الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)19%

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 409

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201484 / تحميل: 8423
الحجم الحجم الحجم
الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

جده الإمام الصادقعليه‌السلام على قول أكثر العلماء والمؤرخين مثل:

المفيد في الإرشاد، والشبراوي في الإتحاف بحب الأشراف، والكليني في الكافي، والكفعمي في المصباح، والشهيد في الدروس، والطبرسي في إعلام الورى، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين، والصدوق في علل الشرايع، وتاج الدين محمد بن زهرة في غاية الاختصار، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، والأردبيلي في جامع الرواة، والمسعودي في مروج الذهب، وإن كان في كلامه اضطراب، وأبو الفداء في تاريخه، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب، وابن الأثير في كامله، وابن حجر في صواعقه، والشبلنجي في نور الأبصار، والبغدادي في سبائك الذهب، وابن الجوزي في تذكرة الخواص، وابن الوردي في تاريخه، ونقل عن تاريخ الغفاري، والنوبختي. وكان عتاب بن أسد يقول: إنه سمع جماعة من أهل المدينة يقولون ذلك، وغير هؤلاء كثير.

وذهب آخرون ـ وهم الأقل ـ إلى أن ولادتهعليه‌السلام ، كانت سنة ١٥٣ ه‍. منهم: الإربلي في كشف الغمة، وابن شهر آشوب في المناقب، والصدوق في عيون الأخبار، وإن كان في كلامه اضطراب، والمسعودي في إثبات الوصية، وابن خلكان في وفيات الأعيان، وابن عبد الوهاب في عيون المعجزات، واليافعي في مرآة الجنان..

وقيل: إن ولادته كانت سنة ١٥١ ه‍.

والقول الأول هو الأقوى والأشهر. ولم يذهب إلى القولين الأخيرين إلا قلة..

وتوفيعليه‌السلام في طوس سنة ٢٠٣ ه‍. على قول معظم العلماء، والمؤرخين، والشاذ النادر لا يلتفت إليه..

١٢١

وبعد:

فأما علمه، وورعه وتقواه:

فذلك مما اتفق عليه المؤرخون أجمع، يعلم ذلك بأدنى مراجعة للكتب التاريخية، ويكفي هنا أن نذكر أن نفس المأمون قد اعترف بذلك، أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة. بل في كلامه: أن الرضاعليه‌السلام أعلم أهل الأرض، وأعبدهم. ولقد قال لرجاء بن أبي الضحاك: (.. بلى يا ابن أبي الضحاك، هذا خير أهل الأرض، وأعلمهم، وأعبدهم)(١) .

وقد قال أيضاً للعباسيين، عندما جمعهم، في سنة ٢٠٠ ه‍. وهم أكثر من ثلاثة وثلاثين ألفاً(٢) :

(إنه نظر في ولد العباس، وولد علي رضي الله عنهم، فلم يجد أحداً أفضل، ولا أورع، ولا أدين، ولا أصلح. ولا أحق بهذا الأمر من علي بن موسى الرضا(٣) .

____________

(١) راجع: البحار ج ٤٩ ص ٩٥، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٣، وغير ذلك.

(٢) مروج الذهب ج ٣ ص ٤٤٠، والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ١٦٦، وغاية المرام للعمري الموصلي ص ١٢١، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة ج ١ ص ٢١٢، والطبري، طبع ليدن ج ١١ ص ١٠٠٠، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٣٣، وغير ذلك.

وورد ذلك أيضاً في رسالة الحسن بن سهل، لعيسى بن أبي خالد، فراجع: الطبري ج ١١ ص ١٠١٢، وتجارب الأمم ج ٦ المطبوع مع العيون والحدائق ص ٤٣٠.

هذا.. ولكن في تاريخ التمدن الإسلامي، ج ١ ص ١٧٦ ويؤيده ما في وفيات الأعيان لابن خلكان، طبع سنة ١٣١٠ ج ١ ص ٣٢١، ويساعد عليه الاعتبار أيضاً: أن الذين أحصوا آنئذٍ هم: العباسيون خاصة المأمون، دون غيرهم من سائر بني العباس.

(٣) راجع: مروج الذهب ج ٣ ص ٤٤١، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٨٣، والفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٧، والطبري، طبع ليدن ج ١١ ص ١٠١٣، ومختصر تاريخ الدول ص ١٣٤، وتجارب الأمم ج ٦ ص ٤٣٦.

وفي مرآة الجنان ج ٢ ص ١١، قال: إنه لم يجد في وقته أفضل، ولا أحق بالخلافة، من علي بن موسى الرضا. ونحو ذلك ما في البداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٤٧، وينابيع المودة للحنفي ص ٣٨٥، ونظرية الإمامة ص ٣٨٦ ووفيات الأعيان طبع سنة ١٣١٠ ه‍. ج ١ ص ٣٢١، وإمبراطورية العرب، وغير ذلك.

١٢٢

قال عبد الله بن المبارك:

هـذا عـلي والـهدى يـقوده

من خير فتيان قريش عوده(١)

ولوضوح هذا الأمر نكتفي هنا بهذا المقدار، وننتقل إلى الحديث عن أمور هامة أخرى، وما يهمنا في المقام إعطاء لمحة “ريعة عن مكانته، وشخصيتهعليه‌السلام ، فنقول:

وأما مركزه وشخصيتهعليه‌السلام :

فهو من الأمور البديهية، التي لا يكاد يجهلها أحد، وقد ساعده سوء الأحوال بين الأمين والمأمون على القيام بأعباء الرسالة، وعلى زيادة جهوده، ومضاعفة نشاطاته، حيث قد فسح المجال لشيعته للاتصال به، والاستفادة من توجيهاته، مما أدى بالتالي ـ مع ما كان يتمتع بهعليه‌السلام من مزايا فريدة، وما كان ينتهجه من سلوك مثالي ـ إلى تحكيم مركزه، وبسط نفوذه في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية، يقول الصولي:

ألا إن خير الناس نفساً ووالداً

ورهطاً وأجداداً علي المعظم

أتـينا بـه للحلم والعلم ثامناً

إماماً يؤدي حجة الله يكتم(٢)

بل لقد قال هو نفسهعليه‌السلام مرة للمأمون. وهو يتحدث عن ولاية

____________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٣٦٢.

(٢) نفس المصدر ج ٤ ص ٣٣٢، وهي في مقتبس الأثر ج ٢٢، ص ٣٢٨، لكنه لم يذكر قائلها..

١٢٣

العهد: (.. وما زادني هذا الأمر، الذي دخلت فيه في النعمة عندي شيئاً، ولقد كنت في المدينة، وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري، وأمر في سكك المدينة، وما بها أعز مني)(١) .

ويكفي أن نذكر هنا قول ابن مؤنس ـ عدو الإمامعليه‌السلام ، وقد أسرعليه‌السلام للمأمون بشيء، قال ابن مؤنس: (.. يا أمير المؤمنين، هذا الذي بجنبك والله صنم يعبد دون الله)(٢) .

وفي الكتاب الذي طلب المأمون فيه من الرضا أن يجمع له أصول الدين، وفروعه، قال المأمون: إن الإمام: (حجة الله على خلقه، ومعدن العلم، ومفترض الطاعة)(٣) . كما أن المأمون كان يعبر عن الرضاعليه‌السلام ب‍: (أخيه)، ويخاطبه بـ‍ (يا سيدي).

وكتب للعباسيين يصف الرضا، ويقول: (.. وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى، بعد استحقاق منه لها في نفسه، واختيار مني له.. إلى أن قال: وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن، فما بايع له إلا مستبصراً في أمره، عالما بأنه لم يبق على ظهرها أبين فضلاً، ولا أظهر عفة، ولا أورع ورعا، ولا أزهد زهداً في الدنيا، ولا أطلق نفساً، ولا أرضى في الخاصة والعامة، ولا أشد في ذات الله منه)(٤) .

وفي كل ما قدمناه دلالة واضحة على سجايا الإمام، ومركزه، وشخصيته. وكما يقولون: (والفضل ما شهدت به الأعداء).

