إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ١
0%
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
قوله تعالى :( إلا بشرى ) مفعول ثان لجعل ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويكون جعل المتعدية إلى واحد ، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم أو على النصر أو على التنزيل( ولتطمئن ) معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له تقديره : ليبشركم ولتطمئن ، ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره : ولتطمئن قلوبكم بشركم .
قوله تعالى :( ليقطع طرفا ) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة أو نصركم( أو يكبتهم ) قيل أو بمعنى الواو ، وقيل : هى للتفصيل أى كان القطع لبعضهم والكبت لبعضهم ، والتاء في يكبتهم أصل ، وقيل هى بدل من الدال ، وهو من كبدته أصبت كبده( فتنقلبوا ) معطوف على يقطع أو يكبتهم .
قوله تعالى :( ليس لك ) اسم ليس( شئ ) ولك الخبر ومن الامر حال من شئ ؛ لانها صفة مقدمة( أو يتوب ، أو يعذبهم ) معطوفان على يقطع ، وقيل أو بمعنى إلا أن .
قوله تعالى :( أضعافا ) مصدر في موضع الحال من الربا تقديره مضاعفا قوله تعالى :( وسارعوا ) يقرأ بالواو وحذفها ، فمن أثبتها عطفه على ماقبله من الاوامر ، ومن لم يثبتها استأنف ، ويجوز إمالة الالف هنا لكسرة الراء( عرضها السموات ) الجملة في موضع جر ، وفى الكلام حذف تقديره عرضها مثل عرض السموات( أعدت ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للجنة ، وأن يكون حالا منها ؛ لانها قد وصفت ، وأن يكون مستأنفا ، ولايجوز أن يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء : أحدها : أنه لا عامل ، وماجاء من ذلك متأول على ضعفه .
والثانى : أن العرض هنا لايراد به المصدر الحقيقى ، بل يراد به المسافة والثالث : أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر قوله تعالى :( الذين ينفقون ) يجوز أن يكون صفة للمتقين ، وأن يكون نصبا على إضمار أعنى ، وأن يكون رفعا على إضمارهم ، وأما( الكاظمين ) فعلى الجر والنصب .
قوله تعالى :( والذين إذا فعلوا ) يجوز أن يكون معطوفا على الذين ينفقون في أوجهه الثلاثة ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا ، وجزاؤهم ثالثا ، ومغفرة خبر الثالث ، والجميع خبر الذين ، و( ذكروا ) جواب إذا( ومن ) مبتدأ ، و( يغفر ) خبره( إلا الله ) فاعل يغفر ، أو بدل من المضمر فيه وهو
الوجه ؛ لانك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير : أى ومن يغفر الذنوب له غير الله( وهم يعلمون ) في موضع الحال من الضمير في يصروا ، أو من الضمير في استغفروا ، ومفعول يعلمون محذوف : أى يعلمون المؤاخذة بها أو عفوا الله عنها .
قوله تعالى :( ونعم أجر ) المخصوص بالمدح محذوف : أى ونعم الاجر الجنة قوله تعالى :( من قبلكم سنن ) يجوز أن يتعلق بخلت ، وأن يكون حالا من سنن ، ودخلت الفاء في( سيروا ) ؛ لان المعنى على الشرط : أى إن شككتم فسيروا( كيف ) خبر( كان ) و( عاقبة ) اسمها .
قوله تعالى :( ولاتهنوا ) الماضى وهن وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة و( الاعلون ) واحدها أعلى ، وحذفت منه الالف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها .
قوله تعالى :( قرح ) يقرأ بفتح القاف وسكون الراء ، وهو مصدر قرحته إذا جرحته ، ويقرأ بضم القاف وسكون الراء ، وهو بمعنى الجرح أيضا وقال الفراء : بالضم ألم الجراح ، ويقرأ بضمها على الاتباع كاليسر واليسر ، والطنب والطنب ، ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة ، وهو بمعنى دمى( وتلك ) مبتدأ ، و( الايام ) خبره ، و( نداولها ) جملة في موضع الحال ، والعامل فيها معنى الاشارة ، ويجوز أن تكون الايام بدلا أو عطف بيان ، ونداولها الخبر ، ويقرأ يداولها بالياء ، والمعنى مفهوم ، و( بين الناس ) ظرف ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء( وليعلم ) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : وليعلم الله دوالها ، وقيل التقدير : ليتعظوا وليعلم الله ، وقيل الواو زائدة ، و( منكم ) يجوز أن يتعلق بيتخذ ، ويجوز أن يكون حالا من( شهداء ) ( وليمحص ) معطوف على وليعلم .
قوله تعالى :( أم حسبتم ) أم هنا منقطعة : أى بل أحسبتم ، و( أن تدخلوا ) أن والفعل يسد مسد المفعولين وقال الاخفش المفعول الثانى محذوف( ويعلم الصابرين ) يقرأ بكسر الميم عطفا على الاولى ، وبضمها على تقدير : وهو يعلم ، والاكثر في القراءة الفتح وفيه وجهان : أحدهما : أنه مجزوم أيضا لكن الميم لما حركت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح إتباعا للفتحة قبلها ، والوجه الثانى : أنه منصوب على إضمار أن ، والواو هاهنا بمعنى الجمع كالتى في قولهم : لاتأكل السمك وتشرب اللبن
والتقدير : أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل : أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين ، ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والاعراب .
قوله تعالى :( من قبل أن تلقوه ) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة ، وقرئ بضم اللام والتقدير : ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل ، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت ؛ لانه قال( فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ) وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة ويقرأ " تلاقوه " وهو من المفاعلة التى تكون بين اثنين ؛ لان مالقيك فقد لقيته ، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت .
قوله تعالى :( قد خلت من قبله الرسل ) في موضع رفع صفة لرسول ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول ، وقرأ ابن عباس" رسل " نكرة ، وهو قريب من معنى المعرفة ، ومن متعلقة بخلت ، ويجوز أن يكون حالا من الرسل( أفإن مات ) الهمزة عند سيبويه في موضعها ، والفاء تدل على تعلق الشرط بما قبله .
