واقبل الحر يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكرك الله في نفسك فاني اشهد لئن قاتلت لتقتلن، ولئن قوتلت لتهلكن فيما ارى، فقال له الحسين: افبالموت تخوفنى وهل يعدوبكم الخطب ان تقتلوني، ما ادرى ما أقول لك، ولكن أقول كما قال أخو الاوس لابن عمه ولقيه وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: أين تذهب؟ فانك مقتول فقال:
سامضى وما بالموت عار على الفتى * اذا مانوى حقا وجاهد مسلما
وآسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا يغش ويرغما
قال: فلما سمع ذلك منه الحر تنحى عنه وكان يسير باصحابه في ناحية وحسين في ناحية اخرى حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ترعى هنالك، فاذا هم بأربعة نفر قد اقبلوا من الكوفة على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي على فرسه وهو يقول:
يا ناقتى لا تذعرى من زجرى * وشمرى قبل طلوع الفجر
بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلى بكريم النحر
ثمت ابقاه بقاء الدهر قال: فلما انتهوا إلى الحسين أنشده هذه الابيات، فقال: أما والله اني لارجو أن يكون خيرا ما اراد الله بنا، قتلنا أم ظفرنا، قال: وأقبل اليهم الحر بن يزيد فقال: ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم.