كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

كتاب شرح نهج البلاغة16%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 350

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 350 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94724 / تحميل: 8508
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

فقام وسلم ثم قال: يا سلمان قم وسلم على على بامرة المؤمنين فقام وسلم، حتّى إذا خرجا وهما يقولان: لا والله لا نسلم له ما قال أبدا فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه:( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) بقولكم من الله أو من رسوله( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ ) يكون امة هي ازكى من امة قال: قلت: جعلت فداك إنّما نقرأها( أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ ) فقال: ويحك يا زيد وما أربى ان يكون والله أزكى من أئمتكم(١) إنّما يبلو كم الله به يعنى عليّا( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) بعد ما سلمتم على عليٍّعليه‌السلام بامرة المؤمنين( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى عليّا( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢٠٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين(٢) عن محمد بن إسمعيل عن منصور بن يونس عن زيد بن الجهم الهلالي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لما أنزلت ولاية عليّ بن أبي طالب وكان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سلموا على على بامرة المؤمنين فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما، قوما فسلما عليه بامرة المؤمنين، فقالا: أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الله ومن رسوله، فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) يعنى به قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما وقولهما: أمن الله أو من رسوله( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ ) ازكى من أئمتكم» قال: قلت: جعلت فداك أئمة؟ قال: أي والله أئمة، قلت: فانا نقرء أربى؟ قال: ما أربى وأومى بيده فطرحها،( إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ ) يعنى بعلىعليه‌السلام

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «ما اربى ان يكون والله كى ازكى من أئمتكم».

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر «محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين اه».

٨١

( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) يعنى بعد مقالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّعليه‌السلام ( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى به عليٍّعليه‌السلام ( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢٠٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ) فانه حدّثني أبي رفعه قال: قال أبو عبد الله: لما نزلت الولاية وكان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم سلموا على عليعليه‌السلام بامرة المؤمنين فقالا: من الله ومن رسوله؟ فقال لهما: نعم حقا من الله ومن رسوله، أنّه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين يقعده الله يوم القيمة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة، ويدخل أعدائه النار، فأنزل اللهعزوجل :( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ) يعنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله ومن رسوله، ثم ضرب لهم مثلا فقال:( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) .

٢١٠ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: التي نقضت غزلها امرأة من بنى تيم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن لوى بن غالب، كانت حمقاء تغزل الشعر، فاذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته، فقال الله:( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) قال: إنّ الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد، فضرب لهم مثلا.

رجع إلى رواية عليّ بن إبراهيم في قوله: «ان تكون أئمة هي ازكى من أئمتكم» فقيل: يا ابن رسول الله نحن نقرأ( هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ ) قال: ويحك وما أربى وأومى بيده بطرحها( إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ ) يعنى بعلى بن أبى طالب يختبر كم( وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ) قال على مذهب واحد وأمر واحد( وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ) قال: يعذب بنقض العهد( وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) قال: يثيب( وَلَتُسْئَلُنَ

٨٢

عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

قوله:( وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) قال هو: مثل لأمير المؤمنينعليه‌السلام ( فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها ) يعنى بعد مقالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه( وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يعنى عن عليّ( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) .

٢١١ ـ في تفسير العيّاشي متصلا بآخر ما سبق عنه اعنى قوله:( وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) عن عبد الرحمن بن سالم الأشل عنه قال:( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ ) قوة بعد أنكاثا» عائشة هي نكثت ايمانها.

٢١٢ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس: أنّ رجلا من حضرموت يقال له عبدان ـ الاشرع قال: يا رسول الله ان امرء القيس الكندي جاورني في أرضى فاقتطع من أرضى(١) فذهب بها منى والقوم يعلمون أنّي لصادق لكنه أكرم عليهم منى، فسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امرء القيس عنه فقال: لا أدرى ما يقول، فأمره أن يحلف، فقال عبدان: غنّه فاجر لا يبالي أن يحلف، فقال: إنْ لم يكن لك شهود فخذ يمينه، فلمّا قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزل قوله:( وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ) الآيتان فلمّا قرأهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال امرء القيس: أمّا ما عندي فينفد وهو صادق فيما يقول، لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي فليأخذ من أرضى ما شاء ومثلها معها بما أكلت من ثمرها، فنزل فيه:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً ) الآية.

٢١٣ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبى عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قيل له: إنّ أبا الخطاب يذكر عنك انك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت، قال: لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت هكذا، ولكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك، ان اللهعزوجل يقول:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ ) ويقول تبارك وتعالى:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) .

٢١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً )

__________________

(١) اقتطع من ماله قطعة: أخذ منه شيئا.

٨٣

قال: القنوع بما رزقه الله.

٢١٥ ـ في نهج البلاغة وسئل عن قول الله تعالى:( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) ؟ فقال: هي القناعة.

٢١٦ ـ في مجمع البيان ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) فيه أقوال إلى قوله: «ثانيها» انها القناعة والرضا بما قسم الله تعالى وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢١٧ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن علي بن الحسن بن عليّ عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أوّل كل كتاب نزل من السماء( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فاذا قرأت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فلا تبالي ألّا تستعيذ، وإذا قرأت( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ستر بك فيما بين السماء والأرض.

٢١٨ ـ في روضة الكافي خطبة طويلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام يقول فيها: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ) إلى آخر السورة.

٢١٩ ـ في عوالي اللئالى وروى عن عبد الله بن مسعود قال: قرأت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: وأعوذ بالله السميع العليم فقال لي: يا ابن أم عبد قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل.

٢٢٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى حنان بن سدير قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام المغرب قال: فتعوذ بإجهار: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله ان يحضرون» ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢١ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام فتعوذ بإجهار، ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

٢٢٢ ـ في عيون الاخبار حديث طويل عن موسى بن جعفرعليه‌السلام وقد قال له

٨٤

هارون الرشيد: كيف قلتم: انا ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والنبي لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ ) الآية.

٢٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده إلى محمد بن عليّ الباقرعليه‌السلام حديث يقول فيه حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأوحى إلى( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: يا أيها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية.

٢٢٤ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ) الآية.

٢٢٥ ـ عن سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ ) (١) ( بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، وقال: إنّ الرجيم أخبث الشياطين، قال: قلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، قلت: فانفلت منها شيء(٢) قال: لا، قلت فكيف: سمى الرجيم ولم يرجم بعد؟ قال: يكون في العلم أنّه رجيم.

٢٢٦ ـ عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئلته عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟ قال: نعم، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر ان الرجيم أخبث الشياطين، فقلت له: لم سمى الرجيم؟ قال: لأنه يرجم، فقلت: هل ينفلت شيئا إذا رجم؟ قال: لا ولكن يكون في العلم أنّه رجيم.

٢٢٧ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد العسكريعليه‌السلام يقول: معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن، مطرود من الخير، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه وان في علم السابق إذا خرج القائمعليه‌السلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

٢٢٨ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام في كلام طويل: فقارى القرآن

__________________

(١) وفي المصدر «أستعيذ بالله السميع العليم اه».

(٢) انفلت: نجا وتخلص.

٨٥

يحتاج إلى ثلثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خال، فاذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم، قال الله تعالى:( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) .

٢٢٣ ـ في مجمع البيان والاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف في الصلوة وخارج الصلوة.

٢٢٤ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد ـ الرحمان عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له:( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) فقال: يا أبا محمد يسلط الله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه، وقد سلط على أيوبعليه‌السلام فشوه خلقه ولم يسلط على دينه، وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم، قلت قولهعزوجل :( إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) قال: الذين هم بالله مشركون، يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.

٢٢٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حماد بن عيسى رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله:( إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) قال ليس له أن يزيلهم عن الولاية، فاما الذنوب وأشباه ذلك فانه ينال منهم كما ينال من غيرهم.

