نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة0%

نظرة عابرة الى الصحاح الستة مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 561

نظرة عابرة الى الصحاح الستة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الصمد شاكر
تصنيف: الصفحات: 561
المشاهدات: 244477
تحميل: 7388

توضيحات:

نظرة عابرة الى الصحاح الستة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 561 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244477 / تحميل: 7388
الحجم الحجم الحجم
نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

 ( 585 ) وعن كعب ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كلّ صلاة مكتوبة : 33 تسبيحة ، و33 تحميدة ، و34 تكبيرة »(1) .

أقول : تقدم انّه ممّا علّمه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً وفاطمة ، والشيعة الامامية يسمونه : ( تسبيح الزهراء ) ويواظبون عليه أشد المواظبة عوامهم وخواصهم.

همّ النبي بتحريق بيوت على قوم

لاحظ رواياته في باب فضل الجماعة(2) .

صلاة المسافر

( 586 ) عن ابن عمر : قال : صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى ركعتين وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته ، ثم انّ عثمان صلّى بعد أربعاً ، فكان ابن عمر إذا صلّى مع الامام صلّى أربعاً ، وإذا صلاها وحده صلّى ركعتين.

أقول : وهذا من ابن عمر نوع احتياط بين الشريعة وارضاء السلطة!

جواز التغنّي بالقرآن

لا حظ رواياته في ص78 وما بعدها ج6 من صحيح مسلم بشرح النووي

اكثر النساء حطب جهنم

( 587 ) عن جابر : حتى اتىصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء فوعظهن « فانَّ أكثركنَّ حطب جهنم » فقامت امرأة فقالت : لِمَ يا رسول الله؟! قال : « لاَنّكنَّ تكثرن الشكاة وتكفرنَ العشير »(3) .

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 5 : 94.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 5 : 153 وما بعدها.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 6 : 175.

٣٢١

 ( 588 ) عن ابن عباس : قال محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء »(1) .

( 589 ) وعن اسامة : « وقمت على باب النار فاذا عامة من دخلها النساء »(2) .

( 590 ) وعن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « انّ أقل ساكني الجنة النساء »(3) .

أقول : كون أكثر النساء في النار لا يبعد انّه من وضع الوضّاعين فانهن لضعف عقولهن أولى بالرحمة ، على انّ تكثير الشكاية وكفران العشير لا يوجب دخول النار كما لا يخفى.

عدد التكبير على الميت

( 591 ) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : قال كان زيد يكبّر على جنائزنا أربعاً ، وانّه كبّر على جنازة خمساً ، فسألته فقال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكبّرها(4) .

أقول : لفظ ( كان ) يدلّ على العادة والدوام ، لكن قال النووي : انّ هذا الحديث بعد زيد بن ارقم منسوخ بالاجماع.

أقول : من نسخه؟ وكيف نسخ ، وما معنى كلمة بعد زيد؟ واجتنبوا قول الزور.

بناء القبر

( 592 ) عن الاَسدي : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أن لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلاّ

__________________

( 1و2و3 ) صحيح مسلم بشرح النووي 17 : 53.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 26.

٣٢٢

سوّيته(1) .

وفي حديث آخر : ولا صورة إلاّ طمستها.

( 593 ) وعن جابر : نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجصّص القبر ، وان يقعد عليه ، وان يبنى عليه(2) .

هل أبوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانا مشركين؟

( 594 ) عن أبي هريرة : زار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قبر اُمّه فبكى وابكى من حوله ، فقال : « استأذنت ربّي في أن استغفر لها فلم يوذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فاذن لي ، فزورا القبور ، فانّها تذكر الموت »(3) .

ومدلول الرواية : انّ أُمّ النبي كانت مشركة.

( 595 ) عن أنس : انّ رجلاً قال : يا رسول الله أين أبي؟ قال : « ابوك في النار » فلمّا قفّى قال : « انّ أبي وأباك في النار!! »(4) .

