كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

كتاب شرح نهج البلاغة16%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 350

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 350 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94706 / تحميل: 8505
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

القبيح فصار الإتيان بها مع اعتبار دعاء إبليس إلى خلافها خارجا عن الحد المذكور و داخلا في حيز التمكن الذي لو فرضنا ارتفاعه لما صح من المكلف الإتيان بالفعل، و نحن قلنا في الحد مع تمكن المكلف من الإتيان بالفعل في الحالين. و منها أن يقال كيف جاز للحكيم سبحانه أن يقول لإبليس: (إِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ) إلى يوم القيامة و هذا إغراء بالقبيح و أنتم تمنعون أن يقول الحكيم لزيد أنت لا تموت إلى سنة بل إلى شهر أو يوم واحد لما فيه من الإغراء بالقبيح، و العزم على التوبة قبل انقضاء الأمد. و الجواب: أن أصحابنا قالوا إن البارئ تعالى لم يقل لإبليس إني منظرك إلى يوم القيامة، و إنما قال: (إِلى‏ يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ) و هو عبارة عن وقت موته و اخترامه و كل مكلف من الإنس و الجن منظر إلى يوم الوقت المعلوم على هذا التفسير، و إذا(١) كان كذلك لم يكن إبليس عالما أنه يبقى لا محالة فلم يكن في ذلك إغراء له(٢) بالقبيح. فإن قلت فما معنى قوله (عليه‌السلام ) و إنجازا للعدة أليس معنى ذلك أنه قد كان وعده أن يبقيه إلى يوم القيامة. قلت إنما وعده الإنظار و يمكن أن يكون إلى يوم القيامة و إلى غيره من الأوقات، و لم يبين له فهو تعالى أنجز له وعده في الإنظار المطلق و ما من وقت إلا و يجوز فيه أن يخترم إبليس(٣) ، فلا يحصل الإغراء بالقبيح و هذا الكلام عندنا ضعيف و لنا فيه نظر مذكور في كتبنا الكلامية

____________________

(١) ا: (فإذا (.

(٢) كلمة (له (ساقطة من ا.

(٣) كلمة (إبليس (ساقطه من ب.

١٠١

(ثُمَّ أَسْكَنَ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عِيشَتَهُ عَيْشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ اَلْمُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ اَلْأَبْرَارِ فَبَاعَ اَلْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ اَلْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ وَ اِسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلاً وَ بِالاِعْتِزَازِ بِالاِغْتِرَارِ نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ اَلْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ فَأَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ اَلْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ اَلذُّرِّيَّةِ) أما الألفاظ فظاهرة و المعاني أظهر و فيها ما يسأل عنه. فمنها أن يقال الفاء في قوله (عليه‌السلام ) فأهبطه تقتضي أن تكون التوبة على آدم قبل هبوطه من الجنة. و الجواب: أن ذلك أحد قولي المفسرين و يعضده قوله تعالى:( وَ عَصى‏ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى‏ ثُمَّ اِجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى‏ قالَ اِهْبِطا مِنْها ) (١) فجعل الهبوط بعد قبول التوبة. و منها أن يقال إذا كان تعالى قد طرد إبليس من(٢) الجنة لما أبى السجود فكيف توصل إلى آدم و هو في الجنة حتى استنزله عنها بتحسين أكل الشجرة له. الجواب أنه يجوز أن يكون إنما منع من دخول الجنة على وجه التقريب و الإكرام،

____________________

(١) سورة طه ١٢١ - ١٢٣.

(٢) كذا فى ج، وفى ا، ب:"عن الجنتة ".

١٠٢

كدخول الملائكة و لم يمنع من دخولها على غير ذلك الوجه، و قيل إنه دخل في جوف الحية كما ورد في التفسير. و منها أن يقال كيف اشتبه على آدم الحال في الشجرة المنهي عنها فخالف النهي. الجواب أنه قيل له لا تقربا هذه الشجرة و أريد بذلك نوع الشجرة فحمل آدم النهي على الشخص و أكل من شجرة أخرى من نوعها. و منها أن يقال هذا الكلام من أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) تصريح بوقوع المعصية من آدم (عليه‌السلام ) و هو قوله فباع اليقين بشكه و العزيمة بوهنه فما قولكم في ذلك. الجواب: أما أصحابنا فإنهم لا يمتنعون من إطلاق العصيان عليه و يقولون إنها كانت صغيرة و عندهم أن الصغائر جائزة على الأنبياء (عليه‌السلام )، و أما الإمامية فيقولون إن النهي كان نهي تنزيه لا نهي تحريم؛ لأنهم لا يجيزون على الأنبياء الغلط و الخطأ لا كبيرا و لا صغيرا و ظواهر هذه الألفاظ تشهد بخلاف قولهم.

اختلاف الأقوال في ابتداء خلق البشر

و اعلم أن الناس اختلفوا في ابتداء خلق البشر كيف كان فذهب أهل الملل من المسلمين و اليهود و النصارى إلى أن مبدأ البشر هو آدم الأب الأول (عليه‌السلام ) و أكثر ما في القرآن العزيز من قصة آدم مطابق لما في التوراة. و ذهب طوائف من الناس إلى غير ذلك أما الفلاسفة فإنهم زعموا أنه لا أول لنوع البشر و لا لغيرهم من الأنواع. و أما الهند فمن كان منهم على رأي الفلاسفة، فقوله ما ذكرناه و من لم يكن منهم

١٠٣

على رأي الفلاسفة، و يقول بحدوث الأجسام لا يثبت آدم و يقول إن الله تعالى خلق الأفلاك و خلق فيها طباعا محركة لها بذاتها فلما تحركت و حشوها أجسام لاستحالة الخلاء كانت تلك الأجسام على طبيعة واحدة، فاختلفت طباؤعها بالحركة الفلكية فكان القريب من الفلك المتحرك أسخن و ألطف و البعيد أبرد و أكثف، ثم اختلطت العناصر و تكونت منها المركبات و منها تكون نوع البشر كما يتكون الدود في الفاكهة و اللحم و البق في البطائح و المواضع العفنة، ثم تكون بعض البشر من بعض بالتوالد و صار ذلك قانونا مستمرا و نسي التخليق الأول الذي كان بالتولد(١) ، و من الممكن أن يكون بعض البشر في بعض الأراضي القاصية مخلوقا بالتولد(١) و إنما انقطع التولد؛ لأن الطبيعة إذا وجدت للتكون طريقا استغنت به عن طريق ثان. و أما المجوس فلا يعرفون آدم، و لا نوحا، و لا ساما، و لا حاما، و لا يافث، و أول متكون عندهم من البشر البشري(٢) المسمى كيومرث، و لقبه كوشاه، أي: ملك الجبل؛ لأن كو هو الجبل بالفهلوية و كان هذا البشر في الجبال، و منهم من يسميه كلشاه، أي: ملك الطين و كل اسم الطين؛ لأنه لم يكن حينئذ بشر ليملكهم. و قيل: تفسير كيومرث حي ناطق ميت قالوا، و كان قد رزق من الحسن ما لا يقع عليه بصر حيوان إلا و بهت و أغمي عليه، و يزعمون أن مبدأ تكونه و حدوثه أن يزدان و هو الصانع الأول، عندهم أفكر(٣) في أمر أهرمن، و هو الشيطان، عندهم فكرة أوجبت أن عرق جبينه فمسح العرق و رمى به فصار منه كيومرث، و لهم خبط طويل في كيفية تكون أهرمن من فكرة يزدان أو من إعجابه بنفسه أو من توحشه، و بينهم خلاف في قدم أهرمن و حدوثه لا يليق شرحه بهذا الموضع(٤)

____________________

(١) كذا فى ج، وفي باقي الأصول:"التوالد".

(٢) ب: " البشر ".

(٣) أفكر وفكر بالتشديد، بمعنى.

(٤) انظر الشاهنامة ١٤.

