كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٤

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 280

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 280
المشاهدات: 37365
تحميل: 6864


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 280 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37365 / تحميل: 6864
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 4

مؤلف:
العربية

إن سهما أعمى فأعفه.قال:قد أعفيته،فلما التقيا قال:قد أخبرت الأمير أنك أعمى،و إنما عنيت عمى القلب.و كان قيس بن أبي حازم يبغض عليا(عليه‌السلام )،روى وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد،عن قيس بن أبي حازم قال:أتيت عليا(عليه‌السلام )ليكلم لي عثمان في حاجة،فأبى فأبغضته.قلت و شيوخنا المتكلمون رحمهم الله يسقطون روايته،عن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إنكم لترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر،و يقولون:إنه كان يبغض عليا(عليه‌السلام )،فكان فاسقا،و نقلوا عنه أنه قال:سمعت عليا(عليه‌السلام )يخطب على المنبر و يقول:انفروا إلى بقية الأحزاب،فدخل بغضه في قلبي.و كان سعيد بن المسيب منحرفا عنه(عليه‌السلام )،و جبهه عمر بن علي(عليه‌السلام )في وجهه بكلام شديد.روى عبد الرحمن بن الأسود،عن أبي داود الهمداني قال:شهدت سعيد بن المسيب،و أقبل عمر بن علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،فقال له سعيد:يا ابن أخي،ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )كما يفعل إخوتك،و بنو أعمامك،فقال عمر:يا ابن المسيب،أكلما دخلت المسجد أجي‏ء فأشهدك،فقال سعيد:ما أحب أن تغضب،سمعت أباك يقول:إن لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الأرض من شي‏ء،فقال عمر:و أنا سمعت أبي يقول ما كلمة حكمة

١٠١

في قلب منافق،فيخرج من الدنيا حتى يتكلم بها،فقال سعيد:يا ابن أخي،جعلتني منافقا،قال هو ما أقول لك،ثم انصرف.و كان الزهري من المنحرفين عنه(عليه‌السلام ).و روى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال:شهدت مسجد المدينة،فإذا الزهري و عروة بن الزبير جالسان يذكران عليا(عليه‌السلام )،فنالا منه،فبلغ ذلك علي بن الحسين(عليه‌السلام )،فجاء حتى وقف عليهما،فقال:أما أنت يا عروة،فإن أبي حاكم أباك إلى الله،فحكم لأبي على أبيك،و أما أنت يا زهري،فلو كنت بمكة لأريتك كبر أبيك.و قد روي من طرق كثيرة:أن عروة بن الزبير كان يقول:لم يكن أحد من أصحاب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يزهو إلا علي بن أبي طالب،و أسامة بن زيد.و روى عاصم بن أبي عامر البجلي،عن يحيى بن عروة قال:كان أبي إذا ذكر عليا نال منه.و قال لي مرة:يا بني،و الله ما أحجم الناس عنه إلا طلبا للدنيا،لقد بعث إليه أسامة بن زيد أن ابعث إلي بعطائي،فو الله إنك لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك،فكتب إليه أن هذا المال لمن جاهد عليه،و لكن لي مالا بالمدينة،فأصب منه ما شئت.قال يحيى:فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به،و من عيبه له و انحرافه عنه.و كان زيد بن ثابت عثمانيا شديدا في ذلك،و كان عمرو بن ثابت عثمانيا من أعداء علي(عليه‌السلام )و مبغضيه،و عمرو بن ثابت،هو الذي روى عن أبي أيوب الأنصاري حديث ستة أيام من شوال.

١٠٢

روي عن عمرو أنه كان يركب و يدور القرى بالشام،و يجمع أهلها و يقول:أيها الناس،إن عليا كان رجلا منافقا،أراد أن ينخس برسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )ليلة العقبة فالعنوه،فيلعنه أهل تلك القرية،ثم يسير إلى القرية الأخرى،فيأمرهم بمثل ذلك،و كان في أيام معاوية.و كان مكحول من المبغضين له(عليه‌السلام )،روى زهير بن معاوية،عن الحسن بن الحر قال:لقيت مكحولا،فإذا هو مطبوع،يعني:مملوءا بغضا لعلي(عليه‌السلام )،فلم أزل به حتى لان و سكن.و روى المحدثون عن حماد بن زيد أنه قال:أرى أن أصحاب علي أشد حبا له من أصحاب العجل لعجلهم و هذا كلام شنيع.و روي عن شبابة بن سوار أنه ذكر عنده ولد علي(عليه‌السلام )،و طلبهم الخلافة،فقال:و الله لا يصلون إليها أبدا،و الله ما استقامت لعلي و لا فرح بها يوما،فكيف تصير إلى ولده،هيهات،هيهات،لا و الله لا يذوق طعم الخلافة من رضي بقتل عثمان.و قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي:كان أهل البصرة كلهم يبغضونه،و كثير من أهل الكوفة،و كثير من أهل المدينة،و أما أهل مكة فكلهم كانوا يبغضونه قاطبة،و كانت قريش كلها على خلافه،و كان جمهور الخلق مع بني أمية عليه.و روى عبد الملك بن عمير،عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال:سمعت عليا(عليه‌السلام )و هو يقول:ما لقي أحد من الناس ما لقيت،ثم بكى(عليه‌السلام ).و روى الشعبي عن شريح بن هانئ قال:قال علي(عليه‌السلام ):اللهم إني أستعديك