خالد بن الوليد

( 596 ) عن أبي سعيد الخدري : فقام رجل فقال : يا رسول الله اتق الله فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا اضرب عنقه؟

فقال : « لا ، لعلّه أن يكون يصلّي ».

قال خالد : وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي لم أُومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا اشق

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 36.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 37.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 46.

(4) سنن أبي داود 4 : 230 كتاب السنة ، وروى نحوه ابن ماجه في سننه رقم 1573 كتاب الجنائز.

٣٢٣

بطونهم »(1) .

أقول : خالد سمع هذا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومع ذلك فعل ما هو معروف منه.

اعتبار أُفق المكلّف في الصوم

( 597 ) عن كريب : فقدمت الشام واستهل عليّ رمضان وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدالله بن عباس رضي الله عنه ثم ذكر الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال؟

فقلت : رأيناه ليلة الجمعة.

فقال : انت رأيته؟

فقلت : نعم ، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية.

فقال : لكنّا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزل نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه.

فقلت : أوَلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟

فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

جنابة الصائم

( 598 ) عن عائشة : قد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم(3) . وهكذا عن غيرها.

أقول : لا شك انّ الطهارة عن الجنابة شرط في صحة الصلاة وان الجنابة مبطلة لها ، ولا شكّ انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتهجّد ويصلّي صلاة الليل ، فكيف يقال انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدركه الفجر وهو جنب. ولا يبعد الحكم بكون هذه

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 163.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 197.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 223.

٣٢٤

الرواية مجعولة موضوعة ، فتأمل.

الصوم في السفر

عن جابر : فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليس من البرّ أن تصوموا في السفر »(1) .

عن جابر : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم ، فصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس اليه ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : انّ بعض الناس قد صام ، فقال : « اولئك العصاة »(2) .

أقول : قد يقال انّ الحديث ظاهر في حرمة الصوم في السفر ، كما انّ ظاهر القرآن أيضاً عدم مشروعيته في السفر ، وأمّا الاَحاديث الدالة على جوازه في السفر فلا تتعارض مع هذا الحديث وان صلحت لمعارضة الحديث الاول ، فان الصالح لهذا الحديث هو الحديث الذي صدر بعد عام الفتح لا ما صدر قبله أو شك في تأريخ صدوره ، وانّى لنا باثبات تأريخ تلك الاَحاديث المجوّزة ، لا يقال انّ الصيام قد شق على الناس في السفر المذكور ـ كما زيد في حديث آخر ـ فانّه يقال المورد غير مخصّص ، والعبرة باطلاق كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا الفتوى ، فعن بعض أهل الظاهر : عدم صحّة الصوم في السفر؛ لما قلنا من الآية والحديثين.

وعن الجمهور : جوازه.

ثم انّ المنقول عن مالك وأبي حنيفة والشافعي والاَكثرين : افضلية الصوم لمن اطاقه بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر.

وعن جمع ـ منهم أحمد ـ : افضلية الفطر. وقيل : انّهما سواء. فلاحظ شرح النووي.

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 233.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 7 : 232.

٣٢٥

أقول الاحتياط الديني هو ترك الصوم ثم القضاء خارجه ، عملاً بظاهر القرآن الكريم حيث لا قاطع من السنة ، ولا عبرة بالاَقوال.

عائشة تقضي صومها في شعبان

( 599 ) عن عائشة : كان علَيَّ الصوم فما استطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان ، الشغل من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

أقول : كذب الحديث واضح ، فانّ الصوم يمنع عن الجماع نهاراً فقط دون الليل ، على انّ عائشة لها يوم وليلة من تسعة أو ثمانية أيام ، فأي شغل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمنعها من صيامها.

