كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة0%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف:

الصفحات: 686
المشاهدات: 137057
تحميل: 7431


توضيحات:

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 137057 / تحميل: 7431
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

التّسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديّهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتّى يردوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حوضه.

٦٥ - حدّثنا عليُّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ، عن أبيه، عن جدِّه أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمّد بن خالد، عن غياث بن أبراهيم، عن ثابت ابن دينار، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام : يا عليُّ أنا مدينة الحكمة(١) وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، فكذب من زعم أنَّه يحبّني ويبغضك لانّك منّي وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي؛ وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمّتي، وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولاك، وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الائمّة من ولدك [ بعدي ] مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة.

[ معنى العترة والال والاهل والذرية والسلالة ]

قال مصنف هذا الكتابرحمه‌الله : أن سأل سائل عن قول النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي إلّا وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » فقال: ما تنكرون أن يكون أبو بكر من العترة وكلُّ بني أميّة من العترة أو لا يكون العترة إلّا لولد الحسن الحسين فلا يكون عليُّ بن أبي طالب من العترة فقيل له: أنكرت ذلك لمّا جاءت به اللّغة ودلَّ عليه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمّا دلالة قولهعليه‌السلام فإنّه قال: عترتي أهل بيتي « والاهل مأخوذ من أهالة البيت وهم الّذين يعمرونه فقيل لكل من عمر البيت أهل، كما قيل عمر البيت أهله، ولذلك قيل لقريش: آل الله لأنّهم عمار بيته، والال: الأهل، قال الله عزَّ وجلَّ في قصّة لوط: «فأسر بأهلك بقطع

____________

(١) في بعض النسخ « مدينة العلم » وفي بعضها ممّا بزيادة الواو.

٢٤١

من اللّيل »(١) وقال: «إلّا آل لوط نجّيناهم بسحر »(٢) فسمّى الال أهلاً، والال في اللّغة الاهل. وإنّما أصله أنَّ العرب إذا ما أرادت أن تصغّر الاهل قالت: أهيل، ثمَّ استثقلت الهاء فقالت: آل، وأسقطت الهاء فصار معنى الال كلُّ من رجع إلى الرَّجل من أهله بنسبه.

ثمَّ استعير ذلك في الاُمّة فقيل: لمن رجع إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدينه آل، قال الله عزَّ وجلَّ: «أدخلوا آل فرعون أشدَّ العذاب » وإنّما صحَّ أن الال في قصّة فرعون متبعوه لأنّ الله عزَّ وجلَّ إنّما عذبه على الكفر ولم يعذِّبه على النسب فلم يجز أن يكون قوله « أدخلوا آل فرعون » أهل بيت فرعون، فمتى قال قائل: آل الرَّجل فانما يرجع بهذا القول إلى أهله إلّا أن يدلَّ عليه بدلالة الاستعارة كما جعل الله جلَّ وعزَّ بقوله «أدخلوا آل فرعون » وروي عن الصادقعليه‌السلام أنَّه قال: « ما عنى إلّا ابنيه ».

وأما الاهل فهم الذّرّية من ولد الرَّجل وولد أبيه وجدّه ودنيه على ما تعورف ولا يقال لولد الجدِّ إلّا بعد: أهل، إلّا ترى أنَّ العرب لا تقول للعجم: أهلنا، وإن كان إبراهيمعليه‌السلام جدُّهما ولا تقول من العرب مضر لأياد: أهلنا، ولا لربيعة، ولا تقول قريش لسائر ولد مضر: أهلنا، ولو جاز أن يكون سائر قريش أهل الرَّسولعليه‌السلام بالنسب لكان ولد مضر وسائر العرب أهله، فالاهل أهل بيت الرَّجل ودنيه، فأهل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنو هاشم دون سائر البطون، فإذا ثبت أنَّ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي » فسأل سائل ما العترة فقد فسّرها هوعليه‌السلام بقوله « أهل بيتي » وهكذا في اللّغة أنَّ العترة شجرة تنبت على باب جحر الضبِّ قال الهذليُّ:

فما كنت أخشي أن أقيم خلافهم

لستة أبيات كما ينبت العتر(٣)

__________________

(١) هود: ٨١.

(٢) القمر: ٣٤.

(٣) العتر - بكسر العين وسكون التاء - نبت ينبت مثل المرزنجوش متفرقاً، فإذا طال وقطع أصله خرج منه شبه اللبن. وقيل: هو المرزنجوش، وقيل: هو العرفج.

٢٤٢

قال أبو عبيد(١) في كتاب الأمثال - حكاه عن أبي عبيدة -(٢) : العتر والعطر: أصل للانسان ومنه قولهم: « عادت لعترها لميس »(٣) أي عادت إلى خلق كانت فارقته.

فالعترة في أصل اللّغة أهل الرَّجل وكذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عترتي أهل بيتي » فتبيّن أنَّ العترة الأهل الولد وغيرهم، ولو لم تكن العترة الأهل وكانوا الولد دون سائر أهله لكان قولهعليه‌السلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علىَّ الحوض » لم يدخل عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام في هذه الشريطة لأنّه لم يدخل في العترة فلا يكون عليّعليه‌السلام ممّن لا يفارقه الكتاب ولا ممّن إن تمسكنا به لن نضلَّ ولا يكون ممّن دخل في هذا القول فيكون كلام النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصّاً دون عامّ، فإنَّ صلح أن يكون خاصّاً في الولد صلح أن يكون في بعض الولد لأنّه ليس في الكلام ما يدلُّ على خصوصيّة في جنس دون جنس.

