إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ١
0%
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316
عموا وهو ضعيف ؛ لان الفعل قد وقع في موضعه فلا ينوى به غيره ، وقيل الواو علامة جمع لا اسم ، وكثير فاعل صموا قوله تعالى :( ثالث ثلاثة ) أى أحد ثلاثة ، ولا يجوز في مثل هذا إلا الاضافة( وما من إله ) من زائدة وإله في موضع مبتدأ ، والخبر محذوف : أى وما للخلق إله( إلا الله ) بدل من إله ، ولو قرئ بالجر بدلا من لفظ إله كان جائزا في العربية( ليمسن ) جواب قسم محذوف وسد مسد جواب الشرط الذى هو وإن لم ينتهوا و( منهم ) في موضع الحال ، إما من الذين ، أو من ضمير الفاعل في كفروا قوله تعالى :( قد خلت من قبله الرسل ) في موضع رفع صفة لرسول( كانا يأكلان الطعام ) لا موضع له من الاعراب( أنى ) بمعنى كيف في موضع الحال ، والعامل فيها( يؤفكون ) ولايعمل فيها نظرا ؛ لان الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله .
قوله تعالى :( مالا يملك ) يجوز أن تكون" ما " نكرة موصوفة ، وأن تكون بمعنى الذى قوله تعالى :( تغلوا ) فعل لازم( وغير الحق ) صفة لمصدر محذوف : أى غلوا غير الحق ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أى لاتغلوا مجاوزين الحق .
قوله تعالى :( من بنى إسرائيل ) في موضع الحال من الذين كفروا أو من ضمير الفاعل في كفروا( على لسان داود ) متعلق بلعن كقولك : جاء زيد على الفرس( ذلك بما عصوا ) قد تقدم ذكره في غير موضع ، وكذلك و( لبئس ما كانوا ) و( لبئس ماقدمت لهم ) قوله تعالى :( أن سخط الله عليهم ) أن والفعل في تقدير مصدر مرفوع خبر ابتداء محذوف : أى هو سخط الله ، وقيل : في موضع نصب بدلا من" ما " أى بئس شيئا سخط الله عليهم ، وقيل : هو في موضع جر بلام محذوفة ، أى ؛ لان سخط قوله تعالى :( عداوة ) تمييز ، والعامل فيه أشد ، و( للذين آمنوا ) متعلق بالمصدر أو نعت له( اليهود ) المفعول الثانى لتجد( ذلك ) مبتدأ ، و( بأن منهم ) الخبر : أى ذلك كائن بهذه الصفة قوله تعالى :( وإذا سمعوا ) الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن ، وهو قوله :" لا يستكبرون " فصار الكلام داخلا في صلة أن وإذا في موضع نصب ب( ترى ) وإذا
وجوابها في موضع رفع عطفا على خبر أن الثانية ، ويجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ ، وإن كان له تعلق بما قبله في المعنى ، و( تفيض ) في موضع نصب على الحال ؛ لان ترى من رؤية العين ، و( من الدمع ) فيه وجهان : أحدهما : أن من لابتداء الغاية : أى فيضها من كثرة الدمع والثانى : أن يكون حالا ، والتقدير : تفيض مملوءة من الدمع ، وأما( مما عرفوا ) فمن لابتداء الغاية ومعناها : من أجل الذى عرفوه ، و( من الحق ) حال من العائد المحذوف( يقولون ) حال من ضمير الفاعل في عرفوا قوله تعالى :( وما لنا ) ما في موضع رفع بالابتداء ، ولنا الخبر ، و( لا نؤمن ) حال من الضمير في الخبر ، والعامل فيه الجار : أى مالنا غير مؤمنين ، كما تقول : مالك قائما( وما جاءنا ) يجوز أن يكون في موضع جر : أى وبما جاءنا( من الحق ) حال من ضمير الفاعل ، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية : أى ولما جاءنا من عند الله ، ويجوز أن يكون مبتدأ ومن الحق الخبر ، والجملة في موضع الحال( ونطمع ) يجوز أن يكون معطوفا على نؤمن : أى ومالنا لانطمع ، ويجوز أن يكون التقدير : ونحن نطمع ، فتكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في نؤمن ، و( أن يدخلنا ) أى في أن يدخلنا ، فهو في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه قوله تعالى :( حلالا ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو مفعول كلوا ، فعلى هذا يكون مما في موضع الحال ؛ لانه صفة للنكرة قدمت عليها ، ويجوز أن تكون" من " لابتداء غاية الاكل ، فتكون متعلقة بكلوا كقولك : أكلت من الخبز رغيفا إذا لم ترد الصفة
والوجه الثانى : أن يكون حالا من" ما " ؛ لانها بمعنى الذى ، ويجوز أن يكون حالا من العائد المحذوف فيكون العامل رزق والثالث : أن يكون صفة لمصدر محذوف : أى أكلا حلالا ، ولايجوز أن ينصب حلالا برزق على أنه مفعوله ؛ لان ذلك يمنع من أن يعود إلى" ما " ضمير .
قوله تعالى :( باللغو في أيمانكم ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها أن تكون متعلقة بنفس اللغو ؛ لانك تقول : لغا في يمينه ، وهذا مصدر بالالف واللام يعمل ولكن معدى بحرف الجر والثانى : أن تكون حالا من اللغو : أى باللغو كائنا أو واقعا في أيمانكم والثالث : أن يتعلق في بيؤاخذكم( عقدتم ) يقرأ بتخفيف القاف وهو الاصل ، وعقد اليمين هو قصد الالتزام بها ، ويقرأ بتشديدها وذلك لتوكيد اليمين
كقوله :" والله الذى لا إله إلا هو " ونحوه ، وقيل التشديد يدل على تأكيد العزم بالالتزام بها ، وقيل إنما شدد لكثرة الحالفين وكثرة الايمان ، وقيل : التشديد عوض من الالف في عاقد ، ولايجوز أن يكون التشديد لتكرير اليمين ؛ لان الكفارة تجب وإن لم تكرر ، ويقرأ" عاقدتم " بالالف ، وهى بمعنى عقدتم كقولك : قاطعته وقطعته من الهجران( فكفارته ) الهاء ضمير العقد ، وقد تقدم الفعل الدال عليه ، وقيل : تعود على اليمين بالمعنى ؛ لان الحالف واليمين بمعنى واحد ، و( إطعام ) مصدر مضاف إلى المفعول به ، والجيد أن يقدر بفعل قد سمى فاعله ؛ لان ماقبله ومابعده خطاب ، ف( عشرة ) على هذا في موضع نصب( من أوسط ) صفة لمفعول محذوف تقديره : إن تطعموا عشرة مساكين طعاما أو قوتا من أوسط : أى متوسطا( ماتطعمون ) أى الذى تطعمون منه أو تطعمونه( أو كسوتهم ) معطوف على إطعام ، ويقرأ شاذا" أو كاسوتهم " فالكاف في موضع رفع : أى أو مثل أسوة أهليكم في الكسوة( أوتحرير ) معطوف على إطعام وهو مصدر مضاف إلى المفعول أيضا( إذا حلفتم ) العامل في إذا كفارة إيمانكم ؛ لان المعنى ذلك يكفر أيمانكم وقت حلفكم( كذلك ) الكاف صفة مصدر محذوف أى يبين لكم آياته تبيينا مثل ذلك قوله تعالى :( رجس ) إنما أفرد ؛ لان التقدير إنما عمل هذه الاشياء رجس ، ويجوز أن يكون خبرا عن الخمر وإخبار المعطوفات محذوف لدلالة خبر الاول عليها ، و( من عمل ) صفة لرجس أن خبر ثان ، والهاء في( اجتنبوه ) ترجع إلى الفعل أو إلى الرجس والتقدير رجس من جنس عمل الشيطان قوله تعالى :( في الخمر والميسر ) في متعلقة بيوقع ، وهى بمعنى السبب : أى بسبب شرب الخمر وفعل الميسر ، ويجور أن تتعلق في بالعداوة ، أو بالبغضاء : أى أن تتعادوا ، وأن تتباغضوا بسبب الشرب ، وهو على هذا مصدر بالالف واللام معمل ، والهمزة في البغضاء للتأنيث وليس مؤنث أفعل ، إذ ليس مذكر البغضاء أبغض وهو مثل البأساء والضراء( فهل أنتم منتهون ) لفظه استفهام ، ومعناه الامر : أى انتهوا ، لكن الاستفهام عقيب ذكر هذه المعايب أبلغ من الامر قوله تعالى :( إذا مااتقوا ) العامل في إذا معنى : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح : أى لايأثمون إذا مااتقوا قوله تعالى :( من الصيد ) في موضع جر صفة لشئ ، ومن لبيان الجنس ،
