كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٥

كتاب شرح نهج البلاغة23%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 260

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 260 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45070 / تحميل: 7664
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

يجوز حمله على الحقيقة و المجاز و كل منهما يصح به المعنى و لا يختل و لهذا قال الشافعي إن ملامسة المرأة تنقض الوضوء و الطهارة و ذهب غيره إلى أن المراد باللمس في الآية الجماع و هو الكناية المجازية فكل موضع يرد فيه الكناية فسبيله هذا السبيل و ليس التشبيه بهذه الصورة و لا غيره من أقسام المجاز لأنه لا يجوز حمله إلا على جانب المجاز خاصة و لو حمل على جانب الحقيقة لاستحال المعنى أ لا ترى أنا إذا قلنا زيد أسد لم يصح أن يحمل إلا على الجهة المجازية و هي التشبيه بالأسد في شجاعته و لا يجوز حمله على الجهة الحقيقية لأن زيدا لا يكون سبعا ذا أنياب و مخالب فقد صار إذن حد الكناية أنها اللفظ الدال على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة و المجاز بوصف جامع بين الحقيقة و المجاز قال و الدليل على ذلك أن الكناية في أصل الوضع أن تتكلم بشي‏ء و تريد غيره يقال كنيت بكذا عن كذا فهي تدل على ما تكلمت به و على ما أردته من غيره فلا يخلو إما أن يكون في لفظ تجاذبه جانبا حقيقة و حقيقة أو في لفظ تجاذبه جانبا مجاز و مجاز أو في لفظ لا يتجاذبه أمر و ليس لنا قسم رابع و الثاني باطل لأن ذاك هو اللفظ المشترك فإن أطلق من غير قرينة مخصصة كان مبهما غير مفهوم و إن كان معه قرينة صار مخصصا لشي‏ء بعينه و الكناية أن تتكلم بشي‏ء و تريد غيره و ذلك مخالف للفظ المشترك إذا أضيف إليه القرينة لأنه يختص بشي‏ء واحد بعينه و لا يتعداه إلى غيره و الثالث باطل أيضا لأن المجاز لا بد له من حقيقة ينقل عنها لأنه فرع عليها

٦١

و ذلك اللفظ الدال على المجاز إما أن يكون للحقيقة شركة في الدلالة عليه أو لا يكون لها شركة في الدلالة عليه كان اللفظ الواحد قد دل على ثلاثة أشياء أحدها الحقيقة و الآخران المجازان و هذا مخالف لأصل الوضع لأن أصل الوضع أن تتكلم بشي‏ء و أنت تريد غيره و هاهنا يكون قد تكلمت بشي‏ء و أنت تريد شيئين غيرين و إن لم يكن للحقيقة شركة في الدلالة كان ذلك مخالفا لأصل الوضع أيضا إذ أصل الوضع أن تتكلم بشي‏ء و أنت تريد غيره فيكون الذي تكلمت به دالا على غيره و إذا أخرجت الحقيقة عن أن يكون لها شركة في الدلالة لم يكن الذي تكلمت به و هذا محال فثبت إذن أن الكناية هي أن تتكلم بالحقيقة و أنت تريد المجاز قال و هذا مما لم يسبقني إليه أحد ثم قال قد يأتي من الكلام ما يجوز أن يكون كناية و يجوز أن يكون استعارة و يختلف ذلك باختلاف النظر إليه بمفرده و النظر إلى ما بعده كقول نصر بن سيار في أبياته المشهورة التي يحرض بها على بني أمية عند خروج أبي مسلم

أرى خلل الرماد و ميض جمر

و يوشك أن يكون له ضرام

فإن النار بالزندين توري

و إن الحرب أولها كلام

٦٢

دأقول من التعجب ليت شعري

أأيقاظ أمية أم نيام

فالبيت الأول لو ورد بمفرده لكان كناية لأنه لا يجوز حمله على جانبي الحقيقة و المجاز فإذا نظرنا إلى الأبيات بجملتها كان البيت الأول المذكور استعارة لا كناية ثم أخذ في الفرق بين الكناية و التعريض فقال التعريض هو اللفظ الدال على الشي‏ء من طريق المفهوم لا بالوضع الحقيقي و لا بالمجازي فإنك إذا قلت لمن تتوقع معروفه و صلته بغير طلب أنا محتاج و لا شي‏ء في يدي و أنا عريان و البرد قد آذاني فإن هذا و أشباهه تعريض بالطلب و ليس اللفظ موضوعا للطلب لا حقيقة و لا مجازا و إنما يدل عليه من طريق المفهوم بخلاف قوله( أَوْ لامَسْتُمُ اَلنِّساءَ ) و على هذا ورد تفسير التعريض في خطبة النكاح كقولك للمرأة أنت جميلة أو إنك خلية و أنا عزب فإن هذا و شبهه لا يدل على طلب النكاح بالحقيقة و لا بالمجاز و التعريض أخفى من الكناية لأن دلالة الكناية وضعية من جهة المجاز و دلالة التعريض من جهة المفهوم المركب و ليست وضعية و إنما يسمى التعريض تعريضا لأن المعنى فيه يفهم من عرض اللفظ المفهوم أي من جانبه

٦٣

قال و اعلم أن الكناية تشتمل على اللفظ المفرد و اللفظ المركب فتأتي على هذا مرة و على هذا أخرى و أما التعريض فإنه يختص باللفظ المركب و لا يأتي في اللفظ المفرد البتة لأنه لا يفهم المعنى فيه من جهة الحقيقة و لا من جهة المجاز بل من جهة التلويح و الإشارة و هذا أمر لا يستقل به اللفظ المفرد و يحتاج في الدلالة عليه إلى اللفظ المركب قال فقد ظهر فيما قلنا في البيت الذي ذكره ابن سنان مثال الكناية و مثال التعريض هو بيت إمرئ القيس لأن غرض الشاعر منه أن يذكر الجماع إلا أنه لم يذكره بل ذكر كلاما آخر ففهم الجماع من عرضه لأن المصير إلى الحسنى و رقة الكلام لا يدلان على الجماع لا حقيقة و لا مجازا ثم ذكر أن من باب الكناية قوله سبحانه( أَنْزَلَ مِنَ اَلسَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ اَلسَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي اَلنَّارِ . ) الآية قال كنى بالماء عن العلم و بالأودية عن القلوب و بالزبد عن الضلال. قال و قد تحقق ما اخترعناه و قدرناه من هذه الآية لأنه يجوز حملها على جانب الحقيقة كما يجوز حملها على جانب المجاز قال و قد أخطأ الفراء حيث زعم أن قوله سبحانه و تعالى( وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ اَلْجِبالُ ) كناية عن أمر النبي ص و أنه كنى عنه بالجبال قال و وجه الخطأ أنه لا يجوز أن يتجاذب اللفظ هاهنا جانبا الحقيقة و المجاز لأن مكرهم لم يكن لتزول منه الجبال الحقيقية فالآية إذا من باب المجاز لا من باب الكناية

٦٤

قال و من الكنايات المستحسنة

قوله ع للحادي بالنساء يا أنجشة رفقا بالقوارير و قول امرأة لرجل قعد منها مقعد القابلة لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه و قول بديل بن ورقاء الخزاعي لرسول الله ص إن قريشا قد نزلت على ماء الحديبية معها العوذ المطافيل و إنهم صادوك عن البيت قال فهذه كناية عن النساء و الصبيان لأن العوذ المطافيل الإبل الحديثات النتاج و معها أولادها و من الكناية ما ورد في شهادة الزنا أن يشهد عليه برؤية الميل في المكحلة

و منها قول عمر لرسول الله ص هلكت يا رسول الله قال و ما أهلكك قال حولت رحلي البارحة قال أشار بذلك إلى الإتيان في غير المأتي و منها قول ابن سلام لمن رأى عليه ثوبا معصفرا لو أن ثوبك في تنور أهلك لكان خيرا لك قال و من الكنايات المستقبحة قول الرضي يرثي امرأة

