المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية21%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 369

  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36511 / تحميل: 7203
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ابن علي مثله، قال: وحدّثنا نعيم، حدّثنا رشدين، حدّثنا ابن لهيعة وقال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان عن علي (عليه السلام)، (الحديث). إلاّ أنّه قال: « بسبع رايات سود » .

١٠٦ - وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (ص٥٢، الباب ١٣٠)، قال: فيما ذكر نعيم، أنّ جيش المهدي في اثني عشر ألفا، أو خمسة عشر ألفاً، قال: حدّثنا نعيم بن (حمّاد)، حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحرث ابن يزيد سمع ابن زرير الغافقي، سمع علياً (عليه السلام) يقول: « يخرج المهدي في اثني عشر ألفاً إن قلّوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثروا، ويسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدو إلاّ هزمهم بإذن الله، شعارهم أَمِت أَمِت، لا يبالون في الله لومة لائم، فيخرج إليهم سبع رايات من الشام فيهزمهم ويملك، فيرجع إلى الناس (إلفتهم) بحبهم ونعيمهم، وفاصتهم وبزارتهم، لا يكون بعدهم إلاّ الدجّال ، قلنا: وما الفاصّة والبزارة؟ قال: يفيض الأمر حتى يتكلم الرجل بما شاء لا ينسى شيئاً » .

١٠٧ - وفي كنز العمّال (ج٦، ص٤٤)، من المعجم الكبير للطبراني، أخرج بسنده، عن عوف بن مالك، قال، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: « كيف أنتم - يا عوف - إذا افترقت الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة منها في الجنّة، وسائرهن في النار ، قال: وكيف ذلك؟ قال: إذا كثُرت الشُرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذوا القرآن مزامير، وزُخرِفت المساجد، ورُفِعت المنابر، واتُخذ الفيء دُولاً، والزكاة مَغْرما، والأمانة مَغْنما، وتُفِقِّه في دين الله لغير الله، وأطاع الرجل امرأته، وعقّ أمّه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمّة أوّلها، وساد القبيلة فاسقُهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأُكرِم الرجل اتقاء شره، فيومئذٍ يكون ذلك فيه، يفزع الناس يومئذ إلى الشام والى مدينة، يقال لها (دمشق) من خبر مدن الشام فتحصنهم من عدوّهم . قيل: وهل تفتح الشام؟ قال: نعم، وشيكا. ثمّ تقع الفتنة بعد فتحها. ثمّ تجني فتنة

١٠١

غبراء مظلمة، ثمّ تتبع الفتن بعضها بعضا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له المهدي، فإن أدركته فاتّبعه وكن من المهتدين » .

١٠٨ - في أربعين الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله، أخرج بسنده، عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « ويحَ هذه الأمّة، من ملوك جبّارة كيف يقتلون ويطردون (المسلمين)، إلاّ من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فإذا أراد الله تعالى أن يعيد الإسلام عزيزاً قصم كل جبّار عنيد، وهو القادر على ما يشاء، وأصلح الأمّة بعد فسادها، يا حذيفة! لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم؛ حتى يملك رجل من أهل بيتي، تجري الملاحم في يديه ويظهر الإسلام، والله لا يخلف وعده، وهو سريع الحساب » ، وقد أخرجه في غاية المرام (ص٧٠٠) من الأربعين.

المؤلِّف:

تقدم الحديث نقلاً من عقد الدرر (الحديث ١٠٠، من الباب ٤)، وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم. وقد أخرجه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، في ينابيع المودّة (ص٤٤٨، و ص٤٩٠) ولفظه في (ص٤٤٨) ليس فيه قوله: « تجري الملاحم على يديه » وفي (ص٤٩٠) ذكر فيه قوله: « تجري الملاحم على يديه » وفي بقية ألفاظه يساوي عقد الدرر.

١٠٩- وفي عرف الوردي، للسيوطي الشافعي (ص٥٨)، قال: أخرج ابن أبي شيبة، والطبراني، والدارقطني في الأفراد، وأبو نعيم، والحاكم، عن ابن مسعود، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم: « لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله تعالى رجلاً من أهل بيتي، يواطي اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » .

المؤلِّف:

تقدم الحديث - مع الاختصار - نقلاً من كتبٍ عديدةٍ، وأخرجه في كنز العمّال (ج٧، ص١٨٨)، من المعجم الكبير للطبراني، والدارقطني في الأفراد، والحاكم في المستدرك، وألفاظهم تساوي لفظ عرف الوردي.

١٠٢

١١٠- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (باب ٩٣، ص٣٠، ط/١)، قال: حدّثنا محمّد بن فضل وعبد الله بن إدريس وحريز، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم بن علقمة، عن عبد الله، قال: بينا نحن عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذ جاء فتية من بني هاشم، فتغيّر لونه، فقالوا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!، قال: « إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي - هؤلاء - يلقون بعدي بلاءً وتطريداً وتشريداً، حتى يأتي قوم من ههنا من نحو المشرق أصحاب رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، مرتين أو ثلاثاً، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونها، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأ الأرض عدلاً كما ملؤها ظلماً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج؛ فإنّه المهدي » .

١١١- وفي كنز العمّال (ج٧، ص١٨٩، الحديث ١٩٩٣)، أخرج بسنده، من المعجم الكبير للطبراني ومن تاريخ الخطيب البغدادي، بسنديهما، عن ابن مسعود، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: « يملك الناس رجل من أهل بيتي، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض عدلاً وقسطا، كما مُلئت ظلماً وجوراً »، (طب والخطيب) عن ابن مسعود.

المؤلِّف:

تقدم أحاديث عديدة بهذا المضمون، عن ابن مسعود، وعن ابن عمر، وعن غيرهما، وفي ألفاظهم تفاوت واختلاف في المعنى فقط.

١١٢ - وفي عقد الدرر (الحديث ١٢٣، من الباب ٤). أخرج بسنده، عن أبي هريرة، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم:

« يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامّة مَن يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فيجمع لهم قيس فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب يبلغه، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم، فيبلغ إلى السفياني، فيبعث إليه جنداً من جنده فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا جاء (البيداء) ببيداء من الأرض خُسف بهم، فلا ينجوا منهم إلاّ المخبر » . أخرجه أبو عبد الله الحاكم

١٠٣

في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه.

١١٣ - وفي كنز العمّال (ج٧، ص١٨٦)، أخرج بسنده، من مسند أحمد بن حنبل ومن سنن أبي داود ومن جامع الترمذي، قال: إنّهم رووا بأسانيدهم عن ابن مسعود، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: « لا تذهب الدنيا ولا تنقضي، حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطي اسمه اسمي »، (حم د ت عن ابن مسعود).

المؤلِّف:

تقدم حديث ابن مسعود، نقلاً من مسند أحمد ومن سنن أبي داود ومن جامع الترمذي، ولكن لفظه غير هذا اللفظ، والله أعلم، إنّ الحديث غُيّر، أو يكون حديث آخر برواية أحمد وأبي داود والترمذي.

١١٤ - وفي سنن ابن ماجة (ج٢، ص٢٦٩)، أخرج بسنده، عن محمّد ابن الحنفية، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: « قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : المهديّ مِنّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » .

المؤلِّف:

أخرج الكنجي الشافعي الحديث في كتابه البيان (ص٣١٢)، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه، وقال: رواه ابن ماجه كما سقناه. وأخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير.

المؤلِّف:

وأخرجه ابن الصباغ في الفصول المهمّة في (الفصل ١٢)، وأخرجه في الصواعق المحرقة، لابن حجر الهَيْتَمي (ص١٠٠)، وقال: أخرجه أحمد وغيره.

المؤلِّف:

أخرجه أحمد في المسند (ج١، ص٨٤)، وأخرجه علي المتقي الحنفي، في كنز العمّال (ج٧، ص١٨٢)، ولفظه: « المهدي مِن أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » ، وأخرجه السيّد ابن طاووس، في الملاحم والفتن (ج٣، ص ١١٩) بسنده، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، أنّه قال: « المهدي - عجّل الله فرجه - مِنّا أهل البيت، يصلحه

١٠٤

الله في ليلة » ، وأخرجه في فرائد السمطين، ولفظه يساوي لفظ ابن طاووس، وأخرجه ابن خلدون، في (ص٢٦٦) من كتابه المقدّمة، ولفظه يختلف معه غيره، وهذا نصّه:

عن محمّد بن الحنفية، عن أبيه، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: « المهدي مِنّا أهل البيت، يصلح الله به في ليلة » ، وأخرجه المنّاوي في كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير (ج٢، ص١٢٢)، وأخرجه جلال الدين في الجامع الصغير (ج٢، ص١٦٠)، ولفظه يساوي لفظ غيره، وأخرجه السيوطي أيضا، في كتابه العرف الوردي (ج٢، ص٧٨)، ولفظه هذا عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - قال: « المهدي يصلحه الله في ليلة واحدة » .

١٠٥

الباب الرابع

١ - في فرائد السمطين (ج٢) في الباب الآخر منه، لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي - المتوفّى سنة ٧٢٢ -. أخرج بسنده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم -: « إنّ عليّ ابن أبي طالب إمام أمّتي، وخليفتي عليها من بعدي، ومن وِلْده القائم المنتظر، الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، والذي بعثني بالحق بشيراً، إنّ الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، للقائم من وِلْدك غيبة؟ قال: إي وربّي، ليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر، إنّ هذا الأمر (أمر) من أمر الله، وسرّ من سرّ الله مطوّية عن عباده، فإيّاك والشك؛ فإنّ الشك في أمر الله كفر » .