١٠٣

على قريش،فإنهم قطعوا رحمي،و أصغوا إنائي،و صغروا عظيم منزلتي،و أجمعوا على منازعتي.و روى جابر عن أبي الطفيل قال:سمعت عليا(عليه‌السلام )يقول:اللهم إني أستعديك على قريش،فإنهم قطعوا رحمي و غصبوني حقي و أجمعوا على منازعتي أمرا كنت أولى به،ثم قالوا:إن من الحق أن نأخذه و من الحق أن تتركه.و روى المسيب بن نجبة الفزاري قال:قال علي(عليه‌السلام )من وجدتموه من بني أمية في ماء،فغطوا على صماخه حتى يدخل الماء في فيه.و روى عمرو بن دينار،عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال:لقي عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب،فقال:ألم نكن نقرأ من جملة القرآن قاتلوهم في آخر الأمر كما قاتلتموهم في أوله.قال:بلى،و لكن ذاك إذا كان الأمراء بني أمية و الوزراء بني مخزوم.و روى أبو عمر النهدي قال:سمعت علي بن الحسين يقول:ما بمكة و المدينة عشرون رجلا يحبنا.و روى سفيان الثوري عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال:أثنى رجل على علي بن أبي طالب في وجهه،و كان يبغضه،فقال علي:أنا دون ما تقول و فوق ما في نفسك.و روى أبو غسان النهدي قال:دخل قوم من الشيعة على علي ع في الرحبة،و هو على حصير خلق،فقال:ما جاء بكم ؟ قالوا:حبك يا أمير المؤمنين.قال:أما إنه من أحبني رآني حيث يحب أن يراني،و من أبغضني رآني حيث يكره أن يراني،ثم قال:ما عبد الله أحد قبلي إلا نبيه(عليه‌السلام )،و لقد هجم أبو طالب علينا،و أنا و هو ساجدان،فقال:أو فعلتموها ؟ ثم قال لي:و أنا غلام ويحك انصر ابن عمك،ويحك لا تخذله

١٠٤

و جعل يحثني على مؤازرته و مكانفته،فقال له رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ):أفلا تصلي أنت معنا يا عم ؟ فقال:لا أفعل يا ابن أخي،لا تعلوني استي،ثم انصرف،و روى جعفر بن الأحمر عن مسلم الأعور عن حبة العرني قال:قال علي(عليه‌السلام ):من أحبني كان معي،أما إنك لو صمت الدهر كله و قمت الليل كله،ثم قتلت بين الصفا و المروة،أو قال:بين الركن و المقام،لما بعثك الله إلا مع هواك بالغا ما بلغ إن في جنة ففي جنة،و إن في نار ففي نار.و روى جابر الجعفي عن علي(عليه‌السلام ):أنه قال:(من أحبنا أهل البيت فليستعد عدة للبلاء.(روى أبو الأحوص عن أبي حيان عن علي(عليه‌السلام ):(يهلك في رجلان محب غال و مبغض قال)،

و روى حماد بن صالح،عن أيوب عن كهمس أن عليا(عليه‌السلام )قال:(يهلك في ثلاثة:اللاعن،و المستمع المقر،و حامل الوزر،و هو الملك المترف الذي يتقرب إليه بلعنتي،و يبرأ عنده من ديني،و ينتقص عنده حسبي،و إنما حسبي حسب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و ديني دينه،و ينجو في ثلاثة:من أحبني،و من أحب محبي و من عادى عدوي،فمن أشرب قلبه بغضي أو ألب على بغضي أو انتقصني،فليعلم أن الله عدوه و خصمه،و الله عدو للكافرين)،و روى محمد بن الصلت عن محمد بن الحنفية قال:من أحبنا نفعه الله بحبنا،و لو كان أسيرا بالديلم.و روى أبو صادق،عن ربيعة بن ناجد عن علي(عليه‌السلام )قال:قال لي رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إن فيك لشبها من عيسى ابن مريم أحبته النصارى،حتى أنزلته بالمنزلة التي ليست له،و أبغضته اليهود حتى بهتت أمه

