• البداية
  • السابق
  • 392 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14303 / تحميل: 5603
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين عليه السلام

مقتل الحسين عليه السلام

مؤلف:
العربية

وقتل مسلم بن عقيل بن ابيطالب وامه ام ولد بالكوفة، وقتل عبدالله بن مسلم بن عقيل بن ابي طالب وامه رقيه ابنة علي بن ابيطالب وامها ام ولد قتله عمرو ابن صبيح الصدائي، وقيل قتله اسيد بن

____________________

ثم دخل زين العابدين عليه السلام وجماعته دار الرسول، فراتها مقفرة الطول، خالية منسكانها، حالية باحزانها قد غشيها القدر النازل، وساورها الخطب الهايل، واطلت عليها عذبات المنايا، وظلتها حجا وقل الرزايا وهي موحشة العرصات لفقد السادات، للهام في معاهدها صياح، وللرياح في محو آثارها الحاح، ولسان حالها يندب ندب الفاقدة وتذرى دمعا من عين ساهدة، وقد جالت عواصف النعامى والدبور في تلك المعالم والقصور، وقالت: يا قوم اسعدوني باسالة العوزب، على المقتول المسلوب وعلى الازكياء من عترته، والاطائب من امرته، فقد كنت أنس بهم في الخلوات، واسمع تهجدهم في الصلوات، فذوى غصتى المثمر، واظلم ليلى المقمر، فما يخف جفتى من النيام، ولا يقل قلقى لذلك الغرام وليتني حيث فاتتنى المواساة عند النزال، وحرمت معالجة تلك الاهوال، كنت لاجسادهم الشريفة مواريا، وللجثث الطواهر من ثقل الجنادل واقيا، لقد درست باندراسهم سنن الاسلام، وجفت لفقدهم مناهل الانعام وامنحت آثار التلاوة والدروس، وواقظ الاعين النواعس، وقد كان سكانها سمارى، في ليلى ونهارى، وشموسى واقمارى، أبية على الايام بجوارهم وانمتع بوطئ اقدامهم وآثارهم، واشرف على البشر يسيرهم، وانشق ريا العبير من نشرهم، فكيف يقل حزنى وجزعى، ومخمد حرقى وهلعى.

٢٤١

مالك الحصرمي. وقتل محمد بن ابي سعيد بن عقيل وامه ام ولد قتله لقيط بن ياسر الجهنى، واستصغر الحسن بن الحسن بن علي وامه خولة ابنة منظور بن

____________________

قال جعفر بن محمد بن نما مصنف هذا الكتاب: وقد رثيتها بأبياتي هذه المدار وجعلتها خاتمة ما قلته من الاشعار:

وقفت على دار النبي محمد * فالفيتها قد اقفرت عرصاتها

وأمت خلاء من تلاوة فارى * وعطل منها صومها وصلاتها

وكانت ملاذا المعلوم وجنة * من الخطب يغشى المعتقين صلاتها

فاقوت من السادات من آل هاشم * ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها

فيعنى لقتل السبط عبرى ولوعتى * على فقد مما تنقضى زفراتها

فيا كبدى كم تصرين على الاذى * اما آن أن يغنى اذن حسراتها

فلذا ايها المفتون بهذا المصاب، ملاذ الحماة من سفرة الكتاب بلزوم الاحزان على ائمة الايمان، فقد رويت عن والدى رحمة الله عليه أن زين العابدين عليه السلام كان مع حلمه الذي لا يبلغه الخل المواسى، شديد الجزع والشكوى لهذه المصيبة والبلوى، بكى اربعين سنة بدمع مسفوح وقلب مقروح، يقطع نهاره بصيامه، وليله بقيامه، فاذا احضر الطعام لافطاره ذكر قتلاه وقال: واكرباه، ويكرر ذلك ويقول: قتل ابن رسول الله جائعا وعطشانا، حتى لم يبل ثيابه.

قال ابوحمزة الثمالى: سئل عليه السلام عن كثرة بكائه؟ فقال: ان يعقوب فقد سبطا من اولاده، فبكى عليه حتى ابيضت عيناه، وابنه حى في الدنيا ولم يعلم انه مات، قد نظرت إلى ابي وسبعة عشر من أهل بيتي

٢٤٢

زيان بن سيار الفزارى، واستصغر عمرو بن الحسن بن علي فترك فلم يقتل وامه ام ولد.

