديم المفعول كقولك : كسر عيسى العصا ، وهذه الآية من هذا القبيل ؛ لان النسيان والاذكار لا
يتعين في واحدة منهما ، بل ذلك على الابهام ، وقد علم بقوله : " فتذكر " أن التى تذكر هى الذاكرة ، والتى تذكر هى الناسية ، كما علم لفظ كسر من يصح منه الكسر ، فعلى هذا يجوز أن يجعل إحداهما فاعلا ، والاخرى مفعولا ، وأن يعكس .
فإن قيل : لم لم يقل فتذكرها الاخرى قيل فيه وجهان : أحدهما : أنه أعاد الظاهر ليدل على الابهام في الذكر والنسيان ، ولو أضمر لتعين عوده إلى المذكور ، والثانى : أنه وضع الظاهر موضع المضمر تقديره فتذكرها ، وهذا يدل على أن إحداهما الثانية مفعول مقدم ، ولا يجوز أن يكون فاعلا في هذا الوجه ؛ لان الضمير هو المظهر بعينه ، والمظهر الاول فاعل تضل ، فلو جعل الضمير لذلك المظهر لكانت الناسية هى المذكرة وذا محال ، والمفعول الثانى لتذكر محذوف تقديره : الشهادة ونحو ذلك وكذلك مفعول( يأب ) وتقديره : ولا يأب الشهداء إقامة الشهادة وتحمل الشهادة ، و( إذا ) ظرف ليأب ويجوز أن يكون ظرفا للمفعول المحذوف ، و( أن تكتبوه) في موضع نصب بتسأموا وتسأموا يتعدى بنفسه ، وقيل حرف الجر ، و( صغيرا أو كبيرا ) حالان من الهاء ، و( إلى ) متعلقة بتكتبوه ، ويجوز أن تكون حالا من الهاء أيضا ، و( عند الله ) ظرف لاقسط ، واللام في قوله : ( للشهادة ) يتعلق بأقوم ، وأفعل يعمل في الظروف وحروف الجر ، وصحت الواو في أقوم كما صحت في فعل التعجب ، وذلك لجموده وإجرائه مجرى الاسماء الجامدة ، وأقوم يجوز أن يكون من أقام المتعدية لكنه حذف الهمزة الزائدة ، ثم أتى بهمزة أفعل كقوله تعالى : " أى الحزبين أحصى " فيكون المعنى : أثبت لاقامتكم الشهادة ، ويجوز أن يكون من قام اللازم ، ويكون المعنى : ذلك أثبت لقيام الشهادة ، وقامت الشهادة ثبتت وألف( أدنى ) منقلبة عن واو ؛ لانه من دنا يدنو، و( أن لا ترتابوا ) في موضع نصب، وتقديره ، وأدنى لئلا ترتابوا ، أو إلى أن لا ترتابوا( تجارة ) يقرأ بالرفع على أن تكون التامة ، و( حاضرة ) صفتها ، ويجوز أن تكون الناقصة ، واسمها تجارة ، وحاضرة صفتها ، و( تديرونها ) الخبر ، و ( بينكم ) ظرف لتديرونها ، وقرئ بالنصب على أن يكون اسم الفاعل مضمرا فيه تقديره ، إلا أن تكون المبايعة تجارة ، والجملة المستثناة في موضع نصب ؛ لانه استثناء من الجنس ؛ لانه أمر بالاستشهاد في كل معاملة ، واستثنى منه التجارة الحاضرة ، والتقدير : إلا في حال حضور التجارة ،
ودخلت الفاء في( فليس ) إيذانا بتعلق ما بعدها بما قبلها ، و( أن لا تكتموها ) تقديره في ألا تكتبوها ، وقد تقدم الخلاف في موضعه من الاعراب في غير موضع( ولا يضار كاتب ) فيه وجوه من القراءات قد ذكرت في قوله : " لا تضار والدة " وقرئ هنا بإسكان الراء مع التشديد وهى ضعيفة ؛ لانه في التقدير جمع بين ثلاث سواكن إلا أن لها وجها ، وهو أن الالف لمدها تجرى مجرى المتحرك فيبقى ساكنان ، والوقف عليه ممكن ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو يكون وقف عليه وقيفة يسيرة ، وقد جاء ذلك في القوافى