كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

كتاب شرح نهج البلاغة13%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 454

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86624 / تحميل: 7363
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عنده ست ركعات بتسليم في كل ركعتين، لان في قبره عظام آدم وجسد نوح وأمير المؤمنينعليهم‌السلام ومن زار قبره فقد زار آدم ونوح وأمير المؤمنينعليهم‌السلام فتصلي لكل زيارة ركعتين.

٦٧ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تنشق الأرض عن أحد يوم القيامة إلّا وملكان اخذان بضبعه(١) يقولان: أجب رب العزة.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في قوله:( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ) قال ذكريا محمد ما وعدناه من العذاب.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قرء سورة والذاريات في يومه أو في ليلته أصلح الله له معيشته، وأتاه برزق واسع ونور له في قبره، بسراج يزهر إلى يوم القيامة.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قرء سورة الذاريات أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله: والذاريات ذروا فقال ابن الكوا سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن «الذاريات ذروا»؟ قال الريح، وعن الحاملات وقرا فقال: هي السحاب وعن الجاريات يسرا فقال هي السفن وعن المقسمات امرا فقال الملائكة، وهو قسم كله وخبره( إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ ) يعنى المجازاة والمكافاة.

٤ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفر وأبو عبد اللهعليهما‌السلام لا يجوز لأحد أنْ يقسم إلّا بالله تعالى والله سبحانه يقسم بما شاء من خلقه.

٥ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادقعليه‌السلام : في قول اللهعزوجل : «فالمقسمات

__________________

(١) الضبع: العضد.

١٢١

أمرا» قال: الملائكة تقسم أرزاق بنى آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن ينام فيما بينهما نام عن رزقه.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في قول الله:( إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ ) يعنى في عليٍّ و( إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ ) يعنى عليا وعلى هو الدين، وقوله،( وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ) قال: السماء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى ذات الحبك.

٧ ـ حدّثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت له: أخبرني عن قول الله:( وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ) فقال: هي محبوكة إلى الأرض ـ وشبك بين أصابعه ـ فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: «رفع السماء( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) ؟ فقال: سبحان الله أليس يقول:( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) ؟ فقلت: بلى فقال: فثم عمد ولكن لا ترونها، قلت: كيف ذلك جعلني الله فداك؟ فبسط كيف اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة، والأرض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة، والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء الرابعة فوقها قبة، والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبة، والأرض السادسة فوق السماء الخامسة والسماء السادسة فوقها قبة، والأرض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبة، وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة، وهو قول الله: «( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ) طباقا( وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ) فأما صاحب الأمر فهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوصي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائم هو على وجه الأرض، فانما ينزل الأمر إليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين، قلت فما تحتنا إلّا ارض واحدة؟ فقال: ما تحتنا إلّا ارض واحدة وان الست لهي فوقنا.

٨ ـ في مجمع البيان( ذاتِ الْحُبُكِ ) ذات الطرائق الحسنة إلى قوله: وقيل ذات

١٢٢

الحسن والزينة، عن عليٍّعليه‌السلام .

٩ ـ في جوامع الجامع وعن عليٍّعليه‌السلام حسنها وزينها.

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ) يعنى مختلف في عليٍّ اختلفت هذه الأمّة في ولايته، فمن استقام على ولاية عليٍّعليه‌السلام دخل الجنة، ومن خالف ولاية عليٍّ دخل النار، وقوله:( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) فانه يعنى عليا، فمن أفك عن ولايته إفك عن الجنة.

١١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن سيف عن أخيه عن أبيه عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ) في أمر الولاية( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) قال: من أفك عن الولاية إفك عن الجنة.

١٢ ـ في الكافي علي بن محمد، عن سهل عن أحمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا بعض أصحابنا قال: كان أبو الحسن الاوّلعليه‌السلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: هذا مقام مَن حسناته نعمه منك، وشكره ضعيف، وذنبه عظيم، وليس له إلّا دفعك ورحمتك، فانك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله ( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) طال هجوعي(١) وقل قيامي وهذا السحر وانا أستغفرك لذنبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا ثم يخر ساجدا صلوات الله عليه.

١٣ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ العبد يوقظ ثلاث مرات من الليل ؛ فان لم يقم أتاه الشيطان فبال في أذنيه قال: وسألته عن قول اللهعزوجل :( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا أقل الليالي تفوتهم لا يقومون فيها.

١٤ ـ في مجمع البيان( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ) وقيل: معناه قل ليلة

__________________

(١) الهجوع: النوم.

١٢٣

تمر بهم إلّا صلوا فيها وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

١٥ ـ( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : كانوا يستغفرون في الوتر سبعين مرة في السحر.

١٦ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن علي عن العباس بن عامر عن جابر عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ ) قال: كان القوم ينامون ولكن كلّما انقلب أحدهم قال: الحمد لله ولا اله إلّا الله والله أكبر.

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: السائل الذي يسأل، والمحروم الذي قد منع كده.

١٨ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن ابن فضال عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقولهعزوجل : «للسائل والمحروم» قال: المحروم المحارف الذي قد حرم كديده في الشراء والبيع.

١٩ ـ وفي رواية اخرى عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: المحروم الرجل ليس بعقله بأس ولا يبسط له في الرزق وهو محارف.

٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ) قال: في كل شيء خلقه اللهعزوجل آية، قال الشاعر :

وفي كل شيء له آية

تدل على انه واحد

وقوله: وفي أنفسكم أفلا تبصرون قال: خلقك سميعا بصيرا تغضب مرة وترضى مرة، وتجوع مرة وتشبع مرة، وذلك كله من آيات الله.

٢١ ـ في مجمع البيان( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) أي أفلا ترون أنها متصرفة من حال إلى حال إلى قوله: وقيل: يعنى انه خلقك سميعا بصيرا تغضب وترضى وتجوع وتشبع وذلك كله من آيات الله عن الصادقعليه‌السلام .

٢٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قال الرجل وكان زنديقا: فأخبرنى متى كان؟ قال أبو الحسنعليه‌السلام

١٢٤

انى لـمّا نظرت إلى جسدي ولم يمكنني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة اليه، علمت أنّ لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات البينات، علمت أنّ لهذا مقدرا ومنشئا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعت أبي يحدّث عن أبيهعليه‌السلام أنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين بما عرفت ربك؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم، لـما أنْ هممت فحال بيني وبين همّي ؛ وعزمت فخالف القضاء عزمي علمت أنّ المدبر غيري.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى هشام بن سالم قال: سأل أبو عبد اللهعليه‌السلام فقيل له: بما عرفت ربك؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم، عزمت ففسخ عزمي ؛ وهممت فنقض همى.

٢٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) قال: المطر ينزل من السماء، فتخرج به أقوات العالم من الأرض، وما توعدون من أخبار الرجعة والقيامة، والاخبار التي في السماء.

وفيه عن الحسن بن عليعليهما‌السلام حديث طويل وفيه: ثم سئل ملك الروم من أرزاق الخلائق؟ فقال الحسنعليه‌السلام : أرزاق الخلايق في السماء الرابعة تنزل بقدر وتبسط بقدر.

٢٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حدّثني أبي عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا فرغ أحدكم من الصلوة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء، فقال ابن سبا: يا أمير المؤمنين أليس اللهعزوجل في كل مكان؟ قال: بلى، قال فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرأ:( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) فمن أين تطلب الرزق إلّا من موضع الرزق وما وعد اللهعزوجل السماء.

١٢٥

٢٧ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: إذا فرغ أحدكم وقالعليه‌السلام نحو ما نقلناه عن علل الشرائع بحذف وتغيير غير مغير للمعنى. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: غسل الإناء وكسح الفناء(١) مجلبة للرزق.

٢٨ ـ في صحيفة السجادية في دعائه إذا اقتر عليه الرزق(٢) : «واجعل ما صرحت به من عدتك في وحيك، واتبعته من قسمك في كتابك، قاطعا لاهتمامنا بالرزق الذي تكفلت به، وحسما «(٣) » للاشتغال بما ضمنت الكفاية له، فقلت وقولك الحق الاصدق، وأقسمت وقسمك الأبر الأوفى( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) ثم قلت:( فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .

٢٩ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام وفيه يقولعليه‌السلام : اطلبوا الرزق فانه مضمون لطالبه.

٣٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل له مع بعض الزنادقة، وفيه قال السائل: فما الفرق بين أنْ ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أنْ تخفضوها نحو الأرض؟ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وذلك في علمه واحاطته وقدرته سواء.