وقتل من الموالى سليمان مولى الحسين بن علي قتله سليمان

____________________

قتلوا في ساعة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبى؟ وقد ختمت كتابى هذا بأبيات ابن زيدون المغربى فهي تنفذ في كبد المحزون نفوذ السمهرى.

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا * شوقا اليكم ولا جفت اماقينا

تكاد حين تناجيكم ضمائرنا * يقضى الاسى لولا تاسينا

حالت لبعدكم ايامنا فغدت * سودا وكانت بيضا ليالينا

ليسق عهدكم عهد السرور فما * كنتم لارواحنا الارياحينا

من مبلغ للملبسينا بانتزاحم * ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا

ان الزمان الذي قد كان يضحكنا * انسا بقربكم قد عاد يبكينا

غيظ العدى من تساقين الهوى فدعوا * بان نغص فقال الدهر آمينا

فانحل ما كان معقودا بانفسنا * وانبت ما كان موصولا بايدينا

ولانكون ولا يخشى تفرقنا * واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا

لا تحسبوا انابكم عنا يغيرنا * ان طال ما غير الناى المحبينا

والله ما طلبت اهوائنا بدلا * منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا

لم نعتقد بعدكم الا الوفاء لكم * رأيا ولم نتقلد غيره دينا

يا روضة طال ما اجنت لو احظنا * ورد اجلاه الصبى غضا ونسرينا

ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا * من لو على البعد حيا كان يحيينا

لسنا نسميك اجلالا وتكرمة * وقدرك المعتلى في ذاك يكفينا

٢٤٣

بن عوف الحضرمي، وقتل منجح مولى الحسين بن علي، وقتل عبدالله بن بقطر رضيع الحسين بن علي.

قال ابومخنف حدثني عبدالرحمان بن جندب الازدى ان عبيدالله بن زياد بعد قتل الحسين تفقد اشراف اهل الكوفة فلم ير عبيدالله بن الحر. ثم جاده بعد ايام حتى دخل عليه، فقال: اين كنت يابن الحر؟ قال: كنت مريضا، قال: مريض القلب او مريض البدن، قال: أما قلبي فلم يمرض، واما بدنى فقد من الله علي بالعافية، فقال له ابن زياد: كذبت

____________________

اذا انفردت وما شوركت في صفة * فحسبنا الوصف ايضاحا وتبيينا

لم نجف افق كمال انت كوكبه * سالين ولم عنه نهجره قالينا

عليك منا سلام الله ما بقيت * صبابة بك نخفيها فتخفينا

والى هاهنا انتهت مقاصدنا، وعلى الله جل جلاله في المكافات معتمدنا واليه ملاذنا ومرادنا، ونسئله أن لا يخلى قاربيه ومستمعيه من لطفة أو يقربنا واياهم من عفوه وعطفه، ويجعل حزننا عليهم وجزعنا لهم دائما لا يتغير، وعرقا لا يتنكر حتى نلقى محمدا (ص) وقد واسيناه في اهل بيته بالمصاب والبعد عن ظالميهم والاعتراب وان كان فينا من استهوته الغفلة واستغوته الاسائة عن لبس شعار الاحزان واصالة الدمع الهتان حتى فارق هذا المقام، ويداه صفر من عطائك، فاليه من رجائك، فاسهم اللهم له من ثواب الباكين ما يوصله إلى درجة الخاشعين واحشرنا مع النبيين والمرسلين والصديقين وفي زمرة الشهداء والصالحين وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

٢٤٤

ولكنك كنت مع عدونا قال: لو كنت مع عدوك لرؤى مكانى وما كان مثل مكانى يخفى.

قال: وغفل عنه ابن زياد غفلة فخرج ابن الحر فقعد على فرسه، فقال ابن زياد اين ابن الحر؟ قالوا خرج الساعة، قال: علي به، فاحضرت الشرط فقالوا له: اجب الامير، فدفع فرسه ثم قال: ابلغوه أني لا آتيه والله طائعا ابدا. ثم خرج حتى أتى منزل احمر بن زياد الطائي، فاجتمع اليه في منزله اصحابه، ثم خرج حتى أتى كربلاء فنظر إلى مصارع القوم فاستغر لهم هو واصحابه، ثم مضى حتى نزل المدائن وقال في ذلك