١٠٥

و روى صاحب كتاب الغارات حديث البراءة على غير الوجه المذكور في كتاب نهج البلاغة.قال:أخبرنا يوسف بن كليب المسعودي،عن يحيى بن سليمان العبدي،عن أبي مريم الأنصاري عن محمد بن علي الباقر(عليه‌السلام ):قال خطب علي(عليه‌السلام )على منبر الكوفة،فقال:سيعرض عليكم سبي و ستذبحون عليه،فإن عرض عليكم سبي فسبوني،و إن عرض عليكم البراءة مني فإني على دين محمد(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و لم يقل،فلا تبرءوا مني،و قال أيضا:حدثني أحمد بن مفضل قال:حدثني الحسن بن صالح،عن جعفر بن محمد(عليه‌السلام )،قال:قال علي(عليه‌السلام )و الله لتذبحن على سبي،و أشار بيده إلى حلقه،ثم قال:فإن أمروكم بسبي فسبوني،و إن أمروكم أن تبرءوا مني،فإني على دين محمد(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و لم ينههم عن إظهار البراءة،و روى شيخنا أبو القاسم البلخيرحمه‌الله تعالى،عن سلمة بن كهيل،عن المسيب بن نجبة،قال:بينا علي(عليه‌السلام )يخطب،إذ قام أعرابي فصاح:وا مظلمتاه ! فاستدناه علي(عليه‌السلام )،فلما دنا قال له:إنما لك مظلمة واحدة،و أنا قد ظلمت عدد المدر و الوبر،قال:و في رواية عباد بن يعقوب إنه دعاه،فقال له:ويحك،و أنا و الله مظلوم أيضا،هات فلندع على من ظلمنا،و روى سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي قال:اشتكى علي(عليه‌السلام )شكاة،فعاده أبو بكر و عمر،و خرجا من عنده،فأتيا النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،فسألهما من أين جئتما ؟ قالا:عدنا عليا.قال:كيف رأيتماه ؟ قال:رأيناه يخاف عليه مما به،فقال:كلا إنه لن يموت حتى يوسع غدرا و بغيا،و ليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده

١٠٦

و روى عثمان بن سعيد عن عبد الله بن الغنوي:أن عليا(عليه‌السلام )خطب بالرحبة،فقال:أيها الناس،إنكم قد أبيتم إلا أن أقولها و رب السماء و الأرض إن من عهد النبي الأمي،إلي أن الأمة ستغدر بك بعدي،و روى هيثم بن بشير عن إسماعيل بن سالم:مثله،و قد روى أكثر أهل الحديث هذا الخبر بهذا اللفظ أو بقريب منه.و روى أبو جعفر الإسكافي أيضا:أن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )دخل على فاطمة(عليه‌السلام )،فوجد عليا نائما فذهبت تنبهه،فقال دعيه،فرب سهر له بعدي طويل و رب جفوة لأهل بيتي من أجله شديدة،فبكت،فقال:لا تبكي،فإنكما معي و في موقف الكرامة عندي

،و روى الناس كافة أن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )قال له:هذا وليي و أنا وليه،عاديت من عاداه و سالمت من سالمه أو نحو هذا اللفظ.و روى أيضا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع،عن زيد بن علي بن الحسين(عليه‌السلام )قال:قال رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )لعلي(عليه‌السلام ):(عدوك عدوي،و عدوي عدو الله عز و جل)،و روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال:كنا مع رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )و علي بن أبي طالب معنا،فمررنا بحديقة،فقال علي:يا رسول الله،ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة ؟ فقال:إن حديقتك في الجنة أحسن منها،حتى مررنا بسبع حدائق يقول علي ما قال،و يجيبه رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )بما أجابه،ثم إن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )وقف فوقفنا،فوضع رأسه على رأس علي و بكى،فقال علي:ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال:ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني

١٠٧

فقال:يا رسول الله،أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم ؟ قال:بل تصبر.قال:فإن صبرت ؟ قال:تلاقي جهدا.قال:أفي سلامة من ديني ؟ قال:نعم.قال:فإذا لا أبالي.و روى جابر الجعفي عن محمد بن علي(عليه‌السلام )قال:قال علي(عليه‌السلام )ما رأيت منذ بعث الله محمدا(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )رخاء،لقد أخافتني قريش صغيرا و أنصبتني كبيرا،حتى قبض الله رسوله،فكانت الطامة الكبرى(وَ اَللَّهُ اَلْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ).و روى صاحب كتاب الغارات عن الأعمش،عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يقول:سيظهر على الناس رجل من أمتي عظيم السرم،واسع البلعوم،يأكل و لا يشبع،يحمل وزر الثقلين يطلب الإمارة يوما،فإذا أدركتموه فابقروا بطنه.قال:و كان في يد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )قضيب قد وضع طرفه في بطن معاوية.قلت:هذا الخبر مرفوع مناسب لما قاله علي(عليه‌السلام )في نهج البلاغة،و مؤكد لاختيارنا أن المراد به معاوية دون ما قاله كثير من الناس إنه زياد و المغيرة.و روى جعفر بن سليمان الضبعي،عن أبي هارون العبدي،عن أبي سعيد الخدري قال:ذكر رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يوما لعلي:ما يلقى بعده من العنت،فأطال فقال له(عليه‌السلام ):أنشدك الله و الرحم يا رسول الله،لما دعوت الله أن يقبضني إليه قبلك.قال:كيف أسأله في أجل مؤجل ؟ قال:يا رسول الله،فعلام أقاتل من أمرتني بقتاله ؟ قال:على الحدث في الدين.و روى الأعمش عن عمار الدهني،عن أبي صالح الحنفي،عن علي(عليه‌السلام )قال:

١٠٨

قال لنا يوما لقد رأيت الليلة رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )في المنام،فشكوت إليه ما لقيت حتى بكيت،فقال لي:انظر،فنظرت فإذا جلاميد،و إذا رجلان مصفدان.قال الأعمش:هما معاوية و عمرو بن العاص.قال:فجعلت أرضخ رءوسهما،ثم تعود،ثم أرضخ،ثم تعود حتى انتبهت.و روى نحو هذا الحديث عمرو بن مرة،عن أبي عبد الله بن سلمة،عن علي(عليه‌السلام )قال:رأيت الليلة رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )فشكوت إليه،فقال:هذه جهنم،فانظر من فيها فإذا معاوية و عمرو بن العاص معلقين بأرجلهما منكسين،ترضخ رءوسهما بالحجارة أو قال:تشدخ.و روى قيس بن الربيع،عن يحيى بن هانئ المرادي،عن رجل من قومه يقال له:رياد بن فلان قال:كنا في بيت مع علي(عليه‌السلام )نحن شيعته و خواصه،فالتفت فلم ينكر منا أحدا،فقال:إن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم فيقطعون أيديكم و يسملون أعينكم،فقال:رجل منا و أنت حي يا أمير المؤمنين ؟ قال:أعاذني الله من ذلك فالتفت،فإذا واحد يبكي فقال له:يا ابن الحمقاء،أتريد اللذات في الدنيا و الدرجات في الآخرة،إنما وعد الله الصابرين.و روى زرارة بن أعين،عن أبيه،عن أبي جعفر محمد بن علي(عليه‌السلام )قال:كان علي(عليه‌السلام )إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس،فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء و المساكين و غيرهم من الناس،فيعلمهم الفقه و القرآن،و كان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك،فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر،قال:لم يسمه محمد بن علي(عليه‌السلام )،فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر،و أمر فنودي الصلاة جامعة،فحمد الله و أثنى عليه،و صلى على نبيه،ثم قال:أيها الناس،إنه ليس شي‏ء أحب إلى الله و لا أعم نفعا من

١٠٩

حلم إمام و فقهه،و لا شي‏ء أبغض إلى الله و لا أعم ضررا من جهل إمام و خرقه،ألا و إنه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ،ألا و إنه من أنصف من نفسه لم يزده الله إلا عزا،ألا و إن الذل في طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته،ثم قال:أين المتكلم آنفا فلم يستطع الإنكار ؟ فقال:ها أنا ذا يا أمير المؤمنين،فقال:أما إني لو أشاء لقلت،فقال:إن تعف و تصفح فأنت أهل ذلك.قال:قد عفوت و صفحت،فقيل لمحمد بن علي(عليه‌السلام ):ما أراد أن يقول ؟ قال:أراد أن ينسبه.و روى زرارة أيضا قال:قيل لجعفر بن محمد(عليه‌السلام ):إن قوما هاهنا ينتقصون عليا(عليه‌السلام )،قال:(بم ينتقصونه ؟ لا أبا لهم و هل فيه موضع نقيصة ؟ و الله ما عرض لعلي أمران قط،كلاهما لله طاعة إلا عمل بأشدهما و أشقهما عليه،و لقد كان يعمل العمل كأنه قائم بين الجنة و النار،ينظر إلى ثواب هؤلاء فيعمل له،و ينظر إلى عقاب هؤلاء فيعمل له،و إن كان ليقوم إلى الصلاة،فإذا قال:وجهت وجهي تغير لونه حتى يعرف ذلك في وجهه،و لقد أعتق ألف عبد من كد يده كل منهم يعرق فيه جبينه،و تحفى فيه كفه،و لقد بشر بعين نبعت في ماله مثل عنق الجزور،فقال:بشر الوارث بشر،ثم جعلها صدقة على الفقراء و المساكين و ابن السبيل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ليصرف الله النار عن وجهه،و يصرف وجهه عن النار).و روى القناد عن أبي مريم الأنصاري عن علي(عليه‌السلام )لا يحبني كافر و لا ولد زنا.و روى جعفر بن زياد عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري،قال:كنا بنور إيماننا نحب علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،فمن أحبه عرفنا أنه منا.