____________

(١) البحار ج ٤٩ ص ١٥٥، و ص ١٤٤، والكافي ج ٨ ص ١٥١، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٧.

(٢) البحار ج ٤٩ ص ١٦٦، وأعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١٣٨، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦١، ومسند الإمام الرضا ج ١ ص ٨٦.

(٣) نظرية الإمامة ص ٣٨٨.

(٤) الرسالة مذكورة في أواخر هذا الكتاب.

١٢٤

ومما يدل على مكانته وهيبته ما ورد في رواية أخرى، يقول فيها المتحدث: (.. دخلنا - أي هو والرضاعليه‌السلام - على المأمون، فإذا المجلس غاص بأهله، ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين، والقواد حضور. فلما دخلنا قام المأمون، وقام محمد بن جعفر، وجميع بني هاشم، فما زالوا وقوفا والرضا جالس مع المأمون، حتى أمرهم بالجلوس، فجلسوا، فلم يزل المأمون مقبلا عليه ساعة الخ)(١) .

وأما ما جرى في نيسابور:

فلا يكاد يخلو منه كتاب يتعرض لأحوال الرضاعليه‌السلام ، ومسيره إلى مرو، فإنه عندما دخل نيسابور تعرض له الحافظان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي، ومعهما من طلبة العلم ما لا يحصى، وتضرعوا إليه أن يريهم وجهه، فأقر عيون الخلائق بطلعته، والناس على طبقاتهم قيام كلهم. وكانوا بين صارخ، وباك، وممزق ثوبه، ومتمرغ في التراب، ومقبل لحافر بغلته، ومطول عنقه إلى مظلة المهد، إلى أن انتصف النهار، وجرت الدموع كالأنهار، وصاحت الأئمة: (معاشر الناس، أنصتوا، وعوا، ولا تؤذوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عترته) فأملى صلوات الله عليه، عليهم، بعد أن ذكر السلسلة الذهبية الشهيرة السند، قوله:((لا إله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي)) .

فلما مرت الراحلة أخرج رأسه مرة ثانية إليهم، وقال:((بشروطها، وأنا من شروطها)) .

____________

(١) مسند الإمام الرضا ج ٢ ص ٧٦، والبحار ج ٤٩ ص ١٧٥، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٥٦.

١٢٥

فعد أهل المحابر والدوى، فأنافوا على العشرين ألفاً. كذلك وصف المؤرخون هذه الحادثة الشهيرة(١) .. ولسوف نتحدث عن هذه القضية بالتفصيل في فصل: (خطة الإمام) إن شاء الله تعالى.

وعن إسناد هذه الرواية، الذي أورده الإمامعليه‌السلام ، يقول الإمام أحمد بن حنبل: (لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته). على ما في الصواعق المحرقة، ونزهة المجالس(٢) وغير ذلك.

ونقل أن بعض أمراء السامانية بلغه هذا الحديث بسنده، فكتبه بالذهب، وأوصى أن يدفن معه.

____________

(١) نقله في مجلة مدينة العلم، السنة الأولى ص ٤١٥ عن صاحب تاريخ نيسابور، وعن المناوي في شرح الجامع الصغير، وهي أيضاً في الصواعق المحرقة ص ١٢٢، وحلية الأولياء ٣ ص ١٩٢، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٣٥، وأمالي الصدوق ص ٢٠٨، وينابيع المودة ص ٣٦٤، و ص ٣٨٥، وقد ذكر قوله عليه‌السلام: ((وأنا من شروطها))، في الموضع الثاني فقط. والبحار ج ٤٩ ص ١٢٣، ١٢٦، ١٢٧، والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٢٤٠، ونور الأبصار ص ١٤١، ونقلها في مسند الإمام الرضا ج ١ ص ٤٣، ٤٤، عن التوحيد ومعاني الأخبار وكشف الغمة ج ٣ ص ٩٨. وهي موجودة في مراجع كثيرة أخرى. لكن يلاحظ أن بعض هؤلاء قد حذف قوله عليه‌السلام: ((بشروطها، وأنا من شروطها)) ولا يخفى السبب في ذلك.

(٢) وفيه في ج ١ ص ٢٢، قال: (إنه - أي الإمام أحمد - قرأها على مصروع فأفاق».

١٢٦

وها نحن أمام نصوص أخرى:

وكذلك نرى هيبة الإمامعليه‌السلام وقوة شخصيته، في موقفه مع الفضل ابن سهل ـ أعظم رجل في البلاط العباسي ـ وذلك عندما طلب منه الفضل كتاب الضمان، والأمان، حيث أوقفه ساعة، ثم رفع رأسه إليه، وسأله عن حاجته، فقال: (يا سيدي. إلى أن قال الراوي: ثم أمره بقراءة الكتاب ـ وكان كتاباً في أكبر جلد ـ فلم يزل قائماً حتى قرأه! الخ)(١) .

ثم رأينا المأمون عندما قتل الفضل بن سهل ذا الرئاستين، وشغب عليه القواد والجند، ومن كان من رجال ذي الرئاستين، وقد جاؤا بالنيران ليحرقوا الباب عليه، ليصلوا إليه ـ قد رأينا ـ كيف هرع إلى الإمام، يطلب منه أن يتدخل لإنقاذه، فخرجعليه‌السلام إليهم، وأمرهم بالتفرق، فتفرقوا.. يقول ياسر الخادم: (فأقبل الناس والله، يقع بعضهم على بعض، وما أشار لأحد إلا ركض، ومر، ولم يقف)(٢) . ونجا المأمون بذلك بجلده، واحتفظ بحياته.

وفي كتاب العهد الذي كتبه المأمون بخط يده ـ كما صرح به كل من تعرض له ـ فقرات تدل على سجايا الإمام، وعلى مركزه، وشخصيته، يقول المأمون عنه: (.. لما رأى من فضله البارع، وعلمه الناصع، وورعه الظاهر، وزهده الخالص، وتخليه من الدنيا، وتسلمه من الناس.

وقد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطية، والألسن عليه متفقة، والكلمة فيه جامعة، ولما لم يزل يعرفه به من الفضل يافعاً، وناشياً، وحدثاً، ومكتهلاً الخ..) وكتاب العهد مذكور في أواخر هذا الكتاب..

____________

(١) أعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١٣٩، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٢، ١٦٣ والبحار ج ٤٩ ص ١٦٨، ومسند الإمام الرضا ج ١ ص ٨٨.

(٢) المناقب ج ٤ ص ٣٤٧، وروضة الواعظين ج ١ ص ٢٧٣، وكشف الغمة ج ٣ ص ٧٠، والكافي ج ١ ص ٤٩٠، ٤٩١، وإعلام الورى ص ٣٢٤، وأعيان الشيعة ج ٤. قسم ٢ ص ١١٠، ١٤٠، طبعة ثالثة، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٤، وإرشاد المفيد ص ٣١٤، والبحار ج ٤٩ ص ١٦٩، ومعادن الحكمة ص ١٨٣، وشرح ميمية أبي فراس ص ١٩٨، ١٩٩.

١٢٧

وفي نهاية المطاف:

فإن الإمامعليه‌السلام هو أحد العشرة، الذين هم على حد تعبير الجاحظ: (كل واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاك، والذين هم بين خليفة، أو مرشح لها)(١) .

وهو على ما في النجوم الزاهرة: (سيد بني هاشم في زمانه، وأجلهم، وكان المأمون يعظمه، ويجله، ويخضع له، ويتفانى فيه)(٢) .

ومثله ما عن سنن ابن ماجة، على في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص ٢٧٨.

وقال عنهعليه‌السلام عارف تامر: (يعتبر من الأئمة الذين لعبوا دوراً كبيراً على مسرح الأحداث الإسلامية في عصره)(٣) .

وأخيراً.. فقد وصفه أبو الصلت، ورجاء بن أبي الضحاك، وإبراهيم ابن العباس، وغيرهم، وغيرهم. بما لو أردنا نقله لطال بنا الكلام. وحسبنا ما ذكرنا، فإننا إذا أردنا أن نلم بما قيل في حق الإمامعليه‌السلام لاحتجنا إلى تأليف خاص، ووقت طويل..

من هو المأمون؟

لمحات:

هو عبد الله بن هارون الرشيد.