وقال يونس : الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره : أتنقلبون على أعقابكم إن مات ؛ لان الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط ومذهب سيبويه الحق لوجهين : احدهما : أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه ، إذ لايصح أن تقول أتزورنى فإن زرتك ، ومنه قوله : " أفإن مت فهم الخالدون " والثانى : أن الهمزة لها صدر الكلام ، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها ، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط ، والجواب ؛ لانهما كالشئ الواحد( على أعقابكم ) حال : أى راجعين .
قوله تعالى :( وماكان لنفس أن تموت ) أى تموت اسم كان ، و( إلا بإذن الله ) الخبر واللام للتبيين متعلقة بكان ، وقيل هى متعلقة بمحذوف تقديره : الموت لنفس ، وأن تموت تبيين للمحذوف ، ولايجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول ، قال الزجاج التقدير : وما كان نفس لتموت ، ثم قدمت اللام( كتابا ) مصدر : أى كتب ذلك كتابا( ومن يرد ثواب الدنيا ) بالاظهار على الاصل وبالادغام لتقاربهما( نؤته منها ) مثل " يؤده إليك " ( وسنجزى ) بالنون والياء ، والمعنى مفهوم .
قوله تعالى :( وكأين ) الاصل فيه أى التى هى بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه ، وصارا في معنى كم التى للتكثير ، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى
لم يكن لكل واحد منهما ، وكما أن معنى لولا بعد التركيب لم يكن لهما قبله ، وفيها خمسة أوجه كلها قد قرئ به ،فالمشهور " كأين " بهمزة بعدها ياء مشددة وهو الاصل .
والثانى : " كائن " بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو فاعل من كان يكون حكى عن المبرد ، وهو بعيد الصحة ؛ لانه لو كان ذلك لكان معربا ولم يكن فيه معنى التكثير .
والثانى : أن أصله كأين ، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيئن ، فوزنه الآن كعلف ؛ لانك قدمت العين واللام ، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا في أيها أيهما ، ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائى ، وقيل : حذفت الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا ، وقيل لم يحذف منه شئ ولكن قدمت المتحركة وبقيت الاخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض .
والوجه الثالث :" كأن " على وزن كعن ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه حذف إحدى الياءين على ما تقدم ، ثم حذفت الاخرى لاجل التنوين والثانى : أنه حذف الياءين دفعة واحدة ، واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان .
والوجه الرابع :" كأى " بياء خفيفة بعد الهمزة ، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكن الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة كما سكنوا الهاء في لهو وفهو ، وحرك الياء لسكون ماقبلها .
والخامس :" كيئن " بياء ساكنة قبل الهمزة ، وهو الاصل في كائن ، وقد ذكر ، فأما التنوين فأبقى في الكلمة على مايجب لها في الاصل ، فمنهم من يحذفه في الوقف ؛ لانه تنوين ، ومنهم من يثبته فيه ؛ لان الحكم تغير بامتزاج الكلمتين ، وأما أى فقال ابن جنى هى مصدر أوى يأوى : إذا انضم واجتمع ، وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فقلبت وأدغمت مثل جئ وشئ ، وأما موضع كأين فرفع بالابتداء ، ولا تكاد تستعمل إلا وبعدها من .
وفى الخبر ثلاثة أوجه : أحدها :( قتل ) وفى قتل الضمير للنبى ، وهو عائد على كأين ؛ لان كأين في معنى نبى ، والجيد أن يعود الضمير على لفظ كأين كما تقول : مائة نبى قتل ، والضمير للمائة إذ هى المبتدأ .
فإن قلت : لو كان كذلك لانثت فقلت قتلت ، قيل : هذا محمول على المعنى ؛ لان التقدير كثير من الرجال قتل ، فعلى هذا يكون( معه ربيون ) في موضع الحال من الضمير في قتل .
والثانى : أن يكون قتل في موضع جر صفة لنبى ، ومعه ربيون الخبر كقولك : كم من رجل صالح معه مال .
والوجه الثالث : أن يكون الخبر محذوفا : أى في الدنيا أو صائر ونحو تلك ، فعلى هذا يجوز أن يكون قتل صفة لنبى ، ومعه ربيون حال على ماتقدم ، ويجوز أن يكون قتل مسندا لربيين فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة نبى ، ويجوز أن يكون خبرا فيصير في الخبر أربعة أوجه ، ويجوز أن يكون صفة لنبى والخبر محذوف على ماذكرنا ،ويقرأ " قاتل " فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا ومابعده حال ، وأن يكون الفاعل ربيون ، ويقرأ " قتل "بالتشديد ، فعلى هذا لا ضمير في الفعل لاجل التكثير ، والواحد لا تكثير فيه كذا ذكر ابن جنى ، ولا يمتنع فيه أن يكون فيه ضمير الاول ؛ لانه في معنى الجماعة ، وربيون بكسر الراء منسوب إلى الربة وهى الجماعة ، ويجوز ضم الراء في الربة أيضا ، وعليه قرئ ربيون بالضم ، وقيل : من كسر أتبع ، والفتح هو الاصل وهو منسوب إلى الرب ، وقد قرئ به( فما وهنوا ) الجمهور على فتح الهاء ، وقرئ بكسرها وهى لغة ، والفتح أشهر ، وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور و( استكانوا ) استفعلوا من الكون وهو الذل ، وحكى عن الفراء أن أصلها استكنوا أشبعت الفتحة فنشأت الالف وهذا خطأ ؛ لان الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها تقول : استكان يستكين استكانة فهو مستكين ومستكان له ، والاشباع لا يكون على هذا الحد .
قوله تعالى :( وماكان قولهم ) الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان مابعد( إلا ) وهو أقوى من أن يجعل خبرا .
والاول اسم لوجهين : أحدها : أن( أن قالوا ) يشبه المضمر في أنه لايضمر فهو أعرف والثانى : أن مابعد إلا مثبت ، والمعنى : كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء ، ويقرأ برفع الاول على أنه اسم كان ، ومابعد إلا الخبر( في أمرنا ) يتعلق بالمصدر وهو إسرافنا ، ويجوز أن يكون حالا منه : أى إسرافا واقعا في أمرنا .