٢٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إنّما أَنْتَ مُفْتَرٍ ) قال: كان إذا نسخت آية قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مفتر فرد الله عليهم، فقال: قل لهم يا محمّد( نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ ) يعنى جبرئيل ليثبت الله( الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) .

٢٢٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( رُوحُ الْقُدُسِ ) قال: هو جبرئيل، والقدس الطاهر( لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ) هم آل محمد( وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ ) .

٨٦

٢٢٨ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عرامة الصيرفي عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها، وليست بأكرم خلقه عليه، فاذا أراد أمرا ألقاه إليها، فألقاه إلى النجوم فجرت به.

٢٢٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إليه أَعْجَمِيٌ ) وهو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمى اللسان وكان قد اتبع نبي الله وآمن به، وكان من أهل الكتاب، فقالت قريش: هذا والله يعلم محمدا علمه بلسانه، يقول الله:( وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) .

٢٣٠ ـ في مجمع البيان وقال عبيد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار واسم الآخر خير(١) كانا صقلبيين يقرآن كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربما مر بهما واستمع لقرائتهما، فقالوا: إنّما يتعلم منهما.

٢٣١ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى داود بن القاسم قال: سمعت علي بن موسى الرضاعليه‌السلام يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية( إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ ) .

٢٣٢ ـ في تفسير العيّاشي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه ذكر رجلا كذابا ثمّ قال: فقال الله:( إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) .

٢٣٣ ـ عن معمر بن يحيى بن سالم قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ، أنّ أهل الكوفة يروون عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: ستدعون إلى سبى والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبى فسبوني وان دعيتم إلى البراءة منى فلا تتبرؤا منى فانى على دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أكثر ما يكذبون عليّعليه‌السلام إنّما قال إنّكم ستدعون إلى سبي والبراءة منى، فان دعيتم إلى سبيّ فسبوني وان دعيتم إلى البراءة منى فانى على دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يقل فلا تتبرؤا منى، قال: قلت: جعلت فداك فان أراد الرجل يمضى على القتل ولا يتبرأ؟ فقال: لا والله [الا]

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر وفي بعض النسخ «حنتر».

٨٧

على الذي مضى عليه عمّار، إنّ الله يقول:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ )

٢٣٣ ـ عن أبي بكر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال بعضنا: مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من عليٍّ؟ فقال: الرخصة أحبّ إليَّ أما سمعت قول الله في عمّار:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٤ ـ عن عبد الله بن عجلان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته فقلت له: إنّ الضحّاك(١) قد ظهر بالكوفة ويوشك ان ندعى إلى البراءة من عليٍّ فكيف نصنع! قال: فابرء منه، قال: قلت: أي شيء أحب إليك؟ قال: أنْ يمضون على ما مضى عليه عمّار بن ياسر، أخذ بمكّة فقالوا له: إبرء من رسول الله فبرأ منه، فأنزل الله عذره( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٥ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد: قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: فاما ما فرض الله على القلب من الايمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا، والتسليم بأنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها واحدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وان محمدا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله، وهو قول اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ) وقال:( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) فذلك ما فرض اللهعزوجل على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٣٦ ـ ابن محبوب عن خالد بن نافع البجلي عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله أوصنى فقال: لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت، إلّا وقلبك مطمئن بالايمان، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

__________________

(١) هو ضحاك بن قيس الشيباني الخارج بالكوفة سنة ١٢٧ في خلافة مروان والمقتول بكفرثوثا سنة ١٢٨ وقيل أنّه قتل سنة ١٢٩ ورأى رأى الخوارج والحرورية.

٨٨

٢٣٧ ـ عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام أنّ الناس يروون أنّ عليّا قال على منبر الكوفة: أيها الناس انكم ستدعون إلى سبى فسبوني ثم تدعون إلى البرائة منى فلا تتبرؤا منى؟ فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على عليّعليه‌السلام ثم قال: إنّما قال: إنّكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البرائة مني وانى لعلى دين محمّد ولم يقل: فلا تتبرؤا منى، فقال له السائل: أرأيت ان اختار القتل دون البرائة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وما له إلّا ما مضى عليه عمّار بن ياسر، حيث أكرهه أهل مكّة و( قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) ، فأنزل اللهعزوجل ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عندها: يا عمّار ان عادوا فعد فقد أنزل اللهعزوجل عذرك وأمرك أن تعودان عادوا.

٢٣٨ ـ على عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن محمد بن مروان قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما منع ميثمرحمه‌الله من التقية؟ فو الله لقد علم أنّ هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدثني عمرو بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رفع عن أمتي أربع خصال: خطاؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا، وذلك قول اللهعزوجل :( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ) وقوله:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) .

٢٤٠ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصية لابنه محمد بن الحنفية: وفرض الله على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقالعزوجل :( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) الآية.

٢٤١ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ التقية ترس المؤمن ولا ايمان لمن لا تقية له، قلت: جعلت فداك أرأيت قول الله تبارك وتعالى :

٨٩

( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) قال: وهل التقية إلّا هذا؟

٢٤٢ ـ في مجمع البيان قيل نزل قوله:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) في جماعة أكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وامه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وامه، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه، ثم أخبر بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال قوم: كفر عمار فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلا ان عمارا مليء ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه، وجاء عمار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكى فقالعليه‌السلام : ما وراك؟ قال: شر يا رسول الله ما تركت حتّى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح عينيه ويقول: إنْ عادوا لك فعدلهم بما قلت، فنزلت الآية عن ابن عباس وقتادة.

٢٤٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتّى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مقر بالايمان، قوله:( وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ) فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن بنى لوى يقول الله:( فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الآخرة وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) . ذلك بان الله ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم و( أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الْخاسِرُونَ ) هكذا في قراءة ابن مسعود هذا كله في عبد الله بن سعد بن ابى سرح كان عاملا لعثمان بن عفان على مصر.

٢٤٤ ـ في تفسير العيّاشي عن إسحق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يدعو أصحابه فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه اليه، ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله:( أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ) .

٢٤٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار:( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) قوله: و( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا

٩٠

يَصْنَعُونَ ) قال: نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان(١) وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير، وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هذا ألين، فكفروا بأنعم الله واستخفوا بنعمة الله، فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتّى أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به حتّى كانوا يتقاسمون عليه.

٢٤٦ ـ في محاسن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي عيينة(٢) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتّى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا إلى النقي(٣) وصنعوا منه كهيئة الأفهار فجعلوه في مذاهبهم(٤) فأخذ هم الله بالسنين فعمدوا إلى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن، فبعث الله على ما في الخزائن ما أفسده حتّى احتاجوا إلى ما كان يستطيبون به في مذاهبهم، فجعلوا يغسلونه ويأكلونه.

وفي حديث أبي بصير قال: نزلت فيهم هذه الآية:( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ) إلى آخر الآية.

٢٤٧ ـ في تفسير العيّاشي عن حفص بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قوما في بنى إسرائيل تؤتى لهم من طعامهم حتّى جعلوا منه تماثيل بمدن كانت في بلادهم يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتّى اضطروا إلى التماثيل يبيعونها ويأكلونها، وهو قول الله:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) .

٢٤٨ ـ عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أبي يكره أن يمسح

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «الثرثار» مكان «البليان». في الموضعين وهو الظاهر.

(٢) كذا في النسخ وفي المصدر (باب فضل الخبز ...) «عن محمد بن سنان عن عيينة».

(٣) النقي ـ بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء ـ: الخبز المعمول من الباب الدقيق.

(٤) الأفهار جمع الفهر: الحجر ملاء الكف. والمذاهب جمع المذهب: المتوضأ وفي بعض النسخ «مناهيهم» بدل «مذاهبهم».

