كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

كتاب شرح نهج البلاغة16%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 350

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 350 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94710 / تحميل: 8507
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

و مما رثاه به أخوه المرتضى الأبيات المشهورة التي من جملتها(١) :

يا للرجال لفجعة جذمت يدي

و وددت لو ذهبت على برأسي(٢)

ما زلت آبى وردها حتى أتت(٣)

فحسوتها في بعض ما أنا حاسي

و مطلتها زمنا فلما صممت

لم يثنها مطلي و طول مكاسي

لله عمرك من قصير طاهر

و لرب عمر طال بالأدناس

و حدثني فخار بن معد العلوي الموسويرحمه‌الله قال: رأى المفيد أبو عبد الله محمد بن النعمان الفقيه الإمام في منامه كان، فاطمة بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) دخلت عليه و هو في مسجده بالكرخ و معها ولداها الحسن و الحسين (عليه‌السلام ) صغيرين فسلمتهما إليه، و قالت له علمهما الفقه فانتبه متعجبا من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر، و حولها جواريها، و بين يديها ابناها محمد الرضي و علي المرتضى صغيرين، فقام إليها و سلم عليها، فقالت له: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلمهما الفقه فبكى أبو عبد الله و قص عليها المنام و تولى تعليمهما الفقه(٤) و أنعم الله عليهما، و فتح لهما من أبواب العلوم و الفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا و هو باق ما بقي الدهر(٥)

____________________

(١) ب: " التي من جملة مرثيته "، وما أثبته عن أ.

(٢) ديوانه ١٣١:٢.

(٣) الديوان:"يازلت أحذر وردها".

(٤) ساقط من ب.

(٥) وانظر ترجمة الشريف الرضي أيضا في أخبار المحمدين من الشعراء ٨٨ - ٨٩، وإنباه الرواة ٣: ١١٤ - ١١٥، وتاريخ ابن الأثير ٧: ٠٢٨، وتاريخ بغداد ٢: ٢٤٦ - ٢٤٧، وتاريخ أبي الفدا ٢: ١٤٥، وتاريخ ابن كثير ١٢: ٣ - ٤، وابن خلكان ٢: ٢ - ٤، ودمية القصر ٧٣ - ٧٥، روضات الجنان ٥٧٣ - ٥٧٩، وشذرات الذهب ٣: ١٨٢-١٨٤، وعيون التواريخ " وفيات ٤٠٦ "، ولسان الميزان ٥: ١٤١، ومرآة الجنان ٣: ١٨ - ٢٠، والمنتظم لابن الجوزي " وفيات ٤٠٦ "، والنجوم الزاهرة ٤: ٢٤٠، والوافي بالوفيات ٢: ٣٧٤ - ٣٧٩، ويتيمة الدهر ٣: ١١٦ - ١٣٥، وله أيضا ترجمة في مقدمة كتابه المجازات النبوية " طبع بغداد " منقولة عن كتاب " تأسيس الشيعة الكرام لفنون الاسلام "، بتحقيق السيد حسن صدر بالدين.

٤١

القول في شرح خطبة نهج البلاغة

قال الرضيرحمه‌الله بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد(١) الله الذي جعل الحمد ثمنا لنعمائه، و معاذا من بلائه و وسيلا إلى جنانه، و سببا لزيادة إحسانه، و الصلاة على رسوله نبي الرحمة و إمام الأئمة و سراج الأمة المنتجب من طينة الكرم، و سلالة المجد الأقدم و مغرس الفخار المعرق و فرع العلاء المثمر المورق، و على أهل بيته مصابيح الظلم و عصم الأمم و منار الدين الواضحة، و مثاقيل الفضل الراجحة فصلى الله عليهم أجمعين صلاة تكون إزاء لفضلهم و مكافأة لعملهم، و كفاء لطيب أصلهم و فرعهم ما أنار فجر طالع و خوى نجم ساطع٢) اعلم أني لا أتعرض في هذا الشرح للكلام فيما قد فرغ منه أئمة العربية و لا لتفسير ما هو ظاهر مكشوف كما فعل القطب الراوندي فإنه شرع أولا في تفسير قوله أما بعد، ثم قال: هذا هو فصل الخطاب، ثم ذكر ما معنى الفصل و أطال فيه و قسمه أقساما يشرح ما قد فرع له منه، ثم شرح الشرح و كذلك أخذ يفسر قوله من بلائه و قوله إلى جنانه و قوله و سببا، و قوله المجد و قوله

____________________

(١) أ: " حمدا ".

(٢ – ٢)ب: " ما أنار فجر ساطع، وخوى نجم طالع ". وكذا في مخطوطة النهج.

٤٢

الأقدم، و هذا كله إطالة و تضييع للزمان من غير فائدة و لو أخذنا بشرح(١) مثل ذلك لوجب أن نشرح لفظة أما المفتوحة و أن نذكر الفصل بينها و بين إما المكسورة، و نذكر هل المكسورة من حروف العطف أو لا، ففيه خلاف و نذكر هل المفتوحة مركبة أو مفردة و مهملة أو عاملة، و نفسر معنى قول الشاعر:

أبا خراشة أما كنت ذا نفر

فإن قومي لم تأكلهم الضبع(٢)

بالفتح و نذكر بعد لم ضمت إذا قطعت عن الإضافة، و لم فتحت هاهنا حيث أضيفت و نخرج عن المعنى الذي قصدناه من موضوع الكتاب إلى فنون أخرى قد أحكمها أربابها. و نبتدئ الآن فنقول قال لي إمام من أئمة اللغة في زماننا هو الفخار بكسر الفاء، : قال و هذا مما يغلط فيه الخاصة فيفتحونها و هو غير جائز؛ لأنه مصدر فاخر و فاعل يجي‏ء مصدره على فعال بالكسر لا غير، نحو: قاتلت قتالا، و نازلت نزالا، و خاصمت خصاما، و كافحت كفاحا، و صارعت صراعا، و عندي أنه لا يبعد أن تكون الكلمة مفتوحة الفاء و تكون مصدر فخر لا مصدر فاخر، فقد جاء مصدر الثلاثي إذا كان عينه أو لامه حرف حلق على فعال بالفتح نحو سمح سماحا و ذهب ذهابا اللهم إلا أن ينقل ذلك عن شيخ أو كتاب موثوق به نقلا صريحا فتزول الشبهة، و العصم جمع عصمة و هو ما يعتصم به و المنار الأعلام واحدها منارة بفتح الميم، و المثاقيل جمع مثقال و هو مقدار وزن الشي‏ء تقول مثقال حبة و مثقال قيراط و مثقال دينار، و ليس كما تظنه العامة أنه اسم للدينار خاصة فقوله مثاقيل الفضل أي: زنات الفضل و هذا من باب الاستعارة، و قوله: تكون إزاء لفضلهم أي مقابلة له و مكافأة بالهمز من كافأته أي جازيته و كفاء بالهمز و المد، أي: نظيراً.

____________________

(١) كذا في ج وهو الصوب، وفى باقى الأصول: "لشرح".

(٢) البيت لعباس بن مرداس السلمي، وأبو خراشة كنية خفاف بن ندبة."اللسان ١٨٣:٨".