والهاء في ( فإنه ) تعود على الاباء أو الاضرار ، و( بكم ) متعلق بمحذوف تقديره لاحق بكم( ويعلمكم الله ) مستأنف لاموضع له ، وقيل : موضعه حال من الفاعل في اتقوا تقديره : واتقوا الله مضمونا التعليم أو الهداية ، ويجوز أن يكون حالا مقدرة ، قوله تعالى :( فرهن ) خبر مبتدإ محذوف تقديره : فالوثيقة أو التوثق ، ويقرأ بضم الهاء وسكونها وهو جمع رهن مثل سقف وسقف وأسد وأسد ، والتسكين لثقل الضمة بعد الضمة ، وقيل رهن جمع رهان ورهان جمع رهن ، وقد قرئ به مثل كلب وكلاب ، والرهن مصدر في الاصل وهو هنا بمعنى مرهون( الذى اؤتمن ) إذا وقفت على الذى ابتدأت أو تمن ، فالهمزة للوصل والواو بدل من الهمزة التى هى فاء الفعل ، فإذا وصلت حذفت همزة الوصل وأعدت الواو إلى أصلها وهو الهمزة ، وحذفت ياء الذى لالتقاء الساكنين ، وقد أبدلت الهمزة ياء ساكنة ، وياء الذى محذوفة لما ذكرنا ، وقد قرئ به( أمانته ) مفعول يؤد لامصدر اؤتمن ، والامانة بمعنى المؤتمن( ولاتكتموا ) الجمهور على التاء للخطاب كصدر الآية ، وقرئ بالياء على الغيبة ؛ لان قبله غيبا ، إلا أن الذى قبله مفرد في اللفظ وهو جنس ، فلذلك جاء الضمير مجموعا على المعنى( فإنه ) الهاء ضمير من ، ويجوز أن تكون ضمير الشأن ، و( آثم ) فيه أوجه : أحدها : أنه خبر إن ، و ( قلبه ) مرفوع به ، والثانى : كذلك إلا أن قلبه بدل من آثم لا على نية طرح الاول ، والثالث : أن قلبه بدل من الضمير في آثم ، والرابع: أن قلبه مبتدأ وآثم خبر مقدم ، والجملة خبر إن ، وأجاز قوم قلبه بالنصب على التمييز وهو بعيد ؛ لانه معرفة .
قوله تعالى :( فيغفر لمن يشاء ويعذب ) يقرآن بالرفع على الاستئناف : أى فهو يغفر ، وبالجزم عطفا على جواب الشرط ، وبالنصب عطفا على المعنى بإضمار أن تقديره
: فإن يغفر ، وهذا يسمى الصرف ، والتقدير : يكن منه حساب فغفران ، وقرئ في الشاذ بحذف الفاء ، والجزم على أنه بدل من يحاسبكم قوله تعالى :( والمؤمنون ) معطوف على الرسول فيكون الكلام تاما عنده ، وقيل المؤمنون مبتدأ ، و ( كل ) مبتدأ ثان والتقدير : كل منهم ، و( آمن ) خبر المبتدإ الثانى ، والجملة خبر الاول ، وأفرد الضمير في آمن ردا على لفظ كل( وكتبه ) يقرأ بغير ألف على الجمع ؛ لان الذى معه جمع ، ويقرأ و " كتابه " على الافراد وهو جنس ، ويجوز أن يراد به القرآن وحده( ورسله ) يقرأ بالضم والاسكان ، وقد ذكر وجهه( لانفرق ) تقديره : يقولون وهو في موضع الحال وأضاف( بين ) إلى أحد ؛ لان أحدا في معنى الجمع( وقالوا ) معطوف على آمن( غفرانك ) أى اغفر غفرانك فهو منصوب على المصدر ، وقيل التقدير : نسألك غفرانك قوله تعالى :( كسبت ) وفى الثانية( اكتسبت ) قال قوم : لافرق بينهما ، واحتجوا بقوله: " ولا تكسب كل نفس إلا عليها " وقال: " ذوقوا ماكنتم تكسبون " فجعل الكسب في السيئات كما جعله في الحسنات ، وقال آخرون : اكتسب افتعل بدل على شدة الكلفة ، وفعل السيئة شديد لما يؤول إليه ( ولا تؤاخذنا ) يقرأ بالهمزة والتخفيف ، والماضى آخذته ، وهو من الاخذ بالذنب وحكى وأخذته بالواو .