يقول امير غادر حق غادر * الا كنت قاتلت الشهيد بن فاطمة

فياندمى ان لا اكون نصرته * الاكل نفس لا تسدد نادمه

وانى لاني لم اكن من حماته * لذو حسرة ما ان تفارق لازمه

سقى الله ارواح الذين تأزروا * على نصره سقيا من الغيث دائمه

وقفت على اجدائهم ومجالهم * فكاد الحشى ينفض والعين ساجمه

لعمرى لقد كانوا مصاليت في الوغى * سراعا إلى الهيجاء حماة خضارمه

تاسوا على نصر ابن بنت نبيهم * باسيافهم آسا دغيل ضراغمه

فان يقتلوا فكل نفس تقية * على الارض قد اضحت لذلك واجمه

وما ان رأى الراؤون افضل منهم * لدى الموت سادات وزهرا قماقمه

أتقتلهم ظلما وترجو ودادنا * فدع خطة ليست لنا بملائمه

لعمرى لقد راغمتمونا بقتلهم * فكم ناقم منا عليكم وناقمه

أهم مرارا أن اسير بجحفل * إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه

٢٤٥

فكفوا والاذدتكم في كتائب * أشد عليكم من زحوف الديالمة

إلى هنا تم المقتل من كتاب لوط بن يحيى ابي مخنف الازدى رحمه الله المتخذ من كتاب تاريخ الامم والمكوك للمورخ الشهير محمد بن جرير الطبرى (ج ٤ ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة) وقد آن بنا أن نشرع في الوقايع المتأخرة بعد قتل الحسين واصحابه عليهم السلام وتذكر ايضا من كتاب ابي مخنف هذه الوقايع المودعة في تاريخ الطبرى والله يوفقنا لاتمامه ويرشدنا إلى طاعته وطاعة المعصومين من اوليائه آمين آمين بحق محمد وآله الطاهرين

٢٤٦

الوقايع المتأخرة بعد قتل الحسين واصحابه (ع)

قال هشام عن ابي مخنف عن عبدالملك بن نوفل قال حدثني أبي قال لما قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزبر في أهل مكة وعظم مقتله وعاب على أهل الكوفة خاصة ولام أهل العراق عامة فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد (ص) ان أهل العراق غدر فجر الا قليلا وان اهل الكوفة شرار اهل العراق وأنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا اليه فقالوا له اما ان تضع يدك في ايدينا فنبعث بك إلى ابن زياد بن سمية سلما فيمضي فيك حكمه واما ان تحارب فرأى والله انه هو واصحابه قليل في كثير وان كان الله عزوجل لم يطلع على الغيب احدا انه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم الله حسينا واخزى قاتل حسين لعمرى لقد كان من خلافهم اياه وعصيانهم ما كان في مثل واعظ وناه عنهم ولكنه ما حم نازل واذا اراد الله امرا لن يدفع افبعد الحسين نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا لاولانراهم لذلك اهلا اما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صيامه احق بماهم فيه منهم واولى به في الدين والفضل اما والله ما كان يبدل بالقرآن الغناء ولا بالبكاء من خشية الله الحدا

٢٤٧

ولا بالصيام شرب الحرام ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب الصيد يعرض بيزيد فسوف يلقون غيا فثار اليه أصحابه فقالوا له ايها الرجل اظهر بيعتك فانه لم يبق أحد اذهلك حسين ينازعك هذا الامر وقد كان يبايع الناس سرا ويظهر أنه عائذ بالبيت فقال لهم لا تعجلوا وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة. وقد كان أشد شئ عليه وعلى اصحابه وكان مع شدته عليهم يدارى ويرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطى الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد على مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خبر ما قدم له وبالسلسلة التي معه فقال مروان.

خذها فليست للعزيز بخطة * وفيها مقال لامرى متضعف

ثم مضى من عنده حتى قدم على ابن الزبير فأتى ابن الزبير فأخبره بممر البريد على مروان وتمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رقيقا وعلا أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة وقال الناس أما اذهلك الحسين عليه السلام فليس أحد ينازع ابن الزبير.