٤٣

و خوى النجم، أي: سقط و طينة الكرم أصله و سلالة المجد فرعه و الوسيل جمع وسيلة، و هو ما يتقرب به، و لو قال: و سبيلا إلى جنانه لكان حسنا، و إنما قصد الإغراب على أنا قد قرأناه كذلك في بعض النسخ، و قوله و مكافأة لعملهم إن أراد أن يجعله قرينة لفضلهم كان مستقبحا عند من يريد البديع لأن الأولى ساكنة الأوسط و الأخرى متحركة الأوسط و أما من لا يقصد البديع كالكلام القديم فليس بمستقبح و إن لم يرد أن يجعلها قرينة بل جعلها من حشو السجعة الثانية، و جعل القرينة و أصلهم فهو جائز، إلا أن السجعة الثانية تطول جدا، و لو قال: عوض لعملهم لفعلهم لكان حسنا قال الرضيرحمه‌الله فإني كنت في عنفوان السن و غضاضة الغصن ابتدأت تأليف كتاب في خصائص الأئمة (عليه‌السلام ) يشتمل على محاسن أخبارهم و جواهر كلامهم حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب، و جعلته أمام الكلام و فرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عليا (عليه‌السلام ) و عاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الأيام و مماطلات الزمان، و كنت قد بوبت ما خرج من ذلك أبوابا، و فصلته فصولا، فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه (عليه‌السلام ) من الكلام القصير في المواعظ و الحكم و الأمثال و الآداب دون الخطب الطويلة و الكتب المبسوطة، فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه و متعجبين من نواصعه، و سألوني عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في جميع فنونه و متشعبات غصونه من خطب و كتب و مواعظ و أدب، علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة، و غرائب الفصاحة و جواهر العربية، و ثواقب الكلم الدينية و الدنياوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام و لا مجموع الأطراف

٤٤

في كتاب إذ كان أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) مشرع الفصاحة و موردها، و منشأ البلاغة و مولدها و منه (عليه‌السلام ) ظهر مكنونها، و عنه أخذت قوانينها و على أمثلته حذا كل قائل خطيب و بكلامه استعان كل واعظ بليغ، و مع ذلك فقد سبق و قصروا و تقدم و تأخروا؛ لأن كلامه (عليه‌السلام ) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، و فيه عبقة من الكلام النبوي عنفوان السن أولها و محاجزات الأيام ممانعاتها و مماطلات الزمان مدافعاته و قوله معجبين، ثم قال: و متعجبين فمعجبين من قولك أعجب فلان برأيه و بنفسه فهو معجب بهما و الاسم العجب بالضم، و لا يكون ذلك إلا في المستحسن و متعجبين من قولك تعجبت من كذا، و الاسم العجب و قد يكون في الشي‏ء يستحسن و يستقبح و يتهول منه و يستغرب و مراده هنا التهول و الاستغراب و من ذلك قول أبي تمام

أبدت أسى إذ رأتني مخلس القصب

و آل ما كان من عجب إلى عجب(١)

يريد أنها كانت معجبة به أيام الشبيبة لحسنه فلما شاب انقلب ذلك العجب عجبا إما استقباحا له أو تهولا منه و استغرابا، و في بعض الروايات معجبين ببدائعه، أي: أنهم يعجبون غيرهم و النواصع الخالصة و ثواقب الكلم مضيئاتها، و منه الشهاب الثاقب و حذا كل قائل اقتفى و اتبع و قوله مسحة يقولون على فلان مسحة من جمال مثل قولك شي‏ء، و كأنه هاهنا يريد ضوءا و صقالا و قوله عبقة، أي: رائحة

____________________

(١) ديوانه ١: ١١٥، مطلع قصيدة يمدح فيها الحسن بن سهل. المخلس، من قولهم: أخلس رأسه إذا صار فيه بياض وسواد. والقصب: جمع قصبة، وهي خصلة من الشعر تجعل كهيئة القصبة الدقيقة. " من شرح الديوان ".

٤٥

و لو قال عوض العلم الإلهي الكتاب الإلهي لكان أحسن قال الرضيرحمه‌الله فأجبتهم إلى الابتداء بذلك عالما بما فيه من عظيم النفع، و منشور الذكر، و مذخور الأجر، و اعتمدت به أن أبين من عظيم قدر أميرالمؤمنين (عليه‌السلام ) في هذه الفضيلة مضافة إلى المحاسن الدثرة و الفضائل الجمة، و أنه انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين الذين إنما يؤثر عنهم منها القليل النادر و الشاذ الشارد، فأما كلامه (عليه‌السلام ) فهو البحر الذي لا يساجل، و الجم الذي لا يحافل، و أردت أن يسوغ لي التمثل في الافتخار به (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بقول الفرزدق:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

المحاسن الدثرة الكثيرة مال دثر أي كثير و الجمة مثله و يؤثر عنهم أي يحكى و ينقل قلته آثرا أي حاكيا و لا يساجل، أي: لا يكاثر أصله من النزع بالسجل و هو الدلو الملي‏ء(١) ، قال:

من يساجلني يساجل ماجدا

يملأ الدلو إلى عقد الكرب(٢)

و يروى و يساحل بالحاء من ساحل البحر، و هو طرفه أي: لا يشابه في بعد ساحله و لا يحافل، أي: لا يفاخر بالكثرة أصله من الحفل، و هو الامتلاء و المحافلة المفاخرة بالامتلاء ضرع حافل أي ممتلئ.

____________________

(١) الذلو تذكر وتؤنث.

(٢) للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، اللسان ١٣: ٣٤٦، ونقل عن ابن بري: " أصل المساجلة، أن يستقي ساقيان فيخرج كل واحد منهما في سجله مثل ما يخرج الآخر، فأيهما نكل فقد غلب، فضربته العرب أصلا للمفاخرة ".

٤٦

و الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة التميمي و من هذه الأبيات(١) :

و منا الذي اختير الرجال سماحة

و جودا إذا هب الرياح الزعازع(٢)

و منا الذي أحيا الوئيد و غالب

و عمرو و منا حاجب و الأقارع(٣)

و منا الذي قاد الجياد على الوجا(٤)

بنجران حتى صبحته الترائع

و منا الذي أعطى الرسول عطية

أسارى تميم و العيون هوامع

الترائع الكرام من الخيل يعني غزاة الأقرع بن حابس قبل الإسلام بني تغلب بنجران، و هو الذي أعطاه الرسول يوم حنين أسارى تميم.

و منا غداة الروع فرسان غارة

إذا منعت بعد الزجاج الأشاجع(٥)

و منا خطيب لا يعاب و حامل

أغر إذا التفت عليه المجامع(٦)

أي: إذا مدت الأصابع بعد الزجاج إتماما لها؛ لأنها رماح قصيرة و حامل أي حامل للديات

____________________

(١) من نقيضته لقصيدة جرير التي أولها:

ذكرت وصال البيض والشيب شائع

ودار الصبا من عهدهن بلاقع

وهما في النقائض ٦٨٥ - ٧٠٥ " طبع أوروبا "، ويختلف ترتيب القصيدة هنا عن ترتيبها هناك.

(٢) رواية النقائض: " منا الذي اختير "، بحذف الواو، وهو ما يسمى بالخرم، فتحذف الفاء من " فعولن "، في أول البيت من القصيدة. وانظر خبر غالب بن صعصعة، أبو الفرزدق مع عمير بن قيس الشيباني وطلبة بن قيس بن عاصم المنقري في الأغاني ١٩: ٥ " طبعة الساسي ".

(٣) الذي أحيا الوئيد، هو جده صعصعة بن ناجية بن عقال، وغالب أبوه، وعمرو بن عمرو بن عدس، والأقارع: الأقرع، وفراس ابنا حابس بن عقال، وانظر أخبار هؤلاء جميعا في شرح النقائض.

(٤) الوجا: الحفا.

(٥) منعت، يريد ارتفعت بالسيوف بعد الطعان بالرماح. والأشاجع: عصب طاهر الكف. وفي الديوان " فتيان غارة ".

(٦) قوله: " خطيب " نعني شبه بن عقال بن صعصعة. والحامل، يعني عبد الله بن حكيم بن نافد، من بني حوي بن سفيان بن مشاجع، الذي حمل الحملات يوم المربد حين قتل مسعود بن عمرو العتكي، وكان يقال له القرين. والأغر من الرجال: المعروف كما يعرف الفرس بغرته في الخيل، يقول: فهو معروف في الكرم والجود. " من شرح النقائض ".

٤٧

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

بهم أعتلي ما حملتنيه دارم(١)

و أصرع أقراني الذين أصارع

أخذنا بآفاق السماء عليكم

لنا قمراها و النجوم الطوالع(٢)

فوا عجبا حتى كليب تسبني

كأن أباها نهشل أو مجاشع

قال الرضيرحمه‌الله و رأيت كلامه (عليه‌السلام ) يدور على أقطاب ثلاثة: أولها: الخطب و الأوامر، و ثانيها: الكتب و الرسائل، و ثالثها: الحكم و المواعظ فأجمعت بتوفيق الله سبحانه على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثم محاسن الكتب ثم محاسن الحكم و الأدب مفردا لكل صنف من ذلك بابا و مفصلا فيه أوراقا، ليكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عني عاجلا و يقع إلي آجلا، و إذا جاء شي‏ء من كلامه الخارج في أثناء حوار أو جواب سؤال أو غرض آخر من الأغراض في غير الأنحاء التي ذكرتها، و قررت القاعدة عليها نسبته إلى أليق الأبواب به، و أشدها ملامحة لغرضه، و ربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متسقة و محاسن كلم غير منتظمة؛ لأني أورد النكت و اللمع و لا أقصد التتالي و النسق قوله أجمعت على الابتداء، أي: عزمت، و قال القطب الراوندي تقديره أجمعت عازما على الابتداء قال؛ لأنه لا يقال إلا أجمعت الأمر و لا يقال أجمعت على الأمر قال سبحانه( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ) (٣) .

____________________

(١) النقائض: ما حملتني مجاشع ".

(٢) قمراها: الشمس والقمر، فغلب المذكر مع حاجته إلى إقامة البيت.

(٣) سورة يونس ٧١.

٤٨

هذا الذي ذكره الراوندي خلاف نص أهل اللغة قالوا أجمعت الأمر و على الأمر كله جائز نص صاحب الصحاح(١) على ذلك. و المحاسن جمع حسن على غير قياس كما قالوا الملامح و المذاكر(٢) ؛و مثله المقابح، و الحوار بكسر الحاء مصدر حاورته، أي: خاطبته و الأنحاء الوجوه و المقاصد و أشدها ملامحة لغرضه، أي: أشدها إبصارا له و نظرا إليه من لمحت الشي‏ء و هذه استعارة، يقال هذا الكلام يلمح الكلام الفلاني، أي: يشابهه كان ذلك الكلام يلمح و يبصر من هذا الكلام قال الرضي (رحمه‌الله ) : و من عجائبه (عليه‌السلام ) التي انفرد بها و أمن المشاركة فيها أن كلامه الوارد في الزهد و المواعظ و التذكير و الزواجر إذا تأمله المتأمل و فكر فيه المفكر(٣) و خلع من قلبه، أنه كلام مثله ممن عظم قدره و نفذ أمره، و أحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في أنه كلام من لا حظ له في غير الزهادة و لا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت أو انقطع إلى(٤) سفح جبل لا يسمع إلا حسه و لا يرى إلا نفسه، و لا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه فيقط الرقاب و يجدل الأبطال و يعود به ينطف دما و يقطر مهجا، و هو مع تلك الحال زاهد الزهاد و بدل الأبدال، و هذه من فضائله العجيبة و خصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد و ألف بين الأشتات، و كثيرا ما أذاكر الإخوان بها و أستخرج عجبهم منها و هي موضع العبرة بها(٥) و الكفرة فيها

____________________

(١) الصحاح ٣: ١١٩٨.

(٢) ب: " المذاكير "، وما أثبته عن أ.

(٣) ب: " المتفكر "، وما أثبته عن أ.

(٤) مخطوطة النهج: " في سفح ".

(٥) كلمة " بها " ساقطة من ب، وهي في أ.

٤٩

قبع القنفذ يقبع قبوعا إذا أدخل رأسه في جلده، و كذلك الرجل إذا أدخل رأسه في قميصه و كل من انزوى في جحر أو مكان ضيق فقد قبع و كسر البيت جانب الخباء، و سفح الجبل أسفله و أصله حيث يسفح فيه الماء و يقط الرقاب يقطعها عرضا لا طولا، كما قاله الراوندي و إنما ذاك القد قددته طولا و قططته عرضا، قال ابن فارس صاحب المجمل، قال ابن عائشة: كانت ضربات علي (عليه‌السلام ) في الحرب أبكارا إن اعتلى قد و إن اعترض قط و يجدل الأبطال يلقيهم على الجدالة، و هي وجه الأرض و ينطف دما يقطر و الأبدال قوم صالحون لا تخلو الأرض منهم إذا مات أحدهم أبدل الله مكانه آخر قد ورد ذلك في كثير من كتب الحديث. كان أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) ذا أخلاق متضادة فمنها ما قد(١) ذكره الرضي (رحمه‌الله )، و هو موضع التعجب؛ لأن الغالب على أهل الشجاعة و الإقدام و المغامرة و الجرأة أن يكونوا ذوي قلوب قاسية و فتك و تمرد و جبرية، و الغالب على أهل الزهد و رفض الدنيا و هجران ملاذها و الاشتغال بمواعظ الناس و تخويفهم المعاد، و تذكيرهم الموت أن يكونوا ذوي رقة و لين و ضعف قلب، و خور طبع و هاتان حالتان متضادتان و قد اجتمعتا له (عليه‌السلام ). و منها أن الغالب على ذوي الشجاعة و إراقة الدماء أن يكونوا ذوي أخلاق سبعية و طباع حوشية و غرائز وحشية، و كذلك الغالب على أهل الزهادة و أرباب الوعظ و التذكير و رفض الدنيا أن يكونوا ذوي انقباض في الأخلاق و عبوس في الوجوه و نفار من الناس

____________________

(١) كلمة " قد " ساقطة من ب.

٥٠

و استيحاش و أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) كان أشجع الناس و أعظمهم إراقة للدم، و أزهد الناس و أبعدهم عن ملاذ الدنيا، و أكثرهم وعظا و تذكيرا بأيام الله و مثلاته، و أشدهم اجتهادا في العبادة و آدابا لنفسه في المعاملة، و كان مع ذلك ألطف العالم أخلاقا و أسفرهم وجها و أكثرهم بشرا، و أوفاهم هشاشة و أبعدهم عن انقباض موحش أو خلق نافر أو تجهم مباعد، أو غلظة و فظاظة تنفر معهما نفس أو يتكدر معهما قلب حتى عيب بالدعابة، و لما لم يجدوا فيه مغمزا و لا مطعنا تعلقوا بها و اعتمدوا في التنفير عنه عليها، و تلك شكاة ظاهر عنك عارها(١) ، و هذا من عجائبه و غرائبه اللطيفة. و منها أن الغالب على شرفاء الناس، و من هو من أهل بيت السيادة و الرئاسة أن يكون ذا كبر و تيه و تعظم و تغطرس خصوصا إذا أضيف إلى شرفه من جهة النسب شرفه من جهات أخرى، و كان أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في مصاص الشرف و معدنه و معانيه لا يشك عدو و لا صديق، أنه أشرف خلق الله نسبا بعد ابن عمه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، و قد حصل له من الشرف غير شرف النسب جهات كثيرة متعددة قد ذكرنا بعضها، و مع ذلك فكان أشد الناس تواضعا لصغير و كبير، و ألينهم عريكة، و أسمحهم خلقا و أبعدهم عن الكبر، و أعرفهم بحق، و كانت حاله هذه في كلا زمانيه زمان خلافته

____________________

(١) " الشكاة توضع موضع العيب والذم، وعير الرجل عبد الله بن الزبير بأمه، فقال ابن الزبير: * وتلك شكاة طاهر عنك عارها * أراد أن تعبيره إياه بأن أمه كانت ذات النطاقين ليس بعار. ومعنى قوله: " طاهر عنك عارها "، أي ناب، أراد أن هذا ليس عارا يلزق به، وأنه يفخر بذلك، لأنها إنما سميت ذات النطاقين، لأنه كان لها نطاقان تحمل في أحدهما الزاد إلى أبيها وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار، وكانت تنتطق بالنطاق الآخر، وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها ". اللسان: " ١٩: ١٧١ "، وديوان الهذليين (١: ٢١)، وهذا العجز لأبي ذؤيب الهذلي، وصدره: * وعيرها الواشون أني أحبها *