٢ - وفي ينابيع المودّة (ص٤٩٤)، قال: وفي المناقب، حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال، حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، قال، حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عثمان، عن محمّد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس (رض)، قال، قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم: « إنّ علياً إمام أُمتي من بعدي، ومن وِلْده القائم المنتظر، الذي إذا ظهر يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، إنّ الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، لولدك القائم غيبة؟ قال: إي وربّي، ليمحّص الذين آمنوا ويمحق الكافرين يا جابر

١٠٦

إنّ هذا الأمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله مطوي من عباد الله، فإياك والشكّ فيه؛ فإنّ الشكّ في أمر الله عزّ وجل كفر » .

المؤلِّف:

تقدم الحديث، ثمّ نقلناه ثانياً من ينابيع المودّة؛ لِما فيه من الاختلاف في اللفظ ووضوح الألفاظ، والله أعلم أيّهما تصرّف في الحديث، الحمويني أو صاحب المناقب. وقد أخرج الحديث في مقدّمة ابن خلدون (ص٢٦٩)،. وأخرجه في كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (ج٧، ص٣١٨). وقد أخرجه السيّد في غاية المرام (ص٥٩٦)، من فرائد السمطين (ج٢)، وقد أخرجه في ينابيع المودّة (ص٤٤٨) أيضا، وفيه: « إنّ علياً وصيّي، ومن ولده القائم المنتظر المهدي » إلخ. وبقية الحديث يساوي لفظه ما تقدّم، وفيه اختصار أو إسقاط.

٣- وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (ج٧، ص٣١٨)، أخرج بسنده، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في نفر من المهاجرين والأنصار، وعلي بن أبي طالب عن يساره والعبّاس (عمّه) عن يمينه، إذ تلاقى (إذ تلاحى) العبّاس ورجل من الأنصار فأغلظ الأنصاري للعبّاس، فأخذ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيد العبّاس وبيد علي فقال:

« سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جوراً وظلماً، وسيخرج من هذا (أي: علي - عليه السلام -) فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليمني؛ فإنه يُقبل من قِبل المشرق، وهو صاحب راية المهدي » . أخرجه الطبراني في الأوسط، وأخرجه في (ص٢٦٩) مقدّمة ابن خلدون من حديث ابن عمر، وسياقه سياق مجمع الزوائد.

المؤلِّف:

أخرج أحمد بن شهاب الدين بن حجر الهيتمي الحديث - في الفتاوى الحديثة (ص٢٧) - ناقصاً محرّفا، وقال: أخذ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيد علي فقال: « يخرج من صلب هذا فتىً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي، فإنّه يقبل من قِبل المشرق، وهو صاحب راية المهدي » ، وترك بقية الحديث؛ حباً لبني العبّاس.

١٠٧

٤- وفي فرائد السمطين (ج٢) آخر الكتاب، أخرج الحمويني الشافعي بسنده، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، قيل له: متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال: « مثله كمثل السّاعة، لا يجلّيها لوقتها إلاّ هو عزّ وجلّ، تعلّت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة » .

٥ - وفي كنز العمّال (ج٧، ص٢٦١)، نقلاً من الملاحم، ابن المنادي، عن علي (عليه السلام)، قال:

« ليخرجنّ رجلاً من وِلدي عند اقتراب الساعة، حين تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان؛ لِما لحقهم من الضرّ والشدّة، والجوع، والقتل، وتواتر الفتن والملاحم العظام، وإماتَة السنن وإحياء البدع، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيحيى الله بالمهديّ محمّد بن عبد الله السنن التي قد أُميتت، ويسرّ بعدله وبركته قلوب المؤمنين، وتتألّف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب، فيبقى على ذلك سنين ليست بالكثيرة ثمّ يموت » .

٦- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (ص٥٦، ط/١، ج١، الباب ١٨٩)، قال: فيما ذكره نعيم من أنّ المهدي من وِلد علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، حدّثنا نعيم، حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي (عليه السلام)، قال: « هو رجل مِنّي » .

٧- في عرف الوردي (ص٦٢، من ج٢)، قال: أخرج الطبراني في الأوسط، عن ابن عمر، أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ بيد علي فقال: « سيخرج من صُلب هذا فتىً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليمنى؛ فإنّه يقبل من قِبل المشرق وهو صاحب راية المهديّ » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، الحديث المتقدم في (رقم ٤) من مجمع الزوائد، ومن مقدّمة ابن خلدون، غير أنّ السيوطي الشافعي أسقط أوّل الحديث؛ رعاية لحال ملوك بني العبّاس، حشره الله معهم، وقد وافق ابن حجر

١٠٨

في رعاية خلفائه بني العبّاس، ولو راعى الحقّ والصدق كان أوقع في القلوب.

٨- في عقد الدرر (الحديث ١٠، من الباب ١) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: « لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي، يملأها عدلاً كما مُلئت ظلماً » . أخرجه الإمام أبو داود، وسليمان بن الأشعث السجستاني في سننه.

٩- وفي عقد الدرر (الحديث ٧١، من الباب ٤) عن عليّ (رضي الله عنه)، قال:

« مُلك بني العبّاس يسرٌ لا عُسر فيه، لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند لم يزيلوه، ولا يزالون يتمتعون في مُلكهم حتى يَسُد عليهم مواليهم وأصحاب دولتهم، وسيسلط الله عليهم عِلجاً يخرج من حيث بدأ ملكهم لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها، ولا يرفع إليه راية إلاّ مزّقها، ولا نعمة إلاّ أزالها، الويل لمن ناوأه، فلا يزال كذلك حتى يضفر ويدفع ضفره إلى رجل من عترتي يقوم بالحق ويعمل به » .

المؤلِّف:

بعض ألفاظ الحديث ينطبق على هولاكو، وقد فعل ببني العبّاس ما فعل. راجع تاريخ بغداد وغيره من التواريخ، وآخر الحديث ينافي الاحتمال.

١٠- وفي الصواعق المحرقة، لابن حجر الهَيْتَمي الشافعي (ص١٠٠)، قال: لمّا زوّج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بابن عمّها علي بن أبي طالب، دخل على فاطمة ودعا بماء، فأتته بقدح فيه ماء فمج فيه ثمّ نضح على رأسها وبين ثدييها وقال:

« اللهمّ إنّي أُعيذها وذريّتها من الشيطان الرجيم، ثمّ قال لعلي: ائتني بماء ، (قال علي) فنضح منه على رأسي وبين كتفي وقال: اللهمّ إنّي أُعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم، ثمّ قال: ادخل بأهلك على اسم الله تعالى وبركته » قال: وأخرج أحمد وأبو حاتم نحوه، قال: وقد ظهر بركة دعائه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في نسلهما فكان منه مَن مضى ومَن يأتي ولو لم يكن في الآتين إلاّ الإمام المهدي (لكفى).

١٠٩

١١ - في بحار الأنوار (ج١٣- ٣١، ط/ ١)، قال أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهما السلام):

« أما والله لأُقتلنّ أنا وابناي هذان (أي: الحسن والحسين - عليهم السلام -) وليَبعثنّ الله رجلاً من وِلدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليَغيبنّ عنهم؛ تميزاً لأهل الضلالة، حتى يقول الجاهل ما لله في آل محمّد حاجة » .

١٢ - وفي الملاحم والفتن، لابن طاووس (ج٢، ص١٣٤، في الباب ١٩، ط/ ٣) من فتن زكريا، أخرج بسنده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قال: « المهدي - عجّل الله فرجه - مِنّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » .

١٣ - وفي كتاب الشجرة المباركة، المعروف بإلزام الناصب (ج٢، ص١٨١، ط/٢) قال أمير المؤمنين - في ضمن خطبة له -: « أنا حجّة الله على الأنس والجان، أنا أبو الأئمّة الأطهار، أنا أبو المهدي القائم في آخر الزمان، قال (الراوي): فقام إليه مالك الأشتر، فقال: متى يقوم هذا القائم من وِلدك يا أمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): إذا زهق الزاهق، وخفت الحقائق، ولحق اللاحق، وثقلت الظهر، وتقاربت الأمور، وحجب النشور، وأُرغم المالك، وسلك السالك » إلخ.

١٤ - وفي كتاب الشيعة والرّجعة (ج١، ص١٥٠)، من جملة ما نُسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال ذلك في خطبته المعروفة باللؤلؤة:

« المهدي من ذريّتي، يظهر بين الركن والمقام، وعليه قميص إبراهيم وحلّته وفي رجله نعل شيث، والدليل عليه عيسى بن مريم، ينزل من السماء ويكون مع المهدي من ذريّتي، فإذا ظهر فاعرفوه، فإنّه مربوع القامة، حلك سواد الشعر، ينظر من عين ملك الموت، يقف على باب الحرم (أي: حرم مكّة)، فيصيح بأصحابه صيحة واحدة، فيجمع الله عسكره في ليلة واحدة، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذكر (عليه السلام)

١١٠

أسماءهم وبلدانهم إلى آخرهم، إلى أن يقول: فيصبحون بأجمعهم مع المهدي على باب الحرم، ويسير إلى موضع يقال له المعدن، قريب من البصرة، ويقتل من أهلها أربعمائة رجل، ثمّ يسير إلى نجران اليمن فيقتل منها أربعة آلاف فارس وراجل، ويرجع إلى مكّة فيدخل من باب الحرم فيلقى عيسى بن مريم، ويقول: يا روح الله تقدّم فصلِّ بنا، فيقول له عيسى: بل تقدم أنت فإنّك الإمام وأنت أحقّ بالصلاة، فيتقدم المهدي من ذريّتي فيصلي إلى قبلة جدّه رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - » إلخ.