١١٠

فصل في معنى قول علي فسبوني فإنه لي زكاة

المسألة الثالثة في معنى قوله(عليه‌السلام ):فسبوني،فإنه لي زكاة و لكم نجاة،فنقول:إنه أباح لهم سبه عند الإكراه ؛ لأن الله تعالى قد أباح عند الإكراه التلفظ بكلمة الكفر فقال:( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) ،و التلفظ بكلمة الكفر أعظم من التلفظ بسب الإمام.فأما قوله،فإنه لي زكاة و لكم نجاة،فمعناه:أنكم تنجون من القتل إذا أظهرتم ذلك،و معنى الزكاة يحتمل أمرين،أحدهما:ما ورد في الأخبار النبوية أن سب المؤمن زكاة له و زيادة في حسناته.و الثاني:أن يريد به أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري،بل أزيد به شرفا و علو قدر و شياع ذكر،و هكذا كان،فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاول أعداؤه بها الغض منه عللا،لانتشار صيته في مشارق الأرض و مغاربها.و قد لمح هذا المعنى أبو نصر بن نباته فقال للشريف:

الجليل محمد بن عمر العلوي

و أبوك الوصي أول من شاد

منار الهدى و صام و صلى

نشرت حبله قريش فأعطته

إلى صبحة القيامة فتلا

و احتذيت أنا حذوه،فقلت لأبي المظفر هبة الله بن موسى الموسويرحمه‌الله تعالى في قصيده أذكر فيها أباه:

أمك الدرة التي أنجبت من

جوهر المجد راضيا مرضيا

و أبوك الإمام موسى كظيم

الغيظ حتى يعيده منسيا

١١١

و أبوه تاج الهدى جعفر الصادق

وحيا عن الغيوب وحيا

و أبوه محمد باقر العلم

مضى لنا هاديا مهديا

و أبوه السجاد أتقى عباد

الله لله مخلصا و وفيا

و الحسين الذي تخير أن

يقضي عزيزا و لا يعيش دنيا

و أبوه الوصي أول من

طاف و لبى سبعا و ساق الهديا

طامنت مجده قريش فأعطته

إلى سدرة السماء رقيا

أخملت صيته فطار إلى أن

ملأ الأفق ضجة و دويا

و أبو طالب كفيل أبي

القاسم كهلا و يافعا و فتيا

و لشيخ البطحاء تاج معد

شيبة الحمد هل علمت سميا

و أبو عمر العلا هاشم الجود

و من مثل هاشم بشريا

و أبوه الهمام عبد مناف

قل تقل صادقا و تبدي بديا

ثم زيد أعني قصي الذي لم

يك عن ذروة العلاء قصيا

نسب إن تلفع النسب المحض

لفاعا كان السليب العريا

و إذا أظلمت مناسخة الأحساب

يوما كان المنير الجليا

يا له مجدة على قدم الدهر

و قد يفضل العتيق الطريا

و ذكرنا هاهنا ما قبل المعنى و ما بعده ؛ لأن الشعر حديث و الحديث كما قيل:يأخذ بعضه برقاب بعض،و لأن ما قبل المعنى و ما بعده مكمل له و موضح مقصده.فإن قلت:أي مناسبة بين لفظ الزكاة و انتشار الصيت و السمع ؟ قلت:لأن الزكاة هي النماء و الزيادة،و منه سميت الصدقة المخصوصة زكاة ؛ لأنها تنمي المال المزكى،و انتشار الصيت نماء و زيادة.