قوله تعالى :( بل الله مولاكم ) مبتدأ وخبر ، وأجاز الفراء النصب وهى قراءة والتقدير : بل أطيعوا الله قوله تعالى :( الرعب ) يقرأ بسكون العين وضمها وهما لغتان( بما أشركوا ) الباء تتعلق بنلقى ، ولا يمنع ذلك لتعلق " في " به أيضا ؛ لان في ظرف والباء بمعنى السبب فهما مختلفان ، ومامصدرية والثانية نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذى وليست مصدرية( وبئس مثوى الظالمين ) أى النار، فالمخصوص بالذم محذوف ، والمثوى مفعل من ثويت ولامه ياء .
قوله تعالى :( صدقكم الله وعده ) صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو ، وقد يتعدى إلى الثانى بحرف الجر فيقال : صدقت زيدا في الحديث( إذ ) ظرف لصدق ، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد( حتى ) يتعلق بفعل محذوف تقديره : دام ذلك إلى وقت فشلكم والصحيح أنها لاتتعلق في مثل هذا بشئ ، وأنها ليست حرف جر بل هى حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية كما تدخل الفاء والواو على الجمل ، وجواب( إذا ) محذوف تقديره : بأن أمركم ونحو ذلك ودل على المحذوف .
قوله تعالى :( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم ) معطوف على الفعل المحذوف .
قوله تعالى :( تصعدون ) تقديره : اذكروا إذ ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم أو تنازعتم أو فشلتم( ولا تلوون ) الجمهور على فتح التاء ، وقد ذكرناه في قوله :" يلوون ألسنتهم " ويقرأ بضم التاء وماضيه ألوى وهى لغة ، ويقرأ( على أحد ) بضمتين وهو الجبل .
قوله تعالى :( والرسول يدعوكم ) جملة في موضع الحال( بغم ) التقدير بعد غم ، فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم ، وقيل المعنى : بسبب الغم ، فيكون مفعولا به ، وقيل التقدير : بدل غم ، فيكون صفة لغم أيضا( لكيلا تحزنوا ) قيل" لا " زائدة ؛ لان المعنى أنه غمهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم ، وقيل ليست زائدة ، والمعنى على نفى الحزن عنهم بالتوبة ، وكى هاهنا هى العاملة بنفسها لاجل اللام قبلها .
قوله تعالى :( أمنة ) المشهور في القراءة فتح الميم وهو اسم للامن ويقرأ بسكونها وهو مصدر مثل الامر ، و( نعاسا ) بدل ، ويجوز أن يكون عطف بيان ، ويجوز أن يكون نعاسا هو المفعول وأمنه حال منه ، والاصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة ؛ لان النعاس ليس هو الامن بل هوالذى حصل الامن به ، ويجوز أن يكون أمنة مفعولا( يغشى ) يقرأ بالياء على أنه النعاس ، وبالتاء للامنة ، وهو في موضع نصب صفة لما قبله ، و( طائفة ) مبتدأ ، و( قد أهمتهم ) خبره( يظنون) حال من الضمير في أهمتهم ، ويجوز أن يكون أهمتهم صفة ، ويظنون الخبر ، والجملة حال ، والعامل يغشى : وتسمى هذه الواو واو الحال ، وقيل الواو بمعنى إذ وليس بشئ ، و( غير الحق ) المفعول الاول : أى أمرا غير الحق ، وبالله الثانى ، و( ظن الجاهلية ) مصدر تقديره : ظنا مثل ظن الجاهلية( من شئ ) من زائدة ، وموضعه رفع بالابتداء ، وفى الخبر وجهان : أحدهما : لنا، فمن الامر على هذا حال ، إذ الاصل هل شئ من الامر .
والثانى : أن يكون من الامر هو الخبر ولنا تبيين وتتم الفائدة كقوله : " ولم يكن له كفوا أحد "( كله لله ) يقرأ بالنصب على التوكيد أو البدل ولله الخبر ، وبالرفع على الابتداء ولله الخبر ، والجملة خبر إن( يقولون ) حال من الضمير في يخفون ، و( شئ ) اسم كان والخبر لنا أو من الامر مثل " هل لنا " ( لبرز الذين ) بالفتح والتخفيف ، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله : أى أخرجوا بأمر الله .
قوله تعالى :( إذا ضربوا في الارض ) يجوز أن تكون إذا هنا تحكى بها حالهم ، فلا يراد بها المستقبل لا محالة ، فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا وهو للماضى ، ويجوز أن يكون كفروا وقالوا ماضيين ، ويراد بها المستقبل المحكى به الحال ، فعلى هذا يكون التقدير : يكفرون ويقولون لاخوانهم( أو كانوا غزى ) الجمهور على تشديد الزاى وهو جمع غاز ، والقياس غزاة كقاض وقضاة ، لكنه جاء على فعل حملا على الصحيح نحو شاهد وشهد وصائم وصوم ويقرأ بتخفيف الزاى وفيه وجهان : أحدهما : أن أصله غزاة ، فحذفت الهاء تخفيفا ؛ لان التاء دليل الجمع ، وقد حصل ذلك من نفس الصفة
والثانى : أنه أراد قراءة الجماعة ، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف( ليجعل الله ) اللام تتعلق بمحذوف : أى ندمهم أو أوقع في قلوبهم ذلك ليجعله حسرة ، وجعل هنا بمعنى صير ، وقيل اللام هنا لام العاقبة : أى صار أمرهم إلى ذلك كقوله : " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا " .
قوله تعالى :( أو متم ) الجمهور على ضم الميم وهو الاصل ؛ لان الفعل منه يموت، ويقرأ بالكسر وهو لغة ، يقال مات يمات مثل خاف يخاف ، فكما تقول خفت تقول مت( لمغفرة ) مبتدأ ، و( من الله ) صفته( ورحمة ) معطوف عليه ، والتقدير : ورحمة لهم ، و ( خير ) الخبر ، ومابمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ، ويجوزأن تكون مصدرية ويكون المفعول محذوفا : أى من جمعهم المال .
