كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٤

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 280

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 280
المشاهدات: 37351
تحميل: 6864


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 280 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37351 / تحميل: 6864
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 4

مؤلف:
العربية

الحجاج بمال و تبعة،فمنهم رجل يقال له:الحر بن عبد الله بن عوف،كان قتل دهقانين من أهل نهر درقيط كانا أساءا إليه،و لحق بشبيب حتى شهد معه مواطنه إلى أن هلك،و له مقام عند الحجاج و كلام سلم به من القتل،و هو أن الحجاج بعد هلاك شبيب أمن كل من خرج إليه ممن كان يطلبهم الحجاج بمال أو تبعة فخرج إليه الحر فيمن خرج فجاء أهل الدهقانين يستعدون عليه الحجاج فأحضره و قال:يا عدو الله،قتلت رجلين من أهل الخراج ؟ فقال:قد كان أصلحك الله مني ما هو أعظم من هذا،قال:و ما هو ؟ قال:خروجي عن الطاعة،و فراقي الجماعة،ثم إنك أمنت كل من خرج عليك،و هذا أماني و كتابك لي.فقال الحجاج:قد لعمري فعلت ذلك أولى لك و خلى سبيله.ثم لما باخ الحر و سكن عن شبيب خرج من ماه نهروان في نحو من ثمانمائة رجل،فأقبل نحو المدائن و عليها المطرف بن المغيرة بن شعبة،فجاء حتى نزل قناطر حذيفة بن اليمان،فكتب ماذراسب،و هو عظيم بابل مهروذ إلى الحجاج يخبره خبر شبيب و قدومه إلى قناطر حذيفة،فقام الحجاج في الناس و خطبهم و قال:أيها الناس،لتقاتلن عن بلادكم و فيئكم أو لأبعثن إلى قوم هم أطوع و أسمع و أصبر على البلاء منكم،فيقاتلون عدوكم و يأكلون فيئكم يعني جند الشام.فقام إليه الناس من كل جانب يقولون:بل نحن نقاتلهم و نغيث الأمير ليندبنا إليهم فإنا حيث يسره.

٢٦١

و قام إليه زهرة بن حوية،و هو يومئذ شيخ كبير لا يستتم قائما حتى يؤخذ بيده فقال:أصلح الله الأمير،إنك إنما تبعث الناس متقطعين فاستنفر إليهم الناس كافة،و ابعث عليهم رجلا متينا شجاعا مجربا يرى الفرار هضما و عارا و الصبر مجدا و كرما،فقال الحجاج:فأنت ذاك فاخرج.فقال:أصلح الله الأمير إنما يصلح لهذا الموقف رجل يحمل الرمح و الدرع،و يهز السيف،و يثبت على متن الفرس و أنا لا أطيق ذلك قد ضعفت و ضعف بصرى و لكن ابعثني مع أمير تعتمده،فأكون في عسكره و أشير عليه برأيي.فقال:جزاك الله عن الإسلام و الطاعة خيرا لقد نصحت و صدقت،و أنا مخرج الناس كافة ألا فسيروا أيها الناس.فانصرف الناس يتجهزون و ينتشرون و لا يدرون من أميرهم.و كتب الحجاج إلى عبد الملك:أما بعد،فإني أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أن شبيبا قد شارف المدائن،و إنما يريد الكوفة و قد عجز أهل العراق عن قتاله في مواطن كثيرة في كلها تقتل أمراؤهم و يفل خيولهم و أجنادهم،فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث إلي جندا من جند الشام ليقاتلوا عدوهم و يأكلوا بلادهم فعل إن شاء الله.فلما أتى عبد الملك كتابه بعث إليه سفيان بن الأبرد في أربعة آلاف،و بعث إليه حبيب بن عبد الرحمن الحكمي من مذحج في ألفين و سرحهم نحوه حين أتاه الكتاب.

