القرآن في الاسلام

القرآن في الاسلام25%

القرآن في الاسلام مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 228

القرآن في الاسلام
  • البداية
  • السابق
  • 228 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72055 / تحميل: 5924
الحجم الحجم الحجم
القرآن في الاسلام

القرآن في الاسلام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

المتضادة والمتناقضة ولا يخطأ ولم ينحرف لولا مزاحمة الاسباب.

من هنا يتبين ان العقل وحده لا يمكنه هداية الانسان الى القانون ، لانه هو الذي يدعو في بعض الاحيان الى الاختلاف ، وهو الذي يوقظ غريزة الاستثمار وجلب النفع بصورة مطلقة وبحرية كاملة ، وهو الذي يضطر الى ان يتقبل المجتمع المجتمع المتوازن ، كل ذلك لما يحس به من المزاحم الذي يزاحمه.

ومن البديهي ان القوة الواحدة لا يصدر عنها اثرين متناقضين ـ احداث الاختلافات ورفعها.

ان ما يحدث من سحق الحقوق وعدم الوفاء بالوعود وما اشبه هذا من الامور ، انما يحدث من العقلاء الذين لهم الادراك الكامل ، ولولا العقل لما صح عدما يفعلونه ذنباً ولما صح العقاب عليه. فلو كان العقل يدل حقا على القوانين الرافعة للاختلاف ولم يكن يتخلف عن واجبه ، لما كان يرضى بما يصدر عن الانسان مما ذكرناه ، بل كان يمنع منه اشد المنع.

العامل الاصلي في التخلي عن الواجب مع وجود العقل ، هو ان العقل يضطر الى الحكم بقبول مجتمع يحافظ على التوازن ويرعى القوانين المتضمنة للعدالة الاجتماعية ، ويوجد هناك مزاحم يحد من الحرية الكاملة في العمل ، ولولا وجود

١٢١

المزاحم لما كان العقل يحكم برعاية التعاون والعدالة الاجتماعية.

المتخلفون عن القانون هم الذين يملكون قدرة فوق القدرة المجربة لذلك القانون ، فيتخلفون عنه بلا وجل ولا خوف ، او الذين يلجأون الى مخبأ يصعب الوصول اليهم لبعدهم عن القوة المجرية ، او كونهم في مكان حريز غفل عنهم المراقبون ، او يتخلفون عنه لاعذار تخيلوها في اذهانهم ليظهر اعمالهم بمظاهر قانونية ، او ينتهزون ضعف من يستثمرونه لمصالحهم وعلى كل حال لا يجدون من يزاحمهم او يضايقهم ، او يزاحمهم ويضايقهم من هو اضعف منهم ولا يملك القوة الكافية لمقاومتهم وسحقهم. ففي هذا الموضوع ليس للعقل حكم خاص ، وهو لا يجد شيئا من الحرية المطلقة ، ويدع غريزة الاستخدام والاستمثار بحالها.

فاذن ليس في نطاق العقل وحده ان يرشد الى قانون اجتماعي تام يضمن نفع المجتمع والفرد بشكل عادل ، لان العقل يدفع الى رعاية مثل هذا القانون لو لم يجد مزاحماً ، فاذا وجد مزاحما يمنعه عن حريته المطلقة ، يمتنع هو بدوره عن هذا الدفع ، بل ربما يحكم بخلافه.

قال تعالى :( كلا ان الانسان ليطغى *ان رآه استغنى ) (١) .

ــــــــــــــــــ

(١) سورة العلق : ٦ ـ ٧.

١٢٢

من انواع الاستغناء ، الاستغناء عن التعاون الاجتماعي ورعاية القانون في حفظ حقوق الاخرين.

و ـ لا تكون الهداية الا بالوحي :

لقد علمنا من المباحث السابقة ان الانسان كبقية الموجودات له هدف ذاتي خاص يضمن سعادته ، ولما كان حسب تكوينه محتاجا الى الحياة الاجتماعية فسعادته وشقاؤه في سعادة المجتمع وشقائه ، وهو جزء واحد من الهيكل الاجتماعي ولا بد ان يجد سعادته وحسن عاقبته في سعادة المجتمع.

وعلمنا ايضا ان الطريق الوحيد للحصول على ضالته المنشودة هو ( القانون المشترك ) الذي فيه السعادة الاجتماعية التي بضمنها سعادة الفردية.