موقف عمر رضي الله عنه من متعة الحج ومتعة النساء

( 600 ) عن أبي موسى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلّ » فكنت افتي الناس بذلك في امارة أبي بكر وامارة عمر ، فانّي لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال : انّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك ، فقلت : ايّها الناس من كنّا أفتيناه بشيء فليتّئد فهذا أمير المؤمنين قادم قال ( عمر ) : إن نأخذ بكتاب الله فانّ الله عزّ وجلّ قال :( وأتموّا الحج والعمرة لله ) (2) . وان نأخذ بسنة نبينا عليه الصلاة والسلام فانّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يحلّ حتّى نحر الهدي(3) .

وقد اصرّ النبي وأعلن باحلال الناس ، وانّهصلى‌الله‌عليه‌وآله انّما لم يحلّ من أجل انّه ساق الهدي ، ولكنّ عمر اجتهد في عدم الاحلال في مقابل نص النبي وتأكيده ، ويقول عمر في وجه اجتهاده : قد علمت انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد فعله

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 21.

(2) البقرة 2 : 196.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 200.

٣٢٦

واصحابه ، ولكن كرهت أن يظلّوا معرسين بهنَّ في الاَراك ثم يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم(1) .

ولعثمان وجه آخر في اجتهاده في ذلك :

( 601 ) عن عبدالله بن شفيق : كان عثمان ينهى عن المتعة وكان علي يأمر بها ، فقال عثمان لعلي كلمة! ثم قال علي : لقد علمت أنّا قد تمتعنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : أجل ، ولكنّا كنّا خائفين(2) .

أقول : أي خوف على الناس في حجّة الوداع من الكفار ، ثم أي تعلّق للخوف بالاحلال وابقاء الاحرام؟ ولعلّ الرواية موضوعة ، إذ يلزم من صحّتها كذب عثمان. ولعلي وعثمان موقف آخر في ذلك ، لاحظه في مسلم بعد هذه الرواية التي ذكرناها.

( 602 ) عن أبي ذر : كانت المتعة في الحج لاَصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة(3) .

أقول : هذه الرواية موضوعة على أبي ذر ، فانّه لا وجه لصحّتها بوجه.

( 603 ) وعنه : لا تصلح المتعتان إلاّ لنا خاصة. يعني متعة النساء ومتعة الحج(4) .

لكن آية الاستمتاع وآية المتعة كغيرها من الآيات عامة.

( 604 ) عن مطرف قال : بعث اليَّ عمران بن حصين في مرضه الذي

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 201.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 202.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 203.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 203.

٣٢٧

توفي فيه فقال : انّي كنت محدّثك بأحاديث لعلّ الله ينفعك بها بعدي ، فان عشت فاكتم عني ، وان مت فحدّث بها إن شئت(1) انّه سلّم عليَّ(2) واعلم انّ نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جمع بين حجّ وعمرة ، ثم لم ينزل فيها كتاب الله ، ولم ينه عنها نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال رجل فيها برأيه ما شاء(3) .

( 605 ) عن مسلم القرَّي قال : سألت ابن عباس عن متعة الحج ، فرخّص فيها ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، فقال : هذه اُمّ الزبير تحدّث انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رخصّ فيها ، فادخلوا عليها فاسألوها.

قال : فدخلنا عليها ، فاذا هي امرأة ضخمة عمياء ، قالت : قد رخّص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها(4) .

يقول مسلم : فأمّا عبد الرحمن ، ففي حديثه المتعة ، ولم يقل متعة الحج ، وأمّا ابن جعفر فقال : قال شعبة : قال مسلم : لا أدري متعة الحج أو متعة النساء(5) .

( 606 ) عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبدالله فأتاه آت فقال : انّ ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم نهانا عنهما عمر ، فلم نعد لهما(6) .

أقول : يظهر من هذه العبارة انّ المتعتين شرعتا في الاسلام ولم

__________________

(1) يظهر منه خوف الصحابة من السلطة القائمة في بيان الاَحاديث المخالفة لنظرها ، وليته ذكر مطرف جميع أحاديث عمران.

(2) يعني انّ الملائكة يسلمون عليه ، كما صرّح به النووي في شرحه على مسلم.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 206 ـ 207.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 224.