إن لم تكن نصلا فغمد نصول

لأن الوهم يسبق في هذا الموضع إلى ما يقبح و إنما سرقه من قول الفرزدق في امرأته و قد ماتت بجمع

و جفن سلاح قد رزئت فلم أنح

عليه و لم أبعث عليه البواكيا

٦٥

و في جوفه من دارم ذو حفيظة

لو أن المنايا أخطأته لياليا

فأخذه الرضي فأفسده و لم يحسن تصريفه قال فأما أمثلة التعريض فكثيرة منها قوله تعالى( قالَ اَلْمَلَأُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَ ما نَراكَ اِتَّبَعَكَ إِلاَّ اَلَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ اَلرَّأْيِ وَ ما نَرى‏ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ ) فقوله( ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا ) تعريض بأنهم أحق بالنبوة و أن الله تعالى لو أراد أن يجعلها في واحد من البشر لجعلها فيهم فقالوا هب إنك واحد من الملأ و موازيهم في المنزلة فما جعلك أحق بالنبوة منهم أ لا ترى إلى قوله( وَ ما نَرى‏ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ ) .هذه خلاصة ما ذكره ابن الأثير في هذا الباب و اعلم أنا قد تكلمنا عليه في كثير من هذا الموضع في كتابنا الذي أفردناه للنقض عليه و هو الكتاب المسمى بالفلك الدائر على المثل السائر فقلنا أولا أنه اختار حد الكناية و شرع يبرهن على التحديد و الحدود لا يبرهن عليها و لا هي من باب الدعاوي التي تحتاج إلى الأدلة لأن من وضع لفظ الكناية لمفهوم مخصوص لا يحتاج إلى دليل كمن وضع لفظ الجدار للحائط لا يحتاج إلى دليل ثم يقال له لم قلت إنه لا بد من أن يتردد لفظ الكناية بين محملي حقيقة و مجاز و لم لا يتردد بين مجازين و ما استدللت به على ذلك لا معنى له . . أما أولا فلأنك أردت أن تقول إما أن تكون للفظة الدالة على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة أو لا يكون لها في الدلالة على الحقيقة شركة لأن كلامك هكذا يقتضي و لا ينتظم إلا إذا قلت هكذا فلم تقله و قلت إما أن يكون للحقيقة شركة في

٦٦

اللفظ الدال على المجازين و هذا قلب للكلام الصحيح و عكس له و أما ثانيا فلم قلت إنه لا يكون للفظة الدالة على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة التي هي أصل لهما فأما قولك هذا فيقتضي أن يكون الإنسان متكلما بشي‏ء و هو يريد شيئين غيره و أصل الوضع أن يتكلم بشي‏ء و هو يريد غيره فليس معنى قولهم الكناية أن تتكلم بشي‏ء و أنت تريد غيره أنك تريد شيئا واحدا غيره كلا ليس هذا هو المقصود بل المقصود أن تتكلم بشي‏ء و أنت تريد ما هو مغاير له و إن أردت شيئا واحدا أو شيئين أو ثلاثة أشياء أو ما زاد فقد أردت ما هو مغاير له لأن كل مغاير لما دل عليه ظاهر لفظك فليس في لفظه غير ما يقتضي الوحدة و الإفراد و أما ثالثا فلم لا يجوز أن يكون للفظ الدال على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة أصلا بل يدل على المجازين فقط فأما قولك إذا خرجت الحقيقة عن أن يكون لها في ذلك شركة لم يكن الذي تكلمت به دالا على ما تكلمت به و هو محال و مرادك بهذا الكلام المقلوب أنه إذا خرجت اللفظة عن أن يكون لها شركة في الدلالة على الحقيقة التي هي موضوعة لها في الأصل لم يكن ما تكلم به الإنسان دالا على ما تكلم به و هو حقيقة و لا دالا أيضا على ما تكلم به و هو مجاز لأنه إذا لم يدل على الحقيقة و هي الأصل لم يجز أن يدل على المجاز الذي هو الفرع لأن انتفاء الدلالة على الأصل يوجب انتفاء الدلالة على الفرع و هكذا يجب أن يتأول استدلاله و إلا لم يكن له معنى محصل لأن اللفظ هو الدال على مفهوماته و ليس المفهوم دالا على اللفظ و لا له شركة في الدلالة عليه و لا على مفهوم آخر يعترض اللفظ بتقدير انتقال اللفظ اللهم إلا أن يكون دلالة عقلية و كلامنا في الألفاظ و دلالتها

٦٧

فإذا أصلحنا كلامه على ما ينبغي قلنا له في الاعتراض عليه لم قلت إنه إذا خرج اللفظ عن أن يكون له شركة في الدلالة على الحقيقة لم يكن ما تكلم به الإنسان دالا على ما تكلم به و لم لا يجوز أن يكون للحقيقة مجازان قد كثر استعمالهما حتى نسيت تلك الحقيقة فإذا تكلم الإنسان بذلك اللفظ كان دالا به على أحد ذينك المجازين و لا يكون له تعرض ما بتلك الحقيقة فلا يكون الذي تكلم به غير دال على ما تكلم به لأن حقيقة تلك اللفظة قد صارت ملغاة منسية فلا يكون عدم إرادتها موجبا أن يكون اللفظ الذي يتكلم به المتكلم غير دال على ما تكلم به لأنها قد خرجت بترك الاستعمال عن أن تكون هي ما تكلم به المتكلم ثم يقال إنك منعت أن يكون قولنا زيد أسد كناية و قلت لأنه لا يجوز أن يحمل أحد هذا اللفظ على أن زيدا هو السبع ذو الأنياب و المخالب و منعت من قول الفراء إن الجبال في قوله( لِتَزُولَ مِنْهُ اَلْجِبالُ ) كناية عن دعوة محمد ص و شريعته لأن أحدا لا يعتقد و لا يتصور أن مكر البشر يزيل الجبال الحقيقية عن أماكنها و منعت من قول من قال إن قول الشاعر

و لو سكتوا أثنت عليك الحقائب

من باب الكناية لأن أحدا لا يتصور أن الحقائب و هي جمادات تثني و تشكر و قلت لا بد أن يصح حمل لفظ الكناية على محملي الحقيقة و المجاز ثم قلت إن

٦٨

قول عبد الله بن سلام لصاحب الثوب المعصفر لو أنك جعلت ثوبك في تنور أهلك كناية و قول الرضي في امرأة ماتت

إن لم تكن نصلا فغمد نصول

كناية و إن كانت مستقبحة و قول النبي ص يا أنجشة رفقا بالقوارير و هو يحدو بالنساء كناية فهل يجيز عاقل قط أو يتصور في الأذهان أن تكون المرأة غمدا للسيف و هل يحمل أحد قط قوله للحادي رفقا بالقوارير على أنه يمكن أن يكون نهاه عن العنف بالزجاج أو يحمل أحد قط قول ابن سلام على أنه أراد إحراق الثوب بالنار أو يحمل قط أحد قوله الميل في المكحلة على حقيقتها أو يحمل قط أحد قوله لا يحل لك فض الخاتم على حقيقته و هل يشك عاقل قط في أن هذه الألفاظ ليست دائرة بين المحملين دوران اللمس و الجماع و المصافحة و هذه مناقضة ظاهرة و لا جواب عنها إلا بإخراج هذه المواضع من باب الكناية أو بحذف ذلك الشرط الذي اشترطته في حد الكناية فأما ما ذكره حكاية عن غيره في حد الكناية بأنها اللفظ الدال على الشي‏ء بغير الوضع الحقيقي بوصف جامع بين الكناية و المكنى عنه و قوله هذا الحد هو حد التشبيه فلا يجوز أن يكون حد الكناية فلقائل أن يقول إذا قلنا زيد أسد كان ذلك لفظا دالا على غير الوضع الحقيقي و ذلك المدلول هو بعينه الوصف المشترك بين المشبه و المشبه به أ لا ترى أن المدلول هو الشجاعة و هي المشترك بين زيد و الأسد و أصحاب الحد قالوا في حدهم الكناية هي اللفظ الدال على الشي‏ء بغير الوضع الحقيقي باعتبار وصف جامع بينهما فجعلوا المدلول أمرا