قال هشام بن محمد حدثنا ابومخنف قال حدثني يوسف ابن يزيد عن عبدالله بن عوف بن الاحمر الازدى قال لما قتل الحسين بن علي ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة فدخل الكوفة تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندم ورأت أنها قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين إلى

٢٤٨

النصرة وتركهم اجابته ومقتله إلى جانبهم لم ينصره ورأوا أنه لا يغسل عارهم والاثم عنهم في مقتله الا بقتل من قتله أو القتل فيه ففزعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة إلى سليمان بن صرد الخزاعى وكانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه وآله والى المسيب بن نجبة الفزارى وكان من أصحاب علي وخيارهم والى عبدالله بن سعد بن نفيل الازدى والى عبدالله بن وال التيمى والى رفاعة بن شداد البجلى. ثم أن هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد وكانوا من خيار أصحاب على ومعهم اناس من الشيعة وخيارهم ووجوههم قال فلما اجتمعوا إلى منز سليمان بن صرد بدأ المسيب بن نجبة القوم بالكلام فتكلم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال أما بعد فانا قد ابتلينا بطول العمر والتعرض لانواع الفتن فترغب إلى ربنا ألا تجعلنا ممن يقول له غدا اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاء‌كم النذير فان امير المؤمنين قال العمر الذي اعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة وليس فينا رجل الا وقد بلغه وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ شيعتنا حتى بلا الله أخيارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابن ابنه نبينا صلى الله عليه وآله وقد بلغتنا قبل ذلك كتبه وقدمت علينا رسله وأعذر ألينا يسألنا نصره عودا وبدء‌ا وعلانية وسرا فبخلنا عنه بانفسنا حتى قتل إلى جانبنا لا نحن نصرناه بأديدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا فما عذرنا إلى ربنا وعند لقاء نبينا صلى الله عليه وآله وقد قتل فينا ولده وحبيبه وذريته ونسله لا والله لا عذر دون ان تقتلوا

٢٤٩

قاتله والموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن أيها القوم ولوا عليكم رجلا منكم فانه لا بد لكم من أمير تفزعون اليه وراية تحفون بها أقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم قال فبدر القوم رفاعة بن شداد بعد المسيب الكلام فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله. ثم قال اما بعد فان الله قد هداك لاصوب القول ودعوت إلى ارشد الامور بدأت بحمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله ودعوت إلى جهاد الفاسقين والى التوبة من الذنب العظيم فمسموع منك مستجاب لك مقبول قولك قلت ولو أمركم رجلا منكم تفزعون اليه وتحفون برأيته وذلك راى قد رأينا مثل الذي رأيت فان تكن انت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا وفينا متنصحا وفي جماعتنا محبا. وان رأيت ورآى اصحابنا ذلك ولينا هذا الامر شيخ الشيعة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد المحمود في بأسه ودينه والموثوق بحزمه اقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم قال ثم تكلم عبدالله بن وال وعبدالله بن سعد فحمدا ربهما وأثنيا عليه وتكلما بنحو من كلام رفاعة بن شداد فذكرا المسيب بن جبة بفضله وذكرا سليمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتوليته فقال المسيب بن نجبة أصبتم ووفقتم وأنا أرى مثل الذي رأيتم فولوا امركم سليمان بن صرد.

قال ابومخنف فحدثت سليمان بن أبي راشد بهذا الحديث فقال حدثني حميد بن مسلم قال والله اني لشاهد بهذا اليوم بيوم ولوا سليمان بن صرد وانا يومئذ لاكثر من مأة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في

٢٥٠

داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال داره قال فتكلم سليمان بن صرد فشدد وما زال يردد ذلك القول في كل جمعة حتى حفظته بدأ فقال أثنى على الله خيرا وأحمد آلاء‌ه وبلاء‌ه وأشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسوله. أما بعد فاني والله لخائف الا يكون آخرنا إلى هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة وعظمت فيه الرزية وشمل فيه الجور اولى الفضل من هذه الشيعة لما هو خير انا كنا نمد أعناقنا إلى قدوم آل نبينا ونمنيهم النصر ونحثهم على القوم فلما قدموا ونينا وعجزنا وادهنا وتربصنا وانتظرنا ما يكون حتى قتل فينا ولدينا ولد نبينا وسلالته وعصارته وبضعة من لحمه ودمه اذ جعل يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطاه اتخذه الفاسقون غرضا لنبل ودرية للرماح حتى اقصدوه وعدوا عليه فسلبوه الا انهضوا فقد سخط ربكم ولا ترجعوا إلى الحلائل والابناء حنى يرضى الله والله ما أظنه رضيا دون ان تناجزوا من قتله أو تبيروا ألا لا تهابوا الموت فوالله ما هابه امرء قط الاذل كونوا كالاولى من بني اسرائيل اذ قال لهم نبيهم انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فما فعل القوم جثوا على الركب والله ومدوا الاعناق ورضوا بالقضاء حتى حين علموا أنه لا ينجيهم من عظيم الذنب الا الصبر على القتل فكيف بكم لو قد دعيتم إلى مثل ما دعى القوم اليه أشحذوا السيوف وركبوا الا سنة وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حتى تدعوا حين تدعوا وتستنفروا قال فقام خالد بن سعد بن نفيل. فقال أما أنا فوالله لو أعلم أن قتلى نفسي يخرجنى من ذنبي ويرضى