وتبين ايضا ضرورة هداية الانسان كسائر الاشياء الى ذلك الهدف الذي يشتمل على سعادته ، وارشاده الى المقدمات الموصلة اليه. ومعنى هذا انه يجب ان يدل الى القانون المشترك الذي يلزم مراعاته.

من كل هذه المقدمات نستنتج انه لا بد للانسان من ادراك يدله على هدفه غير الادراك العقلي والطريق الوحيد الذي نعرفه

١٢٣

غير طريق العقل هو ما نجده في اشخاص يسمونهم بـ « الانبياء » ومبعوثي الاله ، وهو الذي يسميه الانبياء بـ « الوحي السماوي » ويقيمون على اثبات مدعاهم الادلة والحجج.

قال تعالى :( كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) (١) .

ويقول :( انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده ) الى ان يقول( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) (٢) .

الاية الاولى تصرح بأن لا يمكن حل الاختلافات الا من طريق الوحي والنبوة ، والاية الثانية تعتبر الوحي والنبوة الدليل الوحيد لاتمام الحجة على العباد. ولازم هاتين الايتين ان العقل لا يكفي لان يكون دليلاً للهداية واتمام الحجة. بمعنى ان الانبياء لو لم يبعثوا ولم يبلغوا الاحكام الالهية ، لم

ــــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة : ٢١٣.

(٢) سورة النساء : ١٦٥.

١٢٤

يكن مجرد ان الناس عقلاء يدركون قبح الظلم والفساد موجبا للعقاب في العالم الاخر بدون بعث الانبياء وبيان الاحكام الالهية.

ز ـ اشكال وجواب :

الاشكال : انكم جردتم العقل عن قابلية وضع القوانين والارشاد الى السعادة النوعية بحجة انه لا يمكنه منع الناس عن المخالفات التي تصدر منهم ، وسلمتم القياد الى الوحي والنبوة لوضع الدستور الصالح الذي يتكفل اسعاد البشرية. ولكن نرى ان قوانين الوحي ايضا لا تتمكن من السيطرة التامة على الانسان وضبطه ، بل نرى انه يبتعد عن الاديان والشرائع اكثر مما يبتعد عن القوانين الوضعية؟!.

الجواب : اراءة الطريق والهداية الى السعادة شيء ومتابعة الناس لتلك الهداية واتباعهم ذلك الطريق او عدم متابعتهم واتباعهم شيء اخر. فان الذي يقتضيه قانون الهداية العامة هو ارشاد الناس وهدايتهم الى وسيلة توصلهم الى دستور يضمن سعادتهم ، وليس من واجبها الالزام العملي بالاتباع.

والذي استدللنا به على عدم كفاية العقل من التخلفات القانونية التي تنجم عن الحرية التامة في التصرف ، لمن يكن هذا الاستدلال لان العقل لم يحد بعض هذه الحرية في قضايا

١٢٥

خاصة ، بل لانه ليس له حكم بات في هذه الحرية المطلقة ، ولم يدع الى التعاون الاجتماعي التام واتباع القانون ، لان ما قام به من بعض التحديد والدعوة الى اتباع القانون انما كان نتيجة الضغط والضرورة المتأتية من المزاحم الذي يمنع عن حرية التصرف ، وهو علمه بأن مساوىء الحرية المطلقة في التصرف اكثر من محاسنها. وبديهي ان العقل لو لم يقع تحت هذا الضغط ولم يكن هناك مزاحم ومانع عن الحرية في التصرف ، لم يحد عن الحرية المطلقة ولم يدع الى اتباع القانون الذي هو بدوره تحديد للحرية.

فاذا لاننا لا نرى العقل دائما يدعو الى اتباع القانون نقول بأنه وحده لا يكفي للهداية ، بل نقول بضرورة اتباع الانبياء والرسل ، لان الوحي دائم الدعوة الى السير على ضوء القانون الالهي الذي يراقب الانسان في كل حالاته ، فيثيب المحسن على احسانه ويعاقب المسيء على اساءته بدون تمييز بعض على بعض.

قال تعالى :( ان الحكم الا لله ) (١) .

وقال :( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره *ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) (٢) .

ــــــــــــــــــ

(١) سورة يوسف : ٤٠.

(٢) سورة الزلزال : ٧ ـ ٨.

١٢٦

وقال :( ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شيء شهيد ) (١) .

وقال :( اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) (٢) .

وقال :( وكان الله على كل شيء رقيباً ) (٣) .