١١١

الباب الخامس

١ - في كتاب البيان، للكنجي الشافعي - المتوفّى سنة ٦٥٨- (الباب ٢، ص ٣١٠)، أخرج بسنده، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة: « نبينا خير الأنبياء وهو أبوكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمُّ أبيك حمزة، ومِنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمِّ أبيكِ، ومِنّا سبطا هذه الأمّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومِنّا المهدي (وهو من وُلدك) » .

المؤلِّف:

في ينابيع المودّة (ص٤٣٤)، أخرج حديث عباية عن أبي أيوب مع اختلاف، وسيأتي لفظه في (رقم ٢٠)، وأخرجه غيره وقد تعرضنا لألفاظهم في موارد من هذا الكتاب.

٢ - وفي كتاب البيان (ص٣١١)، أخرج بسنده، عن سعيد بن المسيّب، عن أمّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهدي مِن عترتي من وُلد فاطمة » (ثمّ قال): هذا حديث صحيح، أخرجه الحافظ أبو داود في سننه (ج٢، ص٤٢٢). وفي الصواعق المحرقة، لابن حَجَر (ص٩٧) وفي إسعاف الراغبين (ص١٣١).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في عقد الدرر (ج٢، من الباب ١)، وقال: أخرجه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي والإمام أبو عمرو الداني، وأخرجه البغوي في مصابيح

١١٢

السنّة (ج٢، ص١٣٤). وأخرج الحديث في كتاب العرف الوردي (ج٢، ص٥٨)، وقال: أخرجه أبو داود، وأخرجه ابن ماجه في (ج٢ن ص١٣١) من كتاب الهدى، والطبراني والحاكم في المستدرك، وقد تقدم في (رقم ٤) من الأحاديث التي قال فيها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « هو مِن عترتي » .

٣- وفي ينابيع المودّة (ص٤٣٢)، عن قتادة، قال، قلت لسعيد بن المسيب: أحقّ المهدي؟ قال: نعم، هو حقّ من أولاد فاطمة، فقلت: من أيّ أولاد فاطمة؟ قال: حسبك الآن.

المؤلِّف:

أخرج الشيخ سليمان الحنفي في الينابيع (ص٤٣٢)، من كتاب جواهر العقدين عن أمِّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «المهدي مِن عِترتي مِن وِلد فاطمة» ، ثمّ قال: أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي، وصاحب المصابيح، وآخرون. وفي ينابيع المودّة (ص٤٣٤)، قال عن سعيد بن المسيب قال: كنّا عند أمِّ سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «المهدي من وُلد فاطمة» .

المؤلِّف:

في أرجح المطالب (ص٣٨٤) أخرج الحديث وقال: أخرجه ابن ماجه (أي في سننه)، وأخرجه في (ص٣٨٥) أيضاً بلفظ آخر وفيه زيادة، راجع ما يأتي في (رقم ١٤)، وأخرجه الكنجي الشافعي، في كتاب البيان (ص٦٤)، عن سعيد بن المسيب، ولفظه يساوي لفظه، وقال: أخرجه ابن ماجه.

٤ - وفي البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (الباب ٢)، قال: أخرج نعيم بن حمّاد، عن قتادة، قال، قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حقّ هو؟ قال: نعم، قلت: مِمّن هو؟ قال: من وُلد فاطمة.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في أرجح المطالب (ص٣٨١) كما في

١١٣

البرهان، وفي عرف الوردي (ص٧٤)، قال: أخرج نعيم بن حمّاد، عن قتادة، قال، قلت: المهدي حقّ هو؟ قال: نعم، قلت: مِمّن هو؟ قال: من وُلد فاطمة، وفي فتن ابن طاووس (ص٤٨ – ٤٩)، أخرج بسنده، عن قتادة، قال، قلت لسعيد بن المسيّب: المهدي حقّ هو؟ قال: نعم، قلت: فمِمّن هو؟ قال: مِن قريش. قلت: مِن أيّ قريش؟ قال: من بني هاشم. قلت: مِن أيّ بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطلب، قلت: من أيّ بني عبد المطلب؟ قال: مِن وُلد فاطمة.

وأخرجه عقد الدرر (الحديث ٣٤، من الباب ١) وفي آخره زاد: قلت، من أيّ وُلد فاطمة؟ قال: حسبك الآن. ثمّ قال: أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المنّاوي.

٥ - في مشارق الأنوار (ص١٠٣)، قال: هو من وُلد فاطمة باتفاق الجمهور، كما في صحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، ومستدرك الحاكم، وسنن ابن ماجة، وسنن البيهقي، وآخرين، ولفظه كما يأتي من كنز العمّال.

وفيه أيضاً، عن علي بن الحسين أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « أبشري يا فاطمة، المهدي مِنّك » .

المؤلِّف:

في كنز العمّال (ج٧، ص١٨٦) أخرج عن أم سلمة أنّها قالت، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِن عِترتي من وُلد فاطمة » . ثمّ قال: أخرجه (د م عن أم سلمة) أي أخرجه أبو داود في (ج٢، ص٤٢٢)، ومسلم في صحيحيهما عن أم سلمة. وفي عرف الوردي (ص٥٨، من ج٢)، قال: أخرج أبو داود وابن ماجه والطبراني والحاكم، عن أم سلمة (أنّه) قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي مِن عِترتي من وُلد فاطمة » .

٦- وفي سنن أبي داود (ج٢، ص٢٠٧، سنة ١٣١٨)، أخرج بسنده، عن سعيد بن المسيب، عن أمِّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهدي مِن عِترتي مِن وِلد فاطمة » .

١١٤

المؤلِّف:

  أخرج الحديث عن أمِّ سلمة جماعة من علماء أهل السنّة، منهم:البغوي، في مصابيح السنّة في باب أشراط الساعة.

ومنهم: ابن الصبان، في إسعاف الراغبين (الباب٢، ص١٣٤)، وقال: أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي.

ومنهم: صاحب مشكاة المصابيح، أخرجه في (ص٤٣٠) من سنن أبي داود.

ومنهم: السيوطي، أخرجه في الجامع الصغير من مستدرك الحاكم ومن سنن أبي داود عن أم سلمة، وقال: الحديث صحيح.

ومنهم: علي المتقي الحنفي، أخرجه في منتخب كنز العمّال بهامش (ج٦، ص٣٠) مسند أحمد بن حنبل، وأخرجه في كتابه الآخر البرهان في علامات مهدي آخر الزمان (الباب٢) من سنن أبي داود وسنن ابن ماجه والمعجم الكبير للطبراني ومستدرك الحاكم.

ومنهم: صاحب كتاب التاج في (ج٥، ص٣٦٤)، وقال: إنّه من أولاد فاطمة، وأخرجه الحميدي، في الجمع بين الصحاح الستة، عند ذكره أشراط الساعة في آخر الكتاب، وأخرجه أبو محمّد الحسين بن مسعود في مصابيح السنّة، ولفظه يساوي لفظ أبي داود في سننه.

٧- وفي الصواعق المحرقة، لابن حَجَر الهَيْتَمي الشافعي (ص١٠٠)، قال: لمّا زوّج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بابن عمها عليّ بن أبي طالب، دخل على فاطمة ودعا بماء، فأتته بقدح فيه ماء، فمجّ فيه نفح على رأسها وبين ثديها وقال: « اللهمّ إنّي أُعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، ثمّ قال لعليّ: ائتني بماء (قال علي عليه السلام): فنضح منه على رأسي وبين كتفي، وقال: اللهمّ إني أُعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم، ثمّ قال: ادخل بأهلك على اسم الله تعالى وبركته » . قال: وأخرج أحمد وأبو حاتم نحوه (قال): وقد ظهر بركة دعائه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في نسلها، فكان منه مَن مضى ومَن يأتي، ولو لم يكن في الآتين إلاّ الإمام المهدي، قال: وسيأتي من الأحاديث المبشّرة به (أي: المهدي)، ومن ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي

١١٥

وابن ماجه والبيهقي وآخرون أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « المهدي مِن عِترتي مِن وُلد فاطمة » .

٨- وفي إسعاف الراغبين (بهامش ١٢٣) نور الأبصار، قال: أخرج مسلم وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي، وآخرون، عن أمِّ سلمة، أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « المهديّ مِن عِترتي مِن وُلد فاطمة » .

المؤلِّف:

في مصابيح السنّة للبغوي، أخرج الحديث بسنده، عن أمِّ سلمة، قالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهديّ مِن عِترتي مِن وُلد فاطمة » ، وأخرج الشيخ عبيد الله الحنفي الحديث في أرجح المطالب (ص٣٨١) بسنده، عن أم سلمة ولفظه يساوي لفظ إسعاف الراغبين. وقال: أخرجه أبو داود، والنسائي، والبيهقي، والديلمي. وأخرج الكنجي الشافعي في البيان، عن سعيد بن المسيّب أنّ أمِّ سلمة قالت: سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهديّ مِن عِترتي من وُلد فاطمة » (ثمّ قال): أخرجه الحافظ أبو داود وفي سننه (ج٢، ص٢٠٧، ط / م، سنة ١٣٤٨).

٩- وفي عرف الوردي (ص٦٦)، قال: أخرج ابن عساكر وقال: أخرجه أبو نعيم عن الحسين (عليه السلام) أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « أبشري يا فاطمة المهديّ مِنك » . ثمّ قال: وروي أيضاً عن الحسين (عليه السلام) أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « المهديّ مِن وُلدك » .