٢٦٢

و قد كان الحجاج بعث إلى عتاب بن ورقاء الرياحي ليأتيه،و كان على خيل الكوفة مع المهلب،و دعا الحجاج أشراف أهل الكوفة منهم زهرة بن حوية،و قبيصة بن والق،فقال:من ترون أن أبعث على هذا الجيش ؟ قالوا:رأيك أيها الأمير أفضل،قال:إني قد بعثت إلى عتاب بن ورقاء،و هو قادم عليكم الليلة فيكون هو الذي يسير بالناس،فقال زهرة بن حوية:أصلح الله الأمير رميتهم بحجرهم،لا و الله لا يرجع إليك حتى يظفر أو يقتل.فقال قبيصة بن والق:و إني مشير عليك أيها الأمير،برأي اجتهدته نصيحة لك،و لأمير المؤمنين،و لعامة المسلمين إن الناس قد تحدثوا أن جيشا قد وصل إليك من الشام ؛ لأن أهل الكوفة قد هزموا،و هان عليهم الفرار و العار من الهزيمة،فكأنما قلوبهم في صدور قوم آخرين،فإن رأيت أن تبعث إلى الجيش الذي قد أمددت به من أهل الشام،فليأخذوا حذرهم،و لا يثبتوا بمنزل إلا و هم يرون أنهم يبيتون فعلت،فإن فعلت،فإنك إنما تحارب حولا قلبا محلالا مظعانا إن شبيبا بينا هو في أرض إذا هو في أخرى،و لا آمن أن يأتيهم و هم غارون،فإن يهلكوا يهلك العراق كله.فقال الحجاج لله أبوك ما أحسن ما رأيت،و ما أصح ما أشرت به فبعث إلى الجيش الوارد عليه من الشام كتابا قرءوه و قد نزلوا هيت،و هو أما بعد،فإذا حاذيتم هيت فدعوا طريق الفرات و الأنبار،و خذوا على عين التمر حتى تقدموا الكوفة إن شاء الله.فأقبل القوم سراعا،و قدم عتاب بن ورقاء في الليلة التي قال الحجاج إنه فيها قادم،فأمره الحجاج،فخرج بالناس و عسكر بحمام أعين،و أقبل شبيب حتى انتهى

٢٦٣

إلى كلواذا،فقطع منها دجلة،و أقبل حتى نزل بهرسير،و صار بينه و بين مطرف بن المغيرة بن شعبة جسر دجلة،فقطع مطرف الجسر و رأى رأيا صالحا كاد به شبيبا،حتى حبسه عن وجهه و ذلك أنه بعث إليه أن ابعث إلي رجالا من فقهاء أصحابك و قرائهم،و أظهر له أنه يريد أن يدارسهم القرآن،و ينظر فيما يدعون إليه،فإن وجد حقا اتبعه،فبعث إليه شبيب رجالا فيهم قعنب و سويد و المحلل،و وصاهم ألا يدخلوا السفينة حتى يرجع رسوله من عند مطرف،و أرسل إلى مطرف أن ابعث إلي من أصحابك و وجوه فرسانك بعدة أصحابي،ليكونوا رهنا في يدي حتى ترد على أصحابي،فقال مطرف لرسوله:القه و قل له:كيف آمنك الآن على أصحابي إذ أبعثهم إليك و أنت لا تأمنني على أصحابك ؟ فأبلغه الرسول فقال:قل له قد علمت أنا لا نستحل الغدر في ديننا،و أنتم قوم غدر تستحلون الغدر و تفعلونه،فبعث إليه مطرف جماعة من وجوه أصحابه،فلما صاروا في يد شبيب سرح إليه أصحابه فعبروا إليه في السفينة،فأتوه فمكثوا أربعة أيام يتناظرون،و لم يتفقوا على شي‏ء فلما تبين لشبيب أن مطرفا كاده و أنه غير متابع له تعبى للمسير،و جمع إليه أصحابه و قال لهم إن هذا الثقفي قطعني عن رأيي منذ أربعة أيام،و ذلك أني هممت أن أخرج في جريدة من الخيل حتى ألقى هذا الجيش المقبل من الشام،و أرجو أن أصادف غرتهم قبل أن يحذروا،و كنت ألقاهم منقطعين عن المصر ليس عليهم أمير كالحجاج يستندون إليه و لا لهم مصر كالكوفة يعتصمون به،و قد جاءني عيون أن أوائلهم قد دخلوا عين التمر،فهم الآن قد شارفوا الكوفة،و جاءني أيضا عيون من نحو عتاب:أنه نزل بحمام أعين بجماعة أهل الكوفة و أهل البصرة،فما أقرب ما بيننا و بينهم،فتيسروا بنا للمسير إلى عتاب.

٢٦٤

و كان عتاب حينئذ قد أخرج معه خمسين ألفا من المقاتلة،و هددهم الحجاج إن هربوا كعادة أهل الكوفة و توعدهم،و عرض شبيب أصحابه بالمدائن،فكانوا ألف رجل فخطبهم و قال:يا معشر المسلمين،إن الله عز و جل كان ينصركم،و أنتم مائة و مائتان،و اليوم فأنتم مئون و مئون،ألا و إني مصل الظهر،ثم سائر بكم إن شاء الله.فصلى الظهر،ثم نادى في الناس فتخلف عنه بعضهم.قال فروة بن لقيط:فلما جاز ساباط و نزلنا معه قص علينا و ذكرنا بأيام الله،و زهدنا في الدنيا،و رغبنا في الآخرة،ثم أذن مؤذنه فصلى بنا العصر،ثم أقبل حتى أشرف على عتاب بن ورقاء،فلما رأى جيش عتاب نزل من ساعته،و أمر مؤذنه فأذن،ثم تقدم فصلى بأصحابه صلاة المغرب،و خرج عتاب بالناس كلهم فعبأهم،و كان قد خندق على نفسه مذ يوم نزل.و جعل على ميمنته محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني قال له:يا ابن أخي،إنك شريف،فاصبر و صابر،فقال:أما أنا فو الله لأقاتلن ما ثبت معي إنسان.و قال لقبيصة بن والق التغلبي:اكفني الميسرة،فقال:أنا شيخ كبير غايتي أن أثبت تحت رايتي،أما تراني لا أستطيع القيام إلا أن أقام و أخي نعيم بن عليم ذو غناء،فابعثه على الميسرة،فبعثه عليها و بعث حنظلة بن الحارث الرياحي ابن عمه،و شيخ