سورة آل عمران
بسم اللّه الرحمن الرحيم
( الم ) قد تقدم الكلام عليها في أول البقرة والميم من ميم حركت لالتقاء الساكنين وهو الميم ، ولام التعريف في اسم الله ، ولم تحرك لسكونها وسكون الياء قبلها ؛ لان جميع هذه الحروف التى على هذا المثال تسكن إذا لم يلقها ساكن بعدها ، كقوله لام ميم ذلك الكتاب ، وحم ، وطس ، وق وك وفتحت لوجهين : أحدهما كثرة استعمال اسم الله بعدها ، والثانى ثقل الكسرة بعد الياء والكسرة ، وأجاز الاخفش كسرها ، وفيه من القبح ماذكرنا ، وقيل فتحت ؛ لان حركة همزة الله ألقيت عليها ، وهذا بعيد ؛ لان همزة الوصل لاحظ لها في الثبوت في الوصل حتى تلقى حركتها على غيرها ، وقيل الهمزة في الله
همزة قطع ، وإنما حذفت لكثرة الاستعمال ، فلذلك ألقيت حركتها على الميم ؛ لانها تستحق الثبوت ، وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف أل( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ) قد ذكر إعرابه في آية الكرسى ( نزل عليك ) هو خبر آخر ، وماذكرناه في قوله : " لا تأخذه " فمثله هاهنا ، وقرئ نزل عليك بالتخفيف و ( الكتاب ) بالرفع ، وفى الجملة وجهان : أحدهما : هى منقطعة ، والثانى : هى متصلة بما قبلها ، والضمير محذوف تقديره : من عنده ، و( بالحق ) حال من الكتاب ، و ( مصدقا ) إن شئت جعلته حالا ثانيا ، وإن شئت جعلته بدلا من موضع قوله بالحق ، وإن شئت جعلته حالا من الضمير في المجرور ( التوراة ) فوعلة من ورى الزنديرى إذا ظهر منه النار ، فكان التوراة ضياء من الضلال ، فأصلها وورية فأبدلت الواو الاولى تاء كما قالوا تولج وأصله وولج وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وقال الفراء : أصلها تورية على تفعلة كتوصية ، ثم أبدل من الكسرة الفتحة فانقلبت الياء ألفا ، كما قالوا في ناصية ناصاة ، ويجوز إمالتها ؛ لان أصل ألفها ياء( والانجيل ) إفعيل من النجل وهو الاصل الذى يتفرع عنه غيره ، ومنه سمى الولد نجلا ، واستنجل الوادى إذا نز ماؤه ، وقيل : هو من السعة من قولهم : نجلت الاهاب إذا شققته ، ومنه عين نجلاء واسعة الشق ، فالانجيل الذى هو كتاب عيسى تضمن سعة لم تكن لليهود ، وقرأ الحسن" الانجيل " بفتح الهمزة ، ولايعرف له نظير ، إذ ليس في الكلام أفعيل ، إلا أن الحسن ثقة ، فيجوز أن يكون سمعها ، و( من قبل ) يتعلق بأنزل ، وبنيت قبل لقطعها عن الاضافة ، والاصل من قبل ذلك ، فقبل في حكم بعض الاسم وبعض الاسم لا يستحق إعرابا ( هدى ) حال من الانجيل والتوراة ، ولم يئن ؛ لانه مصدر ، ويجوز أن يكون حالا من الانجيل ، ودل على حال للتوراة محذوفة كما يدل أحد الخبرين على الآخر( للناس ) يجوز أن يكون صفة لهدى ، وأن يكون متعلقا به ، و( الفرقان ) فعلال من الفرق ، وهو مصدر في الاصل ، فيجوز أن يكون بمعنى الفارق أو المفروق ويجوز أن يكون التقدير ذا الفرقان .
قوله تعالى : ( لهم عذاب ) ابتداء وخبر في موضع خبر إن ، ويجوز أن يرتفع العذاب بالظرف قوله تعالى :( في الارض ) يجوز أن يكون صفة لشئ، وأن يكون متعلقا بيخفى قوله تعالى :( في الارحام ) في متعلقة بيصور، ويجوز أن يكون حالا من الكاف والميم : أى يصوركم وأنتم في الارحام مضغ( كيف يشاء ) كيف في موضع نصب
بيشاء وهو حال ، والمفعول : محذوف تقديره : يشاء تصويركم ، وقيل كيف ظرف ليشاء ، وموضع الجملة حال تقديره : يصوركم على مشيئته أى مريدا ، فعلى هذا يكون حالا من ضمير اسم الله ، ويجوز أن تكون حالا من الكاف والميم : أى يصوركم متقلبين على مشيئته( لاإله إلا هو العزيز الحكيم ) هو مثل قوله : " لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " .
قوله تعالى : ( منه آيات ) الجملة في موضع نصب على الحال من الكتاب ، ولك أن ترفع آيات بالظرف ؛ لانه قد اعتمد ، ولك أن ترفعه بالابتداء والظرف خبره( هن أم الكتاب ) في موضع رفع صفة لآيات وإنما أفرد أم وهو خبر عن جمع ؛ لان المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة فأفرد على المعنى ، ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ماذكرنا في قوله: " وعلى سمعهم " ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب ، كما قال الله تعالى : " فاجلدوهم ثمانين " أى فاجلدوا كل واحد منهم( وأخر ) معطوف على آيات ، و ( متشابهات ) نعت لاخر .
فإن قيل : واحدة متشابهات متشابهة ، وواحدة أخر أخرى ، والواحد هنا لايصح أن يوصف بهذا الواحد فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا ، وليس المعنى على ذلك ، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع ، ولم يوصف مفرده بمفرده قيل : التشابه لايكون إلا بين اثنين فصاعدا ، فإذا اجتمعت الاشياء المتشابهة كان كل منهما مشابها للآخر ، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع ؛ لان كل واحد من مفرداته يشابه باقيها ، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى ، ونظيره قوله تعالى : " فوجد فيها رجلين يقتتلان " فثنى الضمير وإن كان لايقال في الواحد يقتتل( ماتشابه منه ) ما بمعنى الذى ، ومنه حال من ضمير الفاعل : والهاء تعود على الكتاب( ابتغاء ) مفعول له ، والتأويل مصدر أول يؤول ، وأصله من آل يئول إذا انتهى نهايته ، و ( الراسخون ) معطوف على اسم الله ، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا ، و( يقولون ) في موضع نصب على الحال وقيل الراسخون مبتدأ ، ويقولون الخبر ، والمعنى : أن الراسخين لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به ( كل ) مبتدأ : أى كله أو كل منه ، و( من عند ) الخبر وموضع آمنا وكل من عند ربنا نصب بيقولون .
قوله تعالى :( لاتزغ قلوبنا ) الجمهور على ضم التاء ونصب القلوب ، يقال : زاغ القلب وأزاغه الله ، وقرئ بفتح التاء ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها ، و( إذ هديتنا ) ليس بظرف ؛ لانه أضيف إليه بعد( من لدنك ) لدن مبنية على السكون ، وهى مضافة ؛ لان علة بنائها موجودة بعد الاضافة ، والحكم يتبع العلة ، وتلك العلة أن لدن بمعنى عند الملاصقة للشئ ، فعند إذا ذكرت لم تختص بالمقارنة ، ولدن عند مخصوص فقد صار فيها معنى لايدل عليه الظرف بل هو من قبيل مايفيده الحرف ، فصارت كأنها متضمنة للحرف الذى كان ينبغى أن يوضع دليلا على القرب ومثله ثم وهنا ؛ لانهما بنيا لما تضمنا حرف الاشارة وفيها لغات هذه إحداها : وهى فتح اللام وضم الدال وسكون النون والثانية : كذلك إلا أن الدال ساكنة ، وذلك تخفيف كما خفف عضد ، والثالثة : بضم اللام وسكون الدال ، والرابعة : لدى(١) والخامسة : لد بفتح اللام وضم الدال من غير نون ، والسادسة : بفتح اللام وإسكان الدال ولاشئ بعد الدال قوله تعالى :( جامع الناس ) الاضافة غير محضة ؛ لانه مستقبل ، والتقدير : جامع الناس( ليوم ) تقديره : لعرض يوم أو حساب يوم ، وقيل اللام بمعنى في : أى في يوم ، والهاء في( فيه ) تعود على اليوم ، وإن شئت على الجمع ، وإن شئت على الحساب أو العرض ، ولاريب في موضع جر صفة ليوم( إن الله لا يخلف ) أعاد ذكر الله مظهرا تفخيما ، ولو قال إنك لا تخلف كان مستقيما ، ويجوز أن يكون مستأنفا وليس محكيا عمن تقدم ، و( الميعاد ) مفعال من الوعد قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ماقبلها .