١٠٤

ثم اختلفوا في مدة بقاء كيومرث في الوجود، فقال الأكثرون ثلاثون سنة. و قال الأقلون أربعون سنة. و قال قوم منهم: إن كيومرث مكث في الجنة التي في السماء ثلاثة آلاف سنة و هي ألف الحمل، و ألف الثور، و ألف الجوزاء، ثم أهبط إلى الأرض فكان بها آمنا مطمئنا ثلاثة آلاف سنة أخرى، و هي ألف السرطان، و ألف الأسد و ألف السنبلة. ثم مكث بعد ذلك ثلاثين أو أربعين سنة في حرب و خصام بينه و بين أهرمن حتى هلك(١) . و اختلفوا في كيفية هلاكه مع اتفاقهم على أنه هلك قتلا، فالأكثرون قالوا: إنه قتل ابنا لأهرمن يسمى خزورة فاستغاث أهرمن منه إلى يزدان فلم يجد بدا من أن يقاصه به حفظا للعهود التي بينه و بين أهرمن فقتله بابن أهرمن. و قال قوم: بل قتله أهرمن في صراع كان بينهما قهره فيه أهرمن و علاه و أكله(١) . و ذكروا في كيفية ذلك الصراع، أن كيومرث كان هو القاهر لأهرمن في بادئ الحال، و أنه ركبه و جعل يطوف به في العالم إلى أن سأله أهرمن، أي: الأشياء أخوف له و أهولها عنده فقال له باب جهنم فلما بلغ به أهرمن إليها جمح به حتى سقط من فوقه و لم يستمسك فعلاه، و سأله عن أي الجهات يبتدئ به في الأكل؟ فقال: من جهة الرجل لأكون ناظرا إلى حسن العالم مدة ما فابتدأه أهرمن فأكله من عند رأسه، فبلغ إلى موضع الخصي و أوعية المني من الصلب، فقطر من كيومرث قطرتا نطفة على الأرض، فنبت منهما ريباستان(٢) في جبل بإصطخر يعرف بجبل دام داذ، ثم ظهرت على تينك الريباستين الأعضاء البشرية في أول الشهر التاسع، و تمت في آخره فتصور منهما بشران ذكر و أنثى، و هما ميشى و ميشانه، و هما بمنزلة آدم و حواء عند المليين، و يقال لهما أيضا: ملهى و ملهيانه، و يسميهما مجوس خوارزم، مرد و مردانه،

____________________

(١) انظر الشاهنامه ١٤.

(٢) الريباس، بالكسر: نبت له عساليج غضه خضراء، عراض الورق، طعمها حامض مع قبض، ينبت في الجبال ذات الثلوج والبلاد الباردة من غير زرع. المعتمد ١٢٣

١٠٥

و زعموا أنهما مكثا خمسين سنة مستغنين عن الطعام و الشراب متنعمين غير متأذيين بشي‏ء إلى أن ظهر لهما أهرمن في صورة شيخ كبير، فحملهما على التناول من فواكه الأشجار و أكل منها و هما يبصرانه شيخا فعاد شابا فأكلا منها حينئذ فوقعا في البلايا و الشرور، و ظهر فيهما الحرص حتى تزاوجا و ولد لهما ولد فأكلاه حرصا، ثم ألقى الله تعالى في قلوبهما رأفة فولد لهما بعد ذلك ستة أبطن كل بطن ذكر و أنثى، و أسماؤهم في كتاب أپستا، و هو الكتاب الذي جاء به زرادشت معروفة، ثم كان في البطن السابع سيامك و فرواك، فتزاوجا فولد لهما الملك المشهور الذي لم يعرف قبله ملك، و هو أوشهنج، و هو الذي خلف جده كيومرث و عقد له التاج و جلس على السرير و بنى مدينتي بابل و السوس. فهذا ما يذكره المجوس في مبدأ الخلق.

تصويب الزنادقة إبليس لامتناعه عن السجود لآدم

و كان في المسلمين ممن يرمى بالزندقة من يذهب إلى تصويب إبليس في الامتناع من السجود و يفضله على آدم، و هو بشار بن برد المرعث(١) و من الشعر المنسوب إليه:

النار مشرقة و الأرض مظلمة

و النار معبودة مذ كانت النار(٢)

____________________

(١) في اللسان: " سمى بذلك لرعاث كانت له في صغره في أذنه ". والرعاث جمع رعثة، وهي ما علق في الاذن من قرط ونحره. وروى صاحب الأغاني: وإنما سمى المرعث بقوله:

قلت ريم مرعث

ساحر الطرف والنظر

لست والله نائلي

قلت أو يغلب القدر

أنت إن رمت وصلنا

فانج، هل تدرك القمر!

(٢) الأغاني ٣

١٠٦

و كان أبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي الواعظ(١) أخو أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الفقيه الشافعي قاصا لطيفا و واعظا مفوها، و هو من خراسان من مدينة طوس، و قدم إلى بغداد و وعظ بها و سلك في وعظه مسلكا منكرا؛ لأنه كان يتعصب لإبليس، و يقول: إنه سيد الموحدين. و قال يوما على المنبر: من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق. أمر أن يسجد لغير سيده فأبى:

و لست بضارع إلا إليكم

و أما غيركم حاشا و كلا

و قال مرة أخرى لما قال له موسى: أرني، فقال: لن(٢) . قال: هذا شغلك(٣) تصطفي آدم ثم تسود وجهه و تخرجه من الجنة و تدعوني إلى الطور ثم تشمت بي الأعداء، هذا عملك بالأحباب(٤) فكيف تصنع بالأعداء(٥) . و قال مرة أخرى و قد ذكر إبليس على المنبر لم يدر ذلك المسكين أن أظافير القضاء إذا حكت أدمت، و أن قسي القدر إذا رمت أصمت، ثم قال: لسان حال آدم ينشد في قصته و قصة إبليس:

و كنت و ليلى في صعود من الهوى

فلما توافينا ثبت و زلت

و قال مرة أخرى التقى موسى و إبليس عند عقبة الطور، فقال موسى: يا إبليس، لم لم تسجد لآدم؟ فقال: كلا ما كنت لأسجد لبشر كيف أوحده ثم ألتفت إلى غيره و لكنك أنت يا موسى، سألت رؤيته ثم نظرت إلى الجبل فأنا أصدق منك في التوحيد.

____________________

(١) ذكره ابن الجوزي في الجزء التاسع من المنتظم ص ٢٦٠، ضمن وفيات سنة ٥٢٠، وقال عنه: " الغالب على كلامه التخليط ورواية الأحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة، وقد علق عنه كثير من ذلك ". وذكره أيضا ابن حجر في لسان الميزان ٢٩٣:١.

(٢) يشير إلى قوله تعالى في قصة موسى من سورة الأعراف ٣٤١:( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال ربى أرني أنظر إليك قال لن تراني... ) .

(٣) المنتظم: " شأنك ".

(٤) المنتظم: " الأخيار ".

(٥) المنتظم ٩: ٢٦١.

١٠٧

و كان هذا النمط في كلامه ينفق على أهل بغداد، و صار له بينهم صيت مشهور و اسم كبير، و حكى عنه أبو الفرج بن الجوزي في التاريخ أنه قال على المنبر: معاشر الناس، إني كنت دائما أدعوكم إلى الله و أنا اليوم أحذركم منه، و الله ما شدت الزنانير إلا في حبه، و لا أديت الجزية إلا في عشقه. و قال أيضا: إن رجلا يهوديا أدخل عليه ليسلم على يده، فقال له: لا تسلم. فقال له الناس: كيف تمنعه من الإسلام. فقال: احملوه إلى أبي حامد يعني أخاه ليعلمه لا(١) لا المنافقين، ثم قال: ويحكم أتظنون أن قوله لا إله إلا الله منشور ولايته ذا منشور عزله(٢) ، و هذا نوع تعرفه الصوفية بالغلو و الشطح. و يروى عن أبي يزيد البسطامي(٣) منه كثير. و مما يتعلق بما نحن فيه ما رووه عنه من قوله:

فمن آدم في البين

و من إبليس لولاكا

فتنت الكل و الكل

مع الفتنة يهواكا

و يقال: ول من قاس إبليس فأخطأ في القياس و هلك بخطئه، و يقال: إن أول حمية و عصبية ظهرت عصبية إبليس و حميته.

اختلاف الأقوال في خلق الجنة و النار

فإن قيل فما قول شيوخكم في الجنة و النار، فإن المشهور عنهم أنهما لم يخلقا و سيخلقان

____________________

(١) في المنتظم: " يعنى: لا إله إلا الله ".

(٢) عبارة المنتظم: " أفنسوا عزله! ". قال ابن الجوزي بعد أن أورد هذه الحكايات: " لقد أدهشني نفاق هذا الهذيان في بغداد وهي دار العلم، ولقد حضر مجلسه يوسف الهمذاني، فقال: مدد كلام هذا شيطاني، لا رباني، ذهب دينه والدنيا لا تبقى له ".

