كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٣

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 351

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 351
المشاهدات: 50801
تحميل: 7641


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50801 / تحميل: 7641
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 3

مؤلف:
العربية

مقال ابن هند في علي عضيهة

و لله في صدر بن أبي طالب أجل

و ما من علي في ابن عفان سقطة

بقول و لا مالا عليه و لا قتل

و ما كان إلا لازما قعر بيته

إلى أن أتى عثمان في داره الأجل

فمن قال قولا غير هذا فحسبه

من الزور و البهتان بعض الذي احتمل

وصى رسول الله من دون أهله

و من باسمه في فضله يضرب المثل

قال نصر:فلما قرأ شرحبيل الكتاب ذعر و فكر ، و قال:هذه نصيحة لي في ديني ، و لا و الله لا أعجل في هذا الأمر بشي‏ء و في نفسي منه حاجة ، و كاد يحول عن نصر معاوية و يتوقف فلفق له معاوية الرجال يدخلون إليه و يخرجون و يعظمون عنده قتل عثمان ، و يرمون به عليا ، و يقيمون الشهادة الباطلة ، و الكتب المختلقة ، حتى أعادوا رأيه و شحذوا عزمه

٨١

قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد بإسناده قال:بعث معاوية إلى شرحبيل بن السمط إنه قد كان من إجابتك إلى الحق ، و ما وقع فيه أجرك على الله و قبله عنك صلحاء الناس ما علمت و إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يتم إلا برضا العامة فسر في مدائن الشام و ناد فيهم بأن عليا قتل عثمان و أنه يجب علي المسلمين أن يطلبوا بدمه فسار شرحبيل فبدأ بأهل حمص ، فقام فيهم خطيبا و كان مأمونا في أهل الشام ناسكا متألها ، فقال:أيها الناس ، إن عليا قتل عثمان فغضب له قوم من أصحاب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )فلقيهم فهزم الجمع و قتل صلحاءهم ، و غلب على الأرض فلم يبق إلا الشام ، و هو واضع سيفه على عاتقه ، ثم خائض غمرات الموت حتى يأتيكم أو يحدث الله أمرا و لا نجد أحدا أقوى على قتاله من معاوية ، فجدوا و انهضوا فأجابه الناس كلهم إلا نساكا من أهل حمص ، فإنهم قالوا له:بيوتنا قبورنا و مساجدنا و أنت أعلم بما ترى قال:و جعل شرحبيل يستنهض مدائن الشام حتى استفرغها لا يأتي على قوم إلا قبلوا

٨٢

ما أتاهم به فبعث إليه النجاشي بن الحارث و كان له صديقا:

شرحبيل ما للدين فارقت ديننا

و لكن لبغض المالكي جرير

و شحناء دبت بين سعد و بينه

فأصبحت كالحادي بغير بعير

و ما أنت إذ كانت بجيلة عاتبت

قريشا فيا لله بعد نصير

أ تفصل أمرا غبت عنه بشبهة

و قد حار فيه عقل كل بصير

بقول رجال لم يكونوا أئمة

و لا للتي لقوكها بحضور

و ما قول قوم غائبين تقاذفوا

من الغيب ما دلاهم بغرور

و تترك أن الناس أعطوا عهودهم

عليا على أنس به و سرور

إذا قيل هاتوا واحدا يقتدى به

نظيرا له لم يفصحوا بنظير

لعلك أن تشقى الغداة بحربه

فليس الذي قد جئته بصغير

قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة عن الشعبي أن شرحبيل بن السمط ، بن الأسود ، بن جبلة الكندي دخل على معاوية ، فقال له:أنت عامل أمير المؤمنين ، و ابن عمه ، و نحن المؤمنون ، فإن كنت رجلا تجاهد عليا و قتلة عثمان ، حتى ندرك ثارنا أو تذهب أرواحنا استعملناك علينا و إلا عزلناك و استعملنا غيرك ممن نريد ، ثم جاهدنا معه حتى ندرك بدم عثمان أو نهلك فقال جرير بن عبد الله و كان حاضرا:مهلا يا شرحبيل ، فإن الله قد حقن الدماء و لم الشعث و جمع أمر الأمة و دنا من هذه الأمة سكون ، فإياك أن تفسد بين الناس