(5) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 224.

(6) صحيح مسلم بشرح النووي 8 : 233.

٣٢٨

تنسخا إلى موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانّما نهى عنهما عمر رضي الله عنه في خلافته واختلف الصحابة ، فمنهم من عمل بنهي عمر ، ومنهم من عمل بما سنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتنزيل الكتاب ، لكن الفقهاء بعدهم اتفقوا على قول عمر في تحريم متعة النساء دون متعة الحج ، إذ رؤوا فيها أحاديث اُخر ، ثم الاَحاديث في متعة النساء على أقسام ، منها ما يدل على تشريع متعة النساء ، مثل الاَحاديث التالية :

( 607 ) عن قيس : قال سمعت عبدالله يقول : كنّا نغزو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لنا نساء فقلنا : ألا نستخصي ، فنهانا عن ذلك ثم رخَص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبدالله :( يا أيّها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحلَّ الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين ) (1) .

أقول : والحق انّها تدلّ على دوام مشروعيتها بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما لا يخفى ، ويؤكّده قراءة الآية المباركة المحكمة تطبيقاً على المورد.

( 608 ) عن جابر بن عبدالله وسلمة بن الاكوع قالا : خرج علينا منادي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أذن لكم ان تستمتعوا يعني متعة النساء(2) .

وحديث آخر : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتانا فاذن لنا في المتعة.

ومنها ما يدلّ على انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنها بعد جوازها في فتح مكة :

( 609 ) عن سلمة : رخّص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمتعة عام أوطاس(3) في المتعة ثلاثاً ثم نهى عنها(4) .

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 182 ، والآية سورة المائدة 5 : 87.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 182.

(3) عام أوطاس : هو عام فتح مكة ، وأوطاس واد بالطائف ، كما في شرح النووي.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 184.

٣٢٩

 ( 610 ) عن سبرة : أذن لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمتعة ، فانطلقت أنا ورجل ثم انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من كان عنده شيء من هذه النساء يتمتع فليخل سبيلها »(1) .

وفي حديث آخر عن الربيع بن سبرة : أنّ أباه غزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكة فاذن لنا رسول الله في متعة النساء فلم أخرج حتّى حرّمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

ومنها ما يدلّ على انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنها يوم خيبر ، مثل :

( 611 ) عن علي بن أبي طالب : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل لحوم الحمر الانسية(3) .

ومنها ما يدلّ على دوام مشروعيتها من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانّما نهى عنها عمر ، نحو:

( 612 ) عن عطاء : قدم جابر بن عبدالله معتمراً ، فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : نعم استمتعن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وعمر(4) .

وما مرّ عن عبدالله برقم ( 607 ) ، وما تقدّم عليه من حديث جابر.

( 613 ) عن أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الاَيام على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر ، حتّى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث(5) .

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 184.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 185.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 189 ـ 190.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 183.

(5) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 183.

٣٣٠

 ( 614 ) عن عروة ابن الزبير : انّ عبدالله بن الزبير قام بمكة فقال : انّ ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة ـ يعرّض برجل ـ فناداه فقال : انّك لجلف جاف ، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد امام المتقين ـ يريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال له ابن الزبير : فجرّب بنفسك ، فوالله لئن فعلتها لاَرجمنّك بأحجارك(1) أقول : يظهر من هذا الحديث امور :

الاول : بطلان القول بعدالة كل الصحابة ، فمنهم عدول ، ومنهم غير عدول ، هذا ابن الزبير الآخذ بزمام السلطة يقول لابن عباس الصحابي حبر الاُمّة : أعمى الله قلبه ، واسوأ منه ، أن توعّده بالرجم ، هب انّ ابن الزبير ثبت عنده بوجه معتبر نسخ جواز المتعة لكن عبدالله لم يثبت عنده نسخه ، فهو يفعل فعلاً مشروعاً ، فكيف يجوز رجم مثله ، حقاً انّه لجلف جاف أي : الغليظ الطبع القليل الفهم والادب ، كما في شرح النووي.