٦٩

و الوصف الجامع أمرا آخر باعتباره وقت الدلالة أ لا ترى أن لفظ( لامَسْتُمُ ) يدل على الجماع الذي لم يوضع لفظ( لامَسْتُمُ ) له و إنما يدل عليه باعتبار أمر آخر هو كون الملامسة مقدمة الجماع و مفضية إليه فقد تغاير إذن حد التشبيه و حد الكناية و لم يكن أحدهما هو الآخر فأما قوله إن الكناية قد تكون بالمفردات و التعريض لا يكون بالمفردات فدعوى و ذلك أن اللفظ المفرد لا ينتظم منه فائدة و إنما تفيد الجملة المركبة من مبتدأ و خبر أو من فعل و فاعل و الكناية و التعريض في هذا الباب سواء و أقل ما يمكن أن يقيد في الكناية قولك لامست هندا و كذلك أقل ما يمكن أن يفيد في التعريض أنا عزب كما قد ذكره هو في أمثلة التعريض فإن قال أردت أنه قد يقال اللمس يصلح أن يكنى به عن الجماع و اللمس لفظ مفرد قيل له و قد يقال التعزب يصلح أن يعرض به في طلب النكاح فأما قوله إن بيت نصر بن سيار إذا نظر إليه لمفرده صلح أن يكون كناية و إنما يخرجه عن كونه كناية ضم الأبيات التي بعده إليه و يدخله في باب الاستعارة فلزم عليه أن يخرج قول عمر حولت رحلي عن باب الكناية بما انضم إليه من قوله هلكت

و بما أجابه رسول الله ص من قوله أقبل و أدبر و اتق الدبر و الحيضة و بقرينة الحال و كان يجب إلا تذكر هذه اللفظة في أمثلة الكنايات فأما بيت إمرئ القيس فلا وجه لإسقاطه من باب الكناية و إدخاله في باب

٧٠

التعريض إلا فيما اعتمد عليه من أن من شرط الكناية أن يتجاذبها جانبا حقيقة و مجاز و قد بينا بطلان اشتراط ذلك فبطل ما يتفرع عليه و أما قول بديل بن ورقاء معها العوذ المطافيل فإنه ليس بكناية عن النساء و الأولاد كما زعم بل أراد به الإبل و نتاجها فإن كتب السير كلها متفقة على أن قريشا لم يخرج معها في سنة الحديبية نساؤها و أولادها و لم يحارب رسول الله ص قوما أحضروا معهم نساءهم و أولادهم إلا هوازن يوم حنين و إذا لم يكن لهذا الوجه حقيقة و لا وجود فقد بطل حمل اللفظ عليه فأما ما زرى به على الرضيرحمه‌الله تعالى من قوله

إن لم تكن نصلا فغمد نصول

و قوله هذا مما يسبق الوهم فيه إلى ما يستقبح و استحسانه شعر الفرزدق و قوله إن الرضي أخذه منه فأساء الأخذ فالوهم الذي يسبق إلى بيت الرضي يسبق مثله إلى بيت الفرزدق لأنه قد جعل هذه المرأة جفن السلاح فإن كان الوهم يسبق هناك إلى قبيح فهاهنا أيضا يسبق إلى مثله و أما الآية التي مثل بها على التعريض فإنه قال إن قوله تعالى( ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا ) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه و لم يبين ذلك و إنما قال فحوى الكلام أنهم قالوا له هب إنك واحد من الملإ و موازيهم في المنزلة فما جعلك أحق بالنبوة منهم أ لا ترى إلى قوله( وَ ما نَرى‏ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ ) و هذا الكلام لا يقتضي ما ادعاه أولا من التعريض لأنه ادعى أن قوله( ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا ) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه و ما قرره به يقتضي مساواته لهم و لا يقتضي كونهم أحق بالنبوة منه فبطل دعوى الأحقية التي زعم أن التعريض إنما كان بها

٧١

فأما قوله تعالى( أَنْزَلَ مِنَ اَلسَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ اَلسَّيْلُ زَبَداً ) و قوله إن هذا من باب الكناية و إنه تعالى كنى به عن العلم و الضلال و قلوب البشر فبعيد و الحكيم سبحانه لا يجوز أن يخاطب قوما بلغتهم فيعمي عليهم و أن يصطلح هو نفسه على ألفاظ لا يفهمون المراد بها و إنما يعلمها هو وحده أ لا ترى أنه لا يجوز أن يحمل قوله تعالى( وَ لَقَدْ زَيَّنَّا اَلسَّماءَ اَلدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) على أنه أراد أنا زينا رءوس البشر بالحواس الباطنة و الظاهرة المجعولة فيها و جعلناها بالقوى الفكرية و الخيالية المركبة في الدماغ راجمة و طاردة للشبه المضلة و إن من حمل كلام الحكيم سبحانه على ذلك فقد نسبه إلى الإلغاز و التعمية و ذلك يقدح في حكمته تعالى و المراد بالآية المقدم ذكرها ظاهرها و المتكلف لحملها على غيرها سخيف العقل و يؤكد ذلك قوله تعالى( وَ مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي اَلنَّارِ اِبْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ) أ فترى الحكيم سبحانه يقول إن للذهب و الفضة زبدا مثل الجهل و الضلال و يبين ذلك قوله( كَذلِكَ يَضْرِبُ اَللَّهُ اَلْأَمْثالَ ) فضرب سبحانه الماء الذي يبقى في الأرض فينتفع به الناس و الزبد الذي يعلو فوق الماء فيذهب جفاء مثلا للحق و الباطل كما صرح به سبحانه فقال( كَذلِكَ يَضْرِبُ اَللَّهُ اَلْحَقَّ وَ اَلْباطِلَ ) و لو كانت هذه الآية من باب الكنايات و قد كنى سبحانه بالأودية عن القلوب و بالماء الذي أنزله من السماء عن العلم و بالزبد عن الضلال لما جعل تعالى هذه الألفاظ أمثالا فإن الكناية خارجة عن باب المثل و لهذا لا تقول إن قوله تعالى( أَوْ لامَسْتُمُ اَلنِّساءَ ) من باب المثل و لهذا أفرد هذا الرجل في كتابه بابا آخر غير باب الكناية سماه باب المثل و جعلهما قسمين متغايرين في علم البيان و الأمر في هذا

٧٢

الموضع واضح و لكن هذا الرجل كان يحب هذه الترهات و يذهب وقته فيها و قد استقصينا في مناقضته و الرد عليه في كتابنا الذي أشرنا إليه فأما قوله ع كلما نجم منهم قرن قطع فاستعارة حسنة يريد كلما ظهر منهم قوم استؤصلوا فعبر عن ذلك بلفظة قرن كما يقطع قرن الشاة إذا نجم و قد صح إخباره ع عنهم أنهم لم يهلكوا بأجمعهم في وقعة النهروان و أنها دعوة سيدعو إليها قوم لم يخلقوا بعد و هكذا وقع و صح إخباره ع أيضا أنه سيكون آخرهم لصوصا سلابين فإن دعوة الخوارج اضمحلت و رجالها فنيت حتى أفضى الأمر إلى أن صار خلفهم قطاع طريق متظاهرين بالفسوق و الفساد في الأرض

