المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية10%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 369

  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36864 / تحميل: 7278
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

فيبشّرهم بما سلّمهم الله تعالى عزّ وجل، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني فيخبره بما نال الجيش، عند ذلك، قال: (وعند جهينة الخبر اليقين) لأنّهما من جهينة، ثمّ يهرب قوم من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم رُدَّ إليّ عبيدي، فيردّهم إليه فيضرب أعناقهم على الدرج شرقي مسجد دمشق، فلا يُنكر ذلك عليه، ثمّ يسير في سبعين ألفاً نحو العراق والكوفة والبصرة، ثمّ يدور الأمصار، ويحلّ عُرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزاهر في الأسواق، والشرب على قوارع الطريق، ويحلّ الفواحش، ويحرّم عليهم كل ما فرض الله تعالى عليهم من الفرائض، ولا يردع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمرداً وعتوا، ويقتل كل من اسمه أحمد، ومحمّد، وعليّ، وجعفر، وحمزة، وحسن، وحسين، وفاطمة، وزينب، ورقيّة، وأم كلثوم، وخديجة، وعاتكة، حنقاً وبغضاً لآل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ثمّ يبعث فيجمع الأطفال ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آبائنا عصوك فنحن ما آذيناك. فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسن وحسين، فيصليهما، ثمّ يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين اسمهما حسن وحسين، فيغلي دماءهما كما غلى دم يحيى بن زكريا (عليه السلام) فإذا رأى ذلك أيقن بالبلاء والهلاك. فيخرج منها متوجهاً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالفه، فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك، ويخرج السفياني وبيده حربة، فيأخذ المرأة الحامل فيدفعها إلى بعض أصحابه، فيقول: افجر بها في وسط الطريق، ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغيّر ذلك، فتضطرب الملائكة في السماء، فيأمر الله عزّ وجل جبرائيل (عليه السلام) فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد جاءكم الفرج - وهو المهديّ - خارج مكّة فأجيبوه، ثمّ قال (رضي الله عنه) ألا أصفه لكم؟ ألا وإنّ الدهر فينا قسّمت حدوده، ولنا أخذت عهوده، وإلينا

١٢١

تردّ شهوده، ألا وإنّ أهل حرم الله عزّ وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهد، ألا فهو أشبه خَلْقِ الله عزّ وجل برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واسمه على اسمه، واسم أبيه على اسم أبيه، من ولد فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ألا فمن تولّى غيره لعنه الله ، ثمّ قال (رضي الله عنه): ثمّ يجمع الله بأصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنّهم ليوث قد خرجوا من غابة، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها، الزيّ واحد، واللباس واحد، كأنّما آباؤهم أب واحد ، قال أمير المؤمنين: وأنا أعرف أسماؤهم، ثمّ سمّاهم. وقال: ثمّ يجمعهم الله تعالى من مطلع الشمس إلى مغربها في أقل من نصف ليلة، فيأتون مكّة، فيشرف عليهم أهل مكّة فلا يعرفونهم، فيقولون: لسنا أصحاب السفياني، فإذا انجلى لهم الصباح يرونهم طائعين مصلّين، فينكرونهم.

  فعند ذلك يقيّض الله مَن يُعرِّفهم المهديّ(عليه السلام) وهو مختفٍ، فيجتمعون إليه ويقولون: أنت المهديّ؟! فيقول: أنا أنصاري. والله ما كذبت؛ لأنّه ناصر الدين، ويتغيب عنهم فيخبرونهم أنّه قد لحق بقبر جده فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحسّ بهم رجع إلى مكّة فلا يزالون به إلى أن يجيبهم إلى ذلك، فيقول: إنّي لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلة، تلزمكم لا تغيرون منها شيئا، ولكم عليّ ثمان خصال، قالوا: قد فعلنا ذلك فاذكر ما أنت ذاكر يا بن رسول الله، فيخرجون معه إلى الصفا، فيقول: أنا معكم على أن لا تولّوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً إلاّ بحقّه، ولا تكنزوا ذهباً، ولا فضّة، ولا بُرّاً، ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بما لا تعلمون، ولا تخرّبوا مسجداً، ولا تقبّحوا مسلماً، ولا تلعنوا مؤاجراً، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا ذهبا، ولا الحرير، ولا الديباج، ولا تتّبعوا هارباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا على مستأمن، ولا تبقوا على كافر ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون

١٢٢

التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حقّ جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون التّحاسُد، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك فعليّ أن لا أتخذ حاجباً، ولا بواباً، ولا ألبس إلاّ كما تلبسون، ولا أركب إلاّ كما تركبون، وأملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، وأعبد الله عزّ وجل حقّ عبادته، أفي لكم، وتفوا لي، قالوا رضينا، واتّبعناك على هذا، فيصافحهم رجلاً رجلاً، فيفتح الله عزّ وجل له خراسان، ويطيعه أهل اليمن وتقبل الجيوش أمامه، وتكون همدان وزراءه، وخولان جيوشه، وحِميَر أعوانه، ومضر قواده، ويكثر الله عزّ وجل جمعهم بتميم، ويشتدّ ظهره بقيس، ويسيّر راياته أمامه وعلى مقدمته عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتخالفه ثقيف وعذاف، ويسيّر الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوء ورفق، فيلحقه هناك ابن عمّه الحسني في اثني عشر ألف فارس، فيقول له الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟ فيومئ المهديّ (عليه السلام) إلى الطير فيسقط على يديه، فيغرس قضيباً في بقعة من الأرض فيخضرّ ويورّق، فيقول له الحسني: يا ابن عمّ هي لك، ويسلّم إليه جيشه. ويكون على مقدمته واسمه على اسمِهِ.

  وتقع الضجّة في الشام: ألاَ إنّ أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم، فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟ فيقولون: هم أصحاب نبل وإبل، ونحن أصحاب القوة والسلاح، أخرج بنا إليهم، فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتى يخرجوه فيخرج بخيله ورجله بمائتي ألف وستين ألفا، حتى ينزلوا بحيرة طبرية، فيسير المهديّ(عليه السلام) لا يُحدث في بلد حادثة إلاّ الأمن والإيمان، والبشرى، وعن يمينه جبرائيل، وعن يساره ميكائيل، والناس يلحقونهم من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية، ويغضب الله تعالى على السفياني وجيشه، ويُغضب سائر خلقه عليهم حتى الطير في السماء، فترميهم بأجنحتها، وإنّ الجبال لترميهم بصخورها، فيكون وقعة يهلك الله عزّ وجل فيها جيش السفياني ويمضي هاربا، فيأخذه رجل من الموالي اسمه صباح، فيأتي به

١٢٣

المهديّ (عليه السلام) وهو يصلّي العشاء الآخرة فيُبشره، فيخفّف في الصّلاة ويخرج، ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عنقه ويسحب، فيوقفه بين يديه فيقول السفياني للمهدي: يا بن العم، مُنّ عليّ بالحياة أكن لك سيفاً بين يديك أجاهد أعداءك، والمهديّ جالس بين أصحابه وهو أحيى من عَذراء، فيقول: خلّوه، فيقول أصحاب المهدي: يا بن بنت رسول الله، تَمُنُّ عليه بالحياة وقد قتل أولاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟! فيقولون: ما نصبر على ذلك، فيقول: شأنكم وإيّاه، وقد كان خلاّه واختلى، فيلحقه صباح في جماعة إلى عند السدرة فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه فيأتي به إلى المهديّ، فتنظر شيعته إلى الرأس فيهلّلون ويكبّرون، ويحمدون الله على ذلك. ثمّ يأمر المهديّ بدفنه، ثمّ يسير في عساكره فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه ( وأخربوا بيوتها - نسخة -) ، ويقيم في دمشق مدّة فيأمر بعمارة جامعها، وإنّ دمشق فسطاط المسلمين يومئذٍ، وهي خير مدينة على وجه الأرض في ذلك الوقت، ألا وفيها آثار النبيين وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ فيها موضعاً ولو مربط شاة، فإنّ ذلك خير له من عشرة حيطان بالمدينة، ينتقل أخيار العراق إليها، ثمّ إنّ المهديّ يبعث بجيش إلى أحياء كلب، والخائب مَن خاب من غنيمة كلب » .

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف فيه أمور مهمّة، وإنمّا ذكرناه في الباب لِما فيه من أنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد فاطمة (عليها السلام)، وسنوردهما أيضاً - إن شاء الله - في أخبار السفياني في (باب ٢٥)، وفي باب علامات ظهوره (باب ٣٠) وكراماته وأصحابه (عليهم السلام).

