إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ١
0%
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
قوله تعالى :( صراطا مستقيما ) هو مفعول ثان ليهدى ، وقيل هو مفعول ليهدى على المعنى ؛ لان المعنى يعرفهم قوله تعالى :( في الكلالة ) في يتعلق بيفتيكم وقال الكوفيون : بيستفتونك ، وهذا ضعيف ؛ لانه لو كان كذلك لقال : يفتيكم فيها في الكلالة كما لو تقدمت( إن امرؤ هلك ) هو مثل" وإن امرأة خافت " ( ليس له ولد ) الجملة في موضع الحال من الضمير في هلك( وله أخت ) جملة حالية أيضا ، وجواب الشرط( فلها ) ( وهو يرثها ) مستأنف لاموضع له ، وقد سدت هذه الجملة مسد جواب الشرط الذى هو قوله :( إن لم يكن لها ولد ) .( فإن كانتا اثنتين ) الالف في كانتا ضمير الاختين ، ودل على ذلك قوله :" وله أخت " وقيل : هو ضمير من(١) ، والتقدير : فإن كان من يرث ثنتين ، وحمل ضمير من على المعنى ؛ لانها تستعمل في الافراد والتثنية والجمع بلفظ واحد فإن قيل : من شرط الخبر أن يفيد مالا يفيده المبتدأ والالف ، قد دلت على الاثنين قيل : الفائدة في قوله اثنتين بيان أن الميراث ، وهو الثلثان هاهنا مستحق بالعدد مجردا عن الصغر والكبر وغيرهما ، فلهذا كان مفيدا( مما ترك ) في موضع الحال من الثلثان( فإن كانوا ) الضمير للورثة ، وقد دل عليه ماتقدم( فللذكر ) أى منهم( أن تضلوا ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : هو مفعول يبين : أى يبين لكم ضلالكم لتعرفوا الهدى ، والثانى : هو مفعول له تقديره : مخافة أن تضلوا ، والثالث تقديره : لئلا تضلوا وهو قول الكوفيين ، ومفعول يبين على الوجهين محذوف : أى يبين لكم الحق .
___________________
(١) قوله : ( هو ضمير من الخ ) أى المقدرة في الكلام ولايخفى أن تقديرها يندفع به الاشكال الآتى فليتأمل اه .
سورة المائدة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى :( إلا مايتلى عليكم ) في موضع نصب على الاستثناء من بهيمة الانعام ، والاستثناء متصل ، والتقدير : أحلت لكم بهيمة الانعام إلا الميتة وماأهل لغير الله به وغيره مما ذكر في الآية الثالثة من السورة( غير ) حال من الضمير المجرور عليكم أو لكم ، وقيل : هو حال من ضمير الفاعل في أوفوا ، و( محلى ) اسم فاعل مضاف إلى المفعول ، وحذفت النون للاضافة ، و( الصيد ) مصدر بمعنى المفعول : أى المصدر ، ويجوز أن يكون على بابه هاهنا : أى غير محلين الاصطياد في حال الاحرام
قوله تعالى :( ولا القلائد ) أى ولا ذوات القلائد لانها جمع قلادة ، والمراد تحريم المقلدة لا القلادة( ولا آمين ) أى ولا قتال آمين أو أذى آمين وقرئ في الشاذ" ولا آمى البيت " بحذف النون والاضافة( يبتغون ) في موضع الحال من الضمير في آمين ، ولايجوز أن يكون صفة لآمين ؛ لان اسم الفاعل إذا وصف لم يعمل في الاختيار( فاصطادوا ) قرئ في الشاذ بكسر الفاء ، وهى بعيدة من الصواب ، وكأنه حركها بحركة همزة الوصل( ولا يجرمنكم ) الجمهور على فتح الياء ، وقرئ بضمها وهما لغتان : يقال ، جرم وأجرم ، وقيل : جرم متعد إلى مفعول واحد وأجرم متعد إلى اثنين ، والهمزة للنقل ، فأما فاعل هذا الفعل فهو( شنآن ) ومفعوله الاول الكاف والميم ، و( أن تعتدوا ) هو المفعول الثانى على قول من عداه إلى مفعولين ، ومن عداه إلى واحد كأنه قدر حرف الجر مرادا مع أن تعتدوا ، والمعنى : لا يحملنكم بغض قوم على الاعتداء ، والجمهور على فتح النون الاولى من شنآن ، وهو مصدر كالغليان والنزوان .
ويقرأ بسكونها وهو صفة مثل عطشان وسكران ، والتقدير : على هذا لا يحملنكم بغيض قوم : أى عداوة بغيض قوم ، وقيل : من سكن أراد المصدر أيضا ، لكنه خفف لكثرة الحركات وإذا حركت النون كان مصدرا مضافا إلى المفعول : أى لا يحملنكم بغضكم لقوم ، ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل : أى بغض قوم إياكم( أن صدوكم ) يقرأ بفتح الهمزة وهى مصدرية ، والتقدير : لان صدوكم ، وموضعه نصب أو جر على الاختلاف في نظائره ويقرأ بكسرها على أنها شرط ، والمعنى : أن يصدوكم مثل ذلك الصد الذى وقع منهم ، أو يستديموا الصد ، وإنما قدر بذلك ؛ لان الصد كان قد وقع من الكفار للمسلمين( ولا تعاونوا ) يقرأ بتخفيف التاءين على أنه حذف التاء الثانية تخفيفا ، أو بتشديدها إذا وصلتها بلا على إدغام إحدى التاءين في الاخرى ، وساغ الجمع بين ساكنين ؛ لان الاول منهما حرف مد .