ولكنهعزوجل أمر أوليائه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأنه جعله معدن الرزق.

٣١ ـ وباسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام قال: والذي بعث جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق نبيا أنّ الله تبارك وتعالى ليرزق العبد على قدر المروة، وان المعونة لتنزل على قدر شدة البلاء.

٣١ ـ وباسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام والذي بحث جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق نبيا أنّ الله تبارك وتعالى ليرزق العبد على قدر المروة وأنّ المعونة لتنزل على قدر شدة البلاء.

٣٢ ـ وباسناده إلى أبي البختري قال: حدّثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: يا عليُّ إنّ اليقين أنْ لا ترضى

__________________

(١، ٣) كسح البيت: كنسه وأستعير لتنقية البئر والنهر وغيره.

(٢) اقتر الرجل: قل ماله وافتقر.

١٢٦

أحدا على سخط الله، ولا تحمدن أحدا على ما أتاك الله، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله فان الرزق لا يجره حرص حريص ولا يصرفه كره كاره، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ وباسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام أنه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمّي عظني موعظة، فقالعليه‌السلام : إنْ كان اللهعزوجل كفل بالرزق فاهتمامك لماذا؟ وان كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا؟ والحديث طويل أيضا.

٣٤ ـ وباسناده إلى أبي حمزة عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فانكببت عليه فاذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي، ثم قال لي: يا عليُّ بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا حزنك فرزق الله حاضر للبر والفاجر؟ فقلت: ما على هذا أحزن وانه لكما تقول قال: يا عليّ بن الحسين هل رأيت أحدا سأل اللهعزوجل فلم يعطه؟ قلت: لا قال: نظرت فاذا ليس قدامي أحد، والحديث طويل أيضا.

٣٥ ـ وباسناده إلى إبراهيم بن أبي رجا أخي طربال قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كف الأذى وقلة الصخب(١) يزيدان في الرزق.

٣٦ ـ وباسناده إلى علي بن الحسين قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون، وذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعائه.

٣٧ ـ وباسناده إلى داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التوحيد نصف الدين، واستنزل الرزق بالصدقة.

٣٨ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن داود بن أبي يزيد وهو فرقد عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنَّ

__________________

(١) الصخب: اختلاط الأصوات والصياح الشديد.

١٢٧

الله تبارك وتعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل صلوات الله عليهم، فمروا بإبراهيم وهم مغتمون، فسلموا عليه فلم يعرفهم، وراى هيئة حسنة، فقال: لا يخدم هؤلاء أحد إلّا أنا بنفسي وكان صاحب أضياف، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه(١) ثم قربه إليهم فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة فلما راى ذلك جبرئيل حسر العمامة عن وجهه(٢) وعن رأسه فعرفه إبراهيمعليه‌السلام فقال: أنت هو؟ فقال: نعم، ومرت امرأته سارة فبشرها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وقالت ما قال اللهعزوجل ، فأجابوها بما في الكتاب العزيز، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٩ ـ في مجمع البيان:( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ) وقيل في جماعة عن الصادقعليه‌السلام .

٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن اسمعيل عن حنان عن سالم الحناط قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فقال أبو جعفر (عليه السلام): آل محمد لم يبق فيها غيرهم.

٤١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك فهل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا يعملون؟ فقال: نعم إلّا أهل بيت منهم مسلمين اما تسمع لقوله تعالى:( فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) .

٤٢ ـ وباسناده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟ فقال: إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغايط ولا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء على الطعام، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، وإنّما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا عشيرة له فيهم ولا قوم، وأنه دعاهم إلى اللهعزوجل والى الايمان به واتباعه، ونهاهم عن

__________________

(١) نضج اللحم بالطبخ: أدرك وطاب اكله.

(٢) حسر عن الشيء: كشفه.

١٢٨

الفواحش، وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه، وان اللهعزوجل لـمّا أراد عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا نذرا فلما عتوا عن امره، بعث إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فاخرجوهم منها إلى قولهعليه‌السلام : وانى نوديت من تلقاء العرش لـمّا طلع الفجر: يا جبرئيل حق القول من الله، تحتم عذاب قوم لوط فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فأقبلها من تحت سبع أرضين، ثم أعرج بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها. ودع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة، فهبطت على أهل القرية الظالمين فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها، وضربت بجناحي الأيسر على غربها فاقتلعتها يا محمد من تحت سبع أرضين إلّا منزل لوط آية للسيارة، ثم عرجت بها في خوافي جناحي(١) حتى وقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها ونباح كلابها(٢) فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل أقلب القرية على القوم، فقلبتها عليهم حتى سار أسفلها أعلاها، الحديث.

قال عز من قائل:( وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) .

٤٣ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خرجت ريح قط إلّا بمكيال إلّا زمن عاد، فانها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد.

٤٤ ـ وروى علي بن رئاب عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ للهعزوجل جنودا من الريح يعذب بها من عصاه، إلى قوله: وقال اللهعزوجل : «الريح العقيم» فأما الريح الأربع فانها أسماء الملائكة الشمال والجنوب والصبا والدبور، وعلى كل ريح منهن ملك موكل بها.

٤٥ ـ وقال علىعليه‌السلام الرياح خمسة منها الريح العقيم فتعوذوا بالله من شرها.

__________________

(١) الخوافي: ريشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحيه خفيت.

(٢) الزقاء: الصياح. والنباح: صوت الكلب.

١٢٩

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الريح العقيم تخرج من تحت الأرضين السبع، وما خرج منها شيء قط إلّا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر الخزان أنْ يخرجوا منها بقدر مثل سعة الخاتم، فغضب على الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزنة إلى الله من ذلك وقالوا يا ربنا انها عتت علينا ونحن نخاف أنْ تهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك، فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها: أخرجى على ما أمرت به، فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.

في روضة الكافي عنه عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل فيه مثل ما نقلنا عن تفسير علي بن إبراهيم من غير تغيير مغير للمعنى المراد.

٤٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه قال: قال الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام لـمّا حضرت نوحاعليه‌السلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم: اعلموا أنه سيكون من بعدي غيبة تظهر فيها الطواغيت، وان اللهعزوجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود، له سمت وسكينة ووقار. يشبهني في خلقي وخلقي، وسيهلك الله أعدائكم عند ظهوره بالريح، فلم يزالوا يرقبون هوداعليه‌السلام وينتظرون ظهوره حتى طال عليهم الأمد وقست قلوب أكثرهم ؛ فأظهر الله تعالى ذكره نبيه هوداعليه‌السلام عند اليأس منهم، وتناهي البلاء بهم، وأهلك الأعداء بالريح العقيم التي وصفها الله تعالى ذكره، فقال:( ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) ثم وقعت الغيبة بعد ذلك إلى أنْ ظهر صالحعليه‌السلام .

٤٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام فقلت: قول اللهعزوجل :( يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) فقال اليد في كلام العرب القوة والنعمة. قال الله:( وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ ) وقال:( وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ ) أي بقوة، وقال:( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) أي بقوة ويقال :

١٣٠

لفلان عندي يد بيضاء أي نعمة.

٤٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام خطبة طويلة وفيها: بتشعيره المشاعر عرف أنْ لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أنْ لا جوهر له، وبمضادته بين الأشياء عرف أنْ لا ضد له وبمقارنته بين الأشياء عرف أنْ لا قرين له ؛ ضاد النور بالظلمة، واليبس بالبلل، والخشن باللين، والصرد بالحرور(١) مؤلفا بين متعادياتها مفرقا بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله:( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ففرق بين قبل وبعد ليعلم أنْ لا قبل له ولا بعد له، شاهدة بغرائزها أنْ لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أنْ لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أنْ لا حجاب بينه وبين خلقه.

٥٠ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وروى عن زيد بن عليّ بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال: سئلت أبي سيد العابدينعليه‌السلام فقلت له: يا أبت أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فقلت: ما معنى قول موسىعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجع إلى ربك؟ قال: معناه معنى قول إبراهيم:( إِنِّي ذاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ومعنى قول موسىعليه‌السلام :( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) ومعنى قولهعزوجل :( فَفِرُّوا إلى اللهِ ) يعنى حجّوا إلى بيت الله يا بني إنّ الكعبة بيت الله: فمن حجّ بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى اللهعزوجل وقصد اليه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( فَفِرُّوا إلى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) قال حجوا إلى الله.