٨٣

و أمسك عن هذا القول قبل أن يشيع ، و يظهر عنك قول لا تستطيع رده ، فقال:لا و الله لا أسرة أبدا ، ثم قام فتكلم به فقال الناس:صدق صدق القول ما قال و الرأي ما رأى فأيس جرير عند ذلك من معاوية ، و من عوام أهل الشام قال نصر:و حدثني محمد بن عبيد الله عن الجرجاني قال:كان معاوية قد أتى جريرا قبل ذلك في منزله ، فقال له:يا جرير إني قد رأيت رأيا قال:هاته قال:اكتب إلى صاحبك يجعل لي الشام و مصر جباية ، فإذا حضرته الوفاة لم يجعل لأحد بعده في عنقي بيعة ، و أسلم له هذا الأمر و اكتب إليه بالخلافة ، فقال جرير:اكتب ما أردت أكتب معك فكتب معاوية بذلك إلى علي ، فكتب علي(عليه‌السلام )إلى جرير:أما بعد ، فإنما أراد معاوية ألا يكون لي في عنقه بيعة و أن يختار من أمره ما أحب ، و أراد أن يريثك و يبطئك حتى يذوق أهل الشام ، و أن المغيرة بن شعبة قد كان أشار علي أن أستعمل معاوية على الشام ، و أنا حينئذ بالمدينة فأبيت ذلك عليه و لم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا ، فإن بايعك الرجل و إلا فأقبل و السلام قال نصر:و فشا كتاب معاوية في العرب فبعث إليه الوليد بن عقبة:

معاوي إن الشام شامك فاعتصم

بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا

و حام عليها بالصوارم و القنا

و لا تك موهون الذراعين وانيا

و إن عليا ناظر ما تجيبه

فأهد له حربا تشيب النواصيا

٨٤

و إلا فسلم إن في السلم راحة

لمن لا يريد الحرب فاختر معاويا

و إن كتابا يا ابن حرب كتبته

على طمع يزجى إليك الدواهيا

سألت عليا فيه ما لن تناله

و لو نلته لم يبق إلا لياليا

و سوف ترى منه التي ليس بعدها

بقاء فلا تكثر عليك الأمانيا

أمثل علي تعتريه بخدعة

و قد كان ما جربت من قبل كافيا

قال و:كتب الوليد بن عقبة إلى معاوية أيضا يوقظه و يشير عليه بالحرب و ألا يكتب جواب جرير:

معاوي إن الملك قد جب غاربه

و أنت بما في كفك اليوم صاحبه

أتاك كتاب من علي بخطه

هي الفصل فاختر سلمه أو تحاربه

فلا ترج عند الواترين مودة

و لا تأمن اليوم الذي أنت راهبه

وحاربه إن حاربت حرب ابن حرة

و إلا فسلم لا تدب عقاربه

فإن عليا غير ساحب ذيله

على خدعة ما سوغ الماء شاربه

و لا قابل ما لا يريد و هذه

يقوم بها يوما عليه نوادبه

فلا تدعن الملك و الأمر مقبل

و تطلب ما أعيت عليك مذاهبه

فإن كنت تنوي أن تجيب كتابه

فقبح ممليه و قبح كاتبه

و إن كنت تنوي أن ترد كتابه

و أنت بأمر لا محالة راكبه

فألق إلى الحي اليمانين كلمة

تنال بها الأمر الذي أنت طالبه

تقول أمير المؤمنين أصابه

عدو و مالأهم عليه أقاربه

أفانين منهم قائل و محرض

بلا ترة كانت و آخر سالبه

٨٥

و كنت أميرا قبل بالشام فيكم

فحسبي و إياكم من الحق واجبه

فجيئوا و من أرسى ثبيرا مكانه

ندافع بحرا لا ترد غواربه

فأقلل و أكثر ما لها اليوم صاحب

سواك فصرح لست ممن تواربه

قال نصر:و خرج جرير يوما يتجسس الأخبار ، فإ ذا هو بغلام يتغنى على قعود له هو يقول:

حكيم و عمار الشجا و محمد

و أشتر و المكشوح جروا الدواهيا

و قد كان فيها للزبير عجاجة

و صاحبه الأدنى أثاروا الدواهيا

فأما علي فاستجار ببيته

فلا آمر فيها و لم يك ناهيا

فقل في جميع الناس ما شئت بعده

فلو قلت أخطأ الناس لم تك خاطيا

و إن قلت عم القوم فيه بفتنة

فحسبك من ذاك الذي كان كافيا

فقولا لأصحاب النبي محمد

و خصا الرجال الأقربين الأدانيا

أيقتل عثمان بن عفان بينكم

على غير شي‏ء ليس إلا تعاميا

فلا نوم حتى نستبيح حريمكم

و نخضب من أهل الشنان العواليا

فقال جرير:يا ابن أخي من أنت ؟ فقال:غلام من قريش و أصلي من ثقيف أنا ابن المغيرة بن الأخنس بن شريق قتل أبي مع عثمان يوم الدار فعجب جرير