قوله تعالى :( الميتة ) أصلها الميتة( والدم ) أصله دمى( وماأهل لغير الله به ) قد ذكر ذلك كله في البقرة( والنطيحة ) بمعنى المنطوحة ، ودخلت فيها الهاء ؛ لانها لم تذكر الموصوفة معها فصارت كالاسم ، فإن قلت شاة نطيح لم تدخل الهاء( وماأكل السبع ) " ما " بمعنى الذى وموضعه رفع عطفا على الميتة ، والاكثر ضم الباء من السبع وتسكينها لغة ، وقد قرئ به( إلا ما ذكيتم ) في موضع نصب استثناء من الموجب قبله ، والاستثناء راجع إلى المتردية والنطيحة وأكيلة السبع
( وما ذبح ) مثل" وما أكل السبع " ( على النصب ) فيه وجهان : أحدهما : هو متعلق بذبح تعلق المفعول بالفعل : أى ذبح على الحجارة التى تسمى نصبا ، أى ذبحت في ذلك الموضع والثانى : أن النصب الاصنام ، فعلى هذا في" على " وجهان : أحدهما : هى بمعنى اللام : أى لاجل الاصنام ، فتكون مفعولا له ، والثانى : أنها على أصلها وموضعه حال : أى وما ذبح مسمى على الاصنام ، وقيل : نصب بضمتين ، ونصب بضم النون وإسكان الصاد ، ونصب بفتح النون وإسكان الصاد ، وهو مصدر بمعنى المفعول ، وقيل يجوز فتح النون والصاد أيضا ، وهو اسم بمعنى المنصوب كالقبض والنقض بمعنى المقبوض والمنقوض( وأن تستقسموا ) في موضع رفع عطفا على الميتة ، و( الازلام ) جمع زلم : وهو القدح الذى كانوا يضربون به على أيسار الجزور( ذلكم فسق ) مبتدأ وخبر ، ولكم إشارة إلى جميع المحرمات في الآية ، ويجوز أن يرجع إلى الاستقسام( اليوم ) ظرف ل( يئس ) و( اليوم ) الثانى ظرف ل( أكملت ) و( عليكم ) يتعلق بأتممت ولا يتعلق ب( نعمتى ) فإن شئت جعلته على التبيين : أى أتممت أعنى عليكم ، و( رضيت ) يتعدى إلى مفعول واحد ، وهو هنا( الاسلام ) و( دينا ) حال ، وقيل : يتعدى إلى مفعولين ؛ لان معنى رضيت هنا جعلت وصيرت ولكم يتعلق برضيت وهى للتخصيص ، ويجوز أن يكون حالا من الاسلام : أى رضيت الاسلام لكم( فمن اضطر ) شرط في موضع رفع بالابتداء ، و( غير ) حال ، والجمهور على( متجانف ) بالالف والتخفيف ، وقرئ" متجنف " بالتشديد من غير ألف يقال تجانف وتجنف( لاثم ) متعلق بمتجانف ، وقيل : اللام بمعنى إلى ، أى ماثل إلى إثم( فإن الله غفور رحيم ) أى له ، فحذف العائد على المبتدأ .
قوله تعالى :( ماذا أحل لهم ) قد ذكر في البقرة( وما علمتم ) " ما " بمعنى الذى ، والتقدير : صيد ما علمتم ، أو تعليم ما علمتم ، و( من الجوارح ) حال من الهاء المحذوفة أو من" ما " والجوارح جمع جارحة ، والهاء فيها للمبالغة وهى صفة غالبة ، إذا لا يكاد يذكر معها الموصوف( مكلبين ) يقرأ بالتشديد والتخفيف ، يقال : كلبت الكلب وأكلبته فكلب : أى أغريته على الصيد وأسدته فاستأسد ، وهو حال من الضمير في علمتم( تعلمونهن ) فيه وجهان : أحدهما : هو مستأنف لا موضع له ، والثانى : هو حال من الضمير في مكليين ، ولا يجوز أن يكون حالا ثانية ؛ لان
العامل الواحد لا يعمل في حالين ، ولا يحسن أن يجعل حالا من الجوارح ؛ لانك قد فصلت بينهما بحال لغير الجوارح( مما ) أى شيئا مما( علمكم الله ) قوله تعالى :( وطعام الذين ) مبتدأ ،( وحل لكم ) خبره ، ويجوز أن يكون معطوفا على الطبيات ، وحل لكم خبر مبتدأ محذوف( وطعامكم حل لهم ) مبتدأ وخبر( والمحصنات ) معطوف على الطيبات ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف : أى والمحصنات من المؤمنات حل لكم أيضا ، وحل مصدر بمعنى الحلال فلا يثنى ولا يجمع ، و( من المؤمنات ) حال من الضمير في المحصنات ، أو من نفس المحصنات إذا عطفتها على الطيبات( إذا آتيتموهن ) ظرف لاحل أو لحل المحذوفة( محصنين ) حال من الضمير المرفوع في آتيتموهن ، فيكون العامل آتيتم ، ويجوز أن يكون العامل أحل أو حل المحذوفة( غير ) صفة لمحصنين أو حال من الضمير الذى فيها( ولا متخذى ) معطوف على غير فيكون منصوبا ، ويجوز أن يعطف على مسافحين ، وتكون لا لتأكيد النفى( ومن يكفر بالايمان ) أى بالمؤمن به فهو مصدر في موضع المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، وقيل التقدير : بموجب الايمان وهو الله( وهو في الآخرة من الخاسرين ) إعرابه مثل إعراب" وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقد ذكر في البقرة .
قوله تعالى :( إلى المرافق ) قيل : إلى بمعنى مع كقوله :" ويزدكم قوة إلى قوتكم " وليس هذا المختار ، والصحيح أنها على بابها وأنها لانتهاء الغاية ، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة وليس بينهما تناقض ؛ لان إلى تدل على انتهاء الفعل ، ولا يتعرض بنفى المحدود إليه ولا بإثباته ، ألا ترى أنك إذا قلت : سرت إلى الكوفة ، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها وأن تكون دخلتها ، فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك : سرت إلى الكوفة ، فعلى هذا تكون إلى متعلقة باغسلوا ، ويجوز أن تكون في موضع الحال وتتعلق بمحذوف ، والتقدير : وأيديكم مضافة إلى المرافق( برءوسكم ) الباء زائدة ، وقال من لا خبرة له بالعربية : الباء في مثل هذا للتبعيض ، وليس بشئ يعرفه أهل النحو ، ووجه دخولها أنها تدل على إلصاق المسح بالرأس( وأرجلكم ) يقرأ بالنصب وفيه وجهان : أحدهما : هو معطوف على الوجوه والايدى : أى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم ، وذلك جائز في العربية بلا خلاف ، والسنة الدلالة على وجوب غسل الرجلين تقوى ذلك والثانى : أنه معطوف على موضع برءوسكم ، والاول أقوى ؛ لان العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع .
ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء : أى وأرجلكم مغسولة أو كذلك ويقرأ بالجر وهو مشهور أيضا كشهرة النصب. وفيها وجهان : أحدهما : أنها معطوفة على الرءوس في الاعراب والحكم مختلف ، فالرءوس ممسوحة والارجل مغسولة ، وهو الاعراب الذى يقال هو على الجوار ، وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته ، فقد جاء في القرآن والشعر ، فمن القرآن قوله تعالى :" وحور عين " على قراءة من جر ، وهو معطوف على قوله :" بأكواب وأباريق " والمعنى مختلف ، إذ ليس المعنى يطوف عليهم ولدان مخلدون بحور عين ، قال الشاعر وهو النابغة :
لم يبق إلا أسير غير منفلت |
أو موثق في حبال القد مجنوب |
والقول في مجرورة والجوار مشهور عندهم في الاعراب ، وقلب الحروف ببعضها إلى بعض والتأنيث وغير ذلك فمن الاعراب ما ذكرنا في العطف ومن الصفات قوله :" عذاب يوم محيط " واليوم ليس بمحيط ، وإنما المحيط العذاب ، وكذلك قوله :" في يوم عاصف " واليوم ليس بعاصف وإنما العاصف الريح ، ومن قلب الحروف قوله : على الصلاة والسلام" ارجعن مأزورات غير مأجورات " والاصل موزورات ولكن أريد التآخى ، وكذلك قولهم : إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا ومن التأنيث قوله :" فله عشر أمثالها " فحذفت التاء من عشر وهى مضافة إلى الامثال وهى مذكرة ، ولكن لما جاورت الامثال الضمير المؤنث أجرى عليها حكمه ، وكذلك قول الشاعر :
لما أتى خبر الزبير تضعضعت |
سور المدينة والجبال الخشع |
وقولهم : ذهبت بعض أصابعه ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم : قامت هند ، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما ، فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها ، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة ، ومن ذلك قولهم : قام زيد وعمرا كلمته استحسنوا النصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل ، ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم أوائل ، كما لو وقعت طرفا ، وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب طواويس ، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد ، وقد جعل النحويون له بابا ورتبوا عليه مسائل ثم أصلوه بقولهم : جحر ضب خرب ، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع ، فأجاز الاتباع فيهما جماعة من حذاقهم قياسا على
المفرد المسموع ، ولو كان لا وجه في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط ، ويؤيد ماذكرناه أن الجر في الآية قد أجيز غيره ، وهو النصب والرفع ، والرفع والنصب غير قاطعين ولاظاهرين على أن حكم الرجلين المسح ، وكذلك الجر يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الاعراب والوجه الثانى : أن يكون جر الارجل بجار محذوف تقديره : وافعلوا بأرجلكم غسلا وحذف الجار وإبقاء الجر جائز ، قال الشاعر :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
ولا ناعب إلا ببين غرابها |
وقال زهير :
بدا لى أنى لست مدرك ما مضى |
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا |
فجر بتقدير الباء وليس بموضع ضرورة ، وقد أفردت لهذه المسألة كتابا( إلى الكعبين ) مثل إلى المرافق وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين ؛ لان الممسوح ليس بمحدود ، والتحديد في المغسول الذى أريد بعضه وهو قوله :" وأيديكم إلى المرافق " ولم يحدد الوجه ؛ لان المراد جميعه( وأيديكم منه ) منه في موضع نصب بامسحوا( ليجعل ) اللام غير زائدة ، ومفعول يريد محذوف تقديره : ما يريد الله الرخصة في التيمم ليجعل عليكم حرجا ، وقيل : اللام زائدة وهذا ضعيف ؛ لان أن غير ملفوظ بها ، وإنما يصح أن يكون الفعل مفعولا ليريد بأن ، ومثله( ولكن يريد ليطهركم ) أى يريد ذلك ليطهركم( عليكم ) يتعلق بيتم ، ويجوز أن يتعلق بالنعمة ، ويجوز أن يكون حالا من النعمة قوله تعالى :( إذ ) ظرف لواثقكم ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء المجرورة ، وأن يكون حالا من الميثاق قوله تعالى :( شهداء بالقسط ) مثل قوله تعالى :" شهداء لله " وقد ذكرناه في النساء( هو أقرب ) هو ضمير العدل ، وقد دل عليه اعدلوا ، وأقرب للتقوى قد ذكر في البقرة .
قوله تعالى :( وعد الله ) وعد يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما والمفعول الاول هنا" الذين آمنوا " والثانى محذوف استغنى عنه بالجملة التى هى قوله :( لهم مغفرة ) ولا موضع لها من الاعراب ؛ لان وعد لا يعلق عن العمل كما تعلق ظننت وأخواتها .
قوله تعالى :( نعمت الله عليكم ) يتعلق بنعمة ويجوز أن يكون حالا منها فيتعلق بمحذوف ، و( إذ ) ظرف للنعمة أيضا ، وإذا جعلت عليكم حالا جاز أن يعمل في إذ( أن يبسطوا ) أى بأن يبسطوا ، وقد ذكرنا الخلاف في موضعه قوله تعالى :( منهم اثنى عشر ) يجوز أن يتعلق منهم ببعثنا ، وأن يكون صفة لاثنى عشر تقدمت فصارت حالا( وعزرتموهم ) يقرأ بالتشديد والتخفيف والمعنى واحد( قرضا ) يجوز أن يكون مصدرا محذوف الزوائد ، والعامل فيه أقرضتم : أى إقراضا ويجوز أن يكون القرض بمعنى المقرض فيكون مفعولا به( لاكفرن ) جواب الشرط( فمن كفر بعد ذلك منكم ) في موضع الحال من الضمير في لاكفرن ، و( سواء السبيل ) قد ذكر في البقرة قوله تعالى :( فيما نقضهم ) الباء تتعلق ب( لعناهم ) ولو تقدم الفعل لدخلت الفاء عليه ، وما زائدة أو بمعنى شئ ، وقد ذكر في النساء( وجعلنا ) يتعدى إلى مفعولين بمعنى صيرنا و( قاسية ) المفعول الثانى وياؤه واو في الاصل ؛ لانه من القسوة ، ويقرأ" قسية " على فعيلة ، قلبت الواو ياء وأدغمت فيها ياء فعيل وفعيلة في لعناهم ، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية ، ولا يجوز أن يكون حالا من هنا للمبالغة بمعنى فاعلة( يحرفون ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول في لعناهم ، وأن يكون حالا من الضمير في قاسية ولا يجوز أن يكون حالا من القلوب ؛ لان الضمير في يحرفون لا يرجع إلى القلوب ، ويضعف أن يجعل حالا من الهاء والميم في قلوبهم( عن مواضعه ) قد ذكر في النساء( على خائنة ) أى على طائفة خائنة ، ويجوز أن تكون فاعلة هنا مصدرا كالعاقبة والعافية ، و( منهم ) صفة لخائنة ، ويقرأ" خيانة " وهى مصدر والياء منقلبة عن واو لقولهم يخون ، وفلان أخون من فلان ، وهو خوان( إلا قليلا منهم ) استثناء من خائنة ، ولو قرئ بالجر على البدل لكان مستقيما .
قوله تعالى :( ومن الذين قالوا ) من تتعلق بأخذنا تقديره : وأخدنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم ، والكلام معطوف على قوله :" ولقد أخذ الله ميثاف بنى إسرائيل " والتقدير : وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم ، ولا يجوز أن يكون التقدير : وأخذنا ميثاقهم ، من الذين قالوا إنا نصارى ؛ لان فيه إضمار قبل الذكر لفظا وتقديرا ، والياء في( وأغرينا ) من واو ، واشتقاقه من الغراء : وهو الذى يلصق به ، ويقال سهم
مغرو ، و( بينهم ) ظرف لاغرينا أو حال من( العداوة ) ولا يكون ظرفا للعداوة ؛ لان المصدر لا يعمل فيما قبله( إلى يوم القيامة ) يتعلق بأغرينا أو بالبغضاء أو بالعداوة : أى تباغضوا إلى يوم القيامة .قوله تعالى : ( يبين لكم ) حال من رسولنا ، و ( من الكتاب ) حال من الهاء محذوفة في يخفون ( قد جاءكم ) لاموضع له ( من الله ) يتعلق بجاءكم أو حال من نور قوله تعالى : ( يهدى به الله ) يجوز أن يكون حالا من رسولنا بدلا من يبين ، وأن يكون حالا من الضمير في يبين ، ويجوز أن يكون صفة لنور أو لكتاب ، والهاء في به تعود على من جعل يهدى حالا منه أو صفة له فلذلك أفرد ، و ( من ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، و ( سبل السلام ) المفعول الثانى ليهدى ، ويجوز أن يكون بدلا من رضوانه ، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان ، وقد قرئ بهما ، وسبلى بضم الباء والتسكين لغة وقد قرئ به ( بإذنه ) أى بسبب أمره المنزل على رسوله .
قوله تعالى :( فمن يملك ) أى قل لهم ، ومن استفهام تقرير ، و( من الله ) يجوز أن يكون حالا متعلقا بيملك ، وأن يكون حالا من و( شيئا ) و( جميعا ) حال من المسيح وأمه ومن في الارض ، ويجوز أن يكون حالا من من وحدها ، ومن هاهنا عام سبقه خاص من جنسه ، وهو المسيح وأمه( يخلق ) مستأنف قوله تعالى :( قل فلم يعذبكم ) أى قل لهم( بل أنتم ) رد لقولهم :" نحن أبناء الله " وهو محكى بقل قوله تعالى :( على فترة ) في موضع الحال من الضمير في يبين ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور في لكم ، و( من الرسل ) نعت لفترة( أن تقولوا ) أى مخافة أن تقولوا( ولا نذير ) معطوف على لفظ بشير ، ويجوز في الكلام الرفع على موضع من بشير .
قوله تعالى :( نعمت الله عليكم إذ جعل ) هو مثل قوله :" نعمة الله عليكم إذ هم قوم " وقد ذكر قوله تعالى :( على أدباركم ) حال من الفاعل في ترتدوا( فتنقلبوا ) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على ترتدوا ، وأن يكون منصوبا على جواب النهى قوله تعالى :( فإنا داخلون ) أى داخلوها ، فحذف المفعول لدلالة الكلام عليه قوله تعالى :( من الذين يخافون ) في موضع رفع صفة لرجلين ، ويخافون صلة الذين والواو العائد ويقرأ بضم الياء على مالم يسم فاعله وله معنيان : أحدهما :
هو من قولك ، خيف الرجل : أى خوف ، والثانى : أن يكون المعنى يخافهم غيرهم كقولك : فلان مخوف : أى يخافه الناس( أنعم الله ) صفة أخرى لرجلين ، ويجوز أن يكون حالا ، وقد معه مقدرة ، وصاحب الحال رجلان أو الضمير في الذين قوله تعالى :( ما داموا ) هو بدل من أبدا ؛ لان ما مصدرية تنوب عن الزمان ، وهو بدل بعض ، و( هاهنا ) ظرف ل( قاعدون ) والاسم هنا وها للتنبيه مثل التى في قولك هذا وهؤلاء .
قوله تعالى :( وأخى ) في موضعه وجهان : أحدهما : نصب عطفا على نفسى أو على اسم إن ، والثانى : رفع عطفا على الضمير في أملك : أى ولا يملك أخى إلا نفسه ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف ، أى وأخى كذلك( وبين القوم الفاسقين ) الاصل أن لا تكرر بين ، وقد تكرر توكيدا كقولك : المال بين زيد وبين عمرو ، وكررت هنا لئلا يعطف على الضمير من غير إعادة الجار قوله تعالى :( أربعين سنة ) ظرف لمحرمة ، فالتحريم على هذا مقدر ، و( يتيهون ) حال من الضمير المجرور ، وقيل : هى ظرف ليتيهون ، فالتحريم على هذا غير مؤقت( فلا تأس ) ألف تأسا بدل من واو ؛ لانه من الاسى الذى هو الحزن ، وتثنيته أسوان ، ولا حجة في أسيت عليه لانكسار السين ، ويقال : رجل أسوان بالواو ، وقيل : هى من الياء يقال : رجل أسيان أيضا .
قوله تعالى :( نبأ ابنى آدم ) الهمزة في ابنى همزة وصل كما هى في الواحد ، فأما همزة أبناء في الجمع فهمزة قطع ؛ لانها حادثة للجمع( إذ قربا ) ظرف لنبأ أو حال منه ، ولا يكون ظرفا لاتل وبالحق حال من الضمير في اتل : أى محقا أو صادقا( قربانا ) هو في الاصل مصدر ، وقد وقع هنا موضع المفعول به ، والاصل إذ قربا قربانين ، لكنه لم يثن ؛ لان المصدر لا يثنى .
وقال أبوعلى : تقديره إذ قرب كل واحد منهما قربانا كقوله :" فاجلدوهم ثمانين جلدة " أى كل واحد منهم( قال لاقتلنك ) أى قال المردود عليه للمقبول منه ومفعول( يتقبل ) محذوف : أى يتقبل من المتقين قرابينهم وأعمالهم قوله تعالى :( بإثمى وإثمك ) في موضع الحال : أى ترجع حاملا للاثمين .
قوله تعالى :( فطوعت ) الجمهور على تشديد الواو ، ويقرأ" طاوعت " بالالف والتخفيف وهما لغتان ، والمعنى : زينت وقال قوم : طاوعت تتعدى بغير لام ، وهذا خطأ ؛ لان التى تتعدى بغير اللام تتعدى إلى مفعول واحد وقد عداه هاهنا إلى( قتل أخيه ) وقيل التقدير طاوعته نفسه على قتل أخيه فزاد اللام وحذف على .