وقيل : للتبعيض إذ لايحرم إلا الصيد في حال الاحرام ، وفى الحرم وفى البر والصيد في الاصل مصدر ، وهو هاهنا بمعنى المصيد ، وسمى مصيدا وصيدا لمآله إلى ذلك وتوفر الدواعى إلى صيده ، فكأنه لما أعد للصيد صار كأنه مصيد ( تناله ) صفة لشئ ، ويجوز أن يكون حالا من شئ ؛ لانه قد وصف ، وأن يكون حالا من الصيد ( ليعلم ) اللام متعلقة بليبلونكم ( بالغيب ) يجوز أن يكون في موضع الحال من " من " أو من ضمير الفاعل في يخافه : أى يخافه غائبا عن الخلق ، ويجوز أن يكون بمعنى في : أى في الموضع الغائب عن الخلق ، والغيب مصدر في موضع فاعل قوله تعالى : ( وأنتم حرم ) في موضع الحال من ضمير الفاعل في تقتلوا ، و ( متعمدا ) حال من الضمير الفاعل في قتله ( فجزاء ) مبتدأ والخبر محذوف ، وقيل : التقدير فالواجب جزاء ، ويقرأ بالتنوين ، فعلى هذا يكون ( مثل ) صفة له أو بدلا ، ومثل هنا بمعنى مماثل ، ولايجوز على هذه القراءة أن يعلق من النعم بجزاء ؛ لانه مصدر ومايتعلق به من صلته ، والفصل بين الصلة والموصول بالصفة أو البدل غير جائز ؛ لان الموصول لم يتم فلا يوصف ولايبدل منه ، ويقرأ شاذا " جزاء " بالتنوين ، ومثل بالنصب ، وانتصابه بجزاء ، ويجوز أن ينتصب بفعل دل عليه جزاء : أى يخرج أو يؤدى مثل ، وهذا أولى فإن الجزاء يتعدى بحرف الجر ، ويقرأ في المشهور بإضافة جزاء إلى المثل ، وإعراب الجزاء على ماتقدم ، ومثل في هذه القراءة في حكم الزائدة ، وهو كقولهم : مثلى لايقول ذلك : أى أنا لاأقول ، وإنما دعا إلى هذا التقدير أن الذى يجب به الجزاء المقتول لامثله ، وأما ( من النعم ) ففيه أوجه : أحدها : أن تجعله حالا من الضمير في قتل ؛ لان المقتول يكون من النعم ، والثانى : أن يكون صفة لجزاء إذا نونته : أى جزاء كائن من النعم ، والثالث : أن تعلقها بنفس الجزاء إذا أضفته ؛ لان المضاف إليه داخل في المضاف فلا يعد فصلا بين الصلة والموصول ، وكذلك إن نونت الجزاء ونصبت مثلا ؛ لانه عامل فيهما فهما من صلته ، كما تقول : يعجبني ضربك زيدا بالسوط ( يحكم به ) في موضع رفع صفة لجزاء إذا نونته ، وأما على الاضافة فهو في موضع الحال ، والعامل فيه معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف ( ذوا عدل ) الالف للتثنية ، ويقرأ شاذا " ذو " على الافراد ، والمراد به الجنس ، كما تكون " من " محمولة على المعنى ، فتقديره : على هذا فريق ذو عدل أو حاكم ذو عدل ، و ( منكم ) صفة لذوا ، ولايجوز أن يكون صفة العدل ؛ لان عدلا هنا مصدر غير وصف ( هديا ) حال من الهاء في به وهو بمعنى
مهدى ، وقيل : هو مصدر ، أى يهديه هديا ، وقيل على التمييز ، و( بالغ الكعبة ) صفة لهدى ، والتنوين مقدر : أى بالغا الكعبة( أو كفارة ) معطوف على جزاء : أى أو عليه كفارة إذا لم يجد المثل ، و( طعام ) بدل من كفارة أو خبر مبتدإ محذوف أى هى طعام ، ويقرأ بالاضافة ، والاضافة هنا لتبيين المضاف ، و( صياما ) تمييز( ليذوق ) اللام متعلقة بالاستقرار : أى عليه الجزاء ليذوق ، ويجوز أن تتعلق بصيام وبطعام( فينتقم الله ) جواب الشرط ، وحسن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ قوله تعالى :( وطعامه ) الهاء ضمير البحر ، وقيل : ضمير الصيد ، والتقدير : وإطعام الصيد أنفسكم ، والمعنى أنه أباح لهم صيد البحر وأكل صيده بخلاف صيده البر( متاعا ) مفعول من أجله ، وقيل مصدر : أى متعتم بذلك تمتيعا( مادمتم ) يقرأ بضم الدال وهو الاصل ، وبكسرها وهى لغة ، يقال دمت تدام( حرما ) جمع حرام ككتاب وكتب ، وقرئ في الشاذ حرما بفتح الحاء والراء : أى ذوى حرم ، أى إحرام ، وقيل جعلهم بمنزلة المكان الممنوع منه قوله تعالى :( جعل الله ) هى بمعنى صبر فيكون( قياما ) مفعولا ثانيا ، وقيل : هى بمعنى خلق فيكون قياما حالا ، و( البيت ) بدل من الكعبة ويقرأ" قياما " بالالف : أى سببا لقيام دينهم ومعاشهم ، ويقرأ" قيما " بغير ألف ، وهو محذوف من قيام كخيم في خيام( ذلك ) في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف : أى الحكم الذى ذكرناه ذلك : أى لاغيره ، ويجوز أن يكون المحذوف هو الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب : أى فعلنا ذلك أو شرعنا ، واللام في( لتعلموا ) متعلقة بالمحذوف قوله تعالى :( عن أشياء ) الاصل فيها عند الخليل وسيبويه شيئاء بهمزتين بينهما ألف وهى فعلاء من لفظ شئ ، وهمزتها الثانية للتأنيث ، وهى مفردة في اللفظ ومعناها الجمع ، مثل قصباء وطرفاء ، ولاجل همزة التأنيث لم تنصرف ، ثم إن الهمزة الاولى التى هى لام الكلمة قدمت فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف خصوصا بعد الياء فصار وزنها لفعاء ، وهذا قول صحيح لايرد عليه إشكال وقال الاخفش والفراء : أصل الكلمة شئ مثل هين على فعل ، ثم خففت ياؤه كما خففت ياء هين فقيل شئ كما قيل هين ، ثم جمع على أفعلاء وكان الاصل أشياء كما قالوا هين وأهوناء ثم حذفت الهمزة الاولى فصار وزنها أفعاء فلامها محذوفة ومثل آخرون الاصل في شئ شيئ مثل صديق ، ثم جمع على أفعلاء كأصدقاء وأنبياء ، ثم حذفت