٥١

و الزمان الذي قبله لم تغيره الإمرة و لا أحالت خلقه الرئاسة، و كيف تحيل الرئاسة خلقه و ما زال رئيسا و كيف تغير الإمرة سجيته و ما برح أميرا لم يستفد بالخلافة شرفا و لا اكتسب بها زينة، بل هو كما قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل ذكر ذلك الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم، تذاكروا عند أحمد خلافة أبي بكر و علي، و قالوا: فأكثروا فرفع رأسه إليهم، و قال: قد أكثرتم أن عليا لم تزنه الخلافة، و لكنه زانها، و هذا الكلام دال بفحواه و مفهومه على أن غيره ازدان بالخلافة، و تممت نقصه و أن عليا (عليه‌السلام ) لم يكن فيه نقص يحتاج إلى أن يتمم بالخلافة، و كانت الخلافة ذات نقص في نفسها، فتم نقصها بولايته إياها. و منها أن الغالب على ذوي الشجاعة و قتل الأنفس، و إراقة الدماء، أن يكونوا قليلي الصفح بعيدي العفو؛ لأن أكبادهم واغرة و قلوبهم ملتهبة و القوة الغضبية عندهم شديدة، و قد علمت حال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في كثرة إراقة الدم، و ما عنده من الحلم و الصفح و مغالبة هوى النفس، و قد رأيت فعله يوم الجمل و لقد أحسن مهيار في قوله(١) :

حتى إذا دارت رحى بغيهم

عليهم و سبق السيف العذل

عاذوا بعفو ماجد معود

للعفو حمال لهم على العلل

فنجت البقيا عليهم من نجا

و أكل الحديد منهم من أكل

أطت بهم أرحامهم فلم يطع

ثائرة الغيظ و لم يشف الغلل

و منها أنا ما رأينا شجاعا جوادا قط، كان عبد الله بن الزبير شجاعا و كان أبخل الناس، و كان الزبير أبوه شجاعا و كان شحيحا قال له عمر: لو وليتها لظلت تلاطم الناس

____________________

(١) من قصيدة في ديوانه ٣: ٩٠١ - ٦١١ يذكر فيها مناقب الإمام علي وما منى به من أعدائه.

٥٢

في البطحاء على الصاع و المد، و أراد علي (عليه‌السلام ) أن يحجر على عبد الله بن جعفر لتبذيره المال، فاحتال لنفسه، فشارك الزبير في أمواله و تجاراته فقال: (عليه‌السلام ) أما إنه قد لاذ بملاذ و لم يحجر عليه و كان طلحة شجاعا و كان شحيحا أمسك عن الإنفاق حتى خلف من الأموال ما لا يأتي عليه الحصر، و كان عبد الملك شجاعا و كان شحيحا يضرب به المثل في الشح، و سمي رشح الحجر لبخله، و قد علمت حال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) في الشجاعة و السخاء كيف هي، و هذا من أعاجيبه أيضا (عليه‌السلام ). قال الرضي (رحمه‌الله ) : و ربما جاء(١) في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد و المعنى المكرر و العذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا، فربما اتفق الكلام المختار في رواية، فنقل على وجهه، ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول، إما بزيادة مختارة أو بلفظ أحسن عبارة، فتقتضى الحال أن يعاد استظهارا للاختيار و غيره على عقائل الكلام، و ربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا و نسيانا لا قصدا أو اعتمادا و لا أدعي مع ذلك أنني أحيط بأقطار جميع كلامه (عليه‌السلام )، حتى لا يشذ عني منه شاذ، و لا يند ناد بل لا أبعد أن يكون القاصر عني فوق الواقع إلي و الحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي، و ما علي إلا بذل الجهد و بلاغة الوسع و على الله سبحانه نهج السبيل و إرشاد الدليل. و رأيت من بعد تسمية هذا الكتاب بنهج البلاغة إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها، و يقرب عليه طلابها و فيه حاجة العالم و المتعلم و بغية البليغ و الزاهد، و يمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد و العدل و تنزيه الله سبحانه و تعالى عن شبه الخلق، ما هو بلال كل غلة و شفاء كل علة و جلاء كل شبهة، و من الله أستمد التوفيق و العصمة، و أتنجز التسديد و المعونة، و أستعيذه من خطإ الجنان قبل خطإ

____________________

(١) ب: "كان".

٥٣

اللسان، و من زلة الكلم قبل زلة القدم، و هو حسبي و نعم الوكيل في أثناء هذا الاختيار تضاعيفه واحدها ثني كعذق و أعذاق و الغيرة بالفتح و الكسر خطأ و عقائل الكلام كرائمه، و عقيلة الحي كريمته، و كذلك عقيلة الذود و الأقطار الجوانب واحدها قطر و الناد المنفرد ند البعير يند الربقة عروة الحبل يجعل فيها رأس البهيمة، و قوله و على الله نهج السبيل، أي: إبانته و إيضاحه نهجت له نهجا، و أما اسم الكتاب فنهج البلاغة، و النهج هنا ليس بمصدر، بل هو اسم للطريق الواضح نفسه، و الطلاب بكسر الطاء الطلب و البغية ما يبتغى و بلال كل غلة بكسر الباء ما يبل به الصدى، و منه قوله انضحوا الرحم ببلالها، أي صلوها بصلتها و ندوها(١) ، قال أوس:

كأني حلوت الشعر حين مدحته

صفا صخرة صماء يبس بلالها(٢)

و إنما استعاذ من خطإ الجنان قبل خطإ اللسان؛ لأن خطأ الجنان أعظم و أفحش من خطإ اللسان، ألا ترى أن اعتقاد الكفر بالقلب أعظم عقابا من أن يكفر الإنسان بلسانه، و هو غير معتقد للكفر بقلبه، و إنما استعاذ من زلة الكلم قبل زلة القدم؛ لأنه أراد زلة القدم الحقيقية و لا ريب أن زلة القدم أهون و أسهل؛ لأن العاثر يستقيل من عثرته و ذا الزلة تجده ينهض من صرعته، و أما الزلة باللسان فقد لا تستقال عثرتها و لا ينهض صريعها، و طالما كانت لا شوى(٣) لها قال أبو تمام:

يا زلة ما وقيتم شر مصرعها

و زلة الرأي تنسى زلة القدم(٤)

____________________

(١) اللسان –بلل، وفى الطبعة الأولى "أنضجوا"، تحريف.

(٢) يهجو الحكم بن مروان بن زنباع، اللسان ٣١: ٧٦، ٨١: ٠١٢ وحلا الرجل الشئ يحلوه، أعطاه إياه، أي جعل الشعر حلوانا له مثل العطاء.

(٣) لا شوى لها، أي لا برء لها، قال الكميت: أجيبوا رقي الآسي النطاسي واحذروا * مطفئة الرصيف التي لا شوى لها

(٤) ديوانه ٣: ٤٩١، وروايته: " يا عثرة ما وقيتم ".