قوله تعالى :( كيف يوارى ) كيف في موضع الحال من الضمير في يوارى ، والجملة في موضع نصب بيرى ، والسوأة يجوز تخفيف همزتها بإلقاء حركتها على الواو فتبقى سوأة أخيه ، ولاتقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ؛ لان حركتها عارضة والالف في( ويلتى ) بدل من ياء المتكلم ، والمعنى : ياويله احضرى فهذا وقتك( فأوارى ) معطوف على أكون ، وذكر بعضهم أنه يجوز أن ينتصب على جواب الاستفهام وليس بشئ ، إذ ليس المعنى أيكون منى عجز فمواراة ، ألا ترى أن قولك أين بيتك فأزورك ، معناه : لو عرفت لزرت ، وليس المعنى هنا لو عجزت لواريت .
قوله تعالى :( من أجل ) من تتعلق ب( كتبنا ) ولاتتعلق بالنادمين ؛ لانه يحسن الابتداء بكتبنا هنا ، والهاء في( إنه ) للشان ، و( من ) شرطية ، و( بغير ) حال من الضمير في قتل : أى من قتل نفسا ظالما( أو فساد ) معطوف على نفس ، وقرئ في الشاذ بالنصب : أى أو عمل فسادا ، أو أفسد فسادا : أى إفساد فوضعه موضع المصدر مثل العطاء ، و( بعد ذلك ) ظرف ل( مسرفون ) ولا تمنع لام التوكيد ذلك قوله تعالى :( يحاربون ال له ) أى أولياء الله فحذف المضاف ، و( أن يقتلوا ) خبر جزاء ، وكذلك المعطوف عليه ، وقد ترئ فيهن بالتخفيف ، و( من خلاف ) حال من الايدى والارجل : أى مختلفة( أو ينفوا من الارض ) أى من الارض التى يريدون الاقامة بها فحذف الصفة ، و( ذلك ) مبتدأ ، و( لهم خزى ) مبتدأ وخبر في موضع خبر ذلك ، و( في الدنيا ) صفة خزى ، ويجوز أن يكون ظرفا له ويجوز أن يكون خزى خبر ذلك ولهم صفة مقدمة فتكون حالا ، ويجوز أن يكون في الدنيا ظرفا للاستقرار .
قوله تعالى :( إلا الذين ) استثناء من الذين يحاربون في موضع نصب ، وقيل يجوز أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، والعائد عليه من الخبر محذوف : أى( فإن الله غفور ) لهم أو( رحيم ) بهم قوله تعالى :( إليه الوسيلة ) يجوز أن يتعلق إلى بابتغوا ،
وأن يتعلق بالوسيلة ؛ لان الوسيلة بمعنى المتوسل به فيعمل فيما قبله ، ويجوز أن يكون حالا ، أى الوسيلة كائنة إليه .قوله تعالى : ( من عذاب يوم القيامة ) العذاب اسم للتعذيب ، وله حكمه في العمل ، وأخرجت إضافته إلى يوم يوما عن الظرفية قوله تعالى : ( والسارق والسارقة ) مبتدأ وفى الخبر وجهان : أحدهما : هو محذوف تقديره عند سيبويه : وفيما يتلى عليكم ، ولا يجوز أن يكون عنده ( فاقطعوا ) هو الخبر من أجل الفاء ، وإنما يجوز ذلك فيما إذا كان المبتدأ الذى وصلته بالفعل أو الظرف ؛ لانه يشبه الشرط والسارق ليس كذلك .
والثانى : الخبر فاقطعوا أيديهما ؛ لان الالف واللام في السارق بمنزلة الذى إذ لايراد به سارق بعينه( وأيديهما ) بمعنى يديهما ؛ لان المقطوع من السارق والسارقة يميناهما فوضع الجمع موضع الاثنين ؛ لانه ليس في الانسان سوى يمين واحدة ، وما هذا سبيله يجعل الجمع فيه مكان الاثنين ، ويجوز أن يخرج على الاصل ، وقد جاء في بيت واحد ، قال الشاعر :
ومهمهين فدفدين مرتين |
ظهراهما مثل ظهور الترسين |
( جزاء ) مفعول من أجله أو مصدر لفعل محذوف : أى جازاهما جزاء ، وكذلك( نكالا ) .
قوله تعالى :( لا يحزنك ) نهى ، والجيد فتح الياء وضم الزاى ، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى من أحزننى وهى لغة( من الذين قالوا ) في موضع نصب على الحال من الضمير في يسارعون ، أو من الذين يسارعون( بأفواههم ) يتعلق بقالوا : أى قالوا بأفواههم آمنا( ولم تؤمن قلوبهم ) الجملة حال( ومن الذين هادوا ) معطوف على قوله :" من الذين قالوا آمنا " و( سماعون ) خبر مبتدإ محذوف : أى هم سماعون ، وقيل : سماعون مبتدأ ، ومن الذين هادوا خبره( للكذب ) فيه وجهان : أحدهما : اللام زائدة تقديره سماعون الكذب والثانى : ليست زائدة ، والمفعول محذوف ، والتقدير سماعون أخباركم للكذب أى ليكذبوا عليكم فيها ، و( سماعون ) الثانية تكريرا للاولى ، و( لقوم ) متعلق به : أى لاجل قوم ، ويجوز أن تتعلق اللام في لقوم بالكذب ؛ لان سماعون الثانية مكررة ، والتقدير : ليكذبوا لقوم آخرين ، و( لم يأتوك ) في موضع جر صفة أخرى لقوم( يحرفون ) فيه وجهان : أحدهما : هو مستأنف لا موضع له ، أو في موضع رفع خبر لمبتدإ محذوف : أى هم يحرفون .
والثانى : ليست بمستأنف بل هو صفة لسماعون : أى سماعون محرفون ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في سماعون ، ويجوز أن يكون صفة أخرى لقوم : أى محرفين و( من بعد مواضعه ) مذكور في النساء( يقولون ) مثل يحرفون ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يحرفون( من الله شيئا ) في موضع الحال التقدير : شيئا كائنا من أمر الله قوله تعالى :( سماعون للكذب ) أى هم سماعون ، ومثله( أكالون للسحت ) والسحت والسحت لغتان وقد قرئ بهما( فلن يضروك شيئا ) في موضع المصدر : أى ضررا قوله تعالى :( وكيف يحكمونك ) كيف في موضع نصب عل الحال من الضمير الفاعل في يحكمونك( وعندهم التوراة ) جملة في موضع الحال ، والتوراة مبتدأ ، وعندهم الخبر ، ويجوز أن ترفع التوراة بالظرف( فيها حكم الله ) في موضع الحال ، والعامل فيها مافى عند من معنى الفعل ، وحكم الله مبتدأ أو معمول الظرف قوله تعالى :( فيها هدى ونور ) في موضع الحال من التوراة( يحكم بها النبيون ) جملة في الحال من الضمير المجرور فيها( للذين هادوا ) اللام تتعلق بيحكم( والربانيون والاحبار ) عطف على النبيون( بما استحفظوا ) يجوز أن يكون بدلا من قوله بها في قوله :" يحكم بها " وقد أعاد الجار لطول الكلام وهو جائز أيضا وإن لم يطل ، وقيل الربانيون مرفوع بفعل محذوف ، والتقدير : ويحكم الربانيون والاحبار بما استحفظوا ، وقيل هو مفعول به : أى يحكمون بالتوراة بسبب استحفاظهم ذلك ، و" ما " بمعنى الذى : أى بما استحفظوه( من كتاب الله ) حال من المحذوف أو من" ما " ، و( عليه ) يتعلق ب( شهداء ) .