و مما يدلُّ أنَّ عليّاًعليه‌السلام داخل في العترة قولهعليه‌السلام : « إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » وقد أجمعت الاُمّة إلّا من شذَّ ممّن لا يعدُّ في ذلك بخلاف أنَّ عليّاًعليه‌السلام لم يفارق حكم كتاب الله وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخلف في وقت مضيه أحداً أعلم بكتاب الله منه، وقد كان الحسن والحسينعليهما‌السلام ممّن خلّفهما فهل في الاُمّة من يقول: إنّهما كانا أعلم بكتاب اللسه منه وهل كانا إلّا آخذين عنه ومقتدين به، ولا يخلو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا » لكلِّ عصر أراد، أو لعصر دون

__________________

(١) هو القاسم بن سلام - كظلام - المتوفى ٢٢٣ وكان من المشاهير في اللّغة والحديث والادب.

(٢) هو معمر - كجعفر - ابن المثنى - كمعمي - البصري النحوي اللغوى. المتوفى ٢٠٩. وفي مروج الذهب « وفي سنة ٢١١ مات أبو عبيدة العمرى معمر بن المثنى كان يرى رأى الخوارج وبلغ نحواً من مائة سنه ولم يحضر جنازته أحد من النّاس بالمصلى حتّى اكترى لها من يحملها ولم يكن يسلم عليه شريف ولا وضيع إلّا تكلم فيه ».

(٣) العتر: الاصل. ولميس اسم امرأة، مثل يضرب لمن يرجع إلى عادة سؤء تركها، واللام في لعترها بمعنى إلى كما في التنزيل « ولو ردوا لعادوا لمّا نهو عنه ».

٢٤٣

عصر، فإن كان لكلِّ عصر فالعصر الّذي كان عليٌّعليه‌السلام قائماً فيه من كان مخلّفاً فينا؟ هل كان الحسن والحسين هما المرادين بهذا القول أو عليّعليه‌السلام ؟ فإنَّ قال قائل: إنَّه الحسن والحسينعليهما‌السلام أوجب أنّهما كانا في وقت مضيِّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم من أبيهماعليهم‌السلام وخرج من لسان الاُمّة(١) ، وإن قال: إنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد بهذا وقتاً دون وقت أجاز على نفسه أن يكون أراد بعض العترة دون البعض لأنّه ليس الوقت الّذي يدعيه خصمنا أحقّ بما ندَّعيه فيه من قول غيره ولا بدَّ من أن يكون النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمَّ بقوله التخليف لكلِّ الأعصار والدهور أو خصَّ، فإن كان عمَّ فالعصر الّذي قام فيه عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام قد أوجب أن يكون من عترته، اللّهمّ إلّا أن يقال: إنََّه ظلم إذ كان بحضرته من ولده من هو أعلم منه، وهذا لا يقول به مسلم ولا يجيزه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤمن، وكان مرادنا بإيراد قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » في هذا الباب إثبات اتّصال أمر حجج اللهعليهم‌السلام إلى يوم القيامة وأنَّ القرآن لا يخلو من حجّة مقترن إليه من الائمّة الّذين هم العترةعليهم‌السلام يعلم حكمه إلى يوم القيامة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » وهكذا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنَّ مثلهم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة » تصديق لقولنا « إنَّ الأرض لا تخلو من حجّة الله على خلقه ظاهر مشهور أو خاف مغمور لئلّا تبطل حجج الله عزَّ وجلَّ وبيناته، وقد بيّن النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العترة المقرونة إلى كتاب الله جلَّ وعزَّ في الخبر الّذي:

حدّثنا به أحمد بن الحسن القطان قال: حدّثنا الحسن بن عليٍّ السكريُّ، عن محمّد بن زكريّا الجوهريِّ، عن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض كهاتين

__________________

(١) أي خرج القائل من لسان الاُمّة واجماعهم.

٢٤٤

- وضمِّ بين سبّابتيه - فقام إليه جابر بن عبد الله الانصاريُّ وقال: يا رسول الله من عترتك؟ قال: عليٌّ والحسن والحسين والائمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة.

وحكى محمّد بن بحر الشيبانيِّ، عن محمّد بن عبد الجبّار صاحب أبي العبّاس ثعلب في كتابه الّذي سماه كتاب الياقوتة، قال: حدّثني أبو العبّاس ثعلب(١) قال: حدّثني ابن الاعرابي قال: العترة: قطاع المسك الكبار في النافجة وتصغيرها عتيرة. والعترة الرِّيقة العذبة وتصغيرها عتيرة. والعترة شجر تنبت على باب وجار الضب - وأحسبه أراد وجار الضبع لأنّ الّذي يكون هو للضب مكن(٢) وللضبع وجار - ثمّ قال: واذا خرجت الضبِّ من وجارها تمرغت على تلك الشجرة فهي لذلك لا تنمو ولا تكبر، والعرب تضرب مثلاً للذَّليل والذِّلّة فتقول: أذلَّ من عترة الضبِّ قال: وتصغيرها عتيرة والعترة ولد الرَّجل وذرّيتّه من صلبه ولذلك سميت ذرِّيّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عليّ وفاطمةعليهما‌السلام عترة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال ثعلب: فقلت لابن الأعرابي: فما معنى قول أبي بكر في السقيفة « نحن عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » قال: أراد بلدته وبيضته. وعترة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا محالة ولد فاطمةعليها‌السلام والدَّليل على ذلك ردُّ أبي بكر وإنفاد عليٍّعليه‌السلام بسورة براءة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « أمرت أن لا يبلّغها عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » فأخذها منه ودفعها إلى من كان منه دونه. فلو كان أبو بكر من العترة نسباً - دون تفسير ابن الأعرابي أنَّه أراد البلدة - لكان محالا أخذ سورة براءة منه ودفعها إلى عليٍّعليه‌السلام .