الثاني : انّ عبدالله بن عباس يرى جواز المتعة بعد الخلفاء الراشدين حتّى في امارة ابن الزبير ، فالاَحاديث الناطقة بانّ عليّاً قال لابن عباس : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنها يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الانسية ، موضوعة ، إذ لو سمع ابن عباس ذلك من علي لم يقل بجوازها جزماً ، على انّ مذهب علي وأولاده أئمّة أهل البيت هو بقاء جواز المتعة جزماً ، وعليه الشيعة الاِمامية في كل زمان ومكان. وهنا تضارب آخر بين ما نقل عن علي وعن سبرة وسلمة ، فالاَول : يقول : نهى عنه النبي يوم خيبر ، والاَخيران : يقولان : يوم فتح مكة! واراد بعضهم ـ كالنووي في شرحه على مسلم ـ انّها

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 188.

٣٣١

ابيحت ثم نسخ جوازها عام خيبر ، ثم ابيحت ثانياً عام فتح مكة ، ثم حرّمت!!

أقول : لو كان النبي حرّمها يوم الفتح لكان ذلك أردع لابن عباس وأولى بالذكر له من قبل علي ، فاقتصاره على يوم خيبر خير دليل على عدم النهي عنه يوم الفتح.

وعلى كلّ ، انّ الراوي لنهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هو سلمة وسبرة بن معبد ، والراوي لبقاء جوازه هو عبدالله بن مسعود وجابر بن عبدالله الانصاري وعبدالله بن عباس. لكن سبرة الذي ذكر النهي مؤكّداً وانّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « وانّ الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة » يشكل الاعتماد على قوله هذا ، فقد نقل عنه البخاري ( ص129 ) بعد نقل القول بالجواز كما مرّ : فلا أدري أشيء كان لنا خاصة أم للناس عامة. إذ لو كان قد أحلّه النبي لثلاثة أيام فقط لم يكن وجه للشكّ فيه ، بل قيل : بجواز الاَزيد عن ثلاثة أيام ، وهذا كالنص في عدم تحديد مشروعيتها بثلاثة أيام.

وعلى الجملة ، ان أحاديث المنع والبقاء متضاربة ، فتسقط عن الحجية ، ويرجع إلى أدلة تشريعها ، والاصل عدم النسخ ، كما هو القاعدة في جميع الاَحكام(1) .

الحكم غير الفتوى

والحقّ أنّ المتعة شرّعت ولم ينسخ جوازها من قبل الشارع ، ومن انكرها من الصحابة فانّما هو لاَجل انكار عمر رضي الله عنه عليها ، ولذا ترى ابن

__________________

(1) وقد نقل وحيد الزمان الهندي في حاشيته على سنن أبي داود عن الزرقاني : انّ جواز المتعة ثابت عن جماعة من الصحابة ـ كجابر وابن مسعود وأبي سعيد وابن عباس ومعاوية وغيرهم.

٣٣٢

الزبير لم ينقل في جواب ابن عباس نهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونسخه لجوازها ، بل هدّده بالرجم إن تمتّع ، وينقل عن ابن جريج انّه أيضاً كان يرى بقاء جوازها وتمتّع بعدة من النساء ، وأئمّة أهل البيت أيضاً قالوا ببقاء جوازها.

دع العصبية المذهبية والنزعة غير الدينية عنك واسمع إلى قولي لا سمع انكار ولا سمع تقليد ، بل سمع تحقيق وانصاف ، فأقول يمكن أن يقال : انّ نهي عمر عنها لم يصدر عنه ضد التشريع الديني ونسخ الحكم ، فانّه يعرف انّه لا صلاحية له ولكل مسلم في التشريع ، وانّما هو بإرادة الله سبحانه وتعالى واليه الحكم تكويناً وتشريعاً :( وَمَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فأولئك هم الظالمون فأولئك هم الفاسقون ) (1) .