٢٦٥

أهل بيته على الرجالة،و بعث معه ثلاثة صفوف صف فيه الرجالة،و معهم السيوف و صف هم أصحاب الرماح و صف فيه المرامية.ثم سار عتاب بين الميمنة و الميسرة يمر بأهل راية راية،فيحرض من تحتها على الصبر،و من كلامه يومئذ إن أعظم الناس نصيبا من الجنة الشهداء،و ليس الله لأحد أمقت منه لأهل البغي،ألا ترون عدوكم هذا يستعرض المسلمين بسيفه لا يرى ذلك إلا قربة لهم فهم شرار أهل الأرض،و كلاب أهل النار،فلم يجبه أحد ؟ فقال:أين القصاص يقصون على الناس و يحرضونهم ؟ فلم يتكلم أحد فقال:أين من يروي شعر عنترة فيحرك الناس ؟ فلم يجبه أحد،و لا رد عليه كلمة،فقال:لا حول و لا قوة إلا بالله،و الله لكأني بكم و قد تفرقتم عن عتاب و تركتموه تسفي في استه الريح،ثم أقبل حتى جلس في القلب،و معه زهرة بن حوية،و عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث.و أقبل شبيب في ستمائة و قد تخلف عنه من الناس أربعمائة فقال:إنه لم يتخلف عني إلا من لا أحب أن أراه معي،فبعث سويد بن سليم في مائتين إلى الميسرة،و بعث المحلل بن وائل في مائتين إلى القلب،و مضى هو في مائتين إلى الميمنة و ذلك بين المغرب و العشاء الآخرة حين أضاء القمر فناداهم:لمن هذه الرايات ؟ قالوا:رايات همدان.فقال:رايات طالما نصرت الحق،و طالما نصرت الباطل لها في كل نصيب،أنا أبو المدلة،اثبتوا إن شئتم،ثم حمل عليهم و هم على مسناة أمام الخندق ففضهم،و ثبت أصحاب رايات قبيصة بن والق.فجاء شبيب فوقف عليه و قال لأصحابه مثل هذا قوله تعالى:( وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ

٢٦٦

نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ اَلشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ اَلْغاوِينَ ) .ثم حمل على الميسرة ففضها و صمد نحو القلب و عتاب جالس على طنفسة هو و زهرة بن حوية،فغشيهم شبيب فانفض الناس عن عتاب و تركوه،فقال عتاب:يا زهرة،هذا يوم كثر فيه العدد،و قل فيه:الغناء لهفي على خمسمائة فارس من وجوه الناس،ألا صابر لعدوه،ألا مواس بنفسه،فمضى الناس على وجوههم،فلما دنا منه شبيب،وثب إليه في عصابة قليلة صبرت معه،فقال له بعضهم:إن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قد هرب،و انصفق معه ناس كثير،فقال:أما إنه قد فر قبل اليوم،و ما رأيت مثل ذلك الفتى ما يبالي ما صنع،ثم قاتلهم ساعة و هو يقول ما رأيت كاليوم قط موطنا لم أبل بمثله أقل ناصرا و لا أكثرها ربا خاذلا فرآه رجل من بني تغلب من أصحاب شبيب و كان أصاب دما في قومه و التحق بشبيب فقال:إني لأظن هذا المتكلم عتاب بن ورقاء،فحمل عليه فطعنه فوقع و قتل و وطئت الخيل زهرة بن حوية،فأخذ يذبب بسيفه و هو شيخ كبير لا يستطيع أن ينهض،فجاءه الفضل بن عامر الشيباني فقتله،و انتهى إليه شبيب فوجده صريعا فعرفه،فقال:من قتل هذا ؟ قال الفضل:أنا قتلته،فقال شبيب:هذا زهرة بن حوية،أما و الله،لئن كنت قتلت على ضلالة لرب يوم من أيام المسلمين قد حسن فيه بلاؤك،و عظم فيه غناؤك،و لرب خيل للمشركين هزمتها،و سرية لهم ذعرتها و مدينة لهم فتحتها،ثم كان في علم الله أن تقتل ناصرا للظالمين.و قتل يومئذ وجوه العرب من عسكر العراق في المعركة،و استمكن شبيب من أهل العسكر،فقال:ارفعوا عنهم السيف و دعاهم إلى البيعة،فبايعه الناس عامة من ساعتهم،و احتوى على جميع ما في العسكر،و بعث إلى أخيه و هو بالمدائن،فأتاه فأقام بموضع المعركة يومين،و دخل سفيان بن الأبرد الكلبي،و حبيب بن عبد الرحمن فيمن معهما