قوله تعالى : ( لن تغنى ) الجمهور على التاء لتأنيث الفاعل ، ويقرأ بالياء ؛ لان تأنيث الفاعل غير حقيقى ، وقد فصل بينهما أيضا ( من الله ) في موضع نصب ؛ لان التقدير : من عذاب الله ، والمعنى : لن تدفع الاموال عنهم عذاب الله ، و( شيئا ) على هذا في موضع المصدر تقديره : غنى ويجوز أن يكون شيئا مفعولا به على المعنى ؛ لان معنى تغنى عنهم تدفع ، ويكون من الله صفة لشئ في الاصل قدم فصار حالا ، والتقدير لن تدفع عنهم الاموال شيئا من عذاب الله والوقود بالفتح الحطب وبالضم التوقد ، وقيل : هما لغتان بمعنى قوله تعالى :( كدأب ) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ، وفى ذلك المحذوف أقوال : أحدها تقديره : كفروا كفرا كعادة آل فرعون ، وليس
الفعل المقدر هاهنا هو الذى في صلة الذين ؛ لان الفعل قد انقطع تعلقه بالكاف لاجل استيفاء الذين خبره ، ولكن بفعل دل عليه " كفروا " التى هى صلة .
والثانى تقديره : عذبوا عذابا كدأب آل فرعون ، ودل عليه أولئك هم وقود النار والثالث تقديره : بطل انتفاعهم بالاموال والاولاد كعادة آل فرعون والرابع تقديره : كذبوا تكذيبا كدأب آل فرعون ، فعلى هذا يكون الضمير في كذبوا لهم ، وفي ذلك تخويف لهم لعلمهم بما حل بآل فرعون ، وفى أخذه لآل فرعون( والذين من قبلهم ) على هذا في موضع جر عطفا على آل فرعون ، وقيل : الكاف في موضع رفع خبر ابتداء محذوف تقديره : دأبهم في ذلك مثل دأب آل فرعون ، فعلى هذا يجوز في والذين من قبلهم وجهان : أحدهما : هو جر بالعطف أيضا ، وكذبوا في موضع الحال
___________________
( قوله والرابعة لدى ) يقرأ بالتنوين كقفا كما في القاموس اه مصححة (*)
وقد معه مرادة ، ويجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له ذكر لشرح حالهم ، والوجه الآخر : أن يكون الكلام تم على فرعون والذين من قبلهم مبتدأ ، و( كذبوا ) خبره ، و ( شديد العقاب ) تقديره : شديد عقابه فالاضافة غير محضة ، وقيل شديد هنا بمعنى مشدد ، فيكون على هذا من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول ، وقد جاء فعيل بمعنى مفعل ومفعل قوله تعالى :( ستغلبون وتحشرون ) يقرآن بالتاء على الخطاب : أى واجههم بذلك وبالياء تقديره : أخبرهم بأحوالهم فإنهم سيغلبون ويحشرون( وبئس المهاد ) أى جهنم فحذف المخصوص بالذم قوله تعالى : ( قد كان لكم آية ) آية اسم كان ، ولم يؤنث ؛ لان التأنيث غير حقيقى ، ولانه فصل ، ولان الآية والدليل بمعنى ، وفى الخبر وجهان : أحدهما : لكم و( في فئتين ) نعت لآية والثانى : أن الخبر في فئتين ، ولكم متعلق بكان ، ويجوز أن يكون لكم في موضع نصب على الحال على أن يكون صفة لآية : أى آية كائنة لكم فيتعلق بمحذوف ، و( التقتا ) في موضع جر نعتا لفئتين ، و( فئة ) خبر مبتدأ محذوف : أى إحداهما فئة( وأخرى ) نعت لمبتدأ محذوف تقديره : وفئة أخرى ( كافرة ) فإن قيل : إذا قررت في الاولى إحداهما مبتدأ كان القياس أن يكون والاخرى : أى والاخرى فئة كافرة ، قيل : لما علم أن التفريق هنا لنفس المثنى المقدم ذكره كان التعريف والتنكير واحدا ، ويقرأ في الشاذ" فئة تقاتل وأخرى كافرة " بالجر فيهما على أنه بدل من فئتين ، ويقرأ أيضا بالنصب فيهما على أن يكون حالا من الضمير في التقتا تقديره : التقتا