بل نهي عنه عمر لا بعنوان المفتى بل بعنوان الحاكم ، وبين الحكم والفتوى فرق جلي ، ولولي أمر المسلمين وخليفتهم اصدار أحكام سياسية مؤقتة تقديماً للاَهم على المهم ، فهو انّما منعها لمصلحة رآها في زمانه ، ومثل هذا الحكم في حوزة صلاحية كلّ حاكم اسلامي يدير أمر اُمّة من الاُمّم الاسلامية ، فله ان يمنع من السفر إلى بلدة خاصة مطلقاً أو بشرط ، وله منع تصدير أموال خاصة تجارية إلى مكان كذا أو استيرادها من بلد كذا ، وله منع تجوّل الناس في وقت خاص في مكان خاص وهكذا ، والمتعة لم تكن من الواجبات بل من المباحات ، فحكم بمنع الناس عنها لمصلحة رآها ، وانّما الاَعتراض على الفقهاء حيث علموا منه الفتوى والحكم الدائمي فأفتوا بعدم مشروعيتها ، وهذا ممّا ينافي الكتاب والاَحاديث المتقدّمة ، فمن يفتي بجوازها اليوم أو أمس لا يعد مخالفاً

__________________

(1) المائدة 5 : 44 ـ 47.

٣٣٣

لعمر ، فانّ لمنعه ظرفاً خاصاً به ، ولتجويز هذا ظرفاً خاصاً آخر ، ولا معنى للسباب والتباغض في مثل هذه الفرعيات ، لعن الله العصبية العمياء ، هدانا الله جميعاً إلى سبيل الحق.

هدم الكعبة وبنيانها

( 615 ) عن عائشة ، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على اساس ابراهيم ، فانّ قريشاً حين بنت البيت استقصرت ، ولجعلت لها خلفاً(1) .

وفي حديث آخر : « لولا حدثان قومك لاَنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها الاَرض ، ولاَدخلت فيها من الحجر ».

وفي حديث ثالث : « وجعلت لها بابين ، باباً شرقياً ، وباباً غربياً ، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر »(2) .

أقول : في شرح النووي نقلاً عن العلماء : انّه بني البيت خمس مرات : بنته الملائكة ، ثم إبراهيمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قريش في الجاهلية وحضر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا البناء وله خمس وثلاثون ، وقيل خمس وعشرون ، ثم بناه ابن الزبير ، ثم الحجاج بن يوسف واستمر إلى الآن.

وقيل : بني مرتين اخيريين.

أقول : النقل لا دليل عليه ، ويحتمل بناؤه أكثر من عشر مرات في طول الزمن وتتابع الحوادث ، والله العالم.

قاعدة الامتثال بقدر الاستطاعة

( 616 ) عن أبي هريرة : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « أيّها الناس قد

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 88.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 91.

٣٣٤

فرض الله عليكم الحج » فقال رجل : أكلّ عام يا رسول الله ، فسكت حتّى قالها ثلاثاً ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو قلت نعم لما استطعتم » ثم قال : « ذروني ما تركتكم ، فانّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم ، فاذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه »(1) .

نظر عمر في الطلاق

( 617 ) عن ابن عباس : كان الطلاق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : انّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم(2) .

قيل : أناة ، أي مهلة وبقية استمتاع لانتظار المراجعة.

حكيم بن حزام

قال مسلم بن الحجاج : ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة ، وعاش مائة وعشرين سنة(3)

من سن سنة

( 618 ) عن عبدالله : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقتل نفس ظلماً إلاّ كان على ابن آدم الاَول كفل من دمها ، لاَنّه كان أول من سن القتل(4) .

حلية دم المسلم

( 619 ) عن عبدالله قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يحل دم امرئ مسلم

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9 : 101.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 10 : 70 طلاق الثلاث.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 10 : 176 كتاب البيع.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 11 : 166.