الهمزة الاولى ، وقيل : هو جمع شئ من غير تغيير كبيت وأبيات وهو غلط ؛ لان مثل هذا الجمع ينصرف ، وعلى الاقوال الاول يمتنع صرفه لاجل همزة التأنيث ، ولو كان أفعالا لانصرف ، ولم يسمع أشياء منصرفة البتة ، وفى هذا المسألة كلام طويل فموضعه التصريف( إن تبد لكم تسؤكم ) الشرط وجوابه في موضع جر صفة لاشياء( عفا الله عنها ) قيل هو مستأنف ، وقيل هو في موضع جر أيضا ، والنية به التقديم : أى عن أشياء قد عفا الله لكم عنها قوله تعالى :( من قبلكم ) هو متعلق بسألها ، ولايجوز أن يكون صفة لقوم ولاحالا ؛ لان ظرف الزمان لايكون صفة للجثة ولاحالا منها ولاخبرا عنها قوله تعالى :( ماجعل الله من بحيرة ) " من " زائدة وجعل هاهنا بمعنى سمى فعلى هذا يكون بحيرة أحد المفعولين والآخر محذوف : أى ماسمى الله حيوانا بحيرة ويجوز أن تكون جعل متعدية إلى مفعول واحد بمعنى ماشرع ، ولاوضع ، وبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة والسائبة فاعلة من ساب يسيب إذا جرى ، وهو مطاوع سيبه فساب ، وقيل هى فاعلة بمعنى مفعولة : أى مسيبة والوصيلة بمعنى الواصلة ، والحامى فاعل من حمى ظهره يحميه قوله تعالى :( حسبنا ) هو مبتدأ وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل ، و( ماوجدنا ) هو الخبر" ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، والتقدير : كافينا الذى وجدناه ووجدنا هنا يجوز أن تكون بمعنى علمنا ، فيكون( عليه ) المفعول الثانى ، ويجوز أن تكون بمعنى صادفنا فتتعدى إلى مفعول واحد بنفسها وفى عليه على هذا وجهان : أحدهما : هى متعلقة بالفعل معدية له كما تتعدى ضربت زيدا بالسوط والثانى : أن تكون حالا من الآباء ، وجواب( أو لو كان ) محذوف ، تقديره : أو لو كانوا يتبعونهم .
قوله تعالى :( عليكم أنفسكم ) عليكم هو اسم للفعل هاهنا ، وبه انتصب أنفسكم ، والتقدير : احفظوا أنفسكم ، والكاف والميم في عليكم في موضع جر ؛ لان اسم الفعل هو الجار والمجرور ، وعلى وحدها لم تستعمل اسما للفعل ، بخلاف رويدكم فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ولاموضع لهما ؛ لان رويدا قد استعملت اسما للامر للمواجه من غير كاف الخطاب ، وهكذا قوله :" مكانكم أنتم وشركاؤكم " ، الكاف والميم في موضع جر أيضا ، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى( لايضركم ) يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف ، وقيل : حقه الجزم على جواب الامر ولكنه حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد ، ويقرأ بفتح الراء على أن حقه الجزم وحرك بالفتح
ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد وهو من ضاره يضيره ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الضاد وهو من ضاره يضوره ، وكل ذلك لغات فيه ، و( إذا ) ظرف ليضر ، ويبعد أن يكون ظرفا لضل ؛ لان المعنى لايصح معه قوله تعالى :( شهادة بينكم ) يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم ، والرفع على الابتداء ، والاضافة هنا إلى بين على أن تجعل بين مفعولا به على السعة ، والخبر اثنان ، والتقدير : شهادة اثنين ، وقيل التقدير : ذوا شهادة بينكم اثنان ، فحذف المضاف الاول ، فعلى هذا يكون( إذا حضر ) ظرفا للشهادة ، وأما( حين الوصية ) ففيه على هذا ثلاثة أوجه : أحدها : هو ظرف للموت والثانى : ظرف لحضر ، وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت والثالث : أن يكون بدلا من إذا ، وقيل : شهادة بينكم مبتدأ وخبره إذا حضر ، وحين على الوجوه الثلاثة في الاعراب ، وقيل خبر الشهادة حين ، وإذا ظرف للشهادة ، ولايجوز أن يكون إذا خبرا للشهادة وحين ظرفا لها ، إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره ، ولايجوز أن تعمل الوصية في إذا ؛ لان المصدر لايعمل فيما قبله ، ولاالمضاف إليه في الاعراب يعمل فيما قبله وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فاثنان خبر مبتدإ محذوف : أى الشاهدان اثنان ، وقيل الشهادة مبتدأ ، وإذا وحين غير خبرين ، بل هما على ماذكرنا من الظرفية ، واثنان فاعل شهادة ، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدإ ، و( ذوا عدل ) صفة لاثنين ، وكذلك( منكم أو آخران ) معطوف على اثنان ، و( من غيركم ) صفة لآخران ، و( إن أنتم ضربتم في الارض ) معترض بين آخران وبين صفته ، وهو( تحبسونهما ) أى أو آخران من غيركم محبوسان ، و( من بعد ) متعلق بتحبسون ، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف ؛ لانه واقع بعد إن الشرطية فلا يرتفع بالابتداء ، والتقدير : إن ضربتم ، فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير أنتم ليقوم بنفسه ، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لاموضع له( فيقسمان ) جملة معطوفة على تحبسونهما ، و( إن ارتبتم ) معترض بين يقسمان وجوابه ، وهو( لانشترى ) وجواب الشرط محذوف في الموضعين أغنى عنه معنى الكلام ، والتقدير : إن ارتبتم فاحبسوهما أو فحلفوهما ، وإن ضربتم في الارض فأشهدوا اثنين ، ولانشترى جواب يقسمان ؛ لانه يقوم مقام اليمين ، والهاء في( به ) تعود إلى الله تعالى أو على القسم أو اليمين أو الحلف أو على تحريف الشهادة أو على الشهادة ؛ لانها قول ، و( ثمنا ) مفعول نشترى ، ولاحذف فيه ؛ لان
الثمن يشترى كما يشترى به ، وقيل التقدير : ذا ثمن( ولو كان ذا قربى ) اى ولو كان المشهود له لم يشتر( ولانكتم ) معطوف على لانشترى وأضاف الشهادة إلى الله ؛ لانه أمر بها فصارت له ، ويقرأ شهادة بالتنوين ، وألله بقطع الهمزة من غير مد وبكسر الهاء على أنه جره بحرف القسم محذوفا ، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك ، وقيل : قطعها عوض من حرف القسم ، ويقرأ كذلك إلا أنه بوصل الهمزة والجر على القسم من غير تعويض ولاتنبيه ، ويقرأ كذلك إلا أنه بقطع الهمزة ومدها ، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم ، ويقرأ بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ونصب إسم الله من غير مد على أنه منصوب بفعل القسم محذوفا قوله تعالى :( فإن عثر ) مصدره العثور ، ومعناه اطلع ، فأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه فالعثار ، و( على أنهما ) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل( فآخران ) خبر مبتدإ محذوف : أى فالشاهدان آخران ، وقيل : فاعل فعل محذوف : أى فليشهد آخران ، وقيل : هو مبتدأ والخبر( يقومان ) وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة ، وقيل : الخبر الاوليان ، وقيل المبتدأ الاوليان ، وآخران خبر مقدم ، ويقومان صفة آخران إذا لم تجعله خبرا ، و( مقامهما ) مصدر ، و( من الذين ) صفة أخرى لآخران ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في يقومان( استحق ) يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل ، والفاعل الاوليان ، والمفعول محذوف : أى وصيتهما ، ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله ، وفى الفاعل وجهان : أحدهما : ضمير الاثم لتقدم ذكره في قوله :" استحقا إثما " أى استحق عليهم الاثم ، والثانى الاوليان : إى إثم الاولين ، وفى( عليهم ) ثلاثة أوجه : أحدها : هى على بابها كقولك : وجب عليه الاثم .
