• البداية
  • السابق
  • 69 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11095 / تحميل: 6164
الحجم الحجم الحجم
الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة

الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة

مؤلف:
العربية

هذا يرتبط بموضوع علم الغيب، ونحن بيّنا في محاضرات سابقة أن موضوع علم الغيب يختص بالله عزوجل، ولكن الله يطلع على بعض المعلومات الغيبيّة مَن ارتضى من خلقه.

«فاجمع أمرك ولا توصي إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلاّ باذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول المدّة وقسوة القلوب وامتلاء الارض جوراً» (1) ، إلى آخر توقيعه المقدس صلوات الله وسلامه عليه.

والحمد لله ربّ العالمين، ونسأل الله سبحانه وتعالى بحقّ صاحب الامر أن يوفقنا جميعاً أن نكون جنوداً أوفياء له (عليه السلام) وأن نكون مقبولين عنده، فانّه من أهل بيت رضاهم رضا الله وغضبهم غضب الله.

اللهم ارزقنا رضاه ورأفته، اللهم قرّ عيوننا بطلعته المباركة، اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه واجعلنا من أنصاره والشهداء بين يديه.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

____________________

1 - كمال الدين: 516 ح 44، الغيبة للطوسي: 395 ح 365.

٦١

ملحق البحث(1)

الرؤية في زمن الغيبة:

ورد في بعض النصوص: أنّه مَن ادعى الرؤية في زمن الغيبة الكبرى فلا تصدّقوه (2) .

المقصود من الرؤية في هذا المقام كما يستفيد المحققون باعتبار الجمع بين قضية أنّ الامام سلام الله عليه غيبته غيبة هويّة كما قلنا لا غيبة شخصيّة فبالنتيجة يمكن أن يلتقي مع الناس، لكي نجمع بين هذا المعنى وبين من ادعى الرؤية فلا تصدّقوه، هكذا حملوه على أحد محامل:

المحمل الاوّل: أنّ المقصود من الرؤية مع السفارة والنيابة، يعني

____________________

1 - يعقب المركز ندواته العقائدية بالاجابة على الاسئلة، وتتميماً للفائدة نذكر في هذا الملحق الاجابة على بعض الاسئلة مع الاختصار وحذف الاسئلة والاكتفاء بوضع عنوان لكل سؤال. 2 - كمال الدين: 516 ح 44، وفيه: «ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر».

٦٢

مَن ادعى أنّه رآني وأني وكّلته فلا تصدّقوه، لانّ المفروض أنّه في زمن الغيبة الكبرى لا توجد نيابة شخصيّة كما ذكرنا سابقاً، يعني الامام سلام الله عليه لم يستنب شخصاً بعينه، وإنّما النيابة العامة للفقهاء العدول كما سمعتم في التوقيع السابق: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله»، فهنا المقصود بالرؤية ليست الرؤية العاديّة، بل الرؤية المقرونة بدعوى السفارة والنيابة، هذا أوّل محمل.

المحمل الثاني: أنّ المقصود بالرؤية الرؤية التي يراد منها ترتيب آثار معيّنة على قول الرائي، لانّ هذا أمر مشكل أن يأتي إنسان فيقول رأيت الامام سلام الله عليه وقال لي كذا، قال لي اصنع كذا، إفعل كذا، لا تفعل كذا، إذا فتحنا الباب أمام هذا المعنى يعني أن نصدّق كلّ مَن يدعي الرؤية في أن ينقل عن الامام ما شاء فانّ ذلك سوف يولد إرباكاً كبيراً في الاحكام وفي عقائد ومفاهيم الشريعة الاسلاميّة.

فالمقصود هنا بالرؤية ليس مجرد الرؤية للامام سلام الله عليه، وإنّما المقصود الرؤية المصحوبة إمّا بدعوى النيابة، أو المقصود بها الرؤية التي يريد بها الرائي ترتيب الاثر على كلامه.

أنتم تعلمون أنّه في زمن الغيبة الكبرى مَن رأى الامام سلام الله عليه وأيقن في ما بينه وبين الله أنّه رأى الامام، فرؤيته حجّة عليه، أمّا سائر الناس فلا يكون ذلك حجّة عليهم.

فلعلّ الامام يقول لا تصدقوه لا يقصد بأنّه لم ير، لعلّه يريد: لا ترتّبوا الاثر، لان هذا قد يجيء يدعي الاحكام الشرعية يقول قال لي

٦٣

الامام أن حكم الشيء الفلاني حرام، أو أنّ المسألة الفلانية في المكان الفلاني، يمكن مَن يدعي الرؤية عادة لها ملازمات ولها لوازم نقل أخبار ونقل وقائع ونقل أحكام، لا تصدقوه، يعني لا ترتّبوا الاثر على كلامه.

