إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

إعلام الورى بأعلام الهدى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف: ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555
المشاهدات: 128582
تحميل: 10016


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128582 / تحميل: 10016
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-319-010-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ابن شهريار ، فنحل ابنه الحسينعليه‌السلام إحداهما فأولدها زين العابدينعليه‌السلام ، ونحل الاُخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد ابن أبي بكر ، فهما ابنا خالة(1) .

وتوفّيعليه‌السلام يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرّم سنة خمس وتسعين من الهجرة ، ودفن بالبقيع مع عمّه الحسنعليهما‌السلام (2) .

وكانت مدّة إمامته بعد أبيه أربعاً وثلاثين سنة ، وكان في أيّام إمامته بقيّة ملك يزيد بن معاوية ، وملك معاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، وعبدالملك بن مروان ، وتوفّيعليه‌السلام في ملك الوليد بن عبدالملك(3) .

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 137 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 176 أورد قطعة منه ، روضة الواعظين : 201 ، كشف الغمة 2 : 83 ، العدد القوية : 56 | 73.

(2) الكافي 1 : 388 ، ارشاد المفيد 2 : 137 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 175 ، روضة الواعظين : 201 ، دلائل الإمامة : 80 ، تذكرة الخواص : 299.

(3) انظر : ارشاد المفيد 2 : 138 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 175 ، دلائل الامامة : 80.

٤٨١

(الفصل الثاني)

في ذكر النصوص الدالة على إمامته عليه السلام

المعوّل في تصحيح إمامة أكثر أئمّتناعليهم‌السلام النظر والاعتباردون تواتر الأخبار ، لأنّهمعليهم‌السلام كانوا في زمان الخوف وشدّة التقية والاضطرار ، ولم يتمكّن شيعتهم من ذكر فضائلهم التي تقتضي إِمامتهم ، فضلاً عن ذكرما يوجب فرض طاعتهم ويبين عن تقدّمهم على جميع الخلائق ورئاستهم.

فمما يدلّ على إمامتهعليه‌السلام من طريق النظر العقلي ما ثبت من وجوب العصمة ، وأنّ الحقّ لا يخرج عن اُمّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا أحدٌ يدّعي العصمة لامامه في زمان سيد العابدينعليه‌السلام ، إلاّ من قال بإمامته من الامامية ، أو من قال بإمامة محمد بن الحنفيّة وذهب إلى أنّه حيّ لم يمت وهم الكيسانيّة ، وفسد قول الكيسانيّة لأنّهم ادّعوا حياة من علم وفاته كما علم وفاة أبيه وأخيه ، ولعجزهم أيضاً عن إتيان النصّ على محمد بالإمامة ، وبطل قول من قال بإمامة من هو غير معصوم فثبتت إمامتهعليه‌السلام .

وأما ما روي من النص عليه بالإمامة والإشارة بالإمامة إليه من أبيه وجدّه فكثير.

منها : مارواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد ابن الحسين ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر الباقرعليهما‌السلام قال : «إن الحسينعليه‌السلام لمّا حضره الذي حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع

٤٨٢

إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة ، وكان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام مريضاً لا يرون أنّه يبقى بعده ، فلمّا قُتل الحسينعليه‌السلام ورجع أهل بيته إلى المدينة دفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ثمّ صار ذلك الكتاب والله إلينا يا زياد»(1) .

وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرميّ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : «إنّ الحسينعليه‌السلام لمّا سار إلى العراق استودع اُمّ سلمة رضي الله عنها الكتب والوصيّة ، فلمّا رجع عليّ بن الحسينعليهما‌السلام دفعتها إليه »(2) .

وقد ذكرنا فيما تقدّم النصّ والإشارة إليه من جدّه أمير المؤمنينعليهما‌السلام في وصيّته إلى الحسنعليه‌السلام ، فلا معنى لتكراره هنا

وأمّا الأخبار الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه بالنصّ على الأئمة الاثني عشر من آل محمدعليهم‌السلام وتعيينهم ، وحديث اللوح الذي رواه جابر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (3) ورواه جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر ، عن أبيه ، عن جدْه عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) فإنها مشهورة عند

__________________

(1) الكافي 1 : 241 | 1 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 168 | 9 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 172 ، اثبات الوصية : 142

(2) الكافي 1 : 242 | 3 ، وكذا في : الغيبة للطوسي : 195 | 159 ، والمناقب لابن شهرآشوب 4 : 172.

(3) الكافي 1 : 442 | 3 ، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 1 : 40 | 1 ، الغيبة للنعماني : 62 ، الاختصاص : 210 ، أمالي الطوسي 1 : 297 ، الغيبة للطوسي : 143 |108 ، اثبات الوصية : 143.

(4) كمال الدين : 311 | 1 ، اثبات الوصية : 227.

٤٨٣

أهلها ، مذكورة في مظانّها ، ووافقهم أصحاب الحديث العامة على نقل كثير منها على طريق الجملة ، وسنورد أكثرها في الركن الرابع من الكتاب إذا انتهينا إليه إن شاء الله.

***

٤٨٤

(الفصل الثالث)

في ذكر شيء من معجزاته عليه السلام

أما ما يدل على إمامتهعليه‌السلام من طريق المعجز الخارق للعادة فحديث حبابة الوالبيّة وما جاء فيه من طبعه نقش فصّه في الحجر ، وماثبت من دعائهعليه‌السلام وإيمائه إليها حتّى عادت شابّة ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة(1) .

وكذلك نطق الحجر الأسود لهعليه‌السلام وقد استشهد به على محمد ابن الحنفية فشهد له بالإمامة ، وكانا يومئذ بمكّة فقال لمحمد : «ابدأ فابتهل إلى الله واسأله أن ينطق لك » فابتهل محمد في الدعاء ثم دعا فلم يجبه فقالعليه‌السلام : «أما إنّك يا عم لو كنت إماماً لأجابك ».

فقال له محمد : فادع أنت يا ابن أخي ، فدعاعليه‌السلام بما أراد ثمقال : «أسالك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء لما أخبرتنا بلسان عربيّ مبين من الوصيّ والامام بعد الحسين بن عليّ؟» فتحرّك الحجر حتّى كاد أن يزول عن موضعه ثمّ انطقه الله بلسان عربيّ مبين فقال : اللهم إن الوصيّة والإمامة بعد الحسين بن عليّ إلى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

فانصرف محمد وهو يتولى علي بن الحسينعليهما‌السلام (2) .

__________________

(1) كمال الدين : 537 |ضمن ح ا و 2 ، وقطعة منه في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 135.

(2) أنظر : بصائر الدرجات : 522 ، الكافي ا : 282 |5 الامامة والتبصرة : 61 و 62 | 49 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 220 ، روضة الواعظين : 197 ، الاحتجاج 2 : 316 ، الخرائج والجرائح 1 : 257 | 3 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147 ، اثبات الوصية : 147.

٤٨٥

وأورد هذا الخبر بإسناده محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب نوادرالحكمة.

وفي هذا المعنى يقول السيد الحميري لما رجع عن القول بالكيسانيّة إلى القول بإمامة الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام :

عجبتُ لكرِّ صروف الزمان

وأمر أبي خالد ذيَ البــيان

ومِن ردّه الأمر لا يــنثني

إلى الطيّب الطهر نور الجنان

عــلـيّ وماكان من عمّه

بردّ الأمانة عطـــف البيان

وتـحــكيمه حجراً أسوداً

وما كان سن بطقـه المستبان

بـــتسليم عمّ بغير امتراء

إلى ابن أخ منطقاً َباللســان

شـــهـدت بذلك حقّاً كما

شهدت بتصديق آي القـرآن

عـلــيّ أمامي ولا أمتري

وخلّيت قولي بكان وكـان(1)

قال الصادقعليه‌السلام : «كان أبو خالد يقول بإمامة محمد بن الحنفية فقدم من كابل شاه إلى المدينة فسمع محمداً يخاطب عليّ بن الحسينعليه‌السلام فيقول : يا سيّدي ، فقال له : أتخاطب ابن أخيك بما لايخاطبك مثله؟! فقال : إنّه حاكمني إلى الحجر الأسود فصرت إليه فسمعت الحجر يقول : سلم الأمر إلى ابن أخيك فإنّه أحقّ به منك ، وصار أبو خالد الكابلي إماميّاً»(2) .

وروى عنه أنّه قال : قال لي عليّ بن الحسينعليه‌السلام : «يا كنكر» ولا والله ما عرفني بهذا الاسم إلاّ أبي وأمّي(3).

__________________

(1) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 148.

(2) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147.

(3) انظر : الهداية الكبرى : 221 ، رجال الكشي 1 : 336 ، الخرائج والجرائح 1 : 261 | 6 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147.

٤٨٦

(الفصل الرابع )

في ذكر بعض مناقبه وفضائله عليه السلام

روى الحسين بن علوان ، عن أبي عليّ زياد بن رستم ، عن سعيد بن كلثوم قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فمدحه بما هو أهله ثمّ قال : «والله ما أطاق عمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من هذه الأمة غيره ، وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنّة والنار يرجوا ثواب هذه ويخاف عقاب هذه ، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار ممّا كدّه بيده ورشح منه جبينه ، وما كان لباسه إلاّ الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعا بالجلم(1) فقصّه ، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبهاً به في لباسه وفقهه من عليّ بن الحسين ين العابدينعليهم‌السلام . ولقد دخل أبو جعفر ابنهعليه‌السلام عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحدٌ ، فرآه قد اصفرّ لونه سن السهر ، ورمصت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته من السجود ، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : فلك أملك حين رأيته بتلك الحال من ان بكاء ، فبكيت رحمة له ، وإذا هو يفكّر فالتفت إليّ بعد هنيئة من دخولي ، فقال يا بنيّ : أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّعليه‌السلام ، فأعطيته فقرأ فيها يسيراً ثمّ تركها من يده تضجّراً وقال : من يقوى على عبادة عليّ بن أبي

__________________

(1) الجَلَم : ما يقص به الشعر والصوف ، وهو كالمقص. «أنظر : مجمع البحرين 6 : 30».

٤٨٧

طالبعليه‌السلام (1) .

وكان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام إذا توضّأ اصفرّ لونه فقيل له : ما هذا الذي يغشاك ، فقال : «أتدرون من أتأهّب للقيام بين يديه؟»(2) .

وروي : أنّهعليه‌السلام كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة(3) .

وعن سفيان الثوري قال : ذكر لعليّ بن الحسينعليهما‌السلام فضله قال : «حسبنا أن نكون من صالحي قومنا»(4) .

وعن الزهري قال : لم ادرك أحداً من هذا البيت أفضل من عليّ بن الحسينعليه‌السلام (5) .

ورويَ أنّ عليّ بن الحسينعليهما‌السلام رأى يوماً الحسن البصري وهو يقصّ عند الحجر الأسود فقال لهعليه‌السلام : «أترضى يا حسن نفسك للموت؟».

قال : لا.

قال : «فعملك للحساب؟ ».

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 142 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 149 ، كشف الغمة 2 : 85.

(2) ارشاد المفيد 2 : 142 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 148 ، كشف الغمة 2 : 86 ، الطبقات الكبرى 5 : 216 ، حلية الأولياء 3 : 133 ، مختصر تاريخ دمشق 17 : 236 ، سير أعلام النبلاء 4 : 2 39 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 46 : 73 | 61.

(3) انظر : الخصال : 517 | 4 ، ارشاد المفيد 2 : 143 ، روضة الواعظين : 198 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 149 ، كشف الغمة 2 : 86 ، سير أعلام النبلاء 4 : 392 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 46 : 74 | 62.

(4) ارشاد المفيد 2 : 143 ، روضة الواعظين : 198 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 164 ، كشف الغمة 2 : 86 ، الطبقات الكبرى 5 : 214 ، مختصر تاريخ دمشق 17 : 235.

(5) ارشاد المفيد 2 : 144 ، الجرح والتعديل 6 : 179 ، سير أعلام النبلاء 4 : 189.

٤٨٨

قال : لا.

قال : «فثمّ دار للعمل غير هذه الدار؟».

قال : لا.

قال : «فللّه في أرضه معاذ غير هذا البيت؟».

قال : لا.

قال : «فلم تشغل الناس عن الطواف؟»(1).

وقيل له : يوماً : إنّ الحسن البصري قال : ليس العجب ممّن هلك كيف هلك وإنّما العجب ممّن نجا كيف نجا ، فقالعليه‌السلام : «أنا أقول : ليس العجب ممّن نجا كيف نجا ، وإنّما العجب ممّن هلك كيف هلك معسعة رحمة الله تعالى»(2).

ورويَ عن طاووس اليمانيّ قال : دخلت الحجر في الليل فإذا عليّ ابن الحسينعليهما‌السلام قد دخل فقام يصلّي ، فصلى ما شاء الله ثمّ سجد فقلت : رجل صالح من أهل بيت النبوّة لأستمعن إلى دعائه ، فسمعته يقول في سجوده : «عبيدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، فقيرك بفنائك ، سائلك بفنائك ».

قال طاووس : فما دعوت بهنّ في كرب إلاّ فرّج عنّي(3) .

وروى أحمد بن محمد الرافعي ، عن إبراهيم بن عليّ ، عن أبيه قال :

____________

(1) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 159 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 78 : 153 |17.

(2) نقله المجلسي في بحار الأنور 78 : 153 | 17.

(3) ارشاد المفيد 2 : 143 ، روضة الواعظين : 198 ، كشف الغمة : 201 ، تذكرة الخواص.297 ، كفاية الطالب ج 401 ، مختصر تاريخ دمشق 17 : 235 ، سير أعلام النبلاء 4 : 393 ، الفصول المهمة : 201.

٤٨٩

حججت مع عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فالتاثت(1) الناقة عليه في مسيرها فاشار إليها بالقضيب ، ثم قال : «آه لولا القصاص» وردّ يده عنها(2)

وعنه قال : حجّ عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ماشياً ، فسار عشرين يوماً من المدينة إلى مكّة(3) .

وروى أبو محمد الحسن بن محمد العلوي بإسناده قال : وقف على عليّ بن الحسينعليهما‌السلام رجلٌ من أهل بيته فأسمعه وشتمه ، فلم يكلّمه ، فلمّا انصرف قال لجلسائه : «قد سمعتم ما قال هذا الرجل ، وأنا اُحبّ أن تبلغوا معي إليه حتّى تسمعوا منّي ردّي عليه» ، قالوا : نفعل.

فاخذ نعليه ومشى وهو يقول :( والكاظِمِينَ الغَيْظَ ) (4) الاية ـ فعملوا أنّه لا يقول شيئاً ، قال : فاتى منزل الرجل وصرخ به فخرج الرجل متوثّباً للشرّ فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : «يا أخي ، إن كنت قد قلت ما فيّ فاستغفر الله منه ، لان كنت قلت ما ليس فيّ فغفر الله لك ».

قال : فقبّل الرجل بين عينيه وقال : بل قلت فيك ما ليس فيك ، وأنا أحق به.

قال الراوي للحديث : والرجل هو الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام (5) .

__________________

(1) التأثت الناقة : أي أبطات في سيرها. «مجمع البحرين ـ لوث ـ 2 : 262».

(2) أرشاد المفيد 2 : 144 ، روضة الواعظين : 199 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 155 ، كشف الغمة 2 : 86 ، الفصول المهمة : 203.

(3) ارشاد المفيد 2 : 144 ، روضة الواعظين : 199 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 155 ، كشف الغمة 2 : 86.

(4) آل عمران 3 : 134.

(5) ارشاد المفيد 2 : 146 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 157 ، مختصر تاريخ دمشق 17 : 240 ، سيرأعلام النبلاء 4 : 397 وفيها مختصراً.

٤٩٠

وروى عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه دعا مملوكه مرّتين فلم يجبه ثمّ أجابه في الثالثة ، فقال له : «يا بنيّ ، أما سمعت صوتي؟».

قال : بلى.

قال : «فما بالك لم تجبني؟».

قال : أمنتك.

قال : «الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني»(1) .

وكانت جارية لعليّ بن الحسينعليهما‌السلام تسكب عليه الماء فسقط الإبريق من يدها فشجّه ، فرفع رأسه إليها فقالت الجارية : إنّ الله تعالى يقول :( والكاظِمِينَ الغَيْظ َ) (2) .

فقال : «كظمت غيظي ».

قالت :( والعافينَ عَنِ النّاسِ ) (3) .

قال : «عفَوت عنك ».

قالت :( وَاللهُ يُحِبّ المُحسِنِين ) (4) .

قال : «إذهبي فانت حرّة لوجه الله تعالى»(5) .

وروى عن محمد بن إسحاق بن يسار قال : كان بالمدينة كذا وكذا أهل بيت يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه ، لا يدرون من أين يأتيهم ، فلمّا

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 147 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 157 ، كشف الغمة 2 : 87 ، مختصر تاريح دمشق 17 : 240.

(2) آل عمران س : 134.

(3) أل عمران 3 : 134

(4) آل عمران 3 : 134.

(5) ، أمالي الصدوق : 168 | 12 ، ارشاد المفيد 2 : 147 ، ررضة الواعظين : 199 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 157 ـ 158 ، كشف الغمة : 2 : 87 ، مختصر تاريخ دمشق 17 :

=

٤٩١

مات عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فقدوا ذلك(1) .

والأخبار في هذا المعنى وفيما روي عنه من أنواع العلوم أكثر من أن تحصى ، فلنقتصر على ما ذكرناه.

__________________

=

(1) ارشاد المفيد 2 : 149 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 153 ، كشف الغمة 2 : 87 ، حلية الأولياء 3 : 136 ، تهذيب التهذيب 7 : 270 ، مختصر تاريخ دمشق 17 : 238 ، سير اعلام النبلاء 4 : 393.

٤٩٢

(الفصل الخامس )

في ذكر أولاده عليه السلام ونبذ من أخبارهم

له خمسة عشر ولداً : محمّد الباقرعليه‌السلام ، اُمّه اُمّ عبدالله بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب.

وأبو الحسين زيد ، وعمر ، اُمّهما أمّ ولد.

وعبدالله ، والحسن ، والحسين ، اُمّهما أّم ولد.

والحسين الأصغر ، وعبدالرحمن ، وسليمان ، لاٌمّ ولد.

وعليّ ـ وكان أصغر ولدهعليه‌السلام ـ وخديجة ، اُمّهما اُمّ ولد.

ومحمّد الأصغر ، أمّه أمّ ولد.

وفاطمة ، وعليّة ، واُمّ كلثوم ، [اُمهم اُم ولد](1) .

وكان زيد بن عليّ بن الحسين أفضل إخوته بعد أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، وكان عابداً ورعاً شخياً شجاعاً ، وظهر بالسيف يطلب بثارات الحسينعليه‌السلام ويدعو إلى الرضا من ال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فظنّ الناس أنّه يريد بذلك نفسه ، ولم يكن يريدها به ؛ لمعرفته بإستحقاق أخيه الباقرعليه‌السلام الإمامة من قبله ، ووصيّته عند وفاته إلىأبي عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام .

وجاءت الرواية أنّ سبب خروجه ـ بعد الذي ذكرناه ـ : أنّه دخل على هشام بن عبدالملك ، وقد جمع هشام له أهل الشام وأمر أن يتضايقوا له في

__________________

(1) انظر ارشاد المفيد 2 : 155 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 176 ، كشف الغمة 2 : 91 ، تذكرة الخواص : 299 ، الفصول المهمة : 209 ، وما بين المعقوفين أثبتناه من الارشاد.

٤٩٣

المجلس حتّى لا يتمكن من الوصول إلى قربه ، فقال له زيد : إنّه ليس من عباد الئه أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ، ولا من عباده أحد دون أن يوصي بتقوى الله وأنا اُوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتّقه.

فقال له هشام : أنت المؤهل نفسك للخلافة ، وما أنت وذاك لا أمَّ لك ، وإنّما أنت ابن أمة.

فقال له زيد : إني لا أعلم أحداً أعظم منزلة عند الله من نبيّ بعثه وهو ابن أمة ، فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يُبعث ، وهو إسماعيل بن إبراهيمعليهما‌السلام ، فالنبوّة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة؟ وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟

فوثب هشام عن مجلسه ودعا قهرمانه وقال : لا يبيتنّ هذا في عسكري.

فخرج زيد وهو يقول : إنّه لم يكره قوم قطّ حرّ السيوف إلاّ ذلّوا(1) .

وذكر ابن قتيبة بإسناده في كتاب عيون الأخبار : أنّ هشاماً قال لزيد بن عليّ لمّا دخل عليه : ما فعل أخوك البقرة.

فقال زيد : سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باقر العلم وأنت تسمّيه بقرة لقد اختلفتما إذاً(2) .

قال(3) : فلمّا وصل الكوفة اجتمع إليه أهلها ، فلم يزالوا به حتّى بايعوه

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 172 ، وانظر : عيون الاخبار لابن قتيبة 1 : 312.

(2) عيون الأخبار لابن قتيبة 1 : 312.

(3) يظهر ان القائل هو الشيخ المفيدرحمه‌الله تعالى ، لان المؤلف أورد عين العبارات الواردة في الارشاد هنا كما فعل في المقطع السابق لرواية ابن قتيبة المشار إليها والمنتهية عند

الهامش السابق.

٤٩٤

على الحرب ، ثمّ نقضوا بيعته وأسلموه ، فقتل وصُلب بينهم أربع سنين لاينكره أحد منهم ولم يغيّره بيد ولا لسان ، وكان مقتله يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومائة ، وكان سنّه يوم قتل إثنين وأربعين سنة ، ولمّا قتل بلغ ذلك من الصادقعليه‌السلام كلّ مبلغ ، وحزن عليه حزناً عظيماً ، وفرّق من ماله في عيال من اُصيب معه من أصحابه ألف دينار(1) .

وكان عبدالله بن عليّ بن الحسين فقيهاً فاضلاً ، وكان يلي صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقات أميرالمؤمنينعليه‌السلام (2) .

وكان عمر بن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فاضلاً جليلاً ورعاً ، وكان أيضاً يلي صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقات أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وكان الحسين بن علي بن الحسين فاضلاً ورعاً ، وروى أخباراً كثيرةعن أبيه عليّ بن الحسين وعن أخيه أبي جعفر وعن عمته فاطمة بنت الحسينعليهم‌السلام (3) .

وروي عنه أنّه قال : كان إبراهيم بن هشام المخزوميّ والياً على المدينة ، وكان يجمعنا يوم الجمعة قريباً من المنبر ، ثمّ يقع في عليّ ويشتمه ، قال : فحضرت يوماً وقد امتلأ ذلك المكان فلصقت بالمنبر فأغفيت فرأيت القبر قد انفرج وخرج منه رجلٌ وعليه ثياب بياض فقال لي : يا أباعبدالله ألا يحزنك ما يقول هذا؟ قلت : بلى والله.

قال : افتح عينك وانظر ما يصنع الله به.

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 173.

(2) ارشاد المفيد 2 : 169

(3) ارشاد المفيد 2 : 170

٤٩٥

فإذا هو قد ذكر علياًعليه‌السلام فرمي به من فوق المنبر فمات لعنه الله(1) .

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 174.

٤٩٦

( الباب الرابع )

في ذكر الامام الباقر والنور الباهر

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام

وهو خمسة فصولا :

٤٩٧

(الفصل الأول)

في ذكر تاريخ مولده ، ومبلغ عمره ،

ومدة إمامته ، ووقت وفاته ، وموضع قبره

ولدعليه‌السلام بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة يوم الجمعة غرّة رجب(1) ، وقيل : الثالث من صفر(2) . وقُبضعليه‌السلام سنة أربع عشرة ومائة من ذي الحجّة(3) ، وقيل : في شهر ربيع الأول(4) ، وقد تمّ عمره سبعاً وخمسين سنة.

وأمّه أمّ عبداللهّ فاطمة بنت الحسنعليه‌السلام ، فهو هاشميّ من هاشميّين وعلويّ من علويّين.

وقبره بالبقيع من مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جانب أبيه زين العابدينعليه‌السلام وعمّ أبيه الحسن بن عليّعليهما‌السلام (5) .

فعاشعليه‌السلام مع جدّه الحسينعليه‌السلام أربع سنين ، ومع أبيه تسعاً وثلاثين سنة ، وكانت مدّة إمامته ثماني عشرة سنة.

وكان في أيّام إمامته بقيّة ملك الوليد بن عبدالملك ، وملك سليمان بن عبدالملك ، وعمر بن عبدالعزيز ، ويزيد بن عبدالملك ، وهشام بن

__________________

(1) انظر : الكافي 1 : 390 ، ارشاد المفيد 2 : 158. مصباح المتهجد : 737 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 215 ، دلائل الامامة : 94

(2) انظر : المناتب لابن شهرآشوب 4 : 210 ، الفصول المهمة : 211.

(3) انظر : الكافي 1 : 0 39 ، ارشاد المفيد 2 : 158 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 210.

(4) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 210 ، دلائل الامامة : 94.

(5) انظر : الكافي 1 : 395 ، ارشاد المفيد 2 : 158 ، دلائل الامامة : 4 9.

٤٩٨

عبدالملك ، وتوفيعليه‌السلام في ملكه(1).

__________________

(1) انظر : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 210 ، دلائل الامامة : 94.

٤٩٩

(الفصل الثاني)

في ذكر دلائل إمامته عليه السلام

الدليل على إمامتهعليه‌السلام ما قدّمناه بعينه في إمامة أبيهعليه‌السلام من اعتبار وجوب العصمة وبطلان قول كل من ادّعى حياة الأموات ، على الترتيب الذي تقدّم في الاستدلال ، ودلائل العقول أوكد من دلائل الأخبار لبعدها عن التأويل والاحتمال.

فأمّا النصوص الدالة على إمامته ، والأثار الواردة في الإشارة إليه ، فمن ذلك :

ما رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد ابن عبدالجبّار ، عن أبي القاسم الكوفي ، عن محمد بن سهل ، عن إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن إسماعيل بن محمد بن عبدالله بن عليّ بن الحسين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «لمّا حضرت عليّ بن الحسينعليهما‌السلام الوفاة أخرج سفطاً أو صندوقاً عنده فقال : يا محمد احمل هذا الصندوق ، قال : فحمل بين أربعة ، فلمّا توفّي جاء إخوته يدّعون في الصندوق سهماً ، قال : واللهّ مالكم فيه شيء ، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إلي ، وكان في الصندوق سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبه »(1) .

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبدالله بن عيسى عن أبيه عبدالله عن أبيه عيسى ،

__________________

(1) الكافي 1 : 242 | 1 ، وكذا في بصائر الدرجات : 200 | 18 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 46 : 230 | 4.

٥٠٠