قوله تعالى :( النفس بالنفس ) بالنفس في موضع رفع خبر أن ، وفيه ضمير وأما( العين ) إلى قوله :( والسن ) فيقرأ بالنصب عطفا على ما عملت فيه أن ، وبالرفع وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو مبتدأ والمجرور خبره ، وقد عطف جملا على جملة والثانى : أن المرفوع منها معطوف على الضمير في قوله بالنفس ، والمجررات على هذا أحوال مبينة للمعنى ؛ لان المرفوع على هذا فاعل للجار ، وجاز العطف من غير توكيد كقوله تعالى :" ما أشركنا ولا آباؤنا " والثالث : أنها معطوفة على المعنى ؛ لان معنى كتبنا عليهم قلنا لهم النفس بالنفس ولا يجوز أن يكون معطوفا على أن وما عملت فيه ؛ لانها
وما عملت فيه في موضع نصب وأما قوله :( والجروح ) فيقرأ بالنصب حملا على النفس ، وبالرفع وفيه الاوجه الثلاثة ، ويجوز أن يكون مستأنفا : أى والجروح قصاص في شريعة محمد ، والهاء في( به ) للقصاص ، و( فهو ) كناية عن التصدق والهاء في( له ) للمتصدق .
قوله تعالى :( مصدقا ) الاول حال من عيسى ، و( من التوراة ) حال من" ما " أو من الضمير في الظرف ، و( فيه هدى ) جملة في موضع الحال من الانجيل و( مصدقا ) الثانى حال أخرى من الانجيل ، وقيل : من عيسى أيضا( وهدى وموعظة ) حال من الانجيل أيضا ، ويجوز أن يكون من عيسى : أى هاديا وواعظا أو ذا هدى وذا موعظة ، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله : أى قفينا للهدى ، أو وآتيناه الانجيل للهدى وقد قرئ في الشاذ بالرفع : أى وفى الانجيل هدى وموعظة وكرر الهدى توكيدا قوله تعالى :( وليحكم ) يقرأ بسكون اللام والميم على الامر ، ويقرأ بكسر اللام وفتح الميم على أنها لام كى : أى وقفينا ليؤمنوا وليحكم قوله تعالى :( بالحق ) حال من الكتاب( مصدقا ) حال من الضمير في قوله بالحق ، ولايكون حالا من الكتاب إذ لايكون حالان لعامل واحد( ومهيمنا ) حال أيضا ، ومن الكتاب حال من" ما " أو من الضمير في الظرف ، والكتاب الثانى جنس ، وأصل مهيمن ميمن ؛ لانه مشتق من الامانة ؛ لان المهيمن الشاهد ، وليس في الكلام همن حتى تكون الهاء أصلا( عما جاءك ) في موضع الحال : أى عادلا عما جاءك ، و( من الحق ) حال من الضمير في" جاءك " أو من" ما " ( لكل جعلنا منكم ) لا يجوز أن يكون منكم صفة لكل ؛ لان ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالاجنبى الذى لا تشديد فيه للكلام ، ويوجب أيضا أن يفصل بين جعلنا وبين معمولها ، وهو( شرعة ) وإنما يتعلق بمحذوف تقديره : أعنى ، وجعلنا هاهنا إن شئت جعلتها المتعدية إلى مفعول واحد ، وإن شئت جعلتها بمعنى صيرنا( ولكن ليبلوكم ) اللام تتعلق بمحذوف تقديره : ولكن فرقكم ليبلوكم( مرجعكم جميعا ) حال من الضمير المجرور .
وفى العامل وجهان : أحدهما : المصدر المضاف ؛ لانه في تقدير : إليه ترجعون جميعا ، والضمير المجرور فاعل في المعنى أو قائم مقام الفاعل والثانى : أن يعمل فيه الاستقرار الذى ارتفع به مرجعكم أو الضمير الذى في الجار .
قوله تعالى :( وأن احكم بينهم ) في أن وجهان : أحدهما : هى مصدرية ، والامر صلة لها وفى موضعها ثلاثة أوجه : أحدها : نصب عطفا على الكتاب في قوله :" وأنزلنا إليك الكتاب " أى وأنزلنا إليك الحكم والثانى : جر عطفا على الحق : أى أنزلنا إليك بالحق وبالحكم ، ويجوز على هذا الوجه أن يكون نصبا لما حذف الجار والثالث : أن يكون في موضع رفع تقديره : وأن احكم بينهم بما نزل الله أمرنا أو قولنا ، وقيل : أن بمعنى : أى ، وهو بعيد ؛ لان الواو تمنع من ذلك والمعنى يفسد ذلك ؛ لان أن التفسيرية ينبغى أن يسبقها قول يفسر بها ، ويمكن تصحيح هذا القول على أن يكون التقدير : وأمرناك ، ثم فسر هذا الامر باحكم( أن يفتنوك ) فيه وجهان : أحدهما : هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال : أى احذرهم فتنتهم والثانى : أن يكون مفعولا من أجله : أى مخافة أن يفتنوك .
قوله تعالى :( أفحكم الجاهلية ) يقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وفتح الميم والناصب له يبغون ، ويقرأ بفتح الجميع ، وهو أيضا منصوب بيبغون : أى احكم حكم الجاهلية ، ويقرأ تبغون بالتاء على الخطاب ؛ لان قبله خطابا ، ويقرأ بضم الحاء وسكون الكاف وضم الميم على أنه مبتدأ ، والخبر يبغون ، والعائد محذوف : أى يبغونه وهو ضعيف ، وإنما جاء في الشعر إلا أنه ليس بضرورة في الشعر ، والمستشهد به على ذلك قول أبى النجم :قد أصبحت أم الخيار تدعى * على ذنبا كله لم أصنع ، فرفع كله ، ولو نصب لم يفسد الوزن( ومن أحسن ) مبتدأ وخبر ، وهو استفهام في معنى النفى ، و( حكما ) تمييز ، و( لقوم ) هو في المعنى عند قوم( يوقنون ) وليس المعنى أن الحكم لهم ، وإنما المعنى أن الموقن يتدبر حكم الله فيحسن عنده ، ومثله" إن في ذلك لآية للمؤمنين ـ ولقوم يوقنون " ونحو ذلك ، وقيل : هى على أصلها ، والمعنى : إن حكم الله للمؤمنين على الكافرين ، وكذلك الآية لهم : أى الحجة لهم .