مؤمنة وكافرة ، وفئة أخرى على هذا للحال ، وقيل فئة ، وماعطف عليها على قراءة من رفع بدل من الضمير في التقتا( ترونهم ) يقرأ بالتاء مفتوحة ، وهو من رؤية العين ، و( مثليهم ) حال ، و( رأى العين ) مصدر مؤكد ، ويقرأ فيالشاذ " ترونهم " بضم التاء على مالم يسم فاعله ، وهو من أورى إذا دله غيره عليه كقولك ، أريتك هذا الثوب ، ويقرأ في المشهور بالياء على الغيبة ، فأما القراءة بالتاء فلان أول الآية خطاب ، وموضع الجملة على هذا يجوز أن يكون نعتا صفة لفئتين ؛ لان فيها ضميرا يرجع عليهما ، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في لكم ، وأما القراءة بالياء فيجوز أن يكون في معنى التاء ، إلا أنه رجع من الخطاب إلى الغيبة ، والمعنى واحد وقد ذكر نحوه ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، ولا يجوز أن يكون من رؤية القلب على كل الاقوال لوجهين : أحدهما : قوله رأى العين ، والثانى : أن رؤية القلب علم ، ومحال أن يعلم الشئ شيئين .
( يؤيد ) يقرأ بالهمز على الاصل وبالتخفيف ، وتخفيف الهمزة هنا جعلها واوا خالصة لاجل الضمة قبلها ، ولايصح أن تجعل بين بين لقربها من الالف ، ولايكون ماقبل الالف إلا مفتوحا ، ولذلك لم تجعل الهمزة المبدوء بها بين بين لاستحالة الابتداء بالالف .
قوله تعالى :( زين ) الجمهور على ضم الزاى ، ورفع( حب ) ويقرأ بالفتح ونصب حب تقديره : زين للناس الشيطان على ماجاء صريحا في الآية الاخرى ، وحركت الهاء بفى( الشهوات ) ؛ لانها اسم غير صفة( من النساء ) في موضع الحال من الشهوات ، والنون في القنطار أصل ، ووزنه فعلال مثل حملاق ، وقيل هى زائدة واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى ، والذهب والفضة يشبهان بالماء في الكثرة وسرعة التقلب ، و( من الذهب ) في موضع الحال من المقنطرة( والخيل ) معطوف على النساء لا على الذهب والفضة ؛ لانها لاتسمى قنطارا ، وواحد الخيل خائل ، وهو مشتق من الخيلاء مثل طير وطائر ، وقال قوم : لا واحد له من لفظه بل هو اسم للجمع والواحد فرس ، ولفظه لفظ المصدر ، ويجوز أن يكون مخففا من خيل ولم يجمع ( الحرث ) ؛ لانه مصدر بمعنى المفعول ، وأكثر الناس على أنه لايجوز إدغام الثاء في الذال هنا لئلا يجمع بين ساكنين ؛ لان الراء ساكنة ، فأما الادغام في قوله يلهث ذلك فجائز ، و ( المآب ) مفعل من آب يئوب ، والاصل مأوب ، فلما تحركت الواو وانفتح ماقبلها في الاصل وهو آب قلبت ألفا .
قوله تعالى :( قل أؤنبئكم ) يقرأ بتحقيق الهمزتين على الاصل ، وتقلب الثانية واوا خالصة لانضمامها وتليينها ، وهو جعلها بين الواو والهمزة ، وسوغ ذلك انفتاح ماقبلها ( بخير من ذلكم ) " من " في موضع نصب بخير تقديره : بما يفضل ذلك ، ولايجوز أن يكون صفة لخير ؛ لان ذلك يوجب أن تكون الجنة ومافيها مما رغبوا فيه بعضا لما زهدوا فيه من الاموال ونحوها( للذين اتقوا ) خبر المبتدأ الذى هو( جنات ) و ( تجرى ) صفة لها وعند ربهم يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون ظرفا للاستقرار والثانى : أن يكون صفة للجنات في الاصل قدم فانتصب على الحال ، ويجوز أن يكون العامل تجرى ، و ( من تحتها ) متعلق بتجرى ، ويجوز أن يكون حالا من( الانهار ) أى تجرى الانهار كائنة تحتها .
