إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

إعلام الورى بأعلام الهدى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف: ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555
المشاهدات: 128663
تحميل: 10061


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128663 / تحميل: 10061
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-319-010-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

(الباب الأول)

في ذكر الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام

الأمام الثاني ، والسبط الأوّل ، سيّد شباب أهل الجنّة

ويتضمن خمسة فصول :

٤٠١

( الفصل الأول )

في ذكر مولده ، ومبلغ عمره ،

ومدّة خلافته ، ووقت وفاته ،

وموضع قبره عليه السلام

ولدعليه‌السلام بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل سنة اثنتين من الهجرة ، وكنيته أبو محمّد.

جاءت به اُمّه فاطمة سيّدة النساءعليها‌السلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنّة نزل بها جبرئيل إلى رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمّاه حسناً ، وعقّ عنهكبشاً(1) .

وقبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وله سبع سنين وأشهر ، وقيل : ثمان سنين(2) .

وقام بالأمر بعد أبيهعليه‌السلام وله سبع وثلاثون سنة.

وأقام في خلافته ستّة أشهر وثلاثة أيّام ، ووقع الصلح بينه وبين معاوية في سنة إحدى وأربعين(3) ، وإنّما هادنه(4) عليه‌السلام خوفاً على نفسه ؛ إذكتب إليه جماعة من رؤساء أصحابه في السرّ بالطاعة وضمنوا له تسليمه إليه

_________

(1) ارشاد المفيد 2 : 5 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 28.

(2) انظر : مناقب ابن شهرآشوب 4 : 28.

(3) انظر : مناقب ابن شهر آشوب 4 : 29.

(4) لإدراك مغزى وأبعاد هذا الصلح المبرم بين الامام الحسنعليه‌السلام ومعاوية بن أبي سفيان تراجع المصادر المختصة بهذا الموضوع.

٤٠٢

عند دنوّهم من عسكره ، ولم يكن منهم من يأمن غائلته إلاّ خاصّة من شيعته لا يقومون لأجناد الشام.

وكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح وبعث بكتب أصحابه إليه ، فاجابه إلى ذلك بعد أن شرط عليه شروطاً كثيرة ، منها : أن يترك سبّ أميرالمؤمنينعليه‌السلام والقنوت عليه في الصلاة ، وأن يؤمن شيعته ولايتعرّض لأحد منهم بسوء ، ويوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه.

فاجابه معاوية إلى ذلك كلّه ، وعاهده على الوفاء به ، فلمّا استتمّت الهدنة قال في خطبته : إنّي منّيت الحسن وأعطيته أشياء جعلتها تحت قدمي ، لا أفي بشيء منها له(1) !!

وخرج الحسنعليه‌السلام إلى المدينة وأقام بها عشر سنين ، ومضىإلى رحمة الله تعالى لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة وله سبع وأربعون سنة وأشهر مسموماً ، سمّته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس ، وكان معاوية قد دسّ إليها من حملها على ذلك وضمن لها أن يزوّجها من يزيد إبنه وأوصل إليها مائة ألف درهم فسقته السمّ.

وبقيعليه‌السلام مريضاً أربعين يوماً ، وتولّى أخوه الحسينعليه‌السلام غسله وتكفينه ودفنه عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بالبقيع(2) .

_________

(1) انظر : ارشاد المفيد 2 : 12.

(2) انظر : ارشاد المفيد 2 : 15 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 42 ، مقاتل الطالبيين : 73 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 49.

٤٠٣

(الفصل الثاني )

في ذكر الدلالة على إمامته

وأنه المنصوص عليه بالإمامة من جهة أبيه عليه السلام

لنا في ذلك طرق

أحدها : أن نقول : قد ثبت وجوب الإمامة في كلّ زمان من جهة العقل ، وأنّ الإمام لا بدّ أن يكون معصوماً ، منصوصاً عليه ، وعلمنا أنّ الحقَ لايخرج عن اُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فإذا ثبت ذلك سبرنا أقوال الاُمّة بعد وفاة أمير المؤمنينعليه‌السلام :

فقائل يقول : لا إمام. وقوله باطل بما ثبت من وجوب الإمامة.

