المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء ١

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية0%

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 369

  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33476 / تحميل: 6494
الحجم الحجم الحجم
المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية

المهدي الموعود المنتظر عند علماء أهل السنة والإمامية الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المؤلِّف:

الذين اعترفوا بولادة الإمام الثاني عشر المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) جماعة كثيرة من علماء أهل السنّة، ونكتفي بذكر بعضهم، ونراعي في مَن ذكر ذلك تاريخ حياته ووفاته حسب الإمكان، ونسأل الله تعالى المعونة في جميع الأمور، ولاسيّما فيما نحن بصدد إثباته،

فنقول:

الذين تعرّضوا لذلك في مؤلفاتهم من علماء المذاهب الأربعة وغيرهم جماعة من علماء أهل السنّة.

١٨١

الباب السادس عشر

1 - منهم ، العلاّمة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي النيسابوري، الفقيه الشافعي (المتوفّى سنة 458 هـ) فإنّه ذكر في كتابه شُعب الإيمان، وقال:

اختلف الناس في أمر المهدي، فتوقف جماعة وأحالوا العِلم إلى عالمه، واعتقدوا أنّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يخلقه الله متى شاء، يبعثه نصرة لدينه.

وطائفة يقولون: إنّ المهدي الموعود، ولِد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو الإمام الملقّب بالحجّة القائم المنتظر، محمّد بن الحسن العسكري، وإنّه دخل السرداب بسرّ مَن رأى، وهو مختفٍ عن أعين الناس، مُنْتَظَرٌ خروجه، ويظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، (ثمّ إنّ البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان)، فقال: ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه؛ كعيسى ابن مريم والخضر (عليهما السلام)، وهؤلاء (القائلون ببقائه وطول عمره) هم الشيعة، وخصوصاً الإمامية منهم، قال: ووافقهم في - ما أدّعوه في المهدي (عليه السلام) - عليه جماعة من أهل الكشف.

قال بعض علماء الإمامية: إنّ المراد من الموافقين من أهل الكشف غير الشيخ محيي الدين، والشعراني، والشيخ حسن العراقي؛ لأنّ البيهقي متقدّم على هؤلاء، ولأنّ وفاته كانت (سنة 458) والشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي وجِدوا بعده، لأنّ وفاة محيي الدين كانت (سنة 638) كما صرّح به الشيخ حسن العراقي، وهكذا الشعراني

١٨٢

كان في (سنة 955)، والعراقي وغيره كانا معاصرين للشعراني، فمراد البيهقي من أهل الكشف الذي أخبر عنهم غير هؤلاء، هذا ويظهر من كلام البيهقي أنّه موافق للإمامية في دعواهم، ولولا اتفاقه معهم لأنكر عليهم، ولم يقل: ولا امتناع في طول عمره (عليه السلام) كعمر الخضر (عليه السلام) حيث لا شبهة في طول عمره بين جميع فِرق المسلمين.

2 - ومنهم ، العلاّمة أبو محمّد عبد الله بن أحمد، بن محمّد بن الخشّاب (المتوفّى سنة 567)، فإنّه أخرج في كتابه تاريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم، بسنده، عن أبي بكر أحمد بن نصر، بن عبد الله بن الفتح الدرّاع النهرواني، قال: حدّثنا صدقة بن موسى، حدّثنا أبي عن الرضا (عليه السلام)، قال:

« الخَلَف الصالح من وُلد أبي محمّد، الحسن بن علي، وهو صاحب الزمان، وهو المهدي » ، ثمّ قال: وحدّثني الجرّاح بن سفيان، قال: حدّثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون عن أبيه موسى، قال، قال: سيدي جعفر بن محمّد (عليهما السلام):

  « الخَلَف الصالح من وُلدي، وهو المهدي اسمه م ح م د، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان يقال لأمّه صَيْقَل ».

المؤلِّف:

تقدّم في باب أنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام)، من أولاد الإمام السادس جعفر بن محمّد، نقلاً من ينابيع المودّة (ص491) الحديث الذي نقلناه من ابن الخشّاب. وقال فيه بعد قوله: « يخرج في آخر الزمان، يقال لأمّه نرجس، وعلى رأسه غمامة تظلّله من الشمس تدور معه حيث ما دار، تنادي بصوت فصيح هذا المهدي فاتّبعوه » .

وأخرج العلاّمة السيّد هاشم البحراني الحديث، في غاية المرام (ص701) نقلاً من تاريخ ابن الخشّاب، وقال - بعد قوله: « يخرج في آخر الزمان يقال لأمه صَيْقَل » -، قال: أبو بكر الزرّاع، (و) يقال لها: حكيمة. وفي رواية يقال لها: نرجس. وفي رواية يقال: لها سوسن. « يكنّى أبا القاسم وهو ذو الاسمين

١٨٣

خلف ومحمّد، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة، تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار تنادي بصوت فصيح: هذا المهدي » .