وقد قيل: إنَّ العترة الصخرة العظيمة يتّخذ الضبُّ عندها جحراً يأوي إليه وهذا لقلة هدايته، وقد قيل: إنَّ العترة أصل الشجرة المقطوعة الّتي تنبت من اُصولها وعروقها، والعترة في (غير) هذا المعنى قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا فرعة ولا عتيرة »(٣) وقال

__________________

(١) بالثاء المثلثة واليعن المهملة - أحمد بن يحيى المتوفى ٢٩١.

(٢) بفتح الميم وسكون الكاف، وفي بعض النسخ « مسكن » ولعله تصحيف.

(٣) الفرع - بالتحريك اول ولد تنتجه الناقة. كانوا يذبحونه لالهتهم يتبركون بذلك والعتيرة أيضاً هي الذبيحة الّتى كانت تذبح للاصنام في رجب فيصب دمها على رأسها.

٢٤٥

الاصمعيُّ: كان الرَّجل في الجاهليّة ينذر نذراً على شائه إذا بلغت غنمه مائة أن يذبح رجبيّته وعتائره، فكان الرَّجل ربّما بخل بشائه فيصيد الظباء ويذبحها عن غنمه عند آلهتهم ليوفي بها نذره، وأنشد الحارث بن حلّزة اليشكريُّ بيتاً:

عنتاً باطلاً وظلماً كما تعت

ر عن حجرة الرَّبيض الظباء(١)

يعني يأخذونها بذنب غيرها كما تذبح أولئك الظباء عن غنمهم، وقال الاصمعيُّ: والعترة الرِّيح، والعترة أيضاً شجرة كثيرة اللّبن صغيرة تكون نحو تهامة(٢) ويقال: العتر الذكر، عتر يعتر عتراً إذا نعظ، وقال الرِّياشيُّ: سألت الأصمعيَّ(٣) ، عن العترة فقال: هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرِّقاً.

قال محمّد بن عليِّ بن الحسين مصنّف هذا الكتاب: والعترة عليُّ بن أبي طالب وذرّيّته من فاطمة وسلالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ وهم ] الّذين نصَّ الله تبارك وتعالى عليهم بالامامة على لسان نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم اثنا عشر: أوَّلهم عليُّ بن أبي طالب وآخرهم المهديُّ صلوات الله عليهم على جميع ما ذهبت إليه العرب في معنى العترة: وذلك أنَّ الائمّةعليهم‌السلام من بين جميع بني هاشم ومن بين جميع ولد أبي طالب كقطاع المسك الكبار في النافجة، وعلومهم العذبة عند أهل الحكمة والعقل. وهم الشجرة الّتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصلها، وأمير المؤمنينعليه‌السلام فرعها، والائمّة من ولده أغصانها، وشيعتهم ورقها، وعلومهم ثمرها. وهمعليهم‌السلام اُصول الاسلام على معنى البلدة والبيضة.

__________________

(١) مصراع الثاني معناه أنَّ الرَّجل كان يقول في الجاهلية: أن بلغت ابلى مائة عترت عنها عتيرة، فإذا بلغت مائة ضمن بالغنم فصاد ظبياً فذبحه. والحجرة - كغرفة - حظيرة الغنم والابل. و - كغفلة - ناحية الدّار، ولعل الثاني هنا أصح والربيض - كأمير -: الغنم برعاتها المجتمعة في مربضها.

(٢) في المعاني « تكون نحو القامة ».

(٣) الرياشي - بكسر الراء، والشين المعجمة - هو أبو الفضل، العبّاس بن الفرج اللغوي المقتول بالبصرة أيّام العلوي البصري صاحب الزنج سنة سبع وخمسين ومائتين، سمع الاصمعي البصري المتوفى ٢١٥ اسمه عبد الملك بن قريب يكنى أبا سعيد.