١٠ - وفي كنوز الحقايق المطبوع بهامش الجامع الصغير للسيوطي (ص١٢٣، من الجزء الثاني) بسنده عن علي بن الحسين عن أبيه أنّه قال: « سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يقول: المهديّ من وُلد فاطمة » .

المؤلِّف:

في عقد الدرر (الحديث ٢١، من الباب ١) عن علي بن الحسين (رضي الله عنهم) أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة (رضي الله عنه): « المهديّ مِن وُلدها » .

١١٦

١١ - وفي أرجح المطالب (ص٣٨١)، قال: أخرج ابن المنادي في الملاحم بسنده، عن أمِّ سلمة، قالت: ذكرت عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أحقّ المهديّ؟ فقال: « نعم، هو حقّ وهو مِن وُلد فاطمة » .

المؤلِّف:

في عقد الدرر (الحديث ٢٣، من الباب ١)، عن أمّ سلمة زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قالت: ذكرت عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المهدي، قال: « هو حقّ وهو مِن وُلد فاطمة، أو قال: من بني فاطمة » . أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المعروف بالمنادي، في كتاب الملاحم.

١٢ - وفي أرجح المطالب (ص ٣٨١)، قال: أخرج نعيم بن حمّاد الكوفي، وجلال الدين السيوطي، عن الزهري (أنّه قال): المهديّ من وُلد فاطمة وما الخلافة إلاّ فيهم.

١٣ - وفي أرجح المطالب (ص٣٨٤)، قال: أخرج أبو داود في سننه (ج٢، ص٤٢٢)، عن ابن عبّاس قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهديّ مِن عِترتي من وُلد فاطمة » .

١٤ - وفي أرجح المطالب (ص ٣٨٥)، قال: أخرج المنادي في الملاحم بسنده عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: أحق المهدي؟ قال: نعم، هو حقّ، قلت: مِمّن هو؟ قال: من قريش قال (قلت): من أيّ قريش؟ قال: من بني هاشم، قلت: من أيّ بني هاشم؟ قال: من ولد عبد المطلب، قلت: من أيّ ولد عبد المطلب؟ قال: من أولاد فاطمة، قلت: من أيّ أولاد فاطمة؟ قال: حسبك الآن.

المؤلِّف:

تقدم الحديث بلفظ مختصر، ولعلّ هو حديث آخر، وقد أخرجه في عقد الدرر (الحديث ٢٤، من الباب ١)، وفي لفظه اختلاف عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: أحقّ المهدي؟ قال: نعم، هو حقّ. قلت: مِمّن؟ قال: من كنانة. قلت ثمّ مِمّن؟ قال: من وُلد فاطمة. أخرجه أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه، ثمّ أخرج حديث أرجح

١١٧

المطالب، ولفظه يساوي لفظه. وفي الملاحم والفتن (ص٤٨ – ٤٩)، أخرج الحديث عن سعيد بن عروبة عن قتادة، بلفظ آخر.

١٥- وفي ذخائر العقبى (ص١٣٥) عن علي بن الهلالي عن أبيه، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال:

« حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيك؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبتي أمَا علمتِ أنّ الله اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة (أخرى) فاختار منها بعلك وأوحى إليّ أن أُنكحكِ إياه، يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحداً قبلنا ولا تُعط أحداً بعدنا: وأنا خاتم النبيّين وأكرمهم على الله عزّ وجل، وأحب المخلوقين إلى الله عزّ وجل وأنا أبوكِ، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل، وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل، وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيكِ وعمّ بعلكِ، ومِنّا مَن له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكَة وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك، ومِنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما والّذي بعثني بالحقّ خير منهما، يا فاطمة، والّذي بعثني بالحق إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عزّ وجل (المهديّ من ولدك)، عند ذلك يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » . أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني، في الأربعين حديثاً في المهدي.

المؤلِّف:

ثمّ شرح بعض ألفاظ الحديث وقال، وعنه قال، قال

١١٨

(صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يولد منهما - يعني الحسن والحسين - مهديّ هذه الأمّة »، وعن الحسين ابن علي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « المهديّ من وُلدك » . وعن حذيفة أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « المهديّ من وُلدي، وجهه كالكوكب الدرّي » . وقد روي عن أبي سعيد الخدري، وعبد الرحمان بن عوف، وغيرهما، أنّه من عترته (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

المؤلِّف:

  أخرج السيّد العلاّمة السيّد هاشم البحراني، حديث علي ابن الهلالي، وقال عن علي بن بلال، وفيه زيادات كثيرة وهو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

« يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي، فإنّ الله عزّ وجل أرحم بكِ وأرأف عليكِ مِنّي؛ لمكانكِ مِنّي وموقعكِ في قلبي، قد زوّجك الله زوجك وهو أعظم حسبا، وأرحم بالرعية وأعدل بالسّوية، وأبصر بالقضية، وقد سألت الله عزّ وجل أن تكوني أوّل مَن يلحقني من أهل بيتي »قال علي: « لم تبقَ فاطمة بعده إلاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله تعالى به » .

راجع غاية المرام (ص٦٩٩). وأخرج أيضاً في (ص٦٩٩) حديث أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، وقد أخرجناه في (رقم ٨١) من أحاديث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي ذكر فيها أنّه (عليه السلام) من أهل بيته وعترته في الباب (٣)، وفي لفظه (عليه السلام) زيادات كثيرة، وسنذكر لفظه إنشاء الله تعالى في الأحاديث التي ذُكر فيها أنّه (عليه السلام) من أولاد الحسن والحسين (عليهما السلام) في (الباب ٦).

١٦ - وفي عقد الدرر (الحديث ١٣٧، من الفصل الثاني في الخاتمة) أخرج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال:

« تختلف ثلاث رايات، راية في المغرب، ويل لمصر وما يحلّ بها منهم، وراية بالجزيرة، وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة، ثمّ يخرج رجل من ولد العبّاس بالشام حتى يكون بينهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم جفاة أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب أهل الشام وفلسطين، فيقول: اطلبوا المُلك الأوّل، فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال له حرستا، فإذا أحسّ بهم هرب إلى

١١٩

أخواله كلب، وذلك ذهاب منه، ويكون بالوادي اليابس عدّة عديدة، فيقولون له: يا هذا ما يحل لك أن تضيّع الإسلام، أما ترى ما بالناس فيه من الخوّان والمنافقين؟! فاتقِ الله واخرج، أما تنصر دينك؟! فيقول: لست بصاحبكم، فيقولون: ألست من قريش من بيت الملك القديم؟!، أما تغضب لأهل بيتك وما نزل بهم من الذّل والهوان؟! ويخرج راغباً في الأموال ويعيش الرغد، فيقول: اذهبوا إلى خلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدّة، ثمّ يجيئهم فيجيء يوم الجمعة فيصعد منبر دمشق - وهو أوّل منبر يصعده - فيخطب ويأمر بالجهاد ويبايعهم على أنّهم لا يخالفون له أمراً رضوه أم كرهوه، فقام رجل، فقال: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟ قال: هو حرب بن عنبسة، بن مرّة، بن سلمة، بن يزيد، بن عثمان، بن خالد، بن يزيد، بن معاوية، بن أبي سفيان، بن صخر، بن حرب، بن أميّة، بن عبد شمس. ملعون في السماء ملعون في الأرض، أشدّ خلق الله جوراً، وأكثر خلق الله ظلماً.

  قال: ثمّ يخرج إلى الغوطة فما يبرح حتّى يجمع الناس إليه، ويلاحق بهم أهل الضغائن فيكون في خمسين ألفاً، ثمّ يبعث إلى كلب فيأتيهم منه مثل السيل، ويكون في ذلك رجال البربر، يقاتلون رجال الملك من ولد العبّاس، وهم الترك، والديلم، والعجم، رايتهم سوداء، وراية البربر صفراء، وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الوادي في الأردن قتالاً شديداً، فيقتل فيما بينهم ستّون ألفا، فيغلب السفياني، وإنّه لَيعدل فيهم، حتى يقول القائل: والله ما كان يقال فيه إلاّ كذب، والله إنهم لكاذبون لو يعلمون ما يلقى أمّة محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) منه ما قالوا ذلك، فلا يزال يعدل حتى يسير ويعبر الفرات، ينزع الله من قلبه الرحمة. ثمّ يرجع إلى دمشق، وقد دان له، فيجيّش جيشين، جيشاً إلى المدينة وجيشاً إلى المشرق، فأمّا جيش المشرق فيقتُلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة. ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً، وأمّا جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح بهم صائح، وهو جبرائيل (عليه السلام) ، فلا يبقى منهم صالح إلاّ خسف الله تعالى به، ويكون في آخر الجيش رجلان يقال لهما: بشير

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

7 - في قصر بني مقاتل:

وفي قصر بني مقاتل رأى فسطاطاً مضروباً، ورُمحاً مركوزاً، وفرساً واقفاً، فسأل عنه فقيل: هو لعبيد الله بن الحُرّ الجعفي، وبعث إليه الحجّاج بن مسروق الجعفي، فسأله ابن الحُرّ عمّا وراءه؟

قال: هدية إليك وكرامة، إن قبلتها. هذا حسين يدعوك إلى نُصرته، فإن قاتلت بين يديه أُجِرت، وإن قُتلت استشهدت.

فقال ابن الحُرّ: والله ما خرجتُ مِن الكوفة إلاّ لكثرة ما رأيته خارجاً لـمُحاربته، وخذلان شيعته، فعلمت أنّه مقتول ولا أقدر على نصره، ولست أُحبّ أن يراني وأراه(1) .