والثانى هى بمعنى في : أى استحق فيهم الوصية ونحوها والثالث : هى بمعنى من : أى استحق منهم الاوليان ، ومثله " اكتالوا على الناس يستوفون " أى من الناس ( الاوليان ) يقرأ بالالف على تثنية أولى وفى رفعه خمسة أوجه : أحدها : هو خبر مبتدإ محذوف : أى هما الاوليان ، والثانى : هو مبتدأ وخبره آخران ، وقد ذكر ، والثالث : هو فاعل استحق وقد ذكر أيضا ، والرابع : هو بدل من الضمير في يقومان ، والخامس : أن يكون صفة لآخران ؛ لانه وإن كان نكرة فقد وصف والاوليان لم يقصد بهما قصد اثنين
بأعيانهما وهذا محكى عن الاخفش ويقرأ الاولين ، وهو جمع أول ، وهو صفة للذين استحق أو بدل من الضمير في عليهم ، ويقرأ الاولين وهو جمع أولى ، وإعرابه كإعراب الاولين ، ويقرأ الاولان تثنية الاول ، وإعرابه كإعراب الاوليان( فيقسمان ) عطف على يقومان( لشهادتنا أحق ) مبتدأ وخبر ، وهو جواب يقسمان قوله تعالى :( ذلك أدنى أن يأتوا ) : أى من أن يأتوا أو إلى أن يأتوا ، وقد ذكر نظائره ، و( على وجهها ) في موضع الحال من الشهادة : أى محققة أو صحيحة( أو يخافوا ) معطوف على يأتوا ، و( بعد أيمانهم ) ظرف لترد أو صفة الايمان قوله تعالى :( يوم يجمع الله ) العامل في يوم يهدى : أى لايهديهم في ذلك اليوم إلى حجة أو إلى طريق الجنة ، وقيل : هو مفعول به ، والتقدير : واسمعوا خبر" يوم يجمع الله " فحذف المضاف( ماذا ) في موضع نصب ب( أجبتم ) وحرف الجر محذوف : أى بماذا أجبتم ، وما وذا هنا بمنزلة اسم واحد ، ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذى هاهنا ؛ لانه لاعائد هنا ، وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف( إنك أنت علام الغيوب ) و" إنك أنت العزيز الحكيم " مثل" إنك أنت العليم الحكيم " وقد ذكر في البقرة .
قوله تعالى :( إذ قال الله ) يجوز أن يكون بدلا من يوم ، والتقدير : إذ يقول ، ووقعت هنا إذ هى للماضى على حكاية الحال ، ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ يقول( ياعيسى ابن ) يجوز أن يكون على الالف من عيسى فتحة ؛ لانه قد وصف بابن وهو بين علمين ، وأن يكون عليها ضمة ، وهى مثل قولك : يازيد بن عمرو بفتح الدال وضمها ، فإذا قدرت الضم جاز أن تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا( إذ أيدتك ) العامل في إذ" نعمتى " ويجوز أن يكون حالا من نعمتى ، وأن يكون مفعولا به على السعة ، وأيدتك وآيدتك قد قرئ بهما ، وقد ذكر في البقرة( تكلم الناس ) في موضع الحال من الكاف في أيدتك ، و( في المهد ) ظرف لتكلم أو حال من ضمير الفاعل في تكلم( وكهلا ) حال منه أيضا ، ويجوز أن يكون من الكاف في أيدتك وهى حال مقدرة" وإذ علمتك ، واذ تخلق ، وإذ تخرج " معطوفات على إذ أيدتك( من الطين ) يجوز أن يتعلق بتخلق فتكون من لابتداء غاية الخلق وأن يكون حالا( من هيئة الطير ) على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه ، والكاف مفعول تخلق ، وقد تكلمنا على قوله :" هيئة الطير " في آل عمران( فتكون طيرا ) يقرأ بياء ساكنة من غير ألف وفيه وجهان : أحدهما : أنه مصدر في معنى الفاعل .
والثانى : أن يكون أصله طيرا مثل سيد ، ثم خفف إلا أن ذلك يقل فيما عينه ياء وهو جائز ، ويقرأ طائرا وهى صفة غالبة ، وقيل : هو اسم للجمع مثل الحامل والباقر ، و( تبرئ ) معطوف على تخلق( إذ جئتهم ) ظرف لكففت( سحر مبين ) يقرأ بغير ألف على أنه مصدر ، ويشار به إلى ماجاء به من الآيات ، ويقرأ ساحر بالالف والاشارة به إلى عيسى ، وقيل : هو فاعل في معنى المصدر كما قالوا عائذا بالله منك : أى عوذا أو عياذا قوله تعالى :( وإذ أو حيت ) معطوف على" إذ أيدتك " ( أن آمنوا ) يجوز أن تكون أن مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحيت ، وأن تكون بمعنى أى ، وقد ذكرت نظائره قوله تعالى :( إذ قال الحواريون ) أى اذكر اذ قال ، ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون( هل يستطيع ربك ) يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل ، والمعنى : هل يقدر ربك أو يفعل ، وقيل التقدير : هل يطيع ربك ، وهما بمعنى واحد مثل استجاب وأجاب وأستجب وأجب، ويقرأ بالتاء، وربك نصب، والتقدير: هل يستطيع سؤال ربك فحذف المضاف، فأما قوله( أن ينزل ) فعلى القراءة الاولى هو مفعول يستطيع ، والتقدير : على أن ينزل ، أو في أن ينزل ، ويجوز أن لايحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق ، وعلى القراءة الاخرى يكون مفعولا لسؤال المحذوف قوله تعالى :( أن قد صدقتنا ) أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وقد عوض منه وقيل : أن مصدرية وقد لاتمنع من ذلك( نكون ) صفة لمائدة ، و( لنا ) يجوز أن يكون خبر كان ، ويكون( عيدا ) حالا من الضمير في الظرف أو حالا من الضمير في كان على قول من ينصب عنها الحال ، ويجوز أن يكون عيدا الخبر ، وفى لنا على هذا وجهان : أحدهما : أن يكون حالا من الضمير في تكون والثانى : أن تكون حالا من عيد ؛ لانه صفة له قدمت عليه ، فأما( لاولنا وآخرنا ) فإذا جعلت لنا خبرا أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد ، وإن جعلت لنا صفة لعيد كان لاولنا وآخرنا بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار ، ويقرأ لاولانا وأخرانا على تأنيث الطائفة أو الفرقة وأما من السماء فيجوز أن يكون صفة لمائدة ، وأن يتعلق بينزل( وآية ) عطف على عيد ، و( منك ) صفة لها .