ويقرأ جنات بكسر التاء وفيه وجهان : أحدهما : هو مجرور بدلا من خير ، فيكون للذين اتقوا على هذا صفة لخير ، والثانى : أن يكون منصوبا على إضمار أعنى ، أو بدلا من موضع بخير ، ويجوز أن يكون الرفع على خبر مبتدأ محذوف : أى هو جنات ، ومثله :" بشر من ذلكم النار " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ، و ( خالدين فيها ) حال إن شئت من الهاء في تحتها ، وإن شئت من الضمير في اتقوا ، والعامل الاستقرار ، وهى حال مقدرة( وأزواج ) معطوف على جنات بالرفع ، فأما على القراءة الاخرى فيكون مبتدأ وخبره محذوف تقديره : ولهم أزواج( ورضوان ) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان ، وهو مصدر ونظير الكسر الاتيان والقربات ، ونظير الضم الشكران والكفران قوله تعالى :( الذين يقولون ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للذين اتقوا أو بدل منه ، ويضعف أن يكون صفة للعباد ؛ لان فيه تخصيصا لعلم الله وهو جائز على ضعفه ، ويكون الوجه فيه إعلامهم بأنه عالم بمقدار مشقتهم في العبادة فهو يجازيهم عليها ، كما قال : والله أعلم بإيمانكم ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى ، وأن يكون في موضع رفع على إضمارهم .
قوله تعالى :( الصابرين ) ومابعده يجوز أن يكون مجرورا ، وأن يكون منصوبا صفة للذين إذا جعلته في موضع جر أو نصب ، وإن جعلت الذين رفعا نصبت الصابرين بأعنى فإن قيل : لم دخلت الواو في هذه وكلها لقبيل واحد ؟ ففيه جوابان : أحدهما : أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو ، وإن كان الموصوف بها واحدا ، ودخول الواو في مثل هذا الضرب تفخيم ؛ لانه يؤذن ؛ لان كل صفة مستقلة بالمدح ، والجواب الثانى : أن هذه الصفات متفرقة فيهم ، فبعضهم صابر وبعضهم صادق ، فالموصوف بها متعدد .
قوله تعالى :( شهد الله ) الجمهور على أنه فعل وفاعل ، ويقرأ " شهداء لله " جمع شهيدا أو شاهد بفتح الهمزة وزيادة لام مع اسم الله ، وهو حال من يستغفرون ، ويقرأ كذلك إلا أنه مرفوع على تقدير : هم شهداء ، ويقرأ " شهداء الله " بالرفع والاضافة ، و ( أنه ) أى بأنه في موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف في غير موضع( قائما ) حال من هو ، والعامل فيه معنى الجملة : أى يفرد قائما ، وقيل : هو حال من
اسم الله : أى شهد لنفسه بالوحدانية ، وهى حال مؤكدة على الوجهين ، وقرأ ابن مسعود القائم على أنه بدل أو خبر مبتدأ محذوف ( العزيز الحكيم ) مثل الرحمن الرحيم في قوله : " وإلهكم إله واحد " وقد ذكر .
قوله تعالى :( إن الذين ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف ، ويقرأ بالفتح على أن الجملة مصدر ، وموضعه جر بدلا من أنه لاإله إلا هو : أى شهد الله بوحدانيته بأن الدين ، وقيل هو بدل من القسط ، وقيل هو في موضع نصب بدلا من الموضع ، والبدل على الوجوه كلها بدل الشئ من الشئ وهو هو ، ويجوز بدل الاشتمال ( عند الله ) ظرف العامل فيه الدين ، وليس بحال منه ؛ لانه أن تعمل في الحال ( بغيا ) مفعول من أجله ، والتقدير : اختلفوا بعد ماجاءهم العلم للبغى ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ( ومن يكفر ) " من " مبتدأ ، والخبر يكفر ، وقيل : الجملة من الشرط والجزاء هى الخبر ، وقيل : الخبر هو الجواب ، والتقدير : سريع الحساب له .