أبوه: خامس خلفاء بني العباس.. وهو سابعهم، بعد أخيه الأمين.

أمه: جارية خراسانية، اسمها: (مراجل). وقد ماتت بعد ولادتها إياه، وهي ما تزال نفساء. فنشأ يتيم الأم.

____________

(١) آثار الجاحظ ص ٢٣٥.

(٢) النجوم الزاهرة ج ٢ ص ٧٤.

(٣) الإمامة في الإسلام ص ١٢٥.

١٢٨

وقد كانت أمه ـ كما يقول المؤرخون ـ أشوه، وأقذر جارية في مطبخ الرشيد.

وذلك هو الذي يجعلنا نصدق القصة التي تقال عن السبب في حملها به(١) .

دفعه أبوه إلى جعفر بن يحيى البرمكي، فنشأ في حجره، كانت ولادته في سنة ١٧٠ ه‍. في نفس الليلة التي تولى فيها أبوه الخلافة.

وكانت وفاته سنة ٢١٨ ه‍.

وكان مربيه الفضل بن سهل، ثم أصبح وزيره، وهو المعروف بذي الرئاستين.

وكان قائده: طاهر بن الحسين ذو اليمينين..

ميزات وخصائص:

وقد كانت حياته حياة جد ونشاط، وتقشف، على العكس من أخيه الأمين، الذي نشأ في كنف (زبيدة)، وما أدراك ما (زبيدة)، فقد كانت حياته حياة نعمة وترف، يميل إلى اللعب والبطالة، أكثر منه إلى الجد والحزم. يظهر ذلك لكل من راجع تاريخ حياة الأخوين..

ولعل سر ذلك يعود إلى أن المأمون لم يكن كأخيه، يشعر بأصالة محتده، ولا كان مطمئنا إلى مستقبله، وإلى رضا العباسيين به. بل كان يقطع بعدم رضاهم به خليفة وحاكماً، ولهذا. فقد وجد أنه ليس لديه أي رصيد يعتمد عليه غير نفسه، فشمر عن ساعد الجد، وبدأ يخطط لمستقبله منذ اللحظة الأولى التي أدرك فيها واقعه، والمميزات التي كان يتمتع بها أخوه الأمين عليه..

____________

(١) وتحكى هذه القصة على النحو التالي: أن زبيدة لاعبت الرشيد بالشطرنج على الحكم والرضا، فغلبته، فحكمت عليه أن يطأ أقبح وأقذر وأشوه جارية في المطبخ، فبذل لها خراج مصر والعراق لتعفيه من ذلك، فلم تقبل، ولم تجد جارية تجمع الصفات المذكورة غير مراجل، فطلبت إليه أن يطأها، فجاء المأمون..

راجع حياة الحيوان للدميري ج ١ ص ٧٢، وأعلام الناس في أخبار البرامكة، وبني العباس للاتليدي ص ١٠٦، ١٠٧، وعيون التواريخ. وأشار إليها إشارة واضحة: الإسحاقي في لطائف أخبار الأول ص ٧٤، وكذلك في روض الأخبار المنتخب من ربيع الأبرار ص ١٥٧. ولا ينافي ذلك أن ولد في الليلة التي تولى فيها أبوه الخلافة، فإن أولياء العهد كانوا يتولون أعظم الولايات من قبل الخلفاء، وقد قسم الرشيد الدولة كلها بين أولاده الثلاثة: الأمين، والقاسم، ولم يبق لنفسه شيئاً، وهو على قيد الحياة..

١٢٩

بل نلاحظ: أنه كان يستفيد من أخطاء أخيه الأمين، فإن: (الفضل عندما رأى اشتغال الأمين باللهو واللعب، أشار على المأمون بإظهار الورع والدين، وحسن السيرة، فأظهر المأمون ذلك.. وكان كلما اعتمد الأمين حركة ناقصة اعتمد المأمون حركة شديدة)(١) .

ومن هنا نعرف السر فيما يظهر من رسالته للعباسيين، حيث نصب فيها نفسه واعظا تقيا، وأضفى عليها هالة من التقى والورع!! والزهد في الدنيا!! والالتزام بأحكام الشريعة، وتعاليم الدين!!. ليروه ويراه الناس نوعية أخرى تفضل نوعية أخيه الأمين، وتزيد عليها..

ما يقال عن المأمون:

وعلى كل حال.. فإن المأمون كان قد برع في العلوم والفنون، حتى فاق أقرانه، بل فاق جميع خلفاء بني العباس..

وقد قال بعضهم: (لم يكن في بني العباس أعلم من المأمون)(٢) .

وقال عنه ابن النديم إنه: (أعلم الخلفاء بالفقه والكلام)(٣) .

وقال عنه محمد فريد وجدي: (لم يل الخلافة بعد الخلفاء الراشدين أكفأ منه)(٤) .

وفي الأخبار الطوال: (وكان شهماً، بعيد الهمة، أبي النفس، وكان نجم بني العباس في العلم والحكمة)

____________

(١) الفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٢. ولكن سيأتي أن المأمون هو الذي طلب من الفضل: أن يشيع عنه الزهد والتقوى، وليس الفضل هو المشير عليه بذلك..

(٢) حياة الحيوان للدميري ج ١ ص ٧٢.

(٣) فهرست ابن النديم، طبع مطبعة الاستقامة في القاهرة ص ١٧٤.

(٤) دائرة المعارف الإسلامية ج ١ ص ٦٢٠.

١٣٠

بل لقد روي عن الإمام عليعليه‌السلام ، أنه قال ـ وهو يصف خلفاء بني العباس ـ: (سابعهم أعلمهم)(١) .

وقد وصفه السيوطي وابن تغري بردى، وابن شاكر الكتبي، فقالوا: (وكان أفضل رجال بني العباس: حزماً، وعزماً، وحلماً، وعلماً، ورأياً، ودهاء(٢) وهيبة، وشجاعة، وسؤدداً، وسماحة،

____________

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٢ ص ٢٧٦، وسفينة البحار ج ٢ ص ٣٣٢، مادة: (غيب).

(٢) دهاء المأمون، وحنكته، وسياسته من المسلمات، والأمثلة على ذلك كثيرة، فقد روى لنا ابن عبد ربه في العقد الفريد ج ١ ص ١٢٣، والجهشياري في الوزراء والكتاب ص ٣١١: كيف أنه بين للفضل بن سهل: أن أخاه الأمين كان يستطيع أن ينتصر عليه، لو أنه أرسل إلى أهل البلاد التي يحكمها المأمون يخبرهم: (أنه قد وضع عنهم الخراج إلى سنة. فحينئذ، إن لم يقبل المأمون، قامت البلاد ضده، وإن قبل لم يجد ما يعطي الجند، فيقومون ضده، وفي كلا الحالتين يكون النصر للأمين، لو وقعت بينهما الحرب، فحمد الفضل ربه، على أن لم يهتد الأمين، وأتباعه إلى هذا الرأي. وإن كان في العقد الفريد للملك السعيد، ص ٥٠ ينسب هذا الرأي إلى الشيخ أبي الحسن القطيفي، وأنه أشار به على الأمين، فلم يقبله. وفي المحاسن والمساوي طبع مصر ج ٢ ص ٧٧، ٧٨، نسبة إلى شيخ مسن أشار به على الأمين فلم يقبل منه.

وقد رأينا أيضاً: أنه عندما تسلم زمام الحكم قد طلب من الفضل: أن يشيع عنه الزهد والتقوى والورع، ففعل.. راجع تاريخ التمدن الإسلامي ج ٤ ص ٢٦١.

ورأينا كذلك: أنه يقتل الفضل، ويبكي عليه، ويقتل قتلته، ويقتل الرضا، ثم يبكي عليه. ويقتل طاهرا، ويولي أبناءه مكانه.. ورأينا أيضاً: أنه يولي الرضا العهد، ويوهم العباسيين: أن ذلك كان من تدبير الفضل، ويقتل أخاه، ويوهمهم أن الذنب في ذلك على الفضل وطاهر. إلى آخر ما هنالك، مما سيأتي، وغيره، مما يدل على عمقه، ودهائه، وحنكته، وسياسته.. وأن الفضل وغيره، ما كانوا إلا دمى له، يلهو ويلعب بها، ويحركها كيف شاء، وحيثما أراد..