قوله تعالى :( منكم ) في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر( عذابا ) اسم للمصدر الذى هو التعذيب فيقع موقعه ، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة ، وأما قوله :( لاأعذبه ) يجوز أن تكون الهاء للعذاب وفيه على هذا وجهان : أحدهما : أن يكون حذف حرف الجر : أى لاأعذب به أحدا والثانى : أن يكون مفعولا به على السعة ، ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد كقولك ظننته زيدا منطلقا ، ولاتكون هذه الهاء عائدة على العذاب الاول فإن قلت : لاأعذبه صفة لعذاب ، فعلى هذا التقدير لايعود من الصفة إلى الموصوف شئ قيل : إن الثانى لما كان واقعا موقع المصدر والمصدر جنس وعذابا نكرة كان الاول داخلا في الثانى ، والثانى مشتملا على الاول ، وهو مثل : زيد نعم الرجل ، ويجوز أن تكون الهاء ضمير من ، وفى الكلام حذف : أى لاأعذب الكافر : أى مثل الكافر : أى مثل عذاب الكافر قوله تعالى :( اتخذونى ) هذه تتعدى إلى مفعولين لانهما بمعنى صيرونى ، و( من دون الله ) في موضع صفة إلهين ، ويجوز أن تكون متعلقة باتخذوا( أن أقول ) في موضع رفع فاعل يكون ، ولى الخبر ، و( ماليس ) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة وهو مفعول أقول ؛ لان التقدير : أن أدعى أو أذكر ، واسم ليس مضمر فيها ، وخبرها( لى ) و( بحق ) في موضع الحال من الضمير في الجار ، والعامل فيه الجار ، ويجوز أن يكون بحق مفعولا به تقديره : ماليس يثبت لى بسبب حق ، فالباء تتعلق بالفعل المحذوف لابنفس الجار ؛ لان المعانى لاتعمل في المفعول به ، ويجوز أن يجعل بحق خبر ليس ، ولى تبيين كما في قولهم : سقيا له ورعيا ، ويجوز أن يكون بحق خبر ليس ، ولى صفة بحق قدم عليه فصار حالا ، وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه( إن كنت قلته ) كنت لفظها ماض ، والمراد المستقبل ، والتقدير : إن يصح دعواى لى ، وإنما دعا هذا ؛ لان إن الشرطية لامعنى لها إلا في المستقبل ، فآل حاصل المعنى إلى ماذكرناه قوله تعالى :( ماقلت لهم إلا ماأمرتنى به ) " ما " في موضع نصب بقلت أى ذكرت أو أديت الذى أمرتنى به فيكون مفعولا به ، ويجوز أن تكون" ما " نكرة موصوفة وهو مفعول به أيضا( أن اعبدوا الله ) يجوز أن تكون أن مصدرية والامر صلة لها وفى الموضع ثلاثة أوجه : الجر على البدل من الهاء ، والرفع على إضمار هو ، والنصب على إضمار أعنى أو بدلا من موضع به ، ولايجوز أن تكون بمعنى أن المفسرة ؛ لان القول قد صرح به ، وأى لاتكون مع التصريح بالقول( ربى ) صفة لله أو بدل منه ، و( عليهم ) يتعلق ب( شهيدا ) .
( مادمت ) " ما " هنا مصدرية ، والزمان معها محذوف : أى مدة مادمت ، ودمت هنا يجوز أن تكون الناقصة ، و( فيهم ) خبرها ، ويجور أن تكون التامة : أى ماأقمت فيهم ، فيكون فيهم ظرفا للفعل ، و( الرقيب ) خبر كان( وأنت ) فصل أو توكيد للفاعل ويقرأ بالرفع على أن يكون مبتدأ وخبرا في موضع نصب قوله تعالى :( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) الفاء جواب الشرط ، وهو محمول على المعنى : أى إن تعذبهم تعدل وإن تغفر لهم تتفضل قوله تعالى :( هذا يوم ) هذا مبتدأ ويوم خبره ، وهو معرب ؛ لانه مضاف إلى معرب فبقى على حقه من الاعراب ، ويقرأ" يوم " بالفتح وهو منصوب على الظرف. وهذا فيه وجهان : أحدهما : هو مفعول قال : أى قال الله هذا القول في يوم والثانى : أن هذا مبتدأ ويوم ظرف للخبر المحذوف : أى هذا يقع أو يكون يوم ينفع وقال الكوفيون : يوم في موضع رفع خبر هذا ، ولكنه بنى على الفتح لاضافته إلى الفعل ، وعندهم يجوز بناؤه ، وإن أضيف إلى معرب ، وذلك عندنا لايجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى ، و( صدقهم ) فاعل ينفع ، وقد قرئ شاذا صدقهم بالنصب على أن يكون الفاعل ضمير اسم الله ، وصدقهم بالنصب على أربعة أوجه : أحدها : أن يكون مفعولا له : أى لصدقهم والثانى : أن يكون حذف حرف الجر : أى بصدقهم والثالث : أن يكون مصدرا مؤكدا : أى الذين يصدقون صدقهم كما تقول : تصدق الصدق والرابع : أن يكون مفعولا به ، والفاعل مضمر في الصادقين : أى يصدقون الصدق كقوله : صدقته القتال ، والمعنى : يحققون الصدق .
سورة الانعام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى :( بربهم ) الباء تتعلق ب( يعدلون ) أى الذين كفروا يعدلون بربهم غيره ، والذين كفروا مبتدأ، ويعدلون الخبر ، والمفعول محذوف ، ويجوز على هذا أن تكون الباء بمعنى عن ، فلا يكون في الكلام مفعول محذوف ، بل يكون يعدلون لازما : أى يعدلون عنه إلى غيره ، ويجوز أن تتعلق الباء بكفروا فيكون المعنى : الذين جحدوا ربهم مائلون عن الهدى قوله تعالى :( خلقكم من طين ) في الكلام حذف مضاف : أى خلق أصلكم ومن طين متعلق بخلق ، ومن هنا لابتداء الغاية ، ويجوز أن تكون حالا : أى خلق أصلكم كائنا من طين( وأجل مسمى ) مبتدأ موصوف ، و( عنده ) الخبر .
قوله تعالى :( وهو الله ) وهو مبتدأ والله الخبر ، و( في السموات ) فيه وجهان : أحدهما : يتعلق ب( يعلم ) أى يعلم سركم وجهركم في السموات والارض ، فهما ظرفان للعلم فيعلم على هذا خبر ثان ، ويجوز أن يكون الله بدلا من هو ويعلم الخبر والثانى : أن يتعلق" في " باسم الله ؛ لانه بمعنى المعبود : أى وهو المعبود في السموات والارض ويعلم على هذا خبر ثان أو حال من الضمير في المعبود أو مستأنف وقال أبوعلي : لايجوز أن تتعلق" في " باسم الله ؛ لانه صار بدخول الالف واللام والتغيير الذى دخله كالعلم ولهذا قال تعالى :" هل تعلم له سميا " وقيل : قد تم الكلام على قوله :" في السموات وفى الارض " يتعلق بيعلم ، وهذا ضعيف ؛ لانه سبحانه معبود في السموات وفى الارض ويعلم مافى السماء والارض فلا اختصاص لاحدى الصفتين بأحد الظرفين ، و( سركم وجهركم ) مصدران بمعنى المفعولين : أى مسركم ومجهوركم ، ودل على ذلك قوله :" يعلم ماتسرون وماتعلنون " أى الذى ، ويجوز أن يكونا على بابهما قوله تعالى :( من آية ) موضعه رفع بتأتى ، ومن زائدة ، و( من آيات ) في موضع جر صفة لآية ، ويجوز أن تكون في موضع رفع على موضع آية قوله تعالى :( لما جاءهم ) لما ظرف لكذبوا ، وهذا قد عمل فيها وهو قبلها ، ومثله إذا ، و( به ) متعلق ب( يستهزئون ) قوله تعالى :( كم أهلكنا ) كم استفهام بمعنى التعظيم فلذلك لايعمل فيها يروا وهى في موضع نصب بأهلكنا ، فيجوز أن تكون كم مفعولا به ، ويكون( من قرن ) تبيينا لكم ، ويجوز أن يكون ظرفا ، ومن قرن مفعول أهلكنا ، ومن زائدة أى كم أزمنة أهلكنا فيها من قبلهم قرونا ، ويجوز أن يكون كم مصدرا : أى كم مرة وكم إهلاكا وهذا يتكرر في القرآن كثيرا( مكناهم ) في موضع جر صفة القرن ، وجمع على المعنى( مالم نمكن لكم ) رجع من الغيبة في قوله :" ألم يروا " إلى الخطاب في لكم ، ولو قال لهم لكان جائزا و" ما " نكرة موصوفة ، والعائد محذوف : أى شيئا لم نمكنه لكم ، ويجوز أن تكون" ما " مصدرية والزمان محذوف أى مدة مالم نمكن لكم : أى مدة تمكنهم أطول من مدتكم ، ويجوز أن تكون" ما " مفعول نمكن على المعنى ؛ لان المعنى أعطيناهم مالم نعطكم ، و( مدرارا ) حال من السماء ، و( تجرى ) المفعول الثانى لجعلنا أو حال من الانهار إذا جعلت جعل متعدية إلى واحد ، و( من تحتهم ) يتعلق بتجرى ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في تجرى : أى وهى من تحتهم ، ويجوز أن يكون من تحتهم مفعولا ثانيا لجعل أو حالا من الانهار .