٢٤٦

وهمعليهم‌السلام الهداة على معنى الصخرة العظيمة الّتي يتخذ الضبُّ عندها جحراً فيأوي إليه لقلّة هدايته، وهو أصل الشجرة المقطوعة لأنّهم وتروا وظلموا وجفوا وقطعوا ولم يواصلوا فنبتوا من أصولهم وعروقهم، لا يضرُّهم قطع من قطعهم، ولا إدبار من أدبر عنهم، إذ كانوا من قبل الله منصوصاً عليهم على لسان نبيِّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن معنى العترة هم المظلومون المأخوذون بما لم يجترموه ولم يذنبوه ومنافعهم كثيرة. وهمعليهم‌السلام ينابيع العلم على معنى الشجرة الكثيرة اللبن. وهمعليهم‌السلام ذكراناً غير إناث على معنى قول من قال: إنَّ العترة هو الذكر. وهمعليهم‌السلام جند الله عزَّ وجلَّ وحزبه على معنى قول الاصمعي: « أنَّ العترة الرِّيح » قال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « الرِّيح جند الله الأكبر » في حديث مشهور عنه، والرِّيح عذاب على قوم ورحمة لاخرين، وهمعليهم‌السلام كذلك كالقرآن المقرون إليهم بقول النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » قال الله عزَّ وجلَّ «وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلّا خساراً »(١) وقال عزَّ وجلَّ: «وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً *فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون *وأمّا الّذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون »(٢) وهمعليهم‌السلام أصحاب المشاهد المتفرِّقة والبيوت النازحة(٣) على معنى الّذي ذهب إليه من قال: إنَّ العترة هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرِّقاً، وبركاتهمعليهم‌السلام منبثة في المشرق والمغرب.

وأما الذرية فقد قال أبو عبيدة: تأويل الذُّريّات عندنا إذا كانت بالألف(٤)

__________________

(١) الاسراء: ٨٢.

(٢) التوبة: ١٢٥.

(٣) نزحت الدّار نزوحا: بعدت. وبلد نازح وقوم منازيح. وقد نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.

(٤) أي بالالف والتاء « الذريات ».

٢٤٧

الاعقاب والنسل، وأما الّذي في القرآن « والّذينيقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرِّيّاتنا قرة أعين (١) » قرأها عليُّعليه‌السلام وحده(٢) بهذا المعنى، والآية الّتي في يس «وآية لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم » وقوله عزَّ وجلَّ: «كما أنشأكم من ذرِّيّة قوم آخرين »(٣) فيه لغتان ذُرِّيّة وذِرّيّة، مثل علية وعلية وكانت قراءته بالضم وقرأها أبو عمرو، وهي قراءة أهل المدينة إلّا ما ورد عن زيد بن ثابت أنَّه قرأ «ذِرِّيّة من حملنا مع نوح »(٤) بالكسر، وقال مجاهد في قوله: «إلّا ذرِّيّة من قومه » إنّهم أولاد الّذين ارسل إليهم موسى ومات آباؤهم، فقال الفرَّاء: إنّما سمّوا ذرِّيّة لأنّ آباءهم من القبط وأمّهاتهم من بني إسرائيل، قال: وذلك كما قيل لاولاد أهل فارس الّذين سقطوا إلى اليمن: الابناء، لأنّ أمهاتهم من غير جنس آبائهم، قال أبو عبيدة: يريد الفرَّاء أنّهم يسمّون ذرِّيّة، وهم رجال مذكورون لهذا المعنى، وذرّيّة الرَّجل كأنّهم النشء الّذين خرجوا منه، وهو من « ذروت » أو « ذريت » وليس بمهموز، وقال أبو عبيدة: وأصله مهموز ولكن العرب تركت الهمزة فيه وهو في مذهبه من ذرأ الله الخلق كما قال الله جلَّ ثناؤه: «ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً من الجن والانس »(٥) وذرأهم أي أنشأهم وخلقهم، وقوله عزَّ وجلَّ «يذرؤكم (٦) » أي يخلقكم. فكان ذرِّيّة الرَّجل هم خلق الله عزَّ وجلَّ منه ومن نسله ومن إنشاء الله عزَّ وجلَّ من صلبه.

ومعنى السلالة الصفوة من كلِّ شيء، يقال: سلالة وسليل، وفي الحديث

__________________

(١) الفرقان: ٧٤.

(٢) أي بصيغة المفرد قبال الجمع.

(٣) الانعام: ١٣٣.

(٤) الاسراء: ٣.

(٥) الاعراف: ١٧٩.

(٦) الشورى: ١٠.

٢٤٨

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللّهمّ اسق عبد الرّحمن من سليل الجنّة »(١) ويقال: السليل هو صافي شرابها، وإنّما قيل له « سليل » لأنّه سُلَّ حتّى خلص، وهو فعيل بمعنى المفعول، قالوا في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ: «ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين »(٢) يعني أنَّه من صفوة طين الأرض، والسلالة النتاج، سلَّ من أمه أي نتج، وقالت هند بنت أسماء(٣) وكانت تحت الحجاج بن يوسف الثقفيُّ:

وهل هند إلّا مهرة عربيّة

سليلة أفراس تجلّلها بغل(٤)

فإن نتجت مهراً كريما فبا الحريِّ

وإن يك أقرافاً فما فعل الفحل(٥)

وروي فما جنى الفحل. والسليل المنتوج، والسليلة المنتوجة كأنّه يريد النتاج الخالص الصافي.

وقيل للحسن والحسين والائمّة (من) بعدهما صلوات الله عليهم أجمعين: سلالة

__________________

(١) في النهاية: قيل هو الشراب البارد، وقيل: الخالص الصافي من القذى والكدر.

(٢) المؤمنون: ١٢.

(٣) في التاج وبعض نسخ الصحاح والعقد الفريد « هند بنت نعمان بن بشير ». ويمكن أن يكون « أسماء » أمها.