  3- ومنهم،الشيخ كمال الدين أبو سالم محمّد بن طلحة الحلبي الشافعي القرشي (المتوفّى سنة 652 أو 654) فإنّه ذكر في كتابه مطالب السؤول (ص88، طبع/ إيران، سنة 1287هـ)، وقال:

الباب الثاني عشر: في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص، بن علي المتوكل، بن محمّد القانع، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين (الشهيد)، بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجّة الخَلَف الصالح المنتظر (عليهم السلام) ورحمته وبركاته. ثمّ ذكر هذه الأبيات:

فهذا الخلف الحجة قد أيّده الله

هدانا منهج الحق وآتاه سجاياه

وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه

وآتاه حلى فضل عظيم فتحلاه

وقد قال رسول الله قولا قد رويناه

وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه

يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه

ويكفي قوله منّي لإشراق محياه

ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولن يبلغ ما أدّيت أمثال وأشباه

فإن قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا

ثمّ قال أبو طلحة في مدحه (عليه السلام): قد رتع من النبوة في أكناف عناصره، ورضع من الرسالة أخلاف أواصره، وترع من القرابة بسجال معاصرها، وبرع في صفات الشرف، فعقدت عليه بخناصرها، فاقتنى من الأنساب شرف نصابها، واعتلا عند الانتساب على شرف أحسابها، واجتنى جنا الهداية من معادنها وأسبابها، فهو من ولد الطهر البتول، المجزوم بكونها بضعة الرسول، فالرسالة أصلها، وإنها لأشرف العناصر والأصول.

١٨٤

فأمّا مولده فبسرّ مَن رأى، في ثالث وعشرين من رمضان (سنة 258هـ)، وأمّا نسبه أباً وأما، فأبوه الحسن الخالص، وأمّا أُمّهُ أمُّ وَلدٍ تسمّى صيقل، وحكيمة، وقيل غير ذلك، وأمّا اسمهُ فمحمّد، وكنيته أبو القاسم، ولقبه الحجّة، والخلف الصالح، وقيل المنتظر.

المؤلِّف:

ثمّ ذكر أحاديث عديدة في أنّه الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام). وقد ذكرنا جميعها في الكتاب بمناسبة الأبواب، ثمّ ذكر بعض الاعتراضات بالنسبة إلى أحواله (عليه السلام)، من حيث الغيبة، وطول العمر، وغير ذلك، وأجاب عن الجميع أحسن جواب، وسنذكر بعضها إنشاء الله في مواردها. وقال الشيخ سليمان في ينابيع المودّة (ص 471): قال الشيخ الجليل كمال الدين، أبو سالم محمّد بن طلحة بن محمّد بن الحسن الحلبي الشافعي(قُدِّس سره)، في كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، المهدي: هو ابن أبي محمّد الحسن العسكري، ومولده بسامراء. قال: وذكر ذلك في كتابه الآخر در النظم.

4 - ومنهم، المؤرخ المشهور شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي (وهو من الخوارج) الرومي البغدادي (المتوفّى سنة 626)، فإنّه أخرج في كتابه المعروف معجم البلدان (ج6، ص175، طبع/ مصر، سنة 1324)، وقال: عسكر سامراء ينسب إلى المعتصم وقد نُسِب إليه (أي: إلى عسكر سامراء) قوم من الأجلاّء، منهم، علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، يكنّى (أي: علي بن محمّد) بالحسن الهادي، ولِد بالمدينة (المشرفة) ونُقِل إلى سامراء (جَبْرَاً).

وابنه الحسن بن علي، ولِد بالمدينة أيضاً (وقيل: في سامراء) ونُقِل إلى سامراء، فسُمّيا بالعسكريّين لذلك، فأمّا علي فمات في رجب (سنة 254) ومُقامُه بسامراء عشرين سنة. وأمّا الحسن، فمات بسامراء أيضاً (سنة 260 هـ)، ودُفِنا بسامراء وقبورهما مشهورة هناك (يزار)، (قال) ولولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة.

١٨٥

5 - ومنهم، الشيخ العارف الشيخ فريد الدين العطّار (المتوفّى سنة 627)، فإنّه أخرج في كتابه (مظهر الصفات) كما نقل عنه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة (ص473)، قال: ومن أشعاره التي أنشدها في أهل البيت (عليهم السلام)، وفيها ذكر مولد الإمام المهدي (عليه السلام) بالإشارة. قال: في أبياته بالفارسية.

مصطفى ختم رسل شد در جهان

مرتضى ختم ولايت در عيان

جمله فرزندان حيدر أوليا

جمله يك نورند حق كرداين ندا

ثم ذكر أسماء الأئمّة الاثني عشر، ثمّ قال:

صد هزاران أوليا روى زمين

از خدا هند مهدي رايقين

يا الهي مهديم از غيب آر

تا جهان عدل كرد را شكار

مهدي هادي است تاج اتقياء

بهترين خلق برج أوليا

أي ولاي تو معيّن آمسده

بر دل وجانها همه روشن شده

أي توختم اولياي اين زمان

وزهمه معنى نهاني جان جان

أي توهم بيدا ونيهان آمده

بنده عطارت ثنا خوان أمده

المؤلِّف:

بالتأمل في هذه الأبيات، يظهر أنّ قائلها كان يعتقد ولادته (عليه السلام) وينتظر ظهوره (عليه السلام) آناً بعد آن، اللّهمّ عجّل فرجه، وسهّل مخرجه، واجعلنا من أنصاره وأعوانه، والذابّين عنه والمستشهدين بين يديه.