قوله تعالى :( لالى الله ) اللام جواب قسم محذوف ، ولدخولها على حرف الجر جاز أن يأتى( يحشرون ) غير مؤكد بالنون ، والاصل لتحشرون إلى الله قوله تعالى :( فبما رحمة ) ما زائدة ، وقال الاخفش وغيره : يجوز أن تكون نكرة بمعنى شئ ، ورحمة بدل منه ، والباء تتعلق بلنت( وشاورهم في الامر ) الامر هنا جنس ، وهو عام يراد به الخاص ؛ لانه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض ، ولذلك قرأ ابن عباس" في بعض الامر " ( فإذا عزمت ) الجمهور على فتح الزاى : أى إذا تخيرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله( فتوكل على الله ) ويقرأ بضم التاء : أى إذا أمرتك بفعل شئ فتوكل على فوضع الظاهر موضع المضمر .
قوله تعالى :( فمن ذا الذى ) هو مثل" من ذا الذى يقرض " وقد ذكر( من بعده ) أى من بعد خذلانه فحذف المضاف ، ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان : أى بعد الخذلان .
قوله تعالى :( أن يغل ) يقرأ بفتح الياء وضم الغين على نسبة الفعل إلى النبى : أى ذلك غير جائز عليه ، ويدل على ذلك قوله :( يأت بما غل ) ومفعول يغل محذوف : أى يغل الغنيمة أو المال ، ويقرأ بضم الياء وفتح الغين على مالم يسم فاعله ، وفى المعنى ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون ماضيه أغللته : أى نسبته إلى الغلول ، كما تقول : أكذبته إذا نسبته إلى الكذب : أى لا يقال عنه إنه يغل : أى يخون الثانى : هو من أغللته
إذا وجدته غالا كقولك : أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا والثالث : معناه أن يغله غيره : أى ماكان لنبى أن يخان( ومن يغلل ) مستأنفة ، ويجوز أن تكون حالا ويكون التقدير : في حال علم الغال بعقوبة الغلول هو تعالى( أفمن اتبع ) من بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء ، و( كمن ) الخبر ، ولا يكون شرطا ؛ لان كمن لا يصلح أن يكون جوابا ، و( بسخط ) حال قوله تعالى :( هم درجات ) مبتدأ وخبر ، والتقدير : ذو درجات فحذف المضاف ، و( عند الله ) ظرف لمعنى درجات كأنه قال هم متفاضلون عند الله ، ويجوز أن يكون صفة لدرجات .
قوله تعالى :( من أنفسهم ) في موضع نصب صفة لرسول ، ويجوز أن يتعلق ببعث ، ومافى هذه الآية قد ذكر مثله في قوله :" وابعث فيهم رسولا منهم " قوله تعالى :( قد أصبتهم مثليها ) في موضع رفع صفة لمصيبة قوله تعالى :( وما أصابكم ) ما بمعنى الذى وهو مبتدأ ، والخبر( فبإذن الله ) أى واقع بإذن الله( وليعلم ) اللام متعلقة بمحذوف : أى وليعلم الله أصابكم هذا ، ويجوز أن يكون معطوفا على معنى فبإذن الله تقديره : فبإذن الله ولان يعلم الله( تعالوا قاتلوا ) إنما لم يأت بحرف العطف ؛ لانه أراد أن يجعل كل واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها ، ويجوز أن يقال : إن المقصود هو الامر بالقتال ، وتعالوا ذكر مالو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه ، وقيل الامر الثانى حال( هم للكفر ) اللام في قوله للكفر و ( للايمان ) متعلقة بأقرب ، وجاز أن يعمل أقرب فيهما ؛ لانهما يشبهان الظرف ، وكما عمل أطيب في قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدرين ؛ لان أفعل يدل على معنيين على أصل الفعل وزيادته فيعمل في كل واحد منهما بمعنى غير الآخر ، فتقديره : تزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الايمان ، واللام هنا على بابها ، وقيل هى بمعنى إلى( يقولون ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب : أى قربوا إلى الكفر قائلين .
قوله تعالى :( الذين قاتلوا ) يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار أعنى ، أو صفة للذين نافقوا أو بدلا منه ، وفى موضع جر بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر " قل فادرءوا " والتقدير : قل لهم( وقعدوا ) ويجوز أن يكون معطوفا على الصلة معترضا بين قالوا ومعمولها وهو( لو أطاعونا ) وأن يكون حالا ، وقد مرادة .
قوله تعالى :( بل أحياء ) أى بل هم أحياء ، ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا كما تقول : ظننت زيدا قائما بل قاعدا ، وقيل أضمر الفعل تقديره : بل أحسبوهم أحياء ، وحذف ذلك لتقدم مايدل عليه ، و( عند ربهم ) صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون ظرفا لاحياء ؛ لان المعنى يحيون عند الله ، ويجوز أن يكون ظرفا ل( يرزقون ) ويرزقون صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء : أى يحيون مرزوقين ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف إذا جعلته صفة .
قوله تعالى :( فرحين ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون ، ويجوز أن يكون صفة لاحياء إذا نصب ، ويجوز أن ينتصب على المدح ، ويجوز أن يكون من الضمير في أحياء أو من الضمير في الظرف( من فضله ) حال من العائد المحذوف في الظرف تقديره : بما آتاهموه كائنا من فضله( ويستبشرون ) معطوف على فرحين ؛ لان اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع ، ويجوز أن يكون التقدير : وهم يستبشرون فتكون الجملة حالا من الضمير في فرحين ، أو من ضمير المفعول في آتاهم( من خلفهم ) متعلق بيلحقوا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره : متخلفين عنهم( ألا خوف عليهم ) أى بأن لاخوف عليهم ، فأن مصدرية ، وموضع الجملة بدل من الذين بدل الاشتمال : أى ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم ، ويجوز أن يكون التقدير : لانهم لاخوف عليهم فيكون مفعولا من أجله قوله تعالى :( يستبشرون ) ه و مستأنف مكرر التوكيد( وأن الله ) بالفتح عطفا على بنعمة من الله : أى وبأن الله ، وبالكسر على الاستئناف .