وقائل يقول : بإمامة من ليس بمعصوم. وقوله باطل بما ثبت من وجوب العصمة.

وقائل يقول : بإمامة الحسنعليه‌السلام ويقول : بعصمته ، فيجب القضاء بصحّة قوله ، وإلاّ أدّى إلى خروج الحقّ عن أقوال الأمّة.

وثانيها : أن نستدلّ بتواتر الشيعة ونقلها خلفاً عن سلف : أنّ أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام نصّ على ابنه الحسنعليه‌السلام بحضرة شيعته واستخلفه عليهم بصريح القول ، ولا فرق بين من ادّعى عليهم الكذب فيما تواترت به ، وبين من ادّعى على الاُمّة الكذب فيما تواترت به من معجزات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو ادّعى على الشيعة الكذب فيما تواتروا به من النص على أمير المؤمنينعليه‌السلام .وكلّ سؤال ، يسأل على هذا فمذكور في كتب الكلام.

وثالثها : أنّه قد اشتهر في الناس وصية أمير المؤمنينعليه‌السلام إليه

٤٠٤

خاصّة من بين ولده وأهل بيته ، والوصيّة من الإمام توجب الاستخلاف للموصى إليه على ما جرت به عادة الأنبياء والأئمّة في أوصيائهم ، لا سيّما والوصيّة علم عند آل محمد صلوات الله عليهم كافّة إذا انفرد بها واحدٌ بعينه على استخلافه ، وإشارة إلى إمامته ، وتنبيهٌ على فرض طاعته ، وإجماعُ آل محمّد صلوات الله عليهم حجّة.

ورابعها : أن نستدلّ بالأخبار الواردة فيما ذكرناه ، فمن ذلك :

ما رواه محمّد بن يعقوب الكلينيّ ـ وهو من أجلّ رواة الشيعة وثقاتها ـ عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن اُذينة ، عن أبان ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : شهدت أمير المؤمنينعليه‌السلام حين أوصى إلى ابنه الحسنعليه‌السلام وأشهد على وصيته الحسينعليه‌السلام ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال له : «يا بنيّ ، أمرني رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم أن اُوصي إليك وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إِليّ ودفع إليّ كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين».

ثمّ أقبل على ابنه الحسينعليه‌السلام فقال : «وأمرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تدفعها إلى إبنك هذا» ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين وقال : «وأمرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تدفعها إلى ابنك محمّد ابن عليّ ، واقرأه من رسول الله ومنّي السلام »(1) .

وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ،

_________

(1) الكافي 1 : 236 | 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 322 | 1.

٤٠٥

عن أبي جعفر محمد بن عليّعليهما‌السلام مثل ذلك سواء(1) .

وعنه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «إن أمير المؤمنينعليه‌السلام لمّا حضرته الوفاة قال لابنه الحسن : اُدن منّي حتّى أسر إليك ما أسر إليّ رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأئتمنك على ما ائتمنني عليه» ففعل(2) .

وبإسناده رفعه إلى شهر بن حوشب : أنّ عليّاًعليه‌السلام لمّا سار إلى الكوفة استودع اُمّ سلمة رضي الله عنها كتبه والوصيّة ، فلمّا رجع الحسنعليه‌السلام دفعتها إليه(3) .

وخامسها : إنّا وجدنا الحسن بن عليّعليهما‌السلام قد دعا إلى الأمر بعد أبيه وبايعه الناس على أنّه الخليفة والإمام ، فقد روى جماعة من أهل التاريخ : أنّهعليه‌السلام خطب صبيحة الليلة التي قبض فيها أميرالمؤمنينعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال : «لقد قبض في هذه الليلة رجلٌ لم يسبقه الأوّلون ولا يدركه الاخرون ، لقد كان يجاهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقيه بنفسه ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوجّهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، فلا يرجع حتّى يفتح الله تعالى على يديه ، ولقد توفّيعليه‌السلام في هذه الليلة التي عرج فيها عيسى بن مريم ، وفيها قبض يوشع بن نون ، وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت

_________

(1) الكافي 1 : 237 | 5 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 322 | 2.

