قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار0%

قاعدة لا ضرر ولا ضرار مؤلف:
تصنيف: علم أصول الفقه
الصفحات: 360

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

مؤلف: آية الله السيد علي الحسيني السيستاني
تصنيف:

الصفحات: 360
المشاهدات: 176773
تحميل: 6464

توضيحات:

قاعدة لا ضرر ولا ضرار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176773 / تحميل: 6464
الحجم الحجم الحجم
قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

مؤلف:
العربية

سيجيء بيانه ـ كما إذا فرض انه لو أمر بذبح البقرة فان التفاوت بين البقرة الحية والمذبوحة عشرة دنانير ، ولو أمر بكسر القدر فالخسارة خمسة دنانير ، فلا بُدّ له من الأَمر بكسر القدر دون ذبح البقرة.

والثاني : هو الرجوع إلى القرعة في صورة تساويهما من حيث المالية لأَنها مرجع عقلائي حيث لا مرجح كما أشرنا اليه سابقاً.

ثم إن فيمن يتحمل الخسارة الحاصلة من ايقاع الضرر على أحد المالين ـ بحسب النظر البدوي ـ احتمالات ثلاثة :

الأَوّل : أن يتحملها من رجع ماله إلى حالته الطبيعية. وربما ينسب هذا الوجه إلى المشهور.

والوجه فيه : ان ايقاع الضرر على مال الغير ـ باتلاف عين مال الآخر أو صفته ـ انما هو فداء لماله وتخليص له فتكون الخسارة عليه.

وهذا مخدوش لان الحالة الطارئة الناشثة من عامل طبيعي قد طرأت على كل من المالين ، فلم يبق شيء منهما على حالته الطبيعية وبذلك نقصت قيمة كل واحد منهما ، والمفروض ان كلا من المالكين يطالب بتخليص ماله ، فتوجه الخسارة الناشئة من علاج هذه الحالة الطبيعية إلى خصوص من خلص ماله بلا مشاركة للآخر فيها ليس له اي وجه.

الثاني : انه يتحملها كل منهما على سواء بتوهم انه مقتضى قاعدة العدل والانصاف ، فانه لا يعتبر في إجرائها التساوي في جميع الجهات ، فتكون العبرة بذات المالين لا بمقدار ماليتهما ولا بما تكون الحالة الطارئة مقتضية لحصوله من الخسارة. ففي رواية النوفلي عن السكوني ـ التي تجعل مؤيدة لتلك القاعدة ـ عن الصادق عن ابيه في رجل استودع رجلاً دينارين فاستودعه اخر ديناراً فضاع دينار منها. قال يعطى صاحب الدينارين ديناراً ،

٣٢١

ويقسم الآخر بينهما نصفين مع ان احتمال كون التالف من مال صاحب الدينارين واحتمال كونه من مال صاحب الدينار ليس على سواء بل الأَوّل ضعف الثاني ، ويتضح ذلك : فيما لو فرض ان رجلاً استودع تسعة وتسعين درهماً لدى رجل واستودع الآخر درهماً واحداً وتلف احدهما عند الودعي من دون تعدّ وتفريط فان احتمال كون التالف من الأَوّل بنسبة ( ٩٩ بالمائة ) ومن الثاني بنسبة ( ١ بالمائة ).

والجواب عن ذلك مضافاً إلى ان الرواية غير معتبرة سنداً فان النوفلي لم يوثق ولا عبرة بكونه من رواة اخباركامل الزيارات لابن قولويه : ان قاعدة العدل والانصاف انما تقتضي الحكم بالتساوي في الخسارة مع التساوي في جميع الجهات احتمالاً ومحتملاً لا مع عدم التساوي كما في مورد الرواية ، فان المناسب ان يعطى صاحب الدرهمين درهماً وثلث وصاحب الدرهم ثلثي الدرهم كما اوضحناه في محله وسيجيء ما يقتضيه قانون العدل في المقام.

الثالث : ان يتحملها كل منهما على حدّ سواء في صورة تساري الضررين ، وفي صورة عدم التساوي يتحملها كل واحد بالنسبة. وقد اختاره السيد الاستاذ (قده) وعلل تقسيم الضرر بينهما بقاعدة العدل والانصاف الثابتة عند العقلاء وأضاف : انه يؤيدها ما ورد فيمن تلف عنده درهم مردد بين ان يكون ممّن اودع عنده درهمين ومن اودع عنده درهماً واحداً من الحكم باعطاء درهم ونصف لصاحب الدرهمين ونصف درهم لصاحب الدرهم الواحد فانه لا يستقيم إلا على ما ذكرناه من قاعدة العدل والانصاف )(١) .

وفي هذا التقريب جهات من البحث :

__________________

(١) لاحظ الدراسات : ٣٤٧ ( وفي مصباح الأصول ٢ : ٥٦٤ ) أحال إلىٰ ما تقدّم في بحث القطع.

٣٢٢

١ ـ الأُولى : انه لا يصحّ جعل مقتضى قاعدة العدل والانصاف في مورد تلف الدرهم في يد الودعي التنصيف ، ولم يستقر على الحكم بالتنصيف بناء من العقلاء بل مقتضى العدل عندهم اعطاء صاحب الدرهمين درهماً وثلث درهم واعطاء صاحب الدرهم ثلثي الدرهم ـ كما أشرنا اليه هنا وفصلناه في مبحث القطع ـ واما الرواية فهي على تقدير تمامية سندها ، انما تشتمل على حكم تعبدي غير موافق للقاعدة مع انه غير تام من جهة عدم ثبوت وثاقة النوفلي كما مر.

٢ ـ الثانية : ان ما ذكره هو في تقريب القاعدة ـ في مبحث القطع ـ لا يأتي في المقام فانه قال : ان هذه القاعدة مبنية على تقديم الموافقة القطعية في الجملة مع المخالفة القطعية كذلك ـ على الموافقة الاحتمالية ـ في تمام المال فانه لو أعطى تمام المال ـ في هذه الموارد ـ لاحدهما القرعة مثلاً احتمل وصول تمام المال إلى مالكه ، ويحتمل عدم وصول شيء منه اليه بخلاف التنصيف فانه يعلم وصول بعض المال إلى مالكه جزماً ولا يصل اليه بعضه الآخر كذلك ، فيكون التنصيف مقدمة لوصول بعض المال إلى مالكه ، ويكون من قبيل صرف مقدار من المال مقدمة لايصاله إلى مالكه الغائب حسبة ، الا انه من باب المقدّمة الوجودية والمقام من قبيل المقدّمة العلمية(١) .

ووجه عدم جريانه في المقام واضح ، اذ ليس ، هنا مال مردد بين الشخصين حتى يكون التقسيم بالنسبة مقدمة لايصاله إلى مالكه من باب المقدّمة العلمية بل الكلام في ان الخسارة الواقعة على احد المالين لا بُدّ وأن تقسم بينهما بالنسبة ، فهذا غير داخل في القاعدة على التقريب الذي ذكره

__________________

(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ : ٦٢.

٣٢٣

لها.

٣ ـ الثالثة : انه بنفسه قد انكر ثبوت القاعدة في محل آخر وناقش في التقريب الذي سبق عنه حيث قال ( ان القاعدة في نفسها غير تامة اذ لم يثبت بناء ولا سيرة من العقلاء على ذلك حتى تكون ممضاة لدى الشارع اللهم الا اذا تصالحا وتراضيا على التقسيم على وجه التنصيف فانه أمر آخر ، وإلاّ فجريان السيرة على ذلك بالتعبد من العقلاء أو الشارع استناداً إلى ما يسمى بقاعدة العدل والانصاف لا أساس له ، وان كان التعبير حسناً اذ لم يقم اي دليل على جواز ايصال مقدار من المال إلى غير مالكه مقدمة للعلم بوصول المقدار الآخر إلى المالك ، نعم في المقدّمة الوجودية ثبت ذلك حسبة واما العلمية فكلا ، فقياس احدى المقدمتين بالاخرى قياس مع الفارق الظاهر كما لايحفى )(١) .

والصحيح في تقريب المدعى ان يقال :

ان الحالة الطارئة بسبب طبيعي على كل من المالين لما أوجبت نقصاً في مالية كل واحد منهما ، اذ ليست قيمة البقرة بعد دخول رأسها في القدر متساوية مع قيمتها بدون ذلك ولا القدر الذي فيه راس البقرة تساوي قيمته لو لم يكن كذلك وارجاع كل منهما إلى حالته الطبيعية غير ممكن وارجاع أحدهما اليها يستلزم ايقاع الضرر بالنسبة إلى الآخر والمفروض لزوم ايقاعه على ما هو اقل قيمة ، فحينئذٍ يكون النقصان الموجب لزوال ماليته أو نقصانه مسبباً عن الحالتين غير الطبيعيتين الطارئتين على كل منهما.

فلا بُدّ من ملاحظة ان الخسارة الحاصلة باية نسبة معلولة لحصول تلك الحالة في القدر وبأية نسبة معلولة لحصولها في البقرة ، وبحكم العقلاء يكون ثلثا الخسارة على صاحب البقرة وثلثها على صاحب القدر ، على ما

__________________

(١) لاحظ مستند العروة ـ كتاب الخمس : ١٤٧.

٣٢٤

فرضناه سابقاً من ان التفاوت بين البقرة في حالتها الطبيعية وبين البقرة المذبوحة هو عشرة دنانير والتفاوت بين القدر على حاله الطبيعي والقدر المكسور خمسة دنانير ، فالحالة الطارئة عليهما التي تدعو إلى ايجاد ما يوجب الخسارة المالية بأدنى مستوياتها الممكنة يقتضي تقسيم الخسارة على المالين بملاحظة النسبة بين الضررين لو فرض وقوع الضرر مع كل منهما.

ونظير المقام ما قاله بعض المحققين في مسألة ان المؤونة التي أنفقت على الغنيمة بعد حصولها بحفظ ورعي وجمع وغيرها هل تقدّم على الخمس أم لا ؟ قال بان تقديم الخمس على المؤن مخالف للعدل. وربما أورد عليه بانه لم يعلم في قواعد الفقه قاعدة تسمى بقاعدة العدل وانما ذلك يشبه الاستحسان الذي هو من مبادئ فقه الحنفية ، وقد اجيب عنه بان قاعدة العدل من اعظم قواعد الفقه وان لم تكن معنونة في ابوابه كسائر القواعد ويستدل لها من الكتاب بقوله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) (١) ولا ريب ان من العدل ان تكون مؤونة المملوك على مالكه ومن البغي ان تحمل مؤونته على غير مالكه.

والظاهر انه لا ينبغي الاشكال في أصل القاعدة كما دلت عليه الآيات الشريفة كقوله :( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) (٢) وقوله تعالىٰ :( وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) (٣) الا ان البحث يقع في أساسه وضابطه الكلي وقد أوضحنا بعض القول فيه في بعض المباحث الاصولية.

الصورة الثالثة : فيما اذا دار الامر بين تضرر شخص والاضرار بالغير

__________________

(١) النحل ١٦ / ٩٠.

(٢) النساء ٤ / ٥٨.

(٣) الشورى ٤٢ / ١٥.

٣٢٥

من جهة التصرف في ملكه تصرفاً يضر بجاره ـ مثلاً ـ وقد طرح المحقق النائيني البحث في هذه الصورة حول ان قاعدة السلطنة هل هي محكومة مطلقاً بقاعدة ( لا ضرر ) أو فيما لم يلزم من عدم السلطنة ضرر عليه ؟ واما اذا لزم فلا تكون محكومة لها بل تكون قاعدة السلطنة هي المرجع(١) . وربما يعد منع المالك أي تصرف ضرراً عليه ولو كان مضراً بجاره كما سيأتي عن الشيخ الانصاري ، وهو غير تام.

واياً كان فينبغي تعميم البحث لما اذا لزم من عدم تصرفه ضررٌ على المالك وما اذا لزم منه فوت مصلحة بل الاعم من ذلك ايضاً.

والتعرض لهذه المسألة في غاية الاهمية لكثرة الابتلاء بها وسعة حدودها.

ومنشأ تفصيل القول فيها في كلمات المتأخرين في الفقه ما ذكره الفاضل السبزواري في كتاب الكفاية ، حيث نقل عن الاصحاب جواز تصرفات المالك في ملكه مطلقاً ثم تامل فيه وصار كلامه مورداً للبحث عندهم ، قال (قده)(٢) ( المعروف من مذهب الاصحاب ان ما ذكر في الحريم للبئر والعين والحائط والدار مخصوص بما اذا كان الاحياء في الموات فيختص الحريم بالموات واما الاملاك فلا يعتبر الحريم فيها لأن الاملاك متعارضة وكل واحد من الملاك مسلط على ماله له التصرف فيه كيف شاء قالوا فله أن يحفر بئراً في ملكه وان كان لجاره بئر قريب منها وان نقص ماء الأولى وان ذلك مكروه. قالوا : حتى لو حفر في ملكه بالوعة وفسد بئر الجار لم يمنع عنه ولا ضمان عليه ، ومثله ما لو أعد داره المحفوف بالمسكن حماماً أو خاناً أو

__________________

(١) لاحظ تقربرات متن رسالة لا ضرر : ٢٢٤.

(٢) الكفاية : ٢٤١ ( تذنيب ).

٣٢٦

طاحونة أو حانوت حداد أو قصار لان له التصرف في ملكه كيف شاء.

ويشكل هذا الحكم في صورة تضرر الجار تضرراً فاحشاً نظراً إلى ما تضمنته الاخبار المذكورة من نفي الضرر والاضرار وهو الحديث المعمول به من الخاصة والعامة المستفيض بينهم خصوصاً ما تضمنته الأَخبار المذكورة من نفي الاضرار الواقع في ملك المضار. وفي المسالك نعم له منع ما يضر بحائطه من البئر والشجر ولو لمرور اصلها اليه والضرر المؤدّي إلى ضرر الحائط ونحو ذلك.

وقد تعرض لهذا الكلام صاحب الرياض(١) وناقش فيه وفصل القول فيه صاحب مفتاح الكرامة(٢) وأشار إلى كلامهما الشيخ الأَنصاري (قده) في الرسائل(٣) .

ونحن نقتصر على نقل كلامين في الموضوع كلاماً لصاحب الجواهر وكلاماً للشيخ الانصاري :

قال الاول(٤) ( وبالجملة فالغرض ان المسألة لم يكن فيها اجماع محقق على جهة الاطلاق. فيمكن ان يقال بمنع التصرف في ماله على وجه يترتب عليه الضرر في مال الغير ، مثلاً بتوليدية فعله ، بحيث يكون له فعل وتصرف في مال الغير واتلاف له يتولد من فعله فعل في مال الغير ، لا تلف خاصة بلا فعل منه ، وخصوصاً مع زيادته بفعله عمّا يحتاج اليه وغلبة ظنه بالسراية ، وقاعدة التسلط على المال لا تقتضي جواز ذلك ، ولا رفع الضمان الحاصل بتوليد فعله.

__________________

(١) الرياض ٢ : ٣٢٠.

(٢) مفتاح الكرامة ٧ : ٢٢ ـ ٢٣.

(٣) الرسائل ٢ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩.

(٤) الجواهر ط القديم ٦ : ١٨٥ وط الحديث ٣٨ : ٥٢.

٣٢٧

( نعم ) لو كان تصرفه في ماله لا توليد فيه على الوجه المزبور وان حصل الضرر مقارناً لذلك لم يمنع منه ).

و قال الشيخ الانصاري : ( الاوفق بالقواعد تقدّم المالك لان حجر المالك في التصرف في ماله ضرر يعارض بذلك ضرر الغير فيرجع إلى عموم قاعدة السلطنة ونفي الحرج ).

و لتوضيح القول فيه لا بد من ذكر أمور :

الأَمر الأَوّل : في انه هل هناك ما يدل على جواز تصرفات المالك في ملكه مطلقاً لكي نحتاج في رفع اليد عنه لما يدل على خلافه ويكون مقدماً عليه أم لا ؟

وما يمكن ان يستدلّ به وجهان :

الوجه الأَوّل : ما ينسب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( الناس مسلطون على اموالهم ) وقد وصفه في مفتاح الكرامة بانه ( المعمول عليه بين المسلمين ) وقال : بل هو متواتر وأخبار الاضرار على ضعف بعضها وعدم مكافئتها لهذه الادلة يحمل على ما اذا كان لا غرض له إلا ( الاضرار )(١) واطلاقه يدل على ان للمالك ان يتصرف في ماله بايّ تصرف ولو كان مضّراً بجاره.

ويمكن المناقشة فيه من جهتين :

الأُولى : انه خبر ضعيف غير مجبور بعمل الاصحاب فانه لم يرد في جوامعنا الحديثية الا في كتاب البحار(٢) واما في الكتب الفقهية فقد ذكره الشيخ في الخلاف(٣) وربما يوجد في بعض مصنفات العلامة ولعل صاحب

__________________

(١) مفتاح الكرامة : ٧ / ٢٢.

(٢) بحار الانوار ٢ : ٢٧٢ / ٧.

(٣) الخلاف ٣ : ١٧٦ ـ ١٧٧ ذيل المسألة ٢٩٠.

٣٢٨

عوالي اللآلي قد اخذه منها ويوجد في كلام المحقق الثاني غيره التعبير بمضمونه من دون الاشارة إلى انه رواية ، واما في كتب الحديث للعامة فالظاهر انه غير موجود في كتبهم المشهورة ، كما يعلم بملاحظة المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ومفتاح كنوز السنة ، نعم لا يبعد وجوده في بعض كتبهم الحديثية غير المعروفة ، فما وصفه به في مفتاح الكرامة لا يخلو عن المبلغة.

الثانية : ان مفاد هذا الكلام ليس ازيد من عدم محجورية المالك في تصرفاته في امواله بحيث يحتاج إلى استئذان من غيره ، وليس في مقام بيان الجواز التكليفي والوضعي بالنسبة إلى جميع انواع التصرفات حتى في حال الاضرار بالغير ولو شك في كونه في مقام البيان من هذه الجهة مضافاً إلى الجهة الاخرى فلا ، أصل يحكم بذلك كما قرر في علم الاصول.

الوجه الثاني : ان يقال ان اعتبار شيء مملوكاً لاحد بملكية تامة يندمج فيه جواز مطلق التصرفات فيه تكليفاً ووضعاً ، على ما هو التحقيق من ان الأَحكام الوضعية ـ كالملكية ـ مشتملة على نحو الاندماج على ما يناسبها من الأحكام التكليفية ، والمرتكز لدى العقلاء ان المندمج في الملكية مطلق جواز التصرفات كما يشير إلى ذلك ما جاء عن بعض مخالفي هودعليه‌السلام من قوله تعالى :( أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ) الخ(١) .

ويرد عليه : ان ما يندمج في اعتبار الملكية التامة ليس جواز مطلق التصرفات بل هو جواز التصرفات في الجملة ـ كما يؤكد ذلك ما ذكره بعض

__________________

(١) هود ١١ / ٨٧.

٣٢٩

اهل القانون(١) .

الأَمر الثاني : في انه لو فرض وجود اطلاق لدليل سلطنة المالك بالنسبة إلى التصرفات التي يصدق عليها انها اضرار بالنسبة إلى جاره ، فهل ما يدل على حرمة الاضرار بالغير يكون مقدماً على الاطلاق المفروض ؟ لاسيما فيما إذا فرض أن من عدم التصرف المفروض يلزم ضرر على المالك ؟

__________________

(١) ففي مصادر الحق في الفقه الاسلامي للدكتور عبد الرزاق السنهوري ( ج ١ ص ٣١ تحت عنوان الملك التام ) بعد أن نقل ان المادة ١١ من مرشد الحيران عرفته على الوجه الآتي : ( الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً فيما يملكه عيناً ومنفعة واستغلالاً فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة ) واستنتج منه ان عناصر حق الملك في الفقه الاسلامي كما عن الفقه الغربي ثلاثة عددها ـ قال بعد ذلك : ( وليس حق المادة مطلقاً كما توهم عبارة مرشد الحيران ، بل هو حق مقيد بوجوب عدم الاضرار بالجار وقد ورد هذا القيد في نصوص مرشد الحيران ذاتها فنصّت المادة ٥٧ على ان ( للمالك ان يتصرف كيف شاء في خالص ملكه الذي ليس للغير حقّ فيه فيعلي حائطه ويبني ما يريده ما لم يكن تصرفه مضرّاً بالجار ضرراً فاحشاً ) وعرفت المادة ٥٩ الضرر الفاحش بانه ( ما يكون سبباً لوهن البناء أو هدمه أو يمنع الحوائج الأصلية أي المنافع المقصودة من البناء ، واما ما يمنع المنافع التي ليست من الحوائج الاصلية فليست بضرر فاحش ) وبيّنت المادة ٦٠ حكم الضرر الفاحش فقالت : يزال الضرر الفاحش سواء كان قديماً أو حادثاً.

وقال في الوسيط ( ج ٨ ص ٥٥٧ ) في مادة ٣٤١ تحت عنوان ( أعمال سلبية من المالك ) ، الأمثلة كثيرة على الأَعمال السلبية التي تقتضي من المالك حتى يقوم بما للملكية من وظيفة اجتماعية وذكر في عداد بعض الأَمثلة : ١ ـ يجب على المالك أن يمتنع عن استعمال ملكه بحيث يضرّ بالجار ضرراً فاحشاً واذا جاز للمالك أن يطلب من جاره ان يتحمل مضار الجوار المألوفة فليس له أن يحمله المضار غير المألوفة للجوار ، وفي هذا المعنى تقول المادّة ٨٠٧ مدني ( ١ ـ على المالك إلا يغلو في استعماله حقه إلى حدّ يضرّ بملك الجار. ٢ ـ وليس للجار ان يرجع على جاره في مضارّ الجوار المألوفة التي لا يمكن تجنبها وإنما له ان يطلب ازالة هذه المضارّ اذا تجاوزت الحد المألوف على أن يراعي في ذلك العرف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخر ، والغرض الذي خصّصت له الخ ما ذكره ).

٣٣٠

فيمكن أن يقال ان أدلة حرمة الاضرار كمقطع ( لا ضرار ) مقدمة على اطلاق دليل السلطنة وإن كان بينهما عموم من وجه ، لأنّ الاضرار من العناوين الثانوية وما يدل على الحرمة بالعنوان الثانوي مقدم على ما يدل على الجواز بالعنوان الأولي.

ولكن قد يمنع من صحة التمسك به في المقام بأحد تقريرين :

التقرير الأوّل : انه فيما اذا كان ترك الاضرار بالغير ضرراً على المالك يكون قوله ( لا ضرر ) حاكماً على دليل حرمة الاضرار ، لانه متقدم بالحكومة التضييقية على كل حكم ولو كان حكماً بالعنوان الثانوي.

ويمكن الجواب عنه بوجهين :

أحدهما : انه لا يعقل حكومة ( لا ضرر ) على ( لا ضرار ) من جهة ان معنى حكومته عليه حلية الاضرار وارتفاع الحرمة وحيث ان كلا من الحرمة وانتفائها ضرري ، فان في وجود الحرمة ضرراً على المالك وفي انتفائها ضرراً على الجار ، وقد سبق ان ( لا ضرر ) كما انه حاكم على الاحكام الوجودية فكذلك هو حاكم على الأحكام العدمية ، فيستحيل حكومته عليهما لانه يلزم منه ارتفاع النقيضين وحكومته على احدهما ترجيح بلا مرجح.

وثانيهما : ان في قضية سمرة بن جندب لوحظ أوّلاً ( لا ضرر ) الدال على نفي استحقاق دخول سمرة في دار الانصاري بلا استئذان وعدم ترتب ذلك على حقّ الاستطراق ، ثم رتّب عليه حرية الاضرار بعد تحقّق صغراها ـ بملاحظة ان الدخول بغير استئذان من غير حق اضرار بحق الأنصاري ـ وعليه ف‍ ( لا ضرار ) في الرتبة المتأخرة عن ( لا ضرر ) فلا يكون حاكما عليه لكن في هذا الوجه تأمّل.

التقرير الثاني : ما يظهر من كلام السيد الاستاذ (قده) من عدم اطلاق

٣٣١

لقوله ( لا ضرر ) يشمل به مثل المقام(١) وذلك بأحد وجهين :

احدهما : ان مقتضى الفقرة الأُولى عدم حرمة التصرف لكونه ضرراً على المالك ، ومقتضى الفقرة الثانية ـ وهي ( لا ضرار ) حرمة الاضرار بالغير على ما تقدّم بيانه ، فيقع التعارض بين الصدر والذيل فلا يمكن العمل باحدى الفقرتين.

ويرد عليه : انه ان قلنا بان ( لا ضرر ) حاكم على الأَحكام الوجودية كحرمة الاضرار المفادة ب‍ ( لا ضرار ) فقط فلا معارضة بين الصدر والذيل لانه لا معارضة بين الدليل الحاكم والمحكوم ، ونتيجة ذلك الحكم بجواز التصرف المفروض لسقوط ( لا ضرار ) بكونه محكوماً. وان قلنا بانه حاكم على الأَحكام الوجودية والعدمية كما هو المختار فحيث انه لا يعقل حكومة ( لا ضرر ) على ( لا ضرار ) في المقام على ما تقدّم فلا مانع من التمسك بالفقرة الثانية ، وقد وافق هو على هذا المبنى ـ من حكومة لا ضرر بالنسبة إلى الاحكام العدمية ـ إلا انه ذكر انه لم يجد مثالاً يثبت فيه حكم بواسطة لا ضرر بنفي الحكم الوارد من جهة قاعدة ( لا ضرار ) وما ذكرنا لا يقتضي اثبات حكم بلا ضرر حتى يقال بان لسان ( لا ضرار ) هو لسان النفي لا لسان الإثبات بل إبقاء ( لا ضرار ) بلا حاكم عليه.

والوجه الثاني : ان حديث ( لا ضرر ) لا يشمل المقام لا صدراً ولا ذيلاً ، لكونه وارداً مورد الامتنان على الامة الاسلامية فلا يشمل مورداً يكون شموله له منافياً للامتنان ومن المعلوم ان حرمة التصرف في الملك بما يضر بالجار مخالف للامتنان على المالك ، والترخيص فيه خلاف الامتنان على الجار ، فلا يكون شيء منهما مشمولاً لحديث ( لا ضرر ). ثم قال ( وبما ذكرناه يظهر انه لا يمكن التمسك بحديث ( لا ضرر ) فيما كان ترك التصرف

__________________

(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٦٦.

٣٣٢

موجباً لفوات المنفعة وان لم يكن ضرراً عليه. لان منع المالك عن الانتفاع بملكه أيضاً مخالف للامتنان فلا يكون مشمولاً لحديث ( لا ضرر ) فلا يمكن التمسك بحديث ( لا ضرر ) في المقام أصلاً بل لا بُدّ من الرجوع إلى غيره.

فان كان هناك عموم أو اطلاق دل على جواز تصرف المالك في ملكه حتى في مثل المقام يؤخذ به ويحكم بجواز التصرف ، والا فيرجع إلى الأَصل العملي وهو في المقام اصالة البراءة عن الحرمة فيحكم بجواز التصرف.

ثم قال ( وبما ذكرناه ظهر الحكم فيما اذا كان التصرف في مال الغير موجباً للضرر على الغير وتركه موجباً للضرر على المتصرف ، فيجري فيه الكلام السابق من عدم جواز الرجوع إلى حديث ( لا ضرر ) ، لكونه وارداً مورد الامتنان فيرجع إلى عموم ادلة حرمة التصرف في مال الغير كقولهعليه‌السلام ( لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه ) وغيره من ادلة حرمة التصرف في مال الغير ويحكم بحرمة التصرف.

ويرد عليه :

أوّلاً : ان المسلم انما هو ملاحظة جهة الامتنان في هذا الحديث في الجملة ـ ولو على نحو الحكمة ـ لا على نحو العلّة حتى يكون مخصّصاً له بصورة الامتنان ، فانه ليس في شيء من ادلتها ما يدل على ذلك أو ما يمنع عن الأَخذ بالاطلاق. وقضية سمرة بن جندب انما تدل على ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بصدد تمييز الحقوق وايصال ذي الحق إلى حقّه بالصرامة التي تقتضيها مرحلة القضاء أو التنفيذ.

وثانياً : ان البيان المذكور يقتضي قصور ( لا ضرر ) عن شمول كل من حرمة الاضرار وجوازه ، ونتيجة ذلك انه لا يصلح للحكومة على ، ( لا ضرار ) فيبقى ( لا ضرار ) بلا حاكم عليه كما ذكرناه أوّلاً ، ومعه لا وجه للرجوع إلى ما دل على جواز التصرف في ماله لو فرض شموله للمقام ، لان الجواز هنا

٣٣٣

جواز اقتضائي فلا ينافي ما دل على الحرمة ، كما لا وجه للرجوع إلى البراءة ايضاً.

وثالثاً : انه على تقدير قصور ( لا ضرار ) فيمكن الرجوع إلى غيره من الادلة الدالة على حرمة مال الغير ، فان الاضرار بالغير اما ان يكون بالتصرف الحقيقي في ماله ولو على نحو التوليد ، كوهن الحائط بسريان الرطوبة ، واما ان يكون بالتصرف الحكمي فيه كما لو بنى معمل دباغة أو حدادة في منطقة سكنية مما يوجب عدم قابلية الدور المجاورة للسكنى ، وفي كلتا الصورتين يكون المالك بعمله هذا قد ألغى احترام مال الغير وان نوقش في صدق التصرف الذي هو بمعنى التغيير والتبديل خصوصاً في القسم الاخير ، فيأتي في المقام ما يدل على حرمة مال الغير بدون تقييده بعنوان التصرف. كما في قوله : ( لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه ) وقوله : ( وحرمة ماله كحرمة دمه ).

ولا يعارضها أيضاً ما دل على جواز التصرف في ماله كما لا تجري اصالة البراءة كما تقدم.

الأَمر الثالث : في انه هل يمكن ادعاء انه اذا لزم من ترك التصرف ضرر على المالك فترتفع حرمة الاضرار بقاعده رفع المضطر اليه أم لا ؟

الظاهر هو الثاني لوجهين :

الأَوّل : ان وصول مطلق الضرر على المالك لا يوجب صدق الاضطرار على الاضرار بالغير ، بل مفهوم الاضطرار يختص بما اذا وقع الشخص في الضيق ولا مهرب له إلا ارتكاب المحرم ، مثل هلاك النفس وما يلحق به ، أو قل انه يختص بمورد الضرورة التي تجوز ارتكاب المحرمات.

٣٣٤

فاذا وصل إلى هذا الحد فلا اشكال في الجواز التكليفي.

الوجه الثاني : ان حديث الرفع بقرينة قوله ( عن امتي ) ظاهر في كون الرفع امتناناً على الامة فلا يصلح لرفع ما يكون في رفعه خلاف المنة بالنسبة إلى بعض الامة.

الامر الرابع : في ان دليل الحرج هل يقتضي جواز التصرف في مال النفس بما يوجب الضرر المالي على الغير أم لا ؟

فقد يقال : انه يقتضي ذلك لان حجر المالك عن الانتفاع بما له حرج عليه ، فيرتفع بدليل نفي الحرج.

ويرد عليه :

أوّلاً : ان الحرج المنفي إنما هو بمعنى المشقة التي لا تتحمل عادة لا مطلق الكلفة ، والا لاقتضى ارتفاع مطلق التكاليف. ومن المعلوم ان منع المالك عن التصرف في ماله خصوصاً اذا كان فيه إضرار فاحش بالغير لا يكون حرجياً عليه مطلقاً بل قد يكون وقد لا يكون.

وثانياً : إن اجراء لا حرج بالنسبة اليه معارض باجرائه في ناحية الجار فان جواز التصرف للمالك في ماله على نحو يوجب الضرر الفاحش في مال الجار حرجي عليه ، كما اوضحنا ذلك في بحث التقية.

وبما ذكرنا يظهر ان مقتضى القواعد. حرمة الاضرار بالغير وان كان التصرف في مال نفسه.

نعم ، إذا كان عدم التصرف الخاص في ماله مولداً للضرر الذي يحرم ايقاعه على نفسه فالظاهر عدم الحرمة من جهة صدق الاضطرار لو كان ، والا تزاحمت الحرمتان فلا بُدّ من ملاحظة الأَهمّ والمهمّ.

وفي كل مورد حكمنا بالترخيص التكليفي ، فان كان الضرر عليه مما

٣٣٥

يكون له ضمان فيحكم بالضمان ولا يمكن رفعه بحديث ( لا ضرر ) اما لانّه في مقام الامتنان أو لان الحكم بالضمان بطبعه ضرري و ( لا ضرر ) لا يرفع مثل ذلك. هذا تمام الكلام في قاعدة ( لا ضرر ).

والحمد لله رب العالمين.

٣٣٦

فهرس الكتاب

تمهيد : ٩

الفصل الأول ، وفيه بحثان ١١

البحث الأَوّل في ذكر قضايا ( لا ضرر ) وتحقيقها ١١

١ ـ قضية سمرة بن جندب ١١

( رواية ابن بكير ) عن زرارة نقلت بصورتين : ١٣

الصورة الأولى : ما نقله الكليني في باب الضرار ١٣

الصورة الثانية :ما نقله الصدوق في الفقيه ١٥

( رواية ابن مسكان ) عنه فقد أوردها الكليني ايضاً ١٦

٢ ـ حديث الشفعة : رواه المشايخ الثلاثة : ٢٥

١ ـ رواه الكليني ، عن محمّد بن يحيىٰ ٢٥

٢ ـ رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن محمّد بن يحيىٰ ٢٦

٣ ـ رواه الصدوق باسناده عن عقبة بن خالد ٢٦

تحقيق الكلام في هذا الرواية يقع ضمن جهات : ٢٧

الجهة الأولىٰ : في سندها ٢٧

الجهة الثانية : في التجبار ضعف سندها ٢٨

الجهة الثالثة : وهي عمدة ركز عليه في كلماتهم ٢٩

٣٣٧

تحقيق ظهور الرواية وملاحظة القرائن الخارجية فيه بحثان : ٣١

البحث الأَوّل : في الارتباط بين الحكم بثبوت الشفعة للشركاء وبين كبرى لا ضرر ولا ضرار وفيه نقطتان : ٣١

النقطة الأُولى : في تعيين فاعل ( قال ) في جملة ( وقال لا ضرر ولاضرار ) ٣١

النقطة الثانية : ينبغي البحث هل ان الجمع بين رواية ( لا ضرر ولاضرار ) وبين ( رواية الشفعة ) من قبيل الجمع في الرواية أو في المروي ٣٣

البحث الثاني : هل هناك قرائن خارجيّة توجب رفع اليد عن الظهور وفيه قولان ٣٥

ما يمكن أن يستشهد به للقول الأول فوجوه ٣٦

الوجه الأَوّل : ما ذكره العلامة شيخ الشريعة في رسالته ٣٦

عما يقتضيه الموقف في الحكم بين حديث عبادة بن الصامت وبين حديث عقبة بن خالـد ٣٩

الجهة الأُولىٰ : في اعتبار حديث عبادة وعدمه ، وفيه أمور : ٣٩

الأمر الأَوّل : أنه لو ثبت وثاقة عبادة بن الصامت فلا طريق لنا لاثبات وثاقة غيره ٣٩