6 - ومنهم، الشيخ محيي الدين أبو عبد الله محمّد بن علي بن محمّد، المعروف بابن الحاتمي الطائي، الأندلسي، الشافعي (المتوفّى سنة 638 هـ)، المدفون بصالحية الشام وقبره مزار، فإنّه قال في (الباب 366) من كتاب الفتوحات: اعلموا أنّه لابد من خروج المهدي (عليه السلام)، لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، ولو لم

١٨٦

يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله تعالى ذلك اليوم، حتى يَلِي ذلك الخليفة، وهو من عِترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مِن وِلد فاطمة (رضي الله عنها)، جده الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الحسن العسكري، ابن الإمام علي النقي (بالنون) ابن محمّد التقي (بالتاء) ابن الإمام علي الرضا، بن الإمام موسى الكاظم، بن الإمام جعفر الصادق، بن الإمام محمّد الباقر، بن الإمام زين العابدين، بن الإمام الحسين، بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم)، يواطي اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق - بفتح الخاء -، وينزل عنه في الخُلق - بضمّها -، إذ لا يكون أحدٌ مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه، والله تعالى يقول: ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ، هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسِّم المال بالسّوية، ويعدل في الرعيّة، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي، أعطني - وبين يديه المال، فحيثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، (ثمّ نقل أوصافه وبعض أفعاله).

وهذه الأمور ذكرها ابن الصبان في إسعاف الراغبين (باب 2، ص131 – 133) بهامش نور الأبصار (ص131 – 133)، وقد أخرجنا جميعها في باب أوصافه (عليه السلام) وأوصاف أصحابه في (باب 19)، قالوا: ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام (عليه السلام) - وقد ذكره في الفتوحات (باب 366) - أيضاً:

هو السيّد المهدي من آل أحمد

هو الصارم الهندي حين يبيد

هو الشمس يجلو كل غمّ وظلمة

هو الوابل الوسمي حين يجود

وفي ينابيع المودّة (ص467)، قال: قال الشيخ محيي الدين العربي في كتابه: (عنقاء المغرب في بيان المهدي الموعود ووزرائه) هذه الأبيات:

فعند فنا خاء الزمان ودالها

على فاء مدلول الكرور يقوم

مع السبعة الأعلام والناس غُفّل

عليم بتدبير الأمور حكيم

فأشخاصهم خمس وخمس وخمسة

عليهم ترى أمر الوجود يقيم

١٨٧

ومَن قال أن الأربعين نهاية

لهم فهو قول يرتضيه كليم

وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد

طريقهم فرد إليه قويم

فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها

وثامنهم عند النجوم لزيم

قال في ينابيع المودّة (ص467): وذكر أيضاً في الفتوحات المكية في (الباب 366)، منزلَ وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان، الذي بشّر به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو من أهل البيت، أنّ لله خليفة يخرج، وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً، فيملأها قسطاً وعدلاً، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي من عِترة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يبايع بين الركن والمقام، أسعد الناس به أهل الكوفة، ويقسِّم المال بالسوية ويعدل في الرعية، ويفصل في القضية، يخرج على فترة من الدين، ومَن أبى قُتل، ومَن نازعه خُذل، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه، ما لو كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيّا لحكم به، يرفع المذاهب من الأرض، فلا يبقى إلاّ الدين الخالص، وأعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد، فيدخلون كرهاً تحت حكمه، خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه، يفرح به عامة المسلمين، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق، عن شهود وكشف بتعريف إلهي، وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه، وهم الوزراء، يحملون أثقال المملكة، قال:

هو السيّد المهدي من آل أحمد، هو الوابل الوسمي، حين يجود، وهو خليفة مسدّد يفهم منطق الحيوان، ويسري عدله في الإنس والجان، ووزراؤه من الأعاجم، ما فيهم عربي لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربية، لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط، هو أخصّ الوزراء وأفضل الأمناء.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبان الشافعي الحديث في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار (ص131- 133)، وفي لفظه اختلاف وزيادة ونقصان عمّا في ينابيع المودّة، وكليهما نقلاً ذلك من الفتوحات. ولو قلنا

١٨٨

أنّ التغيير من الشيخ سليمان القندوزي كان أولى؛ لأنّه متأخر عنه فإنّ وفاته (سنة 1294)، ووفاة ابن الصبّان في (سنة 1206)، وإن كان يُحتمل أنّ التغيير في النقل من فعل الغير، وعلى كلٍ، ننقل لفظ ابن الصبّان الشافعي، وغيره، ممّن تكلم في الموضوع، وعلى المُراجِع اختيار ما رآه صحيحاً في نظره.