قوله تعالى :( الذين استجابوا ) في موضع جر صفة للمؤمنين أو نصب على إضمار أعنى ، أو رفع على إضمارهم ، أو مبتدأ وخبره( للذين أحسنوا منهم واتقوا ) ومنهم حال من الضمير في أحسنوا ، و( الذين قال لهم الناس ) بدل من الذين استجابوا أوصفة .
قوله تعالى :( فزادهم إيمانا ) الفاعل مضمر تقديره : زادهم القول( حسبنا الله ) مبتدأ وخبر ، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره : فحسبنا الله : أى كافينا ، يقال : أحسبنى الشئ أى كفانى .
قوله تعالى :( بنعمة من الله ) في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا به( لم يمسسهم ) حال أيضا من الضمير في انقلبوا ، ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة ، وصاحب الحال الضمير في الحال تقديره : فانقلبوا منعمين بريئين من سوء( واتبعوا ) معطوف على انقلبوا ، ويجوز أن يكون حالا : أى وقد اتبعوا .
قوله تعالى :( ذلكم ) مبتدأ ، والشيطان) خبره ، و( يخوف ) يجوز أن يكون حالا من الشيطان ، والعامل الاشارة ، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان ، ويخوف الخبر ، والتقدير : يخوفكم بأوليائه ، وقرئ في الشذوذ" يخوفكم أولياؤه " وقيل : لا حذف فيه ، والمعنى يخوف من يتبعه ، فأما من توكل على الله فلا يخافه( فلا تخافوهم) إنما جمع الضمير ؛ لان الشيطان جنس ، ويجوز أن يكون الضمير للاولياء .
قوله تعالى :( لايحزنك ) الجمهور على فتح الياء وضم الزاى والماضى حزنه ، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى والماضى أحزن وهى لغة قليلة ، وقيل حزن حدث له الحزن ، وحزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن( يسارعون ) يقرأ بالامالة والتفخيم ، ويقرأ يسرعون بغير ألف من أسرع( شيئا ) في موضع المصدر أى ضررا .
قوله تعالى :( ولايحسبن الذين كفروا ) يقرأ بالياء ، وفاعله الذين كفروا ، وأما المفعولان فالقائم مقامهما قوله :( إنما نملى لهم خير لانفسهم ) فإن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين عند سيبويه ، وعند الاخفش المفعول الثانى محذوف تقديره : نافعا أو نحو ذلك ،وفى " ما " وجهان : أحدهما : هى بمعنى الذى ، والثانى مصدرية ، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة ، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى ، واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها ، وكلاهما ممتنع وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لانفسهم خبر إن ، ولهم تبيين أو حال من خير ، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين ، وقرأحمزة " تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الاول ، وفي المفعول الثانى وجهان : أحدهما : الجملة من أن وما عملت فيه ، والثانى : أن المفعول الاول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه ، والتقدير : ولا تحسبن إملاء الذين كفروا ، وقوله : " أنما نملى لهم " بدل من المضاف المحذوف ، والجملة سدت مسد المفعولين ، والتقدير : ولا
تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لانفسهم ، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال ، والجملة سدت مسد المفعولين ( أنما نملى لهم ليزدادوا ) مستأنف وقيل أنما نملى لهم تكرير للاول ، وليزدادوا هو المفعول الثانى لتحسب على قراءة التاء ، والتقدير : ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا بل ليزدادوا إثما ، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك .
قوله تعالى :( ماكان الله ليذر ) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا ؛ لان يذر ، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر ؛ لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير : ماكان الله ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه ، وخبر كان هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى ، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف ؛ لان مابعدها قد انتصب ، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة ، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا ، وأصل يذر يوذر ، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع ؛ لانها في معناها ، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة ، بخلاف يدع فإن الاصل يودع ، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة ، إذ الاصل يودع مثل يوعد ، وإنما فتحت الدال من يدع ؛ لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله ، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك ، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك( يميز ) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز ، وبتشديدها وماضيه ميز ، وهما بمعنى واحد ، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته ؛ لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد .
قوله تعالى :( ولا يحسبن ) يقرأ بالياء على الغيبة ، و( الذين يبخلون ) الفاعل ، وفى المفعول الاول وجهان : أحدهما :( هو ) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون والثانى : هو محذوف تقديره البخل ، وهو على هذا فصل ، ويقرأ " تحسبن " بالتاء على الخطاب ، والتقدير : ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون ، فحذف المضاف وهو ضعيف ؛ لان فيه إضمار البخل قبل ذكر مايدل عليه ، وهو على هذا فصل أو توكيد ، والاصل في( ميراث ) موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد .
قوله تعالى :( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ) العامل في موضع إن وما عملت فيه ، قالوا وهى المحكية به ، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف ؛ لانه مصدر ، وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الاول وهو أصل ضعيف ، ويزداد هنا ضعفا ؛ لان الثانى فعل والاول مصدر ، وإعمال الفعل أقوى( سنكتب ما قالوا ) يقرأ بالنون ، وما قالوا منصوب به( وقتلهم ) معطوف عليه ، وما مصدرية أو بمعنى الذى ، ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل ، ويقرأ بالياء على مالم يسم فاعله ، وقتلهم بالرفع وهو ظاهر( ونقول ) بالنون والياء قوله تعالى :( ذلك ) مبتدأ( بما ) خبره ، والتقدير : مستحق بما قدمت و( ظلام ) فعال من الظلم فإن قيل : بناء فعال للتكثير ، ولايلزم من نفى الظلم الكثير نفى الظلم القليل ، فلو قال بظالم لكان أدل على نفى الظلم قليله وكثيره فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها أن فعالا قد جاء لا يراد به الكثرة كقول طرفة :
ولست بحلال التلاع مخافة |
ولكن متى يسترفد القوم أرفد |
لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلا ؛ لان ذلك يدفعه قوله : متى يسترفد القوم أرفد ، وهذا يدل على نفى البخل في كل حال ، ولان تمام المدح لا يحصل بإرادته الكثرة والثانى : أن ظلام هنا للكثرة ؛ لانه مقابل للعباد وفى العباد كثرة ، وإذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا والثالث : أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة ؛ لان الذى يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم ، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك ، وفيه وجه رابع ، وهو أن يكون على النسب : أى لا ينسب إلى الظلم فيكون من بزاز وعطار .