٥٤

باب الخطب و الأوامر

٥٥

٥٦

قال الرضي (رحمه‌الله ) : باب المختار من خطب أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) و أوامره و يدخل في ذلك المختار من كلامه الجاري مجرى الخطب في المقامات المحضورة، و المواقف المذكورة، و الخطوب الواردة المقامات جمع مقامة، و قد تكون المقامة المجلس و النادي الذي يجتمع إليه الناس، و قد يكون اسما للجماعة و الأول أليق هاهنا بقوله المحضورة، أي: التي قد حضرها الناس. و منذ الآن نبتدئ بشرح كلام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) و نجعل ترجمة الفصل الذي نروم شرحه الأصل فإذا أنهيناه قلنا الشرح فذكرنا ما عندنا فيه و بالله التوفيق

١. فمن خطبة له (عليه‌السلام ) يذكر فيها ابتداء خلق السماء و الأرض و خلق آدم

(اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ اَلْقَائِلُونَ وَ لاَ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ اَلْعَادُّونَ وَ لاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ اَلْمُجْتَهِدُونَ [ اَلْجَاهِدُونَ ] اَلَّذِي لاَ يُدْرِكُهُ بُعْدُ اَلْهِمَمِ وَ لاَ يَنَالُهُ غَوْصُ اَلْفِطَنِ اَلَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَ لاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ وَ لاَ وَقْتٌ مَعْدُودٌ وَ لاَ أَجْلٌ مَمْدُودٌ فَطَرَ اَلْخَلاَئِقَ بِقُدْرَتِهِ وَ نَشَرَ اَلرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ وَ وَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ)

٥٧

الذي عليه أكثر الأدباء و المتكلمين أن الحمد و المدح أخوان لا فرق بينهما، تقول حمدت زيدا على إنعامه، و مدحته على إنعامه، و حمدته على شجاعته، و مدحته على شجاعته، فهما سواء يدخلان فيما كان من فعل الإنسان و فيما ليس من فعله، كما ذكرناه من المثالين، فأما الشكر فأخص من المدح؛ لأنه لا يكون إلا على النعمة خاصة و لا يكون إلا صادرا من منعم عليه فلا يجوز عندهم أن يقال شكر زيد عمرا لنعمة أنعمها عمرو على إنسان غير زيد. إن قيل الاستعمال خلاف ذلك؛ لأنهم يقولون حضرنا عند فلان فوجدناه يشكر الأمير على معروفه عند زيد. قيل: ذلك إنما يصح إذا كان إنعام الأمير على زيد أوجب سرور فلان، فيكون شكر إنعام الأمير على زيد شكرا على السرور الداخل على قلبه بالإنعام على زيد، و تكون لفظة زيد التي استعيرت ظاهرا لاستناد الشكر إلى مسماها كناية لا حقيقة و يكون ذلك الشكر شكرا باعتبار السرور المذكور و مدحا باعتبار آخر، و هو المناداة على ذلك الجميل و الثناء الواقع بجنسه. ثم إن هؤلاء المتكلمين الذين حكينا قولهم يزعمون أن الحمد و المدح و الشكر لا يكون إلا باللسان مع انطواء القلب على الثناء و التعظيم، فإن استعمل شي‏ء من ذلك في الأفعال بالجوارح كان مجازا و بقي البحث عن اشتراطهم مطابقة القلب للسان، فإن الاستعمال لا يساعدهم؛ لأن أهل الاصطلاح يقولون لمن مدح غيره أو شكره رياء و سمعة إنه قد مدحه و شكره و إن كان منافقا عندهم، و نظير هذا الموضع الإيمان فإن أكثر المتكلمين لا يطلقونه على مجرد النطق اللساني، بل يشترطون فيه الاعتقاد القلبي، فأما

٥٨

أن يقصروا به عليه كما هو مذهب الأشعرية(١) و الإمامية(٢) ،أو تؤخذ معه أمور أخرى، و هي فعل الواجب و تجنب القبيح كما هو مذهب المعتزلة(٣) ،و لا يخالف جمهور المتكلمين في هذه المسألة إلا الكرامية(٤) ، فإن المنافق عندهم يسمى مؤمنا، و نظروا إلى مجرد الظاهر، فجعلوا النطق اللساني وحده إيمانا. و المدحة هيئة المدح كالركبة هيئة الركوب و الجلسة هيئة الجلوس(٥) ؛ و المعنى مطروق جدا، و منه في الكتاب العزيز كثير، كقوله تعالى:( وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ لا تُحْصُوها ) (٦) و في الأثر النبوي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، و قال الكتاب(٧) من ذلك ما يطول ذكره فمن جيد ذلك قول بعضهم، الحمد لله على نعمه التي منها إقدارنا على الاجتهاد في حمدها، و إن عجزنا عن إحصائها و عدها، و قالت الخنساء بنت عمرو بن الشريد:

فما بلغت كف امرئ متناول

بها المجد إلا و الذي نلت أطول(٨)

____________________

(١) الأشعرية هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، المنتسب إلى أبي موسى الأشعري، وهي جماعة الصفاتية، الذين يثبتون لله تعالى الصفات الأزلية، كالعلم والقدرة والحياة وغيرها. وانظر الكلام عليهم في الملل والنحل للشهرستاني ١: ٨٥ - ٩٤.

(٢) الامامية هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه السلام، وهم فرق متعددة ذكرهم الشهرستاني في الملل والنحل ١: ١٤٤ - ١٥٤.

(٣) المعتزلة ويسمون أصحاب العدل والتوحيد، انظر أيضا الكلام عليهم، وتعداد فرقهم في المصدر السابق ١: ٤٩ - ٧٨.

(٤) الكرامية هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، عدهم الشهرستاني من جماعة الصفاتية، لأنهم كانوا ممن يثبتون الصفات، إلا أنهم انتهوا فيها إلى التجسيم والتشبيه، الملل والنحل ١: ٩٩ - ١٠٤.

(٥) أ: " كالركبة والجلسة هيئة الركوب والجلوس ".

(٦) سورة إبراهيم ٣٤، النحل ١٨.

(٧) ب: " في الكتاب "، وكلمة " في " مقحمة.

(٨) ديوانها ١٨٤، والرواية هناك

فما بلغت كف امرئ متناول

بها المجد إلا حيث ما نلت أطول

وما بلغ المهدون في القول مدحة

ولا صفة إلا الذي فيك أفضل

٥٩

و لا حبر المثنون في القول مدحة

و إن أطنبوا إلا و ما فيك أفضل

و من مستحسن ما وقفت عليه من تعظيم البارئ عز جلاله بلفظ(١) الحمد قول بعض الفضلاء في خطبة أرجوزة علمية:

الحمد لله بقدر الله

لا قدر وسع العبد ذي التناهي

و الحمد لله الذي برهانه

أن ليس شأن ليس فيه شانه

و الحمد لله الذي من ينكره

فإنما ينكر من يصوره

و أما قوله الذي لا يدركه، فيريد أن همم النظار و أصحاب الفكر و إن علت و بعدت، فإنها لا تدركه تعالى و لا تحيط به و هذا حق؛ لأن كل متصور فلا بد أن يكون محسوسا أو متخيلا أو موجودا من فطرة النفس و الاستقراء، يشهد بذلك مثال المحسوس السواد و الحموضة، مثال المتخيل إنسان يطير أو بحر من دم، مثال الموجود من فطرة النفس تصور الألم و اللذة، و لما كان البارئ سبحانه خارجا عن هذا أجمع(٢) لم يكن متصورا. فأما قوله الذي ليس لصفته حد محدود، فإنه يعني بصفته هاهنا كنهه و حقيقته. يقول: ليس لكنهه حد فيعرف بذلك الحد قياسا على الأشياء المحدودة؛ لأنه ليس بمركب و كل محدود مركب. ثم قال و لا نعت موجود، أي: و لا يدرك(٣) بالرسم كما تدرك الأشياء برسومها، و هو أن تعرف بلازم من لوازمها و صفة من صفاتها، ثم قال و لا وقت معدود و لا أجل ممدود فيه إشارة إلى الرد على من قال إنا

____________________

(١) أ: " بلفظة ".

(٢) ب: " جميعا ".

(٣) ب: " لا يدرك "، من غير واو.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورويناه بإسنادنا إلى محمد بن يحيى الخثعمي، من غير كتاب معاوية بن حكيم.

[١٤٨٩٢] ٤ - وروينا باسنادنا إلى معاوية بن حكيم في كتاب أصله، حديثا آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « في السماء أربعة نجوم، ما يعلمها الا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم ».