مقتل الوليد بن طريف الخارجي و رثاء أخته له

فممن انتهى أمره منهم إلى ذلك الوليد بن طريف الشيباني في أيام الرشيد بن المهدي فأشخص إليه يزيد بن مزيد الشيباني فقتله و حمل رأسه إلى الرشيد و قالت أخته ترثيه و تذكر أنه كان من أهل التقى و الدين على قاعدة شعراء الخوارج و لم يكن الوليد كما زعمت

أيا شجر الخابور ما لك مورقا

كأنك لم تجزع على ابن طريف

فتى لا يحب الزاد إلا من التقى

و لا المال إلا من قنا و سيوف

٧٣

و لا الذخر إلا كل جرداء شطبة

و كل رقيق الشفرتين خفيف

فقدناك فقدان الربيع و ليتنا

فديناك من ساداتنا بألوف

و قال مسلم بن الوليد يمدح يزيد بن مزيد و يذكر قتله الوليد

و المارق ابن طريف قد دلفت له

بعارض للمنايا مسبل هطل

لو أن شيئا بكى مما أطاف به

فاز الوليد بقدح الناضل الخصل

ما كان جمعهم لما لقيتهم

إلا كرجل جراد ريع منجفل

فاسلم يزيد فما في الملك من أود

إذا سلمت و لا في الدين من خلل

خروج ابن عمرو الخثعمي و أمره مع محمد بن يوسف الطائي

ثم خرج في أيام المتوكل ابن عمرو الخثعمي بالجزيرة فقطع الطريق و أخاف السبيل و تسمى بالخلافة فحاربه أبو سعيد محمد بن يوسف الطائي الثغري الصامتي فقتل كثيرا من أصحابه و أسر كثيرا منهم و نجا بنفسه هاربا فمدحه أبو عبادة البحتري و ذكر ذلك فقال

كنا نكفر من أمية عصبة

طلبوا الخلافة فجرة و فسوقا

و نلوم طلحة و الزبير كليهما

و نعنف الصديق و الفاروقا

و نقول تيم أقربت و عديها

أمرا بعيدا حيث كان سحيقا

و هم قريش الأبطحون إذا انتموا

طابوا أصولا في العلا و عروقا

٧٤

حتى غدت جشم بن بكر تبتغي

إرث النبي و تدعيه حقوقا

جاءوا براعيهم ليتخذوا به

عمدا إلى قطع الطريق طريقا

عقدوا عمامته برأس قناته

و رأوه برا فاستحال عقوقا

و أقام ينفذ في الجزيرة حكمه

و يظن وعد الكاذبين صدوقا

حتى إذا ما الحية الذكر انكفى

من أرزن حربا يمج حريقا

غضبان يلقى الشمس منه بهامة

يعشى العيون تألقا و بروقا

أوفى عليه فظل من دهش

يظن البر بحرا و الفضاء مضيقا

غدرت أمانيه به و تمزقت

عنه غيابة سكره تمزيقا

طلعت جيادك من ربا الجودي قد

حملن من دفع المنون وسوقا

فدعا فريقا من سيوفك حتفهم

و شددت في عقد الحديد فريقا

و مضى ابن عمرو قد أساء بعمره

ظنا ينزق مهره تنزيقا

فاجتاز دجلة خائضا و كأنها

قعب على باب الكحيل أريقا

لو خاضها عمليق أو عوج إذا

ما جوزت عوجا و لا عمليقا

لو لا اضطراب الخوف في أحشائه

رسب العباب به فمات غريقا

لو نفسته الخيل لفتة ناظر

ملأ البلاد زلازلا و فتوقا

لثنى صدور الخيل تكشف كربة

و لوى رماح الخط تفرج ضيقا

و لبكرت بكر و راحت تغلب

في نصر دعوته إليه طروقا

حتى يعود الذئب ليثا ضيغما

و الغصن ساقا و القرارة نيقا

٧٥

هيهات مارس فليقا متيقظا

قلقا إذا سكن البليد رشيقا

مستسلفا جعل الغبوق صبوحه

و مرى صبوح غد فكان غبوقا

و هذه القصيدة من ناصع شعر البحتري و مختاره

ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج

و قد خرج بعد هذين جماعة من الخوارج بأعمال كرمان و جماعة أخرى من أهل عمان لا نباهة لهم و قد ذكرهم أبو إسحاق الصابي في الكتاب التاجي و كلهم بمعزل عن طرائق سلفهم و إنما وكدهم و قصدهم إخافة السبيل و الفساد في الأرض و اكتساب الأموال من غير حلها و لا حاجة لنا إلى الإطالة بذكرهم و من المشهورين برأي الخوارج الذين تم بهم صدق قول أمير المؤمنين ع إنهم نطف في أصلاب الرجال و قرارات النساء عكرمة مولى ابن عباس و مالك بن أنس الأصبحي الفقيه يروى عنه أنه كان يذكر عليا ع و عثمان و طلحة و الزبير فيقول و الله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر و منهم المنذر بن الجارود العبدي و منهم يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج و روي أن الحجاج أتي بامرأة من الخوارج و بحضرته مولاه يزيد بن أبي مسلم و كان يستسر برأي الخوارج فكلم الحجاج المرأة فأعرضت عنه فقال لها يزيد الأمير ويلك يكلمك فقالت بل الويل لك أيها الفاسق الردي‏ء و الردي‏ء عند الخوارج هو الذي يعلم الحق من قولهم و يكتمه و منهم صالح بن عبد الرحمن صاحب ديوان العراق و ممن ينسب إلى هذا الرأي من السلف جابر بن زيد و عمرو بن دينار و مجاهد و ممن ينسب إليه بعد هذه الطبقة أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي يقال إنه كان يرى رأي الصفرية

٧٦

و منهم اليمان بن رباب و كان على رأي البيهسية و عبد الله بن يزيد و محمد بن حرب و يحيى بن كامل و هؤلاء إباضية و قد نسب إلى هذا المذهب أيضا من قبل أبو هارون العبدي و أبو الشعثاء و إسماعيل بن سميع و هبيرة بن بريم و زعم ابن قتيبة أن ابن هبيرة كان من غلاة الشيعة و نسب أبو العباس محمد بن يزيد المبرد إلى رأي الخوارج لإطنابه في كتاب المعروف ب الكامل في ذكرهم و ظهور الميل منه إليهم

٧٧

٦٠ و قال ع في الخوارج

لاَ تُقَاتِلُوا [ تَقْتُلُوا ] اَلْخَوَارِجَ بَعْدِي فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ اَلْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ [ فَأُعْطِيَ ] كَمَنْ طَلَبَ اَلْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ قال الرضيرحمه‌الله يعني معاوية و أصحابه مراده أن الخوارج ضلوا بشبهة دخلت عليهم و كانوا يطلبون الحق و لهم في الجملة تمسك بالدين و محاماة عن عقيدة اعتقدوها و إن أخطئوا فيها و أما معاوية فلم يكن يطلب الحق و إنما كان ذا باطل لا يحامي عن اعتقاد قد بناه على شبهة و أحواله كانت تدل على ذلك فإنه لم يكن من أرباب الدين و لا ظهر عنه نسك و لا صلاح حال و كان مترفا يذهب مال الفي‏ء في مآربه و تمهيد ملكه و يصانع به عن سلطانه و كانت أحواله كلها مؤذنة بانسلاخه عن العدالة و إصراره على الباطل و إذا كان كذلك لم يجز أن ينصر المسلمون سلطانه و تحارب الخوارج عليه و إن كانوا أهل ضلال لأنهم أحسن حالا منه فإنهم كانوا ينهون عن المنكر و يرون الخروج على أئمة الجور واجبا و عند أصحابنا أن الخروج على أئمة الجور واجب و عند أصحابنا أيضا أن الفاسق المتغلب