قال في إسعاف الراغبين بهامش (ص131) من نور الأبصار: اعلم أنّه لابد من خروج المهدي (عليه السلام)، وذكر الحديث إلى قوله:

  « ابن الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم)، يواطي اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يبايعه المسلمون بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخَلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخُلق - بضمِّها، إذ لا يكون أحد مثل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أخلاقه؟ أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسِّم المال بالسوية، ويعدل به في الرعية، يمشي الخضر ين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعا، يقفوا أثر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يخطئ، له مَلك يسدّده من حيث لا يراه، يفتح المدينة الرومية بالتكبير، مع سبعين ألفاً من المسلمين، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكّا، يعزّ الله به الإسلام بعد ذلّه، ويحييه بعد موته، ويضع الجزية، ويدعو إلى الله تعالى بالسيف، فمن أبى قُتِل، ومَن نازعه خُذِل، يحكم بالدين الخالص عن الرأي، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء، فينقبضون منه لذلك، لظنّهم أنّ الله تعالى لا يحدث بعد أئمتهم مجتهدا، وأطال في ذكر وقائعه معهم، ثمّ قال: واعلم أنّ المهدي إذا خرج يفرح به جميع المسلمين خاصّتهم وعامّتهم، وله رجال إلهيّون يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء له يتحمّلون (أثقال) المملكة، ويعينونه على ما قلّده الله، ينزل عليه عيسى ابن مريم بالمنارة البيضاء شرقيّ دمشق مُتكئاً على مَلكين مَلك عن يمينه ومَلك عن يساره، إلى أن يقول: وفي زمانه يَقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويخسف بجيشه

١٨٩

في البيداء. إلى أن يقول في محل آخر من الفتوحات: قد استوزر الله تعالى للمهدي طائفة خبّأهم الله تعالى في مكنون غيبه، أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله في عباده، فلا يفعل المهدي شيئاً إلاّ بمشاورتهم، وهم على أقدام رجال من الصحابة، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي، لكن لا يتكلمون إلاّ بالعربية، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قطّ، هو أخصّ الوزراء »، الحديث.

المؤلِّف:

بالمراجعة إلى ألفاظ هذا الحديث والحديث الذي أخرجناه نقلاً من ينابيع المودّة، تعرف ما فيها من الاختلاف والزيادة والنقصان.

المؤلِّف:

وقد ذكر - فيما ذُكر - في الفتوحات: أنّ الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) يشبه رسول الله في الخَلق ولا يشبهه في الخُلق، إذ لا يكون مُثل رسول الله أحد، فنقول: وردت أخبار عديدة أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبر أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) يشبهه في الخَلقِ والخُلق. وبعد ثبوت تلك الأحاديث. وقد أخرجناها في أوصاف الإمام المهدي في باب (19) وفي باب قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « إنّ المهدي من وُلدي، ومن عترتي، ومنّي »في باب (3). فالاستبعاد من محيي الدين بن العربي في غير محلّه، والأخذ بأقوال الرسول في وَلده الإمام المهدي (عليه السلام) أولى من الأخذ باجتهادات محيي الدين بن العربي؛ لأنّ النبي أعرف بصفات ولَده من كل أحد والتأسي به أولى من التأسي بغيره: ( لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ، (الأحزاب: 21).

المؤلِّف:

أخرج في مشارق (ص104) في الفصل الثاني، ما أخرجه ابن الصبان في إسعاف الراغبين نقلاً من الفتوحات، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبان.

وأخرجه القاضي حسين بن محمّد بن الحسن الديار بكري المالكي المتوفّى (سنة 966) في كتابه تاريخ الخميس (ج2،ص321). وفي لفظه اختصار واختلاف، ومن العجيب أنّه ينقل ذلك من الفتوحات المكّية ولكن

١٩٠

ينقل ذلك بالمعنى ويتصرّف في ألفاظه، وهذا نصّه:

في تاريخ الخميس (ج2، ص321) نقلاً من الفتوحات المكّية، قال عند ذكره الإمام المهديّ (عليه السلام)، قال، قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يكون من عِترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، من وُلد فاطمة (عليها السلام)، اسمه اسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وكنيته كنية جده حسن بن علي، يبايع له بين الركن والمقام، يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق، عن شهود وكشف بتعريف إلهي، رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء، يحملون أثقال المملكة، ويعينونه على ما قلّده الله تعالى، ثمّ قال: فإنّ الله يستوزر له طائفة، خبّأ لهم في مكنون غيبه، أطلعهم الله كشفاً وشهوداً على الحقائق. ثمّ قال: وهذا الخليفة يفهم منطق الحيوان ويسري عدله في الإنس والجان.

المؤلِّف:

العجب من وقاحة هذا الديار بكري؛ كيف يتصرّف بهواه وينقل الحديث وفق مذهبه، مع أنّ الكتاب الذي ينقل منه الحديث ذكر خِلافه، وقد تقدّم أنّ محيي الدين ذكر في الفتوحات أنّ جد المهديّ (عليه السلام) الحسين بن علي. ولكن هذا يخالف الكتاب وينسب إليه ما ليس فيه، ويقول: إنّ جده حسن بن علي. ومن العجيب أنّ هذا لا يحتمل أنّ أحداً يرى كتاب الفتوحات ويعرف كذبه في النسبة إليه ما ليس فيه.