[١٤٨٩٣] ٥ - قال: روينا بأسانيد عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ونقلته من خطه، من الجزء الثاني من كتاب الدلائل تأليف عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لي في النظرة في النجوم لذة، وهي معيبة عند الناس، فإن كان فيها اثم تركت ذلك، وإن لم يكن فيها اثم فان لي فيها اللذة، قال: فقال: « تعد الطوالع » فقلت: نعم، فعددتها له، فقال: « كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ قلت: هذا شئ لم اسمعه قط؟ قال: » وكم تسقي الزهرة(١) من نورها؟ قلت: ولا هذا، قال: « فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ ( من نوره )(٢) ؟ » قلت: وهذا شئ لم أسمعه قط، قال: فقال: « هذا شئ إذا علمه الرجل، عرف أوسط قصبة في الأجمة - ثم قال - ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، وأهل بيت من الهند ».

[١٤٨٩٤] ٦ - وفيه: وجدت في كتاب عتيق اسمه كتاب التجمل: قال أبو أحمد: عن حفص بن البختري قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ما يعلمها الا أهل بيت بالهند، وأهل بيت من العرب ».

__________________

٤ - فرج المهموم ص ٩١.

(١) في المصدر: « فلذلك ».

٥ - المصدر السابق ص ٩٧.

(١) في المصدر زيادة: الشمس.

(٢) في المصدر: نورا.

٦ - فرج المهموم ص ٩٩.

١٠١

[١٤٨٩٥] ٧ - وفي الكتاب المذكور أيضا: عن محمد وهارون ابني سهل، وكتبا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : ان أبانا وجدنا كان ينظر في النجوم، فهل يحل النظر فيها؟ قال: « نعم ».

[١٤٨٩٦] ٨ - وفيه: انهما كتبا إليهعليه‌السلام : نحن ولد بني(١) نوبخت المنجم [ وقد كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون ] يختلفون في صفة الفلك - إلى أن قال - فكتبعليه‌السلام : « نعم، ما لم يخرج من التوحيد ».

[١٤٨٩٧] ٩ - ومن الكتاب المذكور: أبو محمد، عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (١) قال: « كان القمر منحوسا بزحل ».

[١٤٨٩٨] ١٠ - ومن كتاب نزهة الكرام وبستان العوام، تأليف محمد بن الحسين بن الحسن الرازي، في أواخر المجلد الثاني منه: روي أن هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال [ له ](١) : ان الناس ينسبونكم - يا بني فاطمة - إلى علم النجوم، وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا ذكروا(٢) أصحابي فاسكتوا، وإذا ذكروا(٣) القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم فاسكتوا » وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان اعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده

__________________

٧ - فرج المهموم ص ١٠٠.

٨ - المصدر السابق ص ١٠٠.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٩ - فرج المهموم ص ١٠٠، وعنه في البحار ج ٥٨ ص ٢٥١ ح ٣٧.

(١) القمر ٥٤ الآية ١٩.

١٠ - فرج المهموم ص ١٠٧ - ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « ذكر ».

(٣) في المصدر: « ذكر ».

١٠٢

وذريته الذين(٤) تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها، فقال له الكاظمعليه‌السلام : « هذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة، ما مدحها الله عز وجل، والأنبياءعليهم‌السلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات الله عليه ):( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٥) وقال في موضع آخر:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٦) فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، وما قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) وإدريسعليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تبارك وتعالى قد أقسم بها فقال:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٧) وقال في موضع آخر:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - إلى قوله -فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (٨) ويعني بذلك اثني عشر برجا وسبع سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل، وبعد علم القرآن ما يكون(٩) أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء، الذين قال الله عز وجل:( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١٠) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره(١١) ».

فقال له هارون: بالله عليك يا موسى، لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشنعوا(١٢) عليك، ونفس العوام به، وغط هذا العلم، وارجع إلى حرم جدك، ثم قال له هارون: وقد بقيت مسألة أخرى، بالله عليك أخبرني

__________________

(٤) في المصدر: « التي ».

(٥) الانعام ٦ الآية ٧٥.

(٦) الصافات ٣٧ الآية ٨٨ و ٨٩.

(٧) الواقعة ٥٦ الآية ٧٥ و ٧٦.

(٨) النازعات ٧٩ الآية ١ - ٥.

(٩) في المصدر: « لا يكون ».

(١٠) النحل ١٦ الآية ١٦.

(١١) في المصدر: « ننكره ».

(١٢) في المصدر: « لا يشيعوه عنكم ».

١٠٣

بها، فقال له: « سل » فقال له: بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخبرني أنت تموت قبلي، أم أنا أموت قبلك، لأنك تعرف هذا من علم النجوم؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « آمني حتى أخبرك » فقال: لك الأمان، فقال: « أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب ».

[١٤٨٩٩] ١١ - وفيه وجدت في كتاب عتيق، باسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال: إن رجلا سأله عن حساب النجوم، فجعل الرجل يتحرج ان يخبره، فقال له عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت اني علمته.

[١٤٩٠٠] ١٢ - الصدوق في الخصال: عن إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة، عن سالم بن سالم وأبي عروبة معا، عن أبي الخطاب، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين ابن عليعليهم‌السلام ، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن خصال - إلى أن قال - وعن النظر في النجوم ».

[١٤٩٠١] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في معدن الجواهر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم للأزمان(١) ».

[١٤٩٠١] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ».

__________________

١١ - فرج المهموم ص ١١٠.

١٢ - الخصال ص ٤١٧ ح ١٠.

١٣ - معدن الجواهر ص ٤٠.

(١) في المصدر: « لمعرفة الأزمان ».

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٢.

١٠٤

قلت يحمل ما دل على النهي عن النظر بل تكفير المنجم، على من اعتقد قدم الأفلاك والكواكب، أو ان اختلاف حركاتها وأوضاعها علل تامة لصدور الحوادث، أو ان لها حياة ونفوسا تصدر عنهما الحوادث بالإرادة، والاختيار، وغير ذلك من العقائد الفاسدة، المباينة لأصول الملل وأساس الشرائع، وما دل على الجواز، على أنها امارات وعلامات على حدوث الحوادث منه تعالى، أو ما يقرب من ذلك، مما ليس فيه ما ينافي الشرع، ويرتفع شرها بالبر والدعاء والصدقة، والله العالم.

٢٢ -( باب تحريم تعلم السحر، واجره، واستعماله في العقد، وحكم الحل)

[١٤٩٠٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لما هلك سليمان، وضع إبليس السحر، ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داودعليهما‌السلام من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) (١) اي: السحر ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٤٩٠٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال:

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٢ ح ٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٥٥.

٢ - الجعفريات ص ١٠٠.

١٠٥

حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض، فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوخ ثم حلقت رأسها، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان حلق الرأس لا يقبل منها ».

وروي في الفقيه(١) : مثله، وفيه: « كدرت البحار، وكدرت الطين، ولعنتك الملائكة ». إلى آخره.

[١٤٩٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الساحر(١) ». الخبر.

[١٤٩٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان ».

[١٤٩٠٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم: ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها، ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السحر.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨٢ ح ١٣٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠

(١) في المصدر: الكاهن.

٤ - المصدر السابق ص ١٢٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٧.

١٠٦

[١٤٩٠٨] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم من السحر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولذلك لم يقتل [ رسول الله ](١) ابن أعصم(٢) اليهودي الذي سحره.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل(٣) ، والسحر كفر، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ - إلى قوله -فَلَا تَكْفُرْ ) (٤) فأخبر جل ذكره، ان السحر كفر، فمن سحر فقد كفر، فقتل(٥) ساحر المسلمين لأنه كفر، وساحر المشركين لا يقتل لأنه كافر بعد بما(٦) جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » .

[١٤٩٠٩] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي ( صلوات الله عليهم )، أنه قال: « سحر لبيد بن أعصم(١) وأم عبد الله اليهودية، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في عقد خيوط من احمر واصفر، فعقدا فيه احدى عشرة

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٢ ح ١٧٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عاصم.