(٤) قوله « تجللها » في بعض الكتب « تحللها » بالحاء المهملة، وفي بعضها « تخللها » بالخاء المعجمة. وفي اللسان والتاج « وما هند » وقوله « بغل » كذا في التاج والصحاح. وفي العقد الفريد « بعل ». في اللسان قال ابن بري: وذكر بعضهم أنّها تصحيف وأن صوابه « نغل » - بفتح النون وسكون الغين المعجمة - وهو الخسيس من النّاس والدواب لأنّ البغل لا ينسل. انتهي. والمهر - بضم الميم وسكون الهاء -: ولد الفرس. والانثى: مهرة.

(٥) كذا وفي العقد الفريد: « فإنَّ أنجبت مهراً عريقاً فبالحرى * وان يك اقراف فما أنجب الفحل ». وفى لسان العرب: « وان يك اقراف فمن قبل الفحل ».

٢٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّهم الصفوة من ولدهعليهم‌السلام . وهذا معنى العترة والذُّريّة والسلالة في لغة العرب، ونسأل الله التوفيق للصواب في جميع الامور برحمته.

٢٣

( باب )

* (نص الله تبارك وتعال على القائمعليه‌السلام وأنه) *

* (الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام ) *

١ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادميُّ الرّازيُّ قال: حدّثنا محمّد بن آدم الشيبانيُّ(٢) عن أبيه أدم بن أبي إياس قال: حدّثنا المبارك بن فضالة، عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا عرج بي إلى ربّي جلَّ جلاله أتاني النداء: يا محمد! قلت: لبيك ربَّ العظمة لبّيك، فأوحى الله تعالي إليَّ يا محمّد فيم اختصم الملا الاعلي؟ قلت: إلهي لا علم لي، فقال: يا محمّد هلّا اتخذت من الادمين وزيراً وأخاً ووصيّاً من بعدك؟ فقلت: إلهي ومن أتّخذ؟ تخيّر لي أنت يا إلهي، فأوحى الله إليَّ: يا محمّد قد اخترت لك من الادميين عليّ بن أبي طالب، فقلت: إلهيَّ ابن عمي؟ فأوحى الله إليَّ يا محمّد إن عليّاً وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمّتك، ثمّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ: يا محمّد إنّي قد أقسمت على نفسي قسماً حقّاً لا يشرب من ذلك الحوض مبغضٌ لك ولأهل بيتك وذرّيّتك الطيّبين الطاهرين، حقّاً أقول: يا محمّد لادخلنَّ جميع أمتك الجنّة إلّا من أبي من خلقي، فقلت: إلهي [ هل ] واحد يأبى من دخول الجنّة؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ: بلى، فقلت: وكيف يأبي؟ فأوحى

__________________

(٢) كذا وآدم بن أبى أياس ثقة وهو العسقلاني لا الشيباني كما في التقريب. ومحمّد ابن آدم ابنه عامي مهمل. ومبارك بن فضالة أيضاً عامي مختلف فيه.

٢٥٠

الله إليَّ: يا محمّد اخترتك من خلقي، واخترت لك وصيّاً من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدك، وألقيت محبّته في قلبك وجعلته أبا لولدك فحقّه بعدك على اُمّتك كحقّك عليهم في حياتك، فمن جحد حقّه فقد جحد حقّك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنّة، فخررت لله عزَّ وجلَّ ساجداً شكراً لمّا أنعم علي، فإذا منادياً ينادى ارفع يا محمّد رأسك، وسلني أعطك، فقلت: إلهي اجمع أمّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا جميعاً عليِّ حوضى يوم القيامة؟ فأوحى الله تعالى إليّ يا محمّد إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم، لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء. وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمّتك، عزيمةً منّي (لادخل الجنّة من أحبّه و) لا ادخل الجنّة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضني، ومن عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبّه فقد أحبّك، ومن أحبّك فقد أحبّني، وقد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً كلّهم من ذرّيّتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم، يملا الأرض عدلاً كما ملئت منهم ظلماً وجوراً، انجي به من الهلكة، وأهدي به من الضّلالة، وابريء به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيّدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظهر الجهل، وكثر القراء، وقلَّ العمل، وكثر القتل، وقلَّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضّلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتّخذ أمتك قبورهم مساجد، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرِّجال بالرِّجال، والنساء بالنساء، وصارت الامراء كفرة، وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة، وذوي الرَّأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزُّنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن عليٌّ وظهور الدَّجال

٢٥١

يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني، فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إليَّ وأخبرني ببلاء بني امية وفتنة ولد عمّي، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض وأديت الرسالة، ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيّون وكما حمده كلُّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة.

٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن همام قال: حدّثنا أحمد بن مابنداذ(١) قال حدّثنا أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير(٢) عن المفضّل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا اُسري بي إلى السّماء أوحى إليَّ ربّي جلَّ جلاله فقال: يا محمّد إنّي أطلعت على الأرض إطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيّاً وشققت لك من اسمي إسما، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ أطلعت الثانيّة فاخترت منها عليّاً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذرّيّتك، وشققت له اسماً من أسمائي، فأنا العليُّ الاعلى وهو عليٌّ، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثمّ عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان عندي من المقرَّبين، يا محمّد لو أنَّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشنِّ البالي، ثمّ أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي، يا محمّد تحبُّ أن تراهم؟ قلت: نعم يا ربّ فقال عزَّ وجلَّ: ارفع رأسك فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين، وعليِّ بن الحسين ومحمّد بن عليٍّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليِّ بن موسى، ومحمّد بن عليٍّ وعليِّ بن محمد؟ والحسن بن عليٍّ، و « م ح م د » بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري

__________________

(١) في المحكى عن ايضاح الرجال - في هامش بعض المخطوطة « ما بنذاذ بالميم قبل الالف والباء المضمومة المنقطة تحتها نقطة بعد الالف ثمّ النون. ثمّ الذال المعجمة المفتوحة بعد الالف وقبلها ». ولم أقف على حاله.