قوله تعالى :( ومن اتبعنى ) " من " في موضع رفع عطفا على التاء في أسلمت : أى وأسلم من اتبعنى وجوههم لله ، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف : أى كذلك ، ويجوز إثبات الياء على الاصل وحذفها تشبيها له برؤوس الآى والقوافى ، كقول الاعشى :فهل يمنعنى ارتيادى البلا * دمن حذر الموت أن يأتين وهو كثير في كلامهم ( أأسلمتم ) هو في معنى الامر : أى أسلموا كقوله : " فهل أنتم منتهون "أ ى انتهوا قوله تعالى :( فبشرهم ) هو خبر إن ، ودخلت الفاء فيه حيث كانت صلة الذى فعلا ، وذلك مؤذن باستحقاق البشارة بالعذاب جزاء على الكفر ، ولا تمنع إن من دخول الفاء في الخبر ؛ لانها لم تغير معنى الابتداء بل أكدته ، فلو دخلت على الذى كان أو ليت لم يجز دخول الفاء في الخبر .
ويقرأ " ويقاتلون النبيين " ويقتلون هو المشهور ، ومعناهما متقارب .
قوله تعالى :( يدعون ) في موضع حال من الذين( وهم معرضون ) في موضع رفع صفة لفريق ، أو حالا من الضمير في الجار ، وقد ذكرنا ذلك في قوله : " أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " .
قوله تعالى : ( ذلك ) هو خبر مبتدإ محذوف أى ذلك الامر ذلك ، فعلى هذا يكون قوله : ( بأنهم قالوا ) في موضع نصب على الحال مما في ذا من معنى الاشارة :
أى ذلك الامر مستحقا بقولهم وهذا ضعيف ، والجيد أن يكون ذلك مبتدأ وبأنهم خبره : أى ذلك العذاب مستحق بقولهم .
قوله تعالى : ( فكيف إذا جمعناهم ) كيف في موضع نصب على الحال ، والعامل فيه محذوف تقديره : كيف يصنعون أو كيف يكونون ، وقيل : كيف ظرف لهذا المحذوف وإذا ظرف للمحذوف أيضا قوله تعالى :( قل اللهم ) الميم المشددة عوض من ياء ، وقال الفراء : الاصل ياألله أمنا بخير ، وهو مذهب ضعيف ، وموضع بيان ضعفه غير هذا الموضع ( مالك الملك ) هو نداء ثان : أى يامالك الملك ، ولايجوز أن يكون صفة عند سيبويه على الموضع ؛ لان الميم في آخر المنادى تمنع من ذلك عنده ، وأجاز المبرد والزجاج أن يكون صفة( تؤتى الملك ) هو ومابعده من المعطوفات خبر مبتدإ محذوف : أى أنت ، وقيل : هو مستأنف ، وقيل الجملة في موضع الحال من المنادى ، وانتصاب الحال على المنادى مختلف فيه ، والتقدير : من يشاء إتيانه إياه ، ومن يشاء انتزاعه منه( بيدك الخير ) مستأنف ، وقيل حكمه حكم ماقبله من الجمل .
قوله تعالى : ( الميت من الحى ) يقرأ بالتخفيف والتشديد ، وقد ذكرناه في قوله : " إنما حرم عليكم الميتة " ( بغير حساب ) يجوز أن يكون حالا من المفعول المحذوف : أى ترزق من تشاؤه غير محاسب ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أى تشاء غير محاسب له أو غير مضيق له ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أو مفعول محذوف : أى رزقا غير قليل قوله تعالى :( لايتخذ المؤمنون ) هو نهى ، وأجاز الكسائى فيه الرفع على الخبر ، والمعنى لايبتغى( من دون ) في موضع نصب صفة لاولياء( فليس من الله في شئ ) التقدير فليس في شئ من دين الله ، فمن الله في موضع نصب على الحال ؛ لانه صفة للنكرة قدمت عليه( إلا أن تتقوا ) هذا رجوع من الغيبة إلى الخطاب ، وموضع أن تتقوا نصب ؛ لانه مفعول من أجله ، وأصل( تقاة ) وقية ، فأبدلت الواو تاء لانضمامها ضما لازما مثل نحاة ، وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وانتصابها على الحال ، ويقرأ تقية ووزنها فعيلة ، والياء بدل من الواو أيضا ( ويحذركم الله نفسه ) أى عقاب نفسه ، كذا قال الزجاج ، وقال غيره : لاحذف هنا .