هذا من قبيل ما ورد في باب القسامة، الرواية الواردة في الوسائل: «...كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم...» (1)

ليس المقصود هنا كذّب هؤلاء يعني ترميهم بالكذب بأنّهم واقعاً لم يسمعوا، لا، خمسون قسامة، وكلّ قسامة خمسون، يعني الفين وخمسمائة، هؤلاء لا يكذبون عادة، ربّما مع ذلك الامام يقول كذّب سمعك وبصرك وصدّق أخاك.

المقصود بلا تصدقوه لا يعني أنّه كذّبوه، يعني إنّما المقصود لا ترتبوا الاثر على دعواه الرؤية، فرؤيته له على كل حال، هذه نقطة.

المحمل الثالث: ربما أيضاً يمكن أن يقال: أنّه من ادعى الرؤية باعتبار أنّ الذي يدّعي الرؤية يتكلّم عن أنّه متيقّن برؤية الامام سلام الله عليه، يقول: رأيته هو، وهذا بحسب الظاهر من كثير من الروايات الواردة أنّه تشخيص يقيني لمن يرى الامام في زمن الغيبة الكبرى، والتشخيص

____________________

1 - الوسائل 12: 295 ح 16343.

٦٤

اليقيني عادة لا يحصل، والظن القوي يحصل، حتى العلماء الذين نقلت عنهم قضايا كثيرة وقصص كثيرة أنّهم التقوا بالامام سلام الله عليه، لم ينقل بعنوان اليقين، ينقل قضية يظهر من قرائن هذه القضية أنّ الذي رآه هو الامام سلام الله عليه، أما أن يجزم، هذا ليس مألوفاً من طريقة علمائنا في نقل لقاءاتهم مع صاحب الامر (عليه السلام).

زواج المهدي المنتظر:

مسألة زواج المهدي المنتظر (عليه السلام) مسألة هامشيّة كما تعلمون، يعني هي مسألة مثارة، ولكن مما يهوّن الخطب أنّها مسألة هامشية، يعني ليست في خطر تلك المسائل الاخرى أو المسألة السابقة، على العموم للامام سلام الله عليه ظروفه الخاصة كما تعلمون، مسألة زواجه وعدم زواجه مرهونة بظروفه.

وموضوع الزواج فيه ذيول كثيرة للحديث يرتبط بعضها بقضية الجزيرة الخضراء، ويرتبط بعضها بنسب المتنبي، فإن بعضهم حاول أن يقول بأن المتنبي الشاعر المعروف أحد ذرّية الامام المهدي سلام الله عليه، يعني فيما يقرنون من بعض القرائن ومن نفسه.

هذا عالَمٌ في ذاته، عالَم ظريف طريف ولطيف، لكن فيه مزالق كثيرة، ولسنا مسؤولين عنه، يعني هل تزوج؟ أين يعيش؟ كم له ذريّة؟ هذه مسائل هامشية لسنا مسؤولين عنها وفيها مزالق، فلهذا مثل هذه المطالب ربما يقال إنّ الاحرى التوقف فيها والسكوت عنها.

٦٥

عصمة النواب الاربعة:

القاعدة العامة في قضية التوكيل بذاتها إنّها لا تقتضي ولا تستلزم العصمة، لكن في خصوص النواب الاربعة، ومن طبيعة التوكيل الذي ورد في حقهم: «اسمعوا له وأطيعوا فإنّه لا يقول إلاّ عن قولي»، مثل هذا النصّ إذا أخذناه باطلاقه نستفيد أن هذا السفير لا يفتري على الامام ولا يكذب، وهذا المقدار من صدقه في النقول عن الامام سلام الله عليه، نحرزه من صيغة توكيل الامام سلام الله عليه، لا من مطلق التوكيل.

نحن نعلم أنّ هناك أشخاصاً وكّلهم الائمة سلام الله عليهم ثم خانوا أماناتهم، من قبيل البطائني، ومن قبيل أشخاص كانوا ولاة من قبل أمير المؤمنين سلام الله عليه ثم خانوا أماناتهم، وكّلهم الامام وعينهم ولاة على البلدان:

فأصل التوكيل لا يقتضي العصمة، ولكن إذا كانت صيغة التوكيل فيها عناية خاصة من قبيل أنّه لا يقول إلاّ عن قولي ولا يظهر منه ما ينافي الاستقامة، ولم يرد من الامام سلام الله عليه ما يدلّ على انفساخ عدالته، فحينئذ نقول بأنّ هذا رجل في تمام نقوله صادق ومطابق للواقع وأنّه أمين، هذا المقدار نكتفي ونلتزم به.