١٣١

لولا أنه شان ذلك كله. بالقول بخلق القرآن(١) ، ولم يل الخلاقة من بني العباس أعلم منه.)(٢) .

شهادة ذات أهمية:

وقد شهد له أبوه نفسه بالتقدم على أخيه الأمين، قال: (.. وقد عنيت بتصحيح هذا العهد، وتصييره إلى من أرضى سيرته، وأحمد طريقته، وأثق بحسن سياسته، وآمن ضعفه ووهنه، وهو: عبد الله. وبنو هاشم ـ يعني العباسيين ـ مائلون إلى محمد بأهوائهم، وفيه ما فيه من الانقياد لهواه، والتصرف مع طويته، والتبذير لما حوته يده، ومشاركة النساء، والإماء في رأيه، و عبد الله المرضي الطريقة، الأصيل الرأي، الموثوق به في الأمر العظيم، فإن ملت إلى عبد الله، أسخطت بني هاشم، وإن أفردت محمداً بالأمر، لم آمن تخليطه على الرعية..)(٣) .

وقال أيضاً: (إني لأعرف في عبد الله حزم المنصور، ونسك المهدي، وعزة الهادي، ولو شئت أن أنسبه إلى الرابع ـ يعني نفسه ـ لنسبته، وقد قدمت محمداً عليه، وإني لأعلم أنه منقاد لهواه، مبذر

____________

(١) قال القلقشندي في كتابه: مآثر الإنافة في معالم الخلافة ج ١ ص ٢١٣: إنه قد طعن الناس!! على المأمون ثلاثة أشياء: الأول: القول بخلق القرآن!!. الثاني: التشيع. الثالث: بث علوم الفلاسفة بين المسلمين.

فتأمل، بالله عليك بهذه الأمور، التي عدوها من المطاعن، وبعد ذلك: فاضحك، أو فابك على عقول هؤلاء الجهلاء، الذين يسميهم الناس، أو يسمون أنفسهم علماء!!!

والعلم من هؤلاء وأمثالهم بريء..

(٢) تاريخ الخلفاء ص ٣٠٦، وفوات الوفيات ج ١ ص ٢٣٩، والنجوم الزاهرة، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٣٣٤.

(٣) مروج الذهب طبع بيروت ج ٣ ص ٣٥٢، ٣٥٣.

١٣٢

لما حوته يده، يشاركه في رأيه الإماء والنساء، ولولا أم جعفر ـ يعني زبيدة ـ وميل بني هاشم، لقدمت عبد الله عليه..)(١) . يعني في ولاية العهد.

____________

(١) راجع شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ص ٢٤٥، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٠٧، وقريب منه ما في الأخبار الطوال ص ٤٠١، والإتحاف بحب الأشراف ص ٩٦، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٣٣٤.

هذا.. والرشيد هنا يدعي النسك للمهدي مع أن كتب التاريخ زاخرة بأخبار بذخه، ولهوه ولعبه، ويكفي أن نذكر هنا: أنه قد سلم الأمر ليعقوب بن داوود، وانصرف إلى ملذاته وشهواته، حتى قال فيه بشار بن برد أبياته المشهورة:

بـني أمـية هبوا طال نومكم

إن الـخليفة يـعقوب بن داوود

ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا

خـليفة الله بـين الزق والعود

فراجع: الفخري في الآداب السلطانية ص ١٨٤، ١٨٥، وتاريخ التمدن الإسلامي المجلد الأول جزء ٢ ص ٤٠٧، والبداية والنهاية، وأي كتاب تاريخي شئت..

هذا.. ولعل ما ينسب إليه من الزهد والورع إنما كان بلحاظ ما قدمناه: من تسمية أبيه له بـ‍ (المهدي) لكي يكون مهدي الأمة الذي يملأ الأرض قسطا، وعدلا، واخترع أحاديث كثيرة لتأييد مدعاه هذا.

ولكن الحقيقة هي ما قدمناه، من أنه لم يكن يقل في تهتكه واستهتاره عن غيره من الخلفاء، حتى لقد ذكر الطبري في تاريخه، طبع مطبعة الاستقامة ج ٦ ص ٤٠٥، أنه ألبس ابنته (البانوقة) لباس الفتيان، لتمشي في مقدمة الجند والقواد، وقد رفع القباء ثدييها الناهدين، وكانت سمراء، حسنة القد، حلوة، على حد تعبير الطبري. فماذا كان يقصد (المهدي المنتظر)!! من تصرفه هذا!!. فهل كان يريد بذلك أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً؟!!.

ولماذا كان الزاهد الورع!! و (المهدي المنتظر) يعذب الناس بالسنانير والزنابير، ليبتز منهم أموالهم، ويتخذ الاتهام بالزندقة ذريعة للقضاء على خصومه، كما قدمنا، وأيضاً يشرب الخمر، ويسمع الغناء، حتى بلغ في ذلك حدا جعل يعقوب بن داوود يلومه على ذلك، ويقول له: (ما على هذا استوزرتني، ولا على هذا صحبتك الخ..). وفي ذلك يقول بعض الشعراء، يعرض بيعقوب، ويحث المهدي على الاستمرار في ذلك على ما في البداية والنهاية ج ١٠ ص ١٤٨، ١٤٩ ـ يقول في ذلك ـ:

فدع عنك يعقوب بن داوود جانباً

واقبل على صهباء طيبة النشر

وأخيراً.. فإننا لا نعرف أحداً يقول بأن المهدي العباسي، هو المهدي الموعود، إلا سلم الخاسر، فقد نقل ذلك عنه ابن المعتز في طبقات الشعراء ص ١٠٤، ويدل على ذلك قول الخاسر في قصيدة له يمدح بها المهدي العباسي على ما في الأغاني ج ٢١ ص ١٨٧، طبع دار الفكر:

له شيم عند بذل العطاء

لا يعرف الناس مقدارها

و (مـهدي أمتنا) والذي

حـماها وأدرك أوتارها

١٣٣

= والسيد الحميري أيضاً ممن كان قد ظن أنه المهدي حقاً لكن فعاله قد بينت: أنه ليس هو، ولذلك يقول السيد حسبما يروي المرزباني أخبار السيد الحميري (المستدرك) ص ٥٨:

ظـننا أنه (المهدي) حقاً

ولا تقع الأمور كما ظننا

ولا والله، ما المهدي إلا

إماماً فضله أعلى وأسنى

ولا بأس بالإشارة هنا إلى ما ذكروه، من أن سبب تسميته بالخاسر: أنه كان عنده مصحف، فباعه، واشترى بثمنه طنبورا، فبقيت من ثمنه بقية، فاشترى بها خمرا!!..

فبورك من مهدي أتباعه أمثال هذا!! وبوركت أمة تعترف بمهدي له تلكم الصفات!!.

١٣٤

وعلى كل حال،. فإن كل من تعرض من المؤرخين وغيرهم، لشرح حال المأمون، قد شهد له بالتقدم، وبأنه رجل خلفاء بني العباس وواحدهم.

وما يهمنا هنا، هو مجرد الإشارة إلى حال المأمون، وما كان عليه من الدهاء والسياسة، وحسن التدبير. ولسنا هنا في صدد تحقيق أحواله، والإحاطة بكافة شؤونه، فإن ذلك لا يناسب الغرض الذي وضع من أجله هذا الكتاب.

وسيمر معنا في الفصول الآتية المزيد من الكلام عن المأمون وظروفه، مما له نحو ارتباط بالموضوع الذي نحن بصدد تحقيقه من قريب، أو من بعيد، إن شاء الله تعالى..

آمال المأمون وآلامه

العباسيون لا يرضون بالمأمون!