قوله تعالى :( الذين قالوا ) هو في موضع جر بدلا من قوله : " الذين قالوا " ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ورفعا على إضمارهم( ألا نؤمن ) يجوز أن يكون في موضع جر على تقدير : بأن لانؤمن ؛ لان معنى عهد وصى ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف الجر وإفضاء الفعل إليه ، ويجوز أن ينتصب بنفسى عهد ؛ لانك تقول : عهدت إليه عهدا ، لا على أنه مصدر ؛ لانه معناه ألزمته ، ويجوز أن تكتب أن
مفصولة وموصولة ، ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد( حتى يأتينا بقربان ) في حذف مضاف تقديره : بتقريب قربان : أى يشرع لنا ذلك قوله تعالى :( والزبر ) يقرأ بغير باء اكتفاء بحرف العطف ، وبالباء على إعادة الجار ، والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل( والكتاب ) جنس قوله تعالى :( كل نفس ) مبتدأ ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لنا فيه من العموم و( ذائقة الموت ) الخبر وأنث على معنى كل ؛ لان كل نفس نفوس ، ولو ذكر على لفظ كل جاز ، وإضافة ذائقة غير محضة ؛ لانها نكرة يحكى بها الحال ، وقرئ شاذا" ذائقة الموت " بالتنوين والاعمال ، ويقرأ شاذا أيضا" ذائقه الموت " على جعل الهاء ضمير كل على اللفظ ، وهو مبتدأ وخبر( وإنما ) " ما " هاهنا كافة فلذلك نصب( أجوركم ) بالفعل ، ولو كانت بمعنى الذى أو مصدرية لرفع أجوركم .
قوله تعالى :( لتبلون ) الواو فيه ليست لام الكلمة ، بل واو الجمع حركت لالتقاء الساكنين وضمة الواو دليل على المحذوف ، ولم تقلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ؛ لان ذلك عارض ، ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها ، ولو كانت لازمة لجاز ذلك قوله تعالى :( لتبيننه، ولا تكتمونه ) يقرآن بالياء على الغيبة ؛ لان الراجع إليه الضمير اسم ظاهر ، وكل ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة ، ويقرآن بالتاء على الخطاب وتقديره : وقلنا لهم لتبيننه ، ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم جاء باللام والنون في الفعل ، ولم يأت بها في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الاول ؛ لان تكتمونه توكيد قوله تعالى :( لايحسبن الذين يفرحون ) يقرأ بالياء على الغيبة ، وكذلك( فلا يحسبنهم ) بالياء وضم الباء ، وفاعل الاول الذين يفرحون ، وأما مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولى يحسبانهم ؛ لان الفاعل فيهما واحد ، فالفعل الثانى تكرير للاول وحسن لما طال الكلام المتصل بالاول ، والفاء زائدة فليست للعطف ولا للجواب .
وقال بعضهم( بمفازة ) هو مفعول حسب الاول ، ومفعوله الثانى محذوف دل عليه مفعول حسب الثانى ؛ لان التقدير : لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم بمفازة وهم في فلا يحسبنهم هو أنفسهم : أى فلا يحسبن أنفسهم ، وأغنى بمفازة الذى هو مفعول الاول عن ذكره ثانيا لحسب الثانى ، وهذا وجه ضعيف متعسف عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الاول ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب ، وبفتح الباء منهما والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الاول ، والثانى محذوف لدلالة مفعول حسب الثانى عليه ، وقيل التقدير : لاتحسبن الذين يفرحون بمفازة ، وأغنى المفعول الثانى هنا عن ذكره لحسب الثانى .
وحسب الثانى مكرر أو بدل لما ذكرنا في القراءة بالياء فيهما ؛ لان الفاعل فيهما واحد أيضا وهو النبى صلى الله عليه وسلم ، ويقرأ بالياء في الاول ، وبالتاء في الثانى ، ثم في التاء في الفعل الثانى وجهان : أحدهما : الفتح على أنه خطاب لواحد ، والضم على أنه لجماعة ، وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الاول محذوفين لدلالة مفعولى الثانى عليهما ، والفاء زائدة أيضا ، والفعل الثانى ليس ببدل ولا مكرر ؛ لان فاعله غير فاعل الاول والمفازة مفعلة من الفوز ، و( من العذاب ) متعلق بمحذوف ؛ لانه صفة للمفازة، ؛ لان المفازة مكان والمكان لا يعمل ، ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلق من به ، ويكون التقدير : فلا تحسبنهم فائزين ، فالمصدر في موضع اسم الفاعل قوله تعالى :( الذين يذكرون الله ) في موضع جر نعتا لاولى ، أو في موضع نصب بإضمار أعنى أو رفع على إضمارهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره : يقولون ربنا( قياما وقعودا ) حالان من ضمير الفاعل في يذكرون( وعلى جنوبهم ) حال أيضا ، وحرف الجر يتعلق بمحذوف هو الحال في الاصل تقديره : ومضطجعين على جنوبهم( ويتفكرون ) معطوف على يذكرون ، ويجوز أن يكون حالا أيضا : أى يذكرون الله متفكرين( باطلا ) مفعول من أجله ، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر مثل العاقبة والعافية ، والمعنى ما خلقتهما عبثا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره ماخلقت هذا خاليا عن حكمة ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف : أى خلقا باطلا .