٢٥١

عني ربي لقتلتها ولكن هذا أمر به قوم كانوا قبلنا ونهيناعنه فاشهد الله ومن حضر من المسلمين أن كلما اصبحت أملكه سوى سلاحى الذي اقاتل به عدوى صدقة على المسلمين اقويهم به على قتال القاسطين.

وقام أبوالمعتمر حنش بن ربيعة الكنانى فقال وأنا أشهدكم على مثل ذلك فقال سليمان بن صرد حسبكم من اراد من هذا يئا فليأت بماله عبدالله بن وال التيمى تيم بكر بن وائل فاذا اجتمع عنده كلما تريدون اخراجه من اموالكم جهزنا به ذوى الخلة والمسكنة من اشياعكم قال أبومخنف لوط بن يحيى عن سليمان بن ابى راشد قال فحدثنا حميد بن مسلم الازدى أن سليمان بن صرد قال لخالد بن سعد بن نفيل حين قال له والله لو علمت أن قتلى نفسى يخرجنى من ذنبى ويرضى عنى ربى لقتلتها ولكن هذا امر به قوم غيرنا كانوا من قبلنا ونهينا عنه قال أخوكم هذا غدا فريس اول الاسنة قال فلما تصدق بماله على المسلمين قال له ابشر بجزيل ثواب الله الذين لانفسهم يمهدون.

قال ابومخنف حدثنى الحصين بن يزيد بن عبدالله بن سعد بن نفيل قال أخذت كتابا كان سليمان بن صرد كتب به إلى سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن فقرأته زمان ولى سليمان. قال فلما قرأته اعجبنى فتعلمته فما نسيته كتب اليه بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن صرد إلى سعد بن حذيفة بن اليمان ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم. أما بعد فان الدنيا دار قد أدبر منها ما كان معروفا وأقبل منها ما كان منكرا واصبحت قد تشنأت إلى ذوى الالباب وأزمع بالترحال

٢٥٢

منها عباد الله الاخيار وباعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بجزيل مثوبة عند الله لا يفنى ان اولياء من اخوانكم وشيعة آل نبيكم نظروا لانفسهم فيما ابتلوا به من أمر ابن بنت نبيهم الذي دعى فاجاب ودعا فلم يجب وأراد الرجعة فحبس وسال الامان فمنع وترك الناس فلم يتركوه وعدوا عليه فقتلوه. ثم سلبوه وجردوه ظلما وعدوانا ورة بالله وجهلا وبعبر الله ما يعملون والى الله ما يرجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فلما نظروا اخوانكم وتدبروا عواقب ما استقبلوا رأوا ان قد خطأوا بخذلان الزكى الطيب واسلامه وترك مواساته والنصر له خطئا كبيرا ليس لهم منه مخرج ولا توبة دون قتل قاتليه او قتلهم حتى تفنى على ذلك ارواحهم، فقد جدوا اخوانكم فجدوا وأعدوا واستعدوا، وقد ضربنا لاخواننا أجلا يوافوننا اليه وموطنا يلقوننا فيه فأما الاجل فغرة شهر ربيع الاخر سنة ٦٥. وأما الموطن الذي يلقوننا فيه فالخيلة انتم الذين لم تزالوا لنا شيعة واخوانا والا وقد رأينا ان ندعوكم إلى هذا الامر الذي اراد الله به اخوانكم فيما يزعمون ويظهرون لنا أنهم يتوبون وأنكم جدراء بتطلاب الفضل والتماس الاجر والتوبة إلى ربكم من الذنب ولو كان في ذلك حز الرقاب وقتل الاولاد واستيفاء الاموال وهلاك العشائر ما ضر أهل عذراء الذين قتلوا الا يكونوا اليوم أحياء وهم عند ربهم يرزقون. شهداء قد لقوا الله صابرين محتسبين، فأثابهم ثواب الصابرين يعني حجرا واصحابه، وما ضر اخوانكم المقتلين صبرا، المصلبين