١٧ - أخرج الحافظ أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام)، أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « المهديّ من ولدكِ » ، ولم يعيّن الحديث الذي ذكر فيه هذا الأمر، وقد ورد في أحاديث

١٢٤

عديدة أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لابنته فاطمة سيدة النساء (عليها السلام): « إنّ المهديّ من وُلدك » وقد تقدم قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (عليها السلام): « إنّ المهديّ (عليه السلام) من وُلدك » . بتعبيرات مختلفة.

١٨ - وأخرج السيّد في غاية المرام (ص٧٠١)، نقلاً من الكنجي الشافعي بسنده، عن سعيد بن المسيّب، قال: كنّا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « المهديّ مِن ولد فاطمة » ، (ثمّ قال): أخرجه ابن ماجه في سننه.

المؤلِّف:

تقدم في (رقم ٣) رواة هذا الحديث، وذكرنا بعض من أخرجه من علماء أهل السنّة، وهم: القندوزي، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم.

١٩ - وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (ج١، ص٤٩، باب ١٦٢) أخرج نعيم بسنده، عن زر بن حبيش، (أنّه) سمع علياً (عليه السلام) يقول: « المهديّ رجل مِنّا مِن ولد فاطمة » . وروى قبل هذا الحديث نعيم بسنده، عن الوليد، عن أبي بكر، بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي هزان، عن كعب (أنّه) قال: المهديّ مِن ولد فاطمة (عليها السلام).

٢٠ - وفي ينابيع المودّة (ص٤٣٤)، أخرج بسنده، من المعجم الأوسط للطبراني، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (رضي الله عنه): « مِنّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ومِنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ، ومِنّا خير الشهداء وهو عمّ أبيكِ حمزة، ومِنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ، ومِنّا سبطا هذه الأمّة سيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسن وهما ابناكِ، ومِنّا المهديّ وهو من ولدكِ » .

المؤلِّف:

تقدم في (رقم ١) الحديث عن عباية مع اختلاف في

١٢٥

اللفظ من كتاب البيان للكنجي الشافعي ولأجل الاختلاف في اللفظ ذكرنا الحديث ثانيا.

٢١ - وفي مناقب ابن المغازلي، أبو الحسن علي بن محمّد الواسطي الشافعي، المتوفّى سنة ٤٨٣، وكتاب المناقب مخطوط يوجد في مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في النجف الأشرف، وهذا نص الحديث - كما في ينابيع المودّة (ص٤٣٦) - عن أبي أيوب الأنصاري قال: إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض فأتته فاطمة وبكت، فقال:

« يا فاطمة إنّ لكرامة الله إياكِ زوّجكِ مَن هو أقدمهم سلماً وأكثرهم عِلما، إنّ الله اطّلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم، فجعلني نبياً مرسلا، ثمّ اطّلع اطلاعة ثانية فاختار منهم بعلكِ فأوحى إليّ أن أزوجه إياكِ واتخذه وصيّا، يا فاطمة مِنّا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ومِنّا خير الأوصياء وهو بعلكِ، ومِنّا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيكِ، ومِنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ابن عمّ أبيكِ، ومِنّا سبطا هذه الأمّة وسيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، والذي نفسي بيده مِنّا مهديّ هذه الأمّة وهو من ولدكِ » .

٢٢ - وفي إسعاف الراغبين، بهامش (ص١٣١) من نور الأبصار، قال، وقال الشيخ محيي الدين - في الفتوحات: اعلموا، أنّه لا بد من خروج المهديّ (عليه السلام) ولكن لا يخرج، حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، وهو من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، من وُلد فاطمة (رضي الله عنه)، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي النقي (بالنون)، ابن الإمام محمّد التقي (بالتاء)، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، بن الإمام جعفر الصادق، بن الإمام محمّد الباقر، بن الإمام زين العابدين، علي بن الحسين، بن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم)، يواطي اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يبايعه

١٢٦

المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخُلق - بضمَّها. إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه.

المؤلِّف:

هذا رأي محيي الدين، ولكن ورد كثير من الأحاديث فيها تصريح بأنّه (عليه السلام) يشبه جده رسول الله في الخَلق والخُلق، ولا يبعد ذلك. قال محيي الدين:

أسعد الناس به أهل الكوفة (لأنّهم من محبّيه أباً وجد) يُقسِّم المال بالسّوية (بين الناس)، ويعدل في الرعيّة، يمشي الخضر بين يديه، يعيش خمسا، أو سبعا، أو تسعاً، يقفوا أثر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يخطئ، له مَلَك يسددّه من حيث لا يراه، يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفاً من المسلمين، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكّا، يعزّ الله به الإسلام بعد ذلّه، ويحييه بعد موته، ويضع الجزية (أي: لا يرضى بالجزية، ويجبر الناس بالإسلام فمن لم يسلم قتله) ويدعو إلى الله تعالى بالسيف، فمن أبى قُتل، ومَن نازعه خُذل، يحكم بالدين الخالص عن الرأي، ويخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء (الأربعة) فينقبضون منه لذلك؛ لظنّهم أنّ الله تعالى لا يُحدث بعد أئمّتهم (الأربعة) مجتهداً، وأطال (الشيخ محيي الدين) في ذكر وقائعه معهم.

ثمّ قال: واعلم أنّ المهديّ إذا خرج يَفرَحُ به جميع المسلمين، خاصّتهم وعامّتهم، (قال): وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه، هُمُ الوزراء له، يتحملون أثقال المملكة عنه، ويعينونه على ما قلّده الله، ينزل الله عليه عيسى بن مريم (عليه الصلاة والسلام)، بالمنارة البيضاء، شرقي دمشق (حال كونه) متكئاً على مَلكين مَلك عن يمينه ومَلك عن يساره والناس في صلاة العصر، قال: وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، ويخسف بجيشه في البيداء، فمن كان في جيشه (السفياني) مجبوراً من ذلك الجيش مُكرهاً يُحشر على نيته، وقال في الفتوحات أيضا: قد استوزر الله للمهديّ طائفة خبّأهم الله تعالى له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله في عباده، فلا يفعل المهديّ

١٢٧

(عليه السلام) شيئاً إلاّ بمشاورتهم، وهم على أقدام رجال من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي، لكن لا يتكلمون إلاّ بالعربية، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قط، هو أخص الوزراء، (الحديث). وله بقية لا تحتاج إلى ذكرها.

٢٣- وفي شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي (ج٢، ص١٧٩، ط/ مصر، سنة ١٣٢٩)، قال: ومنها - أي: ومن خُطب أمير المؤمنين (عليه السلام) التي ذكرها السيّد الرضي (قدّس سره) وفيه إشارة إلى الإمام المهديّ الموعود المنتظر - الخُطبة التي فيها قوله (عليه السلام):

« فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجنّ الله الفتنة برجل مِنّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء (نرجس)، لا يعطيهم إلاّ السيف هرجاً هرجاً، موضوعاً على عاتقه ثمانية أشهر، حتّى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، يغريه الله ببني أميّة حتّى يجعلهم حطاماً ورُفاتاً، ملعونين أينما ثُقفوا أُخذوا وقُتلوا تقتيلا، سنّة الله في الذين خلوا من قبل، (إلى أن يقول) فإن قيل ومَن هذا الرجل الموعود به؟ الذي قال (عليه السلام) عنه، بأبي ابن خيّر الإماء ».

قيل أمّا الإمامية فيزعمون أنّه إمامهم الثاني عشر، وأنّه ابن أمَة أسمها نرجس، ثمّ يتكلم ابن أبي الحديد بما يعتقده علماؤهم في حق الإماء، إلى أن يقول: وإنّه لمن أم ولد كما ورد في هذا الأثر، وفي غيره من الآثار، وإنّ اسمه محمّد كاسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنّه إنّما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أميّة، وهو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح، من ولد أبي سفيان بن حرب بن أميّة (إلخ)...

٢٤ - وفي ينابيع المودّة (ص٥١٢)، قال: روى المدايني في كتاب

١٢٨

صفين (و) قال: خُطب عليّ (عليه السلام) بعد انقضاء أمر النهروان فذكر طرفاً من الملاحم، وقال: « ذاك أمر الله وهو كائن، وقتاً مريحاً، فيا بن خِيرة الإماء متى تنتظر، ابشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمّي، عدّة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة »، الحديث.

٢٥ - وفي منتخب كنز العمّال (ص٣٢، بهامش ج٦)، مسند أحمد عن الحسين (عليه السلام)، أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لفاطمة: « ابشري بالمهديّ منكِ » . أخرجه عن ابن عساكر في تاريخه (قال): وروى في كنوز الحقائق عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « ابشري يا فاطمة، المهديّ منك » (ابن عساكر)، وروى في البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، في الباب الثاني، عن ابن عساكر، وأبي نعيم عن الحسين عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) روى نحوه.

٢٦- وفي عقد الدرر (الحديث، من الباب ١)، أخرج بسنده، عن أبي عمر عثمان بن سعيد المقري في سننه، عن قتادة، قال، قلت لسعيد بن المسيّب: المهديّ حقّ؟ قال: حقّ، قلت: ممّن؟ قال: من كنانة، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من قريش، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من بني هاشم، قلت: ثمّ ممّن؟ قال: من ولد فاطمة (عليهما السلام).

٢٧- وفي منتخب كنز العمّال (ص٣٤، ج٦) بهامش مسند أحمد بن حنبل، قال علي بن أبي طالب (عليهما السلام): « المهديّ رجل مِنّا من ولد فاطمة » ، قال: أخرجه نعيم.

المؤلِّف:

أخرج السيّد ابن طاووس الحديث في الملاحم والفتن

١٢٩

في (الباب ١٦٢)، وقال ممّا ذكره عن كتاب الفتن، تأليف نعيم، قال نعيم: حدّثنا أبو هارون، عن عمر، بن قبيل الملائي، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن حبيش، (أنّه) سمع علياً (عليه السلام) يقول: « المهديّ رجل منّا، من وُلد فاطمة » .

٢٨- وفي الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ المالكي (ص٢٨١)، قال وأما بقاء المهديّ (عليه السلام)، فقد جاء في الكتاب والسنّة، أمّا الكتاب، فقد قال سعيد بن جبير، في تفسير قوله تعالى: ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (سورة ٩، آية ٣٣)، قال: هو المهديّ من ولد فاطمة (عليها السلام).

١٣٠

الباب السادس

١- في فرائد السمطين، لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي (ج٢، في الباب ١٢)، أخرج بسنده، عن علي بن هلال، عن أبيه، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال:

« حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيكِ؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي، أمَا علمتِ أنّ الله عزّ وجل اطّلع على الأرض اطّلاعة، فاختار منها أباكِ وبعثه برسالته ( فبعثه برسالته)، ثمّ اطّلع اطّلاعة، فاختار منها بعلكِ وأوحى إليّ أن أنكحكِ إيّاه.

  يا فاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عزّ وجل سبع خصال لم يعطَ أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا، أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عزّ وجل، وأحب المخلوقين إلى الله عزّ وجل، وأنا أبوكِ، ووصيِّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله عزّ وجل وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلكِ، ومنّا مَن له جناحان أخضران، يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ وأخو بعلكِ، ومنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما - والذي بعثني بالحق - خير منهما. يا فاطمة، والذي بعثني بالحق، إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عزّ وجل عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً

١٣١

غلفاً، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً. يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي؛ فإنّ الله أرحم بكِ وأرأف عليك منّي وذلك لمكانكِ منّي وموقعكِ من قلبي، قد زوّجكِ الله زوجكِ وهو أعظمهم حسباً (وهو اشرف أهل بيتكِ حسب)، وأكرمهم منصبا، وأرحمهم بالرعيّة وأعدلهم بالسّوية، وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربّي عزّ وجل أن تكوني أوّل من يلحقني من أهل بيتي ». قال علي (صلوات الله عليه): « فلمّا قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لم تبقَ فاطمة بعده إلاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله به » .

المؤلِّف:

أخرج هذا الحديث الشريف جمعٌ كثير من علماء أهل السنّة، ومن علماء الإمامية (عليهم الرحمة)، بألفاظ مختلفة، وفي بعضها زيادة، فإليك بعض من ذكر ذلك من علماء أهل السنّة، وهم جماعة.

  منهم:العلاّمة الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، (المتوفّى سنة ٦٥٨)، فإنّه أخرج الحديث في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان (ص٣٠٥، من الباب ١، طبع/ تبريز، سنة ١٣٢٤)، بسند متصل، ولفظه يساوي لفظ الحمويني إلاّ في بعض الكلمات.

ومنهم: العلاّمة أبو بدر يوسف بن يحيى السلمي الشافعي، أخرجه في كتابه عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر، في الفصل الثالث من (الباب ٩).

ومنهم: الشيخ سليمان الحنفي، فإنّه أخرج الحديث مع اختصار بعض ألفاظه في ينابيع المودّة (ص٤٣٦).

ومنهم: الشيخ إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، فإنّه أخرج الحديث في كتابه فرائد السمطين، بسندين.

  ومنهم:العلاّمة محبّ الدين أحمد بن عبد الله المكّي الطبري الشافعي، (المتوفّى سنة ٦٩٤). فقد أخرج الحديث في كتابه ذخائر العقبى في مناقب

١٣٢

ذوي القربى (ص١٣٦، طبع/ م، سنة ١٣٦٥)، ولم يذكر تمام الحديث، بل اختصره إلى قوله: « ويملأ الأرض عدلاًً كما مُلئت جوراً » ، ثمّ قال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في الأربعين حديثاً في المهدي.

المؤلِّف:

أخرج محب الدين الطبراني بعض ألفاظ الحديث، في (ص٤٤) ذخائر العقبى، برواية أبي أيوب الأنصاري، وقال: أخرجه الطبراني في معجمه الكبير.

  ومنهم:العلاّمة الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله، فإنّه أخرج الحديث في الأربعين حديثا، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ المنتظر، وهو (الحديث ٦) من الأحاديث الأربعين، وقال: رواه علي بن بلال، عن أبيه، وفي لفظه اختلاف في بعض ألفاظه، وفي بقية ألفاظه يوافق ما في فرائد السمطين.

  ومنهم:جلال الدين السيوطي الشافعي، المتوفّى (سنة ٩١١)، فقد أخرج بعض ألفاظ الحديث في كتابه العرف الوردي في أخبار المهديّ (ص٦٦)، عن علي الهلالي، وقال، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « والذي بعثني بالحقّ، (الحديث) إلى قوله: يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » ، وقد أسقط من أوّل الحديث ومن آخره لما فيها من أمور لا توافق عقيدته. ثمّ قال: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم عن علي الهلالي.

المؤلِّف:

لا يخفى على أهل الحديث والدراية أنّ جميع ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير أحاديث صحيحة على اصطلاحهم، فكيف لا يذكرها جلال الدين؟ ومن الممكن أن نقول: إنّما ترك نقل جميع ألفاظ الحديث رعاية للاختصار.

  ومنهم:العلاّمة الشيخ أبو بدر يوسف بن يحيى السلمي الشافعي، فقد أخرج الحديث في كتابه عقد الدرر، في (الباب ٧، الحديث ٢١٣)، عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في

١٣٣

الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال: « حبيبتي فاطمة، ما يبكيكِ؟ » فذكر الحديث. قال في آخره: أخرجه الحافظ أبو نعيم، في صفة المهدي، وذكره الحافظ أبو عبد الرحمان النخعي في شرح سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

المؤلِّف:

  روي هذا الحديث بطرقٍ عديدةٍ، وبألفاظ مفصلةٍ ومختصرةٍ، من جملة مَن ذكره مختصراً الشيخ أبو بدر بن يوسف بن يحيى الشافعي، فإنّه أخرج الحديث في عقد الدرر أيضاً، في (الباب ١، والحديث ٢٨٥). ومن جملتهم محبّ الدين الطبري، فقد أخرج بعض ألفاظ الحديث في ذخائر العقبى (ص٤٤) برواية أبي أيوب الأنصاري مختصراً، ويأتي حديث عقد الدرر في (رقم ٢)، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لفاطمة (رضي الله عنه): « نبينا خير الأنبياء وهو أبوكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيكِ حمزة، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيكِ جعفر، ومنّا سبطا هذه الأمّة الحسن والحسين وهما ابناكِ، ومنّا المهديّ ». ثمّ قال: أخرجه الطبراني في معجمه الكبير.

المؤلِّف:

أخرج محب الدين الطبري الشافعي الحديث مفصّلا، في (ص١٣٥) ذخائر العقبى - عن علي بن الهلالي - من أوّله إلى قوله: « ويملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » . وترك باقي الحديث. ثمّ قال: أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمداني في الأربعين حديث الذي جمعه في المهديّ (عليه السلام). وقد أخرجاه بألفاظه في الأحاديث التي ذَكر فيها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه من أولاد فاطمة وهو (الحديث ١٥) منها راجع تراه كاملا.

ومن جملة مَن أخرج الحديث برواية أبي أيوب الأنصاري، الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، في ينابيع المودّة (ص٤٣٣–٤٣٤، و ص٤٣٦–٤٩٠)،

ومن جملتهم الكنجي الشافعي، في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان (ص٣١١). ومن جملتهم ابن طاووس في كتابه الملاحم

١٣٤

والفتن. وأخرجه في الصواعق المحرقة، لابن حجر الهَيْتَمي (ص١٠٠)، وقد أخرجنا بعض ألفاظهم في الأحاديث التي ذكر فيها أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « المهديّ منّا » ، في (الباب٢)، وهو (الحديث ١٠) من تلك الأحاديث، فمن أراد الاطلاع على نص الحديث فليراجع تلك الأحاديث، ويأتي بعض ألفاظه برواية أبي سعيد الخدري، في الأحاديث التي ذكر فيها أنّ المهديّ (عليه السلام) من أولاد الحسين (عليه السلام)، من كتاب أرجح المطالب (ص٣٨٥) ومن غيره.