ومن هنا يتبين ان الدين السماوي الذي يؤخذ من طريق الوحي هو اقدر من القوانين الوضعية في تحديد المتخلفين عن الاتباع ، لان آخر ما يتشبث به القانون الوضعي انه يجعل مراقبين على اعمال الناس الظاهرة ويضع للمجرم منهم مواد جزائية يعاقبون بها.

اما الدين فله : اولا مراقبون على الاعمال الظاهرة كما القانون الوضعي ، وثانيا فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تجعل كل واحد من الناس مكلفا بمراقبة اعمال البقية ، وثالثاً من العقائد الدينية ان الاعمال كلها تحفظ وتضبط ليوم يجمع الناس في مجمع عام ويحاسبون عليها الحساب الدقيق ، ورابعاً ـ وهو اهمها واعظمها ـ الاعتقاد بأن

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الحج : ١٧.

(٢) سورة البقرة : ٧٧.

(٣) سورة الاحزاب : ٥٢.

١٢٧

الله تعالى محيط بالكون وما فيه وهو يعلم ويرى كل الاعمال الصادرة من الانسان.

وبالاضافة الى المواد الجزائية التي يجازى بها المجرمون في الدنيا ، فان من جملة العقائد الدينية ان في الاخرة ايضا موادا جزائية وضعت للمتخلفين عن الاوامر الالهية ، ولا يستثنى منها احد ابداً.

قال تعالى :( اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) (١) .

وقال :( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) (٢) .

وقال :( وان عليكم لحافظين *كراماً كاتبين *يعلمون ما تفعلون ) (٣) .

وقال :( وربك على كل شيء حفيظ ) (٤) .

* * *

اشكال آخر : نستنتج مما مضى ان العقل لا يحكم دائماً

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٥٩.

(٢) سورة التوبة : ٧١.

(٣) سورة الانفطار : ٩ ـ ١١.

(٤) سورة سبأ : ٢١.

١٢٨

بضرورة رعاية القانون واجتناب التخلف عنه ، وهذا ينافي ما ورد عن ائمة اهل البيتعليهم‌السلام في احاديث ان لله تعالى على العباد حجتين ظاهرية وباطنية هما النبي والعقل ، لان العقل ليس له حكم قاطع في موارد تخلف الانسان عن بعض واجباته فكيف يكون حجة عليه؟.

الجواب : العقل العملي يدعو دائما الى ما ينفع والاجتناب عما يضر ، ولكن الانسان المستثمر عندما يرضخ للتعاون الاجتماعي وتبادل الجهد المشترك انما يفعل ذلك اضطراراً ، ومنشأ الاضطرار هو القدرة التي يملكها ويستثمر بها بحرية تامة جهود الاخرين او القوة التي تقع في يد من يضع القوانين. وغير ذلك من الاسباب التي فصلناها قبل هذا. في هذه الحالة لو لم تكن قوانين خاصة تحد من هذه القوة والقدرة ، لا يحكم العقل في نفسه بلزوم اتباع القوانين ، كما لا ينهي عن تخلف الانسان عن القوانين ونقضه لها.

ولكن لو رجعنا الى نظرية الوحي ، وكان منشأ الاضطرار المذكور هو الحكم الالهي ومراقبة الاعمال والعقيدة بالثواب والعقاب والجزاء وانها كلها بيد الله تعالى المنزه عن الغفلة والجهل والعجز. في هذا الوقت لم يكن مكان للعقل حتى يتخلى عن الحكم لعدم احساسه بالاضطرار ، فلا بد ان يتبع العقل الوحي في احكامه.

١٢٩

قال تعالى :( افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) (١) .

وقال :( ان كل نفس لما عليها حافظ ) (٢) .

وقال :( كل نفس بما كسبت رهينة ) (٣) .

ح ـ لا يتسرب الخطأ الى الوحي :

لقد سبق ان من سنن الكون تعليم برامج الحياة الاجتماعية من طريق الوحي ، وتبين ايضا ان الخلقة لا تخطأ في اعمالها ، فالمواد الدينية السماوية التي علم الانسان بها من طريق الوحي لا يتسرب اليها الخطأ على طول الخط. قال تعالى :( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً *الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً *ليعلم ان قد ابلغوا رسالات ربهم واحاط بما لديهم واحصى كل شيء عدداً ) (٤) .

من هنا نعرف ان الانبياء رسل الله يجب ان يكونوا

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الرعد : ٣٣.