٢٥٣

ظلما، والممثول بهم المعتدى عليهم الا يكونوا أحياء مبتلين بخطاياكم قد خير لهم فلقوا ربهم ووافاهم الله ان شاء الله أجرهم، فاصبروا رحمكم الله على البأساء والضراء وحين الباس، وتوبوا إلى الله عن قريب. فوالله انكم لا حرياء الا يكون أحد من أخوانكم صبر على شئ من البلاء ارادة ثوابه الا صبرتم التماس الاجر فيه على مثله، ولا يطلب رضاء الله طالب بشئ من الاشياء ولو أنه القتل الا طلبتم رضاء الله به. ان التقوى افضل الزاد في الدنيا وما سوى ذلك يبور ويفنى، فلتعزف عنها أنفسكم ولتكن رغبتكم في دار عافيتكم وجهاد عدوالله وعدوكم وعدو اهل بيت نبيكم حتى تقدموا على الله تائبين راغبين، أحيانا الله واياكم حياة طيبة، وأجارنا واياكم من النار، وجعل منايانا قتلا في سبيله على يدى أبغض خلقه اليه واشدهم عداوة له، انه القدير على ما يشاء، والصانع لاوليائه في الاشياء والسلام عليكم قال: كتب ابن صرد الكتاب وبعث به إلى سعد بن حذيفة بن اليمان مع عبدالله بن مالك الطائي، فبعث به سعد حين قرأ كتابه إلى من كان بالمدائن من الشيعة، وكان بها أقوام من أهل الكوفة قد اعجبتهم فأوطنوها وهم يقدمون الكوفة في كل حين عطاء ورزق، فيأخذون حقوقهم وينصرفون إلى اوطانهم، فقرأ عليهم سعد كتاب سليمان بن صرد ثم انه حمدالله وأثنى عليه. ثم قال: أما بعد فأنكم قد كنتم مجتمعين مزمعين على نصر الحسين وقتال عدوه فلم يفجاء‌كم أول من قتله، والله مثيبكم على حسن النية وما اجمعتم عليه من النصر أحسن المثوبة، وقد بعث اليكم اخوانكم

٢٥٤

يستنجدونكم ويستمدونكم ويدعونكم إلى الحق والى ما ترجون لكم به عند الله أفضل الاجر والحظ، فماذا ترون؟ وماذا تقولون؟ فقال القوم باجمعهم نجيبهم ونقاتل معهم، ورأينافي ذلك مثل رأيهم فقام عبدالله بن حنظل الطائي ثم الحز مرى فحمدالله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد فانا قد أجبنا اخواننا إلى ما دعونا اليه، وقد رأينا مثل الذي قد رأوا، فسرحني اليهم في الخيل، فقال له: رويد الا تعجل استعدوا للعدو وأعدوا له الحرب، ثم نسير وتسيرون.

وكتب سعد بن حذيفة بن اليمان إلى سليمان بن صرد مع عبدالله بن مالك الطائي: بسم الله الرحمن الرحيم: إلى سليمان بن صرد من سعد بن حذيفة ومن قبله من المؤمنين سلام عليكم. اما بعد فقد قرأنا كتابك وفهمنا الذي دعوتنا اليه من الامر الذي عليه، رأى الملاء من اخوانك فقد هديت لحظك ويسرت لرشدك ونحن جادون مجدون معدون مسرحون ملجمون، ننظر الامر ونستمع الداعى فاذا جاء الصريخ اقبلنا ولم نعرج ان شاء الله والسلام. فلما قرأ كتابه سليمان بن صرد قرأه على اصحابه فسروا بذلك قال: وكتب إلى المثنى بن محربة العبدى نسخة الكتاب الذي كان كتب به إلى سعد بن حذيفة بن اليمان وبعث به مع ظبيان بن عمارة التميمي من بني سعد، فكتب اليه المثنى،: اما بعد فقد قرأت كتابك وأقرأته اخوانك، فحمدوا رأيك، واستجابوا لك، فنحن موافوك ان شاء الله للاجل الذي ضربت، وفي الموطن الذي ذكرت، والسلام عليك،

٢٥٥

وكتب في اسفل كتابه.