٨٦

من شعره و قوله ، و كتب بذلك إلى علي(عليه‌السلام )، فقال علي:و الله ما أخطأ الغلام شيئا قال نصر و في حديث صالح بن صدقة قال:أبطأ جرير عند معاوية حتى اتهمه الناس ، و قال علي(عليه‌السلام ):قد وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده إلا مخدوعا أو عاصيا و أبطأ على علي حتى أيس منه قال:و في حديث محمد و صالح بن صدقة قالا:فكتب علي(عليه‌السلام )إلى جرير بعد ذلك إذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل ، ثم خيره و خذه بالجواب بين حرب مخزية أو سلم محظية ، فإن اختار الحرب فانبذ إليه و إن اختار السلم فخذه ببيعته و السلام قال:فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية ، فأقرأه الكتاب و قال له:يا معاوية ، إنه لا يطبع على قلب إلا بذنب و لا يشرح صدر إلا بتوبة ، و لا أظن قلبك إلا مطبوعا عليه أراك قد وقفت بين الحق و الباطل ، كأنك تنتظر شيئا في يد غيرك فقال معاوية:ألقاك بالفصل في أول مجلس إن شاء الله فلما بايع معاوية أهل الشام بعد أن ذاقهم قال:يا جرير ، الحق بصاحبك و كتب إليه بالحرب و كتب في أسفل الكتاب شعر كعب بن جعيل:

أرى الشام تكره أهل العراق

و أهل العراق لهم كارهونا

٨٧

و قد ذكرنا هذا الشعر فيما تقدم و قال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في كتاب الكامل:إن عليا(عليه‌السلام )لما أراد أن يبعث جريرا إلى معاوية ، قال:و الله يا أمير المؤمنين ، ما أدخرك من نصرتي شيئا و ما أطمع لك في معاوية ، فقال علي(عليه‌السلام )إنما قصدي حجة أقيمها عليه ، فلما أتى جرير معاوية دافعه بالبيعة ، فقال له جرير:إن المنافق لا يصلي حتى لا يجد من الصلاة بدا ، فقال معاوية:إنها ليست بخدعة الصبي عن اللبن فأبلغني ريقي إنه أمر له ما بعده قال و كتب مع جرير إلى علي(عليه‌السلام )جوابا عن كتابه إليه من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب(عليه‌السلام ):أما بعد ، فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك ، و أنت بري‏ء من دم عثمان كنت كأبي بكر و عمر و عثمان ، و لكنك أغريت بعثمان المهاجرين و خذلت عنه الأنصار ، فأطاعك الجاهل و قوي بك الضعيف ، و قد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان ، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين ، و لعمري ليس حججك علي كحججك على طلحة و الزبير ؛ لأنهما بايعاك و لم أبايعك ، و ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة ؛ لأن أهل البصرة أطاعوك ، و لم يطعك أهل الشام ، فأما شرفك في الإسلام و قرابتك من النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )و موضعك من قريش فلست أدفعه

٨٨

ثم كتب في آخر الكتاب شعر كعب بن جعيل الذي أوله:

أرى الشام تكره أهل العراق

و أهل العراق لهم كارهونا

قال أبو العباس المبرد رحمه الله تعالى:فكتب إليه علي(عليه‌السلام )جوابا عن كتابه:هذا من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن صخر بن حرب ، أما بعد ، فإنه أتاني منك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه ، و لا قائد يرشده دعاه الهوى فأجابه و قاده الضلال فاتبعه زعمت أنك إنما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان ، و لعمري ما كنت إلا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا ، و أصدرت كما أصدروا ، و ما كان الله ليجمعهم على الضلال و لا ليضربهم بالعمى و بعد فما أنت و عثمان إنما أنت رجل من بني أمية و بنو عثمان أولى بمطالبة دمه ، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك فادخل فيما دخل فيه المسلمون ، ثم حاكم القوم إلي و أما تمييزك بينك و بين طلحة و الزبير و بين أهل الشام و أهل البصرة ، فلعمري ما الأمر فيما هناك إلا سواء ؛ لأنها بيعة شاملة لا يستثنى فيها الخيار و لا يستأنف فيها النظر ، و أما شرفي في الإسلام و قرابتي من رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، و موضعي من قريش فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته قال:ثم دعا النجاشي أحد بني الحارث بن كعب ، فقال له:إن ابن جعيل شاعر أهل الشام و أنت شاعر أهل العراق ، فأجب الرجل فقال ، يا أمير المؤمنين ، أسمعني قوله قال:إذن أسمعك شعر شاعر ، ثم أسمعه فقال النجاشي يجيبه:

٨٩

دعا يا معاوي ما لن يكونا

فقد حقق الله ما تحذرونا

أتاكم علي بأهل العراق

و أهل الحجاز فما تصنعونا

على كل جرداء خيفانة

و أشعث نهد يسر العيونا

عليها فوارس مخشية

كأسد العرين حمين العرينا

يرون الطعان خلال العجاج

و ضرب الفوارس في النقع دينا

هم هزموا الجمع جمع الزبير

و طلحة و المعشر الناكثينا

وآلوا يمينا على حلفة

لنهدي إلى الشام حربا زبونا

تشيب النواهد قبل المشيب

و تلقى الحوامل منها الجنينا

فإن تكرهوا الملك ملك العراق

فقد رضي القوم ما تكرهونا

فقل للمضلل من وائل

و من جعل الغث يوما سمينا

جعلتم عليا و أشياعه

نظير ابن هند أما تستحونا

إلى أفضل الناس بعد الرسول

و صنو الرسول من العالمينا

و صهر الرسول و من مثله

إذا كان يوم يشيب القرونا

قلت أبيات كعب بن جعيل خير من هذه الأبيات و أخبث مقصدا و أدهى و أحسن و زاد نصر بن مزاحم في هذه الرسالة بعد قوله و لا ليضربهم بالعمى و ما ألبت فتلزمني خطيئة الأمر ، و لا قتلت فيجب على القصاص و أما قولك إن

٩٠

أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز فهات رجلا من أهل الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة فإن زعمت ذلك كذبك المهاجرون و الأنصار و إلا أتيتك به من قريش الحجاز و أما ولوعك بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حق العيان و لا يقين الخبر.و هذه الزيادة التي ذكرها نصر بن مزاحم تقتضي أنه كان في كتاب معاوية إليه ع أن أهل الشام هم الحكام على أهل الحجاز و ما وجدنا هذا الكلام في كتابه

أخبار متفرقة

و روى نصر بن مزاحم قال لما قتل عثمان ضربت الركبان إلى الشام بقتله فبينا معاوية يوما إذا أقبل رجل متلفف فكشف عن وجهه و قال لمعاوية يا أمير المؤمنين أ تعرفني قال نعم أنت الحجاج بن خزيمة بن الصمة فأين تريد قال إليك القربان نعي ابن عفان ثم قال :

إن بني عمك عبد المطلب

هم قتلوا شيخكم غير كذب

و أنت أولى الناس بالوثب فثب

و اغضب معاوي للإله و احتسب

و سر بنا سير الجرير المتلئب

و انهض بأهل الشام ترشد و تصب

ثم اهزز الصعدة للشأس الشغب

قال يعني عليا ع قلت المتلئب المستقيم المطرد يقال هذا قياس متلئب أي مستمر مطرد

٩١

و يقال مكان شأس أي غليظ صلب و الشغب الهائج للشر و من رواه للشاسي بالياء فأصله الشاصي بالصاد و هو المرتفع يقال شصا السحاب إذا ارتفع فأبدل الصاد سينا و مراده هنا نسبة علي ع إلى التيه و الترفع عن الناس.قال نصر فقال له معاوية أ فيك مهز فقال نعم فقال أخبر الناس فقال الحجاج يا أمير المؤمنين و لم يخاطب معاوية بأمير المؤمنين قبلها إني كنت فيمن خرج مع يزيد بن أسد القسري مغيثا لعثمان فقدمت أنا و زفر بن الحارث فلقينا رجلا زعم أنه ممن قتل عثمان فقتلناه و إني أخبرك يا أمير المؤمنين إنك لتقوى على علي بدون ما يقوى به عليك لأن معك قوما لا يقولون إذا قلت و لا يسألون إذا أمرت و إن مع علي قوما يقولون إذا قال و يسألون إذا أمر فقليل ممن معك خير من كثير ممن معه و اعلم أنه لا يرضى علي إلا بالرضا و إن رضاه سخطك و لست و علي سواء علي لا يرضى بالعراق دون الشام و أنت ترضى بالشام دون العراق.قال نصر فضاق معاوية صدرا بما أتاه و ندم على خذلان عثمان و قال

