كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 454

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 454
المشاهدات: 82921
تحميل: 6344


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82921 / تحميل: 6344
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية

و التدابر تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيه أستودعكم الله خير مستودع و عليكم سلام الله و رحمته.قلت قوله و الله الله في الأيتام فلا تغيرن أفواههم بجفوتكم يحتمل تفسيرين أحدهما لا تجيعوهم فإن الجائع يخلف فمه و تتغير نكهته و الثاني لا تحوجوهم إلى تكرار الطلب و السؤال فإن السائل ينضب ريقه و تنشف لهواته و يتغير ريح فمه.و قوله حكاية عن رسول الله ص أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم يعني به الحيوان الناطق و الحيوان الأعجم.

قال أبو الفرج و حدثني أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناد ذكره في الكتاب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال لي الحسن بن علي ع خرجت و أبي يصلي في المسجد فقال لي يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدر لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله ص فقلت يا رسول الله ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد فقال لي ادع عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم خيرا منهم و أبدلهم بي من هو شر مني قال الحسن ع و جاء ابن أبي الساج فأذنه بالصلاة فخرج فخرجت خلفه فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق و أما الآخر فأثبتها في رأسه.قال أبو الفرج قال حدثني أحمد بن عيسى قال حدثنا الحسين بن نصر قال

١٢١

حدثنا زيد بن المعدل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن فضيل بن خديج عن الأسود الكندي و الأجلح قالا توفي علي ع و هو ابن أربع و ستين سنة في عام أربعين من الهجرة ليلة لإحدى و عشرين ليلة الأحد مضت من شهر رمضان و ولي غسله ابنه الحسن و عبد الله بن العباس و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و صلى عليه ابنه الحسن فكبر عليه خمس تكبيرات و دفن بالرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.هذه رواية أبي مخنف.

قال أبو الفرج و حدثني أحمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن العلوي قال حدثنا يعقوب بن زيد عن ابن أبي عمير عن الحسن بن علي الخلال عن جده قال قلت للحسين بن علي ع أين دفنتم أمير المؤمنين ع قال خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على منزل الأشعث بن قيس ثم خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري.قلت و هذه الرواية هي الحق و عليها العمل و قد قلنا فيما تقدم إن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الأجانب و هذا القبر الذي بالغري هو الذي كان بنو علي يزورونه قديما و حديثا و يقولون هذا قبر أبينا لا يشك أحد في ذلك من الشيعة و لا من غيرهم أعني بني علي من ظهر الحسن و الحسين و غيرهما من سلالته المتقدمين منهم و المتأخرين ما زاروا و لا وقفوا إلا على هذا القبر بعينه.و قد روى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم وفاة

١٢٢

أبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي المعروف بأبي لجوده قراءته قال توفي أبو الغنائم هذا في سنة عشر و خمسمائة و كان محدثا من أهل الكوفة ثقة حافظا و كان من قوام الليل و من أهل السنة و كان يقول ما بالكوفة من هو على مذهب أهل السنة و أصحاب الحديث غيري و كان يقول مات بالكوفة ثلاثمائة صحابي ليس قبر أحد منهم معروفا إلا قبر أمير المؤمنين و هو هذا القبر الذي يزوره الناس الآن جاء جعفر بن محمد ع و أبوه محمد بن علي بن الحسين ع إليه فزاراه و لم يكن إذ ذاك قبرا معروفا ظاهرا و إنما كان به سرح عضاه حتى جاء محمد بن زيد الداعي صاحب الديلم فأظهر القبر.و سألت بعض من أثق به من عقلاء شيوخ أهل الكوفة عما ذكره الخطيب أبو بكر في تاريخه أن قوما يقولون إن هذا القبر الذي تزوره الشيعة إلى جانب الغري هو قبر المغيرة بن شعبة فقال غلطوا في ذلك قبر المغيرة و قبر زياد بالثوية من أرض الكوفة و نحن نعرفهما و ننقل ذلك عن آبائنا و أجدادنا و أنشدني قول الشاعر يرثي زيادا و قد ذكره أبو تمام في الحماسة

صلى الإله على قبر و طهره

عند الثوية يسفي فوقه المور

زفت إليه قريش نعش سيدها

فالحلم و الجود فيه اليوم مقبور

أبا المغيرة و الدنيا مفجعة

و إن من غرت الدنيا لمغرور

١٢٣

قد كان عندك للمعروف معرفة

و كان عندك للمنكور تنكير

و كنت تغشى و تعطى المال من سعة

فاليوم قبرك أضحى و هو مهجور

و الناس بعدك قد خفت حلومهم

كأنما نفخت فيه الأعاصير

و سألت قطب الدين نقيب الطالبيين أبا عبد الله الحسين بن الأقساسيرحمه‌الله تعالى عن ذلك فقال صدق من أخبرك نحن و أهلها كافة نعرف مقابر ثقيف إلى الثوية و هي إلى اليوم معروفة و قبر المغيرة فيها إلا أنها لا تعرف و قد ابتلعها السبخ و زبد الأرض و فورانها فطمست و اختلط بعضها ببعض.ثم قال إن شئت أن تتحقق أن قبر المغيرة في مقابر ثقيف فانظر إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج علي بن الحسين و المح ما قاله في ترجمة المغيرة و أنه مدفون في مقابر ثقيف و يكفيك قول أبي الفرج فإنه الناقد البصير و الطبيب الخبير فتصفحت ترجمة المغيرة في الكتاب المذكور فوجدت الأمر كما قاله النقيب.قال أبو الفرج كان مصقلة بن هبيرة الشيباني قد لاحى المغيرة في شي‏ء كان بينهما منازعة فضرع له المغيرة و تواضع في كلامه حتى طمع فيه مصقلة فاستعلى عليه و شتمه و قال إني لأعرف شبهي في عروة ابنك فأشهد المغيرة على قوله هذا شهودا ثم قدمه إلى شريح القاضي فأقام عليه البينة فضربه شريح الحد و آلى مصقلة ألا يقيم ببلدة فيها المغيرة فلم يدخل الكوفة حتى مات المغيرة فدخلها فتلقاه قومه فسلموا عليه فما فرغ من السلام حتى سألهم عن مقابر ثقيف فأرشدوه إليها فجعل قوم من مواليه

١٢٤

يلتقطون الحجارة فقال لهم ما هذا فقالوا نظن أنك تريد أن ترجم قبر المغيرة فقال ألقوا ما في أيديكم فانطلق حتى وقف على قبره ثم قال و الله لقد كنت ما علمت نافعا لصديقك ضارا لعدوك و ما مثلك إلا كما قال مهلهل في كليب أخيه

إن تحت الأحجار حزما و عزما

و خصيما ألد ذا معلاق

حية في الوجار أربد لا ينفع

منه السليم نفثة راق

قال أبو الفرج فأما ابن ملجم فإن الحسن بن علي بعد دفنه أمير المؤمنين دعا به و أمر بضرب عنقه فقال له إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فأنظر ما صنع صاحبي بمعاوية فإن كان قتله و إلا قتلته ثم عدت إليك حتى تحكم في حكمك فقال هيهات و الله لا تشرب الماء البارد حتى تلحق روحك بالنار ثم ضرب عنقه و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جثته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.و قال ابن أبي مياس الفزاري و هو من الخوارج

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من غني و معدم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة

و ضرب علي بالحسام المصمم

فلا مهر أغلى من علي و إن غلا

و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

و قال عبد الله بن العباس بن عبد المطلب

و هز علي بالعراقين لحية

مصيبتها جلت على كل مسلم

و قال سيأتيها من الله نازل

و يخضبها أشقى البرية بالدم

فعاجله بالسيف شلت يمينه

لشؤم قطام عند ذاك ابن ملجم

١٢٥

فيا ضربة من خاسر ضل سعيه

تبوأ منها مقعدا في جهنم

ففاز أمير المؤمنين بحظه

و إن طرقت إحدى الليالي بمعظم

ألا إنما الدنيا بلاء و فتنة

حلاوتها شيبت بصاب و علقم

قال أبو الفرج و أنشدني عمي الحسن بن محمد قال أنشدني محمد بن سعد لبعض بني عبد المطلب يرثي عليا و لم يذكر اسمه

يا قبر سيدنا المجن سماحة

صلى الإله عليك يا قبر

ما ضر قبرا أنت ساكنه

ألا يحل بأرضه القطر

فليندين سماح كفك بالثرى

و ليورقن بجنبك الصخر

و الله لو بك لم أجد أحدا

إلا قتلت لفاتني الوتر

١٢٦

70 و من كلام له ع في ذم أهل العراق

أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ اَلْعِرَاقِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ اَلْحَامِلِ حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَ مَاتَ قَيِّمُهَا وَ طَالَ تَأَيُّمُهَا وَ وَرِثَهَا أَبْعَدُهَا.أَمَا وَ اَللَّهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اِخْتِيَاراً وَ لَكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ [ أَتَيْتُكُمْ ] سَوْقاً وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ قَاتَلَكُمُ اَللَّهُ تَعَالَى فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَ عَلَى اَللَّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ بِهِ كَلاَّ وَ اَللَّهِ لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا وَ لَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا وَيْلُمِّهِ كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ أملصت الحامل ألقت ولدها سقاطا و قيمها بعلها و تأيمها خلوها عن الأزواج يقول لما شارفتم استئصال أهل الشام و ظهرت أمارات الظفر لكم و دلائل الفتح نكصتم و جنحتم إلى السلم و الإجابة إلى التحكيم عند رفع المصاحف فكنتم كالمرأة الحامل لما أتمت أشهر حملها ألقت ولدها إلقاء غير طبيعي نحو أن تلقيه لسقطة أو ضربة أو عارض يقتضي أن تلقيه هالكا.ثم لم يكتف لهم بذلك حتى قال و مات بعلها و طال تأيمها و ورثها أبعدها أي لم يكن لها ولد و هو أقرب المخلفين إلى الميت و لم يكن لها بعل فورثها الأباعد عنها

١٢٧

كالسافلين من بني عم و كالمولاة تموت من غير ولد و لا من يجري مجراه فيرثها مولاها و لا نسب بينها و بينه.ثم أقسم أنه لم يأتهم اختيارا و لكن المقادير ساقته إليهم سوقا يعني اضطرارا.و صدق ع لأنه لو لا يوم الجمل لم يحتج إلى الخروج من المدينة إلى العراق و إنما استنجد بأهل الكوفة على أهل البصرة اضطرارا إليهم لأنه لم يكن جيشه الحجازي وافيا بأهل البصرة الذين أصفقوا على حربه و نكث بيعته و لم يكن خروجه عن المدينة و هي دار الهجرة و مفارقته لقبر رسول الله ص و قبر فاطمة عن إيثار و محبة و لكن الأحوال تحكم و تسوق الناس إلى ما لا يختارونه ابتداء.و قد روي هذا الكلام على وجه آخر ما أتيتكم اختيارا و لا جئت إليكم شوقا بالشين المعجمة.ثم قال بلغني أنكم تقولون يكذب و كان كثيرا ما يخبر عن الملاحم و الكائنات و يومئ إلى أمور أخبره بها رسول الله ص فيقول المنافقون من أصحابه يكذب كما كان المنافقون الأولون في حياة رسول الله ص يقولون عنه يكذب.

و روى صاحب كتاب الغارات عن الأعمش عن رجاله قال خطب علي ع فقال و الله لو أمرتكم فجمعتم من خياركم مائة ثم لو شئت لحدثتكم من غدوة إلى أن تغيب الشمس لا أخبرتكم إلا حقا ثم لتخرجن فلتزعمن أني أكذب الناس و أفجرهم

و قد روى صاحب هذا الكتاب و غيره من الرواة أنه قال إن أمرنا صعب مستصعب لا يحمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قبله للإيمان.

١٢٨

و هذا الكلام منه كلام عارف عالم بأن في الناس من لا يصدقه فيما يقول و هذا أمر مركوز في الجبلة البشرية و هو استبعاد الأمور الغريبة و تكذيب الأخبار بها و إذا تأملت أحواله في خلافته كلها وجدتها هي مختصرة من أحوال رسول الله ص في حياته كأنها نسخة منتسخة منها في حربه و سلمه و سيرته و أخلاقه و كثرة شكايته من المنافقين من أصحابه و المخالفين لأمره و إذا أردت أن تعلم ذلك علما واضحا فاقرأ سورة براءة ففيها الجم الغفير من المعنى الذي أشرنا إليه

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي و الرد عليه

و اعلم أن النظام لما تكلم في كتاب النكت و انتصر لكون الإجماع ليس بحجة اضطر إلى ذكر عيوب الصحابة فذكر لكل منهم عيبا و وجه إلى كل واحد منهم طعنا و قال في علي إنه لما حارب الخوارج يوم النهروان كان يرفع رأسه إلى السماء تارة ينظر إليها ثم يطرق إلى الأرض فينظر إليها تارة أخرى يوهم أصحابه أنه يوحى إليه ثم يقول ما كذبت و لا كذبت فلما فرغ من قتالهم و أديل عليهم و وضعت الحرب أوزارها

قال الحسن ابنه يا أمير المؤمنين أ كان رسول الله ص تقدم إليك في أمر هؤلاء بشي‏ء فقال لا و لكن رسول الله ص أمرني بكل حق و من الحق أن أقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين.قال النظام و قوله ما كذبت و لا كذبت و رفعه رأسه أحيانا إلى السماء و أطراقه إلى الأرض إيهام أما لنزول الوحي عليه أو لأنه قد أوصى من قبل في شأن الخوارج بأمر ثم هو يقول ما أوصى فيهم على خصوصيتهم بأمر و إنما أوصى بكل الحق و قتالهم من الحق.

١٢٩

و هذا عجيب طريف.فنقول إن النظام أخطأ عندنا في تعريضه بهذا الرجل خطأ قبيحا و قال قولا منكرا نستغفر الله له من عقابه و نسأله عفوه عنه و ليست الرواية التي رواها عن الحسن و سؤاله لأبيه و جوابه له بصحيحة و لا معروفة و المشهور المعروف المنقول نقلا يكاد يبلغ درجة المتواتر من الأخبار ما روي عن رسول الله ص في معنى الخوارج بأعيانهم و ذكرهم بصفاتهم

و قوله ص لعلي ع إنك مقاتلهم و قاتلهم و إن المخدج ذا الثدية منهم و إنك ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين و المارقين فجعلهم أصنافا ثلاثة حسب ما وقعت الحال عليه و هذا من معجزات الرسول ص و إخباره عن الغيوب المفصلة فما أعلم من أي كتاب نقل النظام هذه الرواية و لا عن أي محدث رواها و لقد كانرحمه‌الله تعالى بعيدا عن معرفة الأخبار و السير منصبا فكره مجهدا نفسه في الأمور النظرية الدقيقة كمسألة الجزء و مداخلة الأجسام و غيرهما و لم يكن الحديث و السير من فنونه و لا من علومه و لا ريب أنه سمعها ممن لا يوثق بقوله فنقلها كما سمعها.فأما كونه ع كان ينظر تارة إلى السماء و تارة إلى الأرض و قوله ما كذبت و لا كذبت فصحيح و موثوق بنقله لاستقامته و شهرته و كثرة رواته و الوجه في ذلك أنه استبطأ وجود المخدج حيث طلبه في جملة القتلى فلما طال الزمان و أشفق من دخول شبهة على أصحابه لما كان قدمه إليهم من الأخبار قلق و اهتم و جعل يكرر قوله ما كذبت و لا كذبت أي ما كذبت على رسول الله ص و لا كذبني رسول الله ص فيما أخبرني به.فأما رفعه رأسه إلى السماء تارة و أطراقه إلى الأرض أخرى فإنه حيث كان يرفع

١٣٠

رأسه كان يدعو و يتضرع إلى الله في تعجيل الظفر بالمخدج و حيث يطرق كان يغلبه الهم و الفكر فيطرق.ثم حين يقول ما كذبت و لا كذبت كيف ينتظر نزول الوحي فإن من نزل عليه الوحي لا يحتاج أن يسند الخبر إلى غيره و يقول ما كذبت فيما أخبرتكم به عن رسول الله ص.و مما طعن به النظام عليه

أنه ع قال إذا حدثتكم عن رسول الله ص فهو كما حدثتكم فو الله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله ص و إذا سمعتموني أحدثكم فيما بيني و بينكم فإنما الحرب خدعة.قال النظام هذا يجري مجرى التدليس في الحديث و لو لم يحدثهم عن رسول الله ص بالمعاريض و على طريق الإيهام لما اعتذر من ذلك.فنقول في الجواب إن النظام قد وهم و انعكس عليه مقصد أمير المؤمنين و ذلك أنه ع لشدة ورعه أراد أن يفصل للسامعين بين ما يخبر به عن نفسه و بين ما يرويه عن رسول الله ص و ذلك لأن الضرورة ربما تدعوه إلى استعماله المعاريض لا سيما في الحرب المبنية على الخديعة و الرأي فقال لهم كلما أقول لكم قال لي رسول الله ص فاعلموا أنه سليم من المعاريض خال من الرمز و الكناية لأني لا أستجيز و لا أستحل أن أعمي أو ألغز في حديث رسول الله ص.و ما حدثتكم به عن نفسي فربما أستعمل فيه المعاريض لأن الحرب خدعة.

١٣١

و هذا كلام رجل قد استعمل التقوى و الورع في جميع أموره و بلغ من تعظيم أمر الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام و إجلال قدره و احترام حديثه ألا يرويه إلا بألفاظه لا بمعانيه و لا بأمر يقتضي فيه إلباسا و تعمية و لو كان مضطرا إلى ذلك ترجيحا للجانب الذي على جانب مصلحته في خاص نفسه فأما إذا هو قال كلاما يبتدئ به من نفسه فإنه قد يستعمل فيه المعاريض إذا اقتضت الحكمة و التدبير ذلك فقد كان رسول الله ص باتفاق الرواة كافة إذا أراد أن يغزو وجها ورى عنه بغيره و لما خرج ع من المدينة لفتح مكة قال لأصحابه كلاما يقتضي أنه يقصد بني بكر بن عبد مناة من كنانة فلم يعلموا حقيقة حاله حتى شارف مكة و قال حين هاجر و صحبه أبو بكر الصديق لأعرابي لقيهما من أين أنت و ممن أنت فلما انتسب لهما قال له الأعرابي أما أنا فقد اطلعتكما طلع أمري فممن أنت فقال من ماء لم يزده على ذلك فجعل الأعرابي يفكر و يقول من أي ماء من ماء بني فلان من ماء بني فلان فتركه و لم يفسر له و إنما أراد ع أنه مخلوق من نطفة.فأما قول النظام لو لم يحدث عن رسول الله ص بالمعاريض لما اعتذر من ذلك فليس في كلامه اعتذار و لكنه نفي أن يدخل المعاريض في روايته و أجازها فيما يبتدئ به عن نفسه و ليس يتضمن هذا اعتذارا و قوله لأن أخر من السماء يدل على أنه ما فعل ذلك و لا يفعله.ثم قال على من أكذب يقول كيف أكذب على الله و أنا أول المؤمنين به و كيف أكذب على رسول الله و أنا أول المصدقين به أخرجه مخرج الاستبعاد لدعواهم و زعمهم.فإن قلت كيف يمكن أن يكون المكلف الذي هو من أتباع الرسول كاذبا على الله إلا بواسطة إخباره عن الرسول لأنه لا وصلة و لا واسطة بينه و بين الله تعالى إلا الرسول.

١٣٢

و إذا لم يمكن كذبه على الله إلا بكذبه على الرسول لم يبق لتقسيم الكذب و قوله أ فأنا أكذب على الله أو على رسوله معنى.قلت يمكن أن يكذب الكاذب على الله دون أن يكون كاذبا على الرسول و إن كان من أتباع الرسول نحو أن يقول كنت مع الرسول ص ليلة في مقبرة فأحيا الله تعالى فلانا الميت فقام و قال كذا أو يقول كنت معه يوم كذا فسمعت مناديا يناديه من السماء افعل كذا أو نحو ذلك من الأخبار بأمور لا تستند إلى حديث الرسول.ثم قال ع كلا و الله أي لا و الله و قيل إن كلا بمعنى حقا و إنه إثبات.قال و لكنها لهجة غبتم عنها اللهجة بفتح الجيم و هي آلة النطق يقال له هو فصيح اللهجة و صادق اللهجة و يمكن أن يعنى بها لهجة رسول الله ص فيقول شهدت و غبتم و يمكن أن يعنى بها لهجته هو فيقول إنها لهجة غبتم عن منافعها و أعدمتم أنفسكم ثمن مناصحتها.ثم قال ويلمه الضمير راجع إلى ما دل عليه معنى الكلام من العلم لأنه لما ذكر اللهجة و شهوده إياها و غيبوبتهم عنها دل ذلك على علم له خصه به الرسول ع فقال ويلمه و هذه كلمة تقال للتعجب و الاستعظام يقال ويلمه فارسا و تكتب موصولة كما هي بهذه الصورة و أصله ويل أمه مرادهم التعظيم و المدح و إن كان اللفظ موضوعا لضد ذلك

كقوله ع فاظفر بذات الدين تربت يداك و كقولهم للرجل يصفونه و يقرظونه لا أبا له.و قال الحسن البصري و هو يذكر عليا ع و يصف كونه على الحق

١٣٣

في جميع أموره حتى قال فلما شارف الظفر وافق على التحكيم و ما لك في التحكيم و الحق في يديك لا أبا لك.قال أبو العباس المبرد هي كلمة فيها جفاء و خشونة كانت الأعراب تستعملها فيمن يستعظمون أمره قال و لما أنشد سليمان بن عبد الملك قول بعض الأعراب

رب العباد ما لنا و ما لكا

قد كنت تسقينا فما بدا لكا

أنزل علينا الغيث لا أبا لكا

قال أشهد أنه لا أب له و لا صاحبة و لا ولد فأخرجها أحسن مخرج.ثم قال ع كيلا بغير ثمن لو كان له وعاء انتصب كيلا لأنه مصدر في موضع الحال و يمكن أن ينتصب على التمييز كقولهم لله دره فارسا يقول أنا أكيل لكم العلم و الحكمة كيلا و لا أطلب لذلك ثمنا لو وجدت وعاء أي حاملا للعلم

و هذا مثل قوله ع ها إن بين جنبي علما جما لو أجد له حملة.ثم ختم الفصل بقوله تعالى( وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) و هو أحسن ما ختم هذا الكلام به

خطبة الإمام علي بعد يوم النهروان

و روى المدائني في كتاب صفين قال خطب علي ع بعد انقضاء أمر النهروان فذكر طرفا من الملاحم قال إذا كثرت فيكم الأخلاط و استولت الأنباط دنا خراب العراق ذاك إذا بنيت مدينة ذات أثل و أنهار فإذا غلت فيها الأسعار و شيد فيها البنيان و حكم فيها الفساق و اشتد البلاء و تفاخر الغوغاء دنا خسوف البيداء و طاب الهرب و الجلاء و ستكون قبل الجلاء أمور يشيب منها الصغير و يعطب الكبير و يخرس الفصيح

١٣٤

و يبهت اللبيب يعاجلون بالسيف صلتا و قد كانوا قبل ذلك في غضارة من عيشهم يمرحون فيا لها مصيبة حينئذ من البلاء العقيم و البكاء الطويل و الويل و العويل و شدة الصريخ في ذلك أمر الله و هو كائن وقتا يريج فيا بن حرة الإماء متى تنتظر أبشر بنصر قريب من رب رحيم ألا فويل للمتكبرين عند حصاد الحاصدين و قتل الفاسقين عصاه ذي العرش العظيم فبأبي و أمي من عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة قد دنا حينئذ ظهورهم و لو شئت لأخبرتكم بما يأتي و يكون من حوادث دهركم و نوائب زمانكم و بلايا أيامكم و غمرات ساعاتكم و لكنه أفضيه إلى من أفضيه إليه مخافة عليكم و نظرا لكم علما مني بما هو كائن و ما يكون من البلاء الشامل ذلك عند تمرد الأشرار و طاعة أولي الخسار ذاك أوان الحتف و الدمار ذاك أدبار أمركم و انقطاع أصلكم و تشتت ألفتكم و إنما يكون ذلك عند ظهور العصيان و انتشار الفسوق حيث يكون الضرب بالسيف أهون على المؤمنين من اكتساب درهم حلال حين لا تنال المعيشة إلا بمعصية الله في سمائه حين تسكرون من غير شراب و تحلفون من غير اضطرار و تظلمون من غير منفعة و تكذبون من غير إحراج تتفكهون بالفسوق و تبادرون بالمعصية قولكم البهتان و حديثكم الزور و أعمالكم الغرور فعند ذلك لا تأمنون البيات فيا له من بيات ما أشد ظلمته و من صائح ما أفظع صوته ذلك بيات لا ينمي صاحبه فعند ذلك تقتلون و بأنواع البلاء تضربون و بالسيف تحصدون و إلى النار تصيرون و يعضكم البلاء كما يعض الغارب القتب يا عجبا كل العجب بين جمادى و رجب من جمع أشتات و حصد نبات و من أصوات بعدها أصوات ثم قال سبق القضاء سبق القضاء

١٣٥

قال رجل من أهل البصرة لرجل من أهل الكوفة إلى جانبه أشهد أنه كاذب على الله و رسوله قال الكوفي و ما يدريك قال فو الله ما نزل علي من المنبر حتى فلج الرجل فحمل إلى منزله في شق محمل فمات من ليلته

من خطب الإمام علي أيضا

و روى المدائني أيضا قال خطب علي ع فقال لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم و بين أهل الفرقان بفرقانهم و ما من آية في كتاب الله أنزلت في سهل أو جبل إلا و أنا عالم متى أنزلت و فيمن أنزلت فقال رجل من القعود تحت منبره يا لله و للدعوى الكاذبة و قال آخر إلى جانبه أشهد أنك أنت الله رب العالمين قال المدائني فانظر إلى هذا التناقض و التباين فيه

و روى المدائني أيضا قال خطب علي ع فذكر الملاحم فقال سلوني قبل أن تفقدوني أما و الله لتشغرن الفتنة الصماء برجلها و تطأ في خطامها يا لها من فتنة شبت نارها بالحطب الجزل مقبلة من شرق الأرض رافعة ذيلها داعية ويلها بدجلة أو حولها ذاك إذا استدار الفلك و قلتم مات أو هلك بأي واد سلك فقال قوم تحت منبره لله أبوه ما أفصحه كاذبا

و روى صاحب كتاب الغارات عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث

١٣٦

قال سمعت عليا يقول على المنبر ما أحد جرت عليه المواسي إلا و قد أنزل الله فيه قرآنا فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين فما أنزل الله تعالى فيك قال يريد تكذيبه فقام الناس إليه يلكزونه في صدره و جنبه فقال دعوه أقرأت سورة هود قال نعم قال أ قرأت قوله سبحانه( أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) قال نعم قال صاحب البينة محمد و التالي الشاهد أنا

١٣٧

71 و من خطبة له ع علم فيها الناس الصلاة على النبي ص

اَللَّهُمَّ دَاحِيَ اَلْمَدْحُوَّاتِ وَ دَاعِمَ اَلْمَسْمُوكَاتِ وَ جَابِلَ اَلْقُلُوبِ عَلَى فِطَرَاتِهَا شَقِيِّهَا وَ سَعِيدِهَا اِجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ وَ نَوَامِيَ بَرَكَاتِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ وَ اَلْفَاتِحِ لِمَا اِنْغَلَقَ وَ اَلْمُعْلِنِ اَلْحَقَّ بِالْحَقِّ وَ اَلدَّافِعِ جَيْشَاتِ اَلْأَبَاطِيلِ وَ اَلدَّامِغِ صَوْلاَتِ اَلْأَضَالِيلِ كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ قَائِماً بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً فِي مَرْضَاتِكَ غَيْرَ نَاكِلٍ عَنْ قُدُمٍ وَ لاَ وَاهٍ فِي عَزْمٍ وَاعِياً لِوَحْيِكَ حَافِظاً لِعَهْدِكَ مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ اَلْقَابِسِ وَ أَضَاءَ اَلطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ وَ هُدِيَتْ بِهِ اَلْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ اَلْفِتَنِ وَ اَلآْثَامِ وَ أَقَامَ بِمُوضِحَاتِ اَلْأَعْلاَمِ وَ نَيِّرَاتِ اَلْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ وَ خَازِنُ عِلْمِكَ اَلْمَخْزُونِ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ وَ بَعِيثُكَ بِالْحَقِّ وَ رَسُولُكَ إِلَى اَلْخَلْقِ اَللَّهُمَّ اِفْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي ظِلِّكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اَللَّهُمَّ وَ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ وَ اِجْزِهِ مِنِ اِبْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ اَلشَّهَادَةِ مَرْضِيَّ اَلْمَقَالَةِ ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وَ خُطْبَةٍ فَصْلٍ اَللَّهُمَّ اِجْمَعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فِي بَرْدِ اَلْعَيْشِ وَ قَرَارِ اَلنِّعْمَةِ وَ مُنَى اَلشَّهَوَاتِ وَ أَهْوَاءِ اَللَّذَّاتِ وَ رَخَاءِ اَلدَّعَةِ وَ مُنْتَهَى اَلطُّمَأْنِينَةِ وَ تُحَفِ اَلْكَرَامَةِ

١٣٨

دحوت الرغيف دحوا بسطته و المدحوات هنا الأرضون.فإن قلت قد ثبت أن الأرض كرية فكيف تكون بسيطة و البسيط هو المسطح و الكري لا يكون مسطحا.قلت الأرض بجملتها شكل كرة و ذلك لا يمنع أن تكون كل قطعة منها مبسوطة تصلح لأن تكون مستقرا و مجالا للبشر و غيرهم من الحيوان فإن المراد بانبساطها هاهنا ليس هو السطح الحقيقي الذي لا يوجد في الكرة بل كون كل قطعة منها صالحة لأن يتصرف عليها الحيوان لا يعني به غير ذلك.و داحي المدحوات ينتصب لأنه منادى مضاف تقديره يا باسط الأرضين المبسوطات قوله و داعم المسموكات أي حافظ السموات المرفوعات دعمت الشي‏ء إذا حفظته من الهوى بدعامه و المسموك المرفوع قال

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز و أطول

و يجوز أن يكون عنى بكونها مسموكة كونها ثخينة و سمك الجسم هو البعد الذي يعبر عنه المتكلمون بالعمق و هو قسيم الطول و العرض و لا شي‏ء أعظم ثخنا من الأفلاك.فإن قلت كيف قال إنه تعالى دعم السموات و هي بغير عمد.قلت إذا كان حافظا لها من الهوى بقدرته و قوته فقد صدق عليه كونه داعما لها لأن قوته الحافظة تجري مجرى الدعامة.قوله و جابل القلوب أي خالقها و الجبل الخلق و جبلة الإنسان خلقته و فطراتها بكسر الفاء و فتح الطاء جمع فطرة و يجوز كسر الطاء كما قالوا في سدرة سدرات و سدرات و الفطرة الحالة التي يفطر الله عليها الإنسان أي يخلقه عليها خاليا من الآراء

١٣٩

و الديانات و العقائد و الأهوية و هي ما يقتضيه محض العقل و إنما يختار الإنسان بسوء نظره ما يفضي به إلى الشقوة و هذا معنى

قول النبي ص كل مولود يولد على الفطرة فإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه قوله شقيها و سعيدها بدل من القلوب و تقدير الكلام و جابل الشقي من القلوب و السعيد على ما فطرت عليه.و النوامي الزوائد و الخاتم لما سبق أي لما سبق من الملل و الفاتح لما انغلق من أمر الجاهلية و المعلن الحق بالحق أي المظهر للحق الذي هو خلاف الباطل بالحق أي بالحرب و الخصومة يقال حاق فلان فلانا فحقه أي خاصمه فخصمه و يقال ما فيه حق أي خصومة.قوله و الدافع جيشات الأباطيل جمع جيشة من جاشت القدر إذا ارتفع غليانها.و الأباطيل جمع باطل على غير قياس و المراد أنه قامع ما نجم من الباطل.و الدامغ المهلك من دمغه أي شجه حتى بلغ الدماغ و مع ذلك يكون الهلاك.و الصولات جمع صولة و هي السطوة و الأضاليل جمع ضلال على غير قياس.قوله كما حمل أي لأجل أنه يحمل و العرب تستعمل هذه الكاف بمعنى التعليل قال الشاعر

فقلت له أبا الملحاء خذها

كما أوسعتنا بغيا و عدوا

أي هذه الضربة لبغيك علينا و تعديك.و قوله كما حمل يعني حمل أعباء الرسالة فاضطلع أي نهض بها قويا فرس ضليع أي قوي و هي الضلاعة أي القوة.مستوفزا أي غبر بطي‏ء بل يحث نفسه و يجهدها في رضا الله سبحانه و الوفز العجلة و المستوفز المستعجل.

١٤٠