7 - ومنهم، الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي (المتوفّى سنة 658)، فإنّه أخرج في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان (ص336، باب 25)، وقال: في الدلالة على جواز بقاء المهديّ (عليه السلام)، قال: إنّ المهديّ وَلد الحسن العسكري، فهو حي موجود باق منذ غيبته إلى الآن (كما في ينابيع المودّة، ص471).

المؤلِّف:

ومن الينابيع يظهر أنّ في كتاب البيان سقط، وهو ما ذكرناه في الهامش. ولا امتناع في بقائه، بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر

١٩١

من أولياء الله تعالى، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونين من أعداء الله تعالى، وهؤلاء قد ثبت بقائهم بالكتاب والسنّة، وقد أُتفق عليه (هذا) قال: ثمّ أنكروا جواز بقاء المهديّ، ثمّ قال: وها أنا أُبيّن بقاء كل واحد منهم (أي: الأولياء والأعداء) فلا يسمع بعد هذا العاقل إنكار جواز بقاء المهديّ (عليه السلام) - ثمّ أخذ في إثبات جواز بقائهم - وقال:

أمّا بقاء عيسى (عليه السلام)، فالدليل على بقائه قوله تعالى: ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ِ ) ، قال: ولم يؤمن به أحد منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا ولا بد أن يكون ذلك في آخر الزمان.

المؤلِّف:

لا تقبل هذه الدعوى من الكنجي، فإنّ عدم اطلاعه على مَن آمن بالحجّة (عليه السلام) لا يدلّ على عدم وقوعه، بل من المسلّم الثابت أنّ كثيراً من أهل الكتاب آمنوا به (عليه السلام) ودخلوا في الإسلام ودخلوا في دين الإمامية، ولكن وردت أحاديث كثيرة على أنّ عيسى (عليه السلام) صُعد به إلى السماء لمّا أرادت اليهود قتله، وهو باق في السماء حي يرزق، حتى ينزل إلى الأرض بعد ظهور الإمام المهديّ (عليه السلام)، ويصلّي خلفه، وبواسطته تؤمن جميع النصارى في زمانه، ويكونون من أصحاب الإمام المهديّ (عليه السلام)، وعيسى (عليه السلام) رئيسهم وأميرهم وأمير جيش الإمام، ويفتح كثيراً من البلدان.

راجع باب أحوال عيسى (عليه السلام)، وصلاته خلف الإمام المهديّ (عليه السلام)، ترى ما تحب أن ترى وما يثبت المطلوب، وعلى كلٍ، فبقاء عيسى حياً إلى عصرنا لا شكّ فيه، وتؤيده الأحاديث الكثيرة المروية في كتب الصحاح من أهل السنّة والإمامية، ومنها ما أخرجه مسلم في صحيحه (ج2، ص500)، وهو قوله: « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم » .

المؤلِّف:

وأخرج الحديث البخاري في صحيحه (ج13، ص357، ط/ الهند، سنة 1372 هـ)، وقال، روى أبو هريرة، قال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ».

١٩٢

وأخرج الحديث في سنن ابن ماجه (ج2، ص267)، ولفظه يساوي لفظ البخاري.

وفي الحاوي للفتاوي (ج2، ص167)، قال: روى أبو داود وابن ماجه بسنديهما، عن أبي أمامة الباهلي أنّه، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحدّثنا عن الدجّال وذكر ما يفعله الدجال، إلى أن يقول: « وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدّم يصلي الصبح إذ نزل عيسى بن مريم، والإمام في صلاة الصبح فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى؛ ليتقدم عيسى يصلي بهم، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثمّ يقول: تقدم فصلِّ فإنها لك أُقيمت، فيُصلي بهم إمامهم ».

المؤلِّف:

أخرج الحديث في الملاحم والفتن (ج1، ص54، ط/ أوّل، باب 186) نقلاً من فتن نعيم، وقال: أخرجه عن أبي إمامة الباهلي، قال: ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الدجّال، فقالت أم شريك: فأين المسلمون يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: « ببيت المقدس يخرج (أي: الدجّال) حتى يحاصرها، وإمام المسلمين يومئذٍ رجل صالح، فيقال له: صلِّ الصبح، فإذا كبّر ودخل فيها نزل عيسى بن مريم (من السماء) فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فرجع القهقرى، (وهو في الصلاة) فيتقدم (عيسى) فيضع يده بين كتفيه ثمّ يقول: صلِّ، فإنّما أُقيمت لك، فيصلي عيسى وراءه » .

وفي مشارق الأنوار (ج2، ص322)، قال: « ينزل عيسى في زمانه (أي: زمان الإمام المهديّ - عليه السلام) بالمنارة البيضاء شرقي دمشق آخر الليل، ويأتيه المهديّ فيجتمع عليه، ويطلبه الناس وقت الصبح (أي: ليصلي بهم) فيمتنع ويقول: إمامكم منكم، فيتقدم المهديّ بعيسى تكرمة لهذه الأمّة ونبيها » .