١١٢

فصل في اختلاف الرأي في معنى السب و البراءة

المسألة الرابعة:أن يقال كيف قال(عليه‌السلام ):فأما السب فسبوني،فإنه لي زكاة و لكم نجاة،و أما البراءة فلا تبرءوا مني،و أي فرق بين السب و البراءة،و كيف أجاز لهم السب و منعهم عن التبرؤ،و السب أفحش من التبرؤ.و الجواب:أما الذي يقوله أصحابنا في ذلك،فإنه لا فرق عندهم بين سبه،و التبرؤ منه في أنهما حرام،و فسق و كبيرة،و أن المكره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه على نفسه،كما يجوز له إظهار كلمة الكفر عند الخوف.و يجوز ألا يفعلهما،و إن قتل إذا قصد بذلك إعزاز الدين كما يجوز له أن يسلم نفسه للقتل،و لا يظهر كلمة الكفر إعزازا للدين،و إنما استفحش(عليه‌السلام )البراءة ؛ لأن هذه اللفظة ما وردت في القرآن العزيز إلا عن المشركين،ألا ترى إلى قوله تعالى:( بَراءَةٌ مِنَ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ) ،و قال تعالى:( أَنَّ اَللَّهَ بَرِي‏ءٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ ) ،فقد صارت بحسب العرف الشرعي مطلقة على المشركين خاصة،فإذن يحمل هذا النهي على ترجيح تحريم لفظ البراءة على لفظ السب،و إن كان حكمهما واحدا،ألا ترى إن إلقاء المصحف في القذر أفحش من إلقاء المصحف في دن الشراب،و إن كانا جميعا محرمين و كان حكمهما واحدا.

فأما الإمامية فتروي عنه(عليه‌السلام )أنه قال:إذا عرضتم على البراءة منا فمدوا الأعناق،و يقولون إنه لا يجوز التبرؤ منه،و إن كان الحالف صادقا و إن عليه الكفارة.

١١٣

و يقولون:إن حكم البراءة من الله تعالى،و من الرسول،و منه(عليه‌السلام )،و من أحد الأئمة(عليه‌السلام )حكم واحد.و يقولون:إن الإكراه على السب يبيح إظهاره،و لا يجوز الاستسلام للقتل معه،و أما الإكراه على البراءة،فإنه يجوز معه الاستسلام للقتل،و يجوز أن يظهر التبرؤ و الأولى أن يستسلم للقتل.

فصل في معنى قول علي إني ولدت على الفطرة

المسألة الخامسة:أن يقال كيف علل نهيه لهم على البراءة منه(عليه‌السلام )بقوله:فإني ولدت على الفطرة،فإن هذا التعليل لا يختص به(عليه‌السلام )؛ لأن كل أحد يولد على الفطرة.قال النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ):(كل مولود يولد على الفطرة،و إنما أبواه يهودانه و ينصرانه)،و الجواب:أنه(عليه‌السلام )علل نهيه لهم عن البراءة منه بمجموع أمور و علل،و هي كونه ولد على الفطرة،و كونه سبق إلى الإيمان و الهجرة،و لم يعلل بآحاد هذا المجموع،و مراده هاهنا بالولادة على الفطرة،أنه لم يولد في الجاهلية ؛ لأنه ولد(عليه‌السلام )لثلاثين عاما مضت من عام الفيل،و النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )أرسل لأربعين سنة مضت من عام الفيل،و قد جاء في الأخبار الصحيحة أنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )مكث قبل الرسالة سنين عشرا يسمع الصوت،و يرى الضوء،و لا يخاطبه أحد،و كان ذلك إرهاصا لرسالته(عليه‌السلام )،فحكم تلك السنين العشر حكم أيام رسالته(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،فالمولود فيها إذا كان في حجره،و هو المتولي لتربيته مولود في أيام كأيام النبوة،و ليس بمولود في جاهلية محضة ففارقت حاله حال من يدعى له من الصحابة مماثلته في الفضل،و قد روي أن السنة التي ولد فيها علي

١١٤

(عليه‌السلام )،هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،فأسمع الهتاف من الأحجار و الأشجار،و كشف عن بصره فشاهد أنوارا و أشخاصا،و لم يخاطب فيها بشي‏ء،و هذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل و الانقطاع،و العزلة في جبل حراء،فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة،و أنزل عليه الوحي و كان رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يتيمن بتلك السنة و بولادة علي(عليه‌السلام )فيها،و يسميها سنة الخير و سنة البركة،و قال لأهله ليلة ولادته،و فيها شاهد ما شاهد من الكرامات،و القدرة الإلهية،و لم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئا.

لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة و الرحمة،و كان كما قال(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ):فإنه(عليه‌السلام )كان ناصره و المحامي عنه،و كاشف الغماء عن وجهه،و بسيفه ثبت دين الإسلام،و رست دعائمه و تمهدت قواعده.و في المسألة تفسير آخر،و هو أن يعني بقوله(عليه‌السلام ):فإني ولدت على الفطرة،أي:على الفطرة التي لم تتغير و لم تحل و ذلك أن معنى قول النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ):كل مولود يولد على الفطرة،أن كل مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه،و بصحة الحواس و المشاعر ؛ لأن يعلم التوحيد و العدل،و لم يجعل فيه مانعا يمنعه عن ذلك،و لكن التربية و العقيدة في الوالدين،و الإلف لاعتقادهما و حسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه،و أمير المؤمنين(عليه‌السلام )دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل،و لم يصد عن مقتضاها مانع لا من جانب الأبوين،و لا من جهة غيرهما و غيره ولد على الفطرة،و لكنه حال عن مقتضاها و زال عن موجبها.و يمكن أن يفسر بأنه(عليه‌السلام )أراد بالفطرة العصمة،و أنه منذ ولد لم يواقع قبيحا

١١٥

و لا كان كافرا طرفة عين قط،و لا مخطئا و لا غالطا في شي‏ء من الأشياء المتعلقة بالدين و هذا تفسير الإمامية.

فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام

المسألة السادسة:أن يقال كيف قال و سبقت إلى الإيمان،و قد قال قوم من الناس:إن أبا بكر سبقه،و قال قوم:إن زيد بن حارثة سبقه.و الجواب:أن أكثر أهل الحديث،و أكثر المحققين من أهل السيرة،رووا:أنه(عليه‌السلام )أول من أسلم،و نحن نذكر كلام أبي عمر يوسف بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالإستيعاب.قال أبو عمر في ترجمة علي(عليه‌السلام )،المروي عن سلمان،و أبي ذر،و المقداد،و خباب،و أبي سعيد الخدري،و زيد بن أسلم:أن عليا(عليه‌السلام )أول من أسلم،و فضله هؤلاء على غيره.قال أبو عمر و قال ابن إسحاق:أول من آمن بالله و بمحمد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،و هو قول ابن شهاب إلا أنه قال:من الرجال بعد خديجة.قال أبو عمر:و حدثنا أحمد بن محمد قال:حدثنا أحمد بن الفضل قال:حدثنا محمد بن جرير قال:حدثنا علي بن عبد الله الدهقان قال:حدثنا محمد بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال لعلي(عليه‌السلام ):أربع خصال ليست

١١٦

لأحد غيره،هو أول عربي و عجمي صلى مع رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و هو الذي كان معه لواؤه في كل زحف،و هو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره،و هو الذي غسله و أدخله قبره.قال أبو عمر و روي عن سلمان الفارسي أنه قال:أول هذه الأمة ورودا على نبيها(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )الحوض،أولها إسلاما علي بن أبي طالب،و قد روي هذا الحديث مرفوعا.عن سلمان عن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )أنه قال:أول هذه الأمة ورودا علي الحوض،أولها إسلاما علي بن أبي طالب.قال أبو عمر و رفعه أولى ؛ لأن مثله لا يدرك بالرأي.قال أبو عمر:فأما إسناد المرفوع،فإن أحمد بن قاسم قال:حدثنا قاسم بن أصبغ قال:حدثنا ابن الحارث بن أبي أسامة قال:حدثني يحيى بن هاشم قال:حدثنا سفيان الثوري،عن سلمة بن كهيل،عن أبي صادق،عن حنش بن المعتمر،عن عليم الكندي،عن سلمان الفارسي قال:قال رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ):(أولكم واردا علي الحوض،أولكم إسلاما علي بن أبي طالب)

قال أبو عمر و روى أبو داود الطيالسي قال:حدثنا أبو عوانة،عن أبي بلج،عن عمرو بن ميمون،عن ابن عباس أنه قال:أول من صلى مع النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )بعد خديجة علي بن أبي طالب.قال أبو عمر:و حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال:حدثنا قاسم بن أصبغ قال:حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال:حدثنا الحسن بن حماد قال:حدثنا أبو عوانة،عن أبي بلج،عن عمرو بن ميمون،عن ابن عباس قال:كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة.قال أبو عمر:هذا الإسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته و ثقة نقلته،و قد عارض.