وتجرى في موضع الحال من الضمير في الجار : أى وجعلنا الانهار من تحتهم جارية : أى استقرت جارية ، و( من بعدهم ) يتعلق بأنشأنا ، ولايجوز أن يكون حالا من قرن ؛ لانه ظرف زمان قوله تعالى :( في قرطاس ) نعت لكتاب ، ويجوز أن يتعلق بكتاب على أنه ظرف له ، والكتاب هنا المكتوب في الصحيفة لانفس الصحيفة ، والقرطاس بكسر القاف وفتحها لغتان وقد قرئ بهما ، والهاء في( لمسوه ) يجوز أن ترجع على قرطاس ، وأن ترجع على كتاب قوله تعالى :( مايلبسون ) " ما " بمعنى الذى وهو مفعول" لبسنا " قوله تعالى :( ولقد استهزئ ) يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين ، وبضمها على أنه أتبع حركتها حركة التاء لضعف الحاجز بينهما ، و( ما ) بمعنى الذى ، وهو فاعل حاق ، و( به ) يتعلق ب( يستهزءون ) ومنهم الضمير للرسل فيكون منهم متعلقا بسخروا لقوله :" فيسخرون منهم " ويجوز في الكلام سخرت به ، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين فيكون منهم حالا من ضمير الفاعل في سخروا قوله تعالى :( كيف كان ) كيف خبر كان ، و( عاقبة ) اسمها ، ولم يؤنث الفعل ؛ لان العاقبة بمعنى المعاد فهو في معنى المذكر ، ولان التأنيث غير حقيقى قوله تعالى :( لمن ) من استفهام ، و( ما ) بمعنى الذى في موضع مبتدإ ، ولمن خبره( قل لله ) أى قل هو لله( ليجمعنكم ) قيل موضعه نصب بدلا من للرحمة وقيل لاموضع له بل هو مستأنف واللام فيه جواب قسم محذوف وقع كتب موقعه( لاريب فيه ) قد ذكر في آل عمران والنساء( الذين خسروا ) مبتدأ( فهم ) مبتدأ ثان ، و( لايؤمنون ) خبره ، والثانى وخبره خبر الاول ، ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط وقال الاخفش : للذين خسروا : بدل من المنصوب في ليجمعنكم ، وهو بعيد ؛ لان ضمير المتكلم والمخاطب لايبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح ، وغيرهما دونهما في ذلك قوله تعالى :( أغير الله ) مفعول أول( أتخذ ) و( وليا ) الثانى ، ويجوز أن يكون أتخذ متعديا إلى واحد وهو ولى ، وغير الله صفة له قدمت عليه فصارت حالا ، ولايجوز أن تكون غير هنا استثناء( فاطر السموات ) يقرأ بالجر وهو المشهور ، وجره على البدل من اسم الله ، وقرئ شاذا بالنصب وهو بدل من ولى ، والمعنى
على هذا : أجعل فاطر السموات والارض غير الله ، ويجوز أن يكون صفة لولى ، والتنوين مراد ، وهو على الحكاية : أى فاطر السموات( وهو يطعم ) بضم الياء وكسر العين( ولايطعم ) بضم الياء وفتح العين وهو المشهور ، ويقرأ" ولايطعم " بفتح الياء والعين ، والمعنى على القراءتين يرجع إلى الله ، وقرئ في الشاذ" وهو يطعم " يفتح الياء والعين ، ولايطعم بضم الياء وكسر العين ، وهذا يرجع إلى الولى الذى هو غير الله( من أسلم ) أى أول فريق أسلم( ولاتكونن ) أى وقيل لى لاتكونن ، ولو كان معطوفا على ماقبله لقال وأن لاأوكون قوله تعالى :( من يصرف عنه ) يقرأ بضم الياء وفتح الراء على مالم يسم فاعله ، وفى القائم مقام الفاعل وجهان : أحدهما :( يومئذ ) أى من يصرف عنه عذاب يومئذ فحذف المضاف ، ويومئذ مبنى على الفتح والثانى : أن يكون مضمرا في يصرف يرجع إلى العذاب فيكون يومئذ ظرفا ليصرف أو للعذاب أو حالا من الضمير ، ويقرأ بفتح الياء وكسر الراء على تسمية الفاعل : أى من يصرف الله عنه العذاب ، فمن على هذا مبتدأ ، والعائد عليه الهاء في عنه ، وفى( رحمه ) والمفعول محذوف وهو العذاب ، ويجوز أن يكون المفعول يومئذ : أى عذاب يومئذ ، ويجوز أن تجعل" من " في موضع نصب بفعل محذوف تقديره : من يكرم يصرف الله عنه العذاب ، فجعلت يصرف تفسيرا للمحذوف ، ومثله" فإياى فارهبون " ويجوز أن ينصب من يصرف ، وتجعل الهاء في عنه للعذاب : أى أى إنسان يصرف الله عنه العذاب فقد رحمه ، فأما" من " على القراءة الاولى فليس فيها إلا الرفع على الابتداء ، والهاء في عنه يجوز أن ترجع على" من " وأن ترجع على العذاب قوله تعالى :( فلا كاشف له ) له خبر كاشف( إلا هو ) بدل من موضع لاكاشف ، أو من الضمير في الظرف ، ولايجوز أن يكون مرفوعا بكاشف ، ولابدلا من الضمير فيه ؛ لانك في الحالتين اسم" لا " ومتى أعملته ظاهرا نونته قوله تعالى :( وهو القاهر فوق عباده ) هو مبتدأ ، والقاهر خبره ، وفى فوق وجهان : أحدهما : هو أنه في موضع نصب على الحال من الضمير في القاهر : أى وهو القاهر مستعليا أو غالبا والثانى : هو في موضع رفع على أنه بدل من القاهر أو خبر ثان ، قوله تعالى :( أى شئ ) مبتدأ و( أكبر ) خبره ،( شهادة ) تمييز ، وأى بعض ماتضاف إليه ، فإذا كانت استفهاما اقتضى الظاهر أن يكون جوابها مسمى باسم ماأضيف إليه : أى وهذا يوجب أن يسمى الله شيئا ، فعلى هذا يكون قوله :( قل الله )
جوابا والله مبتدأ والخبر محذوف : أى أكبر شهادة ، وقوله :( شهيد ) خبر مبتدإ محذوف ، ويجوز أن يكون الله مبتدأ وشهيد خبره ، ودلت هذه الجملة على جواب أى من طريق المعنى ، و( بينكم ) تكرير للتأكيد ، والاصل شهيد بيننا ، ولك أن تجعل بين ظرفا يعمل فيه شهيد ، وأن تجعله صفة لشهيد فيتعلق بمحذوف( ومن بلغ ) في موضع نصب عطفا على المفعول في أنذركم وهو بمعنى الذى ، والعائد محذوف ، والفاعل ضمير القرآن : أى وأنذر من بلغه القرآن( قل إنما هو إله واحد ) في ماوجهان : أحدهما : هى كافة ؛ لان عن العمل فعلى هذا هو مبتدأ وإله خبره ، وواحد صفة مبينة وقد ذكر مشروحا في البقرة والثانى : أنها بمعنى الذى في موضع نصب بأن وهو مبتدأ وإله خبره ، والجملة صلة الذى ، وواحد خبر إن وهذا أليق بما قبله قوله تعالى :( الذين آتيناهم الكتاب ) في موضع رفع بالابتداء ، و( يعرفونه ) الخبر والهاء ضمير الكتاب ، وقيل : ضمير النبى صلى الله عليه وسلم( الذين خسروا أنفسهم ) مثل الاولى قوله تعالى :( ويوم نحشرهم ) هو مفعول به ، والتقدير : واذكر يوم نحشرهم و( جميعا ) حال من ضمير المفعول ومفعولا( تزعمون ) محذوفان : أى تزعمونهم شركاءكم ، ودل على المحذوف ماتقدم .