(2) الكافي 1 : 236 | 3 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 322 | 3.

(3) الكافي 1 : 236 | 3 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 322 | 4.

٤٠٦

من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله ».

ثمّ خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه ، ثمّ قال : «أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، أنا من أهل بيت افترض الله تعالى مودّتهم في كتابه فقال :( قُل لأ أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلاّ المَوَدّةَ فِي القُربى وَمَن يَقتَرِف حَسَنَةً نَّزِد لَهُ فِيهَا حُسناً ) (1) فالحسنة مودّتنا أهل البيت».

ثم جلس فقام عبدالله بن العبّاس بين يديه فقال : يا معاشر الناس ، هذا ابن نبيّكم ووصيّ إمامكم فبايعوه. فتبادر الناس إلى البيعة له بالخلافة(2) .

فلا بدّ أن يكون محقّاً في دعوته ، مستحقّاً لإمامة مع شهادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له ولأخيه بالإمامة والسيادة في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا»(3) وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»(4) وشهادة القرآن

_________

(1) الشورى 42 : 23.

(2) ارشاد المفيد 2 : 7 ، كشف الغمة ا : 532 ، مقاتل الطالبيين : 51 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 30.

(3) ارشاد المفيد 2 : 30 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 394 ، كشف الغمة ا : 533.

(4) أمالي الطوسي 1 : 319 ، مصنف ابن أبي شيبة 12 : 96 | 12226 ، سنن ابن ماجة ا : 44 | 118 ، مسند أحمد 3 و 62 و 82 و 5 : 319 و 392 ، صحيح الترمذي5 : 656 |3768 ، خصائص النسائي : 150 |140 ، المعجم الكبير للطبراني3 : 24 |98 52 و 2618 و 19 : 292 | 650 ، مستدرك الحاكم 3 : 166 ، ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك ، حلية الأولياء 4 : 139 و 5 : 71 ، أخبار اصفهان 2 : 343 ، تاريخ بغداد 1 : 140 و 6 : 372 و 11 : 90 ، شرح السنة للبغوي 4 : 193 | 4827 ، المطالب العالية لابن حجر 4 : 71 | 3993 ، مجمع الزوائد 9 : 182 وانظر : طرق

=

٤٠٧

بعصمتهما في قوله تعالى :( اِنَّما يُرِيدُ اللهَ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اَهْلَ الْبَيْتِوَ يُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا ً) (1) على ما تقدّم القول فيه.

وسادسها : أن نستدلّ على إمامته بما أظهر اللهّ عزّوجلّ على يديه من العلم المعجز ، ومن جملته حديث حبابة الوالبيّة أورده الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال : حدّثنا عليّ بن أحمد الدقّاق قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثنا عليّ بن محمد ، عن أبي عليّ محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن أحمد بن القاسم العجليّ ، عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد ، عن محمد بن خداهي ، عن عبدالله بن أيّوب ، عن عبدالله ابن هشام ، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ ، عن حبابة الوالبيّة قالت : رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في شرطة الخميس ، ثمّ ساقت الحديث إلىأن قالت : فلم أزل أقفو اثره حتّى قعد في رحبة المسجد فقلت له : يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة رحمك الله؟

قالت : فقال : «إئتيني بتلك الحصاة» وأشار بيده إلى حصاة ، فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه ثمّ قال لي : «يا حبابة ، إذا ادّعى مدّع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنّه إمام مفترض الطاعة ، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده».

قالت : ثمّ انصرفت حتّى قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام فجئت إلىالحسن ، وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه فقال لي : «يا حبابة الوالبيّة».

فقلت : نعم يا مولاي.

_________

=

وأسانيد الحديث في تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام الحسن (ع ) ـ صفحة 72 ـ 83.

(1) الأحزاب 33 : 33.

٤٠٨

قال : «هاتي ما معك».

قالت : فاعطيته الحصاة ، فطبع لي فيها ، كما طبع أميرالمؤمنينعليه‌السلام .

قالت : ثم أتيت الحسينعليه‌السلام وهو في مسجد الرسول فقرّب ورحّب ، ثمّ قال لي : «أتريدين دلالة الإمامة؟».

فقلت : نعم ياسيّدي.

قال : «هاتي ما معك» فناولته الحصاة فطبع لي فيها.

قالت : ثمّ أتيت عليّ بن الحسينعليهما‌السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أعييت ، وأنا أعدّ يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة ، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة ، فيئست من الدلالة ، فأومى إليّ بالسبّابة فعاد إليّ شبابي قالت : فقلت : يا سيّدي كم مض من الدنيا وكم بقي؟

فقال : «أمّا ما مضى فنعم ، وأمّا ما بقي فلا».

قالت : ثمّ قال لي : «هات ما معك» فاعطيته الحصاة فطبع فيها ، ثمّ أتيت أبا جعفرعليهما‌السلام فطبع لي فيها ، ثمّ أتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثمّ أتيت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام فطبع لي فيها ، ثم أتيت الرضاعليه‌السلام فطبع لي فيها. وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكره عبدالله بن هشام(1) .

قال : وحدّثنا محمد بن محمد بن عصام ، عن محمد بن يعقوب الكليني قال : حدّثنا عليّ بن محمد قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال : حدّثني أبي ، عن أبيه موسى بن جعفر ،

_________

(1) كمال الدين 2 : 536 | 1 ، كشفت الغمة 1 : 534.

٤٠٩

عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمدعليهم‌السلام قال : «إنّ حبابة الوالبيّة دعا لها علي بن الحسينعليهما‌السلام فرد الله عليها شبابها ، وأشار إليها بإصبعه فحاضت لوقتها ، ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة(1) .

_________

(1) كمال الدين 2 : 537.

٤١٠

(الفصل الثالث)

في ذكر طرف من خصائصه ومناقبه عليه السلام

روي عن جابر بن عبدالله قال : لمّا ولدت فاطمة الحسنعليهما‌السلام قالت : لعلي «سمّه» فقال : «ما كنت لأسبق باسمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّوجل» فأوحى الله جلّ جلاله إلى جبرئيلعليه‌السلام : «أنّه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه وهنّئه وقل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمّه باسم ابن هارون ».

فهبط جبرئيلعليه‌السلام فهنّأه من الله تعالى جلّ جلاله ، ثمّ قال : «إنّا للهّ تعالى يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون ».

قال : «وما كان اسمه؟»

قال : «شبّر».

قال : «لسِاني عربيّ ».

قال : «سمّه الحسن » فسمّاه الحسن(1) .

أورده الاُستاذ أبو سعيد الواعظ في كتاب «شرف النبيّ » مرفوعاً إلى جابر(2) .

وعن جابر أيضاً قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سرّه أن ينظرإلى سيّد شباب الجنّة فلينظر إلى الحسن بن عليّ »(3) .

_________

(1) علل الشرائع : 137 |ضمن حديث 5 ، ونحوه في : ذخائر العقبى : 120.

(2) شرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

(3) منَاقب ابن شهرآشوب 4 : 20 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام الحسن (ع) ـ :

=

٤١١

عبداللهّ بن بريدة ، عن ابن عباس قال : انطلقت مع رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم فنادى على باب فاطمة ثلاثاً فلم يجبه أحدٌ ، فمال إلى حائط فقعد فيه وقعدت إلى جانبه ، فبينا هو كذلك إذ خرج الحسن بن عليّ قد غسل وجهه وعلّقت عليه سبحة ، قال : فبسط النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يده ومدّها ثمّ ضمّ الحسن إلى صدره وقبّله وقال : «إنّ ابن هذا سيّد ، ولعلّ الله عزّ وجلّ يصلح به بين فئتين من المسلمين »(1) .

