كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

كتاب شرح نهج البلاغة8%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 454

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86657 / تحميل: 7371
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

فإن قلت ما هذا النداء قلت هو قوله( اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) فهو أمر في اللفظ و نداء في المعنى و هو على الحقيقة كناية عن سرعة الإبداع ثم قال و فتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها هذا صريح في أن للسماء أبوابا و كذلك قوله على نقابها و هو مطابق لقوله سبحانه و تعالى( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ اَلسَّماءِ ) و القرآن العظيم و كلام هذا الإمام المعظم أولى بالاتباع من كلام الفلاسفة الذين أحالوا الخرق على الفلك و أما إقامة الرصد من الشهب الثواقب فهو نص القرآن العزيز( وَ أَنَّا لَمَسْنَا اَلسَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ اَلْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ) و القول بإحراق الشهب للشياطين اتباعا لنص الكتاب أولى من قول الفلاسفة الذين أحالوا الانقضاض على الكواكب.ثم قال و أمسكها على الحركة بقوته و أمرها بالوقوف فاستمسكت و وقفت ثم ذكره الشمس و القمر تذكرة مأخوذ من قول الله تعالى( وَ جَعَلْنَا اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اَللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ اَلنَّهارِ مُبْصِرَةً ) .ثم ذكر الحكم في جريان الشمس و القمر في مجراهما تذكرة مأخوذ من قوله تعالى( وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ) و قوله( وَ اَلْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ ) و قوله( وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ اَلسِّنِينَ وَ اَلْحِسابَ ) .

٤٢١

ثم قال ثم علق في جوها فلكها و هذا يقتضي أن الفلك غير السماء و هو خلاف قول الجمهور و قد قال به قائلون و يمكن أن نفسر ذلك إذا أردنا موافقة قول الجمهور بأنه أراد بالفلك دائرة معدل النهار فإنها الدائرة العظمى في الفلك الأعظم و هي في الاصطلاح النظري تسمى فلكا.ثم ذكر أنه زين السماء الدنيا بالكواكب و أنها رجوم لمسترقي السمع و هو مأخوذ من قوله تعالى( إِنَّا زَيَّنَّا اَلسَّماءَ اَلدُّنْيا بِزِينَةٍ اَلْكَواكِبِ وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى اَلْمَلَإِ اَلْأَعْلى‏ وَ يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ ) .ثم شرح حال الدنيا فقال من ثبات ثابتها يعني الكواكب التي في كرة البروج و مسير سائرها يعني الخمسة و النيرين لأنها سائرة دائما.ثم قال و صعودها و هبوطها و ذلك أن للكواكب السيارة صعودا في الأوج و هبوطا في الحضيض فالأول هو البعد الأبعد عن المركز و الثاني البعد الأقرب.فإن قلت ما باله ع قال و نحوسها و سعودها و هو القائل لمن أشار عليه ألا يحارب في يوم مخصوص المنجم كالكاهن و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر و الكافر في النار.قلت إنه ع إنما أنكر في ذلك القول على من يزعم أن النجوم مؤثرة في الأمور الجزئية كالذين يحكمون لأرباب المواليد و عليهم و كمن يحكم في حرب أو سلم أو سفر أو مقام بأنه للسعد أو النحس و أنه لم ينكر على من قال إن النجوم تؤثر سعودا و نحوسا في الأمور الكلية نحو أن تقتضي حرا أو بردا أو تدل على مرض عام

٤٢٢

أو قحط عام أو مطر دائم و نحو ذلك من الأمور التي لا تخص إنسانا بعينه و قد قدمنا في ذلك الفصل ما يدل على تصويب هذا الرأي و إفساد ما عداه : وَ مِنْهَا فِي صِفَةِ اَلْمَلاَئِكَةِ ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لِإِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ وَ عِمَارَةِ اَلصَّفِيحِ اَلْأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ وَ مَلَأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا وَ حَشَى بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا وَ بَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ اَلْفُرُوجِ زَجَلُ اَلْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ اَلْقُدُسِ وَ سُتُرَاتِ اَلْحُجُبِ وَ سُرَادِقَاتِ اَلْمَجْدِ وَ وَرَاءَ ذَلِكَ اَلرَّجِيجِ اَلَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ اَلْأَسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُورٍ تَرْدَعُ اَلْأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا.وَ أَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ وَ أَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ أُولِي أَجْنِحَةٍ تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي اَلْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ وَ لاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا اِنْفَرَدَ بِهِ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ جَعَلَهُمُ اَللَّهُ فِيمَا هُنَالِكَ أَهْلَ اَلْأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ وَ حَمَّلَهُمْ إِلَى اَلْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ وَ عَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ اَلشُّبُهَاتِ فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ وَ أَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ اَلْمَعُونَةِ وَ أَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ اَلسَّكِينَةِ وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلَى تَمَاجِيدِهِ وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلاَمِ تَوْحِيدِهِ لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُؤْصِرَاتُ اَلآْثَامِ وَ لَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامِ وَ لَمْ تَرْمِ اَلشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهِمْ وَ لَمْ تَعْتَرِكِ اَلظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهِمْ وَ لاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ اَلْإِحَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ لاَ سَلَبَتْهُمُ اَلْحَيْرَةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمَائِرِهِمْ وَ مَا سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ

٤٢٣

وَ هَيْبَةِ جَلاَلِهِ فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ وَ لَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ اَلْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِهَا عَلَى فِكْرِهِمْ وَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي خَلْقِ اَلْغَمَامِ اَلدُّلَّحِ وَ فِي عِظَمِ اَلْجِبَالِ اَلشُّمَّخِ وَ فِي قَتْرَةِ اَلظَّلاَمِ اَلْأَيْهَمِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ اَلْأَرْضِ اَلسُّفْلَى فَهِيَ كَرَايَاتٍ بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ اَلْهَوَاءِ وَ تَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ اِنْتَهَتْ مِنَ اَلْحُدُودِ اَلْمُتَنَاهِيَةِ قَدِ اِسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ وَ وَصَّلَتْ وَصَلَتْ حَقَائِقُ اَلْإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ وَ قَطَعَهُمُ اَلْإِيقَانُ بِهِ إِلَى اَلْوَلَهِ إِلَيْهِ وَ لَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ وَ شَرِبُوا بِالْكَأْسِ اَلرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاوَاتِ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ فَحَنَوْا بِطُولِ اَلطَّاعَةِ اِعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ وَ لَمْ يُنْفِدْ طُولُ اَلرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ وَ لاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ اَلزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ وَ لَمْ يَتَوَلَّهُمُ اَلْإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ وَ لاَ تَرَكَتْ لَهُمُ اِسْتِكَانَةُ اَلْإِجْلاَلِ نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهِمْ وَ لَمْ تَجْرِ اَلْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُءُوبِهِمْ وَ لَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ وَ لَمْ تَجِفَّ لِطُولِ اَلْمُنَاجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهِمْ وَ لاَ مَلَكَتْهُمُ اَلْأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ اَلْجُؤَارِ إِلَيْهِ أَصْوَاتُهُمْ وَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ اَلطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ وَ لَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ اَلتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِهِ رِقَابَهِمْ.وَ لاَ تَعْدُو عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلاَدَةُ اَلْغَفَلاَتِ وَ لاَ تَنْتَضِلُ فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ اَلشَّهَوَاتِ قَدِ اِتَّخَذُوا ذَا اَلْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ وَ يَمَّمُوهُ عِنْدَ اِنْقِطَاعِ اَلْخَلْقِ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ وَ لاَ يَرْجِعُ بِهِمُ اَلاِسْتِهْتَارُ

٤٢٤

بِلُزُومِ طَاعَتِهِ إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِهِ وَ مَخَافَتِهِ لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ اَلشَّفَقَةِ مِنْهُمْ فَيَنُوا فِي جِدِّهِمْ وَ لَمْ تَأْسِرْهُمُ اَلْأَطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ اَلسَّعْيِ عَلَى اِجْتِهَادِهِمْ لَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَ لَوِ اِسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ اَلرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ وَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ اَلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ اَلتَّقَاطُعِ وَ لاَ تَوَلاَّهُمْ غِلُّ اَلتَّحَاسُدِ وَ لاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ اَلرَّيْبِ اَلرِّيَبِ وَ لاَ اِقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ اَلْهِمَمِ فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مِنْ رِبْقَتِهِ زَيْغٌ وَ لاَ عُدُولٌ وَ لاَ وَنًى وَ لاَ فُتُورٌ وَ لَيْسَ فِي أَطْبَاقِ اَلسَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ إِلاَّ وَ عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ اَلطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً وَ تَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً هذا موضع المثل إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل إذا جاء هذا الكلام الرباني و اللفظ القدسي بطلت فصاحة العرب و كانت نسبة الفصيح من كلامها إليه نسبة التراب إلى النضار الخالص و لو فرضنا أن العرب تقدر على الألفاظ الفصيحة المناسبة أو المقاربة لهذه الألفاظ من أين لهم المادة التي عبرت هذه الألفاظ عنها و من أين تعرف الجاهلية بل الصحابة المعاصرون لرسول الله ص هذه المعاني الغامضة السمائية ليتهيأ لها التعبير عنها أما الجاهلية فإنهم إنما كانت تظهر فصاحتهم في صفة بعير أو فرس أو حمار وحش أو ثور فلاة أو صفة جبال أو فلوات و نحو ذلك و أما الصحابة

٤٢٥

فالمذكورون منهم بفصاحة إنما كان منتهى فصاحة أحدهم كلمات لا تتجاوز السطرين أو الثلاثة أما في موعظة تتضمن ذكر الموت أو ذم الدنيا أو يتعلق بحرب و قتال من ترغيب أو ترهيب فأما الكلام في الملائكة و صفاتها و صورها و عباداتها و تسبيحها و معرفتها بخالقها و حبها له و ولهها إليه و ما جرى مجرى ذلك مما تضمنه هذا الفصل على طوله فإنه لم يكن معروفا عندهم على هذا التفصيل نعم ربما علموه جملة غير مقسمة هذا التقسيم و لا مرتبة هذا الترتيب بما سمعوه من ذكر الملائكة في القرآن العظيم و أما من عنده علم من هذه المادة كعبد الله بن سلام و أمية بن أبي الصلت و غيرهم فلم تكن لهم هذه العبارة و لا قدروا على هذه الفصاحة فثبت أن هذه الأمور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة لم تحصل إلا لعلي وحده و أقسم أن هذا الكلام إذا تأمله اللبيب اقشعر جلده و رجف قلبه و استشعر عظمة الله العظيم في روعه و خلده و هام نحوه و غلب الوجد عليه و كاد أن يخرج من مسكه شوقا و أن يفارق هيكله صبابة و وجدا.ثم نعود إلى التفسير فنقول الصفيح الأعلى سطح الفلك الأعظم و يقال لوجه كل شي‏ء عريض صفيح و صفحة.و الفروج الأماكن الخالية و الفجاج جمع فج و الفج الطريق الواسع بين جبلين أو حائطين و أجوائها جمع جو و هو ما اتسع من الأودية و يقال لما بين السماء و الأرض جو و يروى أجوابها جمع جوبة و هي الفرجة في السحاب و غيره و يروى أجوازها جمع جوز و هو وسط الشي‏ء و الفجوات جمع فجوة و هي الفرجة بين الشيئين تقول منه تفاجى الشي‏ء إذا صار له فجوة و منه الفجاء و هو تباعد ما بين عرقوبي البعير.و الزجل الصوت و حظائر القدس لفظة وردت في كلام رسول الله ص و أصل الحظيرة ما يعمل شبه البيت للإبل من الشجر ليقيها البرد فسمى

٤٢٦

ع تلك المواطن الشريفة المقدسة العالية التي فوق الفلك حظائر القدس و القدس بتسكين الدال و ضمها الطهر و التقديس التطهير و تقدس تطهر و الأرض المقدسة المطهرة و بيت المقدس أيضا و النسبة إليه قدسي و مقدسي و السترات جمع سترة و الرجيج الزلزلة و الاضطراب و منه ارتج البحر و تستك الأسماع تنسد قال النابغة

و نبئت خير الناس أنك لمتني

و تلك التي تستك منها المسامع

سبحات النور بضم السين و الباء عبارة عن جلالة الله تعالى و عظمته و تردع الأبصار تكفها و خاسئة أي سادرة و منه( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ اَلْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ ) و خسا بصره خسا و خسوءا أي سدر.و قوله على حدودها أي تقف حيث تنتهي قوتها لأن قوتها متناهية فإذا بلغت حدها وقفت و قوله أولي أجنحة من الألفاظ القرآنية.و قوله لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه أي لا يدعون الإلهية لأنفسهم و إن كان قوم من البشر يدعونها لهم و قوله لا يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفرد به فيه إشارة إلى مذهب أصحابنا في أن أفعال العباد مخلوقة لهم لأن فائدة هذا القيد و هو قوله انفرد به إنما تظهر بذلك.و أما الآيات المقدسة فالرواية المشهورة مُكْرَمُونَ و قرئ مكرمون بالتشديد و قرئ لا يسبقونه بالضم و المشهور القراءة بالكسر و المعنى أنهم يتبعون قوله و لا يقولون شيئا حتى يقوله فلا يسبق قولهم قوله و أراد أن يقول لا يسبقونه بقولهم فحذف الضمير المضاف إليه و أناب اللام منابه.

٤٢٧

ثم قال و هم بأمره يعملون أي كما أن قولهم تابع لقوله فعملهم أيضا كذلك فرع على أمره لا يعملون عملا ما لم يؤمروا به

و جاء في الخبر المرفوع عن رسول الله ص أنه رأى جبرائيل ليلة المعراج ساقطا كالحلس من خشية الله و الحلس الكساء الخفيف.و الزائغ العادل عن الطريق و الإخبات التذلل و الاستكانة و أبوابا ذللا أي سهلة وطيئة و منه دابة ذلول و تماجيده الثناء عليه بالمجد و المؤصرات المثقلات و الإصر الثقل.و تقول ارتحلت البعير أي ركبته و العقبة النوبة و الجمع عقب و معنى قوله و لم ترتحلهم عقب الليالي و الأيام أي لم تؤثر فيهم نوبات الليالي و الأيام و كرورها كما يؤثر ارتحال الإنسان البعير في ظهره و نوازعها شهواتها النازعة المحركة و روي نوازغها بالغين المعجمة من نزع بينهم أي أفسد.و لم تعترك الظنون أي لم تزدحم الظنون على يقينهم الذي عقدوه.و الإحن جمع إحنة و هي الحقد يقول لم تقدح قوادح الحقد في ضمائرهم.و ما لاق أي ما التصق و أثناء صدورهم جمع ثني و هي التضاعيف و الرين الدنس و الغلبة قال تعالى( كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ) .و تقترع من الاقتراع بالسهام بأن يتناوب كل من الوساوس عليها و يروى فيفترع بالفاء أي تعلو برينها فرعه أي علاه.و الغمام جمع غمامة و هي السحابة و الدلح الثقال جاء يدلح بجملة أي جاء مثقلا به و الجبال الشمخ العالية الشاهقة.و قوله في قترة الظلام أي سواده و الأيهم لا يهتدى فيه و منه

٤٢٨

فلاة يهماء و التخوم بضم التاء جمع تخم و هو منتهى الأرض أو القرية مثل فلس و فلوس و يروى تخوم بفتح التاء على أنها واحد و الجمع تخم مثل صبور و صبر.و ريح هفافة أي ساكنة طيبة يقول كان أقدامهم التي خرقت الهواء إلى حضيض الأرض رايات بيض تحتها ريح ساكنة ليست مضطربة فتموج تلك الرايات بل هي ساكنة تحبسها حيث انتهت

و جاء في الخبر أن لإسرافيل جناحين أحدهما في أقصى المشرق و الآخر في أقصى المغرب و أن العرش على كاهله و أنه ليتضاءل أحيانا لعظمة الله حتى يعود مثل الوضع و هو العصفور.ثم قال قد استفرغتهم أشغال عبادته تعالى أي جعلتهم فارغين إلا منها و يروى و وسلت حقائق الإيمان بالسين المشددة يقال وسل فلان إلى ربه وسيلة و الوسيلة ما يتقرب به و الجمع وسيل و وسائل و يقال وسلت إليه و توسلت إليه بمعنى.و سويداوات القلوب جمع سويداء و هي حبة القلب و الوشيجة في الأصل عرق الشجرة و هي هنا استعارة و حنيت ضلعي أي عوجتها و الربق جمع ربقة و هي الحبل.قوله و لم يتولهم الإعجاب أي لم يستول عليهم و الدءوب الجد و الاجتهاد و الأسلات جمع أسلة و هي طرف اللسان و مستدقه و الجؤار الصوت المرتفع و الهمس الصوت الخفي يقول ليست لهم أشغال خارجة عن العبادة فيكون لأجلها أصواتهم المرتفعة خافية ساكنة لا تعدو من عدا عليه إذا قهره و ظلمه و هو هاهنا استعارة.و لا تنتضل الخدائع في هممهم استعارة أيضا من النضال و هو المراماة بالسهام و ذو العرش هو الله تعالى و هذه لفظة قرآنية قال سبحانه( إِذاً لاَبْتَغَوْا إِلى‏ ذِي اَلْعَرْشِ

٤٢٩

سَبِيلاً ) يعني لابتغوا إلى الله تعالى سبيلا و قال تعالى( ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ) و الاستهتار مصدر استهتر فلان بكذا أي لازمه و أولع به.و قوله فينوا أي فيضعفوا وني يني و الجد الاجتهاد و الانكماش.ثم قال إنهم لا يستعظمون عبادتهم و لو أن أحدا منهم استعظم عبادته لأذهب خوفه رجاءه الذي يتولد من استعظام تلك العبادة يصفهم بعظم التقوى.و الاستحواذ الغلبة و الغل الحقد و تشعبتهم تقسمتهم و فرقتهم و منه قيل للمنية شعوب أي مفرقة و أخياف الهمم أي الهمم المختلفة و أصله من الخيف و هو كحل إحدى العينين دون الأخرى و منه المثل الناس أخياف أي مختلفون و الإهاب الجلد و الحافد المسرع و منه الدعاء اللهم إليك نسعى و نحفد.و اعلم أنه ع إنما كرر و أكد صفاتهم بما وصفهم به ليكون ذلك مثالا يحتذي عليه أهل العرفان من البشر فإن أعلى درجات البشر أن يتشبه بالملك و خلاصة ذلك أمور.منها العبادة القائمة.و منها ألا يدعى أحد لنفسه الحول و القوة بل لا حول و لا قوة.و منها أن يكون متواضعا ذا سكينة و وقار.و منها أن يكون ذا يقين لا تقدح فيه الشكوك و الشبهات.و منها ألا يكون في صدره إحنة على أحد من الناس.و منها شدة التعظيم و الهيبة لخالق الخلق تبارك اسمه.و منها أن تستفرغه أشغال العبادة له عن غيرها من الأشغال.

٤٣٠

و منها أنه لا تتجاوز رغباته مما عند الله تعالى إلى ما عند غيره سبحانه.و منها أن يعقد ضميره و قلبه على محبة الله تعالى و يشرب بالكأس الروية من حبه.و منها عظم التقوى بحيث يأمن كل شي‏ء عدا الله و لا يهاب أحدا إلا الله.و منها الخشوع و الخضوع و الإخبت و الذل لجلال عزته سبحانه.و منها ألا يستكثر الطاعة و العمل و إن جل و عظم.و منها عظم الرجاء الواقع في مقابلة عظم الخوف فإن الله تعالى يحب أن يرجى كما يحب أن يخاف

أبحاث تتعلق بالملائكة

و اعلم أنه يجب أن تعلم أبحاث متعددة تتعلق بالملائكة و يقصد فيها قصد حكاية المذهب خاصة و نكل الاحتجاج و النظر إلى ما هو مذكور في كتبنا الكلامية.البحث الأول في وجود الملائكة قال قوم من الباطنية السبيل إلى إثبات الملائكة هو الحس و المشاهدة و ذلك أن الملائكة عندهم أهل الباطن.و قالت الفلاسفة هي العقول المفارقة و هي جواهر مجردة عن المادة لا تعلق لها بالأجسام تدبيرا و احترزوا بذلك عن النفوس لأنها جواهر مفارقة إلا أنها تدبر الأبدان و زعموا أنهم أثبتوها نظرا.و قال أصحابنا المتكلمون الطريق إلى إثبات الملائكة الخبر الصادق المدلول على صدقه و في المتكلمين من زعم أنه أثبت الملائكة بطريق نظري و هو أنه لما وجد خلقا من طين وجب في العقل أن يكون في المخلوقات خلق من الهواء و خلق من النار فالمخلوق من الهواء هو الملك و المخلوق من النار الشيطان.

٤٣١

البحث الثاني في بنية الملائكة و هيئة تركيبهم قال أصحابنا المتكلمون أن الملائكة أجسام لطاف و ليسوا من لحم و دم و عظام كما خلق البشر من هذه الأشياء و قال أبو حفص المعود القرينسي من أصحابنا إن الملائكة من أجسام من لحم و عظم إنه لا فرق بينهم و بين البشر و إنما لم يروا لبعد المسافة بيننا و بينهم.و قد تبعه على هذا القول جماعة من معتزلة ما وراء النهر و هي مقالة ضعيفة لأن القرآن يشهد بخلافه في قوله( وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) و قوله( إِذْ يَتَلَقَّى اَلْمُتَلَقِّيانِ عَنِ اَلْيَمِينِ وَ عَنِ اَلشِّمالِ قَعِيدٌ ) فلو كانوا أجساما كثيفة كأجسامنا لرأيناهم.البحث الثالث في تكليف الملائكة حكى عن قوم من الحشوية أنهم يقولون إن الملائكة مضطرون الله جميع أفعالهم و ليسوا مكلفين.و قال جمهور أهل النظر إنهم مكلفون.و حكى عن أبي إسحاق النظام إنه قال إن قوما من المعتزلة قالوا إنهم جبلوا على الطاعة لمخالفة خلقهم خلقة المكلفين و أنهم قالوا لو كانوا مكلفين لم يؤمن أن يعصوا فيما أمروا به و قد قال تعالى( لا يَعْصُونَ اَللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) .و قال قوم إن أكثر الملائكة مكلفون و إن فيهم من ليس بمكلف بل هو مسخر للملائكة المكلفين كما أن الحيوانات ما هو غير مكلف بل هو مسخر للبشر و مخلوق لمصالحهم.قالوا و لا ننكر أن يكون الملائكة الذين ذكر منهم أنهم غلظ الأجسام و عظم الخلق و التركيب بحيث تبلغ أقدامهم إلى قرار الأرض قد جعلوا عمدا للسموات و الأرض فهم

٤٣٢

يحملونها بمنزلة الأساطين التي تحمل السقوف العالية و لم يرشحوا لأمر من الأمور سوى ذلك.البحث الرابع فيما يجوز من الملائكة و ما لا يجوز قال شيخنا أبو القاسم حكى أبو الحسن الخياط عن قدماء المعتزلة أنه لا يجوز أن يعصي أحد من الملائكة و لم يذكر عنهم علة في ذلك.و قال قوم إنهم لا يعصون و لا يجوز أن يعصوا لأنهم غير مطيقين الشهوة و الغضب فلا داعي لهم إلى المعصية و الفاعل لا يفعل إلا بداع إلى الفعل.و قال قوم إنهم لا يعصون لأنهم يشاهدون من عجائب صنع الله و آثار هيبته ما يبهرهم عن فعل المعصية و القصد إليها و كذلك قال تعالى( وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) .و قال قوم إنما لم يجز أن يعصوا لأن الله تعالى أخبر عنهم أنهم لا يعصون و لا ينكر مع ذلك أن يكون منهم من يتغير حاله و يتبدل بها حالة أخرى و يعصي على ما ورد من خبر الملكين ببابل و خبر إبليس و إنما يسلب عنهم المعصية ما داموا على حالهم التي هي عليها.و قال شيوخنا أصحاب أبي هاشمرحمه‌الله تعالى إن المعصية تجوز عليهم كما تجوز علينا إلا أن الله تعالى علم أن لهم ألطافا يمتنعون معها من القبيح لفعلها فامتنعوا من فعل القبيح اختيارا فكانت حالهم كحال الأنبياء من البشر يقدرون على المعصية و لا يفعلونها

٤٣٣

اختيارا من أنفسهم باعتبار الألطاف المفعولة لهم و لو كان لإبليس أو فرعون أو نمرود ألطاف يعلم الله تعالى إذا فعلها فعلوا الواجب و امتنعوا من فعل القبيح لفعلها بهم و لكانوا معصومين كالأنبياء و الملائكة لكنه تعالى علم أنهم لا يؤمنون و لو فعل مهما فعل فلا لطف في المعلوم و هذا عندهم حكم عام لجميع المكلفين من الإنس و الجن و الملائكة.البحث الخامس في أن أي القبيلين أفضل الملائكة أو الأنبياء قال أصحابنا نوع الملائكة أفضل من نوع البشر و الملائكة المقربون أفضل من نوع الأنبياء و ليس كل ملك عند الإطلاق أفضل من محمد ص بل بعض المقربين أفضل منه و هو ع أفضل من ملائكة أخرى غير الأولين و المراد بالأفضل الأكثر ثوابا و كذلك القول في موسى و عيسى و غيرهما من الأنبياء و الذي يحكيه قوم من أرباب المقالات أن المعتزلة قالوا إن أدنى ملك في السماء أفضل من محمد ص ليس بصحيح عنهم.و قال أهل الحديث و الأشعرية أن الأنبياء أفضل من الملائكة.و قال الشيعة الأنبياء أفضل من الملائكة و الأئمة أفضل من الملائكة.و قال قوم منهم و من الحشوية إن المؤمنين أفضل من الملائكة.البحث السادس في قدم الملائكة و حدوثهم أما الفلاسفة القائلون بأنهم العقول المفارقة فإنهم يذهبون إلى قدم الملائكة.و قال غيرهم من أهل الملل إنهم محدثون.و قال قوم من متأخري الحكماء إن نفوس البشر إذا فارقت الأبدان بالموت بقيت قائمة بأنفسها غير مدبرة لشي‏ء من الأبدان فإن كانت خيرة صالحة فهي الملائكة

٤٣٤

و إن كانت شريرة رديئة الجوهر فهي الشياطين فالملائكة عند هؤلاء محدثون و عندهم أن هذه النفوس تساعد نفوسا أخرى متعلقة بتدبير الأبدان أما على الخير أو على الشر فما ينسب في الكتب الإلهية إلى إغواء الشياطين للناس و إضلالهم فالمراد به تلك النفوس الشريرة و ما ينسب فيها إلى إعانة الملائكة لهم على الخير و الصلاح فالمراد به تلك النفوس الخيرة.البحث السابع في إبليس أ هو من الملائكة أو ليس منها قال شيخنا أبو عثمان و جماعة من أصحابنا إنه من الملائكة و لذلك استثناه الله تعالى فقال( فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ ) .و قال قوم إنه كان من الملائكة بدلالة هذه الآية لكن الله مسخه حيث خالف الأمر فهو بعد المسخ خارج عن الملائكة و قد كان قبل ذلك ملكا قالوا و معنى قوله( كانَ مِنَ اَلْجِنِّ ) أي من خزان الجنة و روي ذلك عن ابن عباس قالوا و يحمل على معناه أنه صار من الجن فيكون كان بمعنى صار كقوله تعالى( كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا ) أي من صار لأنها لو كانت كان على حقيقتها لوجب إلا يكلم بعضهم بعضا لأنهم كانوا صبيانا في المهود.قالوا و معنى صيرورته من الجن صيرورته ضالا كما أن الجن ضالون لأن الكفار بعضهم من بعض كما قال تعالى( وَاَلْمُنافِقُونَ وَ اَلْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) .

٤٣٥

و قال معظم أصحابنا إن إبليس ليس من الملائكة و لا كان منها و إنما استثناه الله تعالى منهم لأنه كان مأمورا بالسجود معهم فهو مستثنى من عموم المأمورين بالسجود لا من خصوص الملائكة.البحث الثامن في هاروت و ماروت هل هما من الملائكة أم لا قال جمهور أصحابنا إنهما من الملائكة و إن القرآن العظيم قد صرح بذلك في قوله( وَ ما أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ ) و إن الذي أنزل عليهما هو علم السحر ابتلاء من الله تعالى للناس فمن تعلمه منهم و عمل به كان كافرا و من تجنبه أو تعلمه لا ليعمل به و لكن ليتوقاه كان مؤمنا قالوا و ما كان هذان الملكان يعلمان أحدا حتى ينبهاه و ينهياه و ينصحاه و يقولا له( إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ ) أي ابتلاء و اختبار من الله( فَلا تَكْفُرْ ) و لا تتعلمه معتقدا أنه حق.و حكى عن الحسن البصري أن هاروت و ماروت علجان أقلفان من أهل بابل كانا يعلمان الناس السحر و قرأ الحسن( على الملكين ببابل ) بكسر اللام.و قال قوم كانا من الملائكة فعصيا الله تعالى بالحيف في الحكومة و قد كان استقضاهما في الأرض و ركب فيهما الشهوة و الغضب على نحو ما ركب في البشر امتحانا لهما لأنهما قد كانا عيرا البشر بالمعصية فلما عصيا حبسهما الله تعالى و عاقبهما بعذاب معجل و ألهمهما كلاما إذا تكلما به سكن بعض ما بهما من الألم و إن السحرة يستمعون ذلك الكلام فيحفظونه و يفرقون به بين المرء و زوجه فإنهما يتقدمان إلى من يحضرهما عند ما يتكلمان بالزجر عن العمل بذلك الكلام و يقولان( إِنَّما نَحْنُ

٤٣٦

فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) ،و هما لم يكفرا و لا دعوا إلى السحر و إن عذابهما سيقطع و قد جاء في الأخبار ما يوافق هذا.و قال قوم من الحشوية إنهما شربا الخمر و قتلا النفس و زنيا بامرأة اسمها باهيد فمسخت و هي الزهرة التي في السماء : وَ مِنْهَا فِي صِفَةِ اَلْأَرْضِ وَ دَحْوِهَا عَلَى اَلْمَاءِ كَبَسَ اَلْأَرْضَ عَلَى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ وَ لُجَجِ بِحَارِ زَاخِرَةٍ تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أَمْوَاجِهَا وَ تَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِهَا وَ تَرْغُو زَبَدًا كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا فَخَضَعَ جِمَاحُ اَلْمَاءِ اَلْمُتَلاَطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا وَ سَكَنَ هَيْجُ اِرْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا وَ ذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمَعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا فَأَصْبَحَ بَعْدَ اِصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ سَاجِياً مَقْهُوراً وَ فِي حَكَمَةِ اَلذُّلِّ مُنْقَاداً أَسِيراً وَ سَكَنَتِ اَلْأَرْضُ مَدْحُوَّةً فِي لُجَّةِ تَيَّارِهِ وَ رَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ وَ اِعْتِلاَئِهِ وَ شُمُوخِ أَنْفِهِ وَ سُمُوِّ غُلَوَائِهِ وَ كَعَمَتْهُ عَلَى كِظَّةِ جَرْيَتِهِ فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ وَ لَبَدَ بَعْدَ زَيَفَانِ وَثَبَاتِهِ فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ اَلْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا وَ حَمَلَ شَوَاهِقَ اَلْجِبَالِ اَلشُّمَّخِ اَلْبُذَّخِ عَلَى أَكْتَافِهَا فَجَّرَ يَنَابِيعَ اَلْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أُنُوفِهَا وَ فَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وَ أَخَادِيدِهَا وَ عَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا وَ ذَوَاتِ اَلشَّنَاخِيبِ اَلشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا فَسَكَنَتْ مِنَ اَلْمَيَدَانِ لِرُسُوبِ اَلْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا وَ تَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً فِي جَوْبَاتِ خَيَاشِيمِهَا وَ رُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ اَلْأَرَضِينَ وَ جَرَاثِيمِهَا وَ فَسَحَ

٤٣٧

بَيْنَ اَلْجَوِّ وَ بَيْنَهَا وَ أَعَدَّ اَلْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا وَ أَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِهَا ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي تَقْصُرُ مِيَاهُ اَلْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا وَ لاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ اَلْأَنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلَى بُلُوغِهَا حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي مَوَاتَهَا وَ تَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ اِفْتِرَاقِ لُمَعِهِ وَ تَبَايُنِ قَزَعِهِ حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ اَلْمُزْنِ فِيهِ وَ اِلْتَمَعَ بَرْقُهُ فِي كُفَفِهِ وَ لَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ وَ مُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارِكاً قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ يَمْرِي تَمْرِيهِ اَلْجَنُوبُ دِرَرَ أَهَاضِيبِهِ وَ دُفَعَ شآبِيبِهِ.فَلَمَّا أَلْقَتِ اَلسَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا وَ بَعَاعَ مَا اِسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ اَلْعِبْ‏ءِ اَلْمَحْمُولِ عَلَيْهَا أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ اَلْأَرْضِ اَلنَّبَاتَ وَ مِنْ زُعْرِ اَلْجِبَالِ اَلْأَعْشَابَ فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا وَ تَزْدَهِي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ أَزَاهِيرِهَا وَ حِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا وَ جَعَلَ ذَلِكَ بَلاَغاً لِلْأَنَامِ وَ رِزْقاً لِلْأَنْعَامِ وَ خَرَقَ اَلْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا وَ أَقَامَ اَلْمَنَارَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا كبس الأرض أي أدخلها في الماء بقوة و اعتماد شديد و يقال لضرب من التمر الكبيس لأنه يكبس حتى يتراص و المور مصدر مار أي ذهب و جاء و مستفحلة هائجة هيجان الفحول و استفحل الأمر تفاقم و اشتد و زاخرة زخر الماء أي امتد جدا و ارتفع.و الأواذي جمع آذي و هو الموج و تصطفق يضرب بعضها بعضا و الأثباج هاهنا

٤٣٨

أعالي الأمواج و أصل الثبج ما بين الكاهل إلى الظهر فنقل إلى هذا الموضع استعارة.و ترغو تصوت صوت البعير و الرغاء صوت ذات الخف و في المثل كفى برغائها مناديا أي أن رغاء بعير المضيف يقوم مقام ندائه للضيافة و القرى و زبدا على هذا منصوب بفعل مقدر تقديره و ترغو قاذفة زبدا و الزبد ما يظهر فوق السيل يقال قد أزبد البحر و السيل و بحر مزبد أي مالح يقذف بالزبد و الفحول عند هياجها فحول الإبل إذا هاجت للضراب.و جماح الماء صعوده و غليانه و أصله من جماح الفرس و هو أن يعز فارسه و يغلبه و الجموح من الرجال الذي يركب هواه فلا يمكن رده و خضع ذل و هيج الماء اضطرابه هاج هيجا و هياجا و هيجانا و اهتاج و تهيج كله بمعنى أي ثار و هاجه غيره يتعدى و لا يتعدى و هيج ارتمائه يعنى تقاذفه و تلاطمه يقال ارتمى القوم بالسهام و بالحجارة ارتماء و كلكلها صدرها و جاء كلكل و كلكال و ربما جاء في ضرورة الشعر مشددا قال

كأن مهواها على الكلكل

موضع كفي راهب مصلى

و المستخذي الخاضع و قد يهمز و قيل لأعرابي في مجلس أبي زيد كيف تقول استخذأت ليتعرف منه الهمزة فقال العرب لا تستخذئ و همزه و أكثر ما يستعمل ملينا و أصله من خذا الشي‏ء يخذو و خذوا أي استرخى و يجوز خذي بكسر الذال و أذن خذواء بينة الخذاء أي مسترخية.و تمعكت تمرغت مستعار من تمعك الدابة في الأرض و قالوا معكت الأديم أي دلكته و كواهلها جمع كاهل و هو ما بين الكتفين و يسمى الحارك.

٤٣٩

و اصطخاب أمواجه افتعال من الصخب و هو الصياح و الجلبة يقال صخب الرجل فهو صخبان و اصطخب افتعل منه قال

إن الضفادع في الغدران تصطخب

و الساجي الساكن و الحكمة ما أحاط من اللجام بحنك الدابة و كانت العرب تتخذها من القد و الأبق لأن الزينة لم تكن قصدهم قال زهير

القائد الخيل منكوبا دوابرها

قد أحكمت حكمات القد و الأبقا

و استعار الحكمة هاهنا فجعل للذل حكمة ينقاد الماء بها و يذل إليها.و مدحوة مبسوطة قال تعالى( وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ) و يجوز أن تكون مدحوة هاهنا بمعنى مقذوفة مرمية يقال دحوت الحصاة أي قذفتها و يقال للاعب الجوز ادح و أبعد المدى و التيار أعظم الموج و لجته أعمقه و البأو الكبر و الفخر تقول بأوت على القوم أبأى بأوا قال حاتم

فما زادنا بأوا على ذي قرابة

غنانا و لا أزرى بأحسابنا الفقر

و هذا الكلام استعارة يقال كسرت الأرض سورة الماء الجامح كما تكسر سورة بأو الرجل المتكبر المفتخر و الاعتلاء التيه و التكبر و الشموخ العلو مصدر شمخ بأنفه أي تكبر و الجبال الشوامخ الشاهقة و السمو العلو و سمو علوائه أي غلوه و تجاوزه الحد.

٤٤٠

و كعمته أي شددت فمه لما هاج من الكعام و هو شي‏ء يجعل في فم البعير و بعير مكعوم.و الكظة الجهد و الثقل الذي يعتري الإنسان عند الامتلاء من الطعام يقول كعمت الأرض الماء حال كونه مكظوظا لشدة امتلائه و كثرته و ازدحام أمواجه فهمد أي سكن همدت النار تهمد بالضم همودا أي طفئت و ذهبت البتة و الخمود دون الهمود و النزقات الخفة و الطيش نزق الرجل بالكسر ينزق نزقا و النزقات الدفعات من ذلك.و لبد الشي‏ء بالأرض يلبد بالضم لبودا أي لصق بها ساكنا و الزيفان التبختر في المشي زاف البعير يزيف و الزيافة من النوق المختالة و يروى و لبد بعد زفيان وثباته و الزفيان شدة هبوب الريح يقال زفته الريح زفيانا أي طردته و ناقة زفيان سريعة و قوس زفيان سريعة الإرسال للسهم و أكنافها جوانبها و كنفا الطائر جناحاه و يقال صلاء مكنف أي أحيط به من جوانبه و تكنفه القوم و اكتنفوه أحاطوا به.و الجبال الشواهق العالية و مثله البذخ و العرنين أول الأنف تحت مجتمع الحاجبين و الينابيع جمع ينبوع و هو ما انفجر من الأرض عن الماء و السهوب جمع سهب و هو الفلاة و البيد جمع بيداء و هي الفلاة أيضا.و الأخاديد جمع أخدود و هو الشق في الأرض قال تعالى( قُتِلَ أَصْحابُ اَلْأُخْدُودِ ) و الراسيات الثقال و الشناخيب رءوس الجبال و الشم العالية و الجلاميد الصخور واحدها جلمود و الصياخيد جمع صيخود و هي الصخرة الصلبة.

٤٤١

و الميدان التحرك و الاضطراب و ماد الرجل يميد أي تبختر و رسوب الجبال نزولها رسب الشي‏ء في الماء أي سفل فيه و سيف رسوب ينزل في العظام.و قوله في قطع أديمها جمع قطعة يريد في أجزائها و أبعاضها و يروى في قطع أديمها بضم القاف و فتح الطاء جمع قطعة و هي القطعة مفروزة من الأرض و حكي أن أعرابيا قال ورثت من أبي قطعة و يروى في قطع أديمها بسكون الطاء و القطع طنفسة الرحل فنقل ذلك إلى هذا الموضع استعارة كأنه جعل الأرض ناقة و جعل لها قطعا و جعل الجبال ثابتة في ذلك القطع.و أديم الأرض وجهها و ظاهرها و تغلغل الماء في الشجر دخوله و تخلله في أصوله.و عروقه متسربة أي داخلة تسرب الثعلب أي دخل السرب و جوبات جمع جوبة و هي الفرجة في جبل أو غيره و خياشيمها جمع خيشوم و هو أقصى الأنف و تقول خشمت الرجل خشما أي كسرت خيشومه و جراثيمها جمع جرثومة و هي أصل الشجر.و فسح أوسع و متنسما يعني موضع النسيم و الأرض الجرز التي لا نبات فيها لانقطاع المطر عنها و هذه من الألفاظ القرآنية و الروابي التلاع و ما علا من الأرض و الجداول الأنهار الصغار جمع جدول و الذريعة الوصلة.و ناشئة سحاب ما يبتدئ ظهوره و الموات بفتح الميم القفر من الأرض و اللمع جمع لمعة و هي القطعة من السحاب أو غيره و تباين قزعه القزع قطع من السحاب رقيقة واحدها قزعة قال الشاعر

٤٤٢

كأن رعاله قزع الجهام

و في الحديث كأنهم قزع الخريف و تباينها افتراقها و تمخضت تحركت بقوة يقال تمخض اللبن إذا تحرك في الممخضة و تمخض الولد تحرك في بطن الحامل و الهاء في فيه ترجع إلى المزن أي تحركت لجة المزن في المزن نفسه أي تحرك من السحاب وسطه و ثبجه.و التمع البرق و لمع أي أضاء و كففه جمع كفة و الكفة كالدارة تكون في السحاب.و كان الأصمعي يقول كل ما استطال فهو كفة بالضم نحو كفة الثوب و هي حاشيته و كفة الرمل و الجمع كفاف و كل ما استدار فهو كفة بالكسر نحو كفة الميزان و كفة الصائد و هي حبالته و الجمع كفف و يقال أيضا كفة الميزان بالفتح و الوميض الضياء و اللمعان.و قوله لم ينم أي لم يفتر و لم ينقطع فاستعار له لفظة النوم و الكنهور العظيم من السحاب و الرباب الغمام الأبيض و يقال إنه السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب و قد يكون أبيض و قد يكون أسود و هو جمع و الواحدة ربابة و به سميت المرأة الرباب.و المتراكم الذي قد ركب بعضه بعضا و الميم بدل من الباء و سحا صبا و سحابة سحوح و تسحسح الماء سال و مطر سحساح أي يسح شديدا و متداركا يلحق بعضه بعضا من غير انقطاع و أسف دنا من الأرض و هيدبه ما تهدب منه أي تدلى كما يتدلى هدب العين على أشفارها و يمري الجنوب و هو بمعنى يحلب و يستدر و يروى تمريه الجنوب.على أن يعدى الفعل إلى المفعولين كما تقول حلبت الناقة لبنا و يروى تمتري الجنوب و هو بمعنى تمري من مريت الفرس و امتريته إذا استخرجت بالسوط ما عنده من الجري و إنما

٤٤٣

خص الجنوب بذلك لأنها الريح التي يكون عليها المطر و الدرر جمع درة و هي كثرة اللبن و سيلانه و صبه و الأهاضيب جمع هضاب و الهضاب جمع هضب و هي حلبات القطر بعد القطر و الدفع جمع دفعة بالضم و هي كالدفقة من المطر بالضم أيضا و الشآبيب جمع شؤبوب و هي رشة قوية من المطر تنزل دفعة بشدة و البرك الصدر و بوانيها تثنية بوان على فعال بكسر الفاء و هو عمود الخيمة و الجمع بون بالضم قال الشاعر

أصبر من ذي ضاغط عركرك

ألقى بواني زوره للمبرك

و من روى بوانيها أراد لواصقها من قولك قوص بانية إذا التصقت بالوتر.و الرواية الأولى أصح و بعاع السحاب ثقله بالمطر قال إمرؤ القيس

و ألقى بصحراء الغبيط بعاعه

نزول اليماني بالعياب المثقل

و العب‏ء الثقل و استقلت ارتفعت و نهضت و هوامد الأرض هي الأرضون التي لا نبات بها و زعر الجبال جمع أزعر و المراد به قلة العشب و الخلى و أصله من الزعر و هو قلة الشعر في الرأس قال

من يك ذا لمة يرجلها

فإنني غير ضائري زعري

و قد زعر الرجل يزعر قل شعره و تبهج تسر و تفرح تقول بهجني أمر كذا بالفتح و أبهجني معا أي سرني و من رواه بضم الهاء أراد يحسن و يملح من البهجة و هي الحسن يقال بهج الرجل بالضم بهاجة فهو بهيج أي حسن قال الله تعالى( مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) و تقول قد أبهجت الأرض بالهمزة أي بهج نباتها و حسن.

٤٤٤

و تزدهي أي تتكبر و هي اللغة التي حكاها ابن دريد قال تقول زها الرجل يزهو زهوا أي تكبر و على هذه اللغة تقول ازدهى الرجل يزدهي كما تقول من علا اعتلى يعتلي و من رمى ارتمى يرتمي و أما من رواها و تزدهى بما ألبسته على ما لم يسم فاعله فهي اللغة المشهورة تقول زهي فلان علينا و للعرب أحرف تتكلم بها على سبيل المفعول به و إن كانت بمعنى الفاعل كقولهم عني بالأمر و نتجت الناقة فتقول على هذه اللغة فلان يزدهى بكذا.و الريط جمع ريطة و هي الملاءة غير ذات لفقين و الأزاهير النور ذو الألوان.و سمطت به علق عليها السموط جمع سمط و هو العقد و من رواه شمطت بالشين المعجمة أراد ما خالط سواد الرياض من النور الأبيض كالأقحوان و نحوه فصارت الرياض كالشعر الأشمط و الناضر ذو النضارة و هي الحسن و الطراوة.و بلاغا للأنام أي كفاية و الآفاق النواحي و المنار الأعلام

فصول متنوعة تتعلق بالخطبة

و ينبغي أن نتكلم في هذا الموضع في فصول.الفصل الأول في كيفية ابتداء خلق الأرض.ظاهر كلام أمير المؤمنين ع أن الماء خلق قبل الأرض و قد ذكرنا فيما تقدم أنه قول لبعض الحكماء و أنه موافق لما في التوراة إلا أن في كلامه ع في هذا الموضع إشكالا و ذلك أن لقائل أن يقول كلامه يشعر بأن هيجان الماء و غليانه و موجه