(٢) احمد بن هلال العبرتائي متهم في دينه غال. ورواية ابن أبي عمير عن المفضل بدون الواسطة بعيد

٢٥٢

قلت: يا ربِّ ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الائمّة وهذا القائم الّذي يحلّل حلالي ويحرِّم حرامي وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لاوليائي، وهو الّذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللّات والعزَّى طرييّن فيحرقهما، فلفتنة النّاس يومئذ بهما أشدُّ من فتنة العجل والسّامريِّ.

٣ - حدّثنا غير واحد من أصحابنا قالوا: حدّثنا محمّد بن همّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الفرازيّ قال: حدّثني الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث قال: حدّثني المفضّل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن يزيد الجعفيِّ قال: سمعت جابر بن عبد الله الانصاريَّ يقول: لمّا أنزل الله عزَّ وجلَّ على نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الامر منكم » قلت « يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن أولو الامر الّذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقالعليه‌السلام : هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين [ من ] بعدي أوّلهم عليُّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن والحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليٍّ المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى ابن جعفر، ثمّ عليُّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليٍّ، ثمّ عليِّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليٍّ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن عليٍّ، ذاك الّذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للايمان، قال جابر: فقلت له: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقالعليه‌السلام : إى والذي بعثني بالنبوَّة أنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشمس وإن تجللها سحاب، يا جابر هذا من مكنون سرَّ الله، ومخزون علمه، فاكتمه إلّا عن أهله.

قال جابر بن يزيد: فدخل جابر بن عبد الله الانصاريُّ على عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فبينما هو يحدِّثه إذ خرج محمّد بن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام من عند نسائه وعلى رأسه ذؤابة وهو غلام فلمّا بصر به جابر ارتعدت فرائصه، وقامت كلُّ شعرة على بدنه ونظر

٢٥٣

إليه مليّاً، ثمَّ قال له: يا غلام أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر، فقال جابر: شمائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورب الكعبة، ثمّ قام فدنا منه، فقال له: ما اسمك يا غلام؟ فقال: محمّد قال: ابن من؟ قال: ابن عليِّ بن الحسين، قال: يا بنيَّ فدتك نفسي فأنت إذاً الباقر؟ فقال: نعم، ثمّ قال: فأبلغني ما حملك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال جابر: يا مولاي أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشّرني بالبقاء إلى أن ألقاك وقال لي: إذا لقيته فأقرئه منّي السّلام، فرسول الله يا مولاي يقرء عليك السّلام، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : يا جابر على رسول الله السّلام ما قامت السّماوات والارض، وعليك يا جابر كما بلّغت السلام، فكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلّم منه فسأله محمّد بن عليٍّعليهما‌السلام عن شيء فقال له جابر: والله ما دخلت في نهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد أخبرني أنّكم أئمّة الهداة من أهل بيته من بعده أحلم النّاس صغاراً، وأعلم النّاس كباراً، وقال: « لا تعلّموهم فهم أعلم منكم » فقال أبو جعفرعليه‌السلام : صدق جديِّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّي لاعلم منك بما سألتك عنه ولقد أوتيت الحكم صبيّاً كلّ ذلك بفضل الله علينا ورحمته لنا أهل البيت.

٤ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشميُّ قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفيُّ قال: حدّثنا محمّد بن عليِّ بن أحمد بن الهمدانيُّ قال: حدّثني أبو الفضل العبّاس بن عبد الله البخاري قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله ابن القاسم بن محمّد بن أبي بكر قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن عليّ ابن موسى الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد ابن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن - أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما خلق الله خلقا أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي، قال: عليٌّعليه‌السلام : فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقالعليه‌السلام : يا عليه منّي، قال: عليّعليه‌السلام : فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقالعليه‌السلام : يا عليُّ إنَّ الله تبارك وتعالى فضَّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرَّبين، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا عليُّ وللائمّة من بعدك فإنَّ الملائكة لخدّامنا وخدام محبّينا، يا عليُّ الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا عليُّ لو لا نحن ما خلق الله آدم ولا حوَّا، ولا

٢٥٤

الجنّة ولا النّار، ولا السّماء ولا الأرض، وكيف لا يكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزَّ وجلَّ وتسبيحه وتقديسه وتهليله لأنّ أوَّل ما خلق الله عزَّ وجلَّ أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثمّ خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا امورنا فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون وأنّه منزَّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكة لستبيحنا ونزَّهته عن صفاتنا، فلمّا شاهدوا عظم شأننا هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا الله وأنا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا: لا إله إلّا الله، فلمّا شاهدوا كبر محلنا كبّرنا الله لتعلم الملائكة أنَّ الله أكبر من أن ينال وأنّه عظيم المحل، فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من العزَّة والقوَّة، قلنا: لا حول ولا قوَّة إلّا بالله العلي العظيم لتعلم الملائكة أنَّ حول ولا قوَّة إلّا بالله، فقالت الملائكة: لا حول ولا قوَّة إلّا بالله، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطّاعة قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحقُّ الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله، فبنا اهتدوا إلى معرفة [ توحيد ] الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده، ثمّ أنَّ الله تعالى خلق آدمعليه‌السلام وأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسّجود له تعظيماً لنا وإكراما وكان سجودهم لله عزَّ وجلَّ عبودية ولادم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.