لا يشك المؤرخون بأن المأمون كان أجدر من الأمين، وأحق بالخلافة(١) . بل لقد مر اعتراف الرشيد نفسه بذلك، لكنه اعتذر عن إسناده الأمر للامين: بأن العباسيين، لا يرضون بالمأمون خليفة، وحاكما، رغم سنه وفضله وكياسته، وأنهم يرجحون أخاه الأمين عليه، قال الرشيد، حسبما تقدم: (وبنو هاشم مائلون إلى محمد بأهوائهم، وفيه ما فيه.. إلى أن قال: فإن ملت إلى ابني عبد الله.أسخطت بني هاشم، وإن أفردت محمداً بالأمر، لم آمن تخليطه على الرعية الخ!!) ومر أيضاً قول الرشيد: (.. ولولا أم جعفر، وميل بني هاشم إليه - أي إلى الأمين - لقدمت عبد الله عليه..).

كما أن المأمون نفسه يقول في رسالته للعباسيين، المذكورة في أواخر هذا الكتاب: (.. وأما ما ذكرتم، مما مسكم من الجفاء في ولايتي، فلعمري ما كان ذلك إلا منكم: بمظافرتكم عليه، وممايلتكم إياه - أي الأمين -، فلما قتلته، تفرقتم عباديد، فطوراً أتباعاً لابن أبي خالد، وطوراً أتباعاً لأعرابي، وطوراً أتباعاً لابن شكلة، ثم لكل من سل سيفاً علي. ولولا أن شيمتي العفو، وطبيعتي التجاوز، ما تركت على وجهها منكم أحداً، فكلكم حلال الدم الخ..).

____________

(١) ليس المراد هنا: الجدارة الحقيقية، التي قررها الله، وبينها محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما المراد الجدارة التي يفهمها هؤلاء، واعتاضوا بها عن حكم الله، وسنة نبيه..

١٣٥

سوف يأتي قول الفضل بن سهل للمأمون: (.. وبنو أبيك معادون لك، وأهل بيتك الخ..).

إلى آخر ما هنالك من النصوص الدالة على حقيقة الموقف السلبي للعباسيين ضد المأمون، وتفضيلهم أخاه الأمين عليه.

سؤال قد تصعب الإجابة عليه:

فما هو السر يا ترى؟ في عدم رضا العباسيين بالمأمون؟! ولماذا يفضلون أخاه أمين عليه؟!! مع أنه هو الأليق والأجدر والأحق بالخلافة!!.

إن الإجابة على هذا السؤال ربما تبدو لأول وهلة صعبة، وشاقة. ولكننا لن نستسلم لهذا الشعور، ولسوف نحاول الإجابة عليه، معتمدين على بعض ما بأيدينا من النصوص التاريخية، التي تلقي لنا ضوءاً كاشفاً على حقيقة القضية، وواقع الأمر: فنقول:

الجواب عن السؤال:

لعل سر انحراف العباسيين عن المأمون إلى أخيه الأمين يرجع إلى أن الأمين كان عباسياً، بكل ما لهذه الكلمة من معنى:

فأبوه: هارون..

وأمه: (زبيدة)، حفيدة المنصور، هاشمية(١) ، والتي لو نشرت شعرها، لما تعلقت ـ على ما قيل ـ(٢) إلا بخليفة، أو ولي عهد، والتي كانت أعظم عباسية على الإطلاق.

وكان في حجر الفضل بن يحيى البرمكي، أخي الرشيد من الرضاعة، وأعظم رجل نفوذاً في بلاط الرشيد.

وكان يشرف على مصالحه الفضل بن الربيع، العربي، الذي كان جده من طلقاء عثمان، والذي لم يكن ثمة من شك في ولائه للعباسيين.

____________

(١) وفي الفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٢، ومروج الذهب ج ٣ ص ٣٩٦، والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ١٥٩، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٠٣، وتاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ١٦٢: (أنه لم يتفق لخليفة عباسي أن يكون عباسي الأب والأم، غير الأمين)..

ولا بأس أيضاً بمراجعة: مختصر التاريخ ص ١٣٠، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة ج ١ ص ٢٠٣، وابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص ٢٤٣، وزهر الآداب ج ٢ ص ٩٩٣، طبع دار الجيل.

(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٠٦.

١٣٦

أما المأمون:

فقد كان في حجر جعفر بن يحيى، الذي كان أقل نفوذاً من أخيه الفضل. وكان مؤدبه، والذي يشرف على مصالحه، ذلك الرجل الذي لم يكن العباسيون يرتاحون إليه بشكل خاص، لأنه كان متهما بالميل إلى العلويين. والذي كانت العداوة بينه وبين مربي الأمين، الفضل بن الربيع على أشدها، ذلك الرجل الذي أصبح فيما بعد وزيرا للمأمون، ومدبرا لأموره، وأعني به: (الفضل بن سهل الفارسي)، وقد مل العباسيون الفرس، وخافوهم. ولذا سرعان ما استبدلوهم بالأتراك وغيرهم..

أما أم المأمون. فقد كانت خراسانية غير عربية، وقد ماتت أيام نفاسها به، وحتى لو كانت على قيد الحياة، فإنها ـ وهي أشوه، وأقبح، وأقذر جارية في مطبخ الرشيد ـ لن تستطيع أن تكون مثل زبيدة عظمة، ونفوذا ولو قلنا إن موتها كان في مصلحة المأمون لما عدونا الحقيقة، كيف وقد بلغ من مهانتها ـ في نظر الناس ـ أن كان المأمون يعير بها.

فهذه زينب بنت سليمان. التي كانت عند بني العباس بمنزلة عظيمة، عندما لم يحضر المأمون جنازة ابنها، واكتفى بإرسال أخيه صالح من قبله، تغضب، وتقول لصالح: (قل له: يا بن مراجل، أما لو كان يحيى بن الحسين بن زيد، لوضعت ذيلك على فيك، وعدوت خلف جنازته)(١) .

والرقاشي الشاعر يمدح الأمين، ويعرض بهجاء المأمون، فيقول:

لم تلده أمة تعرف في السوق التجارا

لا ولا حد، ولا خان، ولا في الخزي جارا(٢)

يعرض بالمأمون، وأن أمه كانت أمة تباع، وتشرى في الأسواق. بل إن نفس الأمين قد عير أخاه بأمه، فقال:

وإذا تطاولت الرجال بفضلها

فأربع فإنك لست بالمتطاول

____________

(١) الكامل لابن الأثير، طبع دار الكتاب العربي ج ٥ ص ٢٣٠، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة المجلد الثاني جزء ٤ ص ٤٩٣.

(٢) المعارف لابن قتيبة، طبع سنة ١٣٠٠، والفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٢.

١٣٧

أعطاك ربك ما هويت وإنما

تلقى خلاف هواك عند (مراجل)

تعلو المنابر كل يوم آملا

ما لست من بعدي إليه بواصل(١)

وقد أقذع في هجائه، حين كتب إليه أيام الفتنة بينهما بقوله:

يابن التي بيعت بأبخس قيمة

بين الملأ في السوق هل من زائد

ما فيك موضع غرزة من إبرة

إلا وفيه نطفة من واحد

فأجابه المأمون:

وإنـمـا أمـهات الـناس أوعـية

مـسـتودعات ولـلأمـاء أكـفاء

فـلرب مـعربة لـيست بـمنجبة

وطالما أنجبت في الخدر عجماء(٢)

وأخيراً. فإن خير ما يصور لنا الحالة المعنوية التي كان يعاني منها المأمون، هو قول دعبل مخاطبا له:

إنـي مـن الـقوم الـذين سيوفهم

قـتلت أخـاك، وشـرفتك بـمقعد

شـادوا بـذكرك بـعد طول خموله

واستنقذوك من الحضيض الأوهد(٣)

مركز الأمين هو الأقوى:

وبعد كل ما تقدم. فإن ما لا بد لنا من الإشارة إليه هنا، هو:

____________

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٠٤.

(٢) غاية المرام في محاسن بغداد دار السلام للعمري الموصلي ص ١٢١.

(٣) معاهد التنصيص ج ١ ص ٢٠٢، ووفيات الأعيان، طبع سنة ١٣١٠ ه‍. ج ١ ص ١٧٩، وتاريخ الخلفاء ص ٣٢٤، والشعر والشعراء ص ٥٣٩، ٥٤٠، والغدير ج ٢ ص ٣٧٦، والعقد والفريد، طبع دار الكتاب العربي ج ٢ ص ١٩٦، وتاريخ التمدن الإسلامي، المجلد الثاني جزء ٣ ص ١١٥، وزهر الآداب طبع دار الجيل ج ١ ص ١٣٤، والكنى والألقاب ج ١ ص ٣٣١، وربيع الأبرار ج ١ ص ٧٤٣.