قوله تعالى :( بعضهم أولياء بعض ) مبتدأ وخبر لاموضع له قوله تعالى :( فترى الذين ) يجوز أن يكون من رؤية العين فيكون( يسارعون ) في موضع الحال ، ويجوز أن يكون بمعنى تعرف فيكون يسارعون حالا أيضا ، ويجوز أن يكون من رؤية القلب المتعدية إلى مفعولين فيكون يسارعون المفعول الثانى ، وقرئ في الشاذ بالياء والفاعل الله
تعالى ، و( يقولون ) حال من ضمير الفاعل في يسارعون ، و( دائرة ) صفة غالبة لا يذكر معها الموصوف( أن يأتى ) في موضع نصب خبر عسى ، وقيل هو في موضع رفع بدلا من اسم الله( فيصبحوا ) معطوف على يأتى .قوله تعالى : ( ويقول ) يقرأ بالرفع من غير واو العطف وهو مستأنف ، ويقرأ بالواو كذلك ، ويقرأ بالواو والنصب ، وفى النصب أربعة أوجه : أحدها : أنه معطوف على يأتى حملا على المعنى ؛ لان معنى عسى الله أن يأتى وعسى أن يأتى الله واحد ، ولايجوز أن يكون معطوفا على لفظ أن يأتى ؛ لان أن يأتى خبر عسى ، والمعطوف عليه في حكمه ، فيفتقر إلى ضمير يرجع إلى إسم عسى ، ولا ضمير في قوله : " ويقول الذين آمنوا " فيصير كقولك : عسى الله أن يقول الذين آمنوا والثانى : أنه معطوف على لفظ يأتى على الوجه الذى جعل فيه بدلا ، فيكون داخلا في اسم عسى ، واستغنى عن خبرها بما تضمنه اسمها من الحدث ، والوجه الثالث : أن يعطف على لفظ يأتى وهو خبر ، ويقدر مع المعطوف ضمير محذوف تقديره : ويقول الذين آمنوا به ، والرابع أن يكون معطوفا على الفتح تقديره : فعسى الله أن يأتى بالفتح ، وبأن يقول الذين آمنوا ( جهد أيمانهم ) فيه وجهان : أحدهما : أنه حال وهو هنا معرفة ، والتقدير : وأقسموا بالله يجهدون جهد أيمانهم ، فالحال في الحقيقة مجتهدين ، ثم أقيم الفعل المضارع مقامه ، ثم أقيم المصدر مقام الفعل لدلالته عليه والثانى : أنه مصدر يعمل فيه أقسموا ، وهو من معناه لامن لفظه قوله تعالى : ( من يرتد منكم ) يقرأ بفتح الدال وتشديدها على الادغام ، وحرك الدال بالفتح لالتقاء الساكنين ، ويقرأ " يرتدد " بفك الادغام والجزم على الاصل ، ومنكم في موضع الحال من ضمير الفاعل ( يحبهم ) في موضع جر صفة لقوم ( ويحبونه ) معطوف عليه ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب تقديره : وهم يحبونه ( أذلة ) و ( أعزة ) صفتان أيضا ( يجاهدون ) يجوز أن يكون صفة لقوم أيضا ، وجاء بغير واو كما جاء أذلة : وأعزة ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أعزة : أى يعزون مجاهدين ، ويجوز أن يكون مستأنفا قوله تعالى : ( الذين يقيمون الصلاة ) صفة للذين آمنوا ( وهم راكعون ) حال من الضمير في يؤتون قوله تعالى : ( فإن حزب الله هم الغالبون ) قيل : هو خبر المبتدأ الذى هو من ولم يعد منه ضمير إليه ؛ لان الحزب هو من في المعنى فكأنه قال : فإنهم هم الغالبون
قوله تعالى :( من الذين أوتوا الكتاب ) في موضع الحال من الذين الاولى ، أو من الفاعل في اتخذوا( والكفار ) يقرأ بالجر عطفا على الذين المجرورة ، وبالنصب عطفا على الذين المنصوبة ، والمعنيان صحيحان قوله تعالى :( ذلك بأنهم ) ذلك مبتدأ وما بعده الخبر : أى ذلك بسبب جهلهم : أى واقع بسبب جهلهم قوله تعالى :( هل تنقمون ) يقرأ بإظهار اللام على الاصل ، وبإدغامها في التاء لقربها منها في المخرج ، ويقرأ" تنقمون " بكسر القاف وفتحها وهو مبنى على الماضى وفيه لغتان : نقم ينقم ونقم ينقم ، و( منا ) مفعول تنقمون الثانى ، ومابعد إلا هو المفعول الاول ، ولا يجوز أن يكون منا حالا من أن والفعل لامرين : أحدهما : تقدم الحال على إلا ، والثانى : تقدم الصلة على الموصول ، والتقدير : هل تكرهون منا إلا إيماننا وأما قوله :( وأن أكثركم فاسقون ) ففى موضعه وجهان : أحدهما : أنه معطوف على أن آمنا ، والمعنى على هذا : إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم : أى كرهتم مخالفتنا إياكم ، وهذا كقولك للرجل : ماكرهت منى إلا أننى محبب إلى الناس وأنت مبغض وإن كان قد لايعترف بأنه مبغض ، والوجه الثانى : أنه معطوف على" ما " والتقدير : إلا أن آمنا بالله ، وبأن أكثركم فاسقون قوله تعالى :( مثوبة ) منصوب على التمييز والمميز بشر ويقرأ" مثوبة " بسكون الثاء وفتح الواو ، وقد ذكر في البقرة ، و( عند الله ) صفة لمثوبة( من لعنه ) في موضع من ثلاثة أوجه : أحدها : هو في موضع جر بدلا من شر والثانى : هو في موضع نصب بفعل دل عليه أنبئكم : أى أعرفكم من لعنه الله والثالث : هو في موضع رفع : أى هو من لعنه الله( وعبد الطاغوت ) يقرأ بفتح العين والباء ، ونصب الطاغوت على أنه فعل معطوف على لعن ، ويقرأ بفتح العين وضم الباء ، وجر الطاغوت وعبد هنا اسم مثل يقظ وحدث ، وهو في معنى الجمع ، ومابعده مجرور بإضافته إليه ، وهو منصوب بجعل ، ويقرأ بضم العين والباء ونصب الدال وجر مابعده ، وهو جمع عبد مثل سقف وسقف ، أو عبيد مثل قتيل وقتل ، أو عابد مثل نازل ونزل ، أو عباد مثل كتاب وكتب ، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر ، ويقرأ" عبد الطاغوت " بضم العين وفتح الباء وتشديدها مثل ضارب وضرب ، ويقرأ" عباد الطاغوت " مثل صائم وصوام : ويقرأ" عباد الطاغوت " وهو ظاهر مثل صائم