ومن جملة علماء أهل السنّة الذين أخرجوا الحديث، الشيخ عبيد الله الآمرتسري الحنفي، فقد أخرج الحديث في كتابه أرجح المطالب (ص ٣٨٢)، نقلاً من كتاب العرف الوردي، ومن المعجم الكبير للطبراني، ومن أبي نعيم، وفي لفظه اختلاف مع ما تقدم نقله من الفرائد، وفيه زيادة، وهذا نصّه:

عن علي بن الهلالي المكّي، قال: دخلت على رسول الله في شكايته التي قُبض فيها، فإذا بفاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرفه إليها، فقال:

« حبيبتي فاطمة، ما الذي يبكيكِ؟ قالت: أخشى الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي، أمَا علمتِ أنّ الله عزّ وجل اطّلع إلى أهل الأرض اطّلاعة فاختار منها أباكِ فبعثه بالرسالة (فبعثني بالحق نبي)، ثمّ اطّلع اطّلاعة (ثانية) فاختار منها بعلكِ فأوحى إليّ أن أنكحكِ إياه، يا فاطمة، نحن أهل البيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعطَ أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله وأحبّ المخلوقين إلى الله وأنا أبوكِ، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ، وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله، وهو حمزة بن عبد المطلب وهو عمّ أبيكِ وعمّ بعلكِ، ومنّا من له جناحان أخضران يطير (بهم) في الجنّة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عمّ أبيكِ وأخو بعلكِ، ومنّا سبطا هذه الأمّة، وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما - والذي

١٣٥

بعثني بالحق - خير منهما. يا فاطمة، والذي بعثني بالحق إنّ منهما مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجا، وتظاهرت الفتن وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيرا، فيبعث الله عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلفاً، ويقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، (و) يملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً. يا فاطمة، لا تحزني ولا تبكي فإنّ الله عزّ وجل أرأف عليك منّي؛ وذلك لمكانكِ منّي وموقعكِ في قلبي، وزوّجكِ الله زَوْجَكِ، وهو أشرف أهل بيتي حسباً وأكرمهم منصباً، وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي عزّ وجل أن تكوني أوّل من يلحقني ( من أهل بيتي ) » قال عليّ: « فلمّا قُبض النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم تبقَ فاطمة إلاّ خمسة وسبعين يوماً حتى ألحقها الله تعالى به ».

ثمّ قال: أخرجه الطبراني في الكبير، وأبو نعيم والسيوطي في عرف الوردي، وأخرجه الكنجي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان.

المؤلِّف:

ما أخرجه الكنجي في كتابه البيان (ص٣٠٦، ط/ إيران) يقرب ألفاظه ألفاظ عبيد الله الحنفي. وقال في آخره: أخرجه صاحب حلية الأولياء، في كتابه المترجم بذكر نعت المهدي، وأخرجه الطبراني شيخ أهل الصفة، في معجمه الكبير. وأخرجه أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي أخرج السيّد في غاية المرام (ص٦٩٩) جميعها. وهو الحديث السابع والسبعون من الأحاديث التي جمعها السيّد في إمامة الإمام المهديّ (عليه السلام)، ولفظه يساوي لفظ الشيخ عبيد الله في أرجح المطالب من (ص٣٨٢)، وفيه اختلاف يسير لا يغيّر المعنى.

٢- وفي عقد الدرر (الحديث ٢٨٥) عن علي بن علي الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الحالة التي قُبض فيها، وذكر الحديث بطوله. وقال في آخره: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « يا فاطمة والذي

١٣٦

بعثني بالحق إنّ منهما - يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) - مهديّ هذه الأمّة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغير ولا صغيراً يوقّر كبيرا، فيبعث الله تعالى عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً، ويقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً » ، أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.

المؤلِّف:

هذا الحديث هو الحديث المذكور في (رقم ١)، غير أنّه اختصره الشيخ يوسف بن يحيى لمقصود لم يذكره في الكتاب.

١٣٧

الباب السابع

١- في عقد الدرر (الحديث ٢٩، من الباب ١)، أخرج بسنده، عن حُذيفة (رضي الله عنه)، قال: خَطَبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر لنا بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم؛ حتى يبعث رجل من ولدي اسمه اسمي . فقام سلمان (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله: إنّه من (أي) ولدك؟ قال: هو مِن وِلدي هذا » وضرب بيده على الحسين بن علي. أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي.

المؤلِّف:

في فرائد السمطين آخر (ج٢)، أخرج الحديث بإسناده، عن حُذيفة، قال: خطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر لنا ما هو كائن، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى، يبعث رجلاً من ولدي اسمه اسمي . فقام سلمان، فقال: يا رسول الله من أيّ وُلْدك هو؟ قال: من وَلَدي هذا » . فضرب بيده على الحسين. وأخرج الحديث أبو نعيم في الأربعين حديث، الذي جمعه في أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام)، وهو (الحديث ٧٨) من الأحاديث التي أخرجها السيّد في غاية المرام (ص٦٩٩) نقلاً من الأربعين، وهذا نصّه عن حُذيفة، قال: خَطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذكر ما هو كائن، ثمّ قال: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من وُلْدي » (الحديث).

١٣٨

٢- وفي عقد الدرر (الحديث ٤٠، من الباب ٢)، أخرج بسنده، عن أبي إسحاق، قال: عن علياً نظر إلى ابنه الحسين فقال: « ابني هذا السيّد، كما سمّاه نبيّكم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق » . ورواه البيهقي في البعث والنشور.

المؤلِّف:

يأتي الحديث في (رقم ٤) عن أبي وائل، وفيه زيادة ويأتي في (رقم ١٠)، وفيه زيادة نقلاً من كنز العمّال (ج٧، ص١٠٤)، ويأتي في (رقم ١٢) من ينابيع المودّة (ص٤٣٢)، ولفظه لفظ عقد الدرر، وقال: رواه أبو داود والترمذي في جامعه، والنسائي في سننه، والكل رووه عن أبي إسحاق. وأخرجه السيّد في الملاحم والفتن (ص١٠٣، من الباب ٧٦) نقلاً من فتن السليلي، وقال: أخرجه مسندا، عن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وعنده جلسائه، فقال: « هذا سيّدكم سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّدا، وليخرجنّ من صلبه شبهي شبهه في الخَلق والخُلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات، إذا خرجتم عن دينكم كما تخرج المرأة عن وركها لبعلها » .

المؤلِّف:

هذا الحديث دليل على أنّه (عليه السلام) يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق والخُلق معاً، والراوي من أهل البيت، وأهل البيت أدرى بما في البيت، والولد أدرى بحال جدّه من غيره.

٣- وفي عقد الدرر (الحديث ١٣٦)، أخرج بسنده، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال، قال أبو جعفر (عليه السلام): « يا جابر، إلزم الأرض ولا تحرِّك يداً ولا رجلاً، حتى ترى ما أذكرها لك إن أدركتها، أوّلها اختلاف بني العبّاس، وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدّث به بعدي، وينادي مناد من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق، ويخسف بقرية من قرى الشام تسمّى

١٣٩

الجابية، ويسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من الترك ويعقبها هرج الروم، ويترك الترك الجزيرة. وينزل الروم الرملة، فتلك السنة يا جابر، قبلها اختلاف كثير في كل أرض، ويختلف في الشام ثلاث رايات. راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني ومَن معه، ثمّ يُقتل الأصهب، ثمّ لا يكون لهم همّ إلاّ القتل نحو العراق، وتمرّ جيوشه بقرقيسنا فيقتتلون بها، فيقتل من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدّتهم سبعون ألفا، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبيا، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثا، وهُم نفر من أصحاب المهديّ، فيخرج رجل من موالي الكوفة في صقعها فيقتل أمير جيش السفياني بين الكوفة والحيرة، ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة، فيفرّ المهديّ منها إلى مكّة، فيبلغ أمير جيش السفياني أنّ المهديّ قد خرج إلى مكّة فيبعث جيشاً على أثره، فلا يدركه حتى يدخل مكّة خائفاً يترقب على سنّة موسى بن عمران (عليه السلام) ، وينزل أمير جيش السفياني بالبيداء، فينادي منادٍ من السماء: يا بيداء أبيدي القوم. فيخسَف بهم فلا يفلت منهم إلاّ ثلاثة نفر، يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب، قال: فيجمع الله للمهديّ أصحابه، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً على غير ميعاد، قزع كقزع السحاب، فيبايعونه بين الركن والمقام، قال: والمهديّ - يا جابر - من ولد الحسين (عليه السلام) » .