تبصر كأني قد أتيتك معلما * على اتلع الهادى أجش هزيم

طويل القرى نهد الشواء مقلص * ملح على فأس اللجام أزوم

بكل فتى لا يملاء الروح نحره * محس لعض الحرب غير سؤوم

أخي ثقة ينوى الاله بسعيه * ضروب بنصل السيف غير أثيم

قال ابومخنف لوط بن يحيى عن الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن سعد بن نفيل قال: كان أول ما ابتدعوا به من أمرهم سنة ٦١ وهي السنة التي فيها الحسين رضي الله عنه. فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ودعاء الناس في السر من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفرء فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتى مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لاربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول سنة ٦٤ وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيد بن معاوية ثلاث سنين وشهران واربعة ايام، وهلك يزيد وأمير العراق عبيدالله بن زياد وهو بالبصرة وخليفة بالكوفة عمرو بن حريث المخزومى، فجاء إلى سليمان أصحابه من الشيعة فقالوا: قد مات هذا الطاغية، والامر الان ضعيف، فان شئت وثبنا على عمرو بن حريث فاخرجناه من القصر، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبعنا قتلته ودعونا الناس إلى اهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقهم، فقالوا في ذلك فأكثروا. فقال لهم سليمان بن صرد: رويدا، لا تعجلوا اني قد نظرت فيما

٢٥٦

تذكرون، فرأيت أن قتلة الحسين هم اشراف اهل الكوفة وفرسان العرب، وهم المطالبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعنى منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثارهم ولم يشفوا أنفسهم ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم جزرا، ولكن بثوا دعاتكم في المصر فادعوا إلى امركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم فاني ارجو أن يكون الناس اليوم حيث هلك هذا الطاغية أسرع إلى أمركم استجابة منهم قبل هلاكه ففعلوا وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس فاستجاب لهم ناس كثير بعد يزيد بن معاوية اضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك.

قال هشام: قال ابومخنف وحدثنا الحصين بن يزيد عن رجل من مزينة قال ما رأيت من هذه الامة أحدا كان ابلغ من عبيدالله بن عبدالله المرى في منطق ولاعظة وكان من دعاة أهل المصر زمان سليمان بن صرد وكان اذا اجتمعت اليه جماعة من الناس فوعظهم بدأ بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول: أما بعد فان الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله خلى خلقه بنبوته وخصه بالفضل كله وأعزكم باتباعه وأكرمكم بالايمان به فحقن به دمائكم المسفوكة وآمن به سبلكم المخوفة وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منهاكذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون فهل خلق ربكم في الاولين والآخرين أعظم حقا على هذه الامة من نبيها وهل ذرية أحد من النبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقا على هذه الامة من ذرية رسولها؟

٢٥٧

لا والله ما كان ولا يكون لله أنتم الم تروا ويبلغكم ما اجترم إلى ابن بنت نبيكم أما رأيتم إلى انتهاك القوم حرمته واستضعافهم وحدته وترميلهم اياه بالدم وتجرار هموه على الارض لم يرقبوا فيه ربهم ولا قرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذوه للنبل غرضا وغادروه للضباع جزرا فلله عينا من رأى مثله ولله حسين بن علي ماذا غادروا به ذا صدق وصبرو ذا أمانة ونجدة حزم ابن أول المسلمين اسلاما وابن بنت رسول رب العالمين. قلت حماته وكثرت عداته حوله فقتله عدوه وخذله وليه فويل للقاتل وملامة للخاذل ان الله يم جعل لقاتله حجة ولا لخادله معذرة الا أن يناصح لله في التوبة فيجاهد القاتلين وينابذ القاسطين فعسى الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة انا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته والى جهاد المحلين والمارقين. فان قتلنا فما عند الله خير للابرار وان ظهرنا رددنا هذا الامر إلى أهل بيت نبينا قال وكان يعيد هذا الكلام علينا في كل يوم حتى حفظه عامتنا قال ووثب الناس على عمرو بن حريث عند هلاك يزيد بن معاوية فأخرجوه من القصر واصطلحوا على عامر بن مسعود ابن امية بن خلف الجمحى وهو دحروجة الجعل الذي قال له ابن همام السلولى.