وإنّه لمّا عرج بي إلى السّماء أذن جبرئيل مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى، ثمّ قال: تقدَّم يا محمّد، فقلت: يا جبرئيل أتقدَّم عليك؟ فقال: نعم لأنّ الله تبارك وتعالى اسمه فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين وفضّلك خاصّة، فتقدَّمت وصلّيت بهم ولا فخر، فلمّا انتهينا إلى حجب النور قال لي جبرئيلعليه‌السلام : تقدَّم يا محمّد وتخلف عني، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمّد أنَّ هذا انتهاء حدي الّذي وضعه الله عزَّ وجلَّ لي في هذا المكان فإنَّ تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزخ بي زخة في النور حتّى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزَّ وجلَّ من ملكوته، فنوديت يا محمّد، فقلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت، فنوديت يا محمّد أنت عبدي و

٢٥٥

أنا ربّك فايّاي فاعبد، وعليَّ فتوكَّل فانّك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجّتي في بريّتي، لمن تبعك خلقت جنّتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولاوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتك أوجبت ثوابي، فقلت: يا ربِّ ومن أوصيائي؟ فنوديت يا محمّد [ إن ] أوصياءك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت - وأنا بين يدي ربّي - إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نوراً، في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصي من أوصيائي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهدي امتي، فقلت: يا ربّ أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت يا محمّد هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريَّتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك. وعزَّتي وجلالي لاظهرنَّ بهم ديني، ولاعلينَّ بهم كلمتي، ولاُطهرنَّ الأرض بآخرهم من أعدائي، ولا ملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها، ولاسخرن له الرياح، ولاذّللنّ له الرِّقاب الصعاب ولا رقينه في الاسباب، ولانصرنّه بجندي، ولامدنه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لاديمنّ ملكه ولاداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة. والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على نبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليماً.

٢٤

( باب )

* (ما روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النص على القائمعليه‌السلام )

* (وأنه الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام ) *

١ - حدّثنا محمّد بن عليٍّ ماجيلويهرضي‌الله‌عنه قال: حدّثني عمّي محمّد بن أبي القاسم عن محمّد بن عليّ الصيرفيّ الكوفيّ، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن جابر ابن يزيد الجعفيّ، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرّحمن بن سمرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لعن المجادلون(١) في دين الله على لسان سبعين نبيّاً، ومن جادل في آيات الله فقد

__________________

(١) في بعض النسخ « لعن الله المجادلين ».

٢٥٦

كفر، قال الله عزَّ وجلَّ: «ما يجادل في آيات الله إلّا الّذين كفروا فلا يغررك تقلّبهم في البلاد »(١) ومن فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب، ومن أفتى النّاس بغير علم فلعنته ملائكة السماوات والارض، وكلّ بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة سبيلها إلى النار.

قال عبد الرّحمن بن سمرة: فقلت: يا رسول الله أرشدني إلى النجاة، فقال: يا ابن سمرة إذا اختلف الأهواء وتفرَّقت الاراء فعليك بعليِّ بن أبي طالب فإنّه إمام امّتي وخليفتي عليهم من بعدي، وهو الفاروق الّذي يميز به بين الحقِّ والباطل، من سأله أجابه ومن استرشده أرشده، ومن طلب الحقِّ عنده وجده، ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليه أمنه، ومن استمسك به نجّاه، ومن اقتدى به هداه، يا ابن سمرة سلم منكم من سلم له ووالاه، وهلك من ردَّ عليه وعاداه، يا ابن سمرة إنَّ عليّاً منّي، روحه من روحي، وطينته من طينتي، وهو أخي وأنا أخوه، وهو زوج ابنتي فاطمة سيّدة نساء العالمين من الاولين والاخرين، وإنَّ منه إمامي أمّتى وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائم أمّتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

٢ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعيُّ، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليِّ بن سالم، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن - عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ الله تبارك وتعالى أطلع إلى الأرض(٢) إطلاعة فاختارني منها فجعلني نبيّاً، ثمّ أطلع الثانية فاختار منها عليّاً فجعله إماماً، ثمّ أمرني أن أتخذه أخاً ووليّاً ووصيّاً وخليفةً ووزيراً، فعليٌّ منّي وأنا من عليّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، إلّا وإنَّ الله تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري، ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي، ومهديُّ أمّتي، أشبه النّاس بي في شمائله وأقواله وأفعاله

__________________

(١) المؤمن: ٤.

(٢) كذا في جميع النسخ وهكذا فيما سيأتي ص ٢٦٣ والقياس « على الأرض ».