المؤلِّف:

ذُكر في هذا الحديث الشريف أمور لم تذكر في غيره، ومن جملتها: أنّ الذين لا يخسف بهم من جيش السفياني ثلاثة أشخاص، وفي جميع أحاديث الباب ذُكر أنهم اثنين بشير ونذير.

٤- وفي عقد الدرر (الحديث ٥٥، من الباب ٣). أخرج بسنده، عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين (رضي الله عنهم)، فقال: « ابني هذا السيّد، كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وسيخرج من صلبه رجل باسم

١٤٠

نبيكم، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحق وإظهار الجور، يفرح بخروجه أهل السماء وسكانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم المتن، أذيل الفخذين، بخدّه الأيمن شامة، أبلج الثنايا، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » .

5- وفي عقد الدرر (الحديث 167، من الباب 5)، نقلاً من معجم الحافظ أبو القاسم الطبراني، والحافظ أبو نعيم الأصفهاني في صفة المهدي، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن، بأسانيدهم، عن عبد الله بن عمرو، قال: يخرج من ولد الحسين من المشرق (رجل) لو استقبله الجبال لهدّمها واتخذها طرقا.

المؤلِّف:

كرّر في عقد الدرر في إخراج الحديث؛ فقد أخرجه في (الحديث 295، من الباب 9)، عن عبد الله بن عمر، لفظه قال: يخرج المهديّ من ولد الحسين، ولو استقبل الجبال لهدّمها واتخذ فيها طريقاً. ولا يبعد أن يكون هذا حديث آخر، لو قلنا أنّ عبد الله بن عمر هو ابن عمر بن العاص، وعبد الله بن عمر هو ابن عمر بن الخطاب، والله أعلم.

وجعله في عقد الدرر حديثاً آخر، ونقْله في باب آخر يدل على أنّه جَعَله حديثاً آخر، ولو كان في المعنى واحداً. وفي الملاحم والفتن، لابن طاووس (ص57، باب 75)، أخرج بسنده، من فتن نعيم، بسنده، عن عبد الله بن عمر، قال: يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق لو استقبله الجبال لهدّمها واتخذها طرقا.

6- في ينابيع المودّة (ص258)، وفي المودّة العاشرة من مودّة القربى، للسيد علي بن شهاب الهمداني الشافعي، أخرج فيه عن علي (عليه السلام)، رفعه إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « لا تذهب الدنيا حتى يقوم على أمّتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً » .

7- وفي ينابيع المودّة (ص258) أيضاً، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإذا الحسين

١٤١

(عليه السلام) على فخذيه، وهو يُقبِّل عينه ويُقبِّل فاه ويقول: « أنت سيّد ابن سيّد، وأنت إمام ابن إمام، وأنت حجّة ابن حجّة، وأنت أبو حجج تسعة، تاسعهم قائمهم » .

8- وفي ينابيع المودّة (ص258)، عن اصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عبّاس (رضي الله عنه)، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين، مطهّرون معصومون (تاسعهم المهديّ المنتظر عليه السلام) » .

9- وفي عقد الدرر (الحديث 25، من الباب 1)، أخرج بسنده، عن الأعمش، عن بني وائل، قال: نظر علي إلى ابنه الحسين فقال: « إنّ ابني هذا السيّد كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق، يملأ الأرض عدلاً » . أخرجه الإمام أبو داود في سننه، والإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه، والإمام عبد الرحمان النسائي في سننه.

المؤلِّف:

تقدّم الحديث في (رقم 2) بسند آخر ومن كتاب آخر.

10- في كنز العمّال (ج7، ص104)، أخرج بسنده، عن أبي إسحاق، قال، قال عليّ،ونظر إلى وجه ابنه الحسين فقال: « إنّ ابني هذا سيدٌ كما سمّاه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، سيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق، يملأ الأرض عدلاً » ، ونعيم بن حمّاد في الفتن من مسند علي (عليه السلام)، تقدم الحديث بأسانيد عديدة من غير فتن نعيم بن حماد.

11- وفي الملاحم والفتن، لابن طاووس (ج2، ص103)، من فتن السليلي بإسناده عن علي (عليه السلام)، قال: حدّثنا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن أبيه، عن جده (عليهما السلام)، قال: « دخل الحسين بن عليّ على عليّ

١٤٢

ابن أبي طالب (عليهم السلام) وعنده جلسائه، فقال: هذا سيدكم، سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيدا، وليخرجنّ رجل من صلبه شبهي شبهه في الخَلق والخُلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجورا، قيل له: ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات، إذا أخرجتم عن دينكم كما تخرج المرأة عن وركها لبعلها » .

12- وفي ينابيع المودّة (ص432، الباب 73)، في الأحاديث التي ذكرها صاحب مشكاة المصابيح في باب أشراط الساعة، فذكر الأحاديث إلى أن قال: وعن إسحاق، قال، قال عليّ، ونظر إلى ابنه الحسين، قال: « إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلق، ثمّ ذكر قصة، يملأ الأرض عدلاً » . رواه أبو داود لم يذكر القصّة.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في الجمع بين الصحاح الستة بسنده عن أبي إسحاق، وتقدم نقله من عقد الدرر في (رقم 2) عن أبي إسحاق، وفي (رقم 4) عن أبي وائل، وفيه زيادة. وفي (رقم 10) من كنز العمّال، وفيه زيادة، والحديث واحد، واختلف بتغير الرواة في نقله، ولعلّهم تصرّفوا في الحديث حسب عقيدتهم؛ بأنه لا يشبه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أحد فغيّروا الحديث وبدّلوا كلماته.

13- وفي مناقب الإمام الشهيد الحسين (عليه السلام)، التي أخرجها موفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي في تاريخ مقتل الحسين - عليه السلام - (ج1، ص146). أخرج بسنده، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان المحمديّ، قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإذا الحسين على فخذه، وهو يُقبِّل عينيه ويلثم فاه ويقول: « إنّك سيّد ابن سيّد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام أبو أئمّة، إنّك حجّة ابن حجّة أبو حُجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم » .

١٤٣

المؤلِّف:

تقدّم حديث سلمان بفظ آخر، في (رقم 7) نقلاً من ينابيع المودّة والراوي سليم بن قيس.

14- وفي ينابيع المودّة (ص492، في الباب 94)، قال: في كتاب المناقب، لموفق بن أحمد الخوارزمي الخطيب الحنفي، بسنده، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإذا الحسين ابن علي على فخذه، وهو يُقبِّل عينيه ويلثم فاه، وهو يقول: « أنت سيّد ابن سيّد أخو سيّد، أنت إمام ابن إمام أخو إمام، أنت حجّة ابن حجّة أخو حجّة، وأنت أبو حُجج تسعة تاسعهم قائمهم » .

المؤلِّف:

تقدم في (رقم 7، ورقم 13) الحديث مع اختلاف مع هذا الحديث، والظاهر أنّ المراد من المناقب في الينابيع غير مناقب المقتل؛ لما فيه من الاختلاف والزيادة في الألفاظ.

15 - وفي فضائل أمير المؤمنين، للعلاّمة السيّد هاشم البحراني، أخرج حديث سليم بن قيس الهلالي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، وهذا نصّه: عن سلمان الفارسي (ره)، قال: دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإذا الحسين على فخذه، وهو يُقبِّل عينيه ويلثم فاه ويقول: « إنّك سيّد ابن سيّد أبو سادة » إلى آخر ما تقدم من المقتل للخوارزمي الحنفي.

16- وفي ينابيع المودّة (ص492) من المناقب، بسنده، عن أبي حمزة الثمالي، عن (محمّد بن علي الباقر) عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه، الحسين بن علي (سلام الله عليهم)، قال: « دخلت على جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأجلسني على فخذه، وقال لي: إنّ الله اختار من صُلبك - يا حسين - تسعة أئمّة، تاسعهم قائمهم، وكلّهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء » .

المؤلِّف:

في الجملة الأخيرة من هذا الحديث نظر؛ حسب ما عثرنا عليه من أحاديث أهل البيت، فإنّهم قالوا: بالاختلاف في الفضل في

١٤٤

المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، وعلى فرض صحة الحديث يحتاج هذا الحديث إلى توجيه يوافق الأحاديث الأخر.

17- وفي ينابيع المودّة (ص492)، قال: أخرج الدارقطني في كتابه الجرح والتعديل عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض مرضة ثقيلة فدخلت عليه فاطمة وأنا جالس عنده، ولمّا رأت ما به من الضعف خنقتها العبرة، (الحديث)، وفيه أنّه ضرب على منكب الحسين وقال: « من هذا مهديّ هذه الأمّة » .