فإن قيل : كيف قال هذا والسابق ذكر السموات والارض والاشارة إليها بهذه ؟ ففى ذلك ثلاثة أوجه : أحدها : أن الاشارة إلى الخلق المذكور في قوله :" خلق السموات " وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا ، وأن يكون بمعنى المخلوق ، ويكون من إضافة الشئ إلى ماهو هو في المعنى والثانى : أن السموات والارض بمعنى الجمع ، فعادت الاشارة إليه والثالث : أن يكون المعنى ماخلقت هذا المذكور أو المخلوق( فقنا ) دخلت الفاء لمعنى الجزاء فالتقدير إذا نزهناك أو وحدناك فقنا( من تدخل النار ) في موضع نصب بتدخل ، وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط ، وهو( فقد أخزيته ) وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ والشرط وجوابه الخبر ، وعلى جميع الاوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن قوله تعالى :( ينادى ) صفة لمناديا أو حال من الضمير في مناديا فإن قيل : ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذى هو مناد عليه؟ قيل: فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو توكيد كما تقول قم قائما ، والثانى : أنه وصل به ماحسن التكرير ، وهو قوله :( للايمان ) والثالث : أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ماليس بنداء ، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداءه في تلك الحال ، ومفعول ينادى محذوف : أى ينادى الناس( أن آمنوا ) أن هنا بمعنى أى، فيكون النداء قوله آمنوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالامر فيكون التقدير : على هذا ينادى للايمان بأن آمنوا( مع الابرار ) صفة للمفعول المحذوف تقديره : أبرارا مع الابرار ، وأبرارا على هذا حال ، والابرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف ، ويجوز الامالة في الابرار تغليبا لكسرة الراء الثانية .
قوله تعالى :( على رسلك ) أى على ألسنة رسلك ، وعلى متعلقة بوعدتنا ، ويجوز أن يكون بآتنا و( الميعاد ) مصدر بمعنى الوعد قوله تعالى :( عامل منكم ) منكم صفة لعامل و( من ذكر أو أنثى ) بدل من منكم ، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة ، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الايضاح ، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره : استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى ، و( بعضكم من بعض ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا أو صفة( فالذين هاجروا ) مبتدأ ، و( لاكفرن ) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف( ثوابا ) مصدر ، وفعله دل عليه الكلام المتقدم ؛ لان تكفير السيئات إثابة فكأنه قال : لاثيبنكم
ثوابا ، وقيل هو حال ، وقيل تمييز ، وكلا القولين كوفى ، والثواب بمعنى الاثابة ، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك : هذا الدرهم ثوابك ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الجنات : أى مثابا بها أو حالا من ضمير المفعول في لادخلنهم أى مثابين ، ويجوز أن يكون مفعولا به ؛ لان معنى أدخلنهم أعطينهم ، فيكون على هذا بدلا من جنات ، ويجوز أن يكون مستأنفا: أى يعطيهم ثوابا قوله تعالى :( متاع قليل ) أى تقلبهم متاع فالمبتدأ محذوف .
قوله تعالى :( لكن الذين اتقوا ) الجمهور على تخفيف النون وقرئ بتشديدها والاعراب ظاهر( خالدين فيها ) حال من الضمير في لهم ، والعامل معنى الاستقرار ، وارتفاع جنات بالابتداء وبالجار( نزلا ) مصدر ، وانتصابه بالمعنى ؛ لان معنى لهم جنات : أى ننزلهم ، وعند الكوفيين هو حال أو تمييز ، ويجوز أن يكون جمع نازل كما قال الاعشى :
أو ينزلون فإنا معشر نزل |
وقد ذكر ذلك أبوعلي في التذكرة |
فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين ، ويجوز إذا جعلته مصدرا أن يكون بمعنى المفعول ، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها أى منزولة( من عند الله ) إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له ، وإن جعلته جمعا ففيه وجهان : أحدهما : هو حال من المفعول المحذوف ؛ لان التقدير : نزلا إياها والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف أى ذلك من عند الله : أى بفضله( وما عند الله ) مابمعنى الذى ، وهو مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما : هو( خير ) و( للابرار ) نعت لخير والثانى : أن يكون الخبر للابرار ، والنية به التقديم : أى والذى عند الله مستقر للابرار ، وخير على هذا خبر ثان .
وقال بعضهم للابرار حال من الضمير في الظرف ، وخبر خير المبتدإ ، وهذا بعيد ؛ لان فيه الفصل بين المبتدإ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخير المبتدإ وذلك لايجوز في الاختيار .
قوله تعالى :( لمن يؤمن ) من في موضع نصب اسم إن ، ومن نكرة موصوفة أو موصولة ، و( خاشعين ) حال من الضمير في يؤمن ، وجاء جمعا على معنى من ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في إليهم ، فيكون العامل أنزل ، و ( لله ) متعلق بخاشعين ، وقيل هو متعلق بقوله : ( لا يشترون ) وهو في نية التأخير : أى لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لاجل الله( أولئك ) مبتدأ ، و( لهم أجرهم ) فيه أوجه : أحدها : أن قوله لهم خبر أجر ، وبالجملة خبر الاول ، و( عند ربهم ) ظرف للاجر ؛ لان التقدير : لهم أن يؤجروا عند ربهم ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في لهم وهو ضمير الاجر والآخر أن يكون الاجر مرتفعا بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله ، فعلى هذا يجوز أن يكون عند ظرفا للاجر وحالا منه والوجه الثالث : أن يكون أجرهم مبتدأ ، وعند ربهم خبره ، ويكون لهم يتعلق بما دل عليه الكلام من الاستقرار والثبوت ؛ لانه في حكم الظرف .
سورة النساء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد مضى القول في قوله تعالى :( ياأيها الناس ) في أوائل البقرة( من نفس واحدة ) في موضع نصب بخلقكم ومن لابتداء الغاية ، وكذلك( منها زوجها ) و( منهما رجالا كثيرا ) نعت لرجال ، ولم يؤنثه ؛ لانه حمله على المعنى ؛ لان رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث كقوله : وقال نسوة ، وقيل كثيرا نعت لمصدر محذوف : أى بثا كثيرا( تساءلون ) يقرأ بتشديد السين ، والاصل تتساءلون فأبدلت التاء الثانية سينا فرارا من تكرير المثل ، والتاء تشبه السين في الهمس ، ويقرأ بالتخفيف على حذف التاء الثانية ؛ لان الباقية تدل عليها ودخل حرف الجر في المفعول ؛ لان المعنى تتحالفون به( والارحام ) يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان : أحدهما : معطوف على اسم الله : أى واتقوا الارحام أن تقطعوها ، والثانى : هو محمول على موضع الجار والمجرور كما تقول مررت بزيد وعمرا ، والتقدير الذى تعظمونه والارحام ؛ لان الحلف به تعظيم له ويقرأ بالجر قيل هو معطوف على المجرور ، وهذا لايجوز عند
البصريين ، وإنما جاء في الشعر على قبحه ، وأجازه الكوفيون على ضعف ، وقيل الجر على القسم ، وهو ضعيف أيضا ؛ لان الاخبار وردت بالنهى عن الحلف بالآباء ، ولان التقدير في القسم : وبرب الارحام ، هذا قد أغنى عنه ما قبله ، وقد قرئ شاذا بالرفع وهو مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : والارحام محترمة أو واجب حرمتها .