(٣) في المصدر زيادة: لأنه كفر.

(٤) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٥) في المصدر: فيقتل.

(٦) في المصدر: كما.

٧ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٧.

(١) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

١٠٧

عقدة، ثم جعلاه في جف(٢) طلع، ثم أدخلاه في بئر فجعلاه في مراقي(٣) البئر بالمدينة، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يسمع ولا يبصر ولا يتفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل جبرئيل بمعوذات، ثم قال: يا محمد ما شأنك؟ قال: لا أدري، انا بالحال التي تراني، قال: إن لبيد بن أعصم(٥) وأم عبد الله اليهودية سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (٦) فانحلت عقدة، ثم قرأ أخرى(٧) حتى قرأ احدى عشرة مرة، فانحلت الإحدى عشرة عقدة، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبره جبرئيل الخبر، فقال: انطلق وائتني بالسحر، فجاء به ثم دعا بلبيد وأم عبد الله، فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتماه؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما، وكان موسرا كثير المال، فمر به غلام في اذنه قرط، فجذبه فخرم اذن الصبي، فاخذ فقطعت يده فكوي منها فمات» .

ورواه مع اختلاف وزيادة فرات بن إبراهيم في تفسيره(٨) : عن عبد الرحمن ابن محمد العلوي، ومحمد بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

[١٤٩١٠] ٨ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن

__________________

(٢) الجف: وعاء الطلع وهو الغشاء الذي يكون فوق طلع النخل ( النهاية ج ١ ص ٢٧٨ ).

(٣) المراقي: جمع مرقاة، وهي الدرجة ومراقي البئر حفر صغار تكون على يمين البئر ويساره يستعان بها في الصعود والنزول ( انظر لسان العرب ج ١٤ ص ٣٣٢ ).

(٤) في المصدر زيادة: عليه.

(٥) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر زيادة: فقال رسول الله ذلك.

(٧) في المصدر زيادة: فانحلت عقدة أخرى.

(٨) تفسير فرات ص ٢٣٣.

٨ - طب الأئمة ص ١١٣.

١٠٨

عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا محمد، قال: لبيك، قال: إن فلانا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان » وذكر القصة.

[١٤٩١١] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن المعوذتين انهما من القرآن، فقال الصادقعليه‌السلام : « هما من القرآن - إلى أن قال - وهل تدري ما معنى المعوذتين، وفي اي شئ نزلت(١) ؟ ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سحره لبيد بن أعصم(٢) اليهودي» فقال أبو بصير لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما ( كان ذا؟ وما )(٣) عسى ان يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « بلى، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنه يجامع ولا(٤) يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره يلمسه بيده، والسحر حق، وما سلط الحسر الا على العين والفرج» . الخبر.

[١٤٩١٢] ١٠ - وعن سهل بن محمد بن سهل، عن عبد ربه بن محمد بن إبراهيم، عن ابن أورمة، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النشرة للمسحور، فقال: « ما كان أبيعليه‌السلام يرى به بأسا ».

[١٤٩١٣] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: المشرك، والكاهن، والساحر،

__________________

٩ - طب الأئمة ص ١١٤.

(١) في المصدر: نزلتا.

(٢) في الحجرية « عاصم » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: كاد، أو.

(٤) في المصدر: وليس.

١٠ - المصدر السابق ص ١١٤.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٠٩

والعاق، وآكل الربا، ومدمن الخمر، والزاني، والماجن» .

[١٤٩١٤] ١٢ - وروي: انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله.

٢٣ -( باب تحريم اتيان العراف وتصديقه، وتحريم الكهانة والقيامة)

[١٤٩١٥] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الكاهن - إلى أن قال - واجر القافي(١) ». الخبر.

[١٤٩١٦] ٢ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بد من العريف والعريف في النار، ولا بد من الامرة برة كانت أو فاجرة ».

[١٤٩١٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يقول: [ إن ](١) كثيرا من الرقي وتعليق التمائم شعبة [ من الاشراك ](٢) ».

[١٤٩١٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

١٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القائف: الذي يعرف آثار الاقدام، وكان ذا منزلة في الجاهلية. ( لسان العرب ( قوف ) ج ٩ ص ٢٩٣ ).

٢ - المصدر السابق ص ٢٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٣ ح ١٧٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٨.

١١٠

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة، إذ رمي بنجم(١) فاستنار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للقوم: ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا(٢) : كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، قال: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا: قضى ربنا بكذا، فتسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك، حتى يبلغ ذلك إلى السماء الدنيا، فيسرق(٣) الشياطين السمع، فربما اعتقلوا شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون فتخطئ الكهنة وتصيب، ثم إن الله عز وجل منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة، وتلا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤) وقوله عز وجل:( أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) (٥) » .

[١٤٩١٩] ٥ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « ان الله أوحى إلى نبي في نبوته: أخبر قومك انهم قد استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي - ان قال - وخبر قومك انه ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو تسحر له » الخبر.

[١٤٩٢٠] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - انه عد من السحت اجر الكاهن الخبر.

[١٤٩٢١] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات: عن عطية، عن أبي سعيد

__________________

(١) في المصدر: نجم.

(٢) كان في الأصل: ( قال ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتسترق.

(٤) الحجر ١٥ الآية ١٨.

(٥) الجن ٧٢ الآية ٩.

٥ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

٧ - المانعات ص ٢.

١١١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٤٩٢٢] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صدق كاهنا، فقد كفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٩٢٣] ٩ - نهج البلاغة: عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى(١) النجوم، فقال: « يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها ( عبد الا استجيب له )(٢) ، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا »، الخبر.

[١٤٩٢٤] ١٠ - الصدوق في الخصال: عن الحسين، عن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا ».

[١٤٩٢٥] ١١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه وإبراهيم، عن أيوب بن نوح، عن [ حنان، عن ](١) عقبة بن بشير الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: إني في الحسب الضخم من قومي، وإن قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فما ترى

__________________

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٣ رقم ١٠٤.

(١) في المصدر: في.

(٢) كان في الحجرية: عبد ربه الا استحباب، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - بل أمالي الصدوق ص ١٧٤ ح ٩، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٣٨٢ ح ٩.

١١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٥٩ ح ٣٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ٦ ص ٢٩٩ و ج ١١ ص ١٥١ ).

١١٢

لي؟(٢) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « تمن علينا بحسبك! أن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه(٣) وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا إذا كان كافرا، وليس لاحد على أحد تفضل(٤) إلا بتقوى الله، وأما قولك: إن قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فإن كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك، ويأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا ».

٢٤ -( باب حكم الرقي)

[١٤٩٢٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رقى إلا في ثلاث: في حية(١) ، أو في عين، أو دم لا يرقى ».

[١٤٩٢٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أربع نفخات: في موضع السجود، وفي الرقي، وفي الطعام، والشراب ».

[١٤٩٢٨] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل، وما [ لا ](١) يعرف ( من ذكره(٢) وقال: « هذه

__________________

(٢) في المصدر زيادة: قال.

(٣) في المصدر: سموه.

(٤) في المصدر: فضل.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

(١) في المصدر: جبة.

٢ - المصدر السابق ص ٣٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بذكره.

١١٣

الرقي مما اخذه سليمان بن داودعليهما‌السلام ، [ على الانس و ](٣) الجن والهوام» .

[١٤٩٢٩] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا رقى إلا في ثلاث: في حمة أو عين، أو دم لا يرقى »، والحمة: السم.

[١٤٩٣٠] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت ترقي الجرح - يعني من الألم والدم وما يخاف منه - عليه فضع يدك على الجرح وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الأكبر، من الحديدة والحجر(١) ، والناب الأسمر، والعرق فلا ينعر(٢) والعين فلا تسهر، تردده ثلاث مرات ».