المؤلِّف:

تقدم هذا الحديث مفصّلاً برواية أبي سعيد الخدري، نقلاً من أرجح المطالب (ص385)، وهو (الحديث 12) من الأحاديث التي جمعناها، وفيها قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « منّا مهديّ هذه الأمّة أو المهديّ منّي » وأمثاله، وسيمر عليك حديث الدارقطني بكامله نقلاً من كتب عديدة. راجع (رقم 19) من أحاديث الباب.

18- وفي ينابيع المودّة (ص497)، قال: وفي شرح نهج البلاغة، (قال) وروى قاضي القضاة عن كافي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد، بإسناده، متصل بعلي (كرّم الله وجهه)، أنّه ذكر المهديّ وقال: « إنّه من ولد الحسين » سلام الله عليهم وذكر حليته. فقال: « ( المهدي ) رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، أبلج الثنايا، بفخذه اليمنى ( بخده الأيمن ) شامة » ، (قال) وذكر الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث.

19- وفي الفصول المهمّة (الباب 12، ص277 – 278)، نقلاً من الجرح والتعديل للدارقطني، قال: وعن أبي هارون العبدي، قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شهدت بدراً؟ قال: نعم، فقلت:

١٤٥

أفلا تحدثني بما سمعت من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عليّ (عليه السلام) وفضله، قال: بلى، أُخبرك أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض مرضة نَقُه منها، فدخلت عليه فاطمة (عليها السلام) وأنا جالس عن يمين النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلمّا رأت فاطمة ما برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الضعف خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خدها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

« يا فاطمة، إنّ الله تعالى اطّلع على الأرض اطّلاعة على خلقه فاختار منهم أباكِ فبعثه نبياً، ثمّ اطّلع ثانية فأختار منهم بعلكِ فأوحى إليّ أن أُنكحه فاطمة فأنكحته إياكِ واتخذته وصيّاً، أما علمتِ أنّكٍ بكرامة الله تعالى إيّاك زوّجكِ أغزرهم عِلماً، وأكثرهم حِلماً، وأقومهم سلماً، فاستبشرت.

فأراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسّمه الله تعالى لمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال، فقال لها:

يا فاطمة، ولعليّ ثمانية أضراس - يعني مناقب: إيمان بالله، ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن، والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر. يا فاطمة، إنّا أهل بيت أُعطينا سِتُ خصال لم يعطها أحد من الأوّلين ولا يُدركها أحد من الآخرين غيرنا: نبينا خير الأنبياء، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشّهداء وهُم عمّ أبيكِ، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر، ومنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ، ومنّا مهدي الأمّة (هذه الأمّة) الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم ، ثمّ ضرب على منكب الحسين (عليه السلام)، وقال: من هذا مهديّ هذه الأمّة » .

ثمّ قال: هكذا أخرجه الدارقطني، صاحب الجرح والتعديل.

المؤلِّف:

أخرج الحديث الكنجي الشافعي، في كتاب البيان (ص323) مع اختلاف واختصار، وقال فيه: « ومنّا مهديّ الأمّة الذي يصلي عيسى خلفه »، وأخرجه الشيخ عبيد الله آمرتسري الهندي الحنفي، في كتابه أرجح المطالب (ص385)، نقلاً من الجرح والتعديل للدارقطني مع اختلاف في بعض ألفاظه، وفيه زيادة وهذا نصّ ألفاظه:

١٤٦

عن أبي هارون العبدي، قال: أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له: هل شهدت بدراً؟ قال: نعم. قلت: ألا تحدّثني بشيء ممّا سمعت من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في علي؟ قال: يا بني، أُخبرك أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مرض مرضةً نقه منها، ودخلت عليه فاطمة تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلمّا رأت ما برسول الله من الضّعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها، فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

« ما يبكيكِ يا فاطمة؟ قالت: أخشى الضيّعة بعدك يا رسول الله ، فقال: يا فاطمة، إنّ الله تعالى اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة فاختار منهم بعلكِ، فأوحى إليّ فأنحكته منكِ واتّخذته وصيّاً، أمَا علمت أنّكِ بكرامة الله إيّاكِ زوجّكِ أعلمهم علماً، وأكثرهم حلماً، وأقدمهم سلماً، فضحكت فاطمة واستبشرت . فأراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يزيدها مزيد الخير كلّه الذي قسمه الله لمحمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال لها:

يا فاطمة، لعليّ ثمانية أضراس - يعني مناقب: إيمان بالله، ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر. يا فاطمة، نحن أهل بيت أُعطينا سِتُ خصال، لم يعطها أحد من الأوّلين ولا يدركها الآخرون غيرنا: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلكِ، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عم أبيكِ، ومنّا سبطا هذه الأمّة وهما ابناكِ، ومنّا مهديّ الأمّة الذي يصلي عيسى خلفه . ثمّ ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهدي الأمّة » .

المؤلِّف:

أسقط من الحديث قوله: « إنّ الله اطّلع إلى أهل الأرض فاختار منهم أباكِ فبعثه بالرسالة »، ولعلّ إسقاطه من الطابع. وقد تقدم الحديث من الفصول المهمّة مع هذه الكلمات.

وأخرجه في عرف الوردي، والمعجم الكبير للطبراني، وأخرجه أبو نعيم، وفيه هذه الكلمات، وقد تقدم الحديث من عرف الوردي ومن المعجم الكبير للطبراني، في الأحاديث التي فيها قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « المهدي من الحسن والحسين » .

١٤٧

20- وفي فرائد السمطين لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، أخرج بسنده، عن الحسن بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضا (عليهما السلام)، عن أبيه، عن آبائه، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

« مَن أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتدي بعليّ بن أبي طالب (عليهما السلام)، وليعادي عدوّه وليوالي وليّه، فإنّه وصيّي، وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كلّ مسلم، وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمره أمري ونهيه نهيي، وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي ، ثمّ قال (عليه السلام): مَن فارق عليّاً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومَن خالف عليّاً حرّم الله عليه الجنّة، وجعل مأواه النار، ومَن خذل عليّاً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه، ولقنّه حجّته عند المسألة ، ثمّ قال عليه السلام: والحسن والحسين إماما أمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنّة، أمّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصييّن، ومن ولد الحسين تسعة أئمّة، تاسعهم القائم من ولديّ، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفى بالله وليّاً وناصراً لعترتي وأئمّة أُمّتي، ومنتقماً من الجاحدين حقهم ( وَسَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) » .

المؤلِّف:

إلى هنا انتهى حديث الحمويني الشافعي، وقد أخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء الحديث بلفظ آخر وسند آخر.

21- وفي كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة (ج1، ص422)، أخرج بسنده، عن الإمام الرضا (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال لولده الحسين (عليه السلام): « التاسع من ولدك - يا حسين - هو القائم بالحقّ، والمظهر للدين والباسط للعدل، قال الحسين (عليه السلام) : وإنّ ذلك لكائن؟ قال (عليه السلام): إي، والذي بعث محمّداً بالنبوّة واصطفاه على جميع البريّة، ولكن بعد غيبة وحيرة، لا يثبت فيها على

١٤٨

دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه » .

22- وفي إكمال الدين وإتمام النعمة أيضاً (ج1، ص351)، أخرج بسنده، عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، قال: « سُئل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عن معنى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّي مخلّف فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي: مَن العترة؟ فقال (عليه السلام): أنا والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديّهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حوضه » .

23- وفي كتاب البيان (ص328، باب 13، طبع/ إيران) للكنجي الشافعي، أخرج بسنده، عن زر بن حبيش، عن حُذيفة، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقّام، يردّ الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على ظهر الأرض إلاّ من يقول لا إله إلاّ الله، فقام سلمان فقال: يا رسول الله، من أيّ وُلدكَ؟ قال: هو من ولد ابني هذا » . وضرب بيده على الحسين (عليه السلام).

المؤلِّف:

تقدم الحديث في الأحاديث التي ذكر فيها أنّه (عليه السلام) من ولد النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - (رقم 9 و10) مع اختلاف في اللفظ ونقص. ولعلّ ذلك من الرواة، وإلاّ فالحديث من راوٍ واحد وهو حُذيفة (عليه الرحمة)، وإن كانت الكتب المذكورة فيها الحديث عديدة.

24 - وفي كتاب البيان (ص330، باب 16)، أخرج بسنده، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمر، قال: يخرج من ولد الحسين (عليه السلام) من قبل المشرق (من) لو استقبلته الجبال لهدّمها، واتخذ فيها طرقا. (ثمّ) قال، قلت: رواه الطبراني وأبو نعيم عنه.