قوله تعالى :( ثم لم تكن ) يقرأ بالتاء ، ورفع الفتنة على أنها اسم كان ، و( أن قالوا ) الخبر ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالياء ؛ لان تأنيث الفتنة غير حقيقى ، ولان الفتنة هنا بمعنى القول ، ويقرأ بالياء ، ونصب الفتنة على أن اسم كان أن قالوا وفتنتهم الخبر ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتاء على معنى أن قالوا ؛ لان أن قالوا بمعنى القول والمقالة والفتنة( ربنا ) يقرأ بالجر صفة لاسم الله ، وبالنصب على النداء أو على إضمار أعنى وهو معترض بين القسم والمقسم عليه ، والجواب( ماكنا ) قوله تعالى :( من يستمع ) وحد الضمير في الفعل حملا على لفظ" من " وماجاء منه على لفظ الجمع ، فعلى معنى" من " نحو :" من يستمعون " و" من يغوصون له " ( أن يفقهوه ) مفعول من أجله : أى كراهة أن يفقهوه ، و( وقرا ) معطوف على أكنة ، ولايعد الفصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف فصلا ؛ لان الظرف أحد المفاعيل ، فيجوز تقديمه وتأخيره ، ووحد الوقر هنا ؛ لانه مصدر ، وقد استوفى القول فيه في أول البقرة( حتى إذا ) إذا في موضع نصب بجوابها ، وهو يقول :
وليس لحتى هنا عمل وإنما أفادت معنى الغاية كما لاتعمل في الجمل ، و( يجادلونك ) حال من ضمير الفاعل في جاءوك ، والاساطير جمع واختلف في واحده ، فقيل هو أسطورة ، وقيل واحدها إسطار ، والاسطار جمع سطر بتحريك الطاء ، فيكون أساطير جمع الجمع ، فأما سطر بسكون الطاء فجمعه سطور وأسطر قوله تعالى :( وينأون ) يقرأ بسكون النون ، وتحقيق الهمزة وبإلقاء حركة الهمزة على النون وحذفها فيصير اللفظ بها ينون بفتح النون وواو ساكنة بعدها ، و( أنفسهم ) مفعول يهلكون قوله تعالى :( ولو ترى ) جواب" لو " محذوف تقديره : لشاهدت أمرا عظيما ووقف متعد ، وأوقف لغة ضعيفة ، والقرآن جاء بحذف الالف ، ومنه وقفوا فبناؤه لما لم يسم فاعله ومنه وقفوهم( ولانكذب ، ونكون ) يقرآن بالرفع وفيه وجهان : أحدهما : هو معطوف على نرد ، فيكون عدم التكذيب والكون من المؤمنين متمنين أيضا كالرد ، والثانى : أن يكون خبر مبتدإ محذوف : أى ونحن لانكذب ، وفى المعنى وجهان : أحدهما : أنه متمنى أيضا، فيكون في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد والثانى : أن يكون المعنى أنهم ضمنوا أن لايكذبوا بعد الرد ، فلا يكون للجملة موضع ويقرآن بالنصب على أنه جواب التمنى ، فلا يكون داخلا في التمنى ، والواو في هذا كالفاء ومن القراء من رفع الاول ونصب الثانى ، ومنهم من عكس ، ووجه كل واحدة منهما على ماتقدم قوله تعالى :( إن هى إلا ) هى كناية عن الحياة ، ويجوز أن يكون ضمير القصة قوله تعالى :( وقفوا على ربهم ) أى على سؤال ربهم ، أو على ملك ربهم قوله تعالى :( بغتة ) مصدر في موضع الحال : أى باغتة ، وقيل : هو مصدر لفعل محذوف ، أى تبغتهم بغتة وقيل : هو مصدر بجاءتهم من غير لفظه( ياحسرتنا ) نداء الحسرة والويل على المجاز ، والتقدير : ياحسرة احضرى فهذا أوانك ، والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة ، و( على ) متعلقة بالحسرة ، والضمير في( فيها ) يعود على الساعة ، والتقدير : في عمل الساعة ، وقيل : يعود على الاعمال ، ولم يجر لها صريح ذكر ، ولكن في الكلام دليل عليها( ألا ساء مايزرون ) ساء بمعنى بئس ، وقد تقدم إعرابه في مواضع ويجوز أن تكون ساء على بابها ويكون المفعول محذوفا ، ومامصدرية أو بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، وهى في كل ذلك فاعل ساء ، والتقدير : ألا ساءهم وزرهم .
قوله تعالى :( وللدار الآخرة ) يقرأ بالالف واللام ، ورفع الآخرة على الصفة والخبر( خير ) ويقرأ" ولدار الآخرة " على الاضافة : إى دار الساعة الآخرة ، وليست الدار مضافة إلى صفتها ؛ لان الصفة هى الموصوف في المعنى ، والشئ لايضاف إلى نفسه ، وقد أجازه الكوفيون .