٢٦٧

إلى الكوفة،فشدوا ظهر الحجاج و استغنى بهم عن أهل العراق،و وصلته أخبار عتاب و عسكره،فصعد المنبر فقال:يا أهل الكوفة،لا أعز الله من أراد بكم العز و لا نصر من أراد منكم النصر اخرجوا عنا،فلا تشهدوا معنا قتال عدونا،و الحقوا بالحيرة فانزلوا مع اليهود و النصارى و لا يقاتلن معنا إلا من لم يشهد قتال عتاب بن ورقاء.و خرج شبيب يريد الكوفة،فانتهى إلى سورا فقال لأصحابه:أيكم يأتيني برأس عاملها ؟ فانتدب إليه قطين،و قعنب،و سويد،و رجلان من أصحاب شبيب فكانوا خمسة،و ساروا حتى انتهوا إلى دار الخراج و العمال فيها،فقالوا:أجيبوا الأمير ؟ فقال الناس:أي أمير ؟ قالوا:أمير قد خرج من قبل الحجاج يريد هذا الفاسق شبيبا،فاغتر بذلك عامل سورا،فخرج إليهم فلما خالطهم شهروا السيوف،و حكموا و خبطوه بها حتى قتلوه،و قبضوا ما وجدوا في دار الخراج من مال،و لحقوا بشبيب.فلما رأى شبيب البدر قال:أتيتمونا بفتنة المسلمين هلم يا غلام الحربة،فخرق بها البدر و أمر أن تنخس الدواب التي كانت البدر عليها،فمرت رائحة و المال يتناثر من البدر حتى وردت الصراة فقال:إن كان بقي شي‏ء فاقذفوه في الماء.و قال سفيان بن الأبرد للحجاج:ابعثني إلى شبيب أستقبله قبل أن يرد الكوفة،فقال:لا ما أحب أن نفترق حتى ألقاه في جماعتكم،و الكوفة في ظهرنا،و أقبل شبيب حتى نزل حمام أعين،و دعا الحجاج الحارث بن معاوية بن أبي زرعة بن مسعود الثقفي،فوجهه في ناس لم يكونوا شهدوا يوم عتاب فخرج في ألف رجل حتى انتهى إلى شبيب ليدفعه عن الكوفة،فلما رآه شبيب حمل عليه فقتله و فل أصحابه،فجاءوا حتى دخلوا

٢٦٨

الكوفة،و بعث شبيب البطين في عشرة فوارس يرتادون له منزلا على شاطئ الفرات في دار الرزق،فوجه الحجاج حوشب بن يزيد في جمع من أهل الكوفة فأخذوا بأفواه السكك،فقاتلهم البطين فلم يقو عليهم،فبعث إلى شبيب فأمده بفوارس من أصحابه،فعقروا فرس حوشب و هزموه،فنجا بنفسه و مضى البطين إلى دار الرزق في أصحابه،و نزل شبيب بها و لم يوجه إليه الحجاج أحدا،فابتنى مسجدا في أقصى السبخة،و أقام ثلاثا لم يوجه إليه الحجاج أحدا،و لا يخرج إليه من أهل الكوفة،و لا من أهل الشام أحد،و كانت امرأته غزالة نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما بالبقرة و آل عمران.فجاء شبيب مع امرأته حتى أوفت بنذرها في المسجد،و أشير على الحجاج أن يخرج بنفسه إليه فقال لقتيبة بن مسلم:إني خارج فاخرج أنت فارتد لي معسكرا،فخرج و عاد فقال:وجدت المدى سهلا فسر أيها الأمير على اسم الله،و الطائر الميمون،فخرج الحجاج بنفسه و مر على مكان فيه كناسة و أقذار،فقال:ألقوا لي هنا بساطا،فقيل له:إن الموضع قذر،فقال:ما تدعوني إليه أقذر الأرض تحته طيبة و السماء فوقه طيبة.و وقف هناك و أخرج مولى له يعرف بأبي الورد و عليه تجفاف،و أحاط به غلمان كثير و قيل هذا الحجاج،فحمل عليه شبيب فقتله و قال:إن يكن الحجاج فقد أرحت الناس منه،و دلف الحجاج نحوه حينئذ و على ميمنته مطر بن ناجية،و على ميسرته خالد بن عتاب بن ورقاء،و هو في زهاء أربعة آلاف،فقيل له أيها الأمير لا نعرف