وصيام ، ويقرأ" وعابد الطاغوت " و" عبد الطاغوت " على أنه صفة مثل حطم ، ويقرأ" وعبد الطاغوت " على أنه فعل مالم يسم فاعله ، والطاغوت مرفوع ، ويقرأ" وعبد " مثل ظرف : أى صار ذلك للطاغوت كالغريزى ، ويقرأ" وعبدوا " على أنه فعل والواو فاعل ، والطاغوت نصب ، ويقرأ" وعبدة الطاغوت " وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة قوله تعالى :( وقد دخلوا ) في موضع الحال من الفاعل في قالوا ، أو من الفاعل في آمنا ، و( بالكفر ) في موضع الحال من الفاعل في دخلوا : أى دخلوا كفارا( وهم قد خرجوا ) حال أخرى ، ويجوز أن يكون التقدير : وقد كانوا خرجوا به قوله تعالى :( وأكلهم ) المصدر مضاف إلى الفاعل ، و( السحت ) مفعوله ، ومثله عن قولهم الاثم قوله تعالى :( ينفق ) مستأنف ، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء لشيئين : أحدهما أن الهاء مضاف إليها ، والثانى : أن الخبر يفصل بينهما ، ولا يجوز أن يكون حالا من اليدين إذ ليس فيها ضمير يعود إليهما( للحرب ) يجوز أن يكون صفة لنار فيتعلق بمحذوف ، وأن يكون متعلقا بأوقدوا ، و( فسادا ) مفعول من أجله قوله تعالى :( لاكلوا من فوقهم ) مفعول أكلوا محذوف ، ومن فوقهم نعت له تقديره : رزقا كائنا من فوقهم ، أو مأخوذا من فوقهم( ساء ما يعملون ) ساء هنا بمعنى بئس ، وقد ذكر فيما تقدم قوله تعالى :( فما بلغت رسالته ) يقرأ على الافراد ، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع ؛ لان جنس الرسالة مختلف قوله تعالى :( والصابئون ) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل ، وبحذفها وضم الباء والاصل على هذا صبا بالالف المبدلة من الهمزة ، ويقرأ بياء مضمومة ، ووجهه أنه أبدل الهمزة ياء لانكسار ماقبلها ، ولم يحذفها لتدل على أن أصلها حرف يثبت ، ويقرأ بالهمز والنصب عطفا على الذين ، وهو شاذ في الرواية صحيح في القياس ، وهو مثل الذى في البقرة ، والمشهور في القراءة الرفع وفيها أقوال : أحدها : قول سيبويه : وهو أن النية به التأخير بعد خبر إن ، وتقديره :" ولا هم يحزنون " ، والصابئون كذلك ، فهو مبتدأ والخبر محذوف ، ومثله :
فإنى وقيار بها لغريب |
أى فإنى لغريب وقيار بها كذلك |
والثانى : أنه معطوف على موضع إن كقولك : إن زيدا وعمرو قائمان ، وهذا خطأ ؛ لان خبر إن لم يتم ، وقائمان إن جعلته خبر إن لم يبق لعمرو وخبر ، وإن جعلته خبر عمرو لم يبق ؛ لان خبر ، ثم هو ممتنع من جهة المعنى ؛ لانك تخبر بالمثنى عن المفرد فأما قوله تعالى :" إن الله وملائكته يصلون على النبى " على قراءة من رفع ملائكته فخبر إن محذوف تقديره : إن الله يصلى ، وأغنى عنه خبر الثانى ، وكذلك لو قلت : إن عمرا وزيد قائم ، فرفعت زيدا جاز على أن يكون مبتدأ وقائم خبره أو خبر إن والقول الثالث : أن الصابئون معطوف على الفاعل في هادوا وهذا فاسد لوجهين : أحدهما : أنه يوجب كون الصابئين هودا وليس كذلك والثانى : أن الضمير لم يؤكد والقول الرابع : أن يكون خبر الصابئين محذوفا من غير ان ينوى به التأخير ، وهو ضعيف أيضا لما فيه من لزوم الحذف والفصل والقول الخامس : أن إن بمعنى نعم ، فما بعدها في موضع رفع ، فالصابئون كذلك والسادس : أن الصابئون في موضع نصب ، ولكنه جاء على لغة بلحرث الذين يجعلون التثنية بالالف على كل حال ، والجمع بالواو على كل حال وهو بعيد والقول السابع : أن بجعل النون حرف الاعراب فإن قيل : فأبو على إنما أجاز ذلك مع الياء لا مع الواو قيل : قد أجازه غيره والقياس لا يدفعه ، فأما( النصارى ) فالجيد أن يكون في موضع نصب على القياس المطرد ولا ضرورة تدعو إلى غيره قوله تعالى :( فريقا كذبوا ) فريقا الاول مفعول كذبوا ، والثانى مفعول( يقتلون ) وكذبوا جواب كلما ، ويقتلون بمعنى قتلوا ، وإنما جاء كذلك لتتوافق رءوس الآى قوله تعالى :( أن لاتكون ) يقرأ بالنصب على أن أن الناصبة للفعل ، وحسبوا بمعنى الشك ، ويقرأ بالرفع على أن أن المخففة من الثقيلة وخبرها محذوف(١) وجاز ذلك لما فصلت" لا " بينها وبين الفعل، وحسبوا على هذا بمعنى علموا، وقد جاء الوجهان فيها، ولايجوز أن تكون المخففة من الثقيلة مع أفعال الشك والطبع، ولا الناصبة للفعل مع علمت وماكان في معناها ، وكان هنا التامة( فعموا وصموا ) هذا هو المشهور ، ويقرأ بضم العين والصاد وهو من باب زكم وأزكمه الله ، ولا يقال عميته وصممته ، وإنما جاء بغير همزة
فيما لم يسم فاعله وهو قليل ، واللغة الفاشية أعمى وأصم( كثير منهم ) هو خبر مبتدإ محذوف : أى العمى والصم كثير ، وقيل : هو بدل من ضمير الفاعل في صموا ، وقيل : هو مبتدأ والجملة قبله خبر عنه : أى كثير منهم
___________________
(١) ( قوله وخبرها محذوف ) كذا بالنسخ التى بأيدينا ، وصوابه أن يقول : واسمها محذوف كما لايخفى اه مصححه (*)