١٤٩

الباب الثامن

1- في ينابيع المودّة (ص440)، نقلاً من كتاب فرائد السمطين لإبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي، في (ج2، باب 31)، حيث أخرج بسنده، عن مجاهد عن ابن عبّاس، قال: قدم يهودي يقال له نَعثل فقال: يا محمّد، أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك، قال:

  « سلْ يا أبا عمارة،فقال: يا محمّد، صف لي ربّك. فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( إنّ الله ) لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار أن تحيط به، جلّ وعلا عمّا يصفه الواصفون، ناءٍ في قربه، قريبٌ في نأيه، وهو كيّف الكيف، وأيّن الأين، فلا يقال له: أين هو، منقطع الكيفية، والأينونية، فهو الأحد الصمد، كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يَلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، قال: صدقت يا محمّد، فأخبرني عن قولك: إنّه واحد، لا شبيه له، أليس الإله واحد والإنسان واحد؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

( الله ) عزّ وعلا، واحد حقيقيّ أحدي المعنى، أي لا جزء له ولا تركيب له، والإنسان واحد ثنائي المعنى، مركّب من روح وبدن، قال: صدقت، فأخبرني عن وصيّك، من هو؟ فما من نبيّ إلاّ وله وصيّ، وإنّ نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون، فقال: إنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) ، وبعده سبطايّ الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمّة من صلب الحسين، قال: يا محمّد فسمّهم لي، قال: إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ

١٥٠

فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن، فإذا مضى الحسن فابنه الحجّة محمّد المهدي، فهؤلاء اثنا عشر. قال: أخبرني عن كيفية موت عليّ والحسن والحسين قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يُقتل عليٌّ بضربة على قرنه، والحسن يُقتل بالسّم، والحسين بالذبح، قال: فأين مكانهم قال: في الجنّة، في درجتي. قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول الله، واشهد أنّهم الأوصياء بعدك.

ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران (عليه السلام) أنّه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له أحمد ومحمّد وهو خاتم الأنبياء، ولا نبيّ بعده، فيكون أوصياؤه بعده اثنا عشر أوّلهم ابن عمه وختنه، والثاني والثالث كانا أخوين من ولده، ويقتل أُمّة النبي الأوّلَ بالسيف، والثاني بالسمّ، والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف وبالعطش، في موضع الغربة، فهو كولد الغنم يذبح، ويصبر على القتل، لرفع درجاته ودرجات أهل بيته وذريته، ولإخراج محبّيه وأتباعه من النار، وتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث، فهؤلاء الاثني عشر، عدد الأسباط.

قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أتعرف الأسباط؟ قال: نعم، كانوا اثنا عشر، أوّلهم لاوي بن برخيا، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثمّ عاد فأظهر الله به شريعته، بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك، حتى قتل الملك، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كائن في أمّتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، وإنّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يُرى، ويأتي على أمّتي بزمن لا يبقى من الإسلام إلاّ اسمه، ولا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، فحينئذٍ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج، فيظهر الله الإسلام به ويجدّده. طوبى لمن أحبهم واتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، طوبى لمن تمسّك بهداهم » فأنشأ نعثل، هذه الأبيات:

١٥١

صلّى الإله ذوي العلى عليك ياخير البشر

أنت النبي المصطفى والهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربنا وفيك نرجو ما أمر

ومعشر سميّتهم أئمة إثنا عشر

حباهم ربّ العلى تم اصطفاهم من كدر

قدفاز مَن والاهم وخاب مَن عادى الزهر

آخرهم يسقى الظماء وهو الإمام المنتظر

عترتك الأخيار لي والتابعين ما أمر

مَن كان عنهم معرضاً فسوف تصلاه سقر

المؤلِّف:

هذا لفظ العلاّمة القندوزي الحنفي، وقد أخرج الحديث علماء الإمامية في كتبهم المعتبرة بسند متصل عن مجاهد عن ابن عبّاس، وفي لفظهم تقديم وتأخير لبعض ألفاظ الحديث واختلاف قليل. راجع: كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الاثني عشر، تأليف أبي القاسم عليّ بن محمّد ابن عليّ الخزاز الرازي أو القمّي، وهو من تلاميذ الصدوق (عليهما الرحمة).

2- وفي كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى (عليه السلام)، تأليف عماد الدين أبي جعفر محمّد بن أبي القاسم عليّ، بن محمّد، بن عليّ، بن رستم الطبري الآملي الكجّي، وهو من أعلام القرن السادس (قُدس أرواحهم). أخرج بسنده المتصل، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام):

« إنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب لمّا نظرت إلى ما فعله ابن أخيها عليّ بن الحسين (عليهما السلام) بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد الله الأنصاري، فقالت له: يا صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، إنّ لنا عليكم حقوقاً، وإنّ من حقّنا عليكم إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكروه الله، وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا عليّ بن الحسين بقيّة أبيه الحسين قد

١٥٢

أنخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه، أدباً منه لنفسه في العبادة، فأتى جابر بن عبد الله باب عليّ بن الحسين (عليهما السلام) ، وبالباب أبو جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلاً فقال: هذه مشية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسمته، فمَن أنت يا غلام؟ قال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) ، فبكى جابر، وقال: أنت - والله - الباقر للعلم حقاً، ادنُ منّي بأبي أنت، فدنا منه، فحلّ جابر إزاره ثمّ وضع يده على صدره، فقبّله وجعل عليه خدّه ووجهه وقال: أُقرئك عن جدّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) السّلام، وقد أمرني أن افعل بك ما فعلت، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يوشك أن تعيش، وتبقى حتى تلقى من وِلدي ( مَن ) اسمه محمّد بن عليّ، يبقَر العلم بَقْراً، وقال (لي): إنّك تبقى حتى تعمى ويكشف لك عن بصرك، ثمّ قال له: ائذن لي على أبيك عليّ بن الحسين (عليهما السلام) .

  فدخل أبو جعفر على أبيه(عليهما السلام) وأخبره الخبر، وقال: إنّ شيخاً بالباب، وقد فعل كيت وكيت. فقال: يا بني، ذلك جابر بن عبد الله، ثمّ قال له: من بين ولدان أهلك، قال لك ما قال، وفعل بك ما فعل، قال نعم، قال (عليه السلام) : إنّه لم يقصدك بسوء، ولقد أشاط بدمك، ثمّ أذن لجابر، فدخل عليه، فوجده في محرابه قد أنضّته ( قد أنضكته ) العبادة، فنهض عليّ (عليه السلام) وسأله عن حاله سؤالاً خفيّاً، ثمّ أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول له: يا ابن رسول الله، أما علمت أنّ الله إنما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك؟ فقال له عليّ بن الحسين (عليهما السلام) : يا صاحب رسول الله، أما علمت أنّ جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولم يدع الاجتهاد، وقد تعبّد بأبي هو وأمّي حتى انتفخ الساق وورم القدم. فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أفلا أكون عبداً

١٥٣

شكوراً.

  فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين(عليهما السلام) ، وإنّه ليس يغني فيه قول مَن يستميله من الجهد والتّعب إلى القصد، قال له: يا ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، البقيا على نفسك بأنّك من أُسرة بهم سيدفع البلاء ويكشف اللأواء، وبهم تُستمطر السماء، فقال: يا جابر، لا أزال على منهاج أبويّ (عليهما السلام) حتى ألقاه، فأقبل جابر على مَن حضر، وقال: والله ما رُئيَ من أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين (عليهما السلام) إلاّ يوسف بن يعقوب، والله لذرّية عليّ بن الحسين (عليهما السلام) أفضل من ذرّية يوسف بن يعقوب ( و ) إنّ منه لَمَن يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً » .

المؤلِّف:

الأحاديث التي يستفاد منها أنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد عليّ بن الحسين السجاد كثيرة، ولو تتبعناها وجدناها أكثر من مائة وخمسين حديثاً، وقال العلاّمة الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني في كتابه منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر - عليه السلام - (ص210): الأخبار التي يستفاد منها أنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الإمام السجاد عليّ بن الحسين - عليهما السلام - (185 حديث)؛ وذلك لأنّه لا عقب للحسين (عليه السلام) إلاّ من ابنه عليّ بن الحسين (عليهما السلام).

١٥٤

الباب التاسع

1- الحديث الأوّل الذي تقدم في باب أنّه (عليه السلام) من ولد عليّ بن الحسين - برواية الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة (ص440) - فيه دلالة واضحة أنّه (عليه السلام) من ولد الإمام الخامس محمّد الباقر (عليه السلام)، وهذا لفظه:

قال أبو عمارة اليهودي لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فأخبرني عن وصيّك من هو؟ فما من نبيّ إلاّ وله وصيّ، وإنّ نبيّنا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إنّ وصيّي عليّ بن أبي طالب، وبعده سبطاي، الحسن، والحسين، تتلوه تسعة أئمّة من صلب الحسين، قال (أبو عمارة) يا محمّد فسمِّهم لي، قال: إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، وهو الإمام الخامس الملّقب بالباقر (عليه السلام) » إلى آخر الحديث.