٢٦٩

شبيبا بمكانك فتنكر،و أخفى مكانه و تشبه به مولى آخر للحجاج في هيئته و زيه،فحمل عليه شبيب فضربه بالعمود فقتله،و يقال:إنه قال لما سقط أخ بالخاء المعجمة،فقال شبيب:قاتل الله ابن أم الحجاج اتقى الموت بالعبيد،و ذلك أن العرب تقول عند التأوه أح بالحاء المهملة.ثم تشبه بالحجاج أعين صاحب حمام أعين،و لبس لبسته فحمل عليه شبيب فقتله،فقال الحجاج:علي بالبغل لأركبه فأتي ببغل محجل،و قيل:أيها الأمير،أصلحك الله إن الأعاجم كانت تتطير أن تركب مثل هذا البغل في مثل هذا اليوم،فقال:أدنوه مني،فإنه أغر محجل،و هذا يوم أغر محجل فركبه،ثم سار في الناس يمينا و شمالا،ثم قال:اطرحوا لي عباءة،فطرحت له فنزل فجلس عليها،ثم قال:ائتوني بكرسي،فأتي به فقام فجلس عليه،ثم نادى أهل الشام فقال:يا أهل الشام،يا أهل السمع و الطاعة،لا يغلبن باطل هؤلاء الأرجاس حقكم غضوا الأبصار،و اجثوا على الركب،و استقبلوا القوم بأطراف الأسنة،فجثوا على الركب و كأنهم حرة سوداء.و منذ هذا الوقت ركدت ريح شبيب،و أذن الله تعالى في إدبار أمره و انقضاء أيامه فأقبل حتى إذا دنا من أهل الشام عبى أصحابه ثلاثة كراديس كتيبة معه،و كتيبة مع سويد بن سليم،و كتيبة مع المحلل بن وائل،و قال لسويد:احمل عليهم في خيلك فحمل عليهم فثبتوا له حتى إذا غشي أطراف أسنتهم،وثبوا في وجهه فقاتلهم طويلا فصبروا له،ثم طاعنوه قدما قدما حتى ألحقوه بأصحابه.فلما رأى شبيب صبرهم نادى:يا سويد،احمل في خيلك في هذه الرايات الأخرى لعلك تزيل أهلها،فتأتي الحجاج من ورائه،و نحمل نحن عليه من أمامه،فحمل سويد على تلك الرايات،و هي بين جدران الكوفة،فرمى بالحجارة من سطوح البيوت و من أفواه السكك،فانصرف و لم يظفروا.

٢٧٠

و رماه عروة بن المغيرة بن شعبة بالسهام،و قد كان الحجاج جعله في ثلاثمائة رام من أهل الشام ردءا له كي لا يؤتى من ورائه،فصاح شبيب في أصحابه:يا أهل الإسلام،إنما شريتم لله و من يكن شراؤه لله لم يضره ما أصابه من ألم و أذى لله أبوكم،الصبر،الصبر شدة كشداتكم الكريمة في مواطنكم المشهورة.فشدوا شدة عظيمة،فلم يزل أهل الشام عن مراكزهم،فقال شبيب:الأرض دبوا دبيبا تحت تراسكم،حتى إذا صارت أسنة أصحاب الحجاج،فوقها فأذلقوها صعدا و ادخلوا تحتها،و اضربوا سوقهم و أقدامهم،و هي الهزيمة بإذن الله،فأقبلوا يدبون دبيبا تحت الحجف صمدا صمدا،نحو أصحاب الحجاج.فقال خالد بن عتاب بن ورقاء:أيها الأمير،أنا موتور،و لا أتهم في نصيحتي،فأذن لي حتى آتيهم من ورائهم فأغير على معسكرهم و ثقلهم،فقال:افعل ذلك،فخرج في جمع من مواليه و شاكريته،و بني عمه حتى صار من ورائهم،فالتقى بمصاد أخي شبيب فقتله،و قتل غزالة امرأة شبيب،و ألقى النار في معسكرهم،و التفت شبيب و الحجاج،فشاهدا النار،فأما الحجاج فكبر و كبر أصحابه،و أما شبيب فوثب هو و كل راجل من أصحابه على خيولهم مرعوبين،فقال الحجاج لأصحابه:شدوا عليهم،فقد أتاهم ما أرعبهم فشدوا عليهم فهزموهم،و تخلف شبيب في خاصة الناس حتى خرج من الجسر،و تبعه خيل الحجاج و غشيه النعاس،فجعل يخفق برأسه و الخيل تطلبه.قال أصغر الخارجي:كنت معه ذلك اليوم فقلت:يا أمير المؤمنين،التفت