٩١

يده في المنديل وفيه شيء من الطعام تعظيما له إلّا أن يمصها، أو يكون إلى جانبه صبي فيمصها، قال: فانى أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم، ثم قال: إنّ أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتّى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شيء من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة قالعليه‌السلام : فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله إلّا أكلته من شجر أو غيره، فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به، فأكلوه وهي القرية التي قال الله تعالى:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً ) إلى قوله:( بِما كانُوا يَصْنَعُونَ ) .

٢٤٩ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن علي بن محمد بن سعد عن محمد بن مسلم عن إسحق بن موسى قال: حدثني أخي وعمى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم، مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه، ومجلسا ذكر أعدائنا فبه جديد وذكرنا فيه رث، ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم، قال: ثم تلا أبو عبد اللهعليه‌السلام : ثلث آيات من كتاب الله كأنما كن فيه أو قال كفه( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ) .

٢٥٠ ـ في كتاب التوحيد محمد بن أحمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه في جامعه وحدّثنا به محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف قال حدثني عبد الرحمان بن أبى نجران عن حماد بن عثمان عن عبد الرحيم القصير قال: كتب أبو عبد اللهعليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين: إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى اللهعزوجل عنها كان خارجا من الايمان، وساقطا عنه اسم الايمان، وثابتا عليه اسم الإسلام، فان تاب واستغفر عاد إلى الايمان ولم يخرجه إلى الكفر والجحود والاستحلال، فاذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك، فعندنا

٩٢

يكون خارجا من الايمان والإسلام إلى الكفر، وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم، فضربت عنقه وصار إلى النار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم قالعزوجل :( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ) قال: هو ما كانت اليهود تقول:( ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا ) .

٢٥٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الرحمن بن سمرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل يقول فيه: ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.

٢٥٣ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال بعده وبهذا الأسناد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: والامة واحدة فصاعدا كما قال الله سبحانه وتعالى:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ ) يقول: مطيعا لله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥٤ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام عن قول الله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) قال: شيء فضل الله به.

٢٥٥ ـ قال أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) قال: سماه الله امة.

٢٥٦ ـ يونس بن ظبيان عنه( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً ) امة واحدة.

٢٥٧ ـ عن سماعة بن مهران قال: سمعت عبدا صالحا(١) يقول: لقد كانت الدنيا وما [كان] فيها إلّا واحد يعبد الله، ولو كان معه غيره إذا لأضافه إليه حيث يقول:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فصبر بذلك ما شاء الله ثمّ إنَّ الله

__________________

(١) وفي المصدر «العبد الصالح» بدل «عبدا صالحا».

٩٣

آنسه بإسماعيل واسحق فصاروا ثلثة.

٢٥٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ) وذلك أنّه على دين لم يكن عليه أحد غيره فكان امة واحدة، واما قانتا فالمطيع، واما الحنيف فالمسلم،( وَهَداهُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: إلى الطريق الواضح.

٢٥٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء، لأنه المنهج الأوضح، قال اللهعزوجل :( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) فلو كان لدين الله تعالى سلك أقوم من الاقتداء لندب أوليائه وأنبيائه اليه.

٢٦٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الله ابن سليمان الصيرفي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) ثم قال: أنتم والله على دين إبراهيم ومنهاجه، وأنتم أولى الناس، أنتم على ديني ودين آبائي.

٢٦١ ـ عنه عن أبيه ومحمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن إسحق بن عمار عن عباد ابن زياد قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا عباد ما على ملة إبراهيم أحد غيركم.

٢٦٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عمر بن أبي ميثم قال: سمعت الحسين بن عليّ صلوات الله عليه يقول: ما أحد على ملة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء.

٢٦٣ ـ عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ما أبقت الحنيفية شيئا حتّى أنّ منها قصُّ الشارب والأظفار، والأخذ من الشارب والختان.

٢٦٤ ـ في الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فأخبر أنّه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع امره، فبدء بنفسه وقال:( وَاللهُ يَدْعُوا إلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ثم ثنى برسوله فقال:( ادْعُ إلى سَبِيلِ

٩٤

رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يعنى بالقرآن.

٢٦٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه. قوله:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قال: بالقرآن.

٢٦٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد العسكريعليه‌السلام : ذكر عند الصادقعليه‌السلام الجدال في الدين وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام نهوا عنه فقال الصادقعليه‌السلام : لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى:( ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما امر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت، وإحياؤه له، فقال الله حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل ـ يا محمّد ـ( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وستقف إنشاء الله على تتمة لهذا الكلام في العنكبوت عند قوله تعالى:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ ) الآية.

٢٦٧ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٢٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم أحد: من له علم بعمى حمزة؟ فقال الحارث بن الصمت(١) : أنا أعرف موضعه فجاء حتّى وقف على حمزة، فكره أن يرجع إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبره، فقال رسول الله لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا عليُّ أطلب عمك فجاء عليٌّعليه‌السلام فوقف على حمزة فكره أن يرجع اليه، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى وقف عليه، فلما رأى ما فعل به بكى ثم

__________________

(١) وفي بعض الكتب «الحارث بن الصمة».

٩٥

قال: ما وقفت موقفا قطّ أغلظ عليَّ من هذا المكان، لئن أمكننى الله من قريش لأقتلنّ سبعين رجلا منهم، فنزل عليه جبرئيل فقال:( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) فاصبر فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر.

٢٦٩ ـ في تفسير العيّاشي عن الحسين بن حمزة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما صنع بحمزة بن عبد المطّلب قال: أللهمّ لك الحمد وإليك المشتكى، وأنّك المستعان(١) على ما أرى، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لئن ظفرت لأمثلنّ ولأمثلنّ، قال: فأنزل الله:( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أصبر، أصبر.

__________________

(١) وفي المصدر «وأنت المستعان اه».

٩٦

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السالم قال: من قرأ سورة بنى إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتّى يدرك القائم ويكون من أصحابه. في مجمع البيان وتفسير العيّاشي عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة بنى إسرائيل وذكر إلى آخر ما في كتاب ثواب الأعمال.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من قرء سورة بنى إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين أعطى في الجنة قنطارين من الأجر، والقنطار ألف أوقية ومأتا أوقية، والاوقية منها خير من الدنيا وما فيها.

٣ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله سبحان: فقال أنفة الله(١) وفي رواية اخرى عن هشام عنه مثله.

٤ ـ عن سالم الحناط عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل؟ فقال: المسجد الحرام، ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت: والمسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال: ذلك في السماء إليه اسرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: إنّ الناس يقولون إنّه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة أفضل منه.

٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني خالد عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن سيار عن أبي مالك الأزدي عن إسمعيل الجعفي قال: كنت في المسجد قاعدا وأبو جعفرعليه‌السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة والى الكعبة مرة، ثم قال

__________________

(١) قال الطريحي (ره): وفي الحديث: سئلته عن سبحان الله؟ فقال: أنفة هو كقصبة أي تنزيه لله تعالى، كما أنّ سبحان تنزيه، قال بعض الشارحين: الانفة في الأصل الضرب على الأنف ليرجع ثم استعمل لتبعيد الأشياء، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.