٢٥٧

يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلّة، فيعلن أمر الله، ويظهر دين الله جلَّ وعزَّ، يؤيّد بنصر الله وينصر بملائكة الله، فيملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

٣ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ قال: حدّثنا موسي بن عمران النخعيُّ، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن ابن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدَّثني جبرئيل عن ربِّ العزَّة جلَّ جلاله أنَّه قال: من علم أن لا إله إلّا أنا وحدي، وأنَّ محمداً عبدي ورسولي، وأنَّ عليّ بن أبي طالب خليفتي، وأنَّ الائمّة من ولده حججي أدخله الجنّة برحمتي، ونجيّته من النّار بعفوي، وأبحث له جواري، وأوجبت له كرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصّتي وخالصتي، أن ناداني لبّيته، وإن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن سكت ابتدأته، وإن أساء رحمته، وإن فرَّ منّي دعوته، وإن رجع إلىَّ قبلته وإن قرع بابي فتحته. ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ محمداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ عليَّ بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أنَّ الائمّة من ولده حججي فقد جحد نعمتي، وصغّر عظمتي، وكفر بآياتي وكتبي، أنَّ قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيّبته، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلام للعبيد.

فقام جابر بن عبد الله الانصاريُّ فقال: يا رسول الله ومن الائمّة من ولد عليّ ابن أبي طالب؟ قال: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليُّ بن الحسين، ثمّ الباقر محمّد بن عليِّ وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فأقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر، ثمّ الرضا عليّ بن موسى، ثمّ التقيُّ محمّد بن عليّ، ثمّ النقيُّ على بن محمّد، ثمّ الزكيُّ الحسن بن عليٍّ، ثمّ ابنه القائم بالحق مهديُّ أمتي الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي،

٢٥٨

من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عزَّ وجلَّ السّماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها(١) .

٤ - حدّثنا عليُّ بن أحمدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ عن موسى بن عمران، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن يحيى بن أبي القاسم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدِّهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الائمّة بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ بن أبي طالب واخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي، وحجج الله على أمّتي بعدي، المقرُّ بهم مؤمن، والمنكر لهم كافر(٢) .

٥ - حدّثنا عليُّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ، عن أبيه عن جدِّه أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمّد بن خالد، عن محمّد بن داود، عن محمّد بن الجارود العبديِّ، عن الاصبغ بن نباته، قال: خرج علينا أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسنعليه‌السلام وهو يقول: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم ويدي في يده هكذا وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا، وهو إمام كلِّ مسلم، ومولى كلِّ مؤمن(٣) بعد وفاتي. إلّا وإنى أقول: خير الخلق بعدي وسيدهم ابني هذا، وهو إمام كلِّ مؤمن، ومولى كلِّ مؤمن(٤) بعد وفاتي، إلّا وإنّه سيظلم بعدي كما ظلمتُ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه المقتول في أرض كربلاء، إما إنَّه(٥) وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة، ومن بعد الحسين تسعة من

__________________

(١) ماد يميد أي اضطرب وتحرك.

(٢) في بعض النسخ « لهم جاحد ».

(٣) في بعض النسخ « أمير كلّ مؤمن ».

(٤) في بعض النسخ « وهو امام كلّ مسلم وأمير كلّ مؤمن ».

(٥) في بعض النسخ « في أرض كرب وبلاء إلّا وإنّه ».

٢٥٩

من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده، وأمناؤه على وحيه، وأئمّة المسلمين وقادة المؤمنين، وسادة المتقيّن، تاسعهم القائم الّذي يملأ الله عزَّ وجلَّ به الأرض نوراً بعد ظلمتها، وعدلاً بعد جورها، وعلماً بعد جهلها، والّذي بعث أخي محمّداً بالنبوَّة واختصَّني بالامامة لقد نزل بذلك الوحي من السّماء على لسان الرُّوح الأمين جبرئيل، ولقد سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأنا عنده - عن الائمّة بعده فقال للسائل: والسماء ذات البروج إنَّ عددهم بعدد البروج، وربِّ الليالي والايام والشهور إنَّ عددهم كعدد الشهور. فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده على رأسي فقال: أوّلهم هذا وآخرهم المهديُّ، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن أحبّهم فقد أحبّني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني، ومن عرفهم فقد عرفني، بهم يحفظ الله عزَّ وجلَّ دينه، وبهم يعمر بلاده، وبهم يرزق عباده، وبهم نزل القطر من السّماء، وبهم يخرج بركات الأرض هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين.

٦ - حدّثنا محمّد بن عليٍّ ماجيلويهرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه،عليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبَّ أن يتمسّك بديني، ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعليِّ بن أبي طالب، وليعاد عدوَّه وليوال وليّه، فإنّه وصيّي، وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلِّ مسلم وأمير كلِّ مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمره أمري، ونهيه نهيي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي، ثمّ قالعليه‌السلام : من فارق عليّاً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف عليّاً حرَّم الله عليه الجنّة، وجعل مأواه النّار [ وبئس المصير ] ومن خذل عليّاً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه، ولقّنه حجّته عند المسألة، ثمّ قالعليه‌السلام : الحسن والحسين إماماً أمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، وأمّهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيّين. ومن ولد الحسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي،

٢٦٠