٢٧١

فانظر من خلفك،فالتفت غير مكترث،و جعل يخفق برأسه.قال:و دنوا منا فقلت:يا أمير المؤمنين،قد دنا القوم منك،فالتفت و الله ثانية غير مكترث بهم،و جعل يخفق برأسه و بعث الحجاج خيلا تركض تقول:دعوه يذهب في حرق الله فتركوه و انصرفوا عنه.و مضى شبيب بأصحابه،حتى قطعوا جسر المدائن فدخلوا ديرا هناك،و خالد بن عتاب يقفوهم،فحصرهم في الدير،فخرج شبيب إليه فهزمه و أصحابه نحوا من فرسخين،حتى ألقى خالد نفسه في دجلة هو و أصحابه بخيولهم،فمر به شبيب فرآه في دجلة،و لواؤه في يده فقال:قاتله الله فارسا،و قاتل فرسه فرس هذا أشد الناس قوة،و فرسه أقوى فرس في الأرض،و انصرف فقيل له بعد انصرافه:إن الفارس الذي رأيت هو خالد بن عتاب بن ورقاء،فقال:معرق في الشجاعة لو علمت لأقحمت خلفه،و لو دخل النار.ثم دخل الحجاج الكوفة بعد هزيمة شبيب،فصعد المنبر و قال:و الله ما قوتل شبيب قط قبل اليوم ولى هاربا،و ترك امرأته يكسر في استها القصب.ثم دعا حبيب بن عبد الرحمن،فبعثه في أثره في ثلاثة آلاف من أهل الشام،و قال:احذر بياته و حيثما لقيته فنازله،فإن الله تعالى قد فل حده،و قصم نابه،فخرج حبيب في أثره حتى نزل الأنبار،و بعث الحجاج إلى العمال أن دسوا إلى أصحاب شبيب من جاءنا منكم،فهو آمن فكان كل من ليست له بصيرة في دين الخوارج ممن هزه القتال،و كرهه ذلك اليوم يجي‏ء فيؤمن،و قبل ذلك كان الحجاج نادى يوم هزم شبيب من جاءنا،فهو آمن فتفرق عن شبيب ناس كثير من أصحابه.

٢٧٢

و بلغ شبيبا منزل حبيب بن عبد الرحمن بالأنبار،فأقبل بأصحابه حتى دنا منه فقال يزيد السكسكي:كنت مع أهل الشام بالأنبار ليلة جاءنا شبيب،فبيتنا فلما أمسينا جمعنا حبيب بن عبد الرحمن،فجعلنا أرباعا و جعل على كل ربع أميرا،و قال:لنا ليحم كل ربع منكم جانبه،فإن قتل هذا الربع فلا يعنهم الربع الآخر،فإنه بلغني أن الخوارج منكم قريب،فوطنوا أنفسكم على أنكم مبيتون فمقاتلون.قال:فما زلنا على تعبيتنا حتى جاءنا شبيب تلك الليلة،فبيتنا فشد على ربع منا،فصابرهم طويلا فما زالت قدم إنسان منهم،ثم تركهم و أقبل إلى ربع آخر،فقاتلهم طويلا،فلم يظفر بشي‏ء،ثم طاف بنا يحمل علينا ربعا،ربعا،حتى ذهب ثلاثة أرباع الليل،و لصق بنا،حتى قلنا لا يفارقنا،ثم ترجل فنازلنا راجلا نزالا طويلا هو و أصحابه،فسقطت و الله بيننا و بينهم الأيدي و الأرجل،و فقئت الأعين و كثرت القتلى،فقتلنا منهم نحو ثلاثين و قتلوا منا نحو مائة،و ايم الله لو كانوا أكثر من مائتي رجل لأهلكونا،ثم فارقونا و قد مللناهم و ملونا و كرهناهم و كرهونا،و لقد رأيت الرجل منا يضرب الرجل منهم بالسيف،فما يضره من الإعياء و الضعف،و لقد رأيت الرجل منا يقاتل جالسا ينفخ بسيفه ما يستطيع أن يقوم من الإعياء و البهر،حتى ركب شبيب و قال لأصحابه الذين نزلوا معه:اركبوا و توجه بهم منصرفا عنا.فقال فروة بن لقيط الخارجي:و كان شهد معه مواطنه كلها قال لنا:ليلتئذ و قد رأى

٢٧٣

بنا كآبة ظاهرة و جراحات شديدة ما أشد هذا الذي بنا لو كنا نطلب الدنيا،و ما أيسر هذا في طاعة الله و ثوابه،فقال أصحابه:صدقت يا أمير المؤمنين.قال فروة بن لقيط:و سمعته تلك الليلة يحدث سويد بن سليم و يقول له:لقد قتلت منهم أمس رجلين من أشجع الناس خرجت عشية أمس طليعة لكم،فلقيت منهم ثلاثة نفر دخلوا قرية يشترون منها حوائجهم،فاشترى أحدهم حاجته و خرج قبل أصحابه،فخرجت معه فقال لي:أراك لم تشتر علفا فقلت:إن لي رفقاء قد كفوني ذلك،ثم قلت له:أين ترى عدونا هذا ؟ نزل فقال:بلغني أنه قد نزل قريبا منا،و ايم الله لوددت أني لقيت شبيبهم هذا قلت:أفتحب ذلك ؟ قال:إي و الله.قلت:فخذ حذرك،فأنا و الله شبيب و انتضيت السيف فخر و الله ميتا،فقلت له:ارتفع ويحك،و ذهبت أنظر فإذا هو قد مات فانصرفت راجعا،فاستقبلت الآخر خارجا من القرية،فقال:أين تذهب هذه الساعة التي يرجع فيها الناس إلى معسكرهم ؟ فلم أكلمه و مضيت،فنفرت بي فرسي،و ذهبت تتمطر فإذا به في أثري حتى لحقني،فعطفت عليه و قلت ما بالك ؟ قال:أظنك و الله من عدونا.قلت:أجل و الله.قال:إذا لا تبرح حتى أقتلك أو تقتلني،فحملت عليه و حمل علي،فاضطربنا بسيفينا ساعة،فو الله ما فضلته في شدة نفس،و لا إقدام إلا أن سيفي كان أقطع من سيفه فقتلته.و بلغ شبيبا أن جند الشام الذي مع حبيب حملوا معهم حجرا،و حلفوا لا يفرون حتى يفر هذا الحجر،فأراد أن يكذبهم،فعمد إلى أربعة أفراس،و ربط في أذنابها ترسة