أتاني أمر فيه للنفس غمة

و فيه بكاء للعيون طويل

و فيه فناء شامل و خزاية

و فيه اجتداع للأنوف أصيل

مصاب أمير المؤمنين و هدة

تكاد لها صم الجبال تزول

فلله عينا من رأى مثل هالك

أصيب بلا ذنب و ذاك جليل

تداعت عليه بالمدينة عصبة

فريقان منهم قاتل و خذول

دعاهم فصموا عنه عند دعائه

و ذاك على ما في النفوس دليل

ندمت على ما كان من تبعي الهوى

و قصري فيه حسرة و عويل

٩٢

سأبغي أبا عمرو بكل مثقف

و بيض لها في الدار عين صليل

تركتك للقوم الذين هم هم

شجاك فما ذا بعد ذاك أقول

فلست مقيما ما حييت ببلدة

أجر بها ذيلي و أنت قتيل

فلا نوم حتى تشجر الخيل بالقنا

و يشفي من القوم الغواة غليل

و نطحنهم طحن الرحى بثفالها

و ذاك بما أسدوا إليك قليل

فأما التي فيها مودة بيننا

فليس إليها ما حييت سبيل

سألقحها حربا عوانا ملحة

و إني بها من عامنا لكفيل

قال نصر و افتخر الحجاج على أهل الشام بما كان من تسليمه على معاوية بأمره المؤمنين.قال نصر و حدثنا صالح بن صدقة عن ابن إسحاق عن خالد الخزاعي و غيره ممن لا يتهم أن عثمان لما قتل و أتي معاوية بكتاب علي ع بعزله عن الشام صعد المنبر و نادى في الناس أن يحضروا فحضروا فخطبهم فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال يا أهل الشام قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و خليفة عثمان و قد قتل و أنا ابن عمه و وليه و الله تعالى يقول( وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) و أنا أحب أن تعلموني ما في نفوسكم من قتل خليفتكم.

٩٣

فقام مرة بن كعب و في المسجد يومئذ أربعمائة رجل من أصحاب النبي ص أو نحوها فقال و الله لقد قمت مقامي هذا و إني لأعلم أن فيكم من هو أقدم صحبة لرسول الله ص مني و لكني شهدت رسول الله ص نصف النهار في يوم شديد الحر و هو يقول لتكونن فتنة حاضرة فمر رجل مقنع فقال رسول الله و هذا المقنع يومئذ على الهدى فقمت فأخذت بمنكبه و حسرت عن رأسه فإذا عثمان فأقبلت بوجهه على رسول الله ص و قلت هذا يا رسول الله فقال نعم فأصفق أهل الشام مع معاوية حينئذ و بايعوه على الطلب بدم عثمان أميرا لا يطمع في الخلافة ثم الأمر شورى.و روى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل في كتاب صفين عن أبي بكر بن عبد الله الهذلي أن الوليد بن عقبة كتب إلى معاوية يستبطئه في الطلب بدم عثمان و يحرضه و ينهاه عن قطع الوقت بالمكاتبة

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فإنك من أخي ثقة مليم

قطعت الدهر كالسدم المعنى

تهدر في دمشق و لا تريم

٩٤

فإنك و الكتاب إلى علي

كدابغة و قد حلم الأديم

لك الويلات أقحمها عليهم

فخير الطالبي الترة الغشوم

قال فكتب معاوية إليه الجواب بيتا من شعر أوس بن حجر:

و مستعجب مما يرى من أناتنا

و لو زبنته الحرب لم يترمرم

و روى ابن ديزيل قال لما عزم علي ع على المسير إلى الشام دعا رجلا فأمره أن يتجهز و يسير إلى دمشق فإذا دخل أناخ راحلته بباب المسجد و لا يلقي من ثياب سفره شيئا فإن الناس إذا رأوه عليه آثار الغربة سألوه فليقل لهم تركت عليا قد نهد إليكم بأهل العراق فانظر ما يكون من أمرهم ففعل الرجل ذلك فاجتمع الناس و سألوه فقال لهم فكثروا عليه يسألونه فأرسل