(٢) سورة الطارق : ٤.

(٣) سورة المدثر : ٣٨.

(٤) سورة الجن : ٢٦ ـ ٢٨.

١٣٠

معصومين اي لا يخطأون في تلقي الوحي من العالم العلوي وفي ابقاء وفي تبليغ ما تعلموه. لانهمعليهم‌السلام الواسطة في الهداية العامة التي يسير الخلق اليها بطبيعة خلقتهم ، فلو اخطأوا في التلقي او الابقاء او التبليغ او خانوا لوسائس شيطانية او نفسية او اذنبوا ذنبا ما ، فيكون نتيجة كل هذا الخطأ منعكسة في سنة الكون الدالة على الهداية العامة ، وهذا لا يكون ابداً. قال تعالى :( وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ) (١) .

ط ـ حقيقة الوحي مخفية علينا :

ما استنتجناه من الابحاث السابقة هو ان حياة الانسان مقدمة للوصول الى سعادته النوعية ، ووظيفة الارشاد اليها على عاتق الخلقة ولا يمكن الوصول اليها من طريق العقل ، فلا بد من طريق غير العقل يتمكن الانسان من معرفة واجبه في الحياة بدلالته ، وهذه الدلالة هي دلالة الوحي.

ان ما يقتضيه الدليل هو هذا القدر من وجود التنبه الخاص في نوع الانسان ، ولا نقول ان هذا الالتفات والتنبه يجب ان يكون في جميع الناس ، لانهم يختلفون كثيراً في صفاء الضمائر وخبثها ، والتنبه المذكور لا يكون الا في من بلغ

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النحل : ٩.

١٣١

الغاية في الصفاء والاستقامة ، وهو نادر يتحقق في الاوحدي من الناس. ولذا نرى القرآن الكريم يذكر جماعة على انهم رسل الله وانبياؤه ولا يذكر اعدادهم كاملة ، كما لم يصرح الا باسم اربعة وعشرين منهم(١) .

اما نحن حيث لم ندرك هذه المنزلة لم نعرف حقيقتها وماهيتها ، لم نعرف الا بعض النزر اليسير الذي منه القرآن الكريم وبعض الاوصاف التي علمناها بواسطة النبوة ، ومع هذا لا يمكن ان نقول انها هي التي علمناها نحن ، بل يمكن ان يكون هناك اوصاف وخواص وطرق اخرى لم تشرح لنا.

ي ـ كيفية وحي القرآن :

مختصر ما نفهمه من القرآن الكريم في كيفية وحيه هو :

ــــــــــــــــــ

(١) آدم ، نوح ، هود صالح ، ابراهيم ، لوط ، اسماعيل ، اليسع ، ذو الكفل ، الياس ، يونس ، اسحاق ، يعقوب ، يوسف ، شعيب ، موسى ، هارون ، داود ، سليمان ، ايوب ، زكريا ، يحيى ، اسماعيل صادق الوعد عيسى ، محمد.

هؤلاء الانبياء المذكورين في القرآن بأسمائهم ، وهناك بعض الانبياء اشير اليهم فيه كالاسباط في سورة النساء الاية ١٦٣ ، والنبي الذي اشار على بني اسرائيل بانتخاب لوط للملك في سورة البقرة آية ٢٤٦ ، والنبي المشار اليه في سورة البقرة آية ٢٥٨ ، والانبياء المشار اليهم في سورة يس آية ١٤.

١٣٢

كان وحي هذا الكتاب السماوي بشكل التكليم ، كلم الله تعالى مع الرسول الكريم وتلقى الرسول ذلك الكلام بكل وجوده ( لا بأذنه فقط ).

قال تعالى :( وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحياً او من وراء حجاب او يرسل رسولاً فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم *وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم ) (١) .

ذكروا في تكليم الله تعالى انه ثلاثة اقسام ، بقرينة الترديد الموجود في الاية الاولى وان الوحي في القسم الاول لم ينسب الى مكان خاص وفي القسم الثالث نسب الى الرسول ، والاقسام الثلاثة هي :

١ ـ التكليم الذي لم يكن فيه واسطة بين الله والبشر.

٢ ـ التكليم الذي يكون من وراء الحجاب ، كشجرة طور حيث كان موسىعليه‌السلام سمع كلام الله من تلك الناحية.