٩٧

( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) وكرر ذلك ثلث مرات، ثم التفت إلى فقال: أي شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قلت: يقولون: اسرى به من المسجد الحرام إلى البيت المقدس، فقال: ليس كما يقولون، ولكنه اسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء، وقال: ما بينهما حرم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن ابن عباس قال: قالت اليهود للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : موسى خير منك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولم؟ قالوا: لان اللهعزوجل كلمه أربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشيء، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك، قالوا: وما ذاك؟ قال: قولهعزوجل :( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ) وحملت على جناح جبرئيلعليه‌السلام حتّى انتهيت إلى السماء السابعة، فجاوزت( سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) ، حتّى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش:( إِنِّي أَنَا اللهُ لا إله إلّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ) الرءوف الرحيم، ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني، فهذا أفضل من ذلك، فقالت اليهود: صدقت يا محمّد وهو مكتوب في التورية، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: عرج بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مأة وعشرين مرة، ما من مرة إلّا وقد أوصى الله تعالى فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية لعليٍّ والائمّة من ولدهعليهم‌السلام أكثر مما أوصاه بالفرايض.

٨ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد اللهعليه‌السلام وانا حاضر فقال: جعلت فداك وكم عرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: مرتين، فأوقفه جبرئيلعليه‌السلام موقفا فقال له: مكانك يا محمّد، فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي ان ربك يصلى، فقال: يا جبرئيل فكيف يصلى؟ قال: يقول

٩٨

سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى، فقال: أللهمّ عفوك عفوك قال: وكان كما قال الله:( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) ؟ قال: ما بين سيتها(١) إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق(٢) ولا أعلمه إلّا وقد قال زبرجد، فنظر في مثل سمِّ الإبرة(٣) إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمّد، قال: لبيك ربّي قال: من لأمّتك من بعدك؟ قال الله أعلم قال: عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيّد الوصيين وقائد الغرّ المحجّلين، قال: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لأبي بصير: يا أبا محمّد والله ما جاءت ولاية عليّ من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة.

٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن الله جلّ جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى عن ذلك، قلت: فلم أسرى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السموات وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ وباسناده إلى أبان بن عثمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن جدهعليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دفع إلى عليٍّعليه‌السلام لما حضرته الوفاة القميص الذي أسرى به فيه.

١١ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : لأى علة عرج اللهعزوجل نبيه إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقالعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجرى عليه زمان، ولكنهعزوجل أراد أن يشرف ملائكته وسكان سمواته ويكرمهم بمشاهدته ويريد من عجائب عظمته ما يخبر به

__________________

(١) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة: ما عطف من طرفيها.

(٢) أي يتحرك ويضطرب.

(٣) سم الإبرة: ثقبها.

٩٩

بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون( سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

١٢ ـ في روضة الكافي أبان عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أتى جبرئيلعليه‌السلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب الأذنين، عينيه في حافره وخطاه مد بصره، فاذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فاذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف الأيمن(١) له جناحان من خلفه.

١٣ ـ في عيون الاخبار باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله تعالى سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة، ليست بالقصير ولا بالطويل، فلو أنّ الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة، وهي أحسن الدواب لونا.

١٤ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّـا أسري بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بالبراق ومعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، قال: فأمسك له واحد بالركاب، وأمسك الآخر باللجام، وسوى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت فلطمها جبرئيلعليه‌السلام فقال لها: قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله، ولا يركبك أحد مثله بعده، إلّا أنّه تضعضعت عليه.

١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وروى الصادق عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: بينا أنا راقد بالأبطح وعلىعليه‌السلام عن يميني وجعفر عن يساري، وحمزة بين يدي، وإذا أنا بحفيف(٢) أجنحة الملائكة وقائل يقول: إلى أيهم بعثت يا جبرئيل؟ فقال: إلى هذا وأشار إلى، وهو سيد ولد آدم وهذا وصيه ووزيره وخليفته في أمته، وهذا عمه سيد الشهداء حمزة، وهذا ابن عمه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة مع الملائكة، دعه فلتنم عيناه ولتسمع أذناه وليعى قلبه، واضربوا له مثلا: ملك بنى دارا، واتخذ مائدة(٣) وبعث داعيا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الملك الله والدار الدنيا، والمائدة الجنة

__________________

(١) أي طويلة وكان مرسلا في جانب الأيمن.

(٢) الحفيف: الصوت.

(٣) وفي المصدر والمنقول عنه في البحار «مأدبة» مكان «مائدة» في الموضعين المأدبة: طعام صنع لدعوة أو عرس.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

فتكلم العباس فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إن الله ابتعث محمدا نبيا كما وصفت و وليا للمؤمنين، فمن الله به على أمته حتى اختار له ما عنده فخلى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق مائلين عن زيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت و إن كنت بالمؤمنين، فنحن منهم ما تقدمنا في أمركم فرطا، و لا حللنا وسطا، و لا نزحنا شحطا، فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين و ما أبعد قولك إنهم طعنوا من قولك إنهم مالوا إليك، و أما ما بذلت لنا فإن يكن حقك أعطيتناه فأمسكه عليك و إن يكن حق المؤمنين، فليس لك أن تحكم فيه، و إن يكن حقنا لم نرض لك ببعضه دون بعض، و ما أقول هذا أروم صرفك عما دخلت فيه، و لكن للحجة نصيبها من البيان، و أما قولك: إن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) منا و منكم، فإن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) من شجرة نحن أغصانها، و أنتم جيرانها، و أما قولك: يا عمر، إنك تخاف الناس علينا فهذا الذي قدمتموه أول ذلك و بالله المستعان. لما اجتمع المهاجرون على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان و هو يقول: أما و الله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم، يا لعبد مناف فيم أبو بكر من أمركم أين المستضعفان أين الأذلان يعني عليا و العباس، ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش، ثم قال لعلي ابسط يدك أبايعك فو الله إن شئت لأملأنها على أبي فصيل، يعني أبا بكر... خيلا و رجلا، فامتنع عليه علي (عليه‌السلام ) فلما يئس منه قام عنه، و هو ينشد شعر المتلمس:

٢٢١

و لا يقيم على ضيم يراد به

إلا الأذلان عير الحي و الوتد(١)

هذا على الخسف مربوط برمته

و ذا يشج فلا يرثي له أحد(٢)

قيل لأبي قحافة: يوم ولي الأمر ابنه قد ولي ابنك الخلافة، فقرأ:( قُلِ اَللَّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ) (٣) ، ثم قال لم ولوه قالوا لسنه قال أنا أسن منه. نازع أبو سفيان أبا بكر في أمر، فأغلظ له أبو بكر، فقال له أبو قحافة: يا بني، أتقول هذا لأبي سفيان شيخ البطحاء؟ قال: إن الله تعالى رفع بالإسلام بيوتا و وضع بيوتا، فكان مما رفع بيتك يا أبت و مما وضع بيت أبي سفيان

____________________

(١) معاهد التنصيص ٢: ٣٠٦. والعير هنا: الحمار.

(٢) الخسف: النقيصة. والرمة: القطعة من الحبل.

(٣) سورة آل عمران ٢٦

٢٢٢

٦. و من كلام له (عليه‌السلام ) لما أشير عليه بألا يتبع طلحة و الزبير و لا يرصد لهما القتال:

و فيه يبين عن صفته بأنه (عليه‌السلام ) لا يخدع (وَ اَللَّهِ لاَ أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ عَلَى طُولِ اَللَّدْمِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا طَالِبُهَا وَ يَخْتِلَهَا رَاصِدُهَا وَ لَكِنِّي أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَى اَلْحَقِّ اَلْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ اَلْمُطِيعِ اَلْعَاصِيَ اَلْمُرِيبَ أَبَداً حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ(١) مُنْذُ قَبَضَ اَللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَوْمِ اَلنَّاسِ هَذَا) يقال: أرصد له بشر، أي: أعد له و هيأه و في الحديث إلا أن أرصده لدين علي(٢) و اللدم صوت الحجر أو العصا أو غيرهما تضرب به الأرض ضربا ليس بشديد. و لما شرح الراوندي هذه اللفظات، قال و في الحديث: و الله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد و، قد كان سامحه الله وقت تصنيفه الشرح ينظر في صحاح الجوهري(٣) و ينقل منها ف، نقل هذا الحديث ظنا منه أنه حديث عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) و ليس كما ظن بل الحديث الذي أشار إليه الجوهري هو حديث علي (عليه‌السلام ) الذي نحن بصدد تفسيره. و يختلها راصدها يخدعها مترقبها ختلت فلانا خدعته و رصدته ترقبته، و مستأثرا علي، أي: مستبدا دوني بالأمر و الاسم الأثرة و في الحديث أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )

____________________

(١) مخطوطة النهج " مُسْتَأْثَراً عَلَىَّ غَيِرْى ".