٥٢ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( فَفِرُّوا إلى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) قال: حجوا إلى اللهعزوجل .

__________________

(١) الصرد: البرد، فارسي معرب «سرد» بالسين.

١٣١

٥٣ ـ في مجمع البيان( فَفِرُّوا إلى اللهِ ) وقيل: معناه حجوا عن الصادقعليه‌السلام .

٥٤ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع سليمان قال المأمون فيه بعد كلام لعمران الصابي: يا عمران إنّ هذا سليمان المروزي متكلم خراسان، قال عمران: يا أمير المؤمنين انه يزعم انه واحد خراسان في النظر وينكر البداء قال: فلم لا تناظره؟ قال عمران: ذلك إليك، وكان ذلك قبل دخول الرضاعليه‌السلام المجلس، فلما دخلعليه‌السلام قال: في أي شيء كنتم؟ قال عمران يا ابن رسول الله هذا سليمان المروزي، فقال له سليمان: أترضى بأبي الحسنعليه‌السلام وبقوله فيه؟ فقال عمران: قد رضيت بقول أبي الحسن في البداء على أنْ يأتيني فيه بحجة احتج بها على نظرائى من أهل النظر، فقال المأمون: يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال: وما أنكرت من البدايا سليمان، واللهعزوجل يقول: «أولم ير( الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) ويقولعزوجل :( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ويقول( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ويقولعزوجل ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ) ويقول:( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ) ويقولعزوجل :( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) ويقولعزوجل :( وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ ) قال سليمان: هل رويت فيه عن آبائك شيئا؟ قال: نعم رويت عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال: إنّ للهعزوجل علمين، علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلّا هو، من ذلك يكون البداء، وعلما علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه، قال سليمان: أحب أنْ تنزعه لي من كتاب اللهعزوجل . فقال: قال اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ) أراد هلاكهم ثم بد الله فقال:( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) .

٥٥ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان عن أبي بصير عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام انهما قالا: إنّ الناس لـمّا كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الله تبارك وتعالى بهلاك أهل الأرض إلّا عليّا فما سواه بقوله:( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ) ثم بدا له فرحم المؤمنين ثم قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله( وَذَكِّرْ

١٣٢

فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )

٥٦ ـ في مجمع البيان وروى باسناده عن مجاهد قال: خرج عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام معتما(١) مشتملا في قميصه، فقال: لـمّا نزل:( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ ) لم يبق أحد منا إلّا أيقن بالهلكة حين قيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) فلما نزل:( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) طابت أنفسنا.

٥٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن أبي عمير قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام : ما معنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اعملوا فكلٌ ميسَّرٌ لـما خلق له؟ فقال: إنّ اللهعزوجل خلق الجن والانس ليعبدوه، ولم يخلقهم ليعصوه، وذلك قولهعزوجل ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) فيسر كلا لـما خلق له، فويل لمن استحب العمى على الهدى.

٥٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: خرج الحسين بن عليٍّ علي أصحابه فقال: أيها الناس إنّ اللهعزوجل ذكره ما خلق العباد إلّا ليعرفوه، فاذا عرفوه عبدوه، فاذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه، فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمّي فما معرفة الله؟ قال: معرفة أهل كل زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته.

٥٩ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) قال: خلقهم للأمر والنهى، والتكليف، وليست خلقته جبران يعبدوه، ولكن خلقة اختبار ليختبرهم بالأمر والنهى، ومن يطع الله ومن يعص، وفي حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله: «ولا يزالون مختلفين».

٦١ ـ في تفسير العياشي عن يعقوب بن سعيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله:( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) قال: خلقهم للعبادة، قال

__________________

(١) وفي المصدر «مغتما» بالغين المعجمة.

١٣٣

قلت: قوله:( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) فقال: نزلت هذه بعد ذلك.

قال عزّ من قائل: إنّ الله هو الرزاق الاية.

٦٢ ـ في صحيفة السجادية «أللّهم إني أخلصت بانقطاعى إليك، وأقبلت بكلي عليك، وصرفت وجهي عمن يحتاج إلى رزقك(١) وقلبت مسئلتي عمن لم يستغن عن فضلك، ورأيت أنّ طلب المحتاج إلى المحتاج سفه من رأيه، وضلة من عقله فكم قد رأيت يا الهى من أناس طلبوا العز بغيرك فذلوا، وراموا الثروة من سواك فافتقروا وحاولوا الارتفاع فاتضعوا، فصح بمعانية أمثالهم حازم وفقه اعتباره، وأرشده إلى طريق صوابه اختياره، فأنت يا مولاي دون كل مسئول موضع مسئلتي ؛ ودون كل مطلوب إليه ولي حاجتي»

٦٣ ـ وفيها «اللهم لا طاقة لي بالجهد، ولا صبر لي على البلاء، ولا قوة لي على الفقر، فلا تحظر على رزقي ولا تكلني إلى خلقك، بل تفرد بحاجتي وتول كفايتي، وانظر إلى وانظر لي في جميع أمورى، فانك إنْ وكلتني إلى نفسي عجزت عنها، ولم أقم ما فيه مصلحتها، وان وكلتني إلى خلقك تجهموني(٢) وان الجأتنى إلى قرابتي حرموني وان أعطوا أعطوا قليلا نكدا، ومنوا على طويلا، وذموا كثيرا، فبفضلك أللّهم فأغنني، وبعظمتك فانعشنى(٣) وبسعتك فابسط يدي وبما عندك فاكفني»

٦٤ ـ وفيها: «فمن حاول سد خلته من عندك، ورام صرف الفقر عن نفسه بك.

فقد طلب حاجته في مظانها وانى طلبته من وجهها، ومن توجه بحاجته إلى أحد من خلقك أو جعله سبب نجحها دونك(٤) فقد تعرض للحرمان، واستحق من عندك فوت الإحسان، أللّهم ولي إليك حاجة قد قصر عنها جهدي، وتقطعت دونها حيلى

__________________

(١) وفي المصدر «رفدك» مكان «رزقك».

(٢) تجهمه: استقبله بوجوه عبوس كريه.

(٣) أنعش الله فلانا: رفعه وأقامه.

(٤) نجح فلان بحاجته: فاز وظفر بها.

١٣٤

و( سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) رفعها إلى من يرفع حوائجه إليك، ولا يستغنى في طلباته عنك، وهي زلة من زلل الخاطئين، وعثرة من عثرات المذنبين، ثم انتبهت بتذكيرك لي من غفلتي، ونهضت بتوفيقك من زلتى، ونكصت بتسديدك(١) من عثرتي، وقلت: سبحان ربي كيف يسئل محتاج محتاجا؟ وانى يرغب معدم إلى معدم؟.

٦٥ ـ في تهذيب الأحكام باسناده إلى سدير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أي شيء على الرجل في طلب الرزق؟ فقال: إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك.

٦٦ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن ابن جمهور عن أبيه رفعه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيرا ما يقول: اعلموا علما يقينا أنّ الله لم يجعل للعبد وإنْ اجتهد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكابدته(٢) أنْ يسبق ما سمي له في الذكر الحكيم، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته أنْ يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم، ايها الناس انه لن يزداد امرأ نقيرا بحذقه(٣) ولن ينقص امرء نقيرا بحمقه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ وباسناده إلى علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما فعل عمر بن مسلم؟ قال: قلت جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة، فقال: ويحه أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له، والحديث طويل أيضا.

٦٨ ـ وباسناده إلى عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، رجل قال: لأقعدنّ في بيتي ولاصلينّ ولأصومنّ ولاعبدنّ ربيعزوجل فامّا رزقي فيأتينى؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : هو أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم.

٦٩ ـ وباسناده إلى أيوب أخي أديم بياع الهروي قال كنا جلوسا عند ابى

__________________

(١) نكص عن الأمر: أحجم عنه. وسدده: أرشده إلى الصواب.

(٢) كابد الأمر مكابدة: قاساه وتحمل المشاق في فعله.

(٣) النقير: ما نقر من الحجر والخشب ونحوه.

١٣٥

عبد اللهعليه‌السلام إذ أقبل العلاء بن كامل فجلس قدام أبي عبد الله فقال ادع الله أنْ يرزقني في دعة(١) فقال: لا ادعو لك أطلب كما أمرك الله.

٧٠ ـ وباسناده إلى عبد الأعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبد اللهعليه‌السلام في بعض طرق المدينة في يوم صايف شديد الحر فقلت: جعلت فداك حالك عند اللهعزوجل وقرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال: يا عبد الأعلى خرجت في طلب الرزق لاستغنى به عن مثلك.

٧١ ـ وباسناده إلى فضيل بن أبي قرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اوحى الله تعالى إلى داودعليه‌السلام انك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئا؟ قال: فبكى داودعليه‌السلام أربعين صباحا، فأوحى الله تعالى إلى الحديد أنْ لنْ لعبدي داودعليه‌السلام ، فألان الله تعالى له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين فتباعها بثلاثمأة وستين ألفا، واستغنى عن بيت المال.

٧٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: وان للذين ظلموا آل محمد حقهم ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون العذاب ثم قال:( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله وأبى جعفرعليهما‌السلام قالا: من قرء سورة الطور جمع الله له خير الدنيا والآخرة.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء سورة الطور كان حقّا على الله أنْ يؤمنه من عذابه، وينعمه في جنته.

__________________

(١) الدعة: سوء الحال وخفض العيش.

١٣٦

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ) قال: الطور جبل بطور سينا،( وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ) أي مكتوب( فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ )

٤ ـ في مهج الدعوات لابن طاووسرحمه‌الله دعاء مروي عن الزهراء عن أبيها صلوات الله عليهما وفيه: الحمد لله الذي خلق النور وانزل النور على الطور في كتاب مسطور في رق منشور بقدر مقدور على نبي محبور.

٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: والبيت المعمور قال: هو في السماء الرابعة، وهو الضراح يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ؛ ثم لا يعودون إليه أبدا.

٦ ـ في مجمع البيان وروى عن الباقرعليه‌السلام أنه قال: إنّ الله وضع تحت العرش أربع أساطين وسماهن الضراح وهو بيت المعمور، وقال للملائكة: طوفوا به ثم بعث ملائكته فقال: ابنوا في الأرض بيتا بمثاله وقدره، وأمر من في الأرض أنْ يطوفوا بالبيت.

٧ ـ وفيه أيضا: «والبيت المعمور» وهو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة

عن ابن عباس ومجاهد وروى أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: ويدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا.

٨ ـ وعن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: البيت المعمور في السماء الرابعة وفي السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان، يدخل فيه جبرئيل كل يوم طلعت فيه الشمس. وإذا أخرج انتقض انتقاضة جرت عنه سبعون الف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أنْ يأتوا البيت المعمور فيصلون فيه فيفعلون ثمّ لا يعودون إليه أبدا.

٩ ـ وعن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البيت المعمور الذي في السماء الدنيا يقال له الضراح، وهو بفناء البيت الحرام لو سقط لسقط عليه، يدخله كل يوم ألف ملك لا يعودون فيه أبدا.

١٣٧

١٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكرناه بتمامه في أول الإسراء وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : فقلت: يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله تعالى؟ فقال: هذا أبوك إبراهيمعليه‌السلام .

١١ ـ في تفسير العياشي عن عبد الصمد بن شيبة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل في معراج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي أواخره: فلما فرغ مناجاته رد إلى البيت المعمور وهو في السماء السابعة بحذاء الكعبة.

١٢ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن محمد بن سنان عن داود بن كثير الرقى قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما معنى السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لـمّا خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الائمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق، وان يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أنْ يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الأمن، وأن ينزل لهم البيت المعمور ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم، والأرض التي يبدلها الله من السلام، ويسلم ما فيها لهم «لا شية فيها» قال: لا خصومة فيها لعدوهم، وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع الائمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنّماعليه‌السلام تذكرة نفس الميثاق، وتجديد له على الله لعله أنْ يجعله جل وعز ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه(١) .

__________________

(١) قال الفيض (ره) لعل المراد بالأرض المباركة أرض عالم الملكوت، فان البيت المعمور والسقف المرفوع هنالك، وأشير به إلى رجعتهم (عليه السلام) التي ثبت عنهم وقوعها، وأشير بقوله والأرض التي يبدلها الله إلى قوله تعالى:( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) وهي إمّا عطف على الأرض المباركة وإمّا استيناف، ومن في من السلام إمّا ابتدائية وإمّا بيانية ويؤيد الثاني آخر الحديث، وأريد بالسلام مالا آفة فيه، وهو قولهعزوجل ( وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) قال: لا خصومة فيها لعدوهم، وإنّماعليه‌السلام يعنى وإنّما السلام منكم عليه تذكرة وتجديد للميثاق وتعجيل للوفاء به.

١٣٨

١٣ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادقعليه‌السلام : في كلام طويل فخلق السماء سقفا مرفوعا ولو لا ذلك لا ظلم على خلقه، بقربها ولاحرقتهم الشمس بدؤبها وحرارتها.

١٤ ـ في مجمع البيان: والسقف المرفوع وهو السماء، عن عليٍّعليه‌السلام

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم «والسقف المرفوع» قال: السماء والبحر المسجور قال: يسجر يوم القيامة.

١٦ ـ في مجمع البيان «والبحر المسجور» أي المملو عن قتادة وقيل: هو الموقد المحمى بمنزلة النور عن مجاهد والضحاك والأخفش وابن زيد، ثم قيل: انه تحمى البحار يوم القيامة فتجعل نارا(١) تفجر بعضها في بعض، ثم تفجر إلى النار ورد به الحديث.

١٧ ـ في تفسير العياشي عن الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ يونس لـمّا آذاه قومه وذكر حديثا طويلا، وفيه: فالقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار السبعة حتى صار إلى البحر المسجور، وبه يعذب قارون.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى ثوير بن أبي فاختة عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: سأل عن النفختين كم بينهما؟ قال: ما شاء الله، إلى قوله: ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات فلا يبقى في السماوات ذو روح إلّا صعق ومات إلّا إسرافيل، قال: فيقول الله لاسرافيل، مت فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر الله السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله:( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً ) يعنى تبسط والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩ ـ قوله:( فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ ) قال: يخوضون في المعاصي وقوله:( يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ) قال: يدفعون في النار وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا مر بعمرو بن العاص وعقبة بن أبي معيط وهما في حائط يشربان ويغنيان بهذا البيت في حمزة بن عبد المطلب حين قتل :

__________________

(١) وفي المصدر «فيجعل نيرانا».

١٣٩

كم من حواري تلوح عظامه

درأ الحروب عنه أنْ يجر فيقبرا(١)

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أللّهم العنهما واركسهما في الفتنة ركسا. ودعهما في النار دعا.

قال عز من قائل: و( زَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: د نقلنا طرفا شافيا من الأخبار في الدخان عند قولهعزوجل :( وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) فليطلب هناك.

٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أبي زاهر عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) ، قال: الذين آمنوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام وذريته الائمة والأوصياءعليهم‌السلام ( أَلْحَقْنا بِهِمْ ) ولم تنقص ذريتهم الحجة التي جاء بهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليٍّعليه‌السلام ، وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة.

٢١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن غير واحد رفعوه أنه سئل عن الأطفال؟ فقال: إذا كان يوم القيامة جمعهم الله وأجج لهم نارا(٢) وأمرهم أنْ تطرحوا أنفسهم فيها، فمن كان في علم الله انه سعيد رمى بنفسه فيها وكانت عليه بردا وسلاما، ومن كان في علمه انه شقي امتنع فيأمر الله بهم إلى النار فيقولون: يا ربنا تأمرينا إلى النار ولم تجر علينا القلم؟ فيقول الجبار: قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعون، فكيف ولو أرسلت رسول بالغيب؟.

وفي حديث آخر: اما أطفال المؤمنين فيلحقون بآبائهم وأولاد المشركين يلحقون بآبائهم، وهو قول اللهعزوجل .( بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) .

٢٢ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن الحكم عن يوسف بن عميرة عن أبي بكر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :

__________________

(١) درأه ودرأ عنه: دفعه.

(٢) أجج النار: ألهبها.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مصر بدله فكان ذلك بدو الشر بين عمرو بن العاص و عثمان بن عفان فلما بدا بينهما من الشر ما بدا اعتزل عمرو في ناحية فلسطين بأهله و كان يأتي المدينة أحيانا فلما استقر الأمر لمعاوية بالشام بعثه إلى مصر بعد تحكيم الحكمين فافتتحها فلم يزل بها إلى أن مات أميرا عليها في سنة ثلاث و أربعين و قيل سنة اثنتين و أربعين و قيل سنة ثمان و أربعين و قيل سنة إحدى و خمسين.قال أبو عمر و الصحيح أنه مات في سنة ثلاث و أربعين و مات يوم عيد الفطر من هذه السنة و عمره تسعون سنة و دفن بالمقطم من ناحية السفح و صلى عليه ابنه عبد الله ثم رجع فصلى بالناس صلاة العيد فولاه معاوية مكانه ثم عزله و ولى مكانه أخاه عتبة بن أبي سفيان.قال أبو عمر و كان عمرو بن العاص من فرسان قريش و أبطالهم في الجاهلية مذكورا فيهم بذلك و كان شاعرا حسن الشعر و أحد الدهاة المتقدمين في الرأي و الذكاء و كان عمر بن الخطاب إذا استضعف رجلا في رأيه و عقله قال أشهد أن خالقك و خالق عمرو واحد يريد خالق الأضداد

نبذ من كلام عمرو بن العاص

و نقلت أنا من كتب متفرقة كلمات حكمية تنسب إلى عمرو بن العاص استحسنتها و أوردتها لأني لا أجحد لفاضل فضله و إن كان دينه عندي غير مرضي.فمن كلامه ثلاث لا أملهن جليسي ما فهم عني و ثوبي ما سترني و دابتي ما حملت رحلي.

٣٢١

و قال لعبد الله بن عباس بصفين إن هذا الأمر الذي نحن و أنتم فيه ليس بأول أمر قاده البلاء و قد بلغ الأمر منا و منكم ما ترى و ما أبقت لنا هذه الحرب حياة و لا صبرا و لسنا نقول ليت الحرب عادت و لكنا نقول ليتها لم تكن كانت فافعل فيما بقي بغير ما مضى فإنك رأس هذا الأمر بعد علي و إنما هو آمر مطاع و مأمور مطيع و مبارز مأمون و أنت هو.و لما نصب معاوية قميص عثمان على المنبر و بكى أهل الشام حوله قال قد هممت أن أدعه على المنبر فقال له عمرو إنه ليس بقميص يوسف أنه إن طال نظرهم إليه و بحثوا عن السبب وقفوا على ما لا تحب أن يقفوا عليه و لكن لذعهم بالنظر إليه في الأوقات.و قال ما وضعت سري عند أحد فأفشاه فلمته لأني أحق باللوم منه إذ كنت أضيق به صدرا منه.و قال ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر لكن العاقل من يعرف خير الشرين.و قال عمر بن الخطاب لجلسائه يوما و عمرو فيهم ما أحسن الأشياء فقال كل منهم ما عنده فقال ما تقول أنت يا عمرو فقال

الغمرات ثم ينجلينا

و قال لعائشة لوددت أنك قتلت يوم الجمل قالت و لم لا أبا لك قال كنت تموتين بأجلك و تدخلين الجنة و نجعلك أكبر التشنيع على علي بن أبي طالب ع.و قال لبنيه يا بني اطلبوا العلم فإن استغنيتم كان جمالا و إن افتقرتم كان مالا.و من كلامه أمير عادل خير من مطر وابل و أسد حطوم خير من سلطان ظلوم و سلطان ظلوم خير من فتنة تدوم و زلة الرجل عظم يجبر و زلة اللسان لا تبقى و لا تذر و استراح من لا عقل له.

٣٢٢

و كتب إليه عمر يسأله عن البحر فكتب إليه خلق عظيم يركبه خلق ضعيف.دود على عود بين غرق و نزق.و قال لعثمان و هو يخطب على المنبر يا عثمان إنك قد ركبت بهذه الأمة نهاية من الأمر و زغت فزاغوا فاعتدل أو اعتزل.و من كلامه استوحش من الكريم الجائع و من اللئيم الشبعان فإن الكريم يصول إذا جاع و اللئيم يصول إذا شبع.و قال جمع العجز إلى التواني فنتج بينهما الندامة و جمع الجبن إلى الكسل فنتج بينهما الحرمان.و روى عبد الله بن عباس قال دخلت على عمرو بن العاص و قد احتضر فقلت يا أبا عبد الله كنت تقول أشتهي أني أرى عاقلا يموت حتى أسأله كيف تجد فما ذا تجد قال أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض و أنا بينهما و أراني كأنما أتنفس من خرق إبرة ثم قال اللهم خذ مني حتى ترضى ثم رفع يده فقال اللهم أمرت فعصينا و نهيت فركبنا فلا برئ فأعتذر و لا قوي فأنتصر و لكن لا إله إلا الله فجعل يرددها حتى فاض.و قد روى أبو عمر بن عبد البر هذا الخبر في كتاب الإستيعاب قال لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة قال اللهم أمرتني فلم آتمر و زجرتني فلم أنزجر و وضع يده في موضع الغل ثم قال اللهم لا قوي فأنتصر و لا برئ فأعتذر و لا مستكبر بل مستغفر لا إله إلا أنت فلم يزل يرددها حتى مات.قال أبو عمر و حدثني خلف بن قاسم قال حدثني الحسن بن رشيق قال حدثنا الطحاوي قال حدثنا المزني قال سمعت الشافعي يقول دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلم عليه فقال كيف أصبحت يا أبا عبد الله قال أصبحت و قد أصلحت من دنياي قليلا و أفسدت من ديني كثيرا فلو كان الذي أصلحت هو الذي

٣٢٣

أفسدت و الذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت و لو كان ينفعني أن أطلب طلبت و لو كان ينجيني أن أهرب هربت فقد صرت كالمنخنق بين السماء و الأرض لا أرقى بيدين و لا أهبط برجلين فعظني بعظة أنتفع بها يا ابن أخي فقال ابن عباس هيهات أبا عبد الله صار ابن أخيك أخاك و لا تشاء أن تبلى إلا بليت كيف يؤمر برحيل من هو مقيم فقال عمرو على حينها من حين ابن بضع و ثمانين تقنطني من رحمة ربي اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك فخذ مني حتى ترضى فقال ابن عباس هيهات أبا عبد الله أخذت جديدا و تعطى خلقا قال عمرو ما لي و لك يا ابن عباس ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها.و روى أبو عمر في كتاب الإستيعاب أيضا عن رجال قد ذكرهم و عددهم أن عمرا لما حضرته الوفاة قال له ابنه عبد الله و قد رآه يبكي لم تبكي أ جزعا من الموت قال لا و الله و لكن لما بعده فقال له لقد كنت على خير فجعل يذكره صحبة رسول الله ص و فتوحه بالشام فقال له عمرو تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله إني كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبق إلا عرفت نفسي فيه كنت أول أمري كافرا فكنت أشد الناس على رسول الله ص فلو مت حينئذ وجبت لي النار فلما بايعت رسول الله ص كنت أشد الناس حياء منه فما ملأت منه عيني قط فلو مت يومئذ قال الناس هنيئا لعمرو أسلم و كان على خير و مات على خير أحواله فسرحوا له بالجنة ثم تلبثت بعد ذلك بالسلطان و بأشياء فلا أدري

٣٢٤

أ علي أم لي فإذا مت فلا تبكين علي باكية و لا يتبعني نائح و لا تقربوا من قبري نارا و شدوا علي إزاري فإني مخاصم و شنوا علي التراب شنا فإن جنبي الأيمن ليس بأحق من جنبي الأيسر و لا تجعلوا في قبري خشبة و لا حجرا و إذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور و تقطيعها أستأنس بكم.فإن قلت فما الذي يقوله أصحابك المعتزلة في عمرو بن العاص قلت إنهم يحكمون على كل من شهد صفين بما يحكم به على الباغي الخارج على الإمام العادل و مذهبهم في صاحب الكبيرة إذا لم يتب معلوم.فإن قلت أ ليس في هذه الأخبار ما يدل على توبته نحو قوله و لا مستكبر بل مستغفر و قوله اللهم خذ مني حتى ترضى و قوله أمرت فعصيت و نهيت فركبت.و هذا اعتراف و ندم و هو معنى التوبة قلت إن قوله تعالى( وَ لَيْسَتِ اَلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ اَلْآنَ ) يمنع من كون هذا توبة و شروط التوبة و أركانها معلومة و ليس هذا الاعتراف و التأسف منها في شي‏ء.و قال شيخنا أبو عبد الله أول من قال بالإرجاء المحض معاوية و عمرو بن العاص كانا يزعمان أنه لا يضر مع الإيمان معصية و لذلك قال معاوية لمن قال له حاربت من تعلم و ارتكبت ما تعلم فقال وثقت بقوله تعالى( إِنَّ اَللَّهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً )

٣٢٥

و إلى هذا المعنى أشار عمرو بقوله لابنه تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله

فصل في شرح ما نسب إلى علي من الدعابة

فأما ما كان يقوله عمرو بن العاص في علي ع لأهل الشام إن فيه دعابة يروم أن يعيبه بذلك عندهم فأصل ذلك كلمة قالها عمر فتلقفها حتى جعلها أعداؤه عيبا له و طعنا عليه.قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في كتاب الأمالي كان عبد الله بن عباس عند عمر فتنفس عمر نفسا عاليا قال ابن عباس حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت فقلت له ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد.قال إي و الله يا ابن عباس إني فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي ثم قال لعلك ترى صاحبك لها أهلا قلت و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه قال صدقت و لكنه امرؤ فيه دعابة قلت فأين أنت من طلحة قال هو ذو البأو بإصبعه المقطوعة قلت فعبد الرحمن قال رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته قلت فالزبير قال شكس لقس يلاطم في البقيع في صاع من بر قلت فسعد بن أبي وقاص قال صاحب مقنب و سلاح قلت فعثمان قال أوه أوه مرارا ثم قال و الله لئن وليها ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثم لتنهضن إليه العرب فتقتله ثم قال يا ابن عباس إنه لا يصلح لهذا الأمر إلا حصيف العقدة قليل الغرة لا تأخذه في الله لومة لائم يكون شديدا من غير عنف لينا من

٣٢٦

غير ضعف جوادا من غير سرف ممسكا من غير وكف قال ابن عباس و كانت هذه صفات عمر ثم أقبل علي فقال إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربهم و سنة نبيهم لصاحبك و الله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء و الصراط المستقيم.و اعلم أن الرجل ذا الخلق المخصوص لا يرى الفضيلة إلا في ذلك الخلق أ لا ترى أن الرجل يبخل فيعتقد أن الفضيلة في الإمساك و البخيل يعيب أهل السماح و الجود و ينسبهم إلى التبذير و إضاعة الحزم و كذلك الرجل الجواد يعيب البخلاء و ينسبهم إلى ضيق النفس و سوء الظن و حب المال و الجبان يعتقد أن الفضيلة في الجبن و يعيب الشجاعة و يعتقد كونها خرقا و تغريرا بالنفس كما قال المتنبي

يرى الجبناء أن الجبن حزم

و الشجاع يعيب الجبان و ينسبه إلى الضعف و يعتقد أن الجبن ذل و مهانة و هكذا القول في جميع الأخلاق و السجايا المقتسمة بين نوع الإنسان و لما كان عمر شديد الغلظة وعر الجانب خشن الملمس دائم العبوس كان يعتقد أن ذلك هو الفضيلة و أن خلافه نقص و لو كان سهلا طلقا مطبوعا على البشاشة و سماحة الخلق لكان يعتقد أن ذاك هو الفضيلة و أن خلافه نقص حتى لو قدرنا أن خلقه حاصل لعلي ع و خلق علي حاصل له لقال في علي لو لا شراسة فيه.فهو غير ملوم عندي فيما قاله و لا منسوب إلى أنه أراد الغض من علي و القدح

٣٢٧

فيه و لكنه أخبر عن خلقه ظانا أن الخلافة لا تصلح إلا لشديد الشكيمة العظيم الوعورة و بمقتضى ما كان يظنه من هذا المعنى تمم خلافة أبي بكر بمشاركته إياه في جميع تدابيراته و سياسته و سائر أحواله لرفق و سهولة كانت في أخلاق أبي بكر و بمقتضى هذا الخلق المتمكن عنده كان يشير على رسول الله ص في مقامات كثيرة و خطوب متعدة بقتل قوم كان يرى قتلهم و كان النبي ص يرى استبقاءهم و استصلاحهم فلم يقبل ع مشورته على هذا الخلق.و أما إشارته عليه يوم بدر بقتل الأسرى حيث أشار أبو بكر بالفداء فكان الصواب مع عمر و نزل القرآن بموافقته فلما كان في اليوم الثاني و هو يوم الحديبية أشار بالحرب و كره الصلح فنزل القرآن بضد ذلك فليس كل وقت يصلح تجريد السيف و لا كل وقت يصلح إغماده و السياسة لا تجري على منهاج واحد و لا تلزم نظاما واحدا.و جملة الأمر أنهرضي‌الله‌عنه لم يقصد عيب علي ع و لا كان عنده معيبا و لا منقوصا أ لا ترى أنه قال في آخر الخبر أن أحراهم أن وليها أن يحملهم على كتاب الله و سنة رسوله لصاحبك ثم أكد ذلك بأن قال إن وليهم ليحملنهم على المحجة البيضاء و الصراط المستقيم فلو كان أطلق تلك اللفظة و عنى بها ما حملها عليه الخصوم لم يقل في خاتمة كلامه ما قاله.و أنت إذا تأملت حال علي ع في أيام رسول الله ص وجدته بعيدا عن أن ينسب إلى الدعابة و المزاح لأنه لم ينقل عنه شي‏ء من ذلك أصلا لا في كتب الشيعة و لا في كتب المحدثين و كذلك إذا تأملت حاله في أيام الخليفتين أبي بكر و عمر لم تجد في كتب السيرة حديثا واحدا يمكن أن يتعلق به متعلق في دعابته و مزاحه فكيف يظن

٣٢٨

بعمر أنه نسبه إلى أمر لم ينقله عنه ناقل و لا ندد به صديق و عدو و إنما أراد سهولة خلقه لا غير و ظن أن ذلك مما يفضي به إلى ضعف إن ولي أمر الأمة لاعتقاده أن قوام هذا الأمر إنما هو بالوعورة بناء على ما قد ألفته نفسه و طبعت عليه سجيته و الحال في أيام عثمان و أيام ولايته ع الأمر كالحال فيما تقدم في أنه لم يظهر منه دعابة و لا مزاح يسمى الإنسان لأجله ذا دعابة و لعب و من تأمل كتب السير عرف صدق هذا القول و عرف أن عمرو بن العاص أخذ كلمة عمر إذ لم يقصد بها العيب فجعلها عيبا و زاد عليها أنه كثير اللعب يعافس النساء و يمارسهن و أنه صاحب هزل.و لعمر الله لقد كان أبعد الناس من ذلك و أي وقت كان يتسع لعلي ع حتى يكون فيه على هذه الصفات فإن أزمانه كلها في العبادة و الصلاة و الذكر و الفتاوي و العلم و اختلاف الناس إليه في الأحكام و تفسير القرآن و نهاره كله أو معظمه مشغول بالصوم و ليله كله أو معظمه مشغول بالصلاة هذا في أيام سلمه فأما أيام حربه فبالسيف الشهير و السنان الطرير و ركوب الخيل و قود الجيش و مباشرة الحروب.و لقد صدق ع في قوله

إنني ليمنعني من اللعب ذكر الموت و لكن الرجل الشريف النبيل الذي لا يستطيع أعداؤه أن يذكروا له عيبا أو يعدوا عليه وصمة لا بد أن يحتالوا و يبذلوا جهدهم في تحصيل أمر ما و إن ضعف يجعلونه عذرا لأنفسهم في ذمه و يتوسلون به إلى أتباعهم في تحسينهم لهم مفارقته و الانحراف عنه و ما زال المشركون و المنافقون يصنعون لرسول الله ص الموضوعات ينسبون إليه ما قد برأه الله عنه من العيوب و المطاعن في حياته و بعد وفاته إلى زماننا هذا و ما يزيده الله سبحانه إلا رفعة و علوا فغير منكر أن يعيب عليا ع عمرو بن العاص و أمثاله من أعدائه بما إذا تأمله المتأمل علم أنهم باعتمادهم عليه و تعلقهم به قد اجتهدوا

٣٢٩

في مدحه و الثناء عليه لأنهم لو وجدوا عيبا غير ذلك لذكروه و لو بالغ أمير المؤمنين و بذل جهده في أن يثنى أعداؤه و شانئوه عليه من حيث لا يعلمون لم يستطع إلى أن يجد إلى ذلك طريقا ألطف من هذه الطريق التي أسلكهم الله تعالى فيها و هداهم إلى منهاجها فظنوا أنهم يغضون منه و إنما أعلوا شأنه و يضعون من قدره و إنما رفعوا منزلته و مكانه

أقوال و حكايات في المزاح

و نحن نذكر من بعد ما جاء في الأحاديث الصحاح و الآثار المستفيضة المتفق على نقلها مزاح رسول الله ص و مزاح الأشراف و الأفاضل و الأكابر من أصحابه و التابعين له ليعلم أن المزاح إذا لم يخرج عن القاعدة الشرعية لم يكن قبيحا.

فأول ذلك ما رواه الناس قاطبة أن رسول الله ص قال إني أمزح و لا أقول إلا حقا.و قيل لسفيان الثوري المزاح هجنة فقال بل هو سنة، لقول رسول الله ص إني أمزح و لا أقول إلا الحق

و جاء في الخبر أن رسول الله ص قال لامرأة من الأنصار الحقي زوجك فإن في عينه بياضا فسعت نحوه مرعوبة فقال لها ما دهاك فأخبرته فقال نعم إن في عيني بياضا لا لسوء فخفضي عليك فهذا من مزاح رسول الله ص

و أتت عجوز من الأنصار إليه ع فسألته أن يدعو الله تعالى لها بالجنة فقال إن الجنة لا تدخلها العجز فصاحت فتبسم ع فقال( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا )

٣٣٠

و في الخبر أيضا أن امرأة استحملته فقال إنا حاملوك إن شاء الله تعالى على ولد الناقة فجعلت تقول يا رسول الله و ما أصنع بولد الناقة و هل يستطيع أن يحملني و هو يبتسم و يقول لا أحملك إلا عليه حتى قال لها أخيرا و هل يلد الإبل إلا النوق

و في الخبر أنه ع مر ببلال و هو نائم فضربه برجله و قال أ نائمة أم عمرو فقال بلال مرعوبا فضرب بيده إلى مذاكيره فقال له ما بالك قال ظننت أني تحولت امرأة قيل فلم يمزح رسول الله بعد هذه

و في الخبر أيضا أن نغرا كان لصبي من صبيان الأنصار فطار من يده فبكى الغلام فكان رسول الله ص يمر به فيقول يا أبا عمير ما فعل النغير و الغلام يبكي و كان يمازح ابني بنته مزاحا مشهورا و كان يأخذ الحسين ع فيجعله على بطنه و هو ع نائم على ظهره

و يقول له حزقة حزقة ترق عين بقة

و في الحديث الصحيح المتفق عليه أنه مر على أصحاب الدركلة و هم يلعبون و يرقصون فقال جدوا يا بني أرفده حتى يعلم اليهود و النصارى أن في ديننا فسحة.قال أهل اللغة الدركلة بكسر الدال و الكاف لعبة للحبش فيها ترقص و بنو أرفدة جنس من الحبش يرقصون.

و جاء في الخبر أنه سابق عائشة فسبقته ثم سابقها فسبقها فقال هذه بتلك

و في الخبر أيضا أن أصحاب الزفافة و هم الراقصون كانوا يقمعون باب حجرة عائشة فتخرج إليهم مستمعة و مبصرة فيخرج هو ع من ورائها مستترا بها

و كان نعيمان و هو من أهل بدر أولع الناس بالمزاح عند رسول الله ص

٣٣١

و كان يكثر الضحك فقال رسول الله ص يدخل الجنة و هو يضحك.و خرج نعيمان هو و سويبط بن عبد العزى و أبو بكر الصديق في تجارة قبل وفاة رسول الله ص بعامين و كان سويبط على الزاد فكان نعيمان يستطعمه فيقول حتى يجي‏ء أبو بكر فمر بركب من نجران فباعه نعيمان منهم على أنه عبد له بعشر قلائص و قال لهم إنه ذو لسان و لهجة و عساه يقول لكم أنا حر فقالوا لا عليك.و جاءوا إليه فوضعوا عمامته في عنقه و ذهبوا به فلما جاء أبو بكر أخبر بذلك فرده و أعاد القلائص إليهم فضحك رسول الله ص و أصحابه من ذلك سنة.و روي أن أعرابيا باع نعيمان عكة عسل فاشتراها منه فجاء بها إلى بيت عائشة في يومها و قال خذوها فظن رسول الله ص أنه أهداها إليه و مضى نعيمان فنزل الأعرابي على الباب فلما طال قعوده نادى يا هؤلاء إما أن تعطونا ثمن العسل أو تردوه علينا فعلم رسول الله ص بالقصة و أعطى الأعرابي الثمن و قال لنعيمان ما حملك على ما فعلت قال رأيتك يا رسول الله تحب العسل و رأيت العكة مع الأعرابي فضحك رسول الله ص و لم ينكر عليه.و سئل النخعي هل كان أصحاب رسول الله يضحكون و يمزحون فقال نعم و الإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي.

و جاء في الخبر أن يحيى ع لقي عيسى ع و عيسى متبسم فقال يحيى ع ما لي أراك لاهيا كأنك آمن فقال ع ما لي أراك عابسا

٣٣٢

كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الله إليهما أحبكما إلي الطلق البسام أحسنكما ظنا بي.و روي عن كبراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا يتمازحون و يتناشدون الأشعار فإذا خاضوا في الدين انقلبت حماليقهم و صاروا في صور أخرى.و روي أن عبد الله بن عمر قال لجاريته خلقني خالق الخير و خلقك خالق الشر فبكت فقال لا عليك فإن الله تعالى هو خالق الخير و هو خالق الشر.قلت يعني بالشر المرض و الغلاء و نحوهما.و كان ابن سيرين ينشد

نبئت أن فتاة كنت أخطبها

عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول

ثم يضحك حتى يسيل لعابه.و جاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخطاب فوجده مستلقيا على مرفقة له رافعا إحدى رجليه على الأخرى منشدا بصوت عال

و كيف ثوائي بالمدينة بعد ما

قضى وطرا منها جميل بن معمر

فلما دخل عبد الرحمن و جلس قال يا أبا محمد إنا إذا خلونا قلنا كما يقول الناس.و كان سعيد بن المسيب ينشد

لقد أصبحت عرس الفرزدق جامحا

و لو رضيت رمح استه لاستقرت

و يضحك حتى يستغرق.و كان يقال لا بأس بقليل المزاح يخرج منه الرجل عن حد العبوس.

٣٣٣

و من كلام بعض الأدباء و نحن نحمد الله إليك فإن عقدة الإسلام في قلوبنا صحيحة و أواخيه عندنا ثابتة و قد اجتهد قوم أن يدخلوا قلوبنا من مرض قلوبهم و أن يشوبوا يقيننا بشكهم فعصم الله منهم و حال توفيقه دونهم و لنا بعد مذهب في الدعابة جميل لا يشوبه أذى و لا قذى يخرج بنا إلى الأنس من العبوس و إلى الاسترسال من القطوب و يلحقنا بأحرار الناس الذين ارتفعوا عن لبسة الرياء و أنفوا من التشوف بالتصنع.و قال ابن جريج سألت عطاء عن القراءة على ألحان الغناء و الحداء فقال لي لا بأس بذلك حدثني عبيد الله بن عمر الليثي أنه كان لداود النبي ع معزفة قد يضرب بها إذا قرأ الزبور فتجمع إليه الطير و الوحش فيبكي و يبكي من حوله.و قال جابر بن عبد الله الجعفي رأيت الشعبي يقول لخياط يمازحه عندنا حب مكسور و أحب أن تخيطه فقال الخياط أحضر لي خيوطا من ريح لأخيطه لك.و سئل الشعبي هل يجوز أن يؤكل الجني لو ظفر به فقال ليتنا نخرج منه كفافا لا لنا و لا علينا.و سأل إنسان محمد بن سيرين عن هشام بن حسان فقال توفي البارحة أ ما شعرت فخرج يسترجع فلما رأى ابن سيرين جزعه قرأ( اَللَّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) .و كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته و أرفثهم و قد أباح الله تعالى الرفث إلى النساء فقال( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ اَلصِّيامِ اَلرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ

٣٣٤

وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ) و قال أهل اللغة الرفث القول الفاحش تخاطب به المرأة حال الجماع.و مر بالشعبي حمال على ظهره دن خل فوضع الدن و قال له ما كان اسم امرأة إبليس فقال الشعبي ذلك نكاح ما شهدناه.و قال عكرمة ختن ابن عباس بنيه فأرسلني فدعوت اللعابين فلعبوا فأعطاهم أربعة دراهم.و تقدم رجلان إلى شريح في خصومة فأقر أحدهما بما ادعي عليه و هو لا يدري فقضى شريح عليه فقال أصلحك الله أ تقضي علي بغير بينة قال بلى شهد عندي ثقة قال و من هو قال ابن أخت خالتك.

و جاء في الخبر أن النبي ص مر بصهيب و هو أرمد يأكل تمرا فنهاه فقال إنما آكله عن جانب العين الصحيحة يا رسول الله فضحك منه و لم ينكر عليه

و في الخبر أنه ص مر بحسان بن ثابت و قد رش أطماره و عنده جارية تغنيه

هل على ويحكما

إن لغوت من حرج

فقال ص لا حرج إن شاء الله.و قيل إن عبد الله بن جعفر قال لحسان بن ثابت في أيام معاوية لو غنتك فلانة جاريتي صوت كذا لم تدرك ركابك فقال يا أبا جعفر( فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير ) .

٣٣٥

و قال أسلم مولى عمر بن الخطاب مر بي عمر و أنا و عاصم نغني غناء النصب فوقف و قال أعيدا علي فأعدنا عليه و قلنا أينا أحسن صنعة يا أمير المؤمنين فقال مثلكما كحماري العبادي قيل له أي حماريك شر فقال هذا ثم هذا فقلت يا أمير المؤمنين أنا الأول من الحمارين فقال أنت الثاني منهما.و مر نعيمان و هو بدري بمخرمة بن نوفل في خلافة عثمان و قد كف بصره فقال أ لا يقودني رجل حتى أبول فأخذ نعيمان بيده حتى صار به إلى مؤخر المسجد و قال هاهنا فبل فبال فصاح به الناس فقال من قادني قيل نعيمان قال لله علي أن أضربه بعصاي هذه فبلغ نعيمان فأتاه فقال بلغني أنك أقسمت لتضربن نعيمان فهل لك فيه قال نعم قال قم فقام معه حتى وافى به عثمان بن عفان و هو يصلي فقال دونك الرجل فجمع محرمة يديه في العصا و ضربه بها فصاح الناس ويلك أمير المؤمنين قال من قادني قالوا نعيمان قال و ما لي و لنعيمان لا أعرض له أبدا.و كان طويس يتغنى في عرس فدخل النعمان بن بشير الأنصاري العرس و طويس يغنيهم

أ جد بعمرة هجرانها

و تسخط أم شاننا شانها

فأشاروا إليه بالسكوت فقال النعمان دعوه إنه لم يقل بأسا إنما قال

و عمرة من سروات النساء

تنفح بالمسك أردانها

و عمرة هذه أم النعمان و فيها قيل هذا النسيب.و قد روي عن جماعة من الصحابة و التابعين اللعب بالنرد و الشطرنج و منهم من روي عنهم شرب النبيذ و سماع الغناء المطرب.

٣٣٦

فأما أمير المؤمنين علي ع فإذا نظرت إلى كتب الحديث و السير لم تجد أحدا من خلق الله عدوا و لا صديقا روى عنه شيئا من هذا الفن لا قولا و لا فعلا و لم يكن جد أعظم من جده و لا وقار أتم من وقاره و ما هزل قط و لا لعب و لا فارق الحق و الناموس الديني سرا و لا جهرا و كيف يكون هازلا و من كلامه المشهور عنه ما مزح امرؤ مزحة إلا و مج معها من عقله مجة و لكنه خلق على سجية لطيفة و أخلاق سهلة و وجه طلق و قول حسن و بشر ظاهر و ذلك من فضائله ع و خصائصه التي منحه الله بشرفها و اختصه بمزيتها و إنما كانت غلظته و فظاظته فعلا لا قولا و ضربا بالسيف لا جبها بالقول و طعنا بالسنان لا عضها باللسان كما قال الشاعر

و تسفه أيدينا و يحلم رأينا

و نشتم بالأفعال لا بالتكلم

نبذ و أقول في حسن الخلق و مدحه

فأما سوء الخلق فلم يكن من سجاياه فقد قال النبي ص خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل و سوء الخلق و قال الله تعالى لنبيه ص( وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) و قال أيضا( وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) .

و قيل لرسول الله ص ما الشؤم فقال سوء الخلق.و صحب جابر رجلا في طريق مكة فآذاه سوء خلقه فقال جابر إني لأرحمه نحن نفارقه و يبقى معه سوء خلقه.

٣٣٧

و قيل لعبد الله بن جعفر كيف تجاور بني زهرة و في أخلاقهم زعارة قال لا يكون لي قبلهم شي‏ء إلا تركته و لا يطلبون مني شيئا إلا أعطيتهم.

و في الحديث المرفوع أنه ص قال أ لا أنبئكم بشر الناس قالوا بلى يا رسول الله قال من نزل وحده و منع رفده و ضرب عبده ثم قال أ لا أنبئكم بشر من ذلك قالوا بلى قال من لم يقل عثرة و لا يقبل معذرة.و قال إبراهيم بن عباس الصولي لو وزنت كلمة رسول الله ص بمحاسن الخلق كلها لرجحت

قوله إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم

و في الخبر المرفوع حسن الخلق زمام من رحمة الله في أنف صاحبه و الزمام بيد الملك و الملك يجره إلى الخير و الخير يجره إلى الجنة و سوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه و الزمام بيد الشيطان و الشيطان يجره إلى الشر و الشر يجره إلى النار

و روى الحسن بن علي ع عن النبي ص أن الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم و إنه ليكتب جبارا و لا يملك إلا أهله

و روى أبو موسى الأشعري قال بينا رسول الله ص يمشي و امرأة بين يديه فقلت الطريق لرسول الله ص فقالت الطريق معرض إن شاء أخذ يمينا و إن شاء أخذ شمالا فقال ص دعوها فإنها جبارة.و قال بعض السلف الحسن الخلق ذو قرابة عند الأجانب و السيئ الخلق أجنبي عند أهله.و من كلام الأحنف أ لا أخبركم بالمحمدة بلا مذمة الخلق السجيح و الكف عن القبيح أ لا أخبركم بأدوأ الداء الخلق الدني‏ء و اللسان البذي‏ء.

٣٣٨

و في الحديث المرفوع أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن

و جاء مرفوعا أيضا المؤمن هين لين كالجمل الأنف إن قيد انقاد و إن أنيخ على صخرة استناخ

و جاء مرفوعا أيضا أ لا أخبركم بأحبكم إلي و أقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون و يؤلفون أ لا أخبركم بأبغضكم إلي و أبعدكم مني مجالس يوم القيامة الثرثارون المتفيهقون.أبو رجاء العطاردي من سره أن يكون مؤمنا حقا فليكن أذل من قعود كل من مر به ادعاه.فضيل بن عياض لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني عابد سيئ الخلق لأن الفاسق إذا حسن خلقه خف على الناس و أحبوه و العابد إذا ساء خلقه ثقل على الناس و مقتوه.

دخل فرقد و محمد بن واسع على رجل يعودانه فجرى ذكر العنف و الرفق فروى فرقد عن رسول الله ص أنه قيل له على من حرمت النار يا رسول الله قال على الهين اللين السهل القريب فلم يجد محمد بن واسع بياضا يكتب ذلك فيه فكتبه على ساقه.عبد الله بن الداراني ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب.

عائشة قال رسول الله ص إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم باب رفق

و عنها عنه ص من أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من خير الدنيا و الآخرة

٣٣٩

جرير بن عبد الله البحلي رفعه أن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق فإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق و كان يقال ما دخل الرفق في شي‏ء إلا زانه.أبو عون الأنصاري ما تكلم الإنسان بكلمة عنيفة إلا و إلى جانبها كلمة ألين منها تجري مجراها.

سئلت عائشة عن خلق رسول الله ص فقالت كان خلقه القرآن( خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْجاهِلِينَ ) .و سئل ابن المبارك عن حسن الخلق فقال بسط الوجه و كف الأذى و بذل الندى.

ابن عباس أن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد و أن الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل

علي ع ما من شي‏ء في الميزان أثقل من خلق حسن

و عنه ع عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه

و عنه ع مرفوعا عليكم بحسن الخلق فإنه في الجنة و إياكم و سوء الخلق فإنه في النار.قال المنصور لأخيه أبي العباس في بني حسن لما أزمعوا الخروج عليه آنسهم يا أمير المؤمنين بالإحسان فإن استوحشوا فالشر يصلح ما يعجز عنه الخير و لا تدع محمدا يمرح في أعنة العقوق فقال أبو العباس يا أبا جعفر إنه من شدد نفر و من لان ألف و التغافل من سجايا الكرام

فصل في ذكر أسباب الغلظة و الفظاظة

و نحن نذكر بعد كلاما كليا في سبب الغلظة و الفظاظة و هو الخلق المنافي للخلق الذي كان عليه أمير المؤمنين فنقول

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454