٣ ـ التكليم الذي يحمله الملك ويبلغه الى الانسان ، فيسمع كلام الملك وحياً وهو يحكي كلام الله.

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الشورى : ٥١ ـ ٥٢.

١٣٣

واما الاية الثانية فانها تدل على ان القرآن اوحى الى النبي بهذا الشكل ، ومنه يعلم ان وحي القرآن كان من طريق التكليم والخطاب الشفوي.

وقال تعالى :( نزل به الروح الامين *على قلبك لتكون من المنذرين *بلسان عربي مبين ) (١) .

وقال :( من كان عدواً لجبريل فانه نزله على قلبك ) (٢) .

يستفاد من هذه الايات ان القرآن كله او بعضاً منه انزل بواسطة ملك الوحي جبرائيل وروح الامين ( وهو القسم الثالث من التكليم ) كما يستفاد منها ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتلقى الوحي من ذلك الملك بأعماق وجوده(٣) . لا باذنه فقط.

وقال تعالى :( فأوحى الى عبده ما أوحى *ما كذب الفؤاد ما رأى *افتمارونه على ما يرى ) (٤) .

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٥.

(٢) سورة البقرة : ٩٧.

(٣) بدليل ان الايتين قد صرحتا بتنزيل القرآن على قلب الرسول ، وفي عرف القرآن يراد من القلب النفس ، كما نرى في عدة من الايات نسبت الادراك والشعور والمعصية الى القلب وهي من النفس.

(٤) سورة النجم : ١٠ ـ ١٢.

١٣٤

وفي مكان آخر عبر عن الوحي بالتلاوة في الالواح ، فقال :( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ) (١) .

* * *

وقبل ان نختم البحث نود ان نقول : في اقسام الوحي وصفاته وخواصه مباحث اخرى تستفاد من القرآن الكريم ، الا ان الالتزام بالاختصار في فصول هذا الكتاب لم يدع المجال للتحدث عنها طويلاً وبسط القول فيها.

ــــــــــــــــــ

(١) سورة البينة : ٢.

١٣٥
١٣٦

( الفصل الرابع )

القرآن والعلوم

* تعظيم القرآن مكانة العلم

* العلوم التي يدعو القرآن الى تعلمها

* العلوم الخاصة بالقرآن

* العلوم التي كان القرآن عاملا في ظهورها

١٣٧
١٣٨

تعظيم القرآن مكانة العلم والحث على طلبه :

عظم القرآن الكريم مكانة العلم تعظيما لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية الاخرى ، ويكفي انه نعت العصر العربي قبل الاسلام ، بـ « الجاهلية » ، وفيه مئات من الايات يذكر فيها العلم والمعرفة وفي اكثرها ذكرت جلالة العلم ورفيع منزلته.

قال تعالى ممتنا على الانسان :( علم الانسان ما لم يعلم ) (١) .

وقال :( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ) (٢) .

وقال :( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) (٣) .

الى غير ذلك من الايات الكثيرة التي تنادي بعظمة العلم. وفي احاديث الرسول واهل بيتهعليهم‌السلام التالية

ــــــــــــــــــ

(١) سورة العلق : ٥.

(٢) سورة المجادلة : ١١.

(٣) سورة الزمر : ٩.

١٣٩

للقرآن الكريم شواهد لا تحصر في الحث على طلب العلم واهميته وعظيم شأنه.

العلوم التي يدعو القرآن الى تعلمها :

يدعو القرآن الكريم في كثير من آياته ( لم ننقلها هنا لوفرتها ) الى التفكر في الايات السماوية والنجوم المضيئة والاختلافات العجيبة في اوضاعها والنظام المتقن الذي تسير عليه.

ويدعو الى التفكر في خلق الارض والبحار والجبال والاودية وما في بطون الارض من العجائب واختلاف الليل والنهار وتبدل الفصول السنوية.

ويدعو الى التفكر في عجائب النبات والنظام الذي يسير عليه وفي خلق الحيوانات وآثارها وما يظهر منها في الحياة.

ويدعو الى التفكر في خلق الانسان نفسه والاسرار المودعة فيه ، بل يدعو الى التفكر في النفس واسرارها الباطنية وارتباطها بالملكوت الاعلى. كما يدعو الى السير في اقطار الارض والتفكر في آثار الماضين والفحص في احوال الشعوب والجوامع البشرية وما كان لهم من القصص والتواريخ والعبر.

بهذا الشكل الخاص يدعو الى تعلم العلوم الطبيعية

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