١٣٨

قوة مركز الأمين، بالنسبة إلى أخيه المأمون، حيث قد كان للأمين حزب قوي جداً، وأنصار يستطيع أن يعتمد عليهم، يعملون من أجله، وفي سبيل تأمين السلطة له، وهم: أخواله، والفضل بن يحيى البرمكي، وأكثر البرامكة، إن لم يكن كلهم. وأمه: زبيدة، بل والعرب أيضاً، كما سيأتي.

وإذا ما عرفنا أن هؤلاء هم الذين كانوا يؤثرون على الرشيد كل التأثير، وكان لهم دور كبير في توجيه سياسة الدولة.. فلسوف نرى أنه كان من الطبيعي أن يضعف الرشيد أمام هذه القوة، وينصاع لها.

ومن ثم.. لتؤثر مساعيها أثرها. وتعطي نتيجتها في الوقت المناسب، فيجعل ولاية العهد من بعده لولده الأصغر سنا، وهو الأمين، ويترك الأكبر ـ المأمون ـ ليكون ولي العهد الثاني بعد الأصغر.

ولعل تعصب بني هاشم. وجلالة عيسى بن جعفر قد لعبا دوراً كبيراً في فوز الأمين بالمركز الأول في ولاية عهد أبيه الرشيد(١) . هذا عدا عن الدور الرئيسي. الذي لعبته (زبيدة) في تكريس الأمر لصالح ولدها(٢) .

فيحدثنا المؤرخون: أن عيسى بن جعفر بن المنصور، خال الأمين جاء إلى الفضل بن يحيى، وهو متوجه إلى خراسان على رأس جيش، وقال له: (أنشدك الله، لما عملت بالبيعة لابن أختي، فإنه ولدك، وخلافته لك، وإن أختي زبيدة تسألك ذلك.. فوعده الفضل أن يفعل، وعندما انتصر على الخارجين هناك. بايع هو ومن معه من القواد والجند لمحمد(٣) .

____________

(١) ابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص ٢٤٥، والإتحاف بحب الأشراف ص ٩٦.

(٢) زهر الآداب طبع دار الجيل ج ٢ ص ٥٨١.

(٣) راجع تفصيل ذلك في: الطبري ج ١٠ ص ٦١١، والنجوم الزاهرة ج ٢ ص ٧٦، والكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٨٨، وأشار إلى ذلك أيضاً ابن خلدون في تاريخه ج ٣ ص ٢١٨.

١٣٩

رغم أن المأمون كان أسن من الأمين بستة أشهر، وعلى أقل الأقوال بشهر واحد.

وأصبح الرشيد حينئذٍ أمام الأمر الواقع، حيث إن الذي أقدم على هذا الأمر، هو ذلك الرجل. الذي لا يمكن رد كلمته، والذي له من النفوذ والسلطان، والخدمات الجلى، والأيادي البيضاء عليه، ما لا يمكن له، ولا لأحد غيره أن يجحده أو أن يتجاهله.

ويلاحظ هنا: أن عيسى بن جعفر قد ذكر أن أخته زبيدة، تسأله أن يقدم على هذا الأمر، وزبيدة التي تخطى باحترام كبير عند العباسيين، ولها نفوذ واسع، وتأثير كبير على الرشيد ـ زبيدة هذه ـ يهتم البرامكة جداً بأن تكون معهم، وإلى جانبهم، وذلك ليبقى لهم سلطانهم، ويدوم لهم حكمهم، الذي أشار إليه عيسى بقوله: (فإنه ولدك، وخلافته لك) فإن في هذا القول دليلاً واضحاً للفضل على سلامة وصحة ما يقدم عليه بالنسبة لمصالحه هو، ومصالح البرامكة بشكل عام. وبالنسبة لدورهم في مستقبل الخلافة العباسية.. وهو في الحقيقة يشتمل على إغراء وترغيب واضح بالعمل لهذا الأمر، وفي سبيله.

كما أن قول عيسى الآنف الذكر يلقي لنا ضوءاً على الدور الذي لعبته زبيدة في مسألة البيعة لولدها بولاية العهد. فهو يشير إلى أنها كانت قد استخدمت نفوذها في إقناع رجال الدولة بتقديم ولدها. هذا بالإضافة إلى أنها كانت تحرض الرشيد على ذلك باستمرار(١) ، حتى لقد صرح الرشيد نفسه بأنه: (لولا أم جعفر وميل بني هاشم لقدم عبد الله على محمد، كما أشرنا إليه).

قال محمد فريد وجدي مشيراً إلى أن الرشيد لم يكن يريد جرح عاطفة

____________

(١) النجوم الزاهرة ج ٢ ص ٨١، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٩٠.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

[ ٨٣٥٥ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وقد روى رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أما يستحي أحدكم أن لا يصبر يوماً إلى الليل؟ أنّه كان يقال: بدو القتال اللطام، ولو أن رجلاً لصق بأهله في شهر رمضان وادفق(١) ، كان عليه عتق رقبة ».

[ ٨٣٥٦ ] ٥ - كتاب المثني بن الوليد الحناط: عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيقبّل الصائم المرأة؟ فقال: « أما أنا وانت فشيخان كبيران، ليس بها بأس، وأمّا الشاب فمكروهة له ».

٢٤ -( باب عدم بطلان الصوم بالاحتلام فيه نهارا، ويكره له النوم حتّى يغتسل، ولا يحرم)

[ ٨٣٥٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إن احتلمت نهارا، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم ».

٢٥ -( باب جواز مضغ الصائم العلك، على كراهية)

[ ٨٣٥٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: وأوفق.

٥ - كتاب المثنى بن الوليد الحنّاط ص ١٠٣.

الباب - ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤١

٢٦ -( باب أنّه يجوز للصائم، أن يذوق الطعام والمرق، ويأخذ الماء بفيه، من غير أن يزدرد من ذلك شيئاً، ويكره مع عدم الحاجة، ويبصق إذا فعل ثلاثاً)

[ ٨٣٥٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه ».

وقال في موضع آخر(١) : « ولا بأس أن يذوق الطّباخ المرقة وهو صائم، بطرف لسانه، من غير أن يبتلعه ».

[ ٨٣٦٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « الصائم يمضغ العلك، ويذوق الخل والمرقة والطعام، ويمضغه للطفل، ولا شئ عليه (في ذلك، ما لم)(١) يصل شئ منه إلى حلقه ».

[ ٨٣٦١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يذوق المرق إذا كان طبّاخا، ليعرف حلوه من حامضه، ويمضغ العلك، ويصب الدّواء في أُذنه.

٢٧ -( باب جواز مضغ الصائم الطعام للصبي، وزق الطائر والفرخ، من غير ابتلاع)

[ ٨٣٦٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن

____________________________

الباب - ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) نفس المصدر ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

(١) في المصدر: في ذلك كله إلّا أن.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٧

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٣٤٢

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يمضغ الطعام للحسن والحسين،عليها‌السلام ، يطعمهما، وهو صائم ».

[ ٨٣٦٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا بأس للصائم أن يذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير ».

[ ٨٣٦٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويزقّ الفرخ، ويمضغ الخبز للرضيع، من غير أن يبلع شيئا.

٢٨ -( باب عدم بطلان الصوم، بازدراد النّخامة، ودخول الذباب الحلق)

[ ٨٣٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الذّباب يبدر فيدخل حلق الصائم، فلا يقدر على قذفه: « لا شئ عليه ».

٢٩ -( باب وجوب إمساك الصائم عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الثاني المعترض، وأنه يجب الامساك عند تحققه، أو سماع أذان الثقة المعتاد للأذان بعده)

[ ٨٣٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأول أوقات الصيام، وقت

____________________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣ - المقنع ص ٦٠.

الباب - ٢٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

الباب - ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٣٤٣

الفجر ».

[ ٨٣٦٧ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « مطلق للرجل أن يأكل ويشرب، حتّى يستيقن طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، حرم الأكل والشرب، ووجبت الصلاة ».

[ ٨٣٦٨ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا انزل الله عزّوجلّ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: ابيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزال(٢) يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله(٣) ما أراد بذلك، فقال (من الفجر) ».

٣٠ -( باب جواز الأكل والشرب في شهر رمضان، ليلا قبل النوم وبعده، إلى ان يتبين الفجر، والجماع حتّى يبقى لطلوع الصبح مقدار ايقاعه والغسل)

[ ٨٣٦٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن سماعة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ - إلى -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (١) قال:

____________________________

٢ - الهداية ص ٤٨.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

(٢) في المصدر: لا يزالون.

(٣) في المصدر زيادة: لهم.

الباب - ٣٠

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٤

« نزلت في خوات بن جبير وكان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق، وهو صائم، فأمسى على ذلك، وكانوا من قبل أن تنزل هذه الآية، إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام، فرجع خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام فقالوا: لا تنم، حتّى نصنع لك طعاما، فاتكأ فنام فقالوا: قد فعلت، قال: نعم، فبات على ذلك، فأصبح فغدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمرّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأى الّذي به، سأله فأخبره كيف كان أمره، فنزلت هذه الآية( أُحِلَّ لَكُمْ - [ إلى ](٢) -وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) ».

[ ٨٣٧٠ ] ٢ - وعن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فقال: « بياض النهار من سواد الليل ».

[ ٨٣٧١ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ قوله:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (١) جعل الناس يأخذون خيطين: أبيض وأسود، فينظرون اليهما، ولا يزالون يأكلون ويشربون، حتّى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فبين الله ما أراد بذلك، فقال:( مِنَ الْفَجْرِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٢ ] ٤ - وعن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال:

____________________________

(٢) كان في الطبعة الحجرية: إن تأكلوا، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١، ٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣٤٥

« الفجر هو البياض المعترض ».

[ ٨٣٧٣ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « مطلق لك الطعام والشراب، إلى أن تستيقن طلوع الفجر » وقالعليه‌السلام : « ومن أراد أن يتسحّر، فله ذلك إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٣٧٤ ] ٦ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن الشهيد، أنّه قال: روي أن عمر أراد أن يواقع زوجته ليلا، فقالت: إنّي حضت، فظن أنها تعتل عليه، فلم يقبل، فواقعها ثمّ أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزلت الآية، وهي قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ ) (١) الخ.

[ ٨٣٧٥ ] ٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه رأى صرمة بن مالك، فقال: « ما لي أراك طليحا(١) ؟ » قال: كنت صائما بالأمس، فلمّا رجعت إلى أهلي بالمساء، قالوا: نم ساعة حتّى نهيئ لك طعاما، فغلبتني عيناي، فحرم عليّ الطعام، فنزل قوله تعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ) (٢) .

____________________________

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٦ - عوالي اللآلي.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) طلح: أعيا وكلّ (لسان العرب ج ٢ ص ٥٣٠).

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٣٤٦

٣١ -( باب أنّ من تناول في شهر رمضان، بغير مراعاة الفجر مع القدره ثمّ علم أنّه كان طالعا، وجب عليه إتمام الصوم ثمّ قضاؤه، فإن تناول بعد المراعاة فاتفق بعد الفجر، لم يجب القضاء)

[ ٨٣٧٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي وأبي جعفر وأبي عبدالله (صلوات الله عليهم)، أنهم قالوا فيمن أكل أو شرب أو جامع، في شهر رمضان وقد طلع الفجر، وهو لا يعلم بطلوعه، فإن كان قد نظر قبل أن يأكل، إلى مطلع الفجر فلم يره طلع، فلمّا أكل نظر فرآه قد طلع، فليمض في صومه ولا شئ عليه، وإن كان أكل قبل أن ينظر، ثمّ علم أنّه قد أكل بعد طلوع الفجر، فليتم صومه، ويقضي يوماً مكانه.

٣٢ -( باب أن من ظن كذب المخبر بطلوع الفجر، فأكل ثمّ بان صدقه، وجب عليه إتمام الصوم وقضاؤه)

[ ٨٣٧٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن قوما مجتمعين، سألوا أحدهم أن يخرج وينظر، هل طلع الفجر؟ ثمّ قال: قد طلع الفجر، وظنّ بعضهم أنّه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم ».

____________________________

الباب - ٣١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

الباب - ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٤٧

٣٣ -( باب أنّه إذا نظر اثنان إلى الفجر، فرآه أحدهما دون الآخر، وجب الإمساك على من رآه، دون صاحبه)

[ ٨٣٧٨ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجلين قاما في [ شهر ](١) رمضان، فقال أحدهما: هذا الفجر، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: « ليأكل الّذي لم يستيقن الفجر، وقد حرم الأكل على الّذي زعم قد رأى، إنّ الله يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (٢) ».

[ ٨٣٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإن قام رجلان، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما أرى شيئاً طلع بعيني، وهما معا من أهل العلم والمعرفة بطلوع الفجر(١) ، وصحة البصر، قالعليه‌السلام : « فللّذي لم يستبن(٢) الفجر أن يأكل ويشرب حتّى يتبينه، وعلى الّذي تبينه أن يمسك عن الطعام والشراب، لأن الله عزّوجلّ يقول:( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٣) فأما إن كان أحدهما أعلم أو أحدّ نظرا(٤) من الآخر، فعلى الّذي هو دونه في النظر

____________________________

الباب - ٣٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٧.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر زيادة: والنظر.

(٢) في المصدر: يتبين.

(٣) البقرة ٢: ١٨٧.

(٤) وفي المصدر: بصراً.

٣٤٨

والعلم، أن يقتدي به ».

[ ٨٣٨٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أن رجلين نظرا، فقال أحدهما: هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، فحلّ السّحر(١) للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الّذي يراه أنّه طلع ».

٣٤ -( باب وجوب القضاء على من أفطر للظلمة، التي يظن معها دخول الليل، ثمّ بان بقاء النهار)

[ ٨٣٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن أُناس صاموا في شهر رمضان، فغشيهم سحاب أسود عند مغرب الشمس، فظنّوا أنّه الليل فأفطروا، أو أفطر بعضهم، ثمّ أنّ السحاب فصل عن السماء، فإذا الشمس لم تغب، قال: « على الّذي أفطر قضاء ذلك اليوم، إنّ الله يقول:( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) فمن أكل قبل أن يدخل الليل، فعليه قضاؤه، لأنه أكل متعمدا ».

٣٥ -( باب عدم وجوب القضاء، على من غلب على ظنّه دخول الليل، فأفطر)

[ ٨٣٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤.

(١) في المصدر: التسحر.

الباب - ٣٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٤ ح ٢٠٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٧.

الباب - ٣٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.

٣٤٩

قال: « من رأى أنّ الشمس قد غربت فأفطر، وذلك في شهر رمضان، ثمّ تبين له بعد ذلك انها لم تغب، فلا شئ عليه ».

٣٦ -( باب أن وقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، فلا يجوز قبله)

[ ٨٣٨٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيت (صلوات الله عليهم)، بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الّذي يحل (الفطر للصائم)(١) ، هو غياب الشمس في أُفق المغرب، بلا حائل دونها يسترها، من جبل، أو حائط، ولا غير(٢) ذلك، فإذا غاب القرص في الاُفق، فقد دخل الليل، وحل الفطر.

[ ٨٣٨٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس » وقالعليه‌السلام في موضع آخر: « فأوّل وقت الصيام وقت الفجر، وآخره هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب لا ترى مع الشمس، وذهاب (الحمرة من المشرق)(١) ، وفي وجود(٢) سواد المحاجن ».

[ ٨٣٨٥ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه(١) يحلّ لك الإفطار(٢) ، إذا

____________________________

الباب - ٣٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) في المصدر: فيه للصائم الفطر.

(٢) وفيه: ما أشبه.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣ و ٢٤.

(١) في نسخة: حمرة المشرق - الطبعة الحجرية -.

(٢) في المصدر: وجوه.