٧٨

بغير شبهة يعتمد عليها لا يجوز أن ينصر على من يخرج عليه ممن ينتمي إلى الدين و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر بل يجب أن ينصر الخارجون عليه و إن كانوا ضالين في عقيدة اعتقدوها بشبهة دينية دخلت عليهم لأنهم أعدل منه و أقرب إلى الحق و لا ريب في تلزم الخوارج بالدين كما لا ريب في أن معاوية لم يظهر عنه مثل ذلك

٧٩

عود إلى أخبار الخوارج و ذكر رجالهم و حروبهم

ذكر أبو العباس المبرد في الكتاب الكامل أن عروة بن أدية أحد بني ربيعة بن حنظلة و يقال إنه أول من حكم حضر حرب النهروان و نجا فيها فيمن نجا فلم يزل باقيا مدة من خلافة معاوية ثم أخذ فأتي به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا فقال له فما تقول في عثمان و في أبي تراب فتولي عثمان ست سنين من خلافته ثم شهد عليه بالكفر و فعل في أمر علي ع مثل ذلك إلى أن حكم ثم شهد عليه بالكفر ثم سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا ثم سأله عن نفسه فقال أولك لريبة و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص ربك فأمر فضربت عنقه ثم دعا مولاه فقال صف لي أموره فقال أ أطنب أم أختصر قال بل اختصر قال ما أتيته بطعام في نهار قط و لا فرشت له فراشا في ليل قط قال و حدثت أن واصل بن عطاء أبا حذيفة أقبل في رفقة فأحسوا بالخوارج فقال واصل لأهل الرفقة إن هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا و دعوني و إياهم و قد كانوا قد أشرفوا على العطب فقالوا شأنك فخرج إليهم فقالوا ما أنت و أصحابك فقال قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله و يفهموا حدوده فقالوا قد أجرناكم قال فعلمونا فجعلوا يعلمونهم أحكامهم و واصل يقول قد قبلت أنا و من معي قالوا فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا فقال ليس ذاك إليكم قال الله و عز و جل( وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ )

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٦٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن غالب عن عثمان بن محمد عن عمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله جل ثناء:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) قال: خضراوتان في الدنيا يأكل المؤمنون منها حتى تفرغ من الحساب.

٦٥ ـ في مجمع البيان( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: جنتان من فضة أبنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب أبنيتهما وما فيهما.

٦٦ ـ وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا تقولن: الجنة واحدة، إنّ الله يقول:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) ولا تقولنّ درجة واحدة إنّ الله يقول: «درجات بعضها فوق بعضا» انما تفاضل القوم بالأعمال.

٦٧ ـ وعن العلا بن سيابة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت له: إنّ الناس يتعجبون منا إذا قلنا: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة فيقولون لنا: فيكونون مع أولياء الله في الجنة؟ فقال: يا عليُّ إنّ الله يقول:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) ما يكونون مع أولياء الله.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله:( مُدْهامَّتانِ ) قال: يتصل ما بين مكة والمدينة نخلا، وقوله:( فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ ) قال: تفوران.

قال مؤلف هذا الكتاب: قد سبق فيما نقلنا عن كتاب سعد السعود بيان لقولهعزوجل : «نضاختان».

قال عز من قائل:( فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) .

٦٩ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن أحمد ابن سليمان عن أحمد بن يحيى الطحان عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خمس من فواكه الجنة في الدنيا: الرمان الأمليسي والتفاح الشيسقان والسفرجل والعنب الرازقي والرطب المشان.(١)

__________________

(١) رمان أمليس وأمليسي: حلو طيب لا عجم له كأنه منسوب إليه وفي امالي الشيخ (ره) التفاح الشعشعاني يعنى الشامي، والمشان: نوع من الرطب إلى السواد دقيق وهو أعجمى.

٢٠١

٧٠ ـ وباسناده إلى أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: اربعة نزلت من الجنة: العنب الرازقي والرطب المشان والرمان الامليسى والتفاح الشيسقان.

٧١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الفاكهة مأة وعشرون لونا سيدها الرمان.

٧٢ ـ وباسناده إلى عمر بن أبان الكلبي قال: سمعت أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام يقولان: ما على وجه الأرض ثمرة كانت أحب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الرمان، وكان والله إذا أكله لا يشركه فيها أحد.

٧٣ ـ وباسناده إلى حماد بن عثمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من شيء أشارك فيه أبغض إليّ من الرمان، وما من رمانة إلّا وفيها حبة من الجنة، فاذا أكلها الكافر بعث اللهعزوجل إليه ملكا فانتزعها منه.

٧٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ ) قال: جوار نابتات على شط الكوثر، كلّما أخذت منها نبتت مكانها اخرى.

٧٥ ـ في مجمع البيان:( خَيْراتٌ حِسانٌ ) أي نساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه، رواته أم سلمة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

٧٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال الصادقعليه‌السلام : الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، وهن أجمل من الحور العين.

٧٧ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ ) قال: هن صوالح المؤمنات العارفات.

٧٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن بريد النوفلي عن الحسين بن أعين أخو مالك بن أعين قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الرجل للرجل: جزاك الله خيرا ما يعنى به؟ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الأوصياء وشيعتهم، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات، كلمات قلعت واحدة نبتت اخرى، سمى

٢٠٢

بذلك النهر وذلك قوله:( فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ ) فاذا قال الرجل لصاحبه: جزاك الله خيرا، فانما يعنى بذلك تلك المنازل التي أعد اللهعزوجل لصفوته وخيرته من خلقه أقول: ويتصل بآخر ما نقلنا من الحديث الاول من الروضة أعنى قوله: العارفات قال: قلت:( حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ) قال: الحور هي البيض المضمومات(١) المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان، لكل خيمة أربعة أبواب، على كل باب سبعون(٢) كاعبا حجابا لهن ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره ؛ يبشر اللهعزوجل بهن المؤمنين.

٧٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ) يقصر الطرف عنها.

٨٠ ـ في مجمع البيان وعن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مررت ليلة أسرى بى بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت عنه: السلام عليك يا رسول الله فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء جوار من الحور العين استأذن ربهنّ أنْ يسلّمن عليك فأذن لهنّ فقلن: نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نيأس أزواج رجال الكرام، ثمّ قرءصلى‌الله‌عليه‌وآله ( حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ) .

٨١ ـ وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الخيمة درة واحدة طولها في السماء ستون ميلا.

٨٢ ـ في جوامع الجامع وفي حديث الخيمة درة واحدة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراه الآخرون.

٨٣ ـ وقرئ في الشواذ: «رفارف خضر وعباقرى» كمدائني. وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وان شذ في القياس ترك صرف عباقرى فلا يستنكر مع استمراره في الاستعمال.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد

__________________

(١) قال المجلسي (ره): المضمومات أي اللاتي ضمن إلى خدورهن لا يفارقنه

(٢) الكاعب: الجارية حين تبدو ثديها للنبور أي الارتفاع عن الصدر.

٢٠٣

الله عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) فقال: نحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا ومحبتنا.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء في كل ليلة جمعة «الواقعة» أحبه الله وحببه إلى الناس أجمعين ؛ ولم ير في الدنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا وكان من رفقاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذه السورة لأمير المؤمنين خاصة لم يشركه فيها أحد.

٢ ـ وباسناده عن الصادقعليه‌السلام قال: من اشتاق إلى الجنة والى صفتها فليقرأ الواقعة ومن أحب أنْ ينظر إلى صفة النار فليقرأ سجدة لقمان.

٣ ـ وباسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرء الواقعة كل ليلة قبل أنْ ينام لقى اللهعزوجل ووجهه كالقمر ليلة البدر.

٤ ـ في مجمع البيان: أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قرأ سورة الواقعة كتب ليس من الغافلين.

٥ ـ وفيه عن عبد الله بن مسعود قال: إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من قرء سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا.

٦ ـ في كتاب الخصال عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ قال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون.