التسمية:

فيما يتعلق بقضية التسمية أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة السابقين(عليهم السلام)نصّوا على الاسم، وهذا أمر لا مرية فيه ولا سترة فيه كما يقال، لكن الكلام أنّ الامام سلام الله عليه في الغيبة الصغرى وفي بدء الغيبة الصغرى كان ينهى عن التسمية في مجالات التقية فقط، لا في مطلق

٦٦

المجالات، يعني لا دليل عندنا أنّ الامام (عليه السلام) نهى عن مطلق التسمية، وإنّما نهى عن التسمية لغرض الحفاظ عليه، بدليل أنّه إذا وقع الاسم مثلا دلّ على المكان، هذا قرينة، يعني هو أشبه بالواقع، بيان العلّة للنهي، فإذا لم يلزم من ذكر الاسم الدلالة على المكان فلا إشكال، من قبيل أنه يقال: لا تأكل الرمان لانّه حامض، المثال الذي يستعمله الاصوليون، فاذا لم يكن حامضاً فكله مثلاً.

ففي هذا المورد الامام إنّما نهى عن التسمية باعتبار قضية الدلالة، باعتبار أنّ هذه القضية وجدانية الان حتى في زماننا، فإذا كانت مثلاً السلطة تطلب شخصاً بالدرجة الاولى وتحاول التعرف على اسمه، ومن بعد المعرفة باسمه تتحرك لمعرفة مكانه، أما بدون أن تعرف اسمه كيف تشخص مكانه؟ هذه قضية وجدانية في الواقع ولا سيما في ذلك الزمان، باعتبار أنّ القضية في أوجها والسلطة العباسية كانت تبحث عن الامام سلام الله عليه وتحاول رصده والقضاء عليه، وجرت محاولات عديدة لاغتياله (عليه السلام) وفشلت، فلهذا الامام كاجراء في تلك الحالة وفي تلك الظروف كان ينهى عن التسمية فيما يرتبط بالحفاظ عليه وعدم الدلالة على مكانه، أما إذا لم يلزم منه هذا المحذور فلا بأس بالتسمية، فقد سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

الفرق بين النائب والسفير:

السفارة كما قرأنا توقيع الامام سلام الله عليه، بمعنى أنّ الامام ينصّ على شخص معيّن يقول هذا وكيلي وقوله قولي، هذا المعنى انتهى بالنائب الرابع وهو السمري، أمّا في زماننا يعبر نائب، قلنا النائب العام،

٦٧

المقصود بالعمومية هنا عموميّة دليل التعيين، يعني دليل التعيين ما جاء باسم شخص، يقول فلان وكيلي، إنّما جاء ببيان النوع، أعطى عنواناً عاماً فقال: «وأمّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام أن يقلدوه»(1) ، وإن كان هذا الكلام يرويه الامام العسكري سلام الله عليه عن الامام الصادق (عليه السلام).

وورد في التوقيع: «أما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة حديثنا فانّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (2) ، هذا عنوان عام.

فالمقصود بالنائب في زماننا هو عبارة عن الفقيه العادل الجامع للشرائط الذي يقوم مقام الامام سلام الله عليه في تبليغ أحكام الدين وفي إدارة شؤون المسلمين وحفظ بيضة الاسلام.

هذا هو المقدار المقصود، ولا يدعي هذا النائب بأنّه ينقل عن الامام مباشرة، ولا يوجد عندنا نائب اليوم من النواب ولا فقيه من الفقهاء أو عالم من العلماء يقول أنا أنقل لكم قول الامام مباشرةً، أنا سمعت من الامام مباشرة، وإنّما نرى علماءنا يستندون إلى مصادر التشريع المتعارفة، مصادر الاستنباط، الكتاب والسنة والاجماع والعقل، ولو كان هناك رؤية للامام (عليه السلام) مباشرة لاستغنى هذا النائب عن مراجعة بعض هذه المصادر.

____________________

1 - الاحتجاج 2: 511 ح 337.

2 - كمال الدين: 484 ح 4، الغيبة للطوسي: 291 ح 247.

٦٨

الفهرس

مقدّمة المركز : 5

تمهيـد: 7

جـدول البحـث.. 20

الغيبة الصغرى. 24

تمهيد الائمة(عليهم السلام) لغيبة الامام (عليه السلام) 24

التوقيع والناحية المقدسة 30

الاجراءات التي اتّخذها الامام العسكري (عليه السلام) 34

لاثبات ولادة الامام المهدي (عليه السلام) 34

تحديد مبدأ الغيبة الصغرى. 40

النواب الاربعة 46

طرق إثبات الامام المهدي (عليه السلام) 58

وجوده الحسّي في الغيبة الصغرى. 58

ملحق البحث.. 62

٦٩