٣٣٥

يشهد أن لا إله إلاّ الله وانّي رسول الله إلاّ باحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة »(1) .

عدم جواز الشفاعة في الحدود

( 620 ) عن عائشة : كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تقطع يدها ، فأتى أهلها اُسامة بن زيد فكلّموه ، فكلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتشفع في حدّ من حدود الله » ثم قام فاختطب فقال : « أيّها الناس انّما هلك الذين قبلكم ، انّهم إذا كانوا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد »(2) .

أقول : لا يجوز الشفاعة في الحدود بلا خلاف بين المسلمين ( شيعة وسنة ) ويجوز في التعزيرات(3) ، لكن ما ذكرته عائشة خطأ ، لانّ جحد العارية ليس من السرقة بشيء ، ولذا أوّله بعضهم.

الحكم بيمين وشاهد

( 621 ) عن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قضى بيمين وشاهد(4) .

يقول النووي : قال الحفاظ : اصح احاديث الباب حديث ابن عباس.

وقال ابن عبد البر : لامطعن لاَحد في اسناده ، ولا خلاف بين أهل المعرفة في صحته.

وقال جمهور علماء الاسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 11 : 164.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 11 : 186.

(3) لاحظ أقوال الباحثين في مقدار التعزير في ص221 ج11 مسلم في حاشية النووي.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 4.

٣٣٦

علماء الامصار : يقضي بشاهد ويمين المدّعى في الاَموال وما يقصد به الاَموال وبه قال أبو بكر الصديق وعلي وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأحمد وفقهاء المدينة وسائر علماء الحجاز ومعظم علماء الامصار ( رض ) ، وحجتهم انّه جاءت أحاديث كثيرة في هذه المسألة...

وقال أبو حنيفة والكوفيين وشعبة والحكم والاَوزاعي والليث والاندلسيون من أصحاب مالك : لا يحكم بشاهد ويمين في شيء من الاَحكام.

التصويب والتخطئة

( 622 ) عن عمرو بن العاص : « انّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر »(1) .

وفي شرح النووي : قال العلماء : اجمع المسلمون على انّ هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكومة ، فان اصاب فله أجران : أجر باجتهاده واجر باصابته ، وإن اخطأ فله أجر باجتهاده فأمّا من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم ، فان حكم فلا أجر له بل هو آثم ، ولا نفذ حكمه سواء وافق الحق أم لا فهو عاص في جميع أحكامه سواء وافق الصواب أم لا ، وهي مردودة كلّها...

قال : وقد اختلف العلماء في انّ كلّ مجتهد مصيب أم المصيب واحد وهو من وافق الحكم الذي عند الله تعالى ، والآخر مخطئ لا اثم عليه لعذره ، والاَصح عند الشافعي واصحابه انّ المصيب واحد.

وقد احتجت الطائفتان بهذا الحديث ، أمّا الاَوّلون فقالوا : قد جعل

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 13.

٣٣٧

للمجتهد أجر فلولا اصابته لم يكن له أجر ، وأما الآخرون فقالوا : سمّاه مخطئاً ولو كان مصيباً لم يسمه مخطئاً وأما الاَجر فانّه على تعبه في اجتهاده.

وقال الاولون : انّما سمّاه مخطئاً لانّه محمول على من أخطأ النص أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد كالمجمع عليه وغيره وهذا الاجتهاد في الفروع ، فأما اصول التوحيد فالمصيب فيها واحد باجماع من يعتد به(1)

أقول : واليك بعض ما يتعلق بالمقام حسب نظري :

1 ـ العقاب والثواب انّما يترتبان على الاَعمال الاختيارية دون غيرها ، وحيث انّ اصابة الواقع أمر غير اختياري فلا أجر عليها عقلاً. فالمصيب والمخطىء كلاهما له أجر واحد على اجتهادهما إذا كانا أهلاً للاجتهاد هذا بحسب القاعدة.