١١٧

ما ذكرنا في باب أبي بكر الصديق عن ابن عباس: و الصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه كذلك قاله مجاهد و غيره،قالوا:و منعه قومه.قال أبو عمر:اتفق ابن شهاب و عبد الله بن محمد بن عقيل و قتادة،و ابن إسحاق على أن أول من أسلم من الرجال علي،و اتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله و رسوله،و صدقه فيما جاء به،ثم علي بعد.،و روي عن أبي رافع مثل ذلك.قال أبو عمر:و حدثنا عبد الوارث قال:حدثنا قاسم قال:حدثنا أحمد بن زهير قال:حدثنا عبد السلام بن صالح قال:حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال:حدثنا عمر مولى غفرة قال:سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم علي أم أبي بكر ؟ فقال:سبحان الله علي أولهما إسلاما،و إنما شبه على الناس ؛ لأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب،و أسلم أبو بكر فأظهر إسلامه.قال أبو عمر:و لا شك عندنا أن عليا أولهما إسلاما ذكر عبد الرزاق في جامعه عن معمر،عن قتادة عن الحسن و غيره.قالوا:أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب(عليه‌السلام ).و روى معمر عن عثمان الجزري،عن مقسم،عن ابن عباس قال:أول من أسلم علي بن أبي طالب.قال أبو عمر:و روى ابن فضيل،عن الأجلح،عن حبة بن جوين العرني قال:سمعت عليا(عليه‌السلام )يقول:(لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين).

قال أبو عمر:و روى شعبة عن سلمة بن كهيل،عن حبة العرني قال:سمعت عليا يقول:(أنا أول من صلى مع رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ))

١١٨

قال أبو عمر:و قد روى سالم بن أبي الجعد قال:قلت لابن الحنفية أبو بكر كان أولهما إسلاما ؟ قال:لا.قال أبو عمر:و روى مسلم الملائي،عن أنس بن مالك قال:استنبئ النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يوم الإثنين،و صلى علي يوم الثلاثاء.قال أبو عمر:و قال زيد بن أرقم أول من آمن بالله بعد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )علي بن أبي طالب.قال:و قد روي حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكرها النسائي،و أسلم بن موسى و غيرهما منها ما حدثنا به عبد الوارث،قال:حدثنا قاسم قال:حدثنا أحمد بن زهير قال:حدثنا علي بن الجعد قال:حدثنا شعبة قال:أخبرني عمرو بن مرة قال:سمعت أبا حمزة الأنصاري قال:سمعت زيد بن أرقم يقول:أول من صلى مع رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )علي بن أبي طالب.قال أبو عمر:و حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم،حدثنا أحمد بن زهير بن حرب،حدثنا أبي قال:حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال:حدثنا ابن إسحاق قال:حدثنا يحيى بن أبي الأشعث،عن إسماعيل بن إياس،بن عفيف الكندي،عن أبيه عن جده قال:كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج،فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة،و كان امرأ تاجرا،فو الله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه،فنظر إلى الشمس،فلما رآها قد مالت قام يصلي،ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل،فقامت خلفه تصلي،ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء،فقام معه يصلي فقلت للعباس:ما هذا يا عباس ؟ قال:هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي،قلت:من هذه المرأة

١١٩

قال:امرأته خديجة بنت خويلد.قلت:ما هذا الفتى ؟ قال:علي بن أبي طالب ابن عمه.قلت:ما هذا الذي يصنع ؟ قال:يصلي و هو يزعم أنه نبي،و لم يتبعه على أمره إلا امرأته و ابن عمه هذا الغلام،و هو يزعم أنه سيفتح على أمته كنوز كسرى و قيصر.قال:فكان عفيف الكندي،يقول:و قد أسلم بعد ذلك و حسن إسلامه لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كنت أكون ثانيا مع علي.قال أبو عمر:و قد ذكرنا هذا الحديث من طرق في باب عفيف الكندي من هذا الكتاب.قال أبو عمر:و لقد قال علي(عليه‌السلام ):(صليت مع رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )كذا و كذا،لا يصلي معه غيري إلا خديجة).فهذه الروايات و الأخبار كلها ذكرها أبو عمر يوسف بن عبد البر في الكتاب المذكور،و هي كما تراها تكاد تكون إجماعا.قال أبو عمر:و إنما الاختلاف في كمية سنه(عليه‌السلام )يوم أسلم،ذكر الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له قال:حدثنا عبد الله بن صالح قال:حدثنا الليث بن سعد عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن عليا و الزبير أسلما،و هما ابنا ثماني سنين،كذا يقول أبو الأسود يتيم عروة،و ذكره أيضا ابن أبي خيثمة عن قتيبة بن سعيد،عن الليث بن سعد،عن أبي الأسود،و ذكره عمر بن شبة،عن الحزامي،عن أبي وهب،عن الليث عن أبي الأسود قال:الليث و هاجرا،و هما ابنا ثمان عشرة سنة.قال أبو عمر:و لا أعلم أحدا،قال بقول أبي الأسود هذا.قال أبو عمر:و روى الحسن بن علي الحلواني قال:حدثنا عبد الرزاق قال:حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال:أسلم علي و هو ابن خمس عشرة سنة.

١٢٠