٢٧٤

في ذنب كل فرس ترسين،ثم ندب ثمانية نفر من أصحابه و غلاما له يقال له حيان:كان شجاعا فاتكا،و أمره أن يحمل معه إداوة من ماء،ثم سار ليلا حتى أتى ناحية من عسكر أهل الشام،فأمر أصحابه أن يكونوا في نواحي العسكر الأربع،و أن يكون مع كل رجلين فرس،ثم يلبسوها الحديد حتى تجد حره،ثم يخلوها في العسكر،و واعدهم تلعة قريبة من العسكر،و قال:من نجا منكم،فإن موعده التلعة،فكره أصحابه الإقدام على ما أمرهم،فنزل بنفسه حتى صنع بالخيل ما أمرهم به حتى دخلت في العسكر،و دخل هو يتلوها و يشد خلفها شدا محكما،فتفرقت في نواحي العسكر و اضطرب الناس،فضرب بعضهم بعضا و ماجوا،و نادى حبيب بن عبد الرحمن:ويحكم إنها مكيدة،فالزموا الأرض حتى يتبين لكم الأمر،ففعلوا و حصل شبيب بينهم،فلزم الأرض معهم حتى رآهم قد سكنوا،و قد أصابته ضربة عمود أوهنته.فلما هدأ الناس و رجعوا إلى مراكزهم خرج في غمارهم،حتى أتى التلعة،فإذا مولاه حيان فقال:أفرغ ويحك على رأسي من هذه الإداوة،فلما مد رأسه ليصب عليه من الماء هم حيان بضرب عنقه،و قال لنفسه:لا أجد مكرمة لي و لا ذكرا أرفع من هذا في هذه الخلوة،و هو أماني من الحجاج،فأخذته الرعدة حين هم بما هم به،فلما أبطأ عليه قال له:ويحك ما انتظارك بحلها ناولنيها،و تناول السكين من موزجه فخرقها به،ثم ناوله إياها فأفرغ عليه من الماء،فكان حيان بعد ذلك يقول لقد هممت فأخذتني الرعدة،فجبنت عنه و ما كنت أعهد نفسي جبانا.ثم إن الحجاج أخرج الناس إلى شبيب،و قسم فيهم أموالا عظيمة و أعطى الجرحى،و كل ذي بلاء و أمر سفيان بن الأبرد أن يسير بهم،فشق ذلك على حبيب

٢٧٥

بن عبد الرحمن،و قال:تبعث سفيان إلى رجل قد فللته و قتلت فرسانه،و كان شبيب قد أقام بكرمان حتى جبر و استراش هو و أصحابه،فمضى سفيان بالرجال و استقبله شبيب بدجيل الأهواز،و عليه جسر معقود،فعبر إلى سفيان فوجده قد نزل بالرجال،و جعل مهاصر بن صيفي على خيله،و بشر بن حسان الفهري على ميمنته،و عمر بن هبيرة الفزاري على ميسرته،و أقبل شبيب في ثلاثة كراديس هو في كتيبة،و سويد بن سليم في كتيبة،و قعنب في كتيبة و خلف المحلل في عسكره،فلما حمل سويد و هو في ميمنته على ميسرة سفيان و قعنب،و هو في ميسرته على ميمنة سفيان حمل هو على سفيان،ثم اضطربوا مليا حتى رجعت الخوارج إلى مكانها الذي كانوا فيه.فقال يزيد السكسكي:و كان من أصحاب سفيان يومئذ كر علينا شبيب و أصحابه أكثر من ثلاثين كرة،و لا يزول من صفنا أحد،فقال لنا سفيان:لا تحملوا عليهم متفرقين،و لكن لتزحف عليهم الرجال زحفا،ففعلنا و ما زلنا نطاعنهم حتى اضطررناهم إلى الجسر،فقاتلونا عليه أشد قتال يكون لقوم قط،ثم نزل شبيب و نزل معه نحو مائة رجل،فما هو إلا أن نزلوا حتى أوقعوا بنا من الضرب و الطعن شيئا ما رأينا مثله قط،و لا ظنناه يكون،فلما رأى سفيان أنه لا يقدر عليهم،و لا يأمن ظفرهم دعا الرماة،فقال:ارشقوهم بالنبل و ذلك عند المساء،و كان الالتقاء ذلك اليوم نصف النهار،فرشقهم أصحابه و قد كان سفيان صفهم على حدة و عليهم أمير،فلما رشقوهم شدوا عليهم،فشددنا نحن و شغلناهم عنهم،فلما رأوا ذلك ركب شبيب و أصحابه،و كروا على أصحاب النبل كرة شديدة صرعوا منهم فيها أكثر من ثلاثين راميا،ثم عطف علينا يطاعننا بالرماح،حتى اختلط الظلام،ثم انصرف عنا فقال سفيان بن الأبرد لأصحابه:

٢٧٦

يا قوم،دعوهم لا تتبعوهم،يا قوم،دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم.قال:فكففنا عنهم و ليس شي‏ء أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا.قال فروة بن لقيظ الخارجي:فلما انتهينا إلى الجسر.قال شبيب:اعبروا معاشر المسلمين،فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله تعالى قال:فعبرنا أمامه و تخلف في آخرنا،و أقبل يعبر الجسر و تحته حصان جموح،و بين يديه فرس أنثى ماذيانة،فنزا حصانه عليها،و هو على الجسر فاضطربت الماذيانة،و زل حافر فرس شبيب عن حرف السفينة،فسقط في الماء فسمعناه يقول:لما سقط( ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) ،و اغتمس في الماء،ثم ارتفع فقال:( ذلك تقدير العزيز العليم ) ،ثم اغتمس في الماء فلم يرتفع.هكذا روى أكثر الناس و قال قوم:إنه كان مع شبيب رجال كثير بايعوه في الوقائع التي كان يهزم الجيش فيها،و كانت بيعتهم إياه على غير بصيرة،و قد كان أصاب عشائرهم و ساداتهم،فهم منه موتورون،فلما تخلف في أخريات الناس يومئذ.قال بعضهم لبعض:هل لكم أن نقطع به الجسر،فندرك ثارنا الساعة،فقالوا:هذا هو الرأي فقطعوا الجسر،فمالت به السفينة ففزع حصانه و نفر،فسقط في الماء و غرق.و الرواية الأولى أشهر،فحدث قوم من أصحاب سفيان قالوا:سمعنا صوت الخوارج يقولون:غرق أمير المؤمنين،فعبرنا إلى عسكرهم،فإذا هو ليس فيه صافر،و لا أثر،فنزلنا فيه و طلبنا شبيبا حتى استخرجناه من الماء،و عليه الدرع فيزعم الناس أنهم

٢٧٧

شقوا بطنه و أخرجوا قلبه،فكان مجتمعا صلبا كالصخرة،و أنه كان يضرب به الأرض فينبو و يثب قامة الإنسان.و يحكى أن أم شبيب كانت لا تصدق أحدا نعاه إليها،و قد كان قيل لها مرارا:إنه قد قتل فلا تقبل،فلما قيل لها إنه قد غرق بكت،فقيل لها في ذلك فقالت:رأيت في المنام حين ولدته أنه خرج من فرجي نار ملأت الآفاق.

ثم سقطت في ماء،فخمدت،فعلمت أنه لا يهلك إلا بالغرق

٢٧٨

الفهرس

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء الرابع ابن أبي الحديد 1

اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3

بيعة علي و أمر المتخلفين عنها 7

من أخبار يوم صفين 13

فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34

مسألة كلامية في الأمر بالشي‏ء مع العلم بأنه لا يقع 55

فصل فيما روي من سب معاوية و حزبه لعلي 56

فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63

فصل في ذكر المنحرفين عن علي( عليه‌السلام ) 74

فصل في معنى قول علي فسبوني فإنه لي زكاة 111

فصل في اختلاف الرأي في معنى السب و البراءة 113

فصل في معنى قول علي إني ولدت على الفطرة 114

فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116

فصل فيما ذكر من سبق علي إلى الهجرة 125

أخبار الخوارج و ذكر رجالهم و حروبهم 132

عروة بن حدير 132

نجدة بن عويمر الحنفي 132

المستورد بن سعد التميمي 134

حوثرة الأسدي 134

قريب بن مرة و زحاف الطائي 135

نافع بن الأزرق الحنفي 136

عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141

٢٧٩

الزبير بن علي السليطي و ظهور أمر المهلب 144

قطري بن الفجاءة المازني 167

عبد ربه الصغير 204

طرف من أخبار المهلب و بينه 213

شبيب بن يزيد الشيباني 225

دخول شبيب الكوفة و أمره مع الحجاج 232

الفهرس 279

٢٨٠