قوله تعالى :( قد نعلم ) أى قد علمنا ، فالمستقبل بمعنى الماضى( لايكذبونك ) يقرأ بالتشديد على معنى لاينسبونك إلى الكذب ، أى قبل : دعواك النبوة ، بل كانوا يعرفونه بالامانة والصدق ، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان : أحدهما : هو في معنى المشدد ، يقال أكذبته وكذبته إذا نسبته إلى الكذب والثانى : لايجدونك كذبا يقال : أكذبته إذا أصبته ، كذلك كقولك : أحمدته إذا أصبته محمودا( بآيات الله ) الباء تتعلق ب( يجحدون ) وقيل : تتعلق بالظالمين كقوله تعالى :" وآيتنا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها " قوله تعالى :( من قبلك ) لايجوز أن يكون صفة لرسل ؛ لانه زمان ، والجثة لاتوصف بالزمان وإنما هى متعلقة بكذبت( وأوذوا ) يجوز أن يكون معطوفا على كذبوا ، فتكون( حتى ) متعلقة بصبروا ، ويجوز أن يكون الوقف تم على كذبوا ، ثم أستأنف فقال : وأوذوا ، فتتعلق حتى به ، والاول أقوى( ولقد جاءك ) فاعل جاءك مضمر فيه ، قيل : المضمر المجئ ، وقيل المضمر النبأء ، ودل عليه ذكر الرسل ؛ لان من ضرورة الرسل الرسالة وهى نبأء ، وعلى كلا الوجهين يكون( من نبإ المرسلين ) حالا من ضمير الفاعل ، والتقدير : من جنس نبأ المرسلين ، وأجاز الاخفش أن تكون من زائدة والفاعل نبأ المرسلين وسيبويه لايجيز زيادتها في الواجب ، ولايجوز عند الجميع أن تكون من صفة لمحذوف ؛ لان الفاعل لايحذف ، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصح أن يكون فاعلا ؛ لان حرف الجر يعدى ، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معد ، ونبأ المرسلين بمعنى إنبائهم ، ويدل على ذلك قوله تعالى :" نقص عليك من أنباء الرسل " قوله تعالى :( وإن كان كبر عليك ) جواب إن هذه( فإن استطعت ) فالشرط الثانى جواب الاول وجواب الشرط الثانى محذوف تقديره : فافعل ، وحذف لظهور معناه وطول الكلام( في الارض ) صفة لنفق ، ويجوز أن يتعلق بتبتغى ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل : أى وأنت في الارض ، ومثله( في السماء ) .
قوله تعالى :( والموتى يبعثهم الله ) في الموتى وجهان : أحدهما : هو في ؟ ؟ موضع نصب بفعل محذوف : أى ويبعث الله الموتى ، وهذا أقوى ؛ لانه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل والثانى : أن يكون مبتدأ ومابعده الخبر ويستجيب بمعنى يجيب قوله تعالى :( من ربه ) يجوز أن يكون صفة لآية ، وأن يتعلق بنزل قوله تعالى :( في الارض ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة لدابة ، وفى موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع ؛ لان من زائدة( ولاطائر ) معطوف على لفظ دابة وقرئ بالرفع على الموضع( بجناحيه ) يجور أن تتعلق الباء بيطير ، وأن تكون حالا وهو توكيد ، وفيه رفع مجاز ؛ لان غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع( من شئ ) " من " زائدة" وشئ " هنا واقع موقع المصدر : أى تفريطا ، وعلى هذا التأويل لايبقى في الآية حجة لمن ظن أن الكتاب يحتوى على ذكر كل شئ صريحا ونظير ذلك" لايضركم كيدهم شيئا " : أى ضررا ، وقد ذكرنا له نظائر ، ولايجوز أن يكون شيئا مفعولا به ؛ لان فرطنا لاتتعدى بنفسها بل بحرف الجر ، وقد عديت بفى إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف اخر ، ولايصح أن يكون المعنى ماتركنا في الكتاب من شئ ؛ لان المعنى على خلافه ، فبان أن التأويل ماذكرنا قوله تعالى :( والذين كذبوا ) مبتدأ ، و( صم بكم ) الخبر مثل حلو حامض والواو لاتمنع ذلك ، ويجوز أن يكون صم خبر مبتدأ : محذوف تقديره : بعضهم صم وبعضهم بكم( في الظلمات ) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من الضمير المقدر في الخبر ، والتقدير : أى هم في الظلمات ، ويجوز أن يكون في الظلمات خبر مبتدإ محذوف : أى هم في الظلمات ، ويجوز أن يكون صفة لبكم : أى كائنون في الظلمات ، ويجوز أن يكون ظرفا لصم أو بكم أو لما ينوب عنهما من الفعل( من يشإ الله ) من في موضع مبتدإ ، والجواب الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف ؛ لان التقدير : من يشإ الله إضلاله أو عذابه ، فالمنصوب بيشأ من سبب" من " فيكون التقدير : من يعذب أو من يضلل ومثله مابعده قوله تعالى :( قل أرأيتكم ) يقرأ بإلقاء حركة الهمزة على اللام فتنفتح اللام وتحذف الهمزة ، وهو قياس مطرد في القرآن وغيره ، والغرض منه التخفيف ويقرأ بالتحقيق وهو الاصل ، وأما الهمزة التى بعد الراء فتحقق على الاصل ، وتلين للتخفيف وتحذف ، وطريق ذلك أن تقلب ياء وتسكن ، ثم تحذف لالتقاء الساكنين
قرب ذلك فيها حذفها في مستقبل هذا الفعل ، فأما التاء فضمير الفاعل فإذا اتصلت بها الكاف التى للخطاب كانت بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث ، وتختلف هذه المعانى على الكاف فتقول في الواحد أرأيتك ، ومنه قوله تعالى :" أرأيتك هذا الذى كرمت على " وفى التثنية أرأيتكما ، وفى الجمع المذكر أرأيتكم ، وفى المؤنث أرأيتكن والتاء في جميع ذلك مفتوحة ، والكاف حرف للخطاب وليست اسما ، والدليل على ذلك أنها لو كانت اسما لكانت إما مجرورة وهو باطل إذ لاجار هنا ، أو مرفوعة ، وهو باطل أيضا لامرين : أحدهما : أن الكاف ليست من ضمائر المرفوع والثانى : أنه لارافع لها ، إذ ليست فاعلا ؛ لان التاء فاعل ، ولايكون لفعل واحد فاعلان ، وإما أن تكون منصوبة ، وذلك باطل لثلاثة أوجه : أحدها : أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين كقولك : أرأيت زيدا مافعل ، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا ، والثانى : أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى ، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك ، ولذلك قلت أرأيتك زيدا ، وزيد غير المخاطب ، ولاهو بدل منه ، والثالث : أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء ، فكنت تقول : أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن وقد ذهب الفراء إلى أن الكاف اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع ، وفيما ذكرناه إبطال لمذهبه فأما مفعول أرأيتكم في هذه الآية ، فقال قوم هو محذوف دل الكلام عليه تقديره : أرأيتكم عبادتكم الاصنام هل تنفعكم عند مجئ الساعة ، ودل عليه قوله :" أغير الله تدعون " وقال آخرون : لايحتاج هذا إلى مفعول ؛ لان الشرط وجوابه قد حصل معنى المفعول ، وأما جواب الشرط الذى هو قوله :( إن أتاكم عذاب الله ) فما دل عليه الاستفهام في قوله :( أغير الله ) تقديره : إن أتتكم الساعة دعوتم الله ، وغير منصوب ب( تدعون ) .
قوله تعالى :( بل إياه ) هو مفعول( تدعون ) الذى بعده( إليه ) يجوز أن يتعلق بتدعون ، وأن يتعلق بيكشف : أى يرفعه إليه ، و" ما " بمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة ، وليست مصدرية إلا أن تجعلها مصدرا بمعنى المفعول قوله تعالى :( بالبأساء والضراء ) فعلاء فيهما مؤنث لم يستعمل منه مذكر لم يقولوا بأس وبأساء وضر وضراء كما قالوا أحمر وحمراء قوله تعالى :( فلولا إذ ) " إذ " في موضع نصب ظرف ل( تضرعوا ) أى فلولا تضرعوا إذ( ولكن ) استدراك على المعنى : أى ماتضرعوا ولكن .