أشد يديك بزيد ان ظفرت به * واشف الارامل من دحروجة الجعل

وكان كأنه ايهام قصرا وزيد مولاه وخازنه فكان يصلى بالناس و بايع لابن الزبير ولم يزل أصحاب سليمان بن صرد يدعون شيعتهم وغيرهم من أهل مصرهم حتى كثر تبعهم وكان الناس إلى اتباعهم بعد هلاك يزيد بن معاوية اسرع منهم قبل ذلك فما مضت ستة أشهر من هلاك يزيد

٢٥٨

بن معاوية قدم المختار بن أبي عبيدة الكوفة فقدم في النصف من شهر رمضان يوم الجمعة قال وقدم عبدالله بن يزيد الانصارى ثم الخطمى من قبل عبدالله بن الزبير أميرا على الكوفة على حربها وثغرها وقدم معه من قبل ابن الزبير ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله الاعرج اميرا على خراج الكوفة وكان قدوم عبدالله بن يزيد الانصارى ثم الخطمى يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان سنة ٦٤ قال وقدم المختار قبل عبيدالله بن يزيد وابراهيم بن محمد بثمانية ايام ودخل المختار الكوفة وقد اجتمعت رؤوس الشية ووجوهها مع سليمان بن صرد فليس يعدلونه به فكان المختار اذا دعاهم إلى نفسه والى الطلب بدم الحسين قالت له الشيعة هذا سليمان بن صرد شيخ الشيعة قد انقادوا له واجتمعوا عليه فأخذ يقول للشيعة اني قد جئتكم من قبل المهدى محمد بن علي بن الحنفية مؤتمنا مأمونا منتجبا ووزيرا فوالله ما زال بالشيعة حتى انشعبت اليه طائفة تعظمه وتجيبه وتنتظر أمره وعظم الشيعة مع سليمان بن صرد فسليمان أثقل خلق الله على المختار وكان المختار يقول لاصحابه أتدرون ما يريد هذا يعني سليمان بن صرد انما يريد أن يخرج فيقتل نفسه ويقتلكم ليس له بصر بالحروب ولا له علم بها قال وأتى يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني عبدالله بن يزيد الانصارى. فقال ان الناس يتحدثون أن هذه الشيعة خارجة عليك مع ابن صرد ومنهم طائفة أخرى مع المختار وهي أقل الطائفتين عددا والمختار فيما يذكرون الناس لا يريد أن يخرج حتى ينظر إلى ما يصير اليه أمر سليمان بن صرد وقد اجتمع له أمره وهو خارج من أيامه هذه

٢٥٩

فان رأيت أن تجمع الشرط والمقاتلة ووجوه الناس ثم تنهض اليهم وننهض معك فاذا دفعت إلى منزله دعوته فان اجابك حسبه وان قاتلك قاتلته وقد جمعت له وعبأت وهو مغترفاني اخاف عليك ان هو بدأك وأقررته حتى يخرج عليك أن تشتد شوكته وان يتفاقم أمره فقال عبدالله بن يزيد الله بيننا وبينهم انهم قاتلونا قتلناهم وان تركونا لم نطلبهم حدثني ما يريدون الناس قال يذكر الناس أنهم يطلبون بدم الحسين بن علي قال فأنا قتلت الحسين لعن الله قاتل الحسين.

قال وكان سليمان بن صرد وأصحابه يريدون أن يثبوا بالكوفة فخرج عبدالله بن يزيد حتى صعد المنبر ثم قام في الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال أما بعد فقد بلغني أن طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا فسألت عن الذي دعاهم إلى ذلك ما هو فقيل لي زعموا أنهم يطلبون بدم الحسين ابن علي فرحم الله هؤلاء القوم قد والله دللت على أماكنهم وأمرت بأخذهم وقيل ابدأهم قبل أن يبدؤك فأبيت ذلك فقلت ان قاتلوني قاتلتهم وان تركونى لم اطلبهم وعلام يقاتلوني فوالله ما أنا قتلت حسينا ولا أنا ممن قاتله ولقد اصبت بمقتله رحمة الله عليه. فان هؤلاء القوم آمنون فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين ليسيروا إلى من قاتل الحسين فقد أقبل اليهم وأنا لهم على قاتله ظهير هذا ابن زياد قاتل الحسين وقاتل خياركم وأماثلكم قد توجه اليكم عهد العاهد به على مسيرة ليلة من جسر منبج فقتاله والاستعداد أولى وأرشد من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا ويسفك بعضهم دماء بعض فيلقاكم ذلك العدو غدا وقد رققتم وتلك والله أمنية عدوكم وانه قد أقبل اليكم أعدى خلق الله لكم من ولي عليكم

٢٦٠