٩٥

إليه معاوية بالأعور السلمي يسأله فأتاه فسأله فقال له فأتى معاوية فأخبره فنادى الصلاة جامعة ثم قام فخطب الناس و قال لهم إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فما ترون فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم لا يتكلمون فقام ذو الكلاع الحميري فقال عليك ام‏رأي و علينا ام‏فعال و هي لغة حمير.فنزل و نادى في الناس بالخروج إلى معسكرهم و عاد إلى علي ع فأخبره فنادى الصلاة جامعة ثم قام فخطب الناس فأخبرهم أنه قدم عليه رسول كان بعثه إلى الشام و أخبره أن معاوية قد نهد إلى العراق في أهل الشام فما الرأي.قال فاضطرب أهل المسجد هذا يقول الرأي كذا و هذا يقول الرأي كذا و كثر اللغط و اللجب فلم يفهم علي ع من كلامهم شيئا و لم يدر المصيب من المخطئ فنزل عن المنبر و هو يقول إنا لله و إنا إليه راجعون ذهب بها ابن آكلة الأكباد يعني معاوية.و روى ابن ديزيل عن عقبة بن مكرم عن يونس بن بكير عن الأعمش قال كان أبو مريم صديقا لعلي ع فسمع بما كان فيه علي ع من اختلاف أصحابه عليه فجاءه فلم يرع عليا ع إلا و هو قائم على رأسه بالعراق فقال له أبا مريم ما جاء بك نحوي قال ما جاء بي غيرك عهدي بك لو وليت أمر الأمة كفيتهم ثم سمعت بما أنت فيه من الاختلاف فقال يا أبا مريم إني منيت بشرار خلق الله أريدهم على الأمر الذي هو الرأي فلا يتبعونني.

٩٦

و روى ابن ديزيل عن عبد الله بن عمر عن زيد بن الحباب عن علاء بن جرير العنبري عن الحكم بن عمير الثمالي و كانت أمه بنت أبي سفيان بن حرب قال قال رسول الله ص لأصحابه ذات يوم كيف بك يا أبا بكر إذا وليت قال لا يكون ذلك أبدا قال فكيف بك يا عمر إذا وليت فقال آكل حجرا لقد لقيت إذن شرا قال فكيف بك يا عثمان إذا وليت قال آكل و أطعم و أقسم و لا أظلم قال فكيف بك يا علي إذا وليت قال آكل الفوت و أحمي الجمرة و أقسم التمرة و أخفي الصور قال أي العورة فقال ص أما إنكم كلكم سيلي و سيرى الله أعمالكم ثم قال يا معاوية كيف بك إذا وليت قال الله و رسوله أعلم فقال أنت رأس الحطم و مفتاح الظلم حصبا و حقبا تتخذ الحسن قبيحا و السيئة حسنة يربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير أجلك يسير و ظلمك عظيم.و روى ابن ديزيل أيضا عن عمر بن عون عن هشيم عن أبي فلج عن عمرو بن ميمون قال قال عبد الله بن مسعود كيف أنتم إذا لقيتكم فتنة يهرم فيها الكبير و يربو فيها الصغير تجري بين الناس و يتخذونها سنة فإذا غيرت قيل هذا منكر.و روى ابن ديزيل قال حدثنا الحسن بن الربيع البجلي عن أبي إسحاق الفزاري عن حميد الطويل عن أنس بن مالك في قوله تعالى( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ اَلَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ) قال أكرم الله تعالى نبيه ع أن يريه في أمته ما يكره رفعه إليه و بقيت النقمة.

٩٧

قال ابن ديزيل و حدثنا عبد الله بن عمر قال حدثنا عمرو بن محمد قال أخبرنا أسباط عن السدي عن أبي المنهال عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص سألت ربي لأمتي ثلاث خلال فأعطاني اثنتين و منعني واحدة سألته ألا تكفر أمتي صفقة واحدة فأعطانيها و سألته ألا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم فأعطانيها و سألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها.قال ابن ديزيل و حدثنا يحيى بن عبد الله الكرابيسي قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو معاوية عن عمار بن زريق عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد قال جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إن الله تعالى قد آمننا أن يظلمنا و لم يؤمنا أن يفتننا أ رأيت إذا أنزلت فتنة كيف أصنع فقال عليك كتاب الله تعالى قال أ فرأيت إن جاء قوم كلهم يدعو إلى كتاب الله تعالى

فقال ابن مسعود سمعت رسول الله ص يقول إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق يعني عمارا.