٤٤٥

سكن بوضع الأرض عليه و هذا خلاف ما يشاهد و خلاف ما يقتضيه العقل لأن الماء الساكن إذا جعل فيه جسم ثقيل اضطرب و تموج و صعد علوا فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثقيل فيه.و الجواب أن الماء إذا كان تموجه من قبل ريح هائجة جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه و بين تلك الريح و لذلك إذا جعلنا في الإناء ماء و روحناه بمروحة تموجه فإنه يتحرك فإن جعلنا على سطح الماء جسما يملأ حافات الإناء و روحنا بالمروحة فإن الماء لا يتحرك لأن ذلك الجسم قد حال بين الهواء المجتلب بالمروحة و بين سطح الماء فمن الجائز أن يكون الماء الأول هائجا لأجل ريح محركة له فإذا وضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء و بين تلك الريح و قد مر في كلام أمير المؤمنين في الخطبة الأولى ذكر هذه الريح فقال ريح اعتقم مهبها و أدام مربها و أعصف مجراها و أبعد منشأها فأمرها بتصفيق الماء الزخار و إثارة موج البحار فمخضت مخض السقاء و عصفت به عصفها بالفضاء.الفصل الثاني في بيان قوله ع فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها و حمل شواهق الجبال البذخ على أكتافها فجر ينابيع العيون فيها و عدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها.و ذلك لأن العامل في لما يجب أن يكون أمرا مباينا لما أضيفت إليه مثاله لما قام زيد قام عمرو فقام الثانية هي العاملة في لما فيجوز أن تكون أمرا مباينا لما أضيف لما إليه و هو قيام زيد و هاهنا قد قال ع لما حمل الله تعالى شواهق الجبال على الأرض عدل حركات الأرض بالجبال و معلوم أن أحد الأمرين هو الآخر.و الجواب أنه ليس أحد الأمرين هو الآخر بعينه بل الثاني معلول الأول و موجب

٤٤٦

عنه لأن الأول هو حمل الجبال عليها و الثاني تعديل حركاتها بالجبال المحمول عليها فكأنه قال حمل عليها الجبال فاقتضى ذلك الحمل تعديل حركاتها و معلوم أن هذا الكلام منتظم.الفصل الثالث في قوله إن الجبال هي المسكنة للأرض.فنقول إن هذا القول يخالف قول الحكماء لأن سكون الأرض عند الحكماء لم يكن لذلك بل لأنها تطلب المركز و هي حاصلة في حيزها الطبيعي لكنا و إن كان مخالفا لقول الحكماء فإنا نعتقده دينا و مذهبا و نعدل عن قول الحكماء لأن اتباع قوله ع أولى من اتباع أقوالهم.الفصل الرابع في ذكر نظائر لما وصف به المطر و السحاب.فمن ذلك ما رواه عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال سئل أعرابي عن مطر فقال استقل سد مع انتشار الطفل فشصا و احزأل ثم اكفهرت أرجاؤه و احمومت ارحاؤه و انزعرت فوارقه و تضاحكت بوارقه و استطار وادقه و أرسعت جوبه و ارتعن هيدبه و حسكت أخلافه و استقلت أردافه و انتشرت أكنافه فالرعد يرتجس و البرق يختلس و الماء ينبجس فأترع الغدر و أنبت الوجر و خلط الأوعال بالآجال و قرن الصيران بالرئال فللأودية هدير و للشراج خرير و للتلاع زفير و حط النبع و العنم من القلل الشم إلى القيعان الصحم فلم يبق في القلل إلا معصم

٤٤٧

مجرنثم أو داحض محرجم و ذلك من فضل رب العالمين على عباده المذنبين.قلت السد السحاب الذي يسد الأفق و أصل الجبل و الطفل اختلاط الظلام و انتشاره حال غروب الشمس و شصا ارتفع و علا و احزأل انتصب و اكفهرت أرجاؤه غلظت نواحيه و جوانبه و تراكمت و احمومت اسودت مع مخالطة حمرة و أرجاؤه أوساطه و انزعرت تفرقت و الفوارق قطع من السحاب تتفرق عنه مثل فرق الإبل و هي النوق إذا أرادت الولادة فارقت الإبل و بعدت عنها حيث لا ترى و تضاحكت بوارقه لمعت و استطار انتشر و الوادق ذو الودق و هو مطر كبار و أرسعت جوبه أي تلاءمت فرجه و التحمت و ارتعن استرخى و هيدبه ما تدلى منه و حسكت أخلافه امتلأت ضروعه و أرادفه مآخره و أكنافه نواحيه و يرتجس يصوت و الرجس الصوت و يختلس يستلب البصر و ينبجس ينصب فأترع الغدر ملأها جمع غدير و أنبت الوجر حفرها جمع وجار و هو بيت الضبع و الآجال جمع إجل و هو قطيع البقر و الصيران مثله جمع صوار و الرئال جمع رأل و هو فرخ النعام و الهدير الصوت و الشراج جمع شرج و هو مسيل الماء إلى الحرة و خرير الماء صوته و زفير التلاع أن تزفر بالماء لفرط امتلائها و النبع شجر و العنم شجر آخر و كلاهما لا ينبت إلا في رءوس الجبال و الشم العالية و الصحم السود التي تضرب إلى الصفرة و المعصم المعتصم الملتجئ و المجرنثم المتقبض و الداحض الزالق الواقع و المحرجم المصروع.و من ذلك ما رواه أبو حاتم عن الأصمعي قال سألت أعرابيا من بني عامر بن صعصعة عن مطر أصاب بلادهم فقال نشأ عارضا فطلع ناهضا ثم ابتسم وامضا فاعتن في الأقطار فأشجاها و امتد في

٤٤٨

الآفاق فغطاها ثم ارتجس فهمهم ثم دوي فأظلم فأرك و دث و بغش و طش ثم قطقط فأفرط ثم ديم فأغمط ثم ركد فأثجم ثم وبل فسجم و جاد فأنعم فقمس الربا و أفرط الزبى سيعا تباعا يريد انقشاعا حتى إذا ارتوت الحزون و تضحضحت المتون ساقه ربك إلى حيث يشاء كما جلبه من حيث شاء.قلت العارض سحاب يعترض في الأفق و اعتن اعترض و أشجاها ملأها فكان كالشجى في حلقها و ارتجس صوت و الهمهمة صوت الرعد و دوي أحدث دويا فأظلم أعدم الضوء من الأرض بتكاثفه فأرك أي مطر ركا و الرك المطر الضعيف و كذلك الدث و البغش و الطش و فوق ذلك القطقط و ديم صار ديمة و هي المطر أياما لا يقلع و أغمط أي دام و أثجم أقام و وبل جاء بالوابل و هو المطر العظيم و سجم صب و أنعم بالغ و قمس غوص في الماء و أفرط الزبى ملأها جمع زبية و هي حفيرة تحفر للوحوش في مكان مرتفع و الحزون جمع حزن و هو ما غلظ من الأرض و المتون جمع متن و هو الصلب من الأرض و تضحضحت صار فوقها ضحضاح من الماء و هو الرقيق.و من ذلك ما رواه أبو حاتم أيضا عن الأصمعي قال سألت أعرابيا عن مطر أصابهم بعد جدب فقال ارتاح لنا ربك بعد ما استولى اليأس على الظنون و خامر القلوب القنوط فأنشأ بنوء الجبهة قزعة كالقرص من قبل العين فاحزألت عند ترجل النهار لأدهم السرار حتى إذا نهضت في الأفق طالعة أمر مسخرها الجنوب فتبسمت لها فانتثرت أحضانها و احمومت أركانها و بسق عنانها و اكفهرت رحاها و انبعجت كلاها و ذمرت