١٩٣

المؤلِّف:

يظهر من هذه الأحاديث وأمثالها، أنّ عيسى (عليه السلام) بقي حياً إلى أن صلّى وراء الإمام المهديّ (عليه السلام)، فعليه، لا بُعدَ في أن يبقى الإمام المهديّ حيّاً كما بقي عيسى حياً. وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): « يكون في أمّتي ما كان في الأمم السالفة، فكما بقي عيسى - وهو من الأمم السالفة - فكذلك بقي الإمام » .

وأمّا بقاء الخُضر أو إلياس فمِن المسلّمات عند المسلمين، فكما أطال الله بقاء الخُضر كذلك أراد بقاء الإمام المهديّ (عليه السلام)؛ لأنّه حجّة الله في أرضه، ولولا بقاؤه لم تبقَ الأرض؛ فإنّ بقاء الأرض ببركته.

وفي تذكرة خواص الأئمّة (ص376، ط/ النجف الأشرف) قال، قال السّدي: يجتمع المهديّ وعيسى بن مريم، فيجئ وقت الصلاة فيقول المهديّ لعيسى تقدّم، فيقول عيسى: « أنت أولى بالصلاة » فيصلّي عيسى وراءه مأموراً، ثمّ يذكر سبب صلاة عيسى خلف الإمام حسب اجتهاده ونظرياته. ثمّ يذكر المعمّرين، ويقوي القول ببقاء الإمام (عليه السلام) وينكر على مَن استبعد ذلك؛ لأنّه له نظائر في الدنيا قبل الإسلام وبعد الإسلام.

وقال الكنجي أيضاً، في كفاية الطالب (ص312) أنّ أبا محمّد الحسن العسكري ابنه (عليه السلام) وهو الإمام بعده، وإنّ مولده (أي: الحسن العسكري) بالمدينة في شهر ربيع الأوّل (سنة 232)، وقُبض يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأوّل (سنة 260)، وله يومئذٍ ثمان وعشرون سنة، ودُفِن في داره بسرّ مَن رأى في البيت الذي دُفن فيه أبوه (عليّ الهادي - عليه السلام)، وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر.

ثمّ قال: وسنذكره - أي: الإمام المنتظر- منفرداً (أي: في كتاب خاص) فكتب فيه (عليه السلام) كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان - عليه السلام - وهو كتاب مطبوع يوجد في الأسواق.

١٩٤

8- ومنهم، الشيخ جلال الدين محمّد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي (المتوفّى سنة 672)، فإنّه ذكر في ديوانه الكبير، وذكر ذلك الشيخ سليمان في ينابيع المودّة (ص473)، قال: أنشد هذه الأبيات (في أحوال أهل البيت عليهم السلام ومنهم المهديّ المنتظر - عليه السلام -).

أي سرور مردان عليّ مردان سلامت ميكند

وي صفدر مردان، مردا على سلامت ميكند

إلى أن يقول:

با قاتل كفار كو، با دين وبا ديندار كو

با حيدر كوار كو، مستان سلامت ميكند

با درج دو كو هر بكو با برج دو اختر بكو

باشبّر وشبير بكو مستان سلامت ميكند

با زين دين عابد بكو بانور دين باقر بكو

يا جعفر صادق بكو مستان سلامت ميكند

با موسى كاظم بكو با طوسي عالم بكو

با تقي قائم بكو مستان سلامت ميكند

بامير دين هادي بكو با عسكري مهدي بكو

با آن ولي مهدي بكو مستان سلامت ميكند

با باد نوروزي بكو با بخت فيروزي بكو

با شمس تبريزي بكو مستان سلامت ميكند

9 - ومنهم، الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي (المتوفّى سنة 764)، فإنّه قال في شرح الدائرة كما في ينابيع المودّة (ص471): إنّ المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمّة، أوّلهم سيّدنا عليّ وآخرهم المهديّ رضي الله عنهم، ونفعنا الله بهم.

10 - ومنهم ، الشيخ جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنّا (المتوفّى سنة 828 هـ) فإنه أخرج في كتابه عمدة الطالب (ص186 – 188، طبع/ النجف الأشرف، سنة 1323 هـ)، قال: أمّا عليّ الهادي فيلقّب العسكري؛ لمقامه بسرّ مّن رأى وكانت تسمى العسكر، وأُمّه أُم ولد، وكان (عليه السلام) في غاية الفضل ونهاية النبل، أشخصه المتوكل إلى سرّ مَن رأى فأقام بها إلى أن توفي (مسموم)، وأعقب من رجلين هما الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)، كان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام محمّد المهديّ (صلوات الله عليه) ثاني عشر الأئمّة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم من أُم وَلد اسمها نرجس.

١٩٥

11 - ومنهم، الشيخ أبو عبد الله أسعد بن عليّ بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليمني المكّي الشافعي (المتوفّى سنة 768) فإنّه أخرج في كتابه مرآة الجِنان (ج2، ص107، و ص 172، طبع/ حيدر آباد الدكن، سنة 1328هـ)، قال: وفي (سنة 260) توفي الشريف العسكري أبو محمّد الحسن بن عليّ، بن محمّد، بن عليّ، بن موسى الرضا، بن جعفر الصادق، أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، وهو والد (الإمام) المنتظر صاحب السرداب، ويُعرف بالعسكري وأبوه أيضاً يُعرف بهذه النسبة. توفي في يوم الجمعة سادس ربيع الأوّل، وقيل ثامنه، وقيل غير ذلك من السنة المذكورة ودُفِن بجنب قبر أبيه بسرّ مَن رأى.