فأعاد الحجّاج كلامه على الحسين، فقام (صلوات الله عليه) ومشى إليه في جماعة من أهل بيته وصحْبه، فدخل عليه الفسطاط فوسَّع له عن صدر المجلس.

يقول ابن الحُرّ: ما رأيت أحداً قطّ، أحسن مِن الحسين ولا أملأ للعَين منه، ولا رققتُ على أحدٍ قطّ رقّتي عليه حين رأيته يمشي والصبيان حَوله، ونظرت إلى لحيَته فرأيتها كأنّها جناح غراب، فقلت له أَسَواد أم خضاب؟.

قال: (يا ابن الحُرّ، عجَّلَ عليّ الشيب)، فعرفت أنّه خضاب(2) .

ولمّا استقر المجلس بأبي عبد الله، حمَد الله وأثنى عليه، ثُمّ قال: (يابن الحرّ، إنّ أهل مِصْركم كتبوا إليّ أنّهم مجتمعون على نصرتي، وسألوني القدوم عليهم، وليس الأمر على ما زعموا(3) . وإنّ عليك ذنوباً كثيرة، فهل لك مِن توبة تُمحي بها ذنوبك؟!).

____________________

(1)الأخبار الطوال: ص 249.

(2)خزانة الأدب للبغدادي: 1 / 298، ط بولاق. وأنساب الأشراف: 5 / 291.

(3)نفس المهموم: ص104.

١٦١

قال: وما هي يا ابن رسول الله؟ فقال: (تنصر ابن بنت نبيّك وتُقاتل معه)(1) .

فقال ابن الحُرّ: والله إنّي لأعلم أنّ مَن شايعك كان السعيد في الآخرة، ولكن ما عسى أن أُغني عنك، ولم أُخلّف لك بالكوفة ناصراً؟ فأُنشدك الله أن تحملني على هذه الخطّة، فإنّ نفسي لا تسمح بالموت، ولكن فرَسي هذه (الملحقة) - والله - ما طلبت عليها شيئاً قطّ إلاّ لحِقته، ولا طلبني أحد وأنا عليها إلاّ سبقته، فخُذها فهي لك.

قال الحسين: (أمّا إذا رغبت بنفسك عنّا، فلا حاجة لنا في فرَسك(2) ولا فيك، وما كنتُ مُتّخذ الـمُضلّين عضداً(3) . وأنّي أنصحك كما نصحتني، إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا تشهد وقعتنا، فافعل، فو الله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلاّ أكبّه الله في نار جهنّم)(4) .

وندِم ابن الحُرّ على ما فاته مِن نصرة الحسينعليه‌السلام فأنشأ:

أيا لَك حسرةً ما دمتُ حيّاً

تردَّد بين صدري والتراقي

غَداة يقولُ لي بالقصر قولاً

أتتـركنا وتعزم بالفِراقِ

حسينٌ حين يطلب بذْل نصري

على أهل العداوة والشِقاقِ

فلو فلَقَ التلهّف قلب حُرٍّ

لهَمَّ اليوم قلبي بانفلاقِ

ولو واسيتُه يوماً بنفسي

لنلتُ كرامة يوم التلاقِ

مع ابن محمّد تُفديه نفسي

فودّع ثُمّ أسرع بانطلاق

لقد فاز الأُلى نصروا حُسيناً

وخاب الآخَرون ذَووا النفاق(5)

____________________

(1)أسرار الشهادة: ص233.

(2)الأخبار الطوال: ص249.

(3)أمالي الصدوق: ص94 (المجلس 30).

(4)خزانة الأدب: 1 / 298.

(5)مقتل الخوارزمي: 1 / 228. وذكره الدينوري في الأخبار الطوال: ص258.

١٦٢

وفي هذا الموضع اجتمع به عمرو بن قيس المشرقي وابن عمّه، فقال لهما الحسين: (جئتما لنُصرتي؟!) قالا له: إنّا كثيروا العيال، وفي أيدينا بضائع للناس، ولم ندرِ ماذا يكون، ونَكْره أن نُضيِّع الأمانة.

فقال لهماعليه‌السلام : (انطلقا، فلا تسمعا لي واعية ولا ترَيا لي سواداً، فإنّه مَن سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يُجيبنا، كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يكبّه على مِنْخريه في النار)(1) .

8 - في منزل شراف:

وفي (شراف) طلع عليهم الحُرّ الرياحي بألف فارس، بعثه ابن زياد ليحبس الحسينعليه‌السلام عن الرجوع إلى المدينة أينما يجده، أو يقْدِم به إلى الكوفة.

فسقاهم الحسينعليه‌السلام ماءً، وكانوا عطاشى، ثُمّ خطب فيهم الحسينعليه‌السلام وقال:

(إنّها معذرة إلى الله عزّ وجلّ وإليكم، وإنّي لم آتكم حتّى أتتني كُتبُكم، وقدِمت بها عليَّ رُسلُكم، أن اقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام، ولعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك، فقد جئتكم، فاعطوني ما أطمئنّ به مِن عهودكم ومواثيقكم، وإن كنتم لمقدَمي كارهين، انصرفت عنكم)(2) .

9 - في منزل البيضة:

وفي منزل البيضة، خطب الحسينعليه‌السلام في أصحاب الحُرّ فقال:

(أيّها الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (مَن رأى سُلطاناً جائراً، مُستحِلاًّ لحرام الله،

____________________

(1)مقتل الحسين: للسّيد عبد الرزاق المقرّم: 202 - 205.

(2)مقتل الحسين: للسيّد عبد الرزاق المقرّم: 195.

١٦٣

ناكثاً عهده، مُخالِفاً لسُنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيِّر عليه بفِعلٍ ولا قول، كان حقّاً على الله أن يُدخله مَدخله.

ألا وأنّ هؤلاء قد لزِموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيّر، وقد أتتني كُتبكم، وقدِمَت عليَّ رسُلُكم أنّكم لا تسلّموني ولا تخذلوني، فإن تممتُم على بيعتكم تصيبوا رُشدكم، فأنا الحسين بن عليّ وأمّي فاطمة بنت رسول الله. نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، ولكم فيَّ أُسوة، وإن لم تفعلوا، ونقضْتُم عهدكم، وخلعتُم بيعتي مِن أعناقكم، فلَعمري ما هي لكم بنُكر. لقد فعلتموها، بأبي وأخي وابن عمّي مُسلم. فالمغرور مَن اغترّ بكم. فحظّكم أخطأتم، ونصيبكم ضيّعتم، ومَن نكث فإنّما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)(1) .

10 - في كربلاء:

وفي كربلاء أقبل حبيب بن مظاهر الأسدي إلى الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فقال: هاهنا حيّ مِن بني أسد بالقرب منّا، أتأذن لي أن أسير إليهم أدعوهم إلى نصرتك؟ فعسى الله أن يدفع بهم عنك بعض ما تكره، فقال له الحسينعليه‌السلام : قد أذِنتُ لك يا حبيب.

قال: فخرج حبيب بن مظاهر في جوف الليل متنكّراً حتّى صار إلى أولئك القوم، فحيّاهم وحيّوه وعرفوا أنّه مِن بني أسد، فقالوا: ما حاجتك؟ يا ابن عمّ! فقال: حاجتي إليكم قد أتيتكم بخير ما أتى به وافدٌ إلى قوم، أتيتكم أدعوكم إلى نصرة ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه في عصابة مِن المؤمنين، الرجُل منهم خيرٌ

____________________

(1)الطبري 6 / 229. ومقتل الحسين / للمقرّم: ص198.

١٦٤

مِن ألف رجُل، لن يخذلوه ولن يُسلموه وفيهم عينٌ نظرَت، وهذا عمَر(1) بن سعد قد أحاط به في اثنين وعشرين ألف، وأنتم قومي وعشيرتي، وقد جئتكم بهذه النصيحة، فأطيعوني اليوم في نصرته تنالون غداً شرفاً في الآخرة، فإنّي أُقسم بالله أنّه لا يُقتَل منكم رجُل مع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صابراً محتسباً، إلاّ كان رفيق محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله في أعلى علّيين.

قال: فوَثب رجُل مِن بني أسد يُقال له بشر بن عبيد الله فقال: والله أنا أوّل مَن أجاب إلى هذه الدعوة، ثمّ أنشأ يقول:

قد علِم القوم إذا توَاكلوا

وأحجم الفُرسان أو تناصلوا

إنّي شجاع بطل مقاتل

كأنّني ليث عرين باسل

قال: ثمّ تبادر رجال الحيّ مع حبيب بن مظاهر الأسدي.

قال: وخرج رجُل مِن الحيّ في ذلك الوقت حتّى صار إلى عمَر(2) بن سعد في جوف الليل فخبّره بذلك، فأرسل عمَر رجُلاً من أصحابه يُقال له الأزرق بن حرب الصيداوي، فضمّ إليه أربعة آلاف فارس، ووجّه به في الليل إلى حيّ بني أسد مع الرجُل الذي جاء بالخبر.

قال: فبينما القوم في جوف الليل قد أقبلوا يريدون معسكر الحسين، إذ استقبلهم جُند عمَر بن سعد على شاطىء الفرات، قال: فتناوش القوم بعضهم [بعضاً] واقتتلوا قتالاً شديداً، صاح به حبيب بن مظاهر: ويلك يا أزرق ما لك ولنا دعْنا؟ قال: واقتتلوا قتالاً شديداً.

فلمّا رأى القوم ذلك انهزموا راجعين إلى منازلهم، فرجع حبيب بن مظاهر إلى الحسينعليه‌السلام ، فأعلمه بذلك الخبر فقال: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم(3) .

____________________

(1)في النُسخ: عمْرو.

(2)في النُسخ: عمْرو.

(3)كتاب الفتوح لابن الأعثم الكوفي: ج5 / 159 - 162، ط 1.

١٦٥

11 - وفي كربلاء دعا الحسينعليه‌السلام بدَواة وبيضاء، وكتَب إلى أشراف الكوفة ممّن كان يظنّ أنّه على رأيه:

(بسم الله الرحمن الرحيم، مِن الحسين بن عليّ إلى سليمان بن صرد الخزاعي(1) .

أمّا بعد فقد علِمتُم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد قال في حياته: مَن رأى سلطاناً جائراً إلى آخِر ما ذكره في خطبة الأصحاب).

يوم عاشوراء:

وللحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء استنصاران واستغاثة:

وفيما يلي تفصيل كلٍّ مِن الاستنصارين والإستغاثة الحسينية في يوم عاشوراء.

12 - الاستنصار الأوّل يوم عاشوراء:

دعا الحسينعليه‌السلام براحلته يوم عاشوراء، فركِبها ونادى بصوتٍ عال يسمعه جُلُّهم:

(أيّها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعِظكم بما هو حقّ لكم عليّ، وحتّى اعتذر إليكم من مقْدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي وأعطيتموني النَصف من أنفسكم، كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم عليّ سبيل، وإن لم تقبلوا منّي العذر، ولم تعطوا النَصف مِن أنفسكم).( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ

____________________

(1)نفس المهموم: ص 207، البحار 44 / 382.

١٦٦

وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمّةً ثُمّ اقْضُوا إِلَيّ وَلاَ تُنظِرُونِ ) (1) ( إِنّ وَلِيّيَ اللّهُ الّذِي نَزّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ ) (2) .

فلمّا سمعْنَ النساء هذا منه صحْنَ وبَكين وارتفعت أصواتهم، فأرسل إليهنّ أخاه العباس وابنه عليّ الأكبر وقال لهما: (سكّتاهن فلَعمري ليكثُر بكاؤهنّ).

ولمّا سكتْنَ، حمَد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وعلى الملائكة والأنبياء، وقال في ذلك ما لا يُحصى ذِكره، ولم يُسمَع متكلّم قبله ولا بعده أبلَغ منه في منْطقه(3) .

ثمّ قال: (الحمد لله الذي خلَق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور مَن غرّته والشقيّ مَن فتنته، فلا تغرّنكم هذه الدنيا فإنّها تقطع رجاء مَن ركن إليها، وتُخيّب طمَع مَن طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمرٍ قد أسخطتُم الله فيه عليكم، وأعرَض بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنّبكم رحمته، فنِعم الربّ ربّنا وبئس العبيد أنتم، أقررتُم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذرّيته وعترته تريدون قتْلهم، وقد استحوَذ عليكم الشيطان فأنساكم ذِكر لله العظيم، فتبّاً لكم ولِما تريدون، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبُعداً للقوم الظالمين)(4) .

(أيّها الناس، انسبوني مَن أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحلّ لكم قتْلي وانتهاك حُرمتي؟ ألستُ ابن بنت نبيّكم وابن وصيّة وابن عمّه

____________________

(1)يونس / 71.

(2)الأعراف / 196.

(3)تاريخ الطبري: 6 / 242.

(4)مقتل محمّد بن أبي طالب.

١٦٧

وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء مِن عند ربّه؟ أوَ ليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي، أو ليس جعفر الطيّار عمّي، أوَ لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟

فإن صدّقتموني بما أقول، وهو الحقّ فوَ الله ما تعمّدت الكذِب منذ علِمتُ أنّ الله يمْقت عليه أهله، ويضرّ به مَن اختلقه، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم مَن إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس ابن مالك، يخبرونكم إنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي).

فقال الشمر: هو يعبُد الله على حرْف إن كان يدري ما يقول.

فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي أراك تعبُد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق، ما تدري ما يقول، قد طبَع الله على قلبك.

ثمّ قال الحسينعليه‌السلام : (فإن كنتم في شكٍّ مِن هذا القول أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوَ الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيٍّ غيري فيكم ولا في غيركم، ويْحَكم! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مالٍ لكم استهلكته، أو بقصاص جراحة؟) فأخذوا لا يكلّمونه.

فنادى: ياشبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا زيد ابن الحارث، ألم تكتبوا إليّ أن أقدِم قد أينع الثمار واخضرّ الجناب، وإنما تقدِم على جُندٍ لك مجنّدة.

فقالوا: لم نفعل.

قال: سبحان الله، بلى والله لقد فعلتم. ثمّ قال: (أيّها الناس، إذا كرهتموني، فدَعوني أنصرف عنكم إلى مأمَني مِن الأرض، فقال له قيس بن الأشعث: أوَ لا تنزل على حُكم بني عمّك؟ فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ، ولن يصل إليك منهم مكروه.

١٦٨

فقال الحسينعليه‌السلام : أنت أخو أخيك أتُريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر مِن دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا إفرّ فِرار العبيد (1)، عِباد الله( إنّي عُذْت بربّي وربِّكم أنْ ترْجِمُونِ ) أعوذ بربّي وربّكم مِن كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب(2) .

13 - الاستنصار الثاني في يوم عاشوراء:

ثمّ إنّ الحسينعليه‌السلام ركِبَ فرَسه، وأخذ مصحفاً ونشَره على رأسه، ووقف بإزاء القوم وقال: (يا قوم، إنّ بيني وبينكم كتاب الله، وسنّة جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(3) .

ثمّ استشهدهم عن نفسه المقدّسة، وما عليه من سيف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ودرعه وعمامته، فأجابوه بالتصديق. فسألهم عمّا أقدمهم على قتله، قالوا: طاعة للأمير عبيد الله بن زياد، فقالعليه‌السلام :

(تبّاً لكم أيّها الجماعة وترَحاً! أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجِفين، سللتُم علينا سيفاً لنا في أَيمانكم، وحششتُم علينا ناراً اقتدحناها على

____________________

(1)بالفاء الموحّدة فيما رواه ابن نما في مثير الأحزان: ص26، وهو أصحّ ممّا يمضي على الألسُن، ويوجد في بعض المقاتل بالقاف مِن الإقرار؛ لأنّه على هذا تكون الجملة الثانية غير مفيدة إلاّ ما أفادته التي قبلها، بخلاف على قراءة (الفرار) فإنّ الجملة الثانية تفيد أنّه لا يفرّ من الشدّة والقتل كما يصنعه العبيد، وهو معنى غير ما تؤدّي إليه الجملة التي قبلها، على أنّه يوجد في كلام أمير المؤمنين ما يشهد له، ففي تاريخ ابن الأثير: ج3 ص148، وشرح نهج البلاغة: ج1 ص 104 المطبعة الأميرية: أنّ أمير المؤمنين قال في مصقلة بن هبيرة لمّا فرّ إلى معاوية: ما له فَعل فِعْل السيّد، وفرّ فِرار العبد، وخان خيانة الفاجر؟

(2)مقتل الحسين للسيّد عبد الرزاق المقرّم: 254 - 257.

(3)تذكرة الخواص: ص143.

١٦٩

عدوّنا وعدوّكم؟ فأصبحتم ألباً لأعدائكم على أوليائكم بغير عدْلٍ أفشَوه فيكم، ولا أمَل أصبح لكم فيهم، فهلاّ لكم الوَيلات، تركتمونا، والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لمّا يُستحصف، ولكن أسرعتم كطَيرة(1) الدبا، وتداعيتم عليها، كتهافت الفَراش، ثمّ نفضتموها، فسُحقاً لكم يا عبيد الأمَة وشذّاذ الأحزاب، ونبَذة الكتاب، ومحرّفي الكلِم، وعصبة الإثم، ونفثة الشيطان، ومطفئي السُنن! وَيحَكم! أهؤلاء تعضدون وعنّا تتخاذلون؟ أجَل والله غدرٌ فيكم قديم وشِجَت عليه أُصولكم، وتأزّرت فروعكم، فكنتم أخبث ثمَر، شجىً للناظر وأكْلة للغاصب).

(ألا وإنّ الدعيَّ ابن الدعيّ قد ركَز بين اثنتين بين السِلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجورٌ طابت وطهُرَت وأنوفٌ حَمِية ونفوس أبيّة مِن أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا وإنّي زاحف بهذه الأُسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر)(2) .

14 - الاستغاثة الأخيرة للحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء:

ولمّا نظر الحسينعليه‌السلام كثرة مَن قُتل مِن أصحابه، قبض على شيبته المقدّسة وقال: (اشتدّ غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه على المجوس إذ عبَدوا الشمس والقمر دونه، واشتد غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتْل ابن بنت نبيّهم، أما والله لا أُجيبهم

____________________

(1)بالكسر فالفتح (تاج العروس).

(2)نقلناها من اللهوف: ص54، ورواها ابن العساكر في تاريخ الشام: ج4 ص333، والخوارزمي في المقتل: ج2 ص6.

١٧٠

إلى شيءٍ يريدون حتّى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي)، ثمّ صاح: أما مِن مغيث يغيثنا، أما مِن ذابٍّ يذبّ عن حُرَم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، فبكت النساء وعَلا صراخهنّ.

وسمع الأنصاريّان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار الحسين واستغاثته وبكاء عياله وكانا مع ابن سعد، فمالا بسيفهما على أعداء الحسين، وقاتلا حتّى قُتلا(2) .

قال السيّد (رضي عنه الله): ولمّا رأى الحسينعليه‌السلام مصارع فتيانه وأحبّته عزم على لقاء القوم بمُهجته ونادى: هل مِن ذابٍّ يذبّ عن حُرَم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل مِن موحّد يخاف الله فينا، هل مغيث يرجو الله بإغاثتنا، هل مِن معين يرجو ما عند الله في إعانتنا. فارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدّم إلى باب الخيمة وقال لزينب: ناوليني ولَدي الصغير حتّى أودّعه، فأخَذه وأومأ إليه ليُقبّله، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهْمٍ، فوقع في نحره، فذبحه(3) .

فقالعليه‌السلام لزينب: خُذيه، ثمّ تلقّى الدم بكفّيه، فلمّا امتلأت رمى بالدم نحو السماء، ثمّ قال: هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعَين الله(4) .

وحكى السبط في التذكرة عن هشام بن محمّد الكعبي قال: لمّا رآهم الحسينعليه‌السلام مصرّين على قتْله، أخذ المصحف ونشره وجعله على رأسه ونادى: (بيني وبينكم كتاب الله وجدّي محمّد رسول الله، يا قوم بم تستحلّون دمي؟)، فَساقَ الكلام(5) إلى أن قال: فالتفت الحسينعليه‌السلام ، فإذا بطفل له يبكي عطشاً،

____________________

(1)اللهوف: ص57.

(2)الحدايق الوردية (مخطوط).

(3)الملهوف: ص102.

(4)الملهوف: ص103.

(5)هذا كلامهعليه‌السلام الذي ساقه: ألست ابن بنت نبيّكم، ألَم يبلغكم قول جدّي فيَّ وفي أخي =

١٧١

فأخذه على يده وقال: يا قوم إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل، فرماه رجُل منهم بسهْم فذبَحه، فجعل الحسينعليه‌السلام يبكي ويقول: (اللهم اُحكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا). فنوديَ مِن الهواء: دعْه يا حسين فإنّ له مرضعاً في الجنّة.

ثمّ قال: ورماه حُصَين بن تميم بسَهْم فوقع في شفتَيه، فجعل الدم يسيل مِن شفتيه وهو يبكي ويقول: (اللهم أشكو إليك ما يُفعل بي وبإخوَتي وولْدي وأهلي - الخ)(1) .

15 - استنصار زهير (رحمه الله) يوم عاشوراء:

وخرج إليهم زهير بن القين على فرَس ذنوب، وهو شاكٍ في السلاح فقال: (يا أهل الكوفة نذار لكم مِن عذاب الله نذار، إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن إخوة على دينٍ واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منّا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنّا أُمّة وأنتم أُمّة. إن الله ابتلانا وإيّاكم بذرّية نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد، فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ سوء عُمر سلطانهما، لَيسملان أعْينكم ويقطّعان أيديَكم وأرْجُلِكم، ويمثّلان

____________________

= (هذان سيّدا شباب أهل الجنة)، إن لم تصدّقوني فاسألوا جابراً وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدري، أليس جعفر الطيّار عمّي؟ فناداه شمر: الساعة ترد الهاوية. فقال الحسينعليه‌السلام : الله أكبر أخبرني جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: رأيت كأنّ كلباً وَلغ في دماء أهل بيتي وما أخالك إلاّ إيّاه. فقال شمر: أنا أعبُد الله على حرف إن كنتُ أدري ما تقول. فالتفت الحسين فإذا بطفل له - الخ (منه). تذكره الخواص: 143.

(1)تذكرة الخواص / ص143.

١٧٢

بكم، ويرفعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهاني بن عروة وأشباهه).

فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودَعوا له وقالوا: لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَن معه، أو نبعث به وبأصحابه إلى عبيد الله بن زياد سِلماً.

فقال زهير: عباد الله إنّ وُلد فاطمة أحقّ بالودّ والنصر مِن ابن سميّة، فإن لم تنصروهم فأُعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلّوا بين هذا الرجُل وبين يزيد، فلَعمري إنّه لَيرضى من طاعتكم بدون قتْل الحسينعليه‌السلام .

فرماه الشمر بسهم وقال: اسكُت أسكَت الله نامتك، أبرمتنا بكثرة كلامك.

فقال زهير: يابن البوّال على عقِبَيه ما إيّاك أُخاطب، إنّما أنت بهيمة، والله ما أظنّك تُحكِم من كتاب الله آيتين، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.

فقال الشمر: إنّ الله قاتِلك وصاحبك عن ساعة.

فقال زهير: أفبالموت تخوّفني؟ فو الله للموت معه أحبّ إليَّ مِن الخُلد معكم، ثمّ أقبل على القوم رافعاً صوته وقال:

عِباد الله لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلَف الجافي وأشباهه، فو الله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قوماً هرقوا دماء ذرّيته وأهل بيته، وقتلوا مَن نصرَهم وذبّ عن حريمهم.

فناداه رجُل مِن أصحابه أنّ أبا عبدالله يقول لك: أقبِل، فلَعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء، فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت لو نفع النُصح والإبلاغ(1) .

____________________

(1)تاريخ الطبري 6 / 243.

١٧٣

ب - الدلالات

الدلالات الأربعة لخطاب الاستنصار الحسيني

لخطاب الاستنصار الحسيني أربع دلالات:

1 - الدلالة السياسية 2 - الدلالة الحركية 3 - الدلالة الولائية 4 - الدلالة الشمولية.

وفيما يلي توضيح وشرح لهذه الدلالات الأربعة التي يتضمّنها الخطاب الحسيني.

1 - المضمون السياسي لخطاب الاستنصار الحسيني

الاستنصار، والتعبئة، وتحشيد الرأي العام، والإعلام ضدّ الطاغية، مِن مقوّمات كلّ مواجهة سياسية ضد نظام حاكم، يحكم بالظلم.

فإنّ الصراع على الحكم بين الحاكم والمعارضة صراع غير متكافئ من الناحية الميدانية.

ذلك أنّ الحاكم يملك من القوّة والمال والإعلام والسلطان ما لا يتملّكه المعارضة.

ولا غِنى للمعارضة، أيّة معارضة، في معركة من هذا القبيل مِن أن تعمل كلّ جهدها، وتسعى لكسب الرأي العام إلى جانبها، وكسب القوّة والاستنصار،

١٧٤

وتحشيد الرأي العام والتعبئة.

ونحن على يقين أنّ الحسينعليه‌السلام لم يكن يفكّر، يوم أقدم على الخروج... في أن يهزم طاغية عصره في مواجهة عسكرية ميدانية، ولا نحتاج إلى محاسبات عسكرية وسياسية؛ لنعرف أنّ الحسينعليه‌السلام لم يكن بصدد إسقاط يزيد، وانتزاع السلطان والـمُلك والحُكم مِن يده، وهو أَولى به مِن غيره.

وإنّما كان الحسينعليه‌السلام يفكّر في أمرين أحدهما سياسي، والآخَر حرَكيّ.

أمّا الهدف السياسي مِن حركة الحسينعليه‌السلام : وهو إلغاء شرعية الخلافة الأُمَوية وفضْح يزيد، وكسْر هيبته وعزله سياسياً واجتماعياً.

وأمّا الهدف الحرَكي فهو توعية الناس، وكسْر حاجز الخوف، وتحريك الناس وتثويرهم؛ لإسقاط نظام الطاغية، واستنهاض الأمّة، وإعادة إرادتها المسلوبة ووَعيِها المسلوب إليها.

والهدف الأوّل هدف سياسي بالتأكيد، والحسينعليه‌السلام يدخل في مواجهة سياسية مع أعْتى نظام سياسي وأشرسه، والاستنصار جزء مِن هذه المعركة.

والاستنصار دعوة إلى تطويق النظام الأُمَوي ومحاصرته وعزله، وتحجيم دَوره وإلغاء شرعيّته... وهو جزء مِن رسالة الإمام الحسينعليه‌السلام في هذه المعركة الشاملة.

2 - المضمون الحركي لخطاب الاستنصار الحسيني

والدلالة الأخرى لخطاب الاستنصار الحسيني هي الدلالة الحركية...

ولتوضيح ذلك لا بدّ أن نرسم الإطار العام لخروج الحسينعليه‌السلام ، وعناصر هذا الإطار ثلاثة:

1 - رفض البيعة ليزيد: وقد أعلن الحسينعليه‌السلام رفضه لبيعة يزيد عندما أرسَل

١٧٥

الوليد والي بني أُميّة في المدينة، يطالبه بالبيعة بعد هلاك معاوية، وكان ذلك بحضور مروان بن الحكم، فامتنع الحسينعليه‌السلام مِن البيعة، وقال مثْلي لا يبايع سرّاً، فإذا دعوت الناس دعوتنا معهم.

فاقتنع الوليد، لكن مروان ابتدره قائلاً: إن فارقك الساعة، ولم يبايع لم تقدر منه على مثلها حتّى تكثر القتلى بينكم، ولكن احبس الرجل حتّى يبايع أو تضرب عُنقه.

فقال الحسينعليه‌السلام : يابن الزرقاء(1) أنت تقتلني أمْ هو، كذِبتَ وأثِمْت.

ثمّ أقبل على الوليد، وقال: أيّها الأمير إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجُل شارب الخمور، وقاتل النفس المحترمة، معلِن بالفِسق، ومثْلي لا يبايع مثْله، ولكن نصبح وتصبحون(2) .

وفي كربلاء خطَب الحسينعليه‌السلام وقال: (إنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد خيَّر بين السِلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسولُه وحجورٌ طابت وطهُرَت).