(٣) هو أبو يزيد طيفور بن عيسى، توفى سنة ٢٦١. طبقات الصوفية للسلمي ٦٧

١٠٨

عند قيام الأجسام. و قد دل القرآن العزيز و نطق كلام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في هذا الفصل بأن آدم كان في الجنة و أخرج منها. قيل قد اختلف شيوخنا رحمهم الله في هذه المسألة، فمن ذهب منهم إلى أنهما غير مخلوقتين الآن. يقول قد ثبت بدليل السمع أن سائر الأجسام تعدم و لا يبقى في الوجود إلا ذات الله تعالى، بدليل قوله:( كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (١) و قوله( هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ ) (٢) فلما كان أولا بمعنى: أنه لا جسم في الوجود معه في الأزل، وجب أن يكون آخرا بمعنى: أنه لا يبقى في الوجود جسم من الأجسام معه فيما لا يزال و بآيات كثيرة أخرى، و إذا كان لا بد من عدم سائر الأجسام لم يكن في خلق الجنة و النار قبل أوقات الجزاء فائدة؛ لأنه لا بد أن يفنيهما مع الأجسام التي تفنى يوم القيامة فلا يبقى مع خلقهما من قبل معنى، و يحملون الآيات التي دلت على كون آدم (عليه‌السلام ) كان في الجنة و أخرج منها على بستان من بساتين الدنيا. قالوا: و الهبوط لا يدل على كونهما في السماء لجواز أن يكون في الأرض إلا أنهما في موضع مرتفع عن سائر الأرض. و أما غير هؤلاء من شيوخنا فقالوا: إنهما مخلوقتان الآن و اعترفوا بأن آدم كان في جنة الجزاء و الثواب، و قالوا لا يبعد أن يكون في إخبار المكلفين بوجود الجنة و النار لطف لهم في التكليف و إنما يحسن الإخبار بذلك إذا كان صدقا، و إنما يكون صدقا إذا كان خبره على ما هو عليه.

القول في آدم و الملائكة أيهما أفضل

فإن قيل فما الذي يقوله شيوخكم في آدم و الملائكة أيهما أفضل. قيل: لا خلاف بين شيوخنا رحمهم الله أن الملائكة أفضل من آدم و من جميع الأنبياء

____________________

(١) سورة القصص ٨٨.

(٢) سورة الحديد ٣.

١٠٩

(عليه‌السلام ) و لو لم يدل على ذلك إلا قوله تعالى في هذه القصة:( إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ اَلْخالِدِينَ ) (١) لكفى. و قد احتج أصحابنا أيضا بقوله تعالى:( لَنْ يَسْتَنْكِفَ اَلْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لاَ اَلْمَلائِكَةُ اَلْمُقَرَّبُونَ ) (٢) و هذا كما تقول لا يستنكف الوزير أن يعظمني و يرفع من منزلتي و لا الملك أيضا، فإن هذا يقتضي كون الملك أرفع منزلة من الوزير، و كذلك قوله:( وَ لاَ اَلْمَلائِكَةُ اَلْمُقَرَّبُونَ ) يقتضي كونهم أرفع منزلة من عيسى. و مما احتجوا به قولهم إنه تعالى لما ذكر جبريل و محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في معرض المدح مدح جبريل (عليه‌السلام ) بأعظم مما مدح به محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فقال:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي اَلْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَ مَا صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ اَلْمُبِينِ وَ ما هُوَ عَلَى اَلْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) (٣) ، فالمديح الأول لجبريل و الثاني لمحمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) و لا يخفى تفاوت ما بين المدحين. فإن قيل فهل كان إبليس من الملائكة أم من نوع آخر قيل قد اختلف في ذلك فمن قال إنه من الملائكة احتج بالاستثناء في قوله:( فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ ) (٤) ، و قال إن الاستثناء من غير الجنس خلاف الأصل، و من قال إنه لم يكن منهم احتج بقوله تعالى:( إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ اَلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) (٥) . و أجاب الأولون عن هذا فقالوا إن الملائكة يطلق عليهم لفظ الجن لاجتنانهم و استتارهم عن الأعين و قالوا قد ورد ذلك في القرآن أيضا في قوله تعالى:( وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ

____________________

(١) سورة الأعراف ٢٠.

(٢) سورة النساء ١٧٢

(٣) سورة التكوير ١٩-٢٤.

(٤) سورة الحجر ٣٠، ٢٩.

(٥) سورة الكهف ٥٠

١١٠

وَ بَيْنَ اَلْجِنَّةِ نَسَباً ) (١) و الجنة هاهنا هم الملائكة؛ لأنهم قالوا إن الملائكة بنات الله بدليل قوله:( أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اِتَّخَذَ مِنَ اَلْمَلائِكَةِ إِناثاً ) (٢) و كتب التفسير تشتمل من هذا على ما لا نرى الإطالة بذكره. فأما القطب الراوندي فقال في هذين الفصلين في تفسير ألفاظهما اللغوية العذب من الأرض ما ينبت و السبخ ما لا ينبت و هذا غير صحيح؛ لأن السبخ ينبت النخل فيلزم أن يكون عذبا على تفسيره. و قال فجبل منها صورة، أي: خلق خلقا عظيما و لفظة جبل في اللغة تدل على خلق سواء كان المخلوق عظيما أو غير عظيم. و قال: الوصول جمع وصل، و هو العضو و كل شي‏ء اتصل بشي‏ء فما بينهما وصلة، و الفصول جمع فصل، و هو الشي‏ء المنفصل، و ما عرفنا في كتب اللغة أن الوصل هو العضو و لا قيل هذا. و قوله بعد ذلك و كل شي‏ء اتصل بشي‏ء فما بينهما وصلة لا معنى لذكره بعد ذلك التفسير، و الصحيح أن مراده (عليه‌السلام ) أظهر من أن يتكلف له هذا التكلف و مراده (عليه‌السلام ) أن تلك الصورة ذات أعضاء متصلة كعظم الساق أو عظم الساعد، و ذات أعضاء منفصلة في الحقيقة و إن كانت متصلة بروابط خارجة عن ذواتها، كاتصال الساعد بالمرفق و اتصال الساق بالفخذ. ثم قال يقال استخدمته لنفسي و لغيري و اختدمته لنفسي خاصة و هذا مما لم أعرفه و لعله نقله من كتاب.

____________________

(١) سورة الصافات ١٥٨

(٢) سورة الإسراء٤٠

١١١

ثم قال و الإذعان الانقياد و الخنوع الخضوع، و إنما كرر الخنوع بعد الإذعان؛ لأن الأول يفيد أنهم أمروا بالخضوع له في السجود و الثاني يفيد ثباتهم على الخضوع لتكرمته أبدا. و لقائل أن يقول: إنه لم يكرر لفظة الخنوع و إنما ذكر أولا الإذعان، و هو الانقياد و الطاعة، و معناه: أنهم سجدوا، ثم ذكر الخنوع الذي معناه الخضوع، و هو يعطي معنى غير المعنى الأول،(١) لأنه ليس كل ساجد خاضعا بقلبه فقد يكون ساجدا بظاهره دون باطنه. و قول الراوندي أفاد بالثاني ثباتهم على الخضوع له لتكرمته أبدا تفسير لا يدل عليه اللفظ و لا معنى الكلام. ثم قال قبيل إبليس نسله قال تعالى:( إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ ) (٢) و كل جيل من الإنس و الجن قبيل و الصحيح أن قبيله نوعه كما أن البشر قبيل كل بشري سواء كانوا من ولده أو لم يكونوا و قد قيل أيضا كل جماعة قبيل، و إن اختلفوا نحو أن يكون بعضهم روما و بعضهم زنجا و بعضهم عربا، و قوله تعالى:( إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ ) لا يدل على أنهم نسله. و قوله بعد و كل جيل من الإنس و الجن قبيل ينقض دعواه أن قبيله لا يكون إلا نسله. ثم تكلم في المعاني فقال: إن القياس الذي قاسه إبليس كان باطلا؛ لأنه ادعى أن النار أشرف من الأرض و الأمر بالعكس؛ لأن كل ما يدخل إلى النار ينقص و كل ما يدخل التراب يزيد و هذا عجيب فإنا نرى الحيوانات الميتة إذا دفنت في الأرض تنقص أجسامها و كذلك الأشجار المدفونة في الأرض على أن التحقيق أن المحترق بالنار و البالي بالتراب لم تعدم أجزاؤه و لا بعضها و إنما استحالت إلى صور أخرى.

____________________

(١) ا: (فإنه)

(٢) سورة الأعراف ٢٧

١١٢

ثم قال و لما علمنا أن تقديم المفضول على الفاضل قبيح علمنا أن آدم كان أفضل من الملائكة في ذلك الوقت و فيما بعده. و لقائل أن يقول أليس قد سجد يعقوب ليوسف (عليه‌السلام ) أفيدل ذلك على أن يوسف أفضل من يعقوب و لا يقال إن قوله تعالى:( وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى اَلْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) (١) لا يدل على سجود الوالدين، فلعل الضمير يرجع إلى الإخوة خاصة؛ لأنا نقول هذا الاحتمال مدفوع بقوله:( وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ) (٢) و هو كناية عن الوالدين. و أيضا قد بينا أن السجود إنما كان لله سبحانه و أن آدم كان قبلة و القبلة لا تكون أفضل من الساجد إليها أ لا ترى أن الكعبة ليست أفضل من النبي (عليه‌السلام ) : (وَ اِصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى اَلْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ وَ عَلَى تَبْلِيغِ اَلرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ [ إِيمَانَهُمْ ] لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اَللَّهِ إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اِتَّخَذُوا اَلْأَنْدَادَ مَعَهُ وَ اِجْتَالَتْهُمُ اَلشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَ اِقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ(٣) رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ، وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ اَلْعُقُولِ وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ اَلْمَقْدِرَةِ مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ وَ أَحْدَاثٍ تَتَتَابَعُ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يُخْلِ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لاَزِمَةٍ

____________________

(١) سورة يوسف ١٠٠.

(٢) سورة يوسف ٤

(٣) مخطوطة النهج: (إليهم).

١١٣

أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ رُسُلٌ لاَ تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ وَ لاَ كَثْرَةُ اَلْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ اجتالتهم الشياطين أدارتهم)، تقول: اجتال فلان فلانا و اجتاله عن كذا و على كذا، أي: أداره عليه كأنه يصرفه تارة هكذا و تارة هكذا يحسن له فعله و يغريه به. و قال الراوندي اجتالتهم عدلت بهم و ليس بشي‏ء. و قوله (عليه‌السلام ) : (واتر إليهم أنبياءه)، أي: بعثهم و بين كل نبيين فترة و هذا مما تغلط فيه العامة فتظنه كما ظن الراوندي أن المراد به المرادفة، و المتابعة، و الأوصاب الأمراض، و الغابر الباقي. و يسأل في هذا الفصل عن أشياء منها عن قوله (عليه‌السلام ) : (أخذ على الوحي ميثاقهم). و الجواب أن المراد أخذ على أداء الوحي ميثاقهم و ذلك أن كل رسول أرسل فمأخوذ عليه أداء الرسالة كقوله تعالى:( يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) (١) . و منها أن يقال ما معنى قوله (عليه‌السلام ) : (ليستأدوهم ميثاق فطرته) هل هذا

____________________

(١) سورة المائدة ٦٧

١١٤

إشارة إلى ما يقوله أهل الحديث في تفسير قوله تعالى:( وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (١) ؟ و الجواب: أنه لا حاجة في تفسير هذه اللفظة إلى تصحيح ذلك الخبر، و مراده (عليه‌السلام ) بهذا اللفظ أنه لما كانت المعرفة به تعالى و أدلة التوحيد و العدل مركوزة في العقول أرسل سبحانه الأنبياء أو بعضهم ليؤكدوا(٢) ذلك المركوز في العقول، و هذه هي الفطرة المشار إليها بقوله (عليه‌السلام ) : (كل مولود يولد على الفطرة). و منها أن يقال إلى ما ذا يشير بقوله أو حجة لازمة هل هو إشارة إلى ما يقوله الإمامية من أنه لا بد في كل زمان من وجود إمام معصوم؟ الجواب: أنهم يفسرون هذه اللفظة بذلك و يمكن أن يكون المراد بها حجة العقل. و أما القطب الراوندي فقال في قوله (عليه‌السلام ) : (و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء)، الولد يقال: على الواحد و الجمع؛ لأنه مصدر في الأصل و ليس بصحيح؛ لأن الماضي فعل بالفتح و المفتوح لا يأتي مصدره بالفتح، و لكن فعلا مصدر فعل بالكسر، كقولك ولهت عليه ولها و وحمت المرأة وحما. ثم قال إن الله تعالى بعث يونس قبل نوح و هذا خلاف إجماع المفسرين و أصحاب السير. ثم قال: و كل واحد من الرسل و الأئمة كان يقوم بالأمر و لا يردعه عن ذلك قلة عدد أوليائه و لا كثرة عدد أعدائه، فيقال له: هذا خلاف قولك في الأئمة المعصومين، فإنك تجيز عليهم التقية و ترك القيام بالأمر إذا كثرت أعداؤهم. و قال في تفسير قوله (عليه‌السلام ) : من سابق سمي له من بعده أو غابر عرفه

____________________

(١) سورة اعراف١٧٢.

(٢) ا: " ليؤكد ذلك المركوز".

١١٥

من قبله كان من ألطاف الأنبياء المتقدمين و أوصيائهم أن يعرفوا الأنبياء المتأخرين و أوصياءهم، فعرفهم الله تعالى ذلك، و كان من اللطف بالمتأخرين و أوصيائهم أن يعرفوا أحوال المتقدمين من الأنبياء و الأوصياء، فعرفهم الله تعالى ذلك أيضا، فتم اللطف لجميعهم. و لقائل أن يقول لو كان (عليه‌السلام ) قال أو غابر عرف من قبله لكان هذا التفسير مطابقا، و لكنه (عليه‌السلام ) لم يقل ذلك و إنما قال عرفه من قبله و ليس هذا التفسير مطابقا لقوله عرفه و الصحيح أن المراد به من نبي سابق عرف من يأتي بعده من الأنبياء، أي: عرفه الله تعالى ذلك أو نبي غابر نص عليه من قبله و بشر به كبشارة الأنبياء بمحمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : (عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ [ ذَهَبَتِ ] اَلْقُرُونُ وَ مَضَتِ اَلدُّهُورُ وَ سَلَفَتِ اَلآْبَاءُ وَ خَلَفَتِ اَلْأَبْنَاءُ إِلَى أَنْ بَعَثَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) رَسُولَ اَللَّهِ (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) لِإِنْجَازِ عِدَتِهِ وَ إِتْمَامِ(١) نُبُوَّتِهِ مَأْخُوذاً عَلَى اَلنَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ كَرِيماً مِيلاَدُهُ وَ أَهْلُ اَلْأَرْضِ [ اَلْأَرَضِينَ ] يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَ أَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ وَ طَرَائِقُ [ طَوَائِفُ ] مُتَشَتِّتَةٌ بَيْنَ مُشَبِّهٍ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ أَوْ مُلْحِدٍ فِي اِسْمِهِ أَوْ مُشِيرٍ إِلَى غَيْرِهِ فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ اَلضَّلاَلَةِ وَ أَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ اَلْجَهَالَةِ ثُمَّ اِخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) لِقَاءَهُ وَ رَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ وَ أَكْرَمَهُ(٢) عَنْ دَارِ اَلدُّنْيَا وَ رَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ [ مُقَارَنَةِ مَقَارِّ ] اَلْبَلْوَى فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ كَرِيماً (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وَ خَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ اَلْأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا إِذْ لَمْ يَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ

____________________

(١) مخطوطة النهج: " وتمام ".

(٢) مخطوطة النهج: " فأكرمه ".

١١٦

وَ لاَ عَلَمٍ قَائِمٍ كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ مُبَيِّناً(١) حَلاَلَهُ وَ حَرَامَهُ وَ فَرَائِضَهُ وَ فَضَائِلَهُ وَ نَاسِخَهُ وَ مَنْسُوخَهُ وَ رُخَصَهُ وَ عَزَائِمَهُ وَ خَاصَّهُ وَ عَامَّهُ وَ عِبَرَهُ وَ أَمْثَالَهُ وَ مُرْسَلَهُ وَ مَحْدُودَهُ وَ مُحْكَمَهُ وَ مُتَشَابِهَهُ [ مُتَسَابِقَهُ ] مُفَسِّراً جُمَلَهُ مُجْمَلَهُ [ جُمَلَهُ ] وَ مُبَيِّناً غَوَامِضَهُ بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِهِ وَ مُوَسَّعٍ عَلَى اَلْعِبَادِ فِي جَهْلِهِ وَ بَيْنَ مُثْبَتٍ فِي اَلْكِتَابِ فَرْضُهُ وَ مَعْلُومٍ فِي اَلسُّنَّةِ نَسْخُهُ وَ وَاجِبٍ فِي اَلسُّنَّةِ أَخْذُهُ وَ مُرَخَّصٍ فِي اَلْكِتَابِ تَرْكُهُ وَ بَيْنَ وَاجِبٍ لِوَقْتِهِ بِوَقْتِهِ وَ زَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِهِ وَ مُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ مِنْ كَبِيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ أَوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ وَ بَيْنَ مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاهُ وَ مُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاهُ) قوله (عليه‌السلام ) نسلت القرون ولدت و الهاء في قوله: لإنجاز عدته، راجعة إلى البارئ سبحانه، و الهاء في قوله: و إتمام نبوته، راجعة إلى محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) و قوله: مأخوذ على النبيين ميثاقه، قيل: لم يكن نبي قط إلا و بشر بمبعث محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) و أخذ عليه تعظيمه و إن كان بعد لم يوجد. فأما قوله: و أهل الأرض يومئذ ملل متفرقة فإن العلماء يذكرون أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بعث و الناس أصناف شتى في أديانهم يهود، و نصارى، و مجوس، و صائبون، و عبده أصنام، و فلاسفة، و زنادقة.

القول في أديان العرب في الجاهلية

فأما الأمة التي بعث محمد ص فيها فهم العرب و كانوا أصنافا شتى،

____________________

(١) ب: " فيكم ".

١١٧

فمنهم معطلة و منهم غير معطلة، فأما المعطلة منهم فبعضهم أنكر الخالق و البعث و الإعادة، و قالوا ما قال القرآن العزيز عنهم( ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا اَلدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا وَ ما يُهْلِكُنا إِلاَّ اَلدَّهْرُ ) (١) فجعلوا الجامع لهم الطبع و المهلك لهم الدهر، و بعضهم اعترف بالخالق سبحانه، و أنكر البعث، و هم الذين أخبر سبحانه عنهم بقوله:( قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ ) (٢) و منهم من أقر بالخالق و نوع من الإعادة، و أنكروا الرسل و عبدوا الأصنام و زعموا أنها شفعاء عند الله في الآخرة و حجوا لها و نحروا لها الهدي و قربوا لها القربان، و حللوا و حرموا و هم جمهور العرب، و هم الذين قال الله تعالى عنهم:( وَ قالُوا ما لِهذَا اَلرَّسُولِ يَأْكُلُ اَلطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي اَلْأَسْواقِ ) (٣) . فممن نطق شعره بإنكار البعث بعضهم يرثي قتلى بدر(٤) :

فما ذا بالقليب قليب بدر

من الفتيان و القوم الكرام(٥)

و ما ذا بالقليب قليب بدر

من الشيزى تكلل بالسنام(٦)

أيخبرنا ابن كبشة أن سنحيا

و كيف حياة أصداء وهام

إذا ما الرأس زال بمنكبيه

فقد شبع الأنيس من الطعام

أيقتلني إذا ما كنت حيا

و يحييني إذ رمت عظامي

____________________

(١) سورة الجاثية ٢٤.

(٢) سورة الفرقان ٧٨.

(٣) سورة الفرقان ٧

(٤) سيرة ابن هشام ٢: ٣١١ مع اختلاف في الرواية وترتيب الأبيات وعددها، ونسبها إلى شداد ابن الأسود.

(٥) ابن هشام: * من القينات والشرب الكرام * والقليب: البئر.

(٦) البيت في اللسان ٧: ٢٣٠، ورواه: " يزين بالسنام "، وقال في شرحه: الشيزى: شجر يتخذ منه الجفان، وأراد بالجفان أربابها الذين كانوا يطمعون فيها وقتلوا ببدر وألقوا في القليب، فهو يرثيهم، وسمى الجفان شيزى بأسم أصلها ".

١١٨

و كان من العرب من يعتقد التناسخ و تنقل الأرواح في الأجساد، و من هؤلاء أرباب الهامة التي قال (عليه‌السلام ) عنهم: (لا عدوى و لا هامة و لا صفر)(١) و قال ذو الإصبع:

يا عمرو إلا تدع شتمي و منقصتي

أضربك حيث تقول الهامة اسقوني(٢)

و قالوا: إن ليلى الأخيلية لما سلمت على قبر توبة بن الحمير خرج إليها هامة من القبر صائحة أفزعت ناقتها فوقصت(٣) بها فماتت، و كان ذلك تصديق قوله:

و لو أن ليلى الأخيلية سلمت

علي و دوني جندل و صفائح(٤)

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا

إليها صدى من جانب القبر صائح

و كان توبة و ليلى في أيام بني أمية. و كانوا في عبادة الأصنام مختلفين، فمنهم من يجعلها مشاركة للبارئ تعالى و يطلق عليها لفظة الشريك و من ذلك قولهم في التلبية لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه و ما ملك، و منهم من لا يطلق عليها لفظ الشريك و يجعلها وسائل و ذرائع إلى الخالق سبحانه، و هم الذين قالوا:( ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اَللَّهِ زُلْفى) (٥) . و كان في العرب مشبهة و مجسمة منهم أمية بن أبي الصلت و هو القائل:

من فوق عرش جالس قد حط

رجليه إلى كرسيه المنصوب

و كان جمهورهم عبدة الأصنام فكان ود لكلب بدومة الجندل و سواع لهذيل

____________________

(١) كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها الصفر، تصيب الانسان إذا جاع وتؤذيه. نهاية ابن الأثير ٢٢٦:٢.

(٢) من قصيدة مفضلية، المفضليات ١٦٣.

(٣) وقصت بها، أي سقطت عنها فماتت.

(٤) ديوان الحماسة لأبي تمام بشرح التبريزي ٢٦٧:٣. والصفائح: الحجارة العراض تكون على القبور

(٥) سورة الزمر ٣.

١١٩

و نسر لحمير و يغوث لهمدان و اللات لثقيف بالطائف و العزى لكنانة و قريش و بعض بني سليم و مناة لغسان و الأوس و الخزرج و كان هبل لقريش خاصة على ظهر الكعبة و أساف(١) و نائلة على الصفا و المروة، و كان في العرب من يميل إلى اليهودية منهم جماعة من التبابعة و ملوك اليمن، و منهم نصارى كبني تغلب و العباديين رهط عدي بن زيد و نصارى نجران، و منهم من كان يميل إلى الصابئة و يقول بالنجوم و الأنواء. فأما الذين ليسوا بمعطلة من العرب فالقليل منهم و هم المتألهون أصحاب الورع(٢) و التحرج عن القبائح كعبد الله و عبد المطلب و ابنه أبي طالب، و زيد بن عمرو بن نفيل، و قس بن ساعدة الإيادي، و عامر بن الظرب العدواني، و جماعة غير هؤلاء. و غرضنا من هذا الفصل بيان قوله (عليه‌السلام ) : بين مشبه لله بخلقه أو ملحد في اسمه إلى غير ذلك، و قد ظهر بما شرحناه. ثم ذكر (عليه‌السلام ) : أن محمدا (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) خلف في الأمة بعده كتاب الله تعالى طريقا واضحا، و علما قائما، و العلم المنار يهتدى به. ثم قسم ما بينه (عليه‌السلام ) في الكتاب أقساما: فمنها حلاله و حرامه، فالحلال كالنكاح، و الحرام كالزنا. و منها فضائله و فرائضه، فالفضائل النوافل، أي: هي فضلة غير واجبة كركعتي الصبح و غيرهما، و الفرائض كفريضة الصبح. و قال الراوندي: الفضائل هاهنا، جمع فضيلة، و هي الدرجة الرفيعة و ليس بصحيح ألا تراه كيف جعل الفرائض في مقابلتها و قسيما لها، فدل ذلك على أنه أراد النوافل.

____________________

(١) أساف وإساف، كسحاب وكتاب.

(٢) ا: " التورع ".

١٢٠

عليهم‌السلام قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدته يبكى بكاء شديدا، فقلت: فداك أبي وأمى يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن فبكيت لـمّـا رأيت من شدة عذابهن ورأيت امرأة معلقة بشعرة يغلي دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها، والحميم يصير في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة تأكل جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها(١) وبدنها متقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار، ورأيت امرأة يقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار، ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعائها، ورأيت امرأة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار(٢) .

قالت فاطمةعليها‌السلام : حبيبي وقرة عيني! أخبرنى ما كان عملهن وسيرتهن حتّى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال: يا بنتي اما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطى شعرها من الرجال، واما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها، واما المعلقة بثدييها فانها كانت تمنع زوجها من فراشها، واما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها، واما التي كانت تأكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس، واما التي شد يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف وكانت تستهين بالصلوة، واما الصماء العمياء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها، واما التي يقرض لحمها بالمقاريض فانها كانت تعرض نفسها على الرجال، واما التي كانت يحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعائها فانها كانت قوادة، واما التي

__________________

(١) المنخر: الأنف ـ وقيل: ثقبه.

(٢) المقامع جمع المقمعة: العمود من حديد.

١٢١

كانت رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فانها كانت نمامة كذابة، واما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت قينة(١) بوجه حاسدة(٢) ثم قال: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها.

٢٨ ـ وباسناده إلى الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي وأقعدنى على درنوك(٣) من درانيك الجنة، ثم ناولني سفرجلة، فاذا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها، فقالت: السلام عليك يا محمّد قلت: من أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلثة أصناف: أسفلى من المسك، ووسطى من كافور، واعلاى من عنبر، وعجنني من ماء الحيوان، قال الجبار: كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك.

٢٩ ـ وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا، رجلا له في المشرق ورجلا له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه، فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: ملك الموتعليه‌السلام .

٣٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء رأيت رحما معلقة بالعرش تشكوا رحما إلى ربها، قلت: كم بينها وبينها من أب؟ قال: يلتقي في أربعين أبا.

٣١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن عليٍّعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له: يا عليُّ أنّي رأيت اسمك مقرونا إلى اسمى في أربعة مواطن فأنست بالنظر اليه، إنّي لـمّـا بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على الصخرة مكتوبا: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله أيّدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ قال: عليّ بن أبى طالبعليه‌السلام ، فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت

__________________

(١) القينة: المغنية.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «نواحة حاسدة».

(٣) الدرنوك: ماله خمل من بساط أو ثوب، والجمع درانيك.

١٢٢

مكتوبا عليها: انّي انا الله لا إله إلّا أنا وحدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فقلت لجبرئيل: من وزيري؟ فقال: علي بن أبى طالبعليه‌السلام ، فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه: انا الله لا إله إلّا انا وحدي، محمد حبيبي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره، فلما رفعت رأسى نظرت على بطنان العرش مكتوبا: انا الله لا إله إلّا انا محمد عبدي ورسولي، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

٣٢ ـ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أعطانى الله تبارك وتعالى خمسا وأعطى عليّا خمسا: أسري بي إليه وفتح له أبواب السماء حتّى نظر إلى ما نظرت إليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا عرج بي ربي جل جلاله أتانى النداء: يا محمّد قلت: لبيك رب العظمة لبيك فأوحى الله إلى يا محمّد فيما اختصصت بالملإ الأعلى؟ فقلت: لا علم لي إلهي فقال: يا محمّد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ قلت: إلهي ومن أتخذ؟ تخير أنت لي يا الهى، فأوحى الله إلى: يا محمّد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبى طالب فقلت: إلهي ابن عمى؟ فأوحى الله إلى: يا محمّد إنّ عليّا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيمة، وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من مؤمني أمتك، ثم أوحى الله إلى يا محمّد إنّي قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين حقا حقا أقول يا محمّد، لأدخلن جميع أمتك الجنة إلّا من أبى من خلقي، فقلت: إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله إلى: بلى، فقلت: وكيف يأبى؟ فأوحى الله إلى: يا محمّد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك، وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حيوتك، فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة فخررت للهعزوجل ساجدا شكرا لـمّـا أنعم على فاذا مناد ينادى: ارفع رأسك واسئلنى أعطك ،

١٢٣

فقلت: إلهي اجمع أمتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبى طالب ليردوا جميعا على حوضي يوم القيمة، فأوحى الله إلى: يا محمّد إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم لأهلك [به] من أشاء وأهدى به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى، لا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضنى، ومن عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبه فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبنى قد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك ان اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلّى خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا(١) أنجى به من الهلكة وأهدى به من الضلالة وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض، فقلت: إلهي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله إلىعزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر الغوا(٢) وقل العمل، وكثر القتل وقل فقهاء الهادين، وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ قبل قبورهم(٣) مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمتك به، ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء وصارت أمتك الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذووا الرأى منهم فسقة، وعند ذلك ثلاث خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة بيد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن على، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني، فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إلى وأخبرني ببلاء بني أميّة وفتنة ولد عمى العباس وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيمة، فأوصيت

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «كما ملئت ظلما وجورا» بدون لفظة «منهم» والظاهر انها زيادة من النساخ.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «وكثر القراء اه» والظاهر المناسب للسياق.

(٣) وفي المصدر «واتخذ أمتك قبورهم مساجد».

١٢٤

بذلك ابن عمى حين هبطت الأرض وأديت الرسالة والحمد لله على ذلك، كما حمده النبيون وكما حمده كل نبي قبلي، وما هو خالقه إلى يوم القيمة.

٣٤ ـ وباسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول في آخره: وانه لـمّـا عرج بي إلى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى، ثم قال: نقدم يا محمّد، فقلت: يا جبرئيل أتقدم عليك؟ قال: نعم، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدم يا محمّد ان هذا انتهاء حدى الذي وضعه الله لي في هذا المكان، فان تجاوزته احترقت أجنحتى لتعدى حدود ربي جل جلاله، فزج بي زجة(١) في النور حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء اللهعزوجل في ملكوته، فنوديت: يا محمّد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلى فتوكل فانك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن عصاك وخالفك خلقت ناري، ولاوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب ومن أوصيائى؟ فنوديت يا محمّد أوصيائك المكتوبون على ساق العرش فنظرت وانا بين يدي ربي إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا في كل نور سطر أخضر، مكتوب عليه اسم كل وصيّ من أوصيائى، أولهم علي بن أبى طالب وآخرهم مهدي أمتي، فقلت يا رب أهؤلاء أوصيائى من بعدي؟ فنوديت: يا محمّد هؤلاء أوليائى واحبائى وأصفيائى وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصيائك وخلفائك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ولأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائى ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرن له الرياح ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولا مدنه بملائكتى، حتى

__________________

(١) زج بالشيء: رمى به. وفي المصدر «زخ بي زحة» بالخاء وهو أيضا بمعناه، قال الجزري في النهاية: في الحديث: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ به في النار أي دفع ورمى.

١٢٥

تعلو دعوتي(١) ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيمة.

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحضرت الصلوة اذن جبرئيل، وأقام الصلوة، فقال: يا محمّد تقدم، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تقدم يا جبرئيل، فقال له: انا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.

٣٦ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: قلت: لأى علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده ويقال في السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال: يا هشام ان الله تبارك وتعالى خلق السموات سبعا، والأرض سبعا والحجب سبعا، فلما اسرى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل يقول الكلمات التي يقال في الافتتاح فلما رفع له الثاني كبر، فلم يزل كذلك حتّى بلغ سبع حجب، وكبر سبع تكبيرات، فلذلك العلة يكبر للافتتاح في الصلوة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما راى من عظمة الله ارتعدت فرائصه(٢) فابترك على ركبتيه وأخذ يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، فلما قال سبع تكبيرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة.

٣٧ ـ وباسناده إلى إسحق بن عمار قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : كيف صارت الصلوة ركعة وسجدتين؟ وكيف إذا صارت سجدتين لم تكن ركعتين؟ فقال: إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم، ان أول صلوة صلاها رسول الله

__________________

(١) وفي المصدر «حتى يعلن عوتى».

(٢) الفريصة: لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع.

١٢٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله، وذلك أنّه لـمّـا أسري به وصار عند عرشه تبارك وتعالى، قال: يا محمّد ادن من صاد(١) فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك، فدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حيث أمره الله تبارك وتعالى فتوضأ وأسبغ وضوئه(٢) ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلوة، ففعل فقال: يا محمّد اقرأ:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) إلى آخرها» ففعل ذلك ثم أمره ان يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) ثم أمسك فيه القول فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ ) فقال: قل( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) فأمسك عنه القول، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كذلك الله ربي كذلك الله ربي، كذلك الله ربي، فلما قال ذلك قال: اركع يا محمّد لربك، فركع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال وهو راكع: سبحان ربي العظيم وبحمده، ففعل ذلك ثلثا، ثم قال: ارفع رأسك يا محمّد ففعل رسول الله، فقام منتصبا بين يدي اللهعزوجل ، فقال: اسجد يا محمّد لربك، فخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا فقال: قل: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ففعل ذلك رسول الله ثلثا، فقال له: استو جالسا يا محمّد ففعل، فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر امره ربهعزوجل فسبح أيضا ثلثا، فقال: انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله، فقال له: اقرأ يا محمّد وافعل كما فعلت في الركعة الاولى، ففعل ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم سجد سجدة واحدة فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية، فخر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر ربهعزوجل ، فسبح أيضا ثم قال له: ارفع رأسك ثبتك الله، وأشهد أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، و( أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) ، أللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وترّحم على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ،

__________________

(١) مر في حديث الكافي معناه وانه ماء يسيل من ساق العرش، وسيأتى في آخر الحديث أيضا.

(٢) أسبغ فلان الوضوء: أبلغه مواضعه ووفى كل عضو حقه.

١٢٧

اللهم تقبل شفاعته وارفع درجته ففعل، فقال: سلّم يا محمّد واستقبل(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه تبارك وتعالى مطرقا فقال: السّلام، فأجابه الجبّار جلّ جلاله فقال: وعليك السّلام يا محمّد، بنعمتي قويتك على طاعتي وبعصمتي إيّاك اتخذتك نبيّا وحبيبا، ثمّ قال أبو الحسنعليه‌السلام : وانما كانت الصلوة التي أمر بها ركعتين وسجدتين، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما سجد سجدتين في كل ركعة عما أخبرتك من تذكره [عظمة] ربه تبارك وتعالى، فجعله اللهعزوجل فرضا، قلت: جعلت فداك وما صاد الذي أمر ان يغتسل منه؟ فقال: عين تنفجر من ركن من أركان العرش يقال له ماء الحيوة، وهو ما قال اللهعزوجل :( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) إنّما امره أن يتوضأ ويقرء ويصلى.

٣٨ ـ أبى (ره) قال: حدّثنا الحسين بن محمد العطار عن محمد بن الحسن الصفار ولم يحفظ اسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء سقط من عرقي فنبت منه الورد فوقع في البحر، فذهب السمك ليأخذها وذهب الدعموص(٢) ليأخذها، فقالت السمكة: هي لي وقال الدعموص: هي لي، فبعث اللهعزوجل إليهما ملكا ليحكم بينهما فجعل نصفها للسمكة، ونصفها للدعموص.

٣٩ ـ في من لا يحضره الفقيه وسأل محمد بن عمران أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: لأي علة يجهر في صلوة الجمعة وصلوة المغرب وصلوة العشاء الآخرة وصلوة الغداة، وساير الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري به إلى السماء كان أول صلوة فرضها الله عليه الظهر يوم الجمعة، فأضاف اللهعزوجل إليه الملائكة تصلى خلفه، وأمر نبيه ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله، ثم فرض عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة، وأمره أن يخفى القراءة، لأنه لم يكن وراه أحد، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالإجهار وكذلك العشاء الآخرة، فلما كان قرب

__________________

(١) وفي المصدر «فقال: سلم يا محمّد واستقبل فاستقبل رسول الله اه».

(٢) الدعموص: دويبة أو دودة سوداء تكون في الغدران إذا نشت.

١٢٨

الفجر نزل ففرض اللهعزوجل عليه الفجر فأمره بالإجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها، وصار التسبيح أفضل من القرائة في الأخيرتين لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة اللهعزوجل فدهش، فقال: سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر، فلذلك صار التسبيح أفضل من القرائة.

٤٠ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء إذا انا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوتة وزبرجد، وأعلاها ذهبة حمراء، فقلت: يا جبرئيل ما هذه؟ فقال: هذا دينك أبيض واضح مضى، قلت: وما هذه وسطها؟ قال: الجهاد، قلت: فما هذه الذهبة الحمراء؟

قال: الهجرة، وكذلك علا ايمان عليٍّعليه‌السلام على ايمان كل مؤمن.

٤١ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما عرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل أتخلينى على هذه الحال؟ فقال: امضه فو الله لقد وطيت مكانا ما وطاه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

٤٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله خلق الإسلام فجعل له عرصة، وجعل له نورا، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا فاما عرصته فالقرآن واما نوره فالحكمة واما حصنه فالمعروف واما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم فانه لـمّـا أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيلعليه‌السلام لأهل السماء استودع الله حبى وحب أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيمة ثم هبط بي إلى الأرض فنسبني إلى أهل الأرض، فاستودععزوجل حبى وحبّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمني أمّتي يحفظون وديعتي إلى يوم القيمة، ألآ فلو ان رجلا من أمّتي عبد اللهعزوجل عمره أيام الدنيا، ثم لقى اللهعزوجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلّا عن نفاق.

١٢٩

٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة أو الفضيل عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلوة فأذن جبرئيلعليه‌السلام واقام فتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصف الملائكة والنبيون خلف محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٤ ـ محمد بن الحسن وعلى بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبد الله الخزاز عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: يا هارون بن خارجة كم بينك وبين المسجد الكوفة يكون ميلا؟ قلت: لا قال: أفتصلي فيه الصلوة كلها؟ قلت: لا، قال: أما لو كنت بحضرته لرجوت ألّا تفوتني فيه صلوة، وتدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من عبد صالح ولا نبي إلّا وقد صلى في مسجد كوفان حتّى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري الله به قال له جبرئيلعليه‌السلام : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة؟ أنت مقابل مسجد كوفان، قال: فاستأذن لي ربي حتّى آتيه فأصلّي فيه ركعتين فاستأذن اللهعزوجل فأذن له والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن أحمد بن محمد بن أبى نصر عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام قال: قال لي: يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟ فقلت: جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راى ربه في صورة شاب، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم فقال: يا أحمد إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّـا أسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أنْ يرى، وأردتم أنتم التشبيه؟ دع هذا يا أحمد، لا ينفتح عليك منه أمر عظيم.

٤٦ ـ وحدّثني أبى عن حمّاد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيت قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخلها من خارجها، وخارجها من داخلها، من ضيائها، وفيها بيتان من در وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد

١٣٠

بالليل والناس نيام، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٧ ـ حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من سبق إلى بلى رسول الله، وذلك أنّه كان أقرب الخلق إلى الله تعالى وكان بالمكان الذي قال له جبرئيلعليه‌السلام لـمّـا أسري به إلى السماء: تقدم يا محمّد لقد وطأت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولو لا أنّ روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، وكان من اللهعزوجل كما قال الله( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) أي بل أدنى.

٤٨ ـ حدّثني أبي عن عمرو بن سعيد الراشدي عن ابن مسكان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوحى إليه في على ما أوحى من شرفه ومن عظمته عند الله، ورد إلى البيت المعمور، وجمع له النبيين فصلوا خلفه عرض في نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عظم ما أوحى إليه في على، فأنزل الله:( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعنى الأنبياء، فقد أنزلنا إليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك( لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ ) فقال الصادقعليه‌السلام : فو الله ما شك وما سأل.

٤٩ ـ وحدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكثر تقبيل فاطمةعليها‌السلام ، فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عائشة إنّي لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدنانى جبرئيلعليه‌السلام من شجرة طوبى وناولني من ثمارها، فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها قط إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها.

٥٠ ـ حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: حججت مع أبى جعفرعليه‌السلام في السنة التي حجّ فيها هشام بن عبد الملك، وكان

١٣١

معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس؟ قال نبي أهل الكوفة محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، فقال: لآتينه فلا سألنه عن مسايل لا يجيبني فيها إلّا نبي أو وصيّ نبي، قال: فاذهب إليه فاسئله لعلّك تخجله فجاء نافع حتّى اتكى على الناس فأشرف على أبي جعفرعليه‌السلام فقال: يا محمّد بن عليّ إنّي قد قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيب فيها إلّا نبي أو وصيّ نبي أو ابن نبي، فرفع أبو جعفرعليه‌السلام رأسه فقال: سل عمّا بدا لك فقال: كم كان بين عيسى ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من سنة؟ قال: أخبرك بقولك أم بقولي؟ قال أخبرنى بالقولين جميعا، فقال: أمّا في قولي فخمسمائة سنة وأمّا في قولك فستمائة سنة، قال: أخبرني عن قول اللهعزوجل :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) من الذي سئل محمّد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذه الآية( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) كان من الآيات التي أراها الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث اسرى به إلى البيت المقدس، أنّه حشر الأوّلين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثمّ أمر جبرئيل فاذن شفعا وأقام شفعا وقال في إقامته حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى بالقوم، فلمّا انصرف قال: سل يا محمّد من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ وباسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قيعان يقق(١) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من

__________________

(١) القيعان جمع القاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الآكام والجبال. واليقق المتناهى في البياض وقد تكسر القاف.

١٣٢

فضة ولبنة من ذهب، وربما أمسكوا فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتّى تجيئنا النفقة، فقلت: فما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن في الدنيا سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر، فاذا قال بنينا، وإذا أمسك أمسكنا.

٥٢ ـ وقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّـا أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلنى الجنة وأجلسنى على درنوك من درانيك الجنة(١) فناولني سفر جلة فانفلقت نصفين، فخرجت من بينهما حوراء، فقامت بين يدي فقالت: السلام عليك يا محمّد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من أنت؟ قالت: انا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلثة أنواع، أسفلى من المسك، ووسطى من العنبر، وأعلاى من الكافور، وعجنت بماء الحيوان، ثم قال جل ذكره لي: كوني، فكنت لأخيك ووصيك عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلى العشاء الآخرة وصلى الفجر في الليلة التي اسرى به فيها بمكة.

٥٤ ـ عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: حدث أبو سعيد الخدري أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ جبرئيل قال لي(٢) ليلة أسري بي وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي ان تقرأ على خديجة من الله ومنى السلام، وحدّثنا عند ذلك انها قالت حين لقيها نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت: إنّ الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرئيل السلام. قال عز من قائل( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

٥٥ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن خالد الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لم يزل اللهعزوجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم، والسمع ذاته ولا مسموع، والبصر ذاته ولا مبصر، والقدرة

__________________

(١) الدرنوك: ماله خمل من البساط، وقد مر.

(٢) وفي البحار «أتانى» مكان «قال لي» وهو الظاهر.

١٣٣

ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم، والسمع على المسموع، والبصر على المبصر، والقدرة على المقدور، قال: قلت: فلم يزل الله متحركا؟ قال فقال: تعالى الله ان الحركة صفة محدثة بالفعل، قال: قلت: فلم يزل الله متكلما؟ قال: فقال: إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزلية، كان اللهعزوجل ولا متكلم.

٥٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى، وفيه: قال السائل فيقول: إنّه سميع بصير؟ قال: وهو سميع بصير سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنّه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا، وإفهاما لك إذ كنت سائلا، وأقول يسمع بكلّه لا أنّ الكل له بعض، ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلّا إلى أنّه السميع البصير، العالم الخبير، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى(١) .

٥٧ ـ وفيه عن عليٍّعليه‌السلام حديث طويل وفيه كان ربا ولا مربوب: وإلها إذ لا مألوه، عالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع، سميع لا بآلة، وبصير لا بأداة.

٥٨ ـ وعن الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت لا يبصر به، كما أنّ جزأنا الذي به نسمع لا يقوى على النظر به، ولكن أخبر أنّه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر كما انا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٥٩ ـ وباسناده إلى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، أنّه قال له رجل وكيف سمّي ربنا سميعا؟ قال: لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولا نصفه(٢) بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون و

__________________

(١) «وفي أصول الكافي مثله سواء. منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

(٢) وفي المصدر «ولم نصفه» وهو الأوفق بحسب السياق.

١٣٤

شخص وغير ذلك، ولم نصفه بلحظ العين(١) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٠ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنّه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع؟ قال: فقال: كذبوا وألحدوا وشبهوا، تعالى الله عن ذلك، أنّه سميع بصير يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه؟ قال: فقال: تعالى الله إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك.

٦١ ـ وباسناده إلى حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت: لم يزل الله يعلم؟ قال: أنّي يكون يعلم ولا معلوم، قال: قلت: فلم يزل الله يسمع؟ قال: أنّي يكون ذلك ولا مسموع، قال: قلت: فلم يزل يبصر؟ قال: اين يكون ذلك ولا مبصر ثم قال: لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة.

٦٢ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وقلنا إنّه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها في برها وبحرها، ولا تشتبه عليه لغاتها، فقلنا عند ذلك سميع لا بأذن، وقلنا إنّه بصير لا ببصر لأنه يرى أثر الذرة السمحاء(٢) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجية(٣) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها، فقلنا عند ذلك أنّه بصير لا كبصر خلقه.

٦٣ ـ وباسناده إلى الحسين بن خالد قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: لم يزل اللهعزوجل عليما قادرا جبارا قديما سميعا بصيرا، فقلت له: يا بن رسول الله ان أقواما يقولون لم يزل الله عالما بعلم، وقادرا بقدرة وحيا بحيوة، وسميعا بسمع، وبصيرا ببصر

__________________

(١) وفي المصدر «ولم نصفه بنظر لحظ العين».

(٢) السمحاء: السوداء.

(٣) الدجية: المظلمة.

١٣٥

فقالعليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى، وليس من ولايتنا على شيء، ثم قالعليه‌السلام لم يزل الله عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

٦٤ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام بصيرا إذ لا منظور إليه من خلقه.

٦٥ ـ وفيه قالعليه‌السلام : وكل سميع غيره بصير عن لطيف الأصوات، ويصمه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام.

٦٦ ـ وفيه والسميع لا بأداة والبصير لا بتفريق آلة(١) .

٦٧ ـ وفيه بصير لا يوصف بالحاسة.

٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ) يقول: الحق والنبوة والكتاب والايمان في عقبه وليس كل من في الأرض من بنى آدم من ولد نوح، قال الله في كتابه:( احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) وقال أيضا:( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ ) .

٦٩ ـ حدثني أبي [عن ابن أبي عمير] عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد أنّه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له، له الحمد على [بها] والشكر كثيرا فأنزل اللهعزوجل :( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) .

٧٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عنه حفص بن البختري أنّه قال: كان نوحعليه‌السلام يقول: إذا أصبح وأمسى: أللهمّ إنّي أشهدك أنّه ما أصبح وأمسى من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها على حتّى ترضى وبعد الرضا، يقولها إذا أصبح عشرا، وإذا أمسى عشرا فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧١ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن

__________________

(١) وفي بعض نسخ النهج «والبصير بلا تفريق آلة».

١٣٦

أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت: فما عنى بقوله في نوح( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) ؟ قال: كلمات بالغ فيهن، قلت: وما هن؟ قال: كان إذا أصبح قال: أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فانها منك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ذلك، ولك الشكر كثيرا، كان يقولها إذا أصبح ثلثا وإذا أمسى ثلثا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن وهب بن حفص عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فانزل الله سبحانه:( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) .

٧٣ ـ عن ابن ابى عمير عن ابن رئاب عن إسمعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات: أللهمّ ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر على يا رب حتّى ترضى وبعد الرضا فانك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٧٤ ـ في كتاب علل الشرائع حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ نوحا إنّما سمى عبدا شكورا لأنه كان يقول إذا أصبح وأمسى: أللهمّ إنّي أشهدك أنّه ما أصبح وامسى بي من نعمة لي وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك. لك الحمد ولك الشكر بها حتّى ترضى إلهنا.

٧٥ ـ ابى (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: إنّه كان يقول إذا أصبح وامسى: أصبحت وربي محمود، أصبحت

١٣٧

لا أشرك به شيئا ولا ادعو مع الله إلها آخر، ولا اتخذ من دونه وليا، فسمى بذلك عبدا شكورا.

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( كانَ عَبْداً شَكُوراً ) قال: كان إذا أمسى وأصبح يقول: أمسيت أشهد أنّه ما أمست بي من نعمة في دين أو دنيا فانها من الله وحده لا شريك له، له الحمد بها والشكر كثيرا.

٧٧ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان عن عبد الله بن القاسم البطل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَقَضَيْنا إلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) قال: قتل عليّ بن أبي طالب وطعن الحسنعليه‌السلام و( لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ) قال: قتل الحسينعليه‌السلام ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما ) فاذا جاء نصر دم الحسين بعثنا( عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا قتلوه وكان وعد الله مفعولا خروج القائمعليه‌السلام ( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) خروج الحسينعليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان المؤدون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج لا يشك المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان، والحجّة القائم بين أظهرهم، فاذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسينعليه‌السلام جاء الحجّة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن عليّعليه‌السلام ، ولا يلي الوصي إلّا الوصي.

٧٨ ـ وفي تفسير العيّاشي بعد أن نقل هذا الحديث إلى آخره قال: وزاد إبراهيم في حديثه: ثم يملكهم الحسينعليه‌السلام حتّى يقع حاجباه على عينيه.

٧٩ ـ في مجمع البيان وقراءة عليعليه‌السلام «عبيدا لنا».

٨٠ ـ في تفسير العيّاشي عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان يقرء :

( بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) ثم قال: وهو القائم وأصحابه( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) .

٨١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وخاطب الله امة محمد فقال:( لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) يعنى فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد( وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً ) يعنى

١٣٨

ما ادعوه من الخلافة( فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما ) يعنى يوم الجمل( بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه( فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ) أي طلبوكم وقتلوكم( وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ) يتم ويكون( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) يعنى لبني امية على آل محمد( وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ َفِيراً ) من الحسن والحسين إبني عليعليهم‌السلام وأصحابهما وسبوا نساء آل محمد.

٨٢ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تشغر برجلها(١) فتنة شرقية تطأ في خطامها(٢) ملعون ناعقها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها(٣) فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دجلة أو حولها، لا مأوى يكنها(٤) ولا أحد يرحمها، فاذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وبأى واد سلك، فعندها توقعوا الفرج، وهو تأويل هذه الآية( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) والذي فلق الحبة وبرىء النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتّى يولد لصلبه ألف ذكر، آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل، عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم(٥) الآفات والشبهات.

٨٣ ـ عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ أول من يكر

__________________

(١) أي ترفع برجلها، قيل: كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة من مدر، أو هو كناية عن كثرة مداخل الفساد فيها.

(٢) الخطام ـ ككتاب ـ: كلما يجعل في أنف البعير ليقتاد به.

(٣) قال المجلسي (ره): ولعل المعنى من يتحرز من إنكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه «انتهى» وفي بعض النسخ «المتحرض» بالضاد ولعله الأنسب بحسب السياق، ثم قال المجلسي (ره): وساير الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته والمقصود واضح.

(٤) أي يسترها.

(٥) وفي المصدر «عنهم الآفات اه».

١٣٩

الى الدنيا الحسين بن عليّعليهما‌السلام ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة(١) ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) .

٨٤ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه قال: قال الرضاعليه‌السلام في قول الله تعالى:( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ) قال،( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها ) رب يغفر لها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم متصلا بآخر تفسيره المتقدم اعنى قوله: وسبوا نساء آل محمد( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) «يعنى القائم صلوات الله عليه وأصحابه ليسوؤا وجوهكم» يعنى يسود وجوههم و( لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه وأمير المؤمنين صلوات الله عليه و( لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً ) أي يعلو عليكم فيقتلوكم، ثم عطف على آل محمد عليه وعليهم‌السلام فقال:( عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ) أي ينصركم على عدو كم ثم خاطب بني أميّة فقال و( إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا ) يعنى ان عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم و( جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً ) أي حبسا يحصرون فيها، ثم قالعزوجل :( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي ) أي يبين( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ ) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم( الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ) .

٨٦ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري عن العلا بن سيابة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) قال: يهدى إلى الامام.

٨٧ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن

__________________

(١) القذة: ريش السهم، وهذا القول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان، وقد تكرر ذكره في الحديث.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350