2- وفي كتاب كفاية الأثر، أخرج بسنده عن زيد بن عليّ (الشهيد)، قال: كنت عند أبي عليّ بن الحسين إذ دخل عليه جابر بن عبد الله الأنصاري، فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمّد (الباقر) من بعض الحُجر، فأشخص جابر ببصره نحوه ثمّ قام إليه، فقال: يا غلام، أقْبِل. فأقبَل، ثمّ قال: أدبر، فأدبر، فقال: شمائلٌ كشمائل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ما اسمك يا غلام؟ قال: « محمّد، قال: ابن مَن؟ قال: عليّ بن الحسين، بن عليّ بن أبي طالب، قال: إذاً أنت الباقر، قال: فأنكبّ عليه وقبّل رأسه ويديه، ثمّ قال: يا محمّد، إنّ رسول الله، يقرئك السّلام.

١٥٥

قال: على رسول الله أفضل السّلام، وعليك يا جابر بما بلّغت السّلام، ثمّ عاد إلى مصلاّه، فأقبل يحدّث أبي ويقول: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لي يوماً: يا جابر، إذا أدركت ولدي الباقر فاقرئه منّي السّلام، فإنّه سميّي وأشبه الناس بي، عِلمه عِلمي، وحكمه حكمي، سبعة من ولده أُمناء معصومون، أئمّة أبرار، والسابع مهديّهم، الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ».

 ثمّ بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقرأ: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) ، الآية في (سورة 21، آية 73).

3- وفي غيبة النعماني، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (المتوفّى سنة460). أخرج بسنده، عن أبي حمزة الثُمالي (ره)، قال: كنت عند أبي جعفر (محمّد بن علي) الباقر ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده، قال لي: « يا أبا حمزة، من المحتوم - الذي لا تبديل له عند الله - قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر، وله جاحد، ثمّ قال: بأبي وأمّي المسمّى باسمي والمكنّى بكنيتي، السابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وقال: يا أبا حمزة، مَن أدركه فلم يسلّم له فما أسلم لمحمّد وعليّ (عليه السلام) ، وقد حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النار وبئس مثوىً الظالمين، وأوضح من هذا بحمد الله، وأنور وأبين وأزهَر - لمن هداه الله وأحسن إليه - قول الله في محكم كتابه: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) ، (سورة التوبة، آية 36)، قال (عليه السلام): ومعرفة الشهور - المحرم، وصفر، وربيع وما بعده، والحرم منها، وهي رجب وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم - لا يكون ديناً قيّماً لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعاً من المنافقين والمخالفين يعرفون

١٥٦

هذه الشهور، ويعدونها بأسمائها، وإنّما هم الأئمّة (عليهم السّلام)، القوّامون بدين الله، والحُرُم منها أمير المؤمنين، الذي اشتق الله تعالى اسماً من اسمه العلي، كما اشتق لرسول الله اسماً من اسمه المحمود، وثلاثة من ولده أسمائهم عليّ بن الحسين، وعليّ بن موسى، وعليّ بن محمّد، فصار، لهذا الاسم المشتق من اسم الله تعالى حرمة به » .

4- وفي كفاية الأثر، أخرج بسنده، عن أبي مريم عبد الغفار بن القسم، قال: دخلت على مولاي الباقر (عليه السلام) وعنده أُناس من أصحابه، فجرى ذكر الإسلام، قلت: يا سيّدي، فأي الإسلام أفضل؟ قال:

« مَن سلِم المؤمنون من لسانه ويده، قلت: فأيّ الأخلاق أفضل؟

قال: الصبر والسماحة، قلت: فأيّ المؤمنين أكمل إيماناً؟

قال: أحسنهم خُلُقاً، قلت: فأيّ الجهاد أفضل؟

قال: طُول القنوت، قلت: فأيّ الصدقة أفضل؟

قال: أن تهجر ما حرّم الله عزّ وجل عليك، قلت: يا سيدي فما تقول في الدخول على السّلطان؟

قال: لا أرى ذلك، قلت: إنّي ربّما سافرت إلى الشام، فأدخل على إبراهيم بن الوليد؟

قال: يا عبد الغفّار، إنّ دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة أشياء: محبّة الدنيا، ونسيان الموت، وقلّة الرضا بما قَسَم الله لك، قلت: يا ابن رسول الله، فإني ذو عَيلة، واتّجر إلى ذلك المكان لجرّ المنفعة، فما ترى في ذلك؟

قال: يا عبد الله، إني لست آمرك بترك الدنيا، بل آمرك بترك الذنوب، فترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة، وأنت إلى إقامة الفريضة أحوج منك إلى اكتساب الفضيلة، قال: فقبّلت يده ورجله، وقلت: بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول الله، فما نجد العلم الصحيح إلاّ عندكم، وإني قد كَبُرت سنّي ودقّ عظمي، ولا أرى فيكم ما أسرّ به، أراكم مقتّلين مشرّدين، خائفين، وإنّي أقمت على قائمكم منذ حين، أقول يخرج

١٥٧

اليوم أو غداً، قال: يا عبد الغفّار، إنّ قائمنا هو السابع من ولدي، وليس هذا أوان ظهوره، ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ الأئمّة بعدي اثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صُلب الحسين، والتاسع قائمهم يخرج في آخر الزمان فيملأها قسطاً وعدلاً بعد ما مُلئت جوراً وظلماً، قلت: فإنّ هذا كائن يا ابن رسول الله، فإلى من بعدك؟ قال: إلى جعفر، وهو سيّد أولادي وأبو الأئمّة، صادق في قوله وفعله. ولقد سألت عظيماً يا عبد الغفار وإنك لأهل الإجابة . ثمّ قال (عليه السلام): ألا إنّ مفتاح العلم السؤال » وأنشأ يقول:

شفاء العمى طول السؤال وإنّما

تمام العمى طول السكوت على الجهل

١٥٨

الباب العاشر

1- في ينابيع المودّة (ص440) حديث يظهر منه أنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الإمام السادس جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، وقد تقدم الحديث بتمامه في باب أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام السجاد عليّ بن الحسين - عليهما السلام - (باب 8) فلا نكرر ذكره ويدلّ عليه الحديث الذي في (إكمال الدين وإتمام النعمة) وهو ما يأتي.

2- وفي إكمال الدين وإتمام النعمة، تأليف أبي جعفر محمّد بن عليّ ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي الملقّب بالصدوق، المتوفّى (سنة 381 هـ)، فإنّه (عليه الرحمة) أخرج بسنده، عن حنان (حيان) السراج، قال: سمعت السيد إسماعيل بن محمّد الحميري يقول:

كنت أقول بالغلو، وأعتقد غيبة محمّد بن الحنفية، فمنّ الله عليّ بالصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) وأنقذني به من النار، وهداني إلى سواء الصراط، فسألته - بعدما صحت عندي الدلائل التي شاهدتها منه أنّه حجة الله عَلَيَّ وعلى جميع أهل زمانه، وأنّه الإمام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به - فقلت له: يا ابن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحّة كونها، فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام):

« إنّ الغيبة ستقع بالسادس من وُلدي، وهو الثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب، وآخرهم ( المهدي ) القائم بالحقّ، بقيّة الله في الأرض

١٥٩

  وصاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتّى يَظهر، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً »قال السيد: فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصّادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) تبتُ إلى الله تعالى على يديه، وقلت قصيدتي التي أوله:

فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا

تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

إلى آخر القصيدة.

المؤلِّف:

الأحاديث التي فيها إشادة بأنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) من أولاد الإمام السادس كثيرة، وقد أشار إليها في كتاب منتخب الأثر (ص215)، وقال: عثرت على (99 حديث) فيها ذكر أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) من أولاد الإمام السادس جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، ومن جملتها الحديث الآتي.

3- وفي إكمال الدين وإتمام النعمة، أخرج بسنده، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه قال: « مَن أقرّ بجميع الأئمّة وجحد المهدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداً، فقيل له: يا بن رسول الله، مَن المهدي من ولدك؟ قال: الخامسُ مِن وُلدِ السابع، يغيب عنكم شخصه، ولا يحلّ لكم تسميته » .

المؤلِّف:

وروي الحديث بسند آخر، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن الصّادق (عليه السلام) وبلفظ آخر، قال فيه: « مَن أقرّ بالأئمّة من آبائي ووُلدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداً (صلوات الله عليهم). فقلت: يا سيّدي، ومن المهدي من ولدك؟ قال: الخامسُ مِن وُلد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته » .

4- وفي ينابيع المودّة (ص491، ط/ إسلامبول، سنة 1301 هـ)، قال: روي عن ابن الخشاب أنّه أخرج في كتابه مواليد أهل البيت (عليهم السلام)

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369