٣ - المقنع ص ٦٥.

(١) في المصدر زيادة: لا.

(٢) وفيه زيادة: إلّا.

٣٥٠

بدت لك ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس.

[ ٨٣٨٦ ] ٤ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا غابت الشمس، فقد وجبت الصلاة، وحلّ الإفطار ».

٣٧ -( باب عدم بطلان الصوم بخروج المذي، ولو كان عن ملامسة أو مكالمة، ولا يجب القضاء بذلك بل يستحب، وأنه يكره للصائم مباشرة المرأة، والنظر إليها)

[ ٨٣٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتنبوا المس والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس ».

٣٨ -( باب وجوب الكفّارة، بتعمّد تناول المفطر في شهر رمضان، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين)

[ ٨٣٨٨ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال فعليك كفّارة، مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان » الخ.

____________________________

٤ - الهداية ص ٤٦.

الباب - ٣٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٣٥١

٣٥٢

أبواب آداب الصائم

١ -( باب استحباب القيلولة للصائم، والطيّب له، أول النهار)

[ ٨٣٨٩ ] ١ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام : « قيلوا، فإنّ الله عزّوجلّ، يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

[ ٨٣٩٠ ] ٢ - المفيد في الاختصاص: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصائم في عبادة، وإن كان نائما ».

[ ٨٣٩١ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عنه أنّه قال: « نوم الصائم عبادة ».

____________________________

أبواب آداب الصائم

الباب - ١

١ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٢٠ ح ١٢١.

٢ - الاختصاص ص ٢٣٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٣٥٣

٢ -( باب استحباب تفطير الصائم عند الغروب بما تيسّر، وتأكده في شهر رمضان)

[ ٨٣٩٢ ] ١ - السيد محيي الدين أبو حامد محمّد بن عبدالله الحلبي الحسيني، ابن اخي السيد ابن زهرة، في أربعينه: أخبرني الشيخ ثقة الدين أبو الحسن محمّد بن أبي نصر الصوفي قال: أخبرني أبو الفرج أحمد بن المبارك قال: أخبرنا أبو سعيد بن كمّار قال: أخبرنا أبوإسحاق إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا أبو محمّد يوسف بن يعقوب قال: حدّثنا محمّد بن كثير العبدري قال: حدّثنا سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن يزيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من جهّز حاجا أو جهز غازيا، أو خلفه في أهله، أو أفطر(١) صائما، فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ ».

[ ٨٣٩٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من روح الله: إفطار الصائم، ولقاء الإخوان، والتهجّد بالليل ».

[ ٨٣٩٤ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه خطب الناس في آخر يوم من شعبان، فقال: « أيها الناس(١) قد أظلكم شهر عظيم -

____________________________

الباب - ٢

١ - الأربعين لابن زهرة: حديث ٢٤.

(١) في المصدر: فطّر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر زيادة: إنّه.

٣٥٤

إلى أن قالعليه‌السلام - من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلما يجد ما يفطر الصائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثواب، من فطّر صائما على مذقة(٢) لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها ».

[ ٨٣٩٥ ] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاث راحات للمؤمن: لقاء الإخوان، وإفطار الصائم، والتهجد من آخر الليل ».

[ ٨٣٩٦ ] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر عند قوم، قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الأخيار ».

٣ -( باب استحاب السّحور، لمن يريد الصوم، وتأكده في شهر رمضان، وعدم وجوبه)

[ ٨٣٩٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

(٢) المذقة: الشربة من اللبن الممذوق، أي المخلوط بالماء (لسان العرب ج ١٠ ص ٣٤٠).

٤ - الجعفريات ص ٢٣١.

٥ - الجعفريات ص ٦٠.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦٣.

٣٥٥

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحّرين ».

[ ٨٣٩٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة ».

[ ٨٣٩٩ ] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناد عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٤٠٠ ] ٤ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تسحروا ولو (على شربة)(١) ماء، وأفطروا ولو على شقّ تمرة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « السحور بركة، ولله ملائكة يصلّون على المستغفرين بالأسحار، وعلى المتسحرين، وأكلة السحور فرق ما بيننا وبين أهل الملل ».

[ ٨٤٠١ ] ٥ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تسحّروا ولو بشربة من ماء » وقالعليه‌السلام : « إنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار ».

[ ٨٤٠٢ ] ٦ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٥.

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

(١) في المصدر: بشربة.

٥ - الهداية ص ٤٨.

٦ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٧.

٣٥٦

العلوي، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السّكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ الطاعم ](١) الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المتسحر ».

[ ٨٤٠٣ ] ٧ - وعن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السحور بركة ».

[ ٨٤٠٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويستحب ان يتسحر في شهر رمضان، ولو بشربة من ماء ».

[ ٨٤٠٥ ] ٩ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يأكل الهريسة أكثر ما يأكل، ويتسحر بها.

[ ٨٤٠٦ ] ١٠ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « تسحروا، فإن الحسور بركة » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تسحروا، خلاف أهل الكتاب ».

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - البحار ج ٩٦ ص ٣١٢ ح ٧، بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٣.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢٩.

١٠ - طبّ النبيّ ص ٢٢.

٣٥٧

٤ -( باب التسحر بالسويق والتمر والزبيب والماء)

[ ٨٤٠٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وافضل السحور، السويق والتمر ».

الصدوق في الهداية(١) : عن الصادقعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٤٠٨ ] ٢ - المستغفري في الطب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « نعم السحور للمؤمن التمر ».

[ ٨٤٠٩ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تسحروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحرين ».

٥ -( باب استحباب دعاء الصائم عند الافطار، بالمأثور وغيره، وتلاوة القدر)

[ ٨٤١٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) الهداية ص ٤٨.

٢ - طبّ النبيّ ص ٢٦.

٣ - إقبال الأعمال ص ٨٢.

الباب - ٥

١ - الجعفريات ص ٦٠.

٣٥٨

عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أفطر قال: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، فتقبّله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وبقي الأجر إن شاء الله ».

[ ٨٤١١ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه إذا أفطر قال: « اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبّل منّا، ذهب الظمأ، وابتلت(١) العروق، وبقي الأجر إن شاء الله تعالى ».

[ ٨٤١٢ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا أفطرت كلّ ليلة من شهر رمضان، فقل: الحمد الله الّذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبله منّا، وأعنّا عليه، وسلّمنا فيه، (وسلِّمه لنا)(١) في يسر منك وعافية، الحمد لله الّذي قضى عنّا يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٤١٣ ] ٤ - وفي فضائل الأشهر الثلاثة: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: قال علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام : « من قال عند إفطاره: اللهم لك صمنا بتوفيقك، وعلى رزقك أفطرنا بأمرك، فتقبله منا، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، غفر الله ما ادخل على صومه من النقصان بذنوبه ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨.

(١) في المصدر: وأمتلأت.

٣ - الهداية ص ٤٦.

(١) في المصدر: وسلّمه منّا.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٠٦ ح ٩٨.

٣٥٩

[ ٨٤١٤ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: بإسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « كلما صمت يوماً من شهر رمضان، فقل عند الإفطار » وذكر مثل ما مرّ عن الهداية، وفيه: قضي عني.

[ ٨٤١٥ ] ٦ - وعن موسى بن جعفر الكاظم، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « إذا أمسيت صائما، فقل عند إفطارك: اللهم لك صمت، وعلى رزقك افطرت، وعليك توكلت، يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم ».

[ ٨٤١٦ ] ٧ - وبإسناده إلى المفضّل بن عمررضي‌الله‌عنه قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا الحسن، هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فإن جبرئيل جاءني فقال: يا محمّد، من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر، استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له ذنبه، وفرّج غمّه، ونفّس كربته، وقضى حوائجه، وانجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال النبيين والصدّيقين، وجاء يوم القيامة ووجهه اضوء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو يا جبرئيل؟ قال قل: اللهم ربّ النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب العرش العظيم، ورب البحر المسجور، ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، انت إله من في

____________________________

٥ - إقبال الأعمال ص ١١٦.

٦ - إقبال الأعمال ص ١١٧.

٧ - إقبال الأعمال ص ١١٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409