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن أحمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن بنت الياس عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ عليّ بن الحسينعليهما‌السلام لـمّا حضرته الوفاة أغمى عليه، ثم فتح عينيه وقرأ :

٢٠٤

( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) «و( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) وقال:( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ) ، ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

٨ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة باسناده إلى علي بن النعمان عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك إنّ بى ثآليل كثيرة(١) وقد اغتممت بأمرها، فأسألك أنْ تعلمني شيئا أنتفع به، قال: خذ لكل ثالول سبع شعيرات، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) إلى قوله:( فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا ) وقوله اللهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) ثمّ تأخذ الشعير شعيرة شعيرة، فامسح بها على كل ثالول، ثمّ صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال: ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فاذا هي مثل راحتي، وينبغي أنْ يفعل ذلك في محاق الشهر.

٩ ـ في مصباح الكفعمي عن عليٍّعليه‌السلام يقرأ من به الثالول فليقرأ عليها هذه الآيات سبعا في نقصان الشهر( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ * وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا ) .

١٠ ـ في كتاب الخصال عن الزهري قال: سمعت عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، والله ما الدنيا والاخرة إلّا ككفتي ميزان فأيّهما رجّح ذهب الاخر، ثمّ تلا قولهعزوجل :( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) يعنى القيامة( لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ ) خفضت والله بأعداء الله في النار رافعة رفعت والله أولياء الله إلى الجنة.

١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ ) قال: القيامة هي حق، وقوله: «خافضة» قال: بأعداء الله «رافعة» لأولياء الله

__________________

(١) ثآليل جمع الثؤلول: خراج يكون بجسد الإنسان ناتئ صلب مستدير.

٢٠٥

( إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ) قال: يدق بعضها على بعض( ، وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ) قال: قلعت الجبال قلعا( فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا ) قال: الهباء الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس.

وقوله:( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً ) قال: يوم القيامة( فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ) [وهم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب](١) ( وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) الذين سبقوا إلى الجنة بلا حساب

١٢ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجعفي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا جابر إنّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف، وهو قولهعزوجل :( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) فالسابقون هم رسل اللهعليه‌السلام ، وخاصة الله من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء، وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا اللهعزوجل ، وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وأيدهم بروح الشهوة فيه اشتهوا طاعة اللهعزوجل وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا(٢) على طاعة الله، وجعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون.

١٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين أنّ ناسا زعموا أنّ العبد لا يزني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، ولا يأكل الربا وهو مؤمن، ولا يسفك الدم الحرام و

__________________

(١) بين العلامتين غير موجود في المصدر.

(٢) وفي نسخة «قووا» مكان «قدروا».

٢٠٦

هو مؤمن، فقد ثقل عليَّ هذا وحرج منه صدري حين أزعم، أنّ هذا العبد يصلّي صلاتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه، وقد خرج من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : صدقت، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: والدليل عليه كتاب الله: خلق اللهعزوجل الناس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل، فذلك قول اللهعزوجل في الكتاب ؛( فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فامّا ما ذكر من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وبها علموا الأشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دبوا ودرجوا(١) فهؤلاء مغفور لهم، مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال: قال اللهعزوجل :( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) ثم قال في جماعتهم: «وأيدناه بروح منه» يقول: أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل الله فيهم اربعة أرواح روح الايمان وروح القوة، وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الاربعة حتى يأتى عليه حالات فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال: أما أولهن فهو كما قال اللهعزوجل :( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) فهذا ينتقض منه جميع الأرواح، وليس بالذي يخرج من دين الله لان الفاعل به رده إلى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلوة وقتا، ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار، ولا القيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان روح الايمان وليس يضره شيئا، وفيهم من ينتقض منه روح القوة، فلا يستطيع جهاد عدوه، ولا يستطيع طلب المعيشة، ومنهم من ينتقض منه روح الشهوة، فلو مرت به أصبح

__________________

(١) دب: مشى مشيا صعيفا ويقال للصبي إذا دب وأخذ في الحركة: درج.

٢٠٧

بنات آدم لم يحن إليها(١) ولم يقم، وتبقى روح البدن فبه يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت، فهذا بحال خير، لان اللهعزوجل هو الفاعل به، وقد تأتى عليه حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوة، ويقوده روح البدن، حتى يوقعه في الخطيئة، فاذا لا مسها نقص من الايمان، وتفصى منه. فليس يعود فيه حتى يتوب ؛ فاذا تاب تاب الله عليه ؛ وان عاد ادخله الله نار جهنم، فأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى، يقول اللهعزوجل :( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم( وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ) انك الرسول إليهم فلا تكونن من الممترين، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الايمان، واسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة، وروح الشهوة ؛ وروح البدن، ثم أضافهم إلى الانعام، فقال:( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ ) لان الدابة انما تحمل بروح القوة: وتعتلف بروح الشهوة، وتسير بروح البدن، فقال السائل: أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين.

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان الكلبي عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة بن اليمان أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل إلى بلال فأمره أنْ ينادى بالصلوة قبل وقت كل يوم في شهر رجب لثلاثة عشر خلت منه، قال: فلما نادى بلال بالصلوة فزع الناس من ذلك فزعا شديدا وذعروا(٢) وقالوا: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرنا لم يغب عنا ولم يمت فاجتمعوا وحشدوا(٣) فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشى حتى انتهى إلى باب من أبواب المسجد فأخذ بعضادته

__________________

(١) حن اليه: اشتاق.

(٢) ذعر: خاف.

(٣) حشد القوم: دعوا فأجابوا مسرعين.

٢٠٨

وفي المسجد مكان يسمى السدة، فسلم ثم قال: هل تسمعون يا أهل السدة؟ فقالوا: سمعنا وأطعنا فقال: هل تبلغون؟ قالوا: ضمنا ذلك لك يا رسول الله، فقال: رسول الله يخبركم أنّ الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما وذلك قوله: «أصحاب اليمين وأصحاب الشمال» فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير [من] أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني من خيرهما أثلاثا، وذلك قوله:( فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فأنا من السابقين وانا خير السابقين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن الحسن القمّي عن إدريس بن عبد الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن تفسير هذه الاية:( ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) قال: عنى بها لم نك من اتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة مصلى(١) فذلك الذي عنى حديث قال:( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) لم نك من اتباع السابقين.

١٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: إنّ الايمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه، قال: إنّ الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم فضلهم على درجات في السبق اليه، فجعل كل امرء منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه، ولا يتقدم مسبوق سابقا ومفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الامة وأواخرها، ولو لم يكن للسابق إلى الايمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الامة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الايمان الفضل على من أبطأ عنه ؛ ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين، وبالإبطاء عن الايمان أخر الله المقصرين، لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلوة وصوما

__________________

(١) الحلبة: الخيل تجمع للسباق.

٢٠٩

وحجا وزكوة وجهادا وإنفاقا، ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين، ولكن أبى اللهعزوجل أنْ يدرك آخر درجات الايمان أولها، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله، قلت: أخبرني عما ندب اللهعزوجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الايمان، فقال: قول اللهعزوجل :( سابِقُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ) وقال:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧ ـ في مجمع البيان( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) وقد قيل في السابقين إلى قوله: وقيل: الصلوات الخمس عن عليٍّعليه‌السلام .

١٨ ـ وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: السابقون اربعة: ابن آدم المقتول، وسابق امة موسى وهو مؤمن آل فرعون، وسابق امة عيسى وهو حبيب، والسابق في امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام .

١٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال أبي لأناس من الشيعة: أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون، والسابقون في الدنيا والسابقون في الاخرة إلى الجنة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٠ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى ابن عباس قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول اللهعزوجل :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) فقال: قال لي جبرئيلعليه‌السلام : ذلك عليٌّ وشيعته هم السابقون إلى الجنة، المقربون من الله بكرامته لهم.