وروى إبراهيم بن عليّ الرافعي عن أبيه ، عن جدّته زينب بنت أبيرافع قالت : أتت فاطمةعليها‌السلام بابنيها الحسن والحسينعليهما‌السلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في شكواه التي توفّي فيها فقالت : «يا رسول الله ، هذان إبناك فورّثهما شيئاً».

فقال : «أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي »(2) .

ويصدّق هذا الخبر ما رواه محمّد بن إسحاق قال : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الحسن بن عليّ ، كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق فما مرّ أحدٌ من خلق الله إجلالاً له ، فإذا علم قام ودخل بيته فمرّ الناس ، ولقد رأيته في طريق مكّة

_________

=

78 | 136.

(1) ورد ذيله في : مسند الطيالسي : 118 | 4 87 ، مصنف عبدالرزاق 11 : 452 ، وصحيح البخاري 5 : 32 ، ومسند أحمد 5 : 37 و 51 ، والمعجم الكبير للطبراني 3 : 22 | 2591 ، وحلية الأولياء 2 : 35 ، والاستيعاب 1 : 370 ، مجمع الزوائد 9 : 175.

(2) الخصال : 77 | 122 ، ارشاد المفيد 2 : 6 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 396 ، مقتل الخوارزمي 1 : 105 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام الحسن (ع) ـ : 123 |197 ، اُسد الغابة 5 : 467 ، كفاية الطالب : 424 ، الاصابة 4 : 316 ، وفي بعضها باختلاف يسير.

٤١٢

نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلاّ نزل ومشى ، حتّى رأيت سعد ابن أبي وقّاص قد نزل ومشى إلى جنبه(1) .

وروي عن أنس بن مالك قال : لم يكن أحد أشبه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الحسن بن عليّعليهما‌السلام (2) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «إنّ الحسن ابني أشبه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بين الصدر إلى الرأس ، والحسينعليه‌السلام أسفل من ذلك »(3) .

وأشباه هذه الأخبار كثيرة ، وفيما أوردناه كَفاية.

_________

(1) مناقب ابن شهرآشوب 4 : 7.

(2) ارشاد المفيد 2 : 5 ، صحيح البخاري 5 : 33 ، صحيح الترمذي 5 : 659 | 3776 ، تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الامام الحسن (ع ) ـ : 28 |48.

(3) صحيح الترمذي 5 : 660 | 3779 ، مورد الضمآن بزوائد ابن حبان : 553 | رقم 2235 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام الحسن (ع) ـ : 33 | 60.

٤١٣

( الفصل الرابع)

في ذكر سبب وفاته عليه السلام

وبعض ماجاء في ذلك

عبدالله بن إبراهيم ، عن زياد المحاربي قال : لمّا حضرت الحسنعليه‌السلام الوفاة استدعى الحسينعليه‌السلام وقال له : «يا أخي إنّني مفارقك ولاحق بربّي ، وقد سقيت السمّ ورميت بكبدي في الطست ، وإنّيلعارف بمن سقاني ومن أين دهيت ، وأنا اُخاصمه إلى الله عزّوجلّ ، فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء ، وانتظر ما يحدث الله تبارك وتعالى فيّ ، فإذا قضيت فغسّلني وكفّنّي ، واحملني على سريري إلى قبر جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاُجدّد به عهداً ، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة فادفنّي هناك ، وستعلم يابن اُمّ إنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيجلبون في منعكم من ذلك ، وباللهّ اُقسم عليكم أن تهريق في أمري محجمة من دم ».

ثمّ وصّى إليه بأهله وولده وتركاته وما كان وصّى أمير المؤمنينعليه‌السلام حين استخلفه.

فلمّا مضى لسبيله وغسّله الحسينعليه‌السلام وكفّنه وحمله على سريره لم يشكّ مروان وبنو اُميّة أنّهم سيدفنونه عند رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتجمّعوا ولبسوا السلاح ، فلمّا توجّه به الحسينعليه‌السلام إلى قبرجدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليجدّد به عهداً أقبلوا في جمعهم ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول : نحوا ابنكم عن بيتي فإنّه لا يدفن فيه

٤١٤

ويهتك عليه حجابه(1) .

وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام فقال الحسين لها : «قديماً أنت هتكتي حجاب رسول الله وادخلت بيته من أبغضه ، إن الله سائلك عن ذلك ، إن أخي أمرني أن أقرّبه من رسول الله ليجدد به عهداً» إلى آخر كلامه.

قال : ثمّ تكلّم محمد بن الحنفية فقال : يا عائشة يوماً على بغل ويوماً على جمل فما تملكين نفسك عداوة لبني هاشم !

قال : فأقبلت عليه وقالت : يا ابن الحنفيّة ، هؤلاء بنو الفواطم يتكلّمون فما كلامك؟

فقال الحسينعليه‌السلام : «وأنّى تفقدين(2) محمّداً من الفواطم ، فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ ، وفاطمة بنت ربيعة ، وفاطمة بنت أسد».

فقالت عائشة : نحّوا ابنكم واذهبوا ، فإنّكم قوم خَصمون.

فمضى الحسين بالحسنعليهما‌السلام إلى البقيع ودفنه هناك(3) .

_________

(1) ارشاد المفيد 2 : 17 ، كشف الغمة ا : 585 ، ونحوه في : مقاتل الطالبيين : 74 ، ودلائل الامامة : 61 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 : 49.

(2) كذا في نسخنا ، وفي الكافي : تُبعدين. وهو الصواب.

(3) الكافي 1 : 240|ضمن حديث 3.

٤١٥

(الفصل الخامس)

في ذكر ولد الحسن عليه السلام

وعددهم وأسمائهم

له من الأولاد ستّة عشر(1) ولداً ذكراً واُنثى : زيد بن الحسن ، واُختاه اُمّ الحسن ، واُمّ الحسين ، اُمّهم اُمّ بشير بنت أبي مسعود الخزرجيّة.

والحسن بن الحسن اُمّه خولة بنت منظور الفزاريّة.

وعمر بن الحسن وأخواه : عبدالله ، والقاسم ابنا الحسن قتلا مع الحسينعليه‌السلام بكربلاء ، اُمّهم اُمّ ولد.

وعبدالرحمن بن الحسن اُمّه اُمّ ولد.

والحسين بن الحسن الملقّب بالأثرم ، وأخوه طلحة ، وأختهما فاطمة ، اُمّهم اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيداللهّ التيميّ.

وأبو بكر قتل مع الحسينعليه‌السلام .

واُمّ عبدالله ، وفاطمة ، واُمّ سلمة ، ورقيّة ، لاُمّهات أولاد شتّى(2)

وكان زيد بن الحسنعليه‌السلام يلي صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان جليل القدر كثير البرّ ، ومات وله تسعون سنة ، وخرج من الدنيا ولم يدّع الإمامة ولا ادّعاها له مدّع من الشيعة ولا غيرهم(3) .

_________

(1) اختلف البعض في ذكر عدد أولادهعليه‌السلام ، حيث عدهم الشيخ المفيد بخمسة عشر دون ذكر لأبي بكر حيث عده عين عبدالله المتقدم عليه ، وإلى ذلك ذهب الموضح النسابة فتأمل. «أنظر مصادر النص ».

(2) ارشاد المفيد 2 : 20 ، المجدي في أنساب الطالبيين : 19 ، عمدة الطالب : 68.

(3) ارشاد المفيد 2 : 20 ، كشف الغمة 1 : 576.

٤١٦

وأمّا الحسن بن الحسنعليهما‌السلام فكان جليلاً فاضلاً ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، دخل على عبدالملك بن مروان محرشاً(1) على الحجّاج فقال له عبدالملك بعد أن رحّب به وأحسن مسألته : لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد وكان عنده يحيى بن اُمّ الحكم وقد وعده أن ينفعه عنده.

فقال يحيى : وما يمنعه يا أمير المؤمنين؟ شيّبته أمانيّ أهل العراق ، تفد عليه الوفود يمنّونه الخلافة.

فاقبل عليه الحسن وقال : بئس ـ والله ـ الرفد رفدت ، ليس كما قلت ، ولكنّا أهل بيت يسرع إلينا الشيب.

فأقبل عليه عبدالملك وقال : هلّم ما قدمت له.

فقال : إنّ الحجّاج يقول : أدخل عمر بن عليّ معك في صدقة أبيك.

فقال عبد الملك : ليس ذلك له ، اكتب إليه كتاباً لا يجاوزه.

فكتب إليه وأحسن صلة الحسن وأكرمه ، فلمّا خرج من عنده لقيه يحيى بن اُمّ الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره فقال له يحيى : أيهاً عنك ، فوالله لا يزال يهابك ، ولولا هيبتك لم يقض لك حاجة ، وما ألوتك رفداً(2) .

وروي : أنه خطب إلى عمّه الحسينعليه‌السلام إحدى ابنتيه ، فقال له الحسينعليه‌السلام : «يا بنيّ اختر أحبّهما إليك » فاستحيى الحسن فقال له الحسينعليه‌السلام : «فإنّي قد اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما

_________

(1) الحرش : اغراء الانسان ليقع بقرنه ، وحرش بينهم : افسد واغرى بعضهم ببعض. «انظر : لسان العرب 6 : 279».

(2) ارشاد المفيد 2 : 23 ، أنساب الأشراف 3 : 73 | 85.

٤١٧

شبهاً باُمّي فاطمة بنت رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(1) .

وقبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة ، وأوصى إلى أخيه من اُمّه إبراهيم بن محمّد بن طلحة.

وكان عبدالله بن الحسن قد زوّجه الحسينعليه‌السلام ابنته سكينة فقتل قبل أن يبني بها(2) .

_________

(1) ارشاد المفيد 2 : 5 2 ، كشف الغمة 1 : 579 ، مقاتل الطالبيين : 180 ، الأغاني 21 : 115.

(2) ارشاد المفيد 2 : 25.

٤١٨

(الباب الثاني)

في ذكر السبط الشهيد أبي عبدالله

الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام

سيِّد شباب أهل الجنّة

وهو خمسة فصول :

٤١٩

(الفصل الأول)

في ذكر تاريخ مولده ومبلغ سنه

ولدعليه‌السلام بالمدينة يوم الثلاثاء ، وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان(1) ، وقيل : لخمس خلون منه سنة أربع من الهجرة(2) ، وقيل : ولد اخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة(3) ولم يكن بينه وبين أخيه الحسنعليهما‌السلام إلاّ الحمل والحمل ستّة.

وجاءت به فاطمة الزهراء أمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمّاه حسيناً وعقّ عنه كبشاً.

وعاش سبعاً وخمسين سنة وخمسة أشهر ، كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبع سنين ، ومع أمير المؤمنين سبعاً وثلاثين سنة ، ومع أخيه الحسنعليه‌السلام سبعاً وأربعين سنة ، وكانت مدّة خلافته عشر سنين وأشهراً.

وقتل صلوات اللهّ عليه يوم عاشوراء يوم السبت ، وقيل : يوم الاثنين(4) ، وقيل : يوم الجمعة سنة إحدى وستّين من الهجرة(5) .

_________

(1) مسار الشيعة : 61 ، مصباح المتهجد : 758.

(2) ارشاد المفيد 2 : 27 ، مناقب ابن شهراشوب 4 : 76 ، مقاتل الطالبيين : 78 ، اُسد الغابة 2 : 18.

(3) المقنعة : 467 ، التهذيب للطوسي 6 : 41.

(4) الكافي ا : 385 | ب 115 ، التهذيب للطوسي 6 : 42 ، مقاتل الطالبيين : 78.

(5) التهذيب للطوسي 6 : 42 ، مقاتل الطالبيين : 78.

٤٢٠