٤٤٩

أخراها أولاها ثم استطارت عقائقها و ارتعجت بوارقها و تعقعقت صواعقها ثم ارتعبت جوانبها و تداعت سواكبها و درت حوالبها فكانت للأرض طبقا شج فهضب و عم فأحسب فعل القيعان و ضحضح الغيطان و صوح الأضواج و أترع الشراج فالحمد لله الذي جعل كفاء إساءتنا إحسانا و جزاء ظلمنا غفرانا.قلت نوء الجبهة محمود عندهم للمطر و القزعة القطعة الصغيرة من السحاب و القرص الترس و العين ما عن يمين قبلة العراق و ترجل النهار انبساط الشمس و الأدهم أحد ليالي السرار و الأحضان النواحي و احمومت اسودت و بسق علا و العنان ما يعترض من السحاب في الأفق و انبعجت انفتقت و ذمرت حضت و العقائق البروق و ارتعجت اهتزت و ارتعدت و طبقا أي غطت الأرض و هضب جاء بالمطر دفعة فدفعة و أحسب كفى و عل القيعان سقاها مرة بعد أخرى و الغيطان جمع غائط و هو ما سفل من الأرض و صوح الأضواج هدم الأجواف و أترع الشراج ملأ المسيلات.و من ذلك ما رواه ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه الأصمعي قال سمعت أعرابيا من بني عامر يصف مطرا قال نشأ عند القصر بنوء الغفر حيا عارضا ضاحكا وامضا فكلا و لا ما كان حتى شجيت به أقطار الهواء و احتجبت به السماء ثم أطرق فاكفهر و تراكم فادلهم و بسق فازلأم ثم حدت به الريح فخر و البرق مرتعج و الرعد مبتوج و الحدج مبتعج فأثجم ثلاثا متحيرا هثهاثا أخلافه حاشكة و دفعه متواشكة و سوامه متعاركة ثم ودع منجما و أقلع متهما محمود البلاء مترع النهاء مشكور النعماء بطول ذي الكبرياء.قلت القصر العشي و الغفر من نجوم الأسد و الحيا الداني من الأرض.و قوله كلا و لا أي في زمان قصير جدا و شجيت به الأقطار صار كالشجى لها

٤٥٠

و ازلأم انتصب و المرتعج المتدارك و المبتوج العالي الصوت و الحدج السحاب أول ما ينشأ و يتبعج يشقق و أثجم دام متحيرا أي كأنه قد تحير لا وجه له يقصده و الهثهاث المداخل و أخلافه حاشكة أي ضروعة ممتلئة و دفعه متواشكة أي مسرعة و سوامه متعاركة شبه قطع السحاب بسوام الإبل و منجما مقلعا و متهما يسير نحو تهامة

الفصل الخامس في بيان أنه ع إمام أرباب صناعة البديع

و ذلك لأن هذا الفن لا يوجد منه في كلام غيره ممن تقدمه إلا ألفاظ يسيرة غير مقصودة و لكنها واقعة بالاتفاق كما وقع التجنيس في القرآن العزيز اتفاقا غير مقصود و ذلك نحو قوله يا أَسَفى‏ عَلى‏ يُوسُفَ و كما وقعت المقابلة أيضا غير مقصودة في قوله وَ اَلسَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ اَلْمِيزانَ على أنها ليست مقابلة في المعنى بل من اللفظ خاصة و لما تأمل العلماء شعر إمرئ القيس و وجدوا فيه من الاستعارة بيتا أو بيتين نحو قوله يصف الليل

فقلت له لما تمطى بصلبه

و أردف أعجازا و ناء بكلكل

و قوله

و إن يك قد ساءتك مني خليقة

فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

و لم ينشدوا مثل ذلك في أشعار الجاهلية حكموا له بأنه إمام الشعراء و رئيسهم.و هذا الفصل من كلام أمير المؤمنين ع قد اشتمل من الاستعارة العجيبة و غيرها من أبواب البديع على ما لو كان موجودا في ديوان شاعر مكثر أو مترسل مكثر

٤٥١

لكان مستحق التقديم بذلك أ لا تراه كيف وصف الأمواج بأنها مستفحلة و أنها ترغو رغاء فحول الإبل ثم جعل الماء جماحا ثم وصفه بالخضوع و جعل للأرض كلكلا و جعلها واطئة للماء به و وصف الماء بالذل و الاستخذاء لما جعل الأرض متمعكة عليه كما يتمعك الحمار أو الفرس و جعل لها كواهل و جعل للذل حكمة و جعل الماء في حكمة الذل منقادا أسيرا و ساجيا مقهورا و جعل الماء قد كان ذا نخوة و بأو و اعتلاء فردته الأرض خاضعا مسكينا و طأطأت من شموخ أنفه و سمو غلوائه و جعلها كاعمة له و جعل الماء ذا كظة بامتلائه كما تعتري الكظة المستكثر من الأكل ثم جعله هامدا بعد أن كانت له نزقات و لابدا بعد أن كانت له وثبات ثم جعل للأرض أكتافا و عرانين و أنوفا و خياشيم ثم نفى النوم عن وميض البرق و جعل الجنوب مارية درر السحاب ثم جعل للسحاب صدرا و بوانا ثم جعل الأرض مبتهجة مسرورة مزدهاة و جعل لها ريطا من لباس الزهور و سموطا تحلى بها فيا لله و للعجب من قوم زعموا أن الكلام إنما يفضل بعضه بعضا لاشتماله على أمثال هذه الصنعة فإذا وجدوا في مائه ورقة كلمتين أو ثلاثا منها أقاموا القيامة و نفخوا في الصور و ملئوا الصحف بالاستحسان لذلك و الاستظراف ثم يمرون على هذا الكلام المشحون كله بهذه الصنعة على ألطف وجه و أرصع وجه و أرشق عبارة و أدق معنى و أحسن مقصد ثم يحملهم الهوى و العصبية على السكوت عن تفضيله إذا أجملوا و أحسنوا و لم يتعصبوا لتفضيل غيره عليه على أنه لا عجب فإنه كلام علي ع و حظ الكلام حظ المتكلم و أشبه امرأ بعض بزه.

٤٥٢

الفهرس

کتاب شرح نهج البلاغة الجزء السادس ابن ابي الحديد 1

يوم السقيفة 5

قصيدة أبي القاسم المغربي و تعصبه للأنصار على قريش 14

أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر 17

ذكر أمر فاطمة مع أبي بكر 46

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص و نسبه 55

ولاية قيس بن سعد على مصر ثم عزله 57

ولاية محمد بن أبي بكر على مصر و أخبار مقتله 65

خطبة للإمام علي بعد مقتل محمد بن أبي بكر 94

خبر مقتل محمد بن أبي حذيفة 100

طائفة من الأشعار الواردة في ذم الجبن 104

أخبار الجبناء و ذكر نوادرهم 107

خبر مقتل الإمام علي كرم الله وجهه 113

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي و الرد عليه 129

خطبة الإمام علي بعد يوم النهروان 134

من خطب الإمام علي أيضا 136

معنى الصلاة على النبي و الخلاف في جواز الصلاة على غيره 143

مروان بن الحكم و نسبه و أخباره 148

كلام لعلي قبل المبايعة لعثمان 167

من أدعية رسول الله المأثورة 178

من أدعية الصحيفة 178

من الأدعية المأثورة عن عيسى ع 187

٤٥٣

من الأدعية المأثورة عن بعض الصالحين 187

آداب الدعاء 196

القول في أحكام النجوم 200

أخبار عائشة في خروجها من مكة إلى البصرة بعد مقتل عثمان 215

الآثار و الأخبار الواردة في الزهد 231

فصل في ذكر القبر و سؤال منكر و نكير 273

نسب عمرو بن العاص و طرف من أخباره 281

مفاخرة بين الحسن بن علي و رجالات من قريش 285

عمرو بن العاص و معاوية 294

عبد الله بن جعفر و عمرو بن العاص في مجلس معاوية 295

عبد الله بن العباس و رجالات قريش في مجلس معاوية 298

عمارة بن الوليد و عمرو بن العاص في الحبشة 304

أمر عمرو بن العاص مع جعفر بن أبي طالب في الحبشة 307

أمر عمرو بن العاص في صفين 312

خبر إسلام عمرو بن العاص 318

بعث رسول الله عمرا إلى ذات السلاسل 319

ولايات عمرو في عهد الرسول و الخلفاء 320

نبذ من كلام عمرو بن العاص 321

فصل في شرح ما نسب إلى علي من الدعابة 326

أقوال و حكايات في المزاح 330

نبذ و أقول في حسن الخلق و مدحه 337

فصل في ذكر أسباب الغلظة و الفظاظة 340

فصل في ذم الكذب و حقارة الكذابين 357

فصل في العباد و الزهاد و العارفين و أحوالهم 365

أبحاث تتعلق بالملائكة 431

فصول متنوعة تتعلق بالخطبة 445

الفهرس 453

٤٥٤