٢١ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال الله:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) وقالعليه‌السلام : ما أحد أحيى ذكرنا وأحاديث أبيعليه‌السلام إلّا زرارة وأبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط

٢١٠

هذا، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الاخرة، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال أبي لا ناس من الشيعة: أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الآخرون إلينا ؛ السابقون في الدنيا إلى ولايتنا، والسابقون في الاخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وبضمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٢ ـ قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: اين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ثم ينادى: أين حواري عليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد بن عبد الله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بنى أسد، وأويس القرني قال: ثم ينادى المنادي: أين حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فيقوم سفيان بن ليلى الهمداني وحذيفة بن أسد الغفاري(١) قال: ثم ينادى أين حواري الحسين بن على؟ فيقوم من استشهد معه ولم يتخلف عليه قال: ثم ينادى أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب، ثم ينادى: اين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، وعبد الله بن أبي يعفور، وعامر بن عبد الله بن جذاعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين، ثم ينادى ساير الشيعة مع ساير الائمةعليهم‌السلام يوم القيامة فهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين.

٢٣ ـ في عيون الأخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده عن عليٍّعليه‌السلام قال:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) في نزلت.

٢٤ ـ في كتاب الخصال عن رجل من همدان عن أبيه قال: قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : السباق خمسة، فانا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وصهيب سابق

__________________

(١) وفي بعض النسخ «أسيد» بدل «أسد».

٢١١

الروم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النبط.

٢٥ ـ في كتاب إكمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : ونحن السابقون السابقون ونحن الآخرون.

٢٦ ـ وباسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: فأنشدكم بالله أتعلمون حيث نزلت:( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) و( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) سئل عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله، وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟ قالوا: أللّهم نعم.

٢٧ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال الصادقعليه‌السلام : ثلة من الأولين: ابن آدم المقتول ومؤمن آل فرعون وصاحب ياسين وقليل من الآخرين علي بن أبي طالب.

٢٨ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن علي بن عيسى رفعه قال: إنّ موسىعليه‌السلام ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: أوصيك يا موسى وصية الشفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم صاحب الأتان والبرنس والزيت والزيتون والمحراب(١) ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطيب الطاهر المطهر اسمه أحمد محمد الأمين من الباقين من ثلة الأولين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ في مجمع: البيان( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ) اختلف في هذه الولدان فقيل: انهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا

__________________

(١) الأتان: الحمارة. والبرنس: قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام. قال المجلسي (ره): والمراد بالزيتون والزيت: التمرة المعروفة ودهنها لأنه (عليه السلام)كان يأكلها، أو نزلتا له في المائدة من السماء، أو المراد بالزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام كما ذكره الفيروزآبادي، أي أعطاه الله بلاد الشام. وبالزيت الدهن الذي روى انه كان في بني إسرائيل وكان غليانها من علامات النبوة، والمحراب لزومه كثرة العبادة فيه.

٢١٢

عليها، فأنزلوا هذه المنزلة عن عليٍّعليه‌السلام .

وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه سئل عن أطفال المشركين؟ فقال: هم خدم أهل الجنة.

٣٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن سيد الإدام في الدنيا والاخرة، فقال: اللحم أما سمعت قول اللهعزوجل :( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) .

٣١ ـ علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله العلوي عن أبيه عن جده عن عليٍّ صلوات الله عليه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللحم سيد الطعام في الدنيا والاخرة.

٣٢ ـ وعنه عن علي بن الريان رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد ادام الجنة اللحم.

٣٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً ) قال: الفحش والكذب والغناء، وقوله:( وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ) قال: عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وأصحابه شيعته.

٣٤ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري ومحمد بن يحيى عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان، إنّ اللهعزوجل قبل أنْ يخلق الخلق قال: كن ماءا عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي، وكن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي، ثمّ أمرهما فامتزجا فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر، والكافر المؤمن، ثمّ أخذنا طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا(١) فاذا هم كالذر يدبون فقال لأصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب النار: إلى النار ولا أبالي، ثم أمر نارا فأسعرت فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها(٢)

__________________

(١) أديم الأرض: ظاهرة وكذا أديم السماء. والعرك: الدلك.

(٢) هابه: خانه.

٢١٣

وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فقال:( كُونِي بَرْداً وَسَلاماً ) فكانت بردا وسلاما فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا، فقال: قد أقلتكم فادخلوها فذهبوا فهابوها فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أنْ يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء من هؤلاء(١) .

٣٥ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة أنّ رجلا سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) الآية فقال وأبوه يسمععليهما‌السلام حدّثني أبي أنّ اللهعزوجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدمعليه‌السلام ، فصب عليها العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الأجاج(٢) فتركها أربعين صباحا فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا، فخرجوا كالذر من يمينه وشماله، وأمرهم جميعا أنْ يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما وأبى أصحاب الشمال أنْ يدخلوها.

٣٦ ـ علي بن محمد عن ابن أبي حمّاد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل لـمّا أراد أنْ يخلق آدمعليه‌السلام بعث جبرئيل في أوّل ساعة من يوم الجمعة، فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة إلى سماء الدنيا، وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة اخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر جل وعز كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه والقبضة الاخرى بشماله ففلق الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا(٣) ومن السماء ذروا. فقال للذي بيمينه: منك الرسل و

__________________

(١) وللمحدث المولى محمد باقر المجلسي (قده) في كتابه مرآة العقول بيان لهذا الحديث ونقل في ذيل أصول الكافي ج ٢ صفحة ٧ فراجع ان شئت.

(٢) أي المالح المر.

(٣) الفلق: التفريق. والذرو: الاذهاب والتفرق.

٢١٤

الأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامتهم، فوجب لهم ما قال كما قال، وقال للذي بشماله: منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته، فوجب لهم ما قال كما قال، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن سيف عن أبيه عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفّه ثمّ قال: أتدرون أيها الناس ما في كفّي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم رفع يده الشمال فقال: ايها الناس أتدرون ما في كفّي؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، فقال: أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة ؛ ثمّ قال: حكم الله وعدل، حكم الله وعدل،( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) .

٣٨ ـ في تفسير العياشي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه أنّ أصحاب اليمين هم الذين قبضهم الله من كتف آدم الأيمن، وذرأهم من صلبه، وأصحاب الشمال هم الذين قبضهم الله من كتف آدم الأيسر وذرأهم في صلبه، وقد ذكرناه في سورة آل عمران عند قولهعزوجل :( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ ) الاية.(١)

٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن أذينة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنّا عنده فذكرنا رجلا من أصحابنا فقلنا فيه حدّة فقال: من علامة المؤمن أنْ يكون فيه حدّة، قال: فقلنا إنّ عامة أصحابنا فيهم حدّة فقال: إنّ الله تبارك وتعالى في وقت ما ذرأهم أمر أصحاب اليمين وأنتم هم أنْ يدخلوا النار فدخلوها فأصابهم وهج(٢) فالحدّة من ذلك الوهج، وأمر أصحاب الشمال ـ وهم مخالفوهم ـ أنْ يدخلوا النار فلم يفعلوا، فمن ثمّ لهم سمت(٣) ولهم وقار.

٤٠ ـ وباسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في حديث طويل:

__________________

(١) راجع المجلد الاول صفحة ٣٠٠.

(٢) الوهج: حر النار.

(٣) السمت تستعمل لهيئة أهل الخير.

٢١٥

مهما رأيت من نزق أصحابك وخرقهم(١) فهو مما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال(٢) وما رأيت من حسن شيم من خالفهم ووقار فيهم فهو من لطخ أصحاب اليمين.