12 - ومنهم ، العلاّمة السيّد عليّ بن شهاب الدين الهمداني الشافعي (المتوفّى سنة 786)، فإنّه أخرج في كتابه المودّة القربى، في المودّة العاشرة، أحاديث عديدة فيها إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام)، وإنّه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً.

المؤلِّف:

جميع كتاب المودّة القربى أدخله السيّد سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة، وهو مطبوع فيه من (ص 242 – 266).

١٩٦

13 - ومنهم ، الشيخ شهاب الدين الدولة أبادي (المتوفّى سنة 849 هـ)، وله مؤلفات عديدة في التفسير والمناقب، وله كتاب سمّاه هداية السعداء، وذكر فيه أسماء الأئمّة الاثني عشر عند الإمامية، وذكر أحاديث في أحوال الإمام الحجّة المنتظر ابن الحسن العسكري، وذكر فيه أنّه غائب عن الأبصار وله عمر طويل، كما عمّر مثله من المؤمنين: عيسى، وإلياس، والخُضر، ومن الكافرين: الدجّال والشيطان والسامِري.

14 - ومنهم، شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد الذهبي الشافعي (المتوفّى سنة 804)، فإنّه أخرج في كتابه دول الإسلام (ج1، ص122، طبع/ حيدر آباد، سنة 1337)، وقال: بأنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) من أولاد الإمام الحسن العسكري، وهو باقٍ إلى أن يأذن الله له بالخروج، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.

15 - ومنهم، الشيخ عليّ بن محمّد بن أحمد المالكي المكّي، المعروف بابن الصبّاغ (المتوفّى سنة 855 هـ)، فإنّه أخرج في كتابه الفصول المهمّة (ص273، و ص274، من الباب 12) أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام)، وذكر ولادته وتاريخها، وقال: إنّ أُمّه نرجس خير أَمَة. قال:

ولِد أبو القاسم محمّد بن الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ مَن رأى ليلة النصف من شعبان (سنة 255 هـ). وأمّا نسبه أباً وأُماً فهو أبو القاسم، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص، بن عليّ الهادي، بن محمّد الجواد، بن عليّ الرضا، ابن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن عليّ (زين العابدين)، بن الحسين، بن عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين)، وأمّا أُمّه فأُمّ ولد يقال لها: نرجس، خيرُ أَمَة، وقيل: اسمها غير ذلك، وأمّا كنيته فأبو القاسم، وأمّا لقبه فالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم المنتظر، وصاحب الزمان، وأشهرها المهديّ، صفته (عليه السلام): شاب مربوع القامة، حسن الوجه والبشرة، يسيل شعره على

١٩٧

منكبيه، أقنى الأنف، أجلى الجبهة، بوّابه محمّد بن عثمان، معاصره المعتمد (العبّاسي).

المؤلِّف:

لا يخفى على أهل الحديث، أنّ الأوصاف التي ذكرها ابن الصباغ للإمام المهديّ (عليه السلام) هي أوصاف ذكرها له جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقد ذكرناها مع غيرها في باب أوصافه (عليه السلام)، ثمّ إنّ ابن الصباغ ذكر بعض مَن دَوَّنَ أوصافه وأحواله (عليه السلام) في كتاب خاص، قال:

وممّن جمع أحواله من العلماء الشيخ جمال الدين أبو عبد الله، محمّد بن إبراهيم الشهير بالنعماني، في كتابه الذي صنّفه في الغيبة وطول الغيبة، قال: وجمع الحافظ أبو نعيم أربعين حديثاً في أمر المهديّ خاصة، قال: وصنّف الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في أحوال الإمام المهديّ (عليه السلام) كتابه الذي سمّاه البيان في أخبار صاحب الزمان.

المؤلِّف:

أمّا كتاب الغيبة للشيخ النعماني، فمطبوع مبذول. وأمّا كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان (عليه السلام) فكذلك مطبوع يباع في الأسواق. وأمّا الأربعين للحافظ أبي نعيم، فقد أخرج جميعها المجلسي في (ج13، من البحار ص19- 21، طبع أوّل سنة 1305)، و (ص78 – 85، من الطبع الجديد الثاني، سنة 1384، في طهران).

وأخرجها السيّد العلاّمة السيّد هاشم البحراني في غاية المرام (ص) ونحن - إنشاء الله تعالى - نطبعه مع كتاب عِقد الدرر، وكتاب القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر، تأليف ابن حجر الهَيْتَمي الشافعي، مؤلِّف الصواعق. نطبع الكتب الثلاثة في ذيل كتابنا المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام) ليسهل المراجعة إليها، حيث إنّا أدخلنا في كتابنا الأحاديث النبوية المذكورة في تلك الكتب، وفي غيرها من كتب علماء أهل السنّة. وقد نقلنا في كتابنا ممّا يزيد على مائة كتاب من كتب علماء السنّة، راجع مصادر الكتاب.

١٩٨

16- ومنهم، الشيخ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي بن عبد الله، وهو سبط ابن الجوزي المعروف، المتوفّى (سنة 654). قال سبط ابن الجوزي الحنفي، في كتابه تذكرة خواص الأئمّة (ص88، ط/ أوّل، في إيران، سنة 1287 هـ):

فصلٌ، الحسن بن عليّ، بن محمّد، بن عليّ، بن موسى الرضا، بن جعفر، بن محمّد، بن عليّ، بن الحسين، ابن عليّ بن أي طالب، وأُمّه أُمّ ولدٍ اسمها سوسن، وكنيته أبو محمّد، ويقال له العسكري أيضا، ولِد (عليه السلام) سنة (231 ه) بسّر مَن رأى، وتوفي بها سنة (260 هـ)، في خلافة المعتمد على الله (العبّاسي). وكان سنّه (عند الوفاة) تسعاً وعشرون سنة.

ثمّ قال: وأولاده (أي: أولاد الإمام الحسن العسكري) منهم محمّد الإمام. ثمّ قال: فصلٌ، هو محمّد بن الحسن، بن عليّ، بن محمّد، بن عليّ، بن موسى الرضا، بن جعفر، بن محمّد، بن عليّ، بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكنيته أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان، القائم، المنتظر، التالي، وهو آخر الأئمّة.

ثمّ قال: أنبأ عبد العزيز بن محمود بن البزار، عن ابن عمر، قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): « يخرج في آخر الزمان، رجل من ولدي اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً، فذلك المهديّ » . ثمّ قال - سبط ابن الجوزي - وهذا الحديث مشهور. وقد أخرج أبو داود، والزهري، عن عليّ بمعناه. ثمّ قال: ويقال له ذو الاسمين، محمّد وأبو القاسم، قال: قالوا أُمّه أُمُّ وَلد يقال لها: صيقل.

المؤلِّف:

بالمراجعة إلى أوصاف الإمام المهديّ الموعود المنتظر (عليه السلام)، ترى أنّ لأم الإمام (عليه السلام) ذكروا أسماء عديدة؛ وإنّما سُميّت بالأسماء العديدة لعادة العرب حيث تسمِّى نساءها بأسماء عديدة. ويمكن أن نقول: إنّما سُميّت بالأسماء العديدة لئلاّ تُعرف ويؤخذ وَلدها ويُقتل، كما قُتل آباؤه (عليهم السلام) من قَبل، وكان الإمام الحسن العسكري يخفيها ويخفي ولدها الحجّة إلاّ لبعض خواصِّه

١٩٩

17- ومنهم، شهاب الدين أحمد بن حَجَر الهَيْتَمي، نزيل مكّة المشرّفة، الشافعي المتوفّى (سنة 993) فإنّه أخرج في الصواعق المحرقة له (ص 127، ط/ مصر، سنة 1308)، وقال - عند ذكره الأئمّة الاثني عشر -: أبو محمّد الحسن الخالص ولد (سنة 232 هـ).

ثمّ ذكر كرامة من كراماته المعروفة وقضيّة الاستسقاء في سامراء، وقضية الراهب الذي كان يحمل في يده من عظام بعض الأنبياء، وإذا أخرجه كانت تمطر السماء وإذا ستره يقف المطر، فعرف ذلك الإمام فأخذ منه العظم وكلما دعا لم تمطر، فخرج الناس من الاشتباه وعرفوا حيلة العالم النصراني. قال: وكان الإمام الحسن العسكري عزيزاً مكرّماً إلى أن مات بسرّ مَن رأى ودُفِن عند أبيه (عليّ الهادي) وعمره ثمان وعشرون سنة. قال: ويقال إنّه سُمّ أيضاً (كما سمّوا آباؤه الكرام). قال: ولم يخلِّف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة، وعمره عند وفاة أبيه (كان) خمس سنين آتاه الله الحكمة، قال: ويسمّى القائم المنتظر. قيل: لأنّه سُتِر وغاب فلم يُعرف أين (هو) ذهب. انتهى ما في الصواعق لابن حجر، مع الأختصار.

المؤلِّف:

انتهى باختصار ألفاظه. وقد ذكر في (ص100 – 103) الأحاديث المروية عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حقه. وأخرجنا أكثره في الكتاب (المهديّ الموعود المنتظر - عليه السلام) بمناسبة الأبواب. وقد أخرج الشيخ سليمان القندوزي الحنفي ما ذكره في الصواعق المحرقة لابن حَجَر في ينابيع المودّة (ص452) مفصّلا، والطالب يراجع ذلك يرى ما يحب، فإنّه ذكر القضية مفصّلاً.

18- ومنهم، الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي، المتوفّى بعد (سنة 1154)، فإنّه أخرج في كتابه الإتحاف بحب الأشراف (ص178، طبع/ مصر، سنة 1316)، وقال: الحادي عشر من الأئمّة، الحسن الخالص، ويلقّب بالعسكري، ولِد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة

٢٠٠