و روى ابن ديزيل قال حدثنا يحيى بن زكريا قال حدثنا علي بن القاسم عن سعيد بن طارق عن عثمان بن القاسم عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله ص أ لا أدلكم على ما إن تساءلتم عليه لم تهلكوا إن وليكم الله و إن إمامكم علي بن أبي طالب فناصحوه و صدقوه فإن جبريل أخبرني بذلك.فإن قلت هذا نص صريح في الإمامة فما الذي تصنع المعتزلة بذلك.قلت يجوز أن يريد أنه إمامهم في الفتاوي و الأحكام الشرعية لا في الخلافة.و أيضا فإنا قد شرحنا من قول شيوخنا البغداديين ما محصله إن الإمامة كانت لعلي

٩٨

ع إن رغب فيها و نازع عليها و إن أقرها في غيره و سكت عنها تولينا ذلك الغير و قلنا بصحة خلافته و أمير المؤمنين ع لم ينازع الأئمة الثلاثة و لا جرد السيف و لا استنجد بالناس عليهم فدل ذلك على إقراره لهم على ما كانوا فيه فلذلك توليناهم و قلنا فيهم بالطهارة و الخير و الصلاح و لو حاربهم و جرد السيف عليهم و استصرخ العرب على حربهم لقلنا فيهم ما قلناه فيمن عامله هذه المعاملة من التفسيق و التضليل.قال ابن ديزيل و حدثنا عمرو بن الربيع قال حدثنا السري بن شيبان عن عبد الكريم أن عمر بن الخطاب قال لما طعن يا أصحاب محمد تناصحوا فإنكم إن لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان.قلت إن محمد بن النعمان المعروف بالمفيد أحد الإمامية قال في بعض كتبه إنما أراد عمر بهذا القول إغراء معاوية و عمرو بن العاص بطلب الخلافة و إطماعهما فيها لأن معاوية كان عامله و أميره على الشام و عمرو بن العاص عامله و أميره على مصر و خاف أن يضعف عثمان عنها و أن تصير إلى علي ع فألقى هذه الكلمة إلى الناس لتنقل إليهما و هما بمصر و الشام فيتغلبا على هذين الإقليمين إن أفضت إلى علي ع.و هذا عندي من باب الاستنباطات التي يوجبها الشنآن و الحنق و عمر كان أتقى لله من أن يخطر له هذا و لكنه من فراسته الصادقة التي كان يعلم بها كثيرا من الأمور المستقبلة كما قال عبد الله بن عباس في وصفه و الله ما كان أوس بن حجر عنى أحدا سواه بقوله

الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى و قد سمعا

٩٩

و روى ابن ديزيل عن عفان بن مسلم عن وهب بن خالد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن مرة بن كعب قال ذكر رسول الله ص فتنة فقربها فمر رجل قد تقنع بثوبه فقال ع هذا و أصحابه يومئذ على الحق فقمت إليه فأخذت بمنكبه فقلت هو هذا فقال نعم فإذا هو عثمان بن عفان.قلت هذا الحديث قد رواه كثير من محققي أصحاب الحديث و رواه محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير بعدة روايات و ليس لقائل أن يقول فهذا الحديث إذا صححتموه كان حجة للسفيانية لأنا نقول الخبر يتضمن أن عثمان و أصحابه على الحق و هذا مذهبنا لأنا نذهب إلى أن عثمان قتل مظلوما و أنه و ناصريه يوم الدار على الحق و أن القوم الذين قتلوه لم يكونوا على الحق فأما معاوية و أهل الشام الذين حاربوا عليا ع بصفين فليسوا بداخلين في الخبر و لا في ألفاظ الخبر لفظ عموم يتعلق به أ لا ترى أنه ليس فيه كل من أظهر الانتصار لعثمان في حياته و بعد وفاته فهو على الحق و إنما خلاصته أنه ستقوم فتنة يكون عثمان فيها و أصحابه على الحق و نحن لا نأبى ذلك بل هو مذهبنا.و روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص إن الله قد أحيا لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبيد الله بن عمر و قد رأيت أن أقيمه خطيبا يشهد على علي بقتل عثمان و ينال منه فقال الرأي ما رأيت فبعث إليه فأتاه فقال له معاوية يا ابن أخي إن لك

١٠٠