قوله تعالى :( بالطيب ) هو المفعول الثانى لتتبدلوا( إلى أموالكم ) إلى متعلقة بمحذوف وهو في موضع الحال : أى مضافة إلى أموالكم ، وقيل : هو مفعول به على المعنى ؛ لان معنى لا تأكلوا أموالهم : لاتضيعوها( إنه ) الهاء ضمير المصدر الذى دل عليه تأكلوا : أى أن الاكل والاخذ والجمهور على ضم الحاء من( حوبا ) وهو اسم للمصدر ، وقيل مصدر ، ويقرأ بفتحها وهو مصدر حاب يحوب : إذا أثم .
قوله تعالى :( وإن خفتم ) في جواب هذا الشرط وجهان : أحدهما : هو قوله :" فانكحوا ماطاب لكم " وإنما جعل جوابا ؛ لانهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء ، مع أن الجور يقع بينهن إذا كثرن ، فكأنه قال : إذا تحرجتم من هذا فتحرجوا من ذاك .
والوجه الثانى : أن جواب الشرط قوله :" فواحدة " ؛ لان المعنى إن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا منهن واحدة ، ثم أعاد هذا المعنى في قوله :" فإن خفتم أن لا تعدلوا " لما طال الفصل بين الاول وجوابه ، ذكر هذا الوجه أبوعلي( أن لا تقسطوا ) الجمهور على ضم التاء وهو من أقسط إذا عدل ، وقرئ شاذا بفتحها وهو من قسط إذا جار ، وتكون لا زائدة( ماطاب ) " ما " هنا بمعنى من ، ولها نظائر في القرآن ستمر بك إن شاء الله تعالى ، وقيل : " ما " تكون لصفات من يعقل ، وهى هنا كذلك ؛ لان ماطاب يدل على الطيب منهن ، وقيل هى نكرة موصوفة تقديره : فانكحوا جنسا طيبا لكم ، أو عددا يطيب لكم ، وقيل هى مصدرية والمصدر المقدر بها وبالفعل مقدر باسم الفاعل : أى انكحوا الطيب( من النساء ) حال من ضمير الفاعل في طاب( مثنى وثلاث ورباع ) نكرات لا تنصرف للعدل والوصف ، وهى بدل من ما ، وقيل : هى حال من النساء ، ويقرأ شاذا " وربع " بغير ألف ، ووجهها أنه حذف الالف كما حذفت في خيم والاصل خيام ، وكما حذفت في قولهم أم والله ، والواو في " وثلاث
ورباع " ليست للعطف الموجب للجمع في زمن واحد ؛ لانه لو كان كذلك لكان عبثا ، إذ من أدرك الكلام يفصل التسعة هذا التفصيل ، ولان المعنى غير صحيح أيضا ؛ لان مثنى ليس عبارة عن ثنتين فقط ، بل عن ثنتين ثنتين وثلاث عن ثلاث ثلاث وهذا المعنى يدل على أن المراد التخيير لا الجمع( فواحدة ) أن فانكحوا واحدة ، ويقرأ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أى فالمنكوحة واحدة ويجوز أن يكون التقدير : فواحدة تكفى( أو ما ملكت ) أو للتخيير على بابها ، ويجوز أن تكون للاباحة ، و" ما " هنا بمنزلة ما في قوله : ماطاب( أن لا تعولوا ) أى إلى أن لا تعولوا ، وقد ذكرنا مثله في آية الدين .
قوله تعالى : ( نحلة ) ؛ لان معنى آتوهن أنحلوهن ، وقيل هو مصدر في موضع الحال ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الفاعلين : أى ناحلين ، وأن يكون من الصدقات ، وأن يكون من النساء : أى منحولات ( نفسا ) تمييز ، والعامل فيه طبن ، والمفرد هنا في موضع الجمع ؛ لان المعنى مفهوم ، وحسن ذلك أن نفسا هنا في معنى الجنس ، فصار كدرهما في قولك : عندى عشرون درهما( فكلوه ) الهاء تعود على شئ ، والهاء منه تعود على المال ؛ لان الصدقات مال( هنيئا ) مصدر جاء على فعيل ، وهو نعت لمصدر محذوف : أى أكلا هنيئا ، وقيل : هو مصدر في موضع الحال من الهاء ، والتقدير : مهنأ أو طيبا و ( مريئا ) مثله والمرئ فعيل بمعنى مفعل ؛ لانك تقول : أمرأنى الشئ إذا لم تستعمله مع هنانى فإن قلت هنانى ومرانى لم تأت بالهمزة في مرانى لتكون تابعة لهنانى .
قوله تعالى :( أموالكم التى ) الجمهور على إفراد التى ؛ لان الواحد من الاموال مذكر ، فلو قال اللواتى لكان جمعا كما أن الاموال جمع ، والصفة إذا جمعت من أجل أن الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث ، وقرئ في الشاذ اللواتى جمعا اعتبارا بلفظ الاموال( جعل الله ) أى صيرها فهو متعد إلى مفعولين والاول محذوف وهو العائد ، ويجوز أن يكون بمعنى خلق فيكون قياما حالا( قياما ) يقرأ بالياء والالف ، وهو مصدر قام والياء بدل من الواو ، وأبدلت منها لما أعلت في الفعل وكانت قبلها كسرة ، والتقدير : التى جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم : أى بقائها ويقرأ قيما بغير ألف وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مصدر مثل الحول والعوض ، وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في الحول والعوض ، ولكن أبدلوها ياء حملا على قيام على اعتلالها في الفعل .