[١٤٩٣١] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه سئل عن رجل رقى ملذوعا بسورة من القرآن فشفي، فأعطاه على ذلك(١) ، فرخص له(٢) .

[١٤٩٣٢] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: رجعت مع عمي من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمررنا بقبيلة من قبائل العرب فقالوا: ظننا انكم تقدمون من عند هذا الذي يدعي النبوة، وعندنا رجل قد جن قد أوثقناه، فهل عندكم شئ فيه راحته؟ فقال عمي: نعم، فذهبوا بنا إلى عند المجنون، فقرأ عمي فاتحة الكتاب، وكان يجمع بصاقه في فمه

__________________

(٣) في الحجرية: « عن » بدل « على » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٤.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٦.

(١) في المصدر زيادة: الملبود.

(٢) كان في الحجرية: يفتر، وما أثبتناه من المصدر، ونعر الجرح: سال دمه ولم ينقطع « لسان العرب ج ٥ ص ٢٢١ ».

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٤ ح ٢٠٨.

(١) في المصدر: الرقية أجرا.

(٢) في المصدر زيادة: في ذلك.

٧ - تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ١٣.

١١٤

وكلما قرأه مرات ألقى بصاقه في فمه، فعل ذلك به ثلاثة أيام، فبرأ بإذن الله تعالى، فأعطوني شيئا، فقلنا: لا نأكله حتى نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه حلال، فلما سألناه، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اكل برقية باطل، فهذا برقية حق ».

قلت: رواه مختصرا ابن الأثير في أسد الغابة فقال: روى يعلى بن عبيد، عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: حدثني خارجة بن الصلت: ان عمه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم ثم رجع، فمر باعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: من عنده شئ يداويه به؟ فان صاحبكم جاء بالخير، فقلت: نعم، فرقيته بأم الكتاب كل يوم مرتين، فبرأ فأعطاني مائة شاة، فلم آخذها حتى اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته فقال: « أقلت شيئا غير هذا؟ » قلت: لا، قال: « كلها بسم الله، فلعمري من اكل برقية باطل، فقد أكلت برقية حق ».

٢٥ -( باب حكم القصاص)

[١٤٩٣٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) (١) قال: « الكلام في الله والجدال في القرآن( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٢) قال: منه القصاص ».

[١٤٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن عبد الواحد(١) بن محمد بن عبدوس، عن

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٣١.

(١) الانعام ٦ الآية ٦٨.

(٢) الانعام ٦ الآية ٦٨.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٧ ح ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « عبد الله » وما أثبتناه من المصدر، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٦ - ٣٧ ».

١١٥

علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: قلت: يا بن رسول الله، فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل به وجوه الناس إليه، فهو في النار» فقالعليه‌السلام : « صدق جديعليه‌السلام ، أفتدري من السفهاء» ؟ فقلت: لا، يا بن رسول الله، فقال: « [ هم ](٢) قصاص مخالفينا» . الخبر.

٢٦ -( باب كراهة الأجرة على تعليم القرآن مع الشرط، دون تعليم غيره، ودون الهدية، وما يكون من غير شرط، واستحباب التسوية بين الصبيان)

[١٤٩٣٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه الا قرآنا فقط، فحرام اجرته ان شارط أم لم يشارط(١) ».

[١٤٩٣٦] ٢ - وروي عن(١) ابن عباس في قوله: ( أكالون للسحت )(٢) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

[١٤٩٣٧] ٣ - وروي ان عبد الله بن مسعود جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « يشرط ».

٢ - المصدر السابق ص ٣٤.

(١) في المصدر « ان ».

(٢) المائدة ٥ الآية ٤٢.

٣ - المصدر السابق ص ٣٤.

١١٦

يا رسول الله، أعطاني فلان الاعرابي ناقة بولدها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم(١) يا بن مسعود؟ » فقال: اني كنت علمت له أربع سور من كتاب الله، فقال: « رد عليه - يا بن مسعود - فان الاجر(٢) على القرآن حرام ».

[١٤٩٣٨] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسينعليه‌السلام ( الحمد ) فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، فقال: « وأين يقع هذا من عطائه! يعني تعليمه ».

[١٤٩٣٩] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال ».

[١٤٩٤٠] ٦ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله ».

٢٧ -( باب عدم جواز اخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء، وسائر الواجبات كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم)

[١٤٩٤١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « الأجرة ».

٤ - مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٦٦.

٥ - الجعفريات ص ١٨٠.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٦ ح ٢١٥.

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

١١٧

السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القاضي، الا قاض يجرى عليه من بيت المال، وأجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال» .

٢٨ -( باب عدم جواز بيع المصحف، وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، واخذ الأجرة على كتابته)

[١٤٩٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس ببيع المصاحف وشرائها »، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ولا بأس ان يكتب بأجر، ولا يقع الشراء على كتاب الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا ».

٢٩ -( باب تحريم كسب القمار حتى الكعاب والجوز والبيض، وإن كان الفاعل غير مكلف، وتحريم فعل القمار)

[١٤٩٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم - يرحمك الله - ان الله تبارك وتعالى نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، وسماها رجسا، فقال( رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج» ، الخبر.

[١٤٩٤٤] ٢ - الصدوق في المقنع: اتق اللعب بالنرد، فان الصادقعليه‌السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يعلب بالنرد قماراً، مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من

__________________

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٩.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المائدة ٥ الآية ٩٠.

٢ - المقنع ص ١٥٤.

١١٨

يلعب بها من غير قمار، مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير، أو في دمه واجتنب الملاهي كلّها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر(١) ، فان الصادقينعليهم‌السلام نهوا عن ذلك.

[١٤٩٤٥] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حمدويه، عن محمد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة - يعني إلى علي بن محمدعليهما‌السلام -: ان رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (١) الآية فما المنفعة جعلت فداك؟ فكتب: « كلما قومر به فهو الميسر »، الخبر.

[١٤٩٤٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم وهاتين الكعبتين الموشومتين، فإنهما من ميسر العجم ».

٣٠ -( باب تحريم اخذ ما ينثر في الأعراس، الا من يعلم اذن أربابه بانتهابه)

[١٤٩٤٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : دخلت أم أيمن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفها شئ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: ان فلانة أملكوها(١) فنثروا

__________________

(١) في المصدر زيادة: وكل قمار.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٥ ح ٣١١.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٥.

الباب ٣٠

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٦ ح ٣.

(١) الاملاك: التزويج. ( لسان العرب - ملك - ج ١٠ ص ٤٩٤ ).

١١٩

عليها، فأخذت من نثارهم، ثم بكت أم أيمن، وقالت: يا رسول الله، فاطمةعليها‌السلام زوجتها ولم تنثر عليها شيئا» الخبر.

[١٤٩٤٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه نهى عن القمار، والنهبة، والنثار، يعني بالنثار: ما ينثر على قوم لم يدعوا إليه، ولم تطب نفس ناثره به لمن صار إليه، وكان يؤخذ اخطافاً(١) وانتهاباً، فهو شبيه بالنهبة.

٣١ -( باب جواز بيع جلد غير مأكول اللحم إذا كان مذكى، دون الميتة)

[١٤٩٤٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي: قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن جلود السباع التي يجلس عليها، فقال: « ادبغوها » فرخص في ذلك.

[١٤٩٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن جلود السباع ».

ورواه في الجعفريات: بسنده عنهعليه‌السلام (١) .

قلت: يمكن حمل الخبر الأول على المذكى، والثاني على الميتة، أو حمل الأول على مجرد جواز الانتفاع بها، بناء على جواز الانتفاع بالمنافع المحللة من الميتة، كالاستقاء من جلودها، واطعام كلب الصيد من لحومها، وحرمة المعاوضة عليها، والانتفاع من ثمنها.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٩.

(١) في المصدر: اختطافا.

الباب ٣١

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) الجعفريات ص ١٨٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350