2 - إعلان الرفض: لم يتكتّم الحسينعليه‌السلام برفضْه البيعة، وعرَف الناس جميعاً أنّ الحسينعليه‌السلام ممتنع عن البيعة، ونصَحه بعض الناس بالبيعة وآخَرون أن يُخفي نفسه عن الأمصار.

ولكن الحسينعليه‌السلام أعلن أنّه يرفض البيعة ويريد الخروج إلى مكّة، وترَك وصيّته إلى بني هاشم وكافّة المسلمين عند أخيه محمّد بن الحنفية، وغادر المدينة

____________________

(1)الزرقاء جدّة مروان وكانت مِن البغايا المعروفات. الفخرية: 88.

(2)مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم، عن الطبري وابن الأثير، والإرشاد، وأعلام الورى، ومثير الأحزان لابن نما الحلّي.

١٧٦

إلى مكّة، سالكاً الطريق العام الذي يسلكه الناس، ويراه الناس فيه، فقيل له لو تنكّبت الطريق الأعظم، كما فعل ابن الزبير قال: لا والله لا أُفارقه حتّى يقضي الله ما هو قاضٍ(1) .

ودخل مكّة، وهو يقرأ:

( وَلَمّا تَوَجّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى‏ رَبّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السّبِيلِ ) (2) .

ونزل دار العباس بن عبد المطّلب(3) ، واختلف إليه أهل مكّة ومَن بها مِن المعتمرين وأهل الآفاق، وكان ابن الزبير يأتي إلى الحسينعليه‌السلام فيمَن يأتيه.

وكان بإمكان الحسينعليه‌السلام أن يأخذ بنصيحة مَن ينصحه، بإخفاء نفسه، فيخفي نفسه عن الأنظار، ويذهب إلى بعض الثغور، ويبتعد عن الأضواء، وبذلك يسلَم مِن أذى بني أُمية وكَيدهم، وكان لا يخفى هذا الوجه على الحسينعليه‌السلام ، كما صرّح بذلك لجُملةٍ مِن الذين نصحوه، ولكنّه أصرّ أن يرفض البيعة، وأصرّ أن يُعلِن رفْضه، ويبقى تحت الأضواء، ويصارح الناس برأيه في يزيد وبيعته، وبأنّه أحقّ بذلك مِن كلّ إنسان آخَر على وجه الأرض.

3 - الخروج والثورة: وأصرّ الحسينعليه‌السلام بعد ذلك أن يخرج مِن الحجاز إلى العراق؛ ليواجه فيه بني أُمية.

وإذا أنعمنا النظر في كلمات أولئك الذين نصحوا الحسينعليه‌السلام بالامتناع عن الخروج إلى العراق، نجد أنّ كلامهم يتضمّن ثلاث نقاط.

الأُولى: إنّ خروج الحسينعليه‌السلام إلى العراق بمعنى الثورة(4) والمواجهة

____________________

(1)إرشاد المفيد.

(2)القصص / 22.

(3)تاريخ ابن العساكر: 4: 328.

(4)انظر نصيحة محمد بن الحنفية للحسينعليه‌السلام في المدينة - الكامل في التاريخ لابن الأثير 4: 7، =

١٧٧

بعَينها لنظام بني أُمية.

والثانية: إنّ شيعة الحسينعليه‌السلام في العراق إذا وفَوا للحسينعليه‌السلام بعهودهم ومواثيقهم، فلن يستطيعوا أن يدفعوا عن الحسينعليه‌السلام كيد بني أُمية ومكْرهم وشرّهم، ولن يغلبوا سلطان بني أُمية على العراق.

والثالثة: وبناءً على ذلك فإنّ الحسينعليه‌السلام إذا خرج إلى العراق فهو مقتول لا محالة.

ولم تكن هذه الحقائق تخفى على الإمامعليه‌السلام ، ولم يكن يجهل الإمامعليه‌السلام أنّ خروجه إلى العراق بمعنى الخروج على سلطان بني أُمية علانية، ولم تكن تخفى على الحسينعليه‌السلام عاقبة هذا الخروج.

ولا يصحّ ما يرويه بعض الناس أنّ الحسينعليه‌السلام طلب منهم أن يُخلوا له الطريق إلى بعض الثغور، بعيداً عن الأضواء، وبعيداً عن التصدّي والمواجهة، فلا يعطيهم يده للبيعة، ولا يتصدّى للخروج والمواجهة.

روى الطبري وابن الأثير عن عقبة بن سمعان أنّه قال: صحبت حسيناً، فخرجت معه مِن المدينة إلى مكّة ومِن مكّة إلى العراق، ولم أُفارقه حتّى قُتِلعليه‌السلام ، وليس مِن مخاطبته الناس كلمة بالمدينة، ولا بمكّة، ولا في الطريق ولا بالعراق، ولا في معسكرٍ إلى يوم قتله إلاّ وقد سمعتُها. لا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون مِن أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية، ولا أن

____________________

ونصيحته له في مكّة - البحار: 44، ونصيحة عبدالله بن جعفر الطيّار له بالامتناع عن الخروج إلى العراق - الطبري 6: 219، ونصيحة عبدالله بن العباس له - الكامل في التاريخ لابن الأثير 4: 16، ونحن نشكّ في صدْق كلّ هؤلاء في نصيحتهم للحسينعليه‌السلام ، ولا نشكّ أنّ الحسينعليه‌السلام لم يكن يخفى عليه هذا الوجه مِن الرأي.

١٧٨

يُسيّروه إلى ثغْر مِن ثغور المسلمين، ولكنّه قال: (دعوني في هذه الأرض حتّى ننظر ما يصير أمر الناس)(1) .

وكان مِن رأي محمّد بن الحنفية أن يُخفي الحسينعليه‌السلام نفسه عن الأنظار، ويبتعد عن أجواء المواجهة والتصدّي، ويلتحق بالجبال وشُعَب الجبال، ويخرج مِن بلد إلى آخَر، حتّى ينظر ما يصير إليه أمر الناس(2) .

فأبى الحسينعليه‌السلام وأصرّ على الخروج.

ونصَحه ابن عباس أن يسير إلى اليمن، فإنّ بها حصوناً وشِعاباً وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيهعليه‌السلام بها شيعة، وهو عن الناس في عزلة.

فقال له الحسينعليه‌السلام : (يابن العمّ إنّي والله أعلم إنّك ناصح مشفق، وقد أزمعت على المسير)(3) .

إذن فإنّ الحسينعليه‌السلام كان يقصد الخروج ويريده، وهو على عِلم بكلّ لوازمه وتبِعاته وعواقبه.

هذا هو الإطار العام لحركة الإمام الحسينعليه‌السلام وموقفه مِن المدينة إلى كربلاء، وفي هذا الإطار نستطيع أن نفْهم الاستنصار الحسيني.

إنّ الحسين يعلم أنّه إن خرَج إلى العراق يُقتل لا محالة، وكلّ القرائن والدلائل تشير إلى هذه الحقيقة.

إذن فإنّ الحسينعليه‌السلام يطلب النصر بالقتْل والدم. ولم يكن يفطَن يومئذٍ ابنُ عباس وعبدالله بن جعفر الطيّار ومحمّد بن الحنفية لهذه الوسيلة التي اتّخذها

____________________

(1)تاريخ الطبري 7: 314، والكامل في التاريخ لابن الأثير 4: 15.

(2)تاريخ الطبري 6: 191، وأنساب الأشراف 4: 15.

(3)الكامل في التاريخ لابن الأثير 4: 16.

١٧٩

الحسينعليه‌السلام يومئذٍ طريقاً إلى النصر.

لقد كان الحسينعليه‌السلام شاهداً لنجاح المؤامرة الأُموية، التي قادها آل أبي سفيان للانقلاب على الأعقاب... وقد فقدت الأمّة في عرضها العريض حصانتها تجاه هذه المؤامرة، وعاد الضمير الإسلامي لا يملك الدرجة الكافية من المناعة والمقاومة.

ولا يختلف في ذلك أهل العراق عن أهل الشام، وأهل مصر عن أهل الحجاز، فأراد الحسينعليه‌السلام أن يُحدث هزّة بشهادته وشهادة الثُلّة الطيّبة مِن أهل بيته وأصحابه في الضمير الإسلامي، ويُعيد إليهم ما سلَبه منهم آل أبي سفيان مِن ضمائرهم وعزائمهم ورُشدهم.

وقد كان الذي يريده الحسينعليه‌السلام بمصرعه ومصرع أهل بيته وأصحابه والمأساة التي يتناقلها أهل السِيَر، فأحدث في الضمير الإسلامي هزّةً عنيفة، وصحوة ضميرٍ كانت مبدأ كثير مِن البركات والثورات والوعي واليقظة السياسية في تاريخ الإسلام.

المؤامرة الأُموية على دم الحسينعليه‌السلام

وقد خطّط آل أبي سفيان لإهدار دم الحسينعليه‌السلام في مكّة في موسم الحج، وبلغ الحسينعليه‌السلام أنّ يزيد أنفَذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر، وأمّره على الحج ووَلاّه أمْر الموسم، وأوصاه بالفتْك بالحسين أينما وجدَهُ(1) ، فعجّل الحسين بالخروج مِن مكّة قبل الوقوف بعرَفات يوم الترْوية، ولم يُمكّن بني أُمية مِن اغتياله فيذهب دمه هدراً؛ وبذلك أحبط المؤامرة التي خطّط لها بنو أُمية.

____________________

(1)مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم / ص172، والمنتخب / ص172.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369