2 ـ الحديث عندي مجهول من جهة سنده ، ولكن لا دليل على انّه موضوع ، فلعلّه صدر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى هذا الاحتمال فالاَجر على الاصابة تفضّل من الله سبحانه والله ذو الفضل العظيم.

3 ـ لا شك في أنّ كلّ مجتهد غير مصيب دائماً والواقع لا يتبدّل بالاجتهاد ، والمجتهد قد يصيب وقد يخطىء ، ولهذا القول دلائل قوية قطعية منها هذا الحديث ان فرضناه حجة ، والاستدلال به على قول المصوبة ضعيف. ومورد النزاع هو الاَحكام دون الموضوعات والعقائد.

انقياد الانصار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

( 623 ) عن انس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شاور ـ حين بلغه اقبال أبي سفيان ـ فقام سعد بن عبادة فقال : أيّانا تريد يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ والذي نفسي بيده

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 11 : 14.

٣٣٨

لو أمرتنا أن نخيضها البحر لاَخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا(1) .

دعاء النبي على جمع من قريش

( 624 ) عن عبدالله : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجد وحوله ناس من قريش إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلا جزور فقذفه على ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يرفع رأسه ، فجاءت فاطمة فأخذته عن ظهره ودعت على من صنع ذلك. فقال : « اللهم عليك الملأ من قريش أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط وشيبة بن ربيعة وأُميّة بن خلف ـ أو اُبي بن خلف ـ » ( شعبة الشاك ).

قال فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر ، غير انّ أُميّة أو اُبيّاً تقطعت أوصاله ، فلم يلق في البئر(2) .

اثنا عشر خليفة

( 625 ) عن جابر بن سمرة قال : دخلت مع أبي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته يقول : « انّ هذا الاَمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ».

قال ثم تكلّم بكلام خفي عليَّ ، قال : فقلت لاَبي : ما قال؟ قال : « كلّهم من قريش »(3) .

وبسند آخر : قال : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا يزال أمر الناس ماضياً ، ما وليهم اثنا عشر رجلاً » فقال : كلّهم من قريش.

وله سند ثالث بتفاوت في المتن.

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 124.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 153.

(3) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 201 كتاب الامارة.

٣٣٩

وبسند رابع : « لا يزال الاسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة » ثم قال كلمة لم أفهمها ، فقلت لاَبي : ما قال؟ فقال : « كلّهم من قريش »

وبسند خامس عنه : « لا يزال هذا الاَمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة » فقال : « كلّهم من قريش ».

وبسند سادس عنه : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة » فقال كلمة صمنيها الناس « كلهم من قريش ».

وبسند سابع سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم جمعة عشية رجم الاَسلمي يقول : « لايزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش »(1) .

أفضل الاَعمال

( 626 ) عن النعمان بن بشير : كنت عند منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رجل : ما اُبالي أن لا أعمل عملاً بعد الاسلام إلاّ أن اسقي الحاج ، وقال آخر : ما اُبالي أن لا أعمل عملاً بعد الاسلام إلاّ أن أعمر المسجد الحرام ، وقال آخر الجهاد في سبيل الله أفضل ممّا قلتم ، فزجرهم عمر فانزل الله عزّ وجلّ :( أجعلتم سقايةَ الحاجَّ وعمارةَ المسجد الحرام كمن آمن بالله ) (2) (3)؟ .

أقول : رواه الشيعة الامامية باسناد معتبر وفيه انّ هؤلاء الذين حذفت اسماؤهم في هذه الرواية هم : العباس ، وحمزة ، وعلي. والظاهر انّ ذكر زجر عمر موضوع ، فانّه لم يصلح لزجر امثال هؤلاء يؤمذاك ، وقد يزعم انّ حذف اسماء هؤلاء لاَجل تضمنها فضيلة لعلي ، فانّه هو الذي ذكر الايمان

__________________

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 12 : 202 ـ 203.

(2) صحيح مسلم بشرح النووي 13 : 26.

(3) التوبة 9 : 19.

٣٤٠