الأمر الثاني : أن هذا الحديث لم تثبت صحنه حتىٰ عن العامة الذين رووه ٣٩

الأمر الثالث : أن ما ذكره شيخ الشريعة (قده) من معروفة أقضية النبي ٩ ٣٩

الجهة الثانية : في اللمقارنة بين حديث عبادة بن الصامت وحديث عقبة بن خالد ٤١

الوجه الثاني : ما افاده المحقق النائيني (قده) من انه لو كان لا ضرر ولا ضرار من تتمة قضية أُخرى ٤٤

الرد على ما ذكر المحقق النائيني ١ ٤٤

أوّلاً : انه لم يثبت كون هذا القضاء من أشهر قضاياه ٩ ٤٤

٣٣٨

ثانياً : إن ما ذكره (ره) مبني على أن عقبة بن خالد قد روى جميع أقضية النبي ٤٥

وثالثاً : أن كون ( لا ضرر ) قضاءاً لا ينافي وقوعه في ضمن مورد خاص ٤٥

الوجه الثالث : ما أشار إليه المحقق النائنني (قده) وأوضحه السيد الاستاذ ١ ٤٦

يلاحظ على ما أشار اليه المحقق النائيني ٤٧

أولاً : إن ايراد هذه القاعدة بعد حديث الشفعة باعتبار تناسب الجملة الثانية ٤٧

ثانياً : إن مراجع الوجه المذكور إلى انه لمّا كان المختار في معنىٰ ( لا ضرر ) هو نفي الحكم ٤٧

ثالثاً : انه لو فرضنا ان قوله ( لا ضرر ) في قضية سمرة مثلاً بمعنى نفي الحكم ٤٨

الوجه الرابع : ما أفاده المحقق النائيني ١ من أن الترابط بين لا ضرر وبين جعل حق الشفعة بلحاظين ٤٨

بطلان كلا اللحاظين ٤٨

أما الأَوّل : فلأن الضرر اذا كان علة للحكم بثبوت حق الشفعة ٤٨

وأما الثاني : فلأن وقوع الضرر على الشريك أمر اتفاقي ٤٩

ويلاحظ عليه أوّلاً : ان ما ذكر منعدم علّية ترتب الضرر بأن تمام الموضوع للحكم ٤٩

وثانياً :إن لحاظ دفع الضرر حكمة لتشريع حق الشفعة ٥١

وثالثاً : ان اعتبار ( لا ضرر ولا ضرار ) حكمة للحكم بثبوت الشفعة ٥١

٣ ـ حديث منع فضل الماء : رواه الكليني عن محمّد بن يحيى ٥٢

الكلام في هذا الحديث في جهات ٥٣

الجهة الأُولى : في سنده ، وهو ضعيف على غرار ما تقدم ٥٣

الجهة الثانية : في شرح مفادها اجمالاً ٥٣

المراد من قوله ٩ : ( لا يمنع فضل ماء ليمنع به

٣٣٩

فضل كلأ ) وجوه : ٥٣

الوجه الأول : إن الأَعراب لمّا كانوا ينزلون إلى الماء والكلأ كانت طائفة منهم تأتي إلى الماء لحاجتها ٥٤

الوجه الثاني : إن المراد أن اصحاب الماء لو منعوا فضل مائِهم منعهم الله من الكلأ ٥٤

الوجه الثالث : إن المراد أنه لا يمنع قوم فضل مائهم عن الرعاة ٥٤

الوجه الرابع : إن المراد أنه لا يمنع قوم فضل الماء المباح عن الرعاة ٥٥

الجهة الثالثة : في ارتباط النهي عن منع فضل الماء بقوله ( لا ضرر ولاضرار ) ٥٦

هناك وجهان ذكرت كقرائن خارجيّة على عدم ارتباط بين حديث منع فضل الماء وقوله ( لا ضرر ولا ضرار ) ٥٧

أولهما : ما ذكره العلاّمة شيخ الشريعة (قده) ٥٧

ثانيهما : ما أفاده المحقق النائيني (قده) ٥٧

فهناك وجهان آخران قد يستدلّ بهما لهذا المدعى في خصوص المقام وهما : ٥٨

الوجه الأَوّل : ان حديث منع فضل الماء مذكور في بعض روايات الخاصة ٥٨

الوجه الثاني : إن مضمون حديث منع فضل الماء يأبى عن الالتزام بالترابط بينه وبين قله ( لا ضرر ولاضرار ) وذلك من جهتين ٥٩

الأُولى : إن منع المالك فضل ماله عن الغير لا يعدّ ضرراً ٥٩

الثانية : ان النهي في مورد الحديث تنزيهي قطعاً ٥٩

٤ ـ حديث هدم الحائط : اورده القاضي نعمان المصري في دعائم الاسلام ٦٣

الكلام في يقع في جهات : ٦٣

الجهة الأُولىٰ : في مصدره : وهو ـ كما ذكرنا ـ كتاب دعائم الإسلام للقاضي

٣٤٠