٤١ ـ وباسناده إلى أبي إسحق الليثي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه من خلق الله طينة الشيعة وطينة الناصب وان الله مزج بينهما إلى قوله: فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلوة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلوة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته، اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم.

٤٢ ـ وباسناده إلى محمد بن أبي عمير قال: قلت لأبي الحسن موسىعليه‌السلام : أخبرني عن تختم أمير المؤمنينعليه‌السلام بيمينه لأي شيء كان؟ فقال: انما كان يتختم بيمينه لأنه امام أصحاب اليمين بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مدح اللهعزوجل أصحاب اليمين وذم أصحاب الشمال، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ) قال: شجر لا يكون له ورق ولا شوك فيه، وقرأ أبو عبد اللهعليه‌السلام : وطلع منضود قال: بعضه إلى بعض.

٤٤ ـ في مجمع البيان وروت العامة عن عليٍّعليه‌السلام انه قرأ رجل عنده( وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ) فقال: ما شأن الطلح؟ انما هو وطلح كقوله:( وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ ) فقيل له: ألآ تغيره؟ فقال: إنّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحرك. رواه عنه ابنه الحسنعليهما‌السلام وقيس بن سعد.

٤٥ ـ ورواه أصحابنا عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ) قال: لا.

__________________

(١) النزق: العجلة في جهل، والخرق: الحمق.

(٢) اللطخ: القطعة القليلة من كل شيء.

٢١٦

٤٦ ـ وورد في الخبر: أنّ في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مأة سنة لا يقطعها، إقْرَؤا إنْ شئتم وظل ممدود. وروى أيضا أنّ أوقات الجنة كغدوات الصيف لا يكون فيها حر ولا برد.

٤٧ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن ابن محبوب عن محمد بن إسحق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونقل حديثا طويلا يقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله حاكيا حال أهل الجنة: ويزور بعضهم بعضا. ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود، في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وأطيب من ذلك.

٤٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار عليٍّ وما في الجنة قصر ولا منزل إلّا ومنها فتر فيها(١) أعلاها أسفاط حلل من سندس وإستبرق، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط، في كل سفط مأة حلة، ما فيها حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة، وهو ثياب أهل الجنة ؛ ووسطها ظل ممدود ؛ عرض الجنة( كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ) ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مأتى عام فلا يقطعه، وذلك قوله:( وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ) وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مأة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا ومما لم تروه، وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها وكلما يجتنى منها شيء نبتت مكانها اخرى، لا مقطوعة ولا ممنوعة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سئل: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا يقول فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاكيا حال أهل الجنة: والثمار دانية منهم وهو قولهعزوجل :( وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً ) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه، وهو متكئ وان الأنواع من الفاكهة ليقلن لوليّ الله: يا ولي الله كلني قبل أنْ تأكل هذا قبلي.

__________________

(١) مر الحديث بمعناه في ج ٢ صفحة ٥٠٢ فراجع.

٢١٧

٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فمن أين قالوا: إنّ أهل الجنة يأتى الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فاذا أكلها عادت كهيئتها؟ قال: نعم ذلك على قياس السراج يأتى القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شيئا وقد امتلئت منه الدنيا سراجا.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ ) الآية فانه حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سأل عليٌّعليه‌السلام رسول الله عن تفسيره هذه الآية فقال: لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال: يا عليُّ تلك الغرف بنى الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محكوكة بالفضة(١) لكل غرفة منها ألف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به، وفيها فرش مرفوعة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وفي روضة الكافي مثله سواء.

٥٢ ـ في مجمع البيان: وفرش مرفوعة أي بسط عالية إلى قوله: وقيل: معناه نساء مرتفعات القدر في عقولهن وحسنهن وكمالهن عن الجبائي قال: ولذلك عقبه بقوله: انا انشأناهن انشاء ويقال لامرأة الرجل: هي فراشه ومنه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر.

٥٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) قال: الحور العين في الجنة( فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً ) قال: لا يتكلمون إلّا بالعربية وقوله: اترابا يعنى مستويات الأسنان لأصحاب اليمين أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك يا ابن رسول الله شوقني فقال: يا أبا محمّد إنّ في الجنة نهرا في حافتيه جوار نابتات إذا أمر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله مكانها أخرى. قلت: جعلت فداك زدني قال: المؤمن يزوج ثمانمائة عذراء وأربعة آلاف ثيب وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك ثمانمأة عذراء؟ قال: نعم ما يفترش منهن

__________________

(١) أي منقوشة بها.

٢١٨

شيئا إلّا وجدها كذلك، قلت: جعلت فداك من أي شيء خلقن الحور العين؟ قال: من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مرآته وكبده مرآتها، قلت: جعلت فداك لهنّ كلام يتكلمنّ به أهل الجنة؟ قال: نعم كلام يتكلمنّ به لم يسمع الخلايق أعذب منه، قلت: ما هو؟ قال: يقلن بأصوات رحيمة: نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نبؤس ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، وطوبى لمن خلقنا له، ونحن اللواتي لو أنْ قرن(١) إحدانا علّق في جو السماء لا غشي نوره الأبصار ؛ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في مجمع البيان عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه فضل الغزاة وفيه: ويجعل الله روحه في حواصل طير(٢) خضر تسرح في الجنة حيث تشاء تأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش، ويعطى الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس، سلوك كل غرفة ما بين صنعاء والشام يملأ نورها ما بين الخافقين، في كل غرفة سبعون بابا على كل باب سبعون مصراعا من ذهب، على كل باب سبعون نبلة(٣) في كل غرفة سبعون خيمة في كل خيمة سبعون سريرا من ذهب، قوائمها الدر والزبرجد ؛ موصولة بقضبان الزمرد على كل سرير أربعون فراشا، غلظ كل فراش أربعون ذراعا، على كل فراش زوجة من الحور العين عربا أترابا، فقال: أخبرنى يا أمير المؤمنين عن عروبة، قال: هي الغنجة الرضية الشهية لها سبعون ألف وصيف وسبعون الف وصيفة، ضعف الحلي(٤) بيض الوجوه، عليهن تيجان اللؤلؤ، على رقابهن المناديل بأيديهم

__________________

(١) القرن: الخصلة من الشعر.

(٢) حواصل جمع الحوصلة وهو من الطائر بمنزلة المعدة للإنسان.

(٣) كذا في النسخ ولا تخلوا عن التصحيف والتحريف ولم اظفر على الحديث في مظانه في كتاب مجمع البيان ولا الموسوعات الكبيرة الناقلة كالبحار والوسائل.

(٤) كذا.

٢١٩

الاكوبة والأباريق.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء؟ قال: خلقت من الطيب، لا تعتريها عاهة، ولا يخالط جسمها آفة، ولا يجرى في ثقبها شيء ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الاحليل مجرى.

٥٦ ـ في جوامع الجامع( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لام سلمة: هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطاء رمصاء(١) جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء، كلّما أتاهن أزواجهن وجدوهنّ أبكارا، فلمّا سمعت عائشة بذلك قالت: وأوجعاه فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس هناك وجع.

٥٧ ـ وفي الحديث يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلث وثلاثين.

٥٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن علي بن أسباط عن سالم بياع الزطي قال: سمعت أبا سعيد المداينى يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) قال: ثلة من الأولين خربيل مؤمن آل فرعون و( ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٥٩ ـ وفيه وقوله:( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ) قال: من الطبقة التي كانت مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) قال: بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه الامة.

٦٠ ـ في كتاب الخصال عن سليمان بن يزيد عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل الجنة مأة وعشرون صفا، هذه الامة منها ثمانون صفا.

__________________

(١) الشمط: بياض شعر الرأس يخالط سواده، والرمص ـ بالتحريك ـ وسخ ابيض يجتمع في مجرى الدمع من العينين.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260