(٢) نقله ابن الأثير في النهاية (٢: ٨٢) عن أبي ذر: قال له عليه الصلاة والسلام: " ما أحب عندي مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله، وتمسي ثالثة وعندي منه دينارا، إلا دينارا أرصده لدين "

(٣) صحاح الجوهري ٥: ٢٠٢٩

٢٢٣

قال للأنصار: ستلقون بعدي أثرة، فإذا كان ذلك فاصبروا حتى تردوا علي الحوض(١) . و العرب تقول في رموزها و أمثالها أحمق من الضبع(٢) و يزعمون أن الصائد يدخل عليها وجارها، فيقول لها: أطرقي أم طريق خامري أم عامر و يكرر ذلك عليها مرارا معنى أطرقي أم طريق طأطئي رأسك و كناها أم طريق لكثرة إطراقها على فعيل كالقبيط للناطف و العليق لنبت، و معنى خامري الزمي وجارك و استتري فيه خامر الرجل منزله إذا لزمه قالوا فتلجأ إلى أقصى مغارها و تتقبض، فيقول: أم عامر ليست في وجارها أم عامر نائمة فتمد يديها و رجليها و تستلقي فيدخل عليها فيوثقها، و هو يقول لها أبشري أم عامر بكم(٣) الرجال، أبشري أم عامر بشاء هزلى و جراد عظلى(٤) ، أي: يركب بعضه بعضا، فتشد عراقيبها فلا تتحرك و لو شاءت أن تقتله لأمكنها قال الكميت:

فعل المقرة للمقالة

خامري يا أم عامر(٥)

و قال الشنفري:

لا تقبروني إن قبري محرم

عليكم و لكن خامري أم عامر(٦)

إذا ما مضى رأسي و في الرأس أكثري

و غودر عند الملتقى ثم سائري(٧)

هنا لك لا أرجو حياة تسرني

سجيس الليالي مبسلا بالجرائر(٨)

____________________

(١) ذكره ابن الأثير في النهاية (١: ١٥)، وقال: " الأثرة "، بفتح الهمزة والثاء الاسم من آثر يؤثر إيثار، إذا أعطى، أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه في الفئ ".

(٢) المثل في جمهرة الأمثال ١: ٢٧٦

(٣) كم: جمع كمة، وهي قلفة الذكر، وفى جمهرة الأمثال: " كمر "، جمع كمرة، وهي رأس الذكر.

(٤) في اللسان: " تعاطلت الجراد، إذا تسافدت " وأورد المثل.

(٥) من أبيات في معاني ابن قتيبة ١: ٢١٤

(٦) ديوانه ٦٣ (من مجموعة الطائف الأدبية (، وفيه: " أبشري أم عامر "

(٧) ديوانه: * إذا احتملوا رأسي وفى الرأس أكثري *

(٨) سجيس الليالي، أي أبدا، ومبسلا، أي مسلما، كذا فسره صاحب اللسان في (٤٠٨:٧)، (١٣: ٥٧)، واستشهد بالبيت.

٢٢٤

أوصاهم ألا يدفنوه إذا قتل، و قال: اجعلوني أكلا للسباع كالشي‏ء الذي يرغب به الضبع في الخروج، و تقدير الكلام، لا تقبروني و لكن اجعلوني كالتي يقال لها خامري أم عامر، و هي الضبع، فإنها لا تقبر و يمكن أن يقال أيضا، أراد لا تقبروني و اجعلوني فريسة للتي يقال لها خامري أم عامر؛ لأنها تأكل الجيف و أشلاء القتلى و الموتى. و قال أبو عبيدة: يأتي الصائد فيضرب بعقبه الأرض عند باب مغارها ضربا خفيفا و ذلك هو اللدم، و يقول خامري أم عامر مرارا بصوت ليس بشديد، فتنام على ذلك، فيدخل إليها فيجعل الحبل في عرقوبها و يجرها فيخرجها، يقول: لا أقعد عن الحرب و الانتصار لنفسي و سلطاني، فيكون حالي مع القوم المشار إليهم حال الضبع مع صائدها، فأكون قد أسلمت نفسي فعل العاجز الأحمق و لكني أحارب من عصاني بمن أطاعني حتى أموت، ثم عقب ذلك بقوله إن الاستئثار علي و التغلب أمر لم يتجدد الآن، و لكنه كان منذ قبض رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

طلحة و الزبير و نسبهما

و طلحة هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله، بن عثمان، بن عمرو، بن كعب، بن سعد، بن تيم، بن مرة، أبوه ابن عم أبي بكر و أمه الصعبة بنت الحضرمي، و كانت قبل أن تكون عند عبيد الله تحت أبي سفيان صخر بن حرب فطلقها، ثم تبعتها نفسه، فقال فيها شعرا أوله:

وإني و صعبة فيما أرى

بعيدان و الود ود قريب

في أبيات مشهورة، و طلحة أحد العشرة المشهود لهم بالجنة و أحد أصحاب الشورى، و كان له في الدفاع عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يوم أحد أثر عظيم و شلت بعض

٢٢٥

أصابعه يومئذ وقى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بيده من سيوف المشركين، و قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يومئذ اليوم أوجب طلحة الجنة(١) . و الزبير، هو أبو عبد الله الزبير بن العوام، بن خويلد، بن أسد، بن عبد العزى، بن قصي أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، بن عبد مناف عمة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، و هو أحد العشرة أيضا، و أحد الستة و ممن ثبت مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يوم أحد و أبلى بلاء حسنا و قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) لكل نبي حواري و حواري الزبير. و الحواري الخالصة تقول: فلان خالصة فلان و خلصانه و حواريه، أي: شديد الاختصاص به و الاستخلاص له.

خروج طارق بن شهاب لاستقبال علي بن أبي طالب

خرج طارق بن شهاب الأحمسي يستقبل عليا (عليه‌السلام ) و قد صار بالربذة طالبا عائشة و أصحابها، و كان طارق من صحابة علي (عليه‌السلام ) و شيعته. قال: فسألت عنه قبل أن ألقاه ما أقدمه، فقيل: خالفه طلحة و الزبير و عائشة فأتوا البصرة، فقلت في نفسي: إنها الحرب أ فأقاتل أم المؤمنين و حواري رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) إن هذا لعظيم، ثم قلت أأدع عليا و هو أول المؤمنين إيمانا بالله و ابن عم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) و وصيه هذا أعظم، ثم أتيته فسلمت عليه، ثم جلست إليه فقص علي قصة القوم و قصته، ثم صلى بنا الظهر فلما انفتل جاءه الحسن ابنه (عليه‌السلام ) فبكى بين يديه، قال: ما بالك؟ قال: أبكي لقتلك غدا بمضيعة و لا ناصر لك أما إني أمرتك فعصيتني، ثم أمرتك فعصيتني فقال (عليه‌السلام ) : لا تزال تخن خنين الأمة ما الذي أمرتني به فعصيتك، قال أمرتك حين أحاط الناس بعثمان أن تعتزل، فإن الناس إذا قتلوه طلبوك أينما كنت حتى يبايعوك فلم تفعل، ثم أمرتك لما قتل عثمان ألا توافقهم على

____________________

(١) أي عمل أوجب له الجنة. وانظر النهاية لابن الأثير ٤: ١٩٤

(٢) الخنين: تردد البسكاء حتي يكون فى الصوت غنة والخبر فى اللسان (خنن (وفى الأصول:" حنين " تحريف.

٢٢٦

البيعة حتى يجتمع الناس و يأتيك وفود العرب فلم تفعل، ثم خالفك هؤلاء القوم فأمرتك ألا تخرج من المدينة و أن تدعهم و شأنهم، فإن اجتمعت عليك الأمة فذاك و إلا رضيت بقضاء الله فقال (عليه‌السلام ) : (و الله لا أكون كالضبع تنام على اللدم حتى يدخل إليها طالبها فيعلق الحبل برجلها و يقول لها دباب دباب حتى يقطع عرقوبها...) و ذكر تمام الفصل فكان طارق بن شهاب يبكي إذا ذكر هذا الحديث دباب: اسم الضبع مبني على الكسر كبراح اسم للشمس

٢٢٧

٧. و من خطبة له (عليه‌السلام )

(اِتَّخَذُوا اَلشَّيْطَانَ لِأَمْرِهِمْ مِلاَكاً وَ اِتَّخَذَهُمْ لَهُ أَشْرَاكاً فَبَاضَ وَ فَرَّخَ فِي صُدُورِهِمْ وَ دَبَّ وَ دَرَجَ فِي حُجُورِهِمْ فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ وَ نَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَرَكِبَ بِهِمُ اَلزَّلَلَ وَ زَيَّنَ لَهُمُ اَلْخَطَلَ فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ اَلشَّيْطَانُ فِي سُلْطَانِهِ وَ نَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِهِ)، يجوز أن يكون أشراكا جمع شريك كشريف و أشراف، و يجوز أن يكون جمع شرك كجبل و أجبال، و المعنى بالاعتبارين مختلف. و باض و فرخ في صدورهم استعارة للوسوسة و الإغواء و مراده طول مكثه و إقامته عليهم؛ لأن الطائر لا يبيض و يفرخ إلا في الأعشاش التي هي وطنه و مسكنه، و دب و درج في حجورهم، أي: ربوا الباطل كما يربي الوالدان الولد في حجورهما، ثم ذكر أنه لشدة اتحاده بهم و امتزاجه صار كمن ينظر بأعينهم و ينطق بألسنتهم، أي: صار الاثنان كالواحد قال أبو الطيب:

ما الخل إلا من أود بقلبه

وأرى بطرف لا يرى بسوائه(١)

و قال آخر:

كنا من المساعده

نحيا بروح واحده

____________________

(١) ديوانه ١:٤

٢٢٨

و قال آخر:

جبلت نفسك في نفسي كما

تجبل الخمرة بالماء الزلال

فإذا مسك شي‏ء مسني

فإذا أنت أنا في كل حال

و الخطل القول الفاسد و يجوز أشركه الشيطان في سلطانه بالهمزة و شركه أيضا و بغير الهمزة أفصح.

٢٢٩

٨. و من كلام له (عليه‌السلام ) يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك

و يدعوه للدخول في البيعة ثانية (يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ بِيَدِهِ وَ لَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ وَ اِدَّعَى اَلْوَلِيجَةَ فَلْيَأْتِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ وَ إِلاَّ فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ) الوليجة البطانة و الأمر يسر و يكتم قال الله سبحانه:( وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اَللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لاَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ) (١) كان الزبير يقول بايعت بيدي لا بقلبي، و كان يدعي تارة أنه أكره، و يدعي تارة أنه ورى في البيعة تورية و نوى دخيلة، و أتى بمعاريض لا تحمل على ظاهرها فقال (عليه‌السلام ) : هذا الكلام إقرار منه بالبيعة و ادعاء أمر آخر لم يقم عليه دليلا و لم ينصب له برهانا فإما أن يقيم دليلا على فساد البيعة الظاهرة، و أنها غير لازمة له و إما أن يعاود طاعته.

قال علي (عليه‌السلام ) للزبير يوم بايعه إني لخائف أن تغدر بي و تنكث بيعتي. قال لا تخافن فإن ذلك لا يكون مني أبدا فقال (عليه‌السلام ) فلي الله عليك بذلك راع و كفيل قال: نعم الله لك علي بذلك راع و كفيل.

أمر طلحة و الزبير مع علي بن أبي طالب بعد بيعتهما له

لما بويع علي (عليه‌السلام ) كتب إلى معاوية أما بعد فإن الناس قتلوا عثمان عن غير

____________________

(١) سورة التوبة ١٦

٢٣٠

مشورة مني و بايعوني عن مشورة منهم و اجتماع، فإذا أتاك كتابي فبايع لي و أوفد إلي أشراف أهل الشام قبلك، فلما قدم رسوله على معاوية و قرأ كتابه بعث رجلا من بني عميس، و كتب معه كتابا إلى الزبير بن العوام، و فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان سلام، عليك أما بعد فإني قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا و استوسقوا(١) كما يستوسق الجلب، فدونك الكوفة و البصرة لا يسبقك إليها ابن أبي طالب، فإنه لا شي‏ء بعد هذين المصرين، و قد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك فأظهرا الطلب بدم عثمان و ادعوا الناس إلى ذلك و ليكن منكما الجد و التشمير أظفركما الله و خذل مناوئكما. فلما وصل هذا الكتاب إلى الزبير سر به و أعلم به طلحة و أقرأه إياه فلم يشكا في النصح لهما من قبل معاوية، و أجمعا عند ذلك على خلاف علي (عليه‌السلام ). جاء الزبير و طلحة إلى علي (عليه‌السلام ) بعد البيعة بأيام فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأيت ما كنا فيه من الجفوة في ولاية عثمان كلها و علمت رأي عثمان كان في بني أمية، و قد ولاك الله الخلافة من بعده فولنا بعض أعمالك، فقال لهما ارضيا بقسم الله لكما حتى أرى رأيي و اعلما أني لا أشرك في أمانتي إلا من أرضى بدينه و أمانته من أصحابي و من قد عرفت دخيلته. فانصرفا عنه و قد دخلهما اليأس فاستأذناه في العمرة.

____________________

(١) استوسقوا: استجمعوا وانضموا. وفى نهاية ابن الأثير: " ومنه حديث أحد: استوسقوا كما يستوسق جرب الغنم، أي استجمعوا ".

٢٣١

طلب طلحة و الزبير من علي (عليه‌السلام ) أن يوليهما المصرين البصرة و الكوفة، فقال: حتى أنظر، ثم استشار المغيرة بن شعبة، فقال له: أرى أن توليهما إلى أن يستقيم لك أمر الناس فخلا بابن عباس، و قال: ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن الكوفة و البصرة عين الخلافة و بهما كنوز الرجال، و مكان طلحة و الزبير من الإسلام ما قد علمت، و لست آمنهما إن وليتهما أن يحدثا أمرا، فأخذ علي (عليه‌السلام ) برأي ابن عباس، و قد كان استشار المغيرة أيضا في أمر معاوية، فقال له: أرى إقراره على الشام و أن تبعث إليه بعده إلى أن يسكن شغب الناس و لك بعد رأيك فلم يأخذ برأيه. فقال المغيرة: بعد ذلك و الله ما نصحته قبلها و لا أنصحه بعدها ما بقيت.

دخل الزبير و طلحة على علي (عليه‌السلام ) فاستأذناه في العمرة، فقال: ما العمرة تريدان! فحلفا له بالله أنهما ما يريدان غير العمرة. فقال لهما: ما العمرة تريدان، و إنما تريدان الغدرة و نكث البيعة، فحلفا بالله ما الخلاف عليه و لا نكث بيعة يريدان و ما رأيهما غير العمرة، قال لهما: فأعيدا البيعة لي ثانية، فأعاداها بأشد ما يكون من الإيمان و المواثيق، فأذن لهما فلما خرجا من عنده قال لمن كان حاضرا و الله لا ترونهما إلا في فتنة يقتتلان فيها قالوا يا أمير المؤمنين، فمر بردهما عليك قال ليقضي الله أمرا كان مفعولا لما خرج الزبير و طلحة من المدينة إلى مكة لم يلقيا أحدا إلا و قالا له: ليس لعلي في أعناقنا بيعة، و إنما بايعناه مكرهين فبلغ عليا (عليه‌السلام ) قولهما فقال أبعدهما الله و أغرب دارهما أما و الله لقد علمت أنهما سيقتلان أنفسهما أخبث مقتل و يأتيان من

____________________

(١) يقال: أغرب دار: أبعدها.

٢٣٢

وردا عليه بأشأم يوم، و الله ما العمرة يريدان و لقد أتياني بوجهي فاجرين و رجعا بوجهي غادرين ناكثين، و الله لا يلقيانني بعد اليوم إلا في كتيبة خشناء(١) يقتلان فيها أنفسهما، فبعدا لهما و سحقا، و ذكر أبو مخنف في كتاب الجمل أن عليا (عليه‌السلام ) خطب لما سار الزبير و طلحة من مكة، و معهما عائشة يريدون البصرة، فقال: (أيها الناس، إن عائشة سارت إلى البصرة و معها طلحة و الزبير، و كل منهما يرى الأمر له دون صاحبه، أما طلحة فابن عمها، و أما الزبير فختنها، و الله لو ظفروا بما أرادوا و لن ينالوا ذلك أبدا ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد، و الله إن راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة، و لا تحل عقدة إلا في معصية الله و سخطه حتى تورد نفسها و من معها موارد الهلكة، إي و الله ليقتلن ثلثهم، و ليهربن ثلثهم، و ليتوبن ثلثهم، و إنها التي تنبحها كلاب الحوأب، و إنهما ليعلمان أنهما مخطئان و رب عالم قتله جهله، و معه علمه لا ينفعه، و حسبنا الله و نعم الوكيل، فقد قامت الفتنة فيها الفئة الباغية، أين المحتسبون؟ أين المؤمنون؟ ما لي و لقريش، أما و الله لقد قتلتهم كافرين و لأقتلنهم مفتونين، و ما لنا إلى عائشة من ذنب إلا أنا أدخلناها في حيزنا و الله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته، فقل لقريش فلتضج ضجيجها)، ثم نزل برز علي (عليه‌السلام ) يوم الجمل و نادى بالزبير، يا أبا عبد الله، مرارا فخرج الزبير فتقاربا حتى اختلفت أعناق خيلهما، فقال له علي (عليه‌السلام ) : إنما دعوتك لأذكرك حديثا قاله لي و لك رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أتذكر يوم رآك و أنت معتنقي، فقال لك:

____________________

(١) كتيبة خشنازء، أى كثيرة السلاح خشنته.

٢٣٣

أتحبه قلت: و ما لي لا أحبه و هو أخي و ابن خالي، فقال: أما إنك ستحاربه و أنت ظالم له فاسترجع الزبير، و قال: أذكرتني ما أنسانيه الدهر و رجع إلى صفوفه، فقال له عبد الله ابنه: لقد رجعت إلينا بغير الوجه الذي فارقتنا به. فقال: أذكرني علي حديثا أنسانيه الدهر فلا أحاربه أبدا و إني لراجع و تارككم منذ اليوم. فقال له عبد الله: ما أراك إلا جبنت عن سيوف بني عبد المطلب، إنها لسيوف حداد تحملها فتية أنجاد، فقال: الزبير ويلك أتهيجني على حربه أما إني قد حلفت ألا أحاربه قال كفر عن يمينك لا تتحدث نساء قريش أنك جبنت و ما كنت جبانا، فقال الزبير: غلامي مكحول حر كفارة عن يميني، ثم أنصل(١) سنان رمحه و حمل على عسكر علي (عليه‌السلام ) برمح لا سنان له، فقال علي (عليه‌السلام ) : أفرجوا له فإنه محرج، ثم عاد إلى أصحابه، ثم حمل ثانية، ثم ثالثة، ثم قال لابنه: أجبنا ويلك ترى؟ فقال: لقد أعذرت. لما أذكر علي (عليه‌السلام ) الزبير بما أذكره به و رجع الزبير قال:

نادى علي بأمر لست أنكره

و كان عمر أبيك الخير مذ حين

فقلت حسبك من عذل أبا حسن

بعض الذي قلت منذ اليوم يكفيني

ترك الأمور التي تخشى مغبتها

و الله أمثل في الدنيا و في الدين

فاخترت عارا على نار مؤججة

أنى يقوم لها خلق من الطين

لما خرج علي (عليه‌السلام ) لطلب الزبير خرج حاسرا، و خرج إليه الزبير دارعا مدججا، فقال للزبير: يا أبا عبد الله، قد لعمري أعددت سلاحا و حبذا فهل أعددت عند الله عذرا؟ فقال الزبير: إن مردنا إلى الله. قال علي (عليه‌السلام ) :( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق و يعلمون أن الله هو الحق المبين ) (٢) ، ثم أذكره الخبر فلما كر

____________________

(١) أنصل سنان رمحه، أي نزعه.

(٢) سورة النور ٢٥

٢٣٤

الزبير راجعا إلى أصحابه نادما واجما، رجع علي (عليه‌السلام ) إلى أصحابه جذلا مسرورا. فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، تبرز إلى الزبير حاسرا و هو شاك(١) في السلاح، و أنت تعرف شجاعته؟ قال: إنه ليس بقاتلي، إنما يقتلني رجل خامل الذكر، ضئيل النسب غيلة في غير مأقط(٢) حرب و لا معركة رجال ويلمه أشقى البشر ليودن أن أمه هبلت به أما إنه و أحمر ثمود لمقرونان في قرن. لما انصرف الزبير عن حرب علي (عليه‌السلام ) مر بوادي السباع، و الأحنف بن قيس هناك في جمع من بني تميم قد اعتزل الفريقين، فأخبر الأحنف بمرور الزبير، فقال رافعا صوته: ما أصنع بالزبير؟ لف غارين(٣) من المسلمين حتى أخذت السيوف منهما مأخذها انسل و تركهم، أما إنه لخليق بالقتل، قتله الله، فاتبعه عمرو بن جرموز و كان فاتكا، فلما قرب منه وقف الزبير، و قال: ما شأنك؟ قال: جئت لأسألك عن أمر الناس. قال الزبير: إني تركتهم قياما في الركب يضرب بعضهم وجه بعض بالسيف، فسار ابن جرموز معه و كل واحد منهما يتقي الآخر، فلما حضرت الصلاة، قال الزبير: يا هذا، إنا نريد أن نصلي. فقال ابن جرموز: و أنا أريد ذلك. فقال الزبير: فتؤمني و أؤمنك. قال: نعم فثنى الزبير رجله و أخذ وضوءه، فلما قام إلى الصلاة شد ابن جرموز عليه فقتله و أخذ رأسه و خاتمه و سيفه و حثا عليه ترابا يسيرا، و رجع إلى الأحنف فأخبره فقال: و الله ما أدري أسأت أم أحسنت، اذهب إلى علي (عليه‌السلام ) فأخبره، فجاء إلى علي (عليه‌السلام ) فقال للآذن: قل له عمرو بن جرموز بالباب و معه رأس الزبير و سيفه، فأدخله، و في كثير من الروايات أنه لم يأت بالرأس بل بالسيف فقال له: و أنت قتلته؟ قال: نعم. قال: (و الله ما كان ابن صفية جبانا و لا لئيما و لكن الحين و مصارع السوء)

____________________

(١) يقال:رجل شاكي السلاح؛إذا كان ذا شوكة و حد فى سلاحه

(٢) المأقط:ساحة القتال.

(٢) الغار هنا: الجيش، وفى اللسان ٦: ٤٣: " جمع غارين ".

٢٣٥

ثم قال: (ناولني سيفه) فناوله فهزه و قال: (سيف طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله (صلي الله عليه و آله وسلم)) فقال ابن جرموز: الجائزة يا أمير المؤمنين، فقال: (أما إني سمعت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول بشر قاتل ابن صفية بالنار) فخرج ابن جرموز خائبا و قال:

أتيت عليا برأس الزبير

أبغي به عنده الزلفه(١)

فبشر بالنار يوم الحساب

فبئست بشارة ذي التحفه

فقلت له إن قتل الزبير

لو لا رضاك من الكلفه

فإن ترض ذاك فمنك الرضا

و إلا فدونك لي حلفه

ورب المحلين و المحرمين

ورب الجماعة و الألفه

لسيان عندي قتل الزبير

و ضرطة عنز بذي الجحفه

ثم خرج ابن جرموز على علي (عليه‌السلام ) مع أهل النهر، فقتله معهم فيمن قتل

____________________

(١) السعودى٣٧٣:١

٢٣٦

٩. و من كلام له (عليه‌السلام )

) وَ قَدْ أَرْعَدُوا وَ أَبْرَقُوا وَ مَعَ هَذَيْنِ اَلْأَمْرَيْنِ اَلْفَشَلُ وَ لَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ وَ لاَ نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ) أرعد الرجل و أبرق إذا أوعد و تهدد، و كان الأصمي ينكره و يزعم أنه لا يقال إلا رعد و برق و لما احتج عليه ببيت الكميت:

أرعد و أبرق يا يزيد

فما وعيدك لي بضائر

قال الكميت قروي لا يحتج بقوله(١) . و كلام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) حجة دالة على بطلان قول الأصمي و الفشل الجبن و الخور. و قوله: و لا نسيل حتى نمطر كلمة فصيحة يقول إن أصحاب الجمل في وعيدهم و إجلابهم بمنزلة من يدعي أنه يحدث السيل قبل إحداث المطر، و هذا محال؛ لأن السيل إنما يكون من المطر فكيف يسبق المطر، و أما نحن فإنا لا ندعي ذلك و إنما نجري الأمور على حقائقها، فإن كان منا مطر كان منا سيل و إذا أوقعنا بخصمنا أوعدنا حينئذ بالإيقاع به غيره من خصومنا.

____________________

(١) الخبر والبيت في أمالي القالي ٩٦:١

٢٣٧

و قوله (عليه‌السلام ) و مع هذين الأمرين الفشل معنى حسن؛ لأن الغالب من الجبناء كثرة الضوضاء، و الجلبة يوم الحرب كما أن الغالب من الشجعان الصمت و السكون. و سمع أبو طاهر الجنابي(١) ضوضاء عسكر المقتدر بالله و دبادبهم(٢) و بوقاتهم، و هو في ألف و خمسمائة و عسكر المقتدر في عشرين ألفا مقدمهم يوسف بن أبي الساج، فقال لبعض أصحابه: ما هذا الزجل(٣) ؟ قال: فشل. قال: أجل. و يقال: إنه ما رئي جيش كجيش أبي طاهر، ما كان يسمع لهم صوت حتى أن الخيل لم تكن لها حمحمة فرشق عسكر ابن أبي الساج(٤) القرامطة بالسهام المسمومة فجرح منهم أكثر من خمسمائة إنسان. و كان أبو طاهر في عمارية له فنزل و ركب فرسات، و حمل بنفسه و معه أصحابه حملة على عسكر ابن أبي الساج فكسروه و فلوه و خلصوا إلى يوسف فأسروه، و تقطع عسكره بعد أن أتى بالقتل على كثير منهم، و كان ذلك في سنة خمس عشرة و ثلاثمائة. و من أمثالهم الصدق ينبئ عنك لا الوعيد

____________________

(١) هو أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، كان أبوه الحسن كبير القرامطة، وقتل سنة ٣٠١، قتله خام له صقلبي، فتولى ابنه أبو طاهر أمر القرامطة بعده، بعد أن عجز أخوه سعيد عن الامر. ابن الأثير ١٤٧:٦

(٢) في اللسان: " الدبادب: صوت كأنه دب، دب، وهي حكاية الصوت ".

(٣) الزجل: الجلبة ورفع الصوت

(٤) هو يوسف بن أبي الساج، أحد ولاة الري في عهد المقتدر، وكان استقل عن الخليفة، ثم عاد إلى طاعته. وانظر طرفا من أخباره في ابن الأثير في ١٧٥:٦، وما بعدها.

٢٣٨

١٠. و من خطبة له (عليه‌السلام )

) أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اِسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَ لاَ لُبِّسَ عَلَيَّ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ) يمكن أن يعني بالشيطان الشيطان الحقيقي، و يمكن أن يعني به معاوية، فإن عنى معاوية فقوله قد جمع حزبه و استجلب خيله و رجله كلام جار على حقائقه، و إن عنى به الشيطان كان ذلك من باب الاستعارة، و مأخوذا من قوله تعالى:( وَ اِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ ) (١) ، و الرجل جمع راجل كالشرب جمع شارب و الركب جمع راكب. قوله: (و إن معي لبصيرتي يريد أن البصيرة التي كانت معي في زمن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) تتغير). و قوله: ما لبست تقسيم جيد؛ لأن كل ضال عن الهداية، فإما أن يضل من تلقاء نفسه أو بإضلال غيره له. و قوله: لأفرطن من رواها بفتح الهمزة فأصله فرط ثلاثي يقال فرط

____________________

(١) سورة الإسراء ٦٤.

٢٣٩

زيد القوم، أي: سبقهم و رجل فرط يسبق القوم إلى البئر فيهيئ لهم الأرشية و الدلاء، و منه قوله (عليه‌السلام ) إنا فرطكم على الحوض و يكون تقدير الكلام و ايم الله لأفرطن لهم إلى حوض، فلما حذف الجار عدي الفعل بنفسه فنصب كقوله تعالى:( وَ اِخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ ) (١) و تكون اللام في لهم إما لام التعدية، كقوله: و يؤمن للمؤمنين، أي: و يؤمن المؤمنين أو تكون لام التعليل، أي: لأجلهم و من رواها لأفرطن بضم الهمزة فهو من أفرط المزادة، أي: ملأها. و الماتح المستقي متح يمتح بالفتح، و المائح بالياء الذي ينزل إلى البئر فيملأ الدلو. و قيل: لأبي عليرحمه‌الله ما الفرق بين الماتح و المائح. فقال: هما كإعجامهما، يعني: أن التاء بنقطتين من فوق و كذلك الماتح؛ لأنه المستقي فهو فوق البئر، و الياء بنقطتين من تحت و كذلك المائح؛ لأنه تحت في الماء الذي في البئر يملأ الدلاء، و معنى قوله: أنا ماتحه أنا خبير به كما يقول من يدعي معرفة الدار أنا باني هذه الدار، و الكلام استعارة يقول: لأملأن لهم حياض الحرب التي هي دربتي و عادتي أو لأسبقنهم إلى حياض حرب أنا متدرب بها مجرب لها إذا وردوها لا يصدرون عنها يعني قتلهم و إزهاق أنفسهم و من فر منهم لا يعود إليها، و من هذا اللفظ قول الشاعر:

مخضت بدلوه حتى تحسى

ذنوب الشر ملأى أو قرابا(٢)

____________________

(١) سورة الأعراف ١٥٥

(٢) البيت في شرح الحماسة